25


ان كنتَ محظوظًا فقط فستحظَى بفرصةِ تأملَ سيهون وهو يتجهزُ صباحًا

!كأن تَراهُ بشعرٍ مُبلل ومنشفة موضوعة حول خصره فقط، بينما جزءه العلوي مكشوف

نالها الحظ لتسترقَ النظر إليه دونَ أن تبدي أي حركة، حتى لا يشعرَ بصحوها من النوم

فكان هو يجفف شعرهُ حثيثًا فيما يتجه للمنضدةِ كي يلقي نظرةً على هاتفه المُعبأ بالاتصالات والرسائل

فيمر عليها سريعًا ثم يتركه عائدًا بخطاه إلى الباب الذي خرج منه توًا

حيثُ أن دورة المياه تنضوي لحجرةِ تبديل الملابس الخاصة

ثم تراهُ يخرجُ من هناك مُعلقًا سترته على ذراع، بينما يمسكُ بساعته التي تتوق للحظةِ احتضانها معصمه

تاركًا ربطة عنقهِ مسدولة باهمال على ياقته المشرعة لقميصه والذي يِفصل مثاليةَ جسده وكأنهُ عارض أزياء

تراهُ بأعين ثابتة، غير قادرةَ على احتواء غيره ولا على جعل مدى بصرها يتسعُ لما هو أكبر منه، وكأنه يأسرُ كل شيء فيها عنده

!كانت تشعرُ بحرارة خفية..ودهشةٍ غامرة

انه الرجل الذي يجعلُ النساء يعشنَ لحظةً مستقطعة من الزمن في دهشةٍ طويلة الأمد، ثم وبعدما يتداركنَ الوقت يكونُ الأوان قد فات

فهو خارجٌ من دائرة الزمن التي يعلقن عادةً بها، ولذا، دائمًا ما يلاحِظ قبل أن يُلاحَظ!..كي يزيدَ الدهشةَ دهشتين

" ألن تنهضي لتتناولي الافطار مع والدتك؟"

سأل فجأة دون أن يرمي بنظرةٍ عليها، وقد كانت عينيه معلقتين على المرآة..في حين أنهُ يعقدُ ربطة عنقه بتركيزٍ

اتسعت عينيها ثم جرت البطانية لتغطي وجهها من فرطِ  ما شعرت بالاحراج

رسمَ ابتسامةً مائلة أخفاها سريعًا عندما شرعَ في ارتداء سترته..ما دعاها الى الكشفِ عن وجهها مرةً أخرى هو سماعها لصوتِ الباب الذي انفتح وانغلق

بدا وكأنه متعجل..ففتحت وجهها واعتدلت جالسة، ثم شعرت بخمولٍ شديد وشيءٍ من الثمالةِ التي لم تشعر بها منذ دهر، نظرًا لكونها توقفت عن الشرب

وكل هذا بسبب تلك الرائحة التي تضوعَ اريجها في أجواء الغرفة، رائحةُ عطره الخاص والذي يمتازُ به

في كل مرةٍ تشتمها تشعرُ بأن لتلكَ الرائحة أذرع قادرة على الالتفات حول كل الأركانِ وصولًا إليها كي تعانقَ رئتيها

كيف للرائحةِ أن تعانقَ يا تُرى؟

!هذا السؤال محير، ولكن الاجابةُ عنه تظل سرية

الرائحة واحدة من أهم المغريات التي تدفعُ غريزةُ الانسانِ للنهوضِ من محلها

ولذا، كانَ لرائحته تلك تأثيرٌ حقيقي عليها في ما مضى، عندما سَحرها كجني..متوعدًا اياها بتحقيق أمانيٍ سرية دستها داخل صدرها

هل من العارِ أن نتمنى الاهتمام؟

أم أن الرجال وحدهم من يحق لهم الافصاح عن رغباتهم، فيما تظل النساءُ تختمرنَ بالحياء حتى الموت..فقط لكِي لا يفسدنَ الصورة النمطية التي يفرضها عالم الواقع عليهن؟



" دعوني انظر لهذا الوجه..همم ..يبدو مشرقًا أكثر اليوم، لقد فادت نصائحي أليس كذلك؟"

لحسن الحظ أن سيهون ليس متواجدًا والا لكانت ستنكمشُ وترتجف من شدة الاحراج الذي تحب والدتها أن تضعها فيها 

:لم ترد عليها بشيء مما دفعَ الاخرى للضحكِ ثم شد خدي ابنتها مستأنفة

حسنًا لن أسألكِ مجددًا حتى لا تشعري بالخجل، لكن اعلمي بأن اقترابكِ منه وعودتكما لروتينِ الحياة الزوجية سيسرع من استرجاعكِ لعافتيك، للعلاقة مفعول سحري في تحسين المزاج لذا لا تحرمي نفسكِ من شيء..لكِ حق بالاستمتاعِ بشبابك

!وأيضًا - همست - لديكِ زوجٌ وسيم ومثير تحسدكِ الكثيراتُ عليه 

كل هذا الكلام قد جعل مينا تشعرُ برغبةٍ في دفن نفسها خصوصًا عندما رأت المدبرة التي تنظفُ الصالة تلتفت باتجاههما، وقد أخفت ضحكةً عندما أنزلت رأسها سريعًا

غطت وجهها بكفيها وتنهدت بقلةِ حيلة، وحتى تغير الموضوع فكرت بسؤالها بشأن المعرض الذي تعملُ عليه

" صحيح، ما الذي يجري معكِ بشأن المعرض؟ هل كل الأمور تسير على ما يرام؟"

همهمت الأم تزم شفتيها وكانت تعابيرها لا توحي إلى ذلك

"اجل، لكنهم قد أجلو موعدَ افتتاحه وبهذا ستفرغُ جيوبي على الليالي الاضافية التي سأقضيها بالفندق"

ثم أسقطت نفسها على الكرسي وكأنه قد أغشي عليها

ارتبكت مينا ولم تعرف اذا كان بوسعها أن تقترح عليها المكوث معهما؛ فالبيت ليس بيتها لتستطيع دعوةَ أشخاص ينتمون إليها كي يلبثوا فيه

رفعت الام جسدها وخرقت بصرَ ابنتها الضائع

" اعلم ما الذي تفكرين به "

رمشت متوترة ونطقت بنبرةٍ مهزوزة

" ماذا ؟"

ضحكت الأم فجأة تشيرُ على تعابير وجهها التي تفضحُ كل ما يحدث داخلها عادةً

تودين قول ذلك لكنكِ لا تقدرين"
"!هل تخافين من زوجك؟ أعلم، يبدو صعب المراس..لكن لا تقلقي علاجُ أمثاله لدي

ثم أخرجت هاتفها من جيبِ سروالها القطني فجأة وشرعت تكتبُ رسالةً ما

وسعت الاخرى عينيها وشهقت بفزع

"! امي..مع من تتحدثين؟ ياه امي "

.تذمرت لكن الاخرى قامت بارسال الرسالة بالفعل!، ثم وضعت هاتفها على الطاولة تزفر بثقل وكأنها قامت بانجازِ مهمةٍ عظيمة


في تلك الحين..كان سيهون موجودًا بداخل حجرةِ مكتبه يستمع لثرثرة الأخر بشأن تلك المرأة التي تظل تلتصقُ به وتضايقه باستمرار

" اخبرني كيف اتخلص منها؟ في كل مكانٍ اجدها ..بت أخاف أن افتحَ بابَ خزانتي فأجدها هناك أيضًا"

وكان سيهون في تلك الحين يقلبُ في ملفٍ ينضوي لعدة ملفات أخرى مرتصفة بشكلٍ مرتب على الرف المعلق بالجدار

" لقد اخبرتكَ أن تضع حدًا لها منذ البداية"

" كيف؟ تعرف أنني لا أستطيع أن أكون قاسيًا مثله"

" قاسيًا؟"

لفظَ بتهكم وتركَ الأخر ينتحبُ في مكانه عائدًا إلى طاولة مكتبه

ثم تنبه لاشعار الرسائل على شاشةِ هاتفه، أطل على الاسم سريعًا وما كانَ ليتركَ ما بيدهِ لأجل الرسائل التي تملأ هاتفه لاستمرار، لكن لأن المرسلَ هو والدة مينا فعل..وتركَ الملفاتَ ليرفعَ هاتفه باهتمامٍ جلي

- حصل لي ظرف سيجعلني أبقى معكم لعدة أيام

لن تمانع بكل تأكيد يا زوج ابنتي الوسيم -

باغتت شفتيه ابتسامةٌ خفيفة..رغم أنهُ يمقت فكرة أن يفرضَ أحدهم شيئًا عليه وأن يضعهُ في الأمر الواقع

.!وقد كان هذا أحدُ أهم الأسباب التي دفعته للانزواء عن عائلته

لكن ولأن أسلوبها هذا يساعد في تحسن مينا، كما يعتقد، بالاضافةِ إلى استحسانه فكرة بقائها عنده بنفس الغرفة

كيفَ؟ هو بحد ذاته لا يدري

!لكن وكما يبدو أن الأمورَ تتغير وتتخذ منحى أخر دونَ استئذانه، دونَ أخذ مشورته حتى..خارجةٌ تمامًا عن سلطةِ نفسه

" !دعني أرى ما الشيء الذي يدعوكَ للابتسام هكذا في وضحَ النهار"

لم يلحق مارك هاتف سيهون رغمَ سرعةِ خطاه، هذا ولأن الأخر قد أدخلَ هاتفه في جيبِ سرواله مما يفيد باستحالةِ تمكن الأخر من لمسهِ حتى

تنهدَ وركنَ جسده على الكرسي بتململ، يراقبُ صديقه الذي اتخذَ محله على وراء الطاولة الكبيرة

" أليس لديكَ عملٌ لتقوم به؟"

تفوه دونَ التحديق بوجه مارك الفضولي، نعم كان الفضولُ يحرشُ لسانه باستمرار لكنه يعلم أن حروفَ سيهون لا تخرجُ بسهولةٍ من أسرِ لسانه

" صحيح..كيف حال السيدة آوه؟ وهل ستعود لعملها عما قريب؟"

توقف عما يفعله يلقي نظرةً إلى الفراغ

" لا أعلم..انها لا تتحدث عن الأمر حتى "

" يجب عليها الاسراع بالعودة لترى التغيرات الجليلة التي قمت بها، شيء ما بداخلي يخبرني بأنها لن تعجب كثيرًا بما فعلته "

أضافَ ساخرًا ..وكان سيهون يتوقع ذلك أيضًا

لكن ان لم يكن بامكانها التصرف فهو الذي سيتصرف، لا نقاشَ في هذه المسألة

" حُثها على العودة..صدقني ان عودتها لروتين حياتها القديم سيجعلها تتجاوزُ كل شيء سريعًا"

.أومأ سيهون يوافقه الرأي ..وهذا ما ينوي مناقشتها به لاحقًا

_

" !ما رأيكم بطبخي؟ اعترفا أن هذه هي أفضل وجبةٍ قد حصلتما عليها في حياتكما "

تحدثت والدتها متباهية فيما تبادل الاثنين النظرات الصامتة، يبدوان وكأنهما أنضجُ بكثيرٍ منها عندما يقومانِ بالاتفاقِ على السكوتِ بهذا الشكل

" !لا تلمسي شيئًا "

نبهت فجأة تردعُ مينا عن لملمةِ الأطباق رفقتها، ثم وجهت اصبعَها الآمر لسيهون

" انت من سيساعدني "

توسعت عينيه بدهشة لكن وبالطبع لم يكن بمقدوره الرفض أو التكاسل، في حين أخذت مينا تشاهدُه حابسةً ضحكتها وراء يدها الموضوعة على شفتيها

" وانتِ..اذهبي و قومي بما انفقنا عليه "

ثم استهدفت مينا ولفظت تُضيق جفونها

وسعت مينا عينيها مستغربة فهي لم تفهمها مباشرةً وجعلت تداول عينيها بين أمها وسيهون الذي رمى بنظرةٍ فضولية إليها أثناء قيامه من محله

دفعت الأم سيهون من ظهره بخفةٍ كي يتبعها إلى المطبخ، وأشارت لمينا برأسها كي ترحل

ففعلت تتجه إلى الغرفة بقلةِ حيلة

وأول ما قامت به بعدَ اغلاقها للباب هو التباكِي من فرطِ الاحراج

!فهي حتمًا تضعها بمواقف لا تحسدُ عليها

وكذا فعلت المثل مع سيهون الذي شمر كمي قميصه وارتدى القفازات ليغسلَ الاطباق، بينما ظلت هي تضايقه بالأسئلة

" كيف كان شهر العسل ؟"

" جيد "

" هل احتفظتما بأي صور ؟"

لا يتذكر بأنه قام بالتقاطِ أي صورة، رغم محبته للتصوير..لكن لأن الرحلة بأكملها لم تكن من تخطيطه لذا لم يضع أمر التصوير في الحسبان

جفلَ متورطًا، فوكزته بكوعها مما جعله يبتلع ريقه

" ربما فعلت مينا..لا اتذكر "

صفعت الأم جبينها

"!..أنتما حتمًا"

سكتت لفترة واتجهت لتقطيعِ حبة تفاح

 لماذا لا أشعر بأي حيوية معكما؟ مملين وكئيبين..
أنتما في أجمل أيام العمر لماذا لا تستغلانِ هذه اللحظاتِ في فعل أشياء ممتعة؟

" ..ربما الوقت غير مناسب"

"أخذت تأكل من الفاكهة التي قطعتها سائلة: " من أي ناحية؟ وضح لي 

وكان هو يشطف الاطباق الواحد تلو الأخر

" تعرفين..الطفل وما حدث "

" لقد مرت فترة بالفعل "

" ليس كذلك بالنسبةِ إلينا "

كان يقصد مينا بالتحديد لكنهُ قال هكذا ليجعلها تتفهم أكثر

" هل تعلقتما به لهذه الدرجة؟ اذًا احصلا على أخر "

أغلقَ عينيه وقد بدأ صبره ينفد منه بالفعل

من الجيد بأنه انتهى من الأطباق مما يعطيه سببًا للتنصل منها

" سأذهب الان لأنام فلدي الكثير من العمل بالغد، شكرًا لأجل الوجبة اللذيذة ..ليلة سعيدة "

تجاهلت التحديق باتجاهه منشغلةً بقطع التفاح، وقد ارتاب هو من صمتها المفاجئ هذا..فقرر الانسحاب سريعًا لكنها أوقفته بكلماتها

" لونها المفضل هو الارجواني "

كانت وراء ظهره في تلك الحين، فلتفت مستفهمًا

." في حالةِ كنتَ تنوي شراء هدية لها"

_

" !أنا متأسفة..لا أعلم لماذا تستمر امي بفعل ذلك لكن أشعر بأنها ستبقى لأيام أخرى معنا فقط لكي تراقب طريقة حياتنا"

!توترت كثيرًا من اللحظة التي سينعزلان بها معًا بذات الغرفة، رغمَ أنه حدث بالأمس

الوجودُ بقربهِ في عزلةٍ مُربك، حتى مع تكرارِ ذلك .. في كل مرةٍ يكونُ الوضعُ مربكًا جدًا لها!، عكسه الذي بدا مرتاحًا وكأنه لا شيء

بكل بساطةٍ تمدد جنبها على السرير

" ..لا تشغلي نفسكِ بالتفكير "

قال.. ثم لاحظت بأنه لم يطفئ نورَ الأبجاورة، بينما يتكئ على الوسادة ..وكأنه ينوي الحديث معها بشأن أمر ما

في الحقيقة، تفضي تلك الاضاءة احساسًا حميميًا دافئًا، دفعها للرغبة في الانزياح نحوه كما فعلت بالامس..ولكنها بالتأكيد لن تفعل وهو مستيقظٌ أمامها

" مينا..أظن أنه ينبغي عليكِ العودة للعمل "

قال ينظر للفراغ ..ثم مرر بصره إليها، وقد كانت هي سارحة فيه وفي مظهرهِ المنزلي المريح للغاية

ابتلعت ريقها وضمت ساقيها إليها أكثر

" لقد فكرت..لكن الأمر يبدو صعبًا جدًا علي "

" لماذا ؟"

كيف تخبره بأن الغصة تخنقها باستمرار وتجعلها تبكي في لحظاتٍ مفاجئة طوال الوقت، لكنها تخفي ذلك ببراعة؟

كيف تخبره بأن وجعها لم يطيب..وبأن جرحها ما زال مفتوحًا على اتساعه؟

لا زالت تنصتُ كل يوم لنبضِ طفلها المسجل، وتشعر بأنه حي لكن ضائع بعيدًا عنها..وبأنها ينبغي عليها العثور عليه ولو تطلب منها الأمر تركَ هذا العالم كله لتلحق به؟

أغطست وجهها في ساقيها وعجزت تمامًا عن الرد، في حين أنه تمنى بتلك اللحظة لو أنه لم يفتح الموضوعَ اطلاقًا

" حسنًا انسي ذلك، لا تعودي إليه الا عندما تشعرين بأنه بمقدوركِ العودة "

لكنها الرئيسة وكل المسؤولية تقعُ على عاتقها، كيف تتركُ كل هذه المسؤولياتِ ملقيةً على غيرها؟

تلقى هو اتصالًا أشغله عنها، وعندما رأى اسمَ المتصل لم يستطع عدم الرد كما يفعلُ عادةً في الليل

اجل امي لماذا صوتكِ يبدو هكذا؟"
..ماذا جايهيون؟..هذا الفتى مجددًا

حسنًا سأرى ما الذي يمكنني فعله بشأنه

َلا تقلقي عليه هو ليسَ طفلًا صدقيني

"سأغلق الأن وسأتصل لاحقًا لاعلمكِ بشأنه

شدت مكالمته تلك انتباهها فرفعت رأسها وحملقت به لتلاحظَ تقاربَ حاجبيه بامتعاضٍ جلي

" هل كل شيء على ما يرام؟"

" انه جايهيون وطيشه المعتاد "

سكتت تبحث في ذاكرتها فتحاول تذكر شكله، وعندما تذكرته ابتسمت بتلقائية، فقد كانَ مرحًا ولطيفًا للغاية من وجهةِ نظرها

" اوه جايهيون اللطيف..مابه؟ هل هو بخير ؟"

دحرجَ عينيه بينما ينهضُ من محله

" انه ليس لطيفًا كما تعتقدين، سأذهبُ لأراه قبل أن يفتعل حماقةً بنفسه "

توسعت عينيها وراقبته وهو يتجه لتبديل ملابسه بسرعة كدلالةٍ على كون الأمر طارئ

فخرجَ من الحجرةِ مرتديًا سترةً جلدية وسروالَ جينز غامق، وقد كانت تلك المرة الأولى التي تراهُ يرتدي ملابسًا من هذا النوع

نهضت من محلها ووقفت قباله

" اتصل علي واخبرني لأطمئن عليه "

أومأ، ثم سارَ متجهًا للباب فتبعته والقلق يغمرها كلها، تعابير وجهه المختلفة هذه وتعجلهُ الملحوظ يجعلها تتساءل بمدى الخطر الذي يمكن أن يكون الأمر عليه

" ماذا هناك؟ لماذا قد غادر زوجكِ كالمجنون فجأة؟"

وجدت أمها لابثة في الصالة وكما يبدو عليها بأنها أحبت السهر أمام شاشة التلفاز، بينما تضعُ صحن فواكه كبيرٍ أمامها

زفرت الأخرى وتقدمت لتجلس بجوارها، ثم أخبرتها بما حدث

" على الرغم من البرود الذي يبديه إلا أنه يكونُ جادًا عندما يتطلب الموقف منه ذلك، هل ظلمتُ زوجكِ كثيرًا في ما سبق أم ماذا ؟"

.'وقد خطرت ببال مينا جملة واحدة فقط ' كثيرًا جدًا أمي

_

ظلت تراقب الساعة..وتلك العقاربُ التي تتغيرُ مواقعها مع مضي الزمن

رفعت شاشة هاتفها تنتظر اتصالًا منه، لكنهُ لم يفعل

ثم شهقت وزفرت بعمق، جافاها النوم بفضله ..ولا تشعر أن لجفونها قدرةَ التلاقي في لحظةِ وسن ان لم يعد

:ثم تتساءل محتارة 

' لماذا أقلقُ بشأنه هذل الحد؟ انه ليس شخصًا يمكن أن تقلق عليه '

وتبرر لنفسها أنها قلقة بسبب طريقتهِ المتعجلة في الهرعِ إلى جايهيون

!ربما يكون الأمر كبيرًا بالفعل

أمها خلدت إلى النوم في الغرفة، لكنها بقت يقظة تسعى بينَ الغرفةِ والصالة، تارةً تستلقي على السرير ثم تنهض وتتجهُ للأريكة فتقعدُ عليها تارةً أخرى

حتى سمعت صوتَ الباب يُعلنُ عن عودته

وقفت على الفور..ثم تسمرت في محلها عندما شاهدتهُ يسندُ أخيه الاصغر على كتفه بينما يجره معه نحو الداخل

" مـ..ما الذي حدث؟"

تفوهت مذعورة خصوصًا بعد ملاحظتها لتلكَ الكدوم والخدوش التي تملأ وجه وكفي جايهيون

مع فوحانِ رائحةِ الخمر

خمنت السيناريو.. وهو أنهُ قد ثمل ثم تشاجر بعنفٍ مع أخرين، لكنها لم تجزم بعد وتريثت لأجل الحصول على الاجابةِ من سيهون

" هل تحتاجان مساعدة في أي شيء؟"

جعلهُ سيهون يستلقي على الأريكة فيما ابتعدت هي تاركةً المساحةَ لأجلهما

" احضري علبة الاسعافات..وبطانية "

أومأت له ثم سارعت لجلب مطلبه، وظلت تراقبُ كيفية اعتناء سيهون بأخيه الأصغر..ذلك الطائش كما يبدو عليه في هذه اللحظة

" اذهبي للنوم، لن أحتاج شيئًا أخر"

عندما وجدها واقفة تشاهدهما بصمتٍ تحدث، لكنها لم تشعر برغبةٍ في الرحيل قبل سؤاله

" ماذا عنك؟ أستبقى هنا بجواره؟"

 وكأنها تريدُه أن يعود للغرفة، ستشعرُ بالوحشةِ في غرفته الكبيرة وسريره الواسع الذي لم تعتد عليه بعد

التفتَ وألقى نظرةً عليه، وقد كانَ جايهيون نائمًا بعمق من فرطِ الثمالةِ والألم

فكر بأن باستطاعته تركهُ والذهاب، وقبل قيامه من محله هرعت مينا إلى المطبخ كي تجلبَ كوبَ ماء له

..بدا مرهقًا للغاية

" شكرًا "

سأل يستلمَ الكوبَ منها..ثم سارَ متقدمًا نحو الغرفة، فتبعته ثم أغلقت الباب تراقبه وهو يجلسُ على السرير ويفركُ رقبته ضاغطًا بجفونهِ على عينيه

فكرت أن باستطاعتها المبادرة وتدليكَ اكتافه، عندما صعدت بركبتيها ومكثت وراءه

هو لم يمانع في الحقيقة..بل استرخى على الفور، وعندما شرعَ يتجرد من سترته جرتها من جسده، تلاقت أناملها في تلك اللحظة..أخفت ارتباكها لكن رجفةَ أصابعها كانت واضحة بالنسبة إليه، هو فقط تجاهل ذلك ببراعة كما يفعل عادةً

استندَ بكوعيه ينكسُ رأسه، فنزلت من السرير ثم تقرفصت أمامه ترفعُ بصرها إليه

" ألن تخبريني بما حدث؟ "

رفعَ بصره من موطئ قدميه إليها

تبادل نظرات صامتة معها لم تفهم من خلالها أي شيء، وشعرت بالمزيدِ من التوتر

 لقد خاضَ شجارًا حادًا في البيت، ثم وكالعادة ..خرجَ ليشرب، لكن الاختلاف هذه المرة بأنه وقع في مأزق مع مجموعة حمقى في الملهى 

خصلهُ الدهماء والمترامية على عينيه بعشوائية حثت أناملها على ابعادها كِي ترى عينيه بصورةٍ أوضح

 هل يفعل ذلك عادةً؟..يا الاهي"
"لكن كيف عرفت بمحله ؟

" أعرف الأماكن التي يتردد عليها، دائمًا يتصرف بتهورٍ هكذا ولا أعلم متى سينضج هذا الولد "

نطقَ بانزعاجٍ يمسحُ وجهه بكلتا كفيه

:همهمت هي واقفة ..ثم سألت بعد قليل من التردد

" هل تعرف سبب شجاره مع عائلتك؟ "

سكت قليلًا..ثم ألقى ظهرهُ على السرير بفتور يحدق نحو السقف

" ..ما حكى لي شيئًا، لكنه ظل يتمتم متذمرًا مني"

" منك؟ لماذا؟"

سألت محتارة تتخذ محلها جنبَ رأسه بينما تدنو ليحركَ بصره إليها، والذي علقَ في لحظةِ صمت أرعشت دواخلها

" يحسدني لأنني أفعل ما أشاء دون أن يقدر أحدهم على ردعي، وأيضًا ..ذكرك"

" أنا؟"

..تفوهت مستغربة

:فتلاقى جفنيه بدلًا عن ابداء ايماءةٍ برأسه وقال

 انه يحسدني لأنني تزوجتُ بالمرأة التي أحب دون الرجوعِ إلى رأي أحدهم"

."الناسُ يحسدونني عليكِ.. أتعرفين هذا؟

_____________________


مينهيون محترمين رمضان ولا وش السالفة؟

ترا تعبنا ونحن ننتظر مومنتات يالثقيلين

تتوقعو مين رح يبادر اولا؟


❤ولنلتقي 






Bạn đang đọc truyện trên: AzTruyen.Top