39- راهبة في الحُب
.!لأنني عندما اقع في الحب، أنكب على وجهي..فلا يسعني النهوضُ ثانيةً
وسط كل الظلام، وأكوام التعاسة..يمكن أن يشع المرء كألماسة
..يمكن أن تُسدل عليه ستائر السماء، ثم تُريه ما وراءها
جميلةٌ هي كأوركيدا بيضاء تُناهز بجمالها مثيلاتها
!في أي مكانٍ نبتت فيه بصركَ سيلقطها وعينيكَ ستمقلها، الانبهارُ بها هو قضيةٌ مُغلقة الملف، لا نعود لفتحها والنقاش بها
إنها ذلك الجمال الصافي ..النقي كزنبقة الماء
شفافة هي، كرقاقة ثلج ساقطة من السماء
ورغم داجية عينيها المملوئتين بالخذلان، كان بداخلهما يبرقُ ذلك السناء
قيل أن الجاردينيا هي دموع القمر، فهل يبكي القمر ؟
ودموع مينا يمكن أن تكون شبيهةً بها الى ذلك الحد
والذي يضفي سحرًا جماليًا على حزنها، حزنها يكونُ أسرًا..حزنها يُغشي العاشقَ هيامًا أكثر من سعادتها والتي ربما ستهتكُ بكَ إن تمازجت سويًا مع دموعها
!..حُبها وان دخلَ قلبَ احدهم اقتحمهُ كسياف، كغلاديلاس
لا يدركُ المغرومون بها نزيفَ وجدانهم إلا بعدَ رحيلها، فجأة يشعرون بدماء مشاعرهم تتدفق على ترائبهم، فتحول صدورهم إلى مآتم، يعزون بها أرواحهم التي سلبتها وإياها عندما أفلت، وأفلَ حُبها الواهب للحياة
..تبوح هي بالحب كتوليب، ثم تنطوي على ذاتها متدثرة ببتلاتها..شديدة الحياء والخجل، كالفاوانيا
هي..مزيجٌ من عبقِ الحياة، هي كنبتة حواء السامة، فهل سمعتم باللبلاب السام؟
حُبها يمكن أن يكون مُميتًا من شدة الهوس، فهل ظننتَ أن وقوفكَ على حواف بتلاتها سيقيكَ من الوقوع إلى هوتها؟
تلك الزهرة المتضرجة بالعاطفة، لم يملأ قلبها الرجال السيئين بحبهم الذي يُغرقها بالبكاء فقط، بدلًا من أن يسقيها سعادة، بل ولطالما كان الشغفُ هو الخزان الوفير لعاطفتها الجياشة، ولصمتها الذي يحبسُ وراءه صيحات الألم
عندما شردتها الوحدة من حضنِ والديها، رغم ايواء صدر خالتها المُحب، ظلت تعيسةً الى ذلك الحد الذي يجعل من طفلة كالبرعمة، تنطوي على ذاتها مُنعزلة..صوتها بالكاد يُسمع
! هكذا تعلمت الصمت..بعدما تعالى نواحها في الليل شوقًا، فيما تواسيها خالتها التي وجدت نفسها أمًا لطفلة يتمها أبويها وهم أحياء
تعلمت أن الجزع المصحوبَ بصيحة لا يجلبُ لكَ الخوف، ما بعث لها الضجيج أمانًا من قبل..هدوء احضان خالتها التي تبكي واياها في صمت قد علمها أن الحياة لا تلتفت لكَ عندما تصرخ بوجها، ولا تلبي لكَ طلبًا ان ظللتَ تلح عليها وتشحذها اهتمامًا
تعلمت كيف تواسي الحزن بما يمكن أن يتردد في بالها فيجعلها تصمت وتنصت إلى صوت الموسيقى، تلك الطريقة قد علمتها كيف تواجه ضجيج العالم كأصم، لا يسمع إلا صوتَ افكاره..والتي كانت في معظم الأحيان عبارة عن نغمات موسيقية فقط
ادخلتها خالتها صفوف غناء وعزف قبل ان تدخل الابتدائية..وظنت أن صوتها الرقيق الذي يُجيد ترنيم النغمات قد يجعل منها مغنية بارعة في المُستقبل..ثم تفاجأت ذات يوم عندما رأتها متسمرة أمام شاشة تلفاز تعرضُ مسرحية موسيقية لراقصات باليه، ينقرن بأطراف اصابعهن على الأرض برقصات خفيفة ثم تدور كل واحدة منهن كهندباء تسوقها رياحٌ خفيفة الهبوب..تنبهت خالتها جو ري لذلك..وراقبتها بعينين ترقان فرحًا؛ لأن تلك الصغيرة قد وجدت أخيرًاعالمها الخاص، والذي اندفعت إليه تركضُ بقدميها الضئيلتين بعنفوان
ادخلتها لمعهد لتدريب الرقص على الباليه..وشاهدت كيف تتبرعم هي على مضي السنين، احدى عشر سنة من الحب والشغف الذي تخلت عنه لاحقًا عندما بعثرتها الحياة في مشاغل أخرى
لا زالت تحتفظ بذلك الشريط القيم، عندما شاركت في مسابقة وطنية وفازت بالمركز الأول
كانت بعمر 13، رغم أنها اجنبية!، ما جعل المسابقة عادلة هو كونها مسابقة قد أقامتها وزارة الخارجية ضمن أنشطة وطنية أقيمت بذلك الوقت، حيث استقبلو سفراء البدان المجاورة بود مصطنع..لذا لم يستطيعو تغيير النتائج خصوصًا مع تواجد خبراء أجنبيين لتقييم أداء الفتيات الراقصات
رقصت هي على سمفونية بحيرة البجع، فسموها البجعة السوداء..وألبسوها تاجًا من الريش الأزهر
ما زالت تتذكر فرحتها ذلك الوقت، حيث أنها ذرفت اللآلىء في بحرِ تلك القاعة، فلتقطها الجميع متأثرًا..وصنعت جو ري من تلك اللآليء عقدًا منضودًا من الفخر ظلت تتباهى به بينما تلبسه في جيدها
كانت مينا بالنسبة لها كالإبنة التي لم ترزقها الحياة بها، فعندما تزوجت سابقًا أذاعت لها الحياة خبرَ عقمها، لكن ما هان على زوجها تركها وحيدة..ثم ومرةً أخرى آتتها الحياة بفجيعة أكبر، وأنعت لها بوفاته
كانت تلك الصغيرة هي العزاء الذي يواسي وحشتها، فكانت لها المثل هي ايضًا
ربما لأجل هذا..كان الأسودُ يليقُ بمينا هذا الحد، لأنها منذ الصغر ولدت في كبد، وترعرت وسطَ الأحزان
نمت هي كبجعة سوداء بينَ كل البجعات الأخرى البيضاوات من حولها
جُبلت على الحزن، من السهل عليها أن تحزن أكثر من ان تفرح..هي تعيسة الحظ والتي يلازمُ الوجع قلبها اينما ذهبت، ورامت، وارتحلت..ثم مكثت
عندما التقت بيوقيوم ..كان ذلك في سنتها الاخيرة من المدرسة الثانوية
كان بمثل سنها بالضبط، بالبداية..فعل المستحيل ليسرق قلب هذه الفتاة الخجولة حتى يدغمها في الحب معه، فلح بذلك!..هو حُبها الأول بالنسبة للذكور، الحب الأول الذي يفتتحُ سجل صدرها والذي امتلأ لاحقًا بالخيبات
انفصل عنها لأكثر من مرة وفطر قلبها كثيرًا لأسباب تافهة في بداية الأمر، لكن وكما ذكرنا
كل من يعتقد بأنه سيتأرجح فوقها سيقعُ فيها بلا أدنى شك، فكان كما يرحل يعودُ ايابًا وكأنها الموطن الآمن لقلبه من فوضى العلاقات الأخرى
هي الأنثى التي عندما تحب تهبُ كل ما لديها، وتجعل من صدرها مهدًا ليرقدَ فيه صدرُ المفكرين بها، فينامون بسلام دون أرق..دون صداعٍ أو وجع، وعندما ينهضون..يتركونها فارغة، تنتظرهم هي كي يعودوا إلى محلهم الشاغر
كانت المحطة الاخيرة دائمًا له، كلما عاد معتذرًا..وطرق بابها، فتحته له باعين باكية، ثم احتضنه مُسامحة
مقتت عائلته المكونة من أم وأخ فقط علاقته بها، لكنهم لم يستطيعو منعهم من الاستمرار معًا
ما داموا لم يصلوا لمرحلة الزواج بعد، خطبتها منه كانت اعلانًا لارتباط وهمي يجعلها معلقة به لسنين أخرى فقط
اصبح جزءً لا يتجزأ من حياتها، ولذا كان من الصعب عليها التخلي عنه رغم أنه كان يؤذي مشاعرها في كثير من الاحيان
!هي كانت متعلقة بتعلقها به، لا به هو
ثم ناهز المرضُ خالتها فجأة، ليذكرها الحزن الغريق بنفسه، ويجرها معه في أعماق الأسى
تلك الايام..لم تكن أيامًا، كانت موتًا يمرُ عليها كل دقيقة!، جاءت تلك التي تُسمى بوالدتها لتطل على اختها..فتستقبلها مينا كغريبة، بينما تحاول الاخرى جمع الأعذار التي يمكن أن تقنعها بها
هي ذاتها الأم..ميراي، والتي تحاول تداركَ الامر هذه الايام
لم تكن تلك قضيتها حينها، حقيقة أن حياةً بأكملها – أي خالتها يمكن أن تزول منها ستحول منها لانسانة تشكلت من الأحزان إلى جسدٍ بلا روح
ما ساعدها على المشى فوق جسر تلك الأيام المهتريء هو وجود أصدقاء كسانا على سبيل المثال، ولا تنكر أن ليوقيوم فضل بذلك أيضًا، حيث أنه ولأول مرة لم يتخلى..لقد التزم بدوره كالرجل الذي سيصبح زوجها مستقبلًا، وأب اطفالها..وعائلتها
ربما كان لوصية خالتها له دورٌ كبير في سلوكه تلك الايام
قبل سنتين..حدث كل هذا الدمار والذي بالكاد استطاعت ترميم نفسها لتعود واقفة على قدميها من بعده، فتحمل إرث خالتها على عاتقها
اعتدالها واقفة من جديد لتصبح إمرأة ذات شأن بعدما كانت مجرد موظفة مساعدة قد انتهت للتو من دراستها الجامعية
!قد أشعل الغيرة في قلبِ يوقيوم والذي تفحمَ حسدًا
والحسود..لا يسود!، أغبى قرار قد اتخذته هو وهبه مكانةَ المستشار في حياتها، ليحاول تدميرها بكل الطرق فتنكسر وتذل ثم تتكوم تحتَ جناحه هو
لأنها رقيقة كالزجاج، كل الذين اغرموا بها..ظنو أنهم يستطيعون كسرها بسهولة ليحملوا شظاياها في أيديهم ..يوهمونها بأنهم سيقومون بترميمها بالحب، وإعادة تشكليها لتكون أحلى..فيتحكمون بها كفيما يشاؤون لاحقًا!..الرجل الذي يُغرم بأنثى كمينا، يحب أن يكون السيد ..وأن تكون هي الأمةُ له، هل لأنها تتمثل دور التابع دائمًا؟ والمنقادة في أغلال العشق بوساطة يديه؟
!أم لأنها أنثى تُير غرائز الذكور الاستبدادية وطباعهم القابيلية في التحكم بالنساء؟
ما اختلف سيهون عن يوقيوم في ذلك كثيرًا، لكن الفرق كان في الوسيلة المستخدمة للسيطرة عليها
فأحدهم يجعلها تستصغر ذاتها ليكون هو أكبر حجمًا من تلك الذات بالنسبة لها، والأخر يجعلها تغلقُ كل منافذ الحرية لتكون أسيرةً بحبه، بينما هو الملك المشغول بأمور مملكته والتي تستمر خاطرتها بالتوسع
!..ذو القلب الشاغر دائمًا والقادر على احتواء مئة جارية أخرى في نفس الوقت
!فلا تعرف متى يحين دورها لتُهجر من قبله بعدما يمل منها ليستبدلها بأخرى، فيذرها كالمعقلة
تذكرت هي أن الحب الحقيقي لا يكون مؤلمًا، الحب الحقيقي هو السعادةُ المثلى
هو الخلاص من كل أوجاع الدنيا..الحب الحقيقي هو كالنيرفانا، فهل سمعتم بالنيرفانا؟
وحتى تجدَ حُبًا كهذا يمكن أن يوفره لها ذكر، ستملأ قلبها بشغفها الحقيقي والذي تركته يستغرق في النوم خلال الأعوام المنصرمة..لكن لا تنكر هي، انها كانت توقظه في بعض الاحيان، وترقص سويًا واياه في وسط الصالة..تلك الرقصات التي تجعل منها خفيفة كريشة، كهندباء، كطائرة ورقية..أو كفراشة! فتحلق عاليَا
..ثم تهبطُ ارضًا بعدما تنتهي من الدوران كأكثر انسان حر في هذا العالم
فأدركت أن الحب الحقيقي..يجعلكَ تحلق، الحب يُلبسكَ جناحين ..الحب يهبكَ راحةً شبيه بالغيوم، شديدة الصفاء، لا هم ولا غمة..لابد أن يكون حُبها الحقيقي شبيهًا بحبها لرقصِ الباليه
في تلك اللحظة التي شاهدت بها شريط الفيديو، في أثناء محاربتها لحزنها الغامر بسبب سيهون، بينما تحاول اخفاء ذلك حتى عن نفسها..بعدما اعتقدت أنها قد انتقمت منه في الليلة السابقة، واكتشفت لاحقًا انها لم تنتقم من أحد غير نفسها
فقد ظنت بأنها ستعلقهُ بها من خلال رسمِ صورتها كالمرأة الاستثنائية على الفراش في عقله، ثم انتهى بها الأمر مذهولة من تغلبه على توقعاتها، هي التي اعتقدت ان علاقة السرير يمكن أن تكون مجرد اشباع، فاكتشفت انه يجعل منها جلسة تعبدية وطقوس لديانة وحده ابتدعها، تجعل من المرأة تعتنقها رغمًا عنها
!اعتناق اجباري يحولها الى راهبة في حُبه
علمت أنها لن تتخلص من رهبانية قلبها له إلا بشغف اخر سيطغو عليه
!وسيساعدها على نسيان الرجل الذي من الممكن أي يجرعها السم برضاها
!..كم هو خطير، آوه سيهون..والورطة الاكبر بأنه يكون زوجها
..توجهت بعدها لزيارة المعهد القديم..المعهد الذي منذ تخرجها منه لم تعد إليه ثانيةً، رغم تناوب الشوق على مناداتها
والتقت هناك بصديقة قديمة تدربت معها فيما سبق، فتفاجأت بأنها قد أصبحت معلمة لصفوف الفتيات الصغيرات
ليس هذا وحسب، بل علمت كذلك بأنها تدرب برفقة بقية الفتيات لتأدية رقصة خاصة في مسرح جليل ضمن قاعة اوبرا ضخمة، مع حضور فرقة موسيقية ضخمة واستضافة عدد من الخبراء والنقاد بالإضافة الى الصحفيين، لمشاهدة وتقييم هذا الحدث
كانت تلك هي..كانغ سولقي، الراقصة الشغوفة والتي ظلت ترقص طوال السنين الفائتة حتى هذه اللحظة التي قابلتها فيها مينا
شعرت بنوع من الغيرة، تمنت لو انها استمرت بممارسة الرقص ومزاولة المعهد كما فعلت هي..لكن عرضَ سولقي لها بالانضمام إليهم؛ نظرًا لنقص العدد المطلوب من الراقصات، قد جعلها تنساقَ وراء حلمها كطائرة ورقية أُفلتت من يدِ طفل ظل متشبث بخيطها
روحها هي ذلك الطفل الذي يركضُ في الحقل ..يركضُ ممسكًا بطائرته الحمراء، يراقبها وهي تحلق سويًا واياه
لكنه لا يطلقها أبدًا..وهذا ما كانت تفعله هي بنفسها
دارت في نفسها حوارات عديدة..وظلت متحيرة لفترة قصيرة لان الوقت لم يساعدها كثيرًا في مسألة اتخاذ القرار، هذا ولأن سولقي قد نبهت عليها بأن لا تتأخر بالرد عليها، ففريق الرقص المشارك معها لن ينتظر كثيرًا حتى يستبدل الراقصة الغائبة بواحدة أخرى تحل محلها
وقت العرض قد اقترب..وفيما كان فريق سولقي يعاني يمر بفترة عصيبة، كانت تلك الأزمة التي يمرون بها هي فرصة لا تعوض بالنسبة لمينا، والتي صحت صباح اليوم التالي متخذةً القرار بلا أي تردد
لكن قرار بيعها لشركة خالتها هو قرار جاء تبعًا لرغبتها بالمشاركة بالعرض مع سولقي والراقصات الاخريات
..في حين أن تلك الشركة كانت تشكل عبءً ثقيلًا عليها في المقام الأول
رغم حُبها لإدارة عمل خالتها المتروك على عاتقيها، وكيف أنه يهبها ذلك الدور الكبير في حياة النساء، لم تستطع تحمل كم الضغوط الواقعة عليها..فبسبب تلك الضغوط هي اضطرت لطلبِ العون من أشخاص سيستغلونها كسيهون!، والغريب بأنه هو بحد ذاته كان يحذرها من استغلال الرجال لها في البداية..لم تكن تدري أنه يحذرها من نفسه كذلك، فهو رجلٌ أيضًا!..رجل لا يحب تضييع الفرص وانتهازها وكأن الحياة منافسةٌ بالنسبة إليه، أو سباق يعدو عليه الزمن محاذيًا له
وكذلك هو كان من قام بإنعاشِ شركتها بعد تلك الانتكاسة، في ذلك الوقت الذي مرضت فيه حزنًا على فقيدها
احيانًا تفكر..ماذا لو لم تستعن به في موضوع طفلها؟ لماذا شعرت بكل ذلك الخوف حينها؟ ألم يكن من الاجدر لها أن تتحمل مسؤوليته وحدها؟ حتى لو اضطرها الأمر لخوض حرب ضروس مع يوقيوم، لم يكن من المفترض عليها أن تخاف!..الأمومة هي القوة العظمى بالنسبة للمرأة، فعندما تهبها الحياة لها..يمكن أن تحطم جدرانًا، وأن تبني قلاعًا بيديها العاريتين لأجل حماية طفلها
لطالما تمنت أن تصبح أمًا ذات يوم، وأن تعوض نفسها بأمومةٍ حقيقية، تعوض تلك الطفلة الصغيرة التي لم تكبر أبدًا بداخلها، الطفلة التي أخذها بيتر بان معه ولم يرجعها حتى الأن
لكن ذلك الحلم لم يتحقق الا بأبشع الطرق، لقد انتزع منها يوقيوم رداء القوة فتركها ترتعد خوفًا من كل شيء في هذه الحياة
اليوم..هي تريد أن تلبس درعها من جديد..بل وأن تتسلح هذه المرة، لتصبح أقوى من ذي قبل
بعد رحيل سيهون الهاديء ..عكس حضوره الذي كان مُزلزلًا لها
استلقت هي على الأريكة بهوان، كان صباحها مرهقًا بسببه..التعب الجسدي الذي سببه لها لا يقارن بالوجع الذي تشعر به بسبب هوجِ مشاعرها وتقلب أفكارها في صخب وفوضى
لقد ظل لأخر لحظة يحرضها بنظراته المُهيمنة على الخضوع له برضاها، وابتلاع لسانها الذي يطلبُ منه الطلاق باستمرار
فكري يا مينا، قرارات كهذه لا تتخذُ عندما نكون ممتلئين بالغضب"
"اعتبري أن الحاصل بيننا الان هو نبذة من المستبقل، اما ما جمعنا سابقًا فامحيه ودعيه يذهب أدراج الرياح
قال كلماته تلك بينما يتأملها كأثمن شيء في حياته، يُغريها بامساكه ليدها بصورة مفاجئة، بعد اذ قام بسحبها من فوقِ صحن خبز التوست، ذلك الخبز الذي تدهنه بالمربى، بينما تبدي تعابيرًا مستمتعة..وتلعق اصبعها الذي علق به البعض من المُربى، فتتلمظ وتغيظه دون قصد، هو الذي بدأ يتلظى غيرة من أي شيء يلفت انتباهها ويشغلها عنه
جفلت هي..وبقي فاهها فاغرًا، تحاول فهم ما يقوله..فنظراته قد شتتها، واحتلال كفه لكفها قد أربكها
لم تحبذ فكرة أن تكون مُغللة به بعجز هكذا، فسحبت يدها منه وردت عليه مُقتضبة: لقد اتفقنا على ان نودع بعضنا بالأمس
!تركت جملتها مفتوحة بلا نقطة نهاية..فرمقها بحدة وقال مؤكدًا : أنتِ لن تستطيعي العيش بدوني
!استثار غيظها بكلماته تلك ..وضربت هي سطح الطاولة مُردفة: سيهون يكفي..في كل مرة أسايركَ أنت تذرني نادمة
ثم أن الزوجين لا يلتقيان فقط فوق السرير!..انظر كيف تتكهربُ الأجواء بيننا عندما نتحدث سويًا، انت وأنا لا نتفق في شيء..وانت تحب أن تكون القائدَ دائمًا، وانا لا أحب أن أكونَ المنقادة طوال الوقت.أظنكَ تفهم ما اعنيه لكنكَ تحاول العبث بأفكاري وهذا لن يحدث
دحرجَ عينيه لا مباليًا بما تقوله..يعلم أنها تفعل ما بوسعها لتبثت وجهة نظرها بشأن علاقتهما، والتي يعلم جيدَا بأنها محقة في كل حرفٍ تقوله..ما تطلبه منه مختلف تمامًا عما يريده منها!، ,وهو كذلك يعلم بأن تريد حياة زوجية مستقرة وحب وغيرها من تلكَ الأوهام التي تؤمن بها النساء عادةً..لكنه يرى الحياة بطريقة مختلفة، الحياة مصالح! وتحقيق لرغبات فقط
تكمن مصلحته في البقاء معها لهذه الفترة على الأقل، فهو يدرك أن عائلته ستتدخل بشؤونه لو انفصل عنها بهذه السرعة..صحيح بأنه ليس له رغبة بالحصول على أطفال، ولكن الغاية تُبررها الوسيلة حسبَ مبدأه الأساسي في الحياة
ان حبلت منه فلن تكملَ في حربها العاطفية معه أكثر، بل ستترك عواطفها تنساقُ له..هو أبُ طفلها أولًا، وهو الرجل الذي تحبه رغم كل شيء
لقد اعترفت له لمرتين، ومع ذلك تظل ترفض البقاء معه
" لماذا سكت؟ سيهون..ألم نقل بأننا سننفصل بلا أي أحقاد؟ "
كرهت صمته واسهابه النظر في بقعة أخرى، من الواضح أنه يفكر..لكن مالذي يفكر به؟ هذا السؤال يُحيرها
تعابير وجهه المُبهمة لا تمدها بأي معلومة، من الصعب أن تستخلصَ منها شيئًا
وقد تجاهل الرد عليها كما تجاهل فنجان القهوة الذي تركه يبردُ بينما يمرر أصابعه على شاشة هاتفه
شعرت بالإستياء الشديد ..لكن من تكون هي بالنسبة له حتى تطالبه بانتباهه؟
نهضت لكي تحضر له قهوة جديدة ساخنة، بينما تحاول التقاط شيء ما من هاتفه بعيونها
ثم دورت عينيها تدعي اللامبالاة..هو دائمًا مشغول بنفسه وبعمله وبحياته الخاصة، وهي تكون ذلكَ الهامش الذي لا يطل عليه الا في حين فراغه..هكذا يريدها أن تكونَ في حياته، دورٌ ثانوي في مسرحيته الضخمة والمحتشدة بطاقم عمل ضخم يضم من هم أكثر أهمية منها هي
عندما وصلت 'لى جهته من الطاولة، في تلك اللحظة التي شردت قليلًا في أفكارها
باغتها هو بأسره لخصرها، شهقت هي..حاولت الاستدارة لتراه لكنها اقشعرت وتجمدت في محلها لما شعرت بأنمله تتسلل أسفل قميصها القطني، والذي رفعه قليلًا حيثُ يتجلى لهُ خصرها
!حيثُ تلك الانحناءاتُ العظيمة كجرفٍ سحيق..تنهمر عليه أنوثتا الجارفة
لثمها هناك متعمدًا إذابة ثلوجها وضعضعة ثباتها العتيد في موقفها ضده
تقابلت أعينهما وجرها لتجلسَ فوق فخذه، وأجل هو يمقلها بعناية بينما تحاول هي التفلت من خيوطه المتشابكة والملتفة حولها
" أنا مضطر للذهاب الأن زوجتي العزيزة، لكن ..تعلمين أن باستطاعتنا الالتقاء في اي وقتٍ أخر"
نهضَ هو فنهضت تبعًا له بينما بقت يديه مستقرتان على خصرها، ثم انزلقت بخفةٍ إلى ردفيها ليجتذبها بغتةً فترتطم بصدره
" !حتى لو انفصلنا بشكل رسمي، يمكن أن نلتقي بين الحين والأخر..في علاقةٍ خاصة لا يعلم بها أحدٌ سوانا"
ابتسمت ابتسامة شجية، في حين أنها تنازلُ شعور الحب الغامر الذي يختلجها بسبب قربها منه
وأبعدت يديه عنها بهدوء قائلة : هل تريدني أن أكون واحدة من نساءكَ المنسيات؟
ادعى عدم فهمه لما تقصده، ونصب حاجبه الأيمن يترقب تفسيرها لسؤالها
!مثل كارينا..تلك التي تريدُ فعل المستحيل لتكون في مكاني، هذا ولأنها لم تتجاوزكَ أبدًا"
لقد علمت مؤخرًا بأن الرئيسة باي قد سلمتها ادارة شركتي، هل تعرف مدى القهر الذي شعرتُ به حينما علمتُ بذلك؟
!كل هذا بسببك..والأهم من ذلك، لماذا قد تفعل باي جوهيون شيء كهذا؟وهي تعلم عن صداقتكَ المشبوهة بكارينا؟
عندما زرتها ذلكَ اليوم الذي وقعت فيه عقد بيع شركتي، قامت بطرح سؤالٍ مشفر علي
لم أفهمه بدايةً..استغرق مني الأمر بضعة أيام لأفهم ما عنته بسؤالها إياي عن أحوالك
وإن كنتَ قد تغيرت وقررت الاستقرار اخيرًا مع امرأة واحدة
رأيتُ نظرة عميقة في عيونها، فيما تبتسم هي ابتسامة ساخرة ربما مني أو من نفسها
ثم قالت لي: أتمنى بأن لا يكون لسيهون شأن ببيعكِ لشركتك
عندما وضحت لها أن لا علاقة لكَ بالأمر، وضحت هي تاليًا مقصدها من كلماتها تلك مُعقبة: سيهون هو ذلك النوع من الرجال الذي يجعلكِ تخسرين كل ما عندك، دون أن يطلبَ منكِ ذلك حتى
حينها فهمت..أو لاحقًا كنتُ قد فهمت
"..أنها ايضًا واحدة من ضحاياك
لم يستطع سيهون انكار اتهامها المباشر له
فقط ظل يحدق بها ساكتًا، وكأن عينيه بحرين مسجورين
ضحكت هي ضحكةً آسية ثم مررت كفها على قميصه بوهن أنثى عاشقة
اكتشفت حينها أن اوه سيهون هو تلك العقبة في حياة كل امرأة تلتقي به، من الصعبِ تخطيك"
"!ولكن قررت بأن أكون أنا أول من تفعل ذلك"
لم يبدو عليه الإكتراث بشأن ما باحت به له، بل ابتسم بكل وقاحة
وحب تحديها متكتمًا عن التكتيك الذي قام به لإطاحتها له مجددًا
..ثم خلخل أصابعه بشعرها
قبلها على خدها قبلةً وداعية، واستدار مبتسمًا بانتصار إذ انه يعلم جيدًا ما فعل
وهي وحدها هنا تقف واهنة، تنتظر رحيله لتلملم شتاتها المُبعثر بسببه..وقد نامت هي في اثناء مشاهدتها للشريط فيما
.تستعد نفسيًا لغد تذهب فيه إلى المعهد حتى تكمل التدريب
استيقظ مارك هلعًا لدى رؤيته للساعة المتأخرة على شاشة هاتفه، ثم التفت جانبًا ليرى حبيبته نائمة بطريقة عشوائية، وكأنها خاضت معركة مع البطانية في أثناء نومها لتبدو بهذا الشكل الفوضوي
ظل مشدوهًا لفترة، يحاول استيعاب أن ساقيها المنفرجان يبدوان كالفرجار، وذراعيها كذلك..حيث أن يدها قد وصلت لوجهه..وأجل بفضل تلك اليد التي تلكمه بلا اي سبب هو قد استيقظ
لقد نسي تمامًا أمر الوقت التي ضاعَ بسبب نومه المتأخر؛ نظرًا لمشاهدتهما لفلم طويل معًا ليلة البارحة، كما أنهما قاما بالرقص كالمجانين والشرب كذلك..فانتهى بهما الحال يجرجران أنفسهما للغرفة، تبادلا القبل فوق السرير لكن لم يحدث أكثر من هذا، حيث أن سانا قد ابتعدت عنه بشكل مفاجيء، رغم انها ثملة!..ثم انطوت على نفسها في الجانب الأخر
وبالنسبة له كان قد استغرب ابتعادها عنه لكنه سرعان ما سقط نائمًا هو الأخر
والأن، يحاول هو النهوض مُسرعًا والإجابة على الاتصالات التي ملأت هاتفه من قبل الموظفين
لم يكن يعلم ما يجدر به فعله أولًا..هل يوقظ سانا ليودعها؟
!ام ينطلق مُسرعًا نحو الشركة فهي لا يبدو أنها من النوع الذي يستيقظ بسهولة
لكنه في نفس الوقت لا يشعر أنه من اللائق التوجه للشركة بشكله الأشعث هذا، عليه أن يستحم على الاقل
وفي اثناء تفكيره في كل ذلك، بينما يذرع الغرفة متوترًا..قرر أن يتصل بسيهون ويعتذر منه، اذا حصل على العفو من المدير بحد ذاته فلا قلق من بقية الموظفين، ثم تذكر الخطة المدبرة الذي نسقاها معًا، أي هو وسانا
هنا تعرق مُرتعدًا..ماذا قد تكون ردة فعل سيهون يا تُرى؟
سيهون لا يحب الطُرف ولا الخُدع حتى لو لم تكن ثقيلة، أو سيئة
!لا يذكر متى قد مازحه دون تلقي رماحٍ مُنطلقة من عينيه
" !هي مارك لماذا تبدو كمن يترقب ولادة زوجته؟"
حسنًا، كان هذا أول ما نطقت به تلك التي استيقظت للتو..مُمدة بعشوائية كما هي، بدلًا من قول كلمات تستفتح بها صباحهما الأول معًا ك(صباح الخير)..مع ابتسامة لطيفة
هو يتلقى هذه النظرات الساخرة منها، وتلك القهقهة العبثية التي تفجرت فجأة من جوفها
" !بالطبع..يمكنكِ الضحك كيفما تشائين فأنا الذي سيواجه الوحش في النهاية"
غمغمت في انثاء نهوضها مع مطها لذرعايها بكسل شديد
" !!من هذا الذي تُسميه بالوحش؟ انت تعطيه اكبر من حجمه"
ثم استقامت اخيرًا لتجرجر قدميها العارتين باتجاهه
! وتذكر ان الذي تسميه بالوحش هو زوج صديقتي
" اذا كنت تخاف منه هذا الحد فكيف ستواجهه مينا وحدها دون أي تدخل منا؟
"تشه.." تذمر ينفض سترته التي ارتداها توًا ثم قال مُدعيًا التباهي: انا لا اخاف منه، إنه لاشيء أمامي..إنني أسخر فحسب"
كتمت هي ضحكتها تربت على كتفه : أجل هذا واضح
لكنها لم تستطع كتمها زيادة عندما تعالى رنين هاتفه، بينما تعكس شاشته اسم المدير التنفيذي السيد اوه
!ياله من اسم طويل يمكن أن يسمي به المرء صاحبه
ارتعش فجأة فوقع الهاتف على الارض، ولحسن الحظ فإن سطح غرفتها مُمهد بالسجاد الزغبي الناعم على القدمين، ولأجل هذا لم يصب الهاتف ولا بخدش واحد
" ساتركك تواجه الوحش بينما أذهب انا الى الحمام"
تركته يستقبل اتصال سيهون وحده مُدبرة، وقد كان هو في حالة لا يحسد عليها
اضطر في النهاية لأن يجيب بعد تلاوته للدعوات ..وها قد أجاب عليه اخيرًا
" ما لذي حدث بشأن الاجتماع الذي وكلتكَ اياه؟ هل مضى كل شيء بطريقة ممتازة؟"
لا يعلم ان كان ينبغي عليه الشعور بالامتنان لأن سيهون لم يسخط في وجه
!أم الشعور بالرهبة لأنه لا يعلم عن أي اجتماع يتحدث سيهون بشأنه
"م..ماذا ؟ اا اجل كالعادة، كل شيء كان مثاليًا"
همهم الأخر..وضحك مارك بطريقة مريبة حثته على سؤاله عن سبب ضحكه الخارج عن السياق، فلا شيء طريف في ما يتحدثان عنه
" اه لاشيء أنا فقط..اوه صحيح هل يعني ذلك أنكَ لم تأت للشركة بعد؟ ما سببُ تأخركَ يا تُرى؟"
سأل مبتسمًا بطريقة حمقاء، بينما قد فهم الذي يقود سيارته باتجاه الشركة مقصده..ليس هذا فحسب، بل فهم كذلك أنه لم يأت للشركة هو أيضًا، فسؤاله الغبي قد فضحه تمامًا
نا في طريقي الى هناك، ماذا عنك؟ هل قمتَ بالاجتماع معهم مباشرةً عبر الانترنت؟أ"
"!ام انك لازلت لابثًا بين احضان حبيبتكَ الجديدة؟
من فرط صدمته اغلق في وجه سيهون، ثم استوعب انه فعل ما هو أسوأ..مما جعله يغلق هاتفه تمامًا
.حتى يتمكن من التبرير له لاحقًا بأن البطارية قد نفدت
........................
" انت لن تطردني صحيح؟"
كان هذا هو اول ما تفوه به لدى دخوله لحجرة مكتب سيهون، هو حتى لم يدخل جسده كله بل رأسه فقط
!مراقبًا سلامة الوضع قبل أن يلج بقدميه إلى عرين الأسد
رفع الأخر عينيه عن الأوراق التي يخط قلمه الكُحلي عليها ليلقي نظرة سريعة عليه..تلك النظرة السريعة والمُبهة الخاصة بسيهون، بينما نطق بكلمة واحدة :أدخل
!لا يعلم مارك أن كان يدعوه سيهون ليسومه العذاب أم ليتلقى عتابًا قاسيًا منه يجعله لا ينام لثلاث ليالي على الأقل
" ها انا هنا..صيقك اللطيف والرائع والذي لم يكن يحمل اي نوايا سيئة عندما دبرَ لك موعدًا مع السيدة اوه"
تمثل اللطافة بإيماءاته حتى يستدعي جانبًا مُسامحًا لدى سيهون، والذي بدوره قد رمقه وطلب منه أن يتوقف عن القيام بهذه الحركة من خلال ايماءة كفه الصارمة، فوقف مارك باعتدال وكأنه جندي..يزدرد ريقه بصمت، وعينيه متوسعتان استعدادًا لأي هجمة قد يتلقاها
" من الجيد أنكَ تعترف بفعلتك، بكل الأحوال أنا لن اطردك لكن سأخصم من راتبك هذا الشهر"
"!!كلاا"
تباكى وجثى في محله، ولم يحرك ذلك ضمير سيهون والذي اكمل مُستهزءً: ما الذي ستفعله بمرتبك العالي بكل حال؟ ستصرفه على التسكع والذهاب للملاهي كل اخر اسبوع، او ربما سيتغير جدولكَ بعد حصولك على حبيبة جديدة، ماذا هل تنوي الصرف عليها بالنزهات المُكلفة، لماذا لا تدعها هي تشارككَ ماديًا في ذلك؟ بصراحة..تبدو لي ميناتوزاكي فتاة من ذلك النوع العصري من النساء والاتي يحببن المشاركة في كل شيء
وأجل، هو يجلدُ الأن لكن على طريقة سيهون الخاصة
بقي في محله يضم كفيه معًا ينتظر رأفة سيده به، بينما يُبقي رأسه مطأطأً صوب الارض
"!أيضًا ربما قد استغنى عنكَ كنائبٍ لي، لأنه من المفترض ان يحل الناءب محل المدير في حين غيابه أو تأخره"
هنا قد شهق ولم يتسطع تمالكَ نفسه والتوجه الى طاولة مكتبه يرجوه بأن لا يشطط في عقابه
"!كلا ارجوك لا تفعل بي ذلك"
لم يكترث سيهون له بل أكمل ما يقوله مُدعيًا اللا مبالاة، مواجهًا إياه ببرود نظراته القر، وتلك العينين الزجاجيتين خلف النظارة
" لقد ارتكبت خطئين بدل الواحد، بصراحة..اجدني اكافئكَ بابقاءكَ موظفًا في شركتي، عليك ان تكون ممتنًا سيد توان"
ثم اتكأ على اصابعه المتشابكة أسفل ذقنه، ينصبُ حاجبة بعجرفة رجل متمكن
فيما سكت الأخر مندهشًا..ولم يسعه قول شيء غير هز رأسه راضيًا، فهو مدرك لمدى فداحة خطئه مع رجل حازم وجاد كسيهون
ان كان سيتخطى له تدبيره لذلك الموعد بالأمس، فلن يتخطى له تأخره هذا الصباح ..خصوصًا وأنه قام بإرسال رسالة له ليتولى محله في الاجتماع عندما كان لا يزال لابثًا عند مينا
استدار يتنهد بثقل ..ثم مشى بخطواته الوئيدة صوب الباب، ولولا نده سيهون عليه لما توقف عن المشي
" هي انت..هل صدقت انني سأقوم بفعل كل هذا بك؟"
التفت مارك متعجبًا، وتسمر في محله يحاول فهم سؤال سيهون الذي بدا مُلغزًا
ما تمكن من استيعاب خُدعته تلك إلا من طوي سيهون لشفته بابتسامة هازءة
" سيد اوه..هل اخبرتك مسبقًا أنك لا تجيد قول الهزل؟"
زفر مُتعبًا..فقد صدق أن سيهون سيجازيه على ما فعل بكل هذه العقوبات الصرامة، وفي الحقيقة..ود سيهون لو أن يكافئه وربما يُضعاف راتبه هذا الشهر!..فالوقت الذي حظي به مع مينا كان مُرضيًا له كثيرًا
بدا مُنتعشًا وكأنه قد اخذ اجازة استجمام ليوم واحد..في حقيقة الأمر، هو لم ينتبه لمقدار سعادته بها
هو يظن انه فرح بما تلقاه منها، وبما حصده من أنوثتها المثمرة، ومن تلك العينين التي تنظر له وكأنه كنزها الوحيد..مما يُرضى رجولته بشدة
! خضوعها له..وتشكيله لها كيفما يشاء..مع حبها الجلي والجليل له
ولأنها اعترفت له للمرة الثانية..ما استطاع ابدًا أن يأخذ كلماتها الاأيرة بحمل جدية، وكأنه يُسخِّف من موقفها ضده والذي تراه هي قويًا ويراه هو أضعف ما يكون
هي ضعيفة تمامًا عنده!، يمكن أن تكون خارقة القوة لتواجه العالم بأكمله، لكن هو..يكون نقطة ضعفها التي عندها تسقطُ دروعها مُستسلمة
!هي ستعود له، عندما تجد نفسها حبلى منه ستعودُ له بكل تأكيد
يترقب تلك اللحظة بفارغ الصبر، وعلى جمرٍ يشوي قدميه هو يقف
!انتظارها يبدو اكثر تشويقٍ مما اعتقد، وهو ابدًا لا يرى نفسهُ مُتلهفًا..بينما مشاعره تبوح بعكس ذلك
إذًا..هل مضى كل شيء على ما يرام؟" سأل مارك بعدما استرخى على الكرسي المُجاور لطاولة سيهون
والذي اكتفى بهمهمة ..متحفظًا على ما يعتبره ضمن حدود حياته الخاصة، وأموره الشخصية التي لا يُحب الافصاح عنها لأحد
ولكن السؤال هو..هل تكون مينا ضمنَ هذه الحدود الشخصية له؟
.إذا كانت..فألا يعني ذلك علو مكانتها عنده، هل هي بالفعل تعني له الكثير دون أن يدري حتى؟
~
اهليين
اشتقت لكم وكذا
اعرف البارت لا يحتوي على احداث لكنه يحكي لكم من تكون مينا
للان هي ما تعرف بالعملة اللي عملها سيهون هي مشغولة بأشياء تانية
بكل الاحوال في احتمال تحمل وفي احتمال لأ وهذا راجع لي هاهاهاها
في البارت القادم رح تظهر شخصية جديدة ورح تشكل دور كبير في الاحداث القادمة
.❤يلا سلام ..ولنلتقي
Bạn đang đọc truyện trên: AzTruyen.Top