18

___


في حين أنه كان جالسًا في الصالة، أمامَ النافذةِ المطلةِ على الشارع الماطر..يستمتع بجوٍ هادئ وكتابٍ محصور بين كفيه

خرجت هي الأخرى من غرفتها مسرعة. اجتذبه صوت خطاها فتتبعها بعينيه ..ثم رآها تتجه نحو المطبخ

أعادَ انتباهه لما بينَ كفيه، لكن الجلبة التي افتعلتها في أثناء بحثها عن شيء ما قد أفقدته تركيزه

" لا يعقل..لا يوجد ولا لوح شوكولاه واحدٍ هنا!؟"

صرحت مستاءة..وعندما رفعت رأسها لاحظت أنه ينظر إليها من بعيد

" لماذا لا يحتوي مطبخك على أي عنصر كاكاو؟"

" بلا..هناك "

" !أين؟"

تفاءلت مبتسمة فأشار على العلبةِ الموجودة في بار المطبخ، عبست تلقائيًا عندما رأتها

"!! لا اريد شوكولاه ساخنة كي أشربها ..اريدُ شيئًا أمضغه"

ثم انتحبت وعادت الى غرفتها تجرجر قدميها

كان منظرها ظريفًا، فهي ترتدي خفي المنزل المنتفخين مع منامة قصيرة زرقاء اللون، كلون سماء الفجر تقريبًا

كانَ بإمكانه تجاهل كل شيء والانغماسُ في كتابه من جديد لكنه لم يقدر

أسهب بصره في الفراغ منزعجًا، لماذا دائمًا يوخزهُ ذلك الضمير داخله؟

لماذا يستمر بالشعور بالمسؤولية تجاهها وتجاه طفلها هكذا دائمًا؟

بدأ يشعر وكأنه رب هذا المنزل والرجل المسؤول عن زوجته وطفله، ما توقع يومًا أن يدفعه القدر لتجربه شيئًا كهذا، فهو قد فعل كل ما بوسعه لتجنبِ هذا الموقف

بقدرِ ما يبدو الأمرُ مزعجًا إلا أنه لم يسأم كليًا بعد، فحمل نفسه وغادرَ دون أن يعطيها خبرًا

هذا ولأنها لن تقبل بخروجهِ في جوٍ كهذا، ما فتئ المطرُ يهطلُ بغزارة..وكل المحلات مغلقة تقريبًا لكنه كان يعرف مسبقًا أن محلًا واحدًا سيظل مفتوحًا لاستقبال الزبائن

مقهى يقبعُ على بعد حي من الحي الذي يقطنُ فيه، وعندما وصل دلفَ إلى المقهى المفضل بالنسبةِ إليه

مقهى متواضع لا يعلم عنه الجميع لكنه يعرفُ منذ القدم

" آوه سيهون!، أين غطست يا رجل!؟"

استقبله صاحبُ المقهى الكهل الجالسُ وراء طاولة الشراء، بينما يقوم العامل الشاب بتنظيف الأرضية بعدَ رفع الكراسي ووضعها فوق الطاولات

" غطستُ في الحياة..كما تدري"

..تقدمَ نحوه دون أن يلقي التحية، هذا هو

ولأن الرجل يعرفُ طبعهُ جيدًا ما انزعجَ من سلوكه هذا

" اعطني كل أنواع ألواح الشوكولاة الموجودة لديك "

همهم مستغربًا لكنه نفذ طلبه وقامَ بفتحِ الصندوق الزجاجي ليخرجَ لوح واحد من كل نوع

" أيضًا هذا الكوكيز..وتلك الكعكات الصغيرة "

قال يشيرُ على القطع المرتصفة وراء الحاجزِ الزجاجي بسبابته

" لم أعهدكَ تحب الحلويات هكذا "

قال الرجلُ باسمًا فوضحَ الأخر

" ليس لي بل لزوجتي"

:توقف الرجل عن وضعِ حبات الكوكيز داخل الكيس الورقي مندهشًا وقال

 ااه صحيح لم استطع حضورَ زفافك"
"أسف يا بني، كنتُ متعبًا جدًا حينها

!أومأ متفهمًا، وهو في الحقيقة قد نَسى عدم حضوره تمامًا..ربما لأن حفل الزفاف لم يكن بتلك الأهمية بالنسبةِ أليه

 لحظة..دعني أحزر"
"!أيعقل أنكَ ستصبح أبًا

..حتى العامل الشاب قد رفع وجهه لينظر إليه جاحظَ العينين

!في الحقيقة كان الأمر مفاجئًا لكل شخصٍ يعرفه، الرجل الأعزب قد ارتبط أخيرًا ثم أصبح أبًا

فركَ حاجبه مرتبكًا وأومأ دون اللفظ بحرف

 مبارك يا رجل! لا أصدق ما أسمعه باذناي"
"هي جونغ سوك هل سمعت ذلك ؟

وهل على كوريا بأكملها أن تعلم بذلك؟

:هزهز الفتى حفيدُ الرجل العجوز رأسه باسمًا ملئ شدقيه وقال

" مبارك سيد آوه "

أبدى ابتسامة شاكرة لهما، ابتسامة أُرغمَ على رسمها فقط من باب المجاملة..ثم حملَ أكياس طلبه والتفتَ راحلًا

لكن وقبل فتحه للباب بغيةَ الخروج باغته اتصالٌ من مينا

تحير بين الاجابة على اتصالها أو تجاهل ذلك الاتصال تمامًا..فهو وبكل الأحوال عائدٌ إلى المنزل

لكنه رد، فهي على الأغلب ستكون قلقة بشأن خروجه في طقسٍ كهذا

 أين أنت؟ ألن تتوقف عن عادتكَ هذه؟"
"..لماذا لا تخبرني بخرو

أبعد الهاتف عن أذنه منزعجًا، كم يكره ذلك النوع من الأسئلة..هذا يذكره بالايام التي تقضيها والدته عنده

 ذهبت لأجلب شيئًا ما ثم سأعود"
"!لا تجعلي من الأمر قضية كبيرة

مـ..ماذا؟ قضية كبيرة؟"
هل تقول بأنني دائمًا ما أضخمُ الأمور هكذا؟
أتعني بأنني أحب المشاكل؟ أجل هذا ما تقصده صحيح؟ لماذا تحب دائمًا تعكير مزاجي؟
"أنا المخطئة لأنني قلقتُ عليك

دحرجَ عينيه ضجِرًا في حين أن كل من العامل الشاب والعجوز صاحب المحل ينظران إليه بفضول

!كان يشعرُ بالحرج والضيق، وقد رغب بشدة باغلاق المكالمة..لكنه يعلم أنهُ وحده ستحمل عواقب فعلةٍ كهذه لاحقًا

" هل انتهيتِ؟"

سمعَ صوتَ أنفاسها الغاضبة فأدرك بأنها لن تقولَ المزيد، أجل ..هو قد حفظَ تدرَّج الغضب عندها

عندما تصلُ إلى هذه المرحلة لا تعثر على الحروف المناسبة فتسكت تمامًا بعدها

" فقط قد بحذر وعد سالمًا، وداعًا "

لكنه تفاجئ عندما سمعها تختم عتابها بهذه الجملة، ورغم أنها قامت باغلاق الخط في وجهه..الا انه شعرَ بشيء غريب دفعه للابتسام

.لا يستطيعُ انكارَ مدى لطفها، حتى عندما تكون في أقصى حالاتِ غضبها تكونُ لطيفة..كيف لهذا أن يكون منطقيًا حتى؟

_

ظلت تراقبُ الساعة بقلبٍ وجل، والنافذة بعينين يملأوهما القلق

الجو ما زال ماطرًا، السماء لم تقرر بعد متى ستمسكُ صنابيرها عن سكبِ المياه، وشيء من الضجيج أخذ يعلو

أهو البرقُ يا تُرى؟

!كانَ مطرًا عاصفًا، وكما هو معروف أن القيادة في جو ماطر هو أمرٌ خطير، فقد تحدث انزلاقات تؤدي إلى حوادث عنيفة

لا تعلم لماذا تشعر بكل هذا القلق عليه..هل لأنهما يعيشان في نفس المنزل؟ أي أنه من المنطقي أن تفكر به على هذا النحو

ثم تتذكر كيف أنه لا يعطي اعتبارًا لوجودها ويغادر ويختفي كيفما يشاء، فتغضب من جديد وتدعي بأنها لا مبالية

مكثت فوق الأريكة محتضنةً الوسائد الضخمة، ووجها عابسٌ نتيجةً لهذا المزيج العجيب من المشاعر المتضاربة، بينَ الغضب والقلق

..استلقت في النهاية، لكن النوم لم  يزرعينيها أبدًا

تذكرت كلماته عندما كانا يقفانِ فوق الرصيف، وكيف قد قال بأنه سيتحمل مسؤولية هذا الطفل

تُرى..هل صدقَ فيما يقول؟

وفي اثناء انغمارها في تلك الأفكار عادَ هو، كادت أن تنهضَ مسرعة ..لكنها تراجعت وحافظت على المكوث في محلها

ودت أن تسأله..لكن كبرياءها قد ردعها، ولذا جدلت ذراعيها وأشاحت ببصرها عنه

فيما كان هو يتجه نحوها حاملًا كيسًا معه

:وضعَ الكيس على الطاولة قبالها وقال

" هذا لأجلك..استمتعي به
ليلة سعيدة"

..ثم استدار متجهًا الى غرفته

فغرَ فاهها دهشةً، ثم سارعت بفتحِ الكيس لترى ما بداخله، وحينها انطلقت منها شهقة لا ارادية

أحقًا خرجَ في هذا الجو العاصف الماطر ليجلبَ لها عدة حلويات بنكهة الشوكولاة؟

لا تعلم كيف قد رقت عيناها فجأة لكنه قد حدث

هذا الرجل، يدغمُ في قلبها المفاجآت بلا أي مواعيد مسبقة، بعدما يفعل كل ما قد يجعلها تيأس منه

كيف الحياةُ برفقته تبدو متقلبة هكذا؟

..تارةً يخفضُ مزاجكَ ثم يرفعهُ تارةً أخرى

لم تحتمل ابقاءَ ثورة مشاعرها تلكَ بعيدةً عنه ولذا هرعت إليه تطرق باب غرفته

" ادخلي "

لم يكن الباب موصدًا لذا دلفت بكل سهولة ..ثم استصعبت كل شيء عندما قابلها بنظراته المستفهمة

كانت مستعدة لاحتضانه واغداقه بالشكر والامتنان، لكن وعندما وصلت إلى مرحلة المواجهة

أي عندما تقف قباله هكذا هزيلةَ القوام، تُمسي عاجزة

وهذا خارج عن ارادتها

 ماذا هناك؟ هل تحتاجين شيئًا أخر؟"
"أم أن النكهات لم تعجبك؟ 

لم تحتوي أسئلته على أي قدرٍ من السخرية، فتساءلت في سريرة نفسها.. ان كانت تحتاج شيئًا أخر بالفعل، فهل سيذهب ليجلبه إليها؟

هزت رأسها بلا ..وقد لاحظَ كيف يترقرق بؤبؤيها، وكأن الدموع على شفا حافةِ النهاية

" هل أنتِ بخير؟"

سأل عاقدًا حاجبيه فهزت رأسها مرةً أخرى ثم انكسته..نعم لقد خانها ناطقها

ثم جعلت قدميها تأخذانها للوراء ببلاهة، وكأنها تود الهرب

راقبها مستغربًا لكنه لم يبدي أي ردة فعل تذكر

هي تبدو مضطربة على الدوام وهو يضعُ لها عذرَ الحمل دائمًا أمامَ وجهه فلا يقدرُ على لومها أو الافراطُ في مسائلتها

" فقط أردتُ أن أشكرك، ليلة سعيدة"

قالت وبصرها يطئ الأرض، في حين أنها ترجع للوراء بخطاها حتى وصلت إلى باب

:وقبل مغادرتها نبست بخجل بينما تخفي نصفَ وجهها خلفه

" وأيضًا أنا أسفة لأنني أنعتكَ بأمور سيئة أمام وجهك، أنا أسفة جدًا أرجو أن تسامحني"

لم يستطع كبت ابتسامته الطفيفة وقال بينما يدعكُ حاجبه الأيسر بأنامله

" لا تهتمي لذلك، أنا لا أبالي كثيرًا بالكلمات التي تقولينها لي عندَ غضبك، ثم أنني أنا الذي أغضبك ألستُ أستحق؟"

لقد فاجأها رده..حتمًا لم تتوقع منه قول كلماتٍ كهذه

أيقول بأنه يمررُ كل ما تقوله عنه وكأن تلك الكلمات لا شيء

من قد يفعلُ لكَ شيئًا كهذا في هذا الزمن؟ الكل حقود..والكل ينتظرُ ويترقب أبسط خطأ منكَ ليعاقبكَ عليه فورًا

لا يمرر الناس هكذا عادةً إلا في حالتين
إما لأنه يبرر فيمرر
أم لأنها لا تعنيه كثيرًا فلذا ينفضُ كلماتها كالهباء

اذًا، أي الحالتين هي حالته معها؟

" ماذا؟ هل هناك شيء أخر تودين قوله لي؟"

استغرب وقوفها متسمرة هكذا فسأل، حينها استفاقت من استغراقها في أفكارها وأومأت بلا ثم لوحت له راحلة ..وأغلقت الباب ورائها

دائمًا يكون الحديث مربكًا معه، الا عندما يتجادلان
فقط في تلك الحين تكون ثابتة حازمة لا تهتز شعرةٌ منها

لكن في لحظاتِ هدوء كهذه تشعرُ بالارتباك الشديد منه، رغم أن هذه هي عادته..الهدوء فقط

لو كانت تعرفه مسبقًا، لأدركت كم هو مُسالم عكسَ ما يبديه أمامها

لكنه لا يحب الحديث كثيرًا، صامت بطبعه
!لا ينغمسُ في أشياء غير مهمة..لا يستغرقُ في الأحلام الخيالية..واقعي ومادي بصورة بحتة

لذا يكون جافًا، رسميًا..بحيث أنك تشعر وكأنك تحتاجُ إلى اذن للعبورِ إليه كل مرة، وكأنه بلدٌ أخرى..وكأن هناك حدود تفصلكَ معه

!ليس باستطاعتك تجاوزتها دونَ تصريح، دون جواز سفر!، دون هوية..دون تعريف كامل يوضح سبب رغبتكَ بتخطي تلك الحدود

لا تستطيع اجراء محادثة كلامية معه دون الادلاء بالتفاصيل..تلك الأحاديث التي تتساقطُ عبثًا لا تعنيه، تلك الأشياء التي تحدثُ بيننا دون أي تدابير مسبقة لا تتضمن حياته ولا هو يتضمنها

!ربما ولهذا هي لا تشعر بالراحةِ معه، لأنها تميل إلى كونها عفوية عكسه

لكن من يدري، ربما هو - وعلى خلاف ما يبديه من القناعة التامة- محتاج..وناقص..وفاقد لروحٍ خفيفة تتناغمُ مع روحه الثقيلة فتجعل حياته أخف، أحلى..وأكثر مرحًا وسعادة

_

,,صباحًا

كالعادة، يتشاركان وجبة الافطار التي تعدها لهم المدبرة بهدوء..وقليلًا ما يتحدثان بشأن أي شيء

هذا الصمتُ الذي يعم الجو يجعلُ المدبرة تشعرُ بالغرابة، وتتساءل سرًا ان كان بينَ هذين الاثنين مشكلة ما

لكنهما دومًا هكذا، منذ أول يوم جاءت فيه زوجته إلى المنزل حتى هذا اليوم، فكرت أنه لربما لم يتزوجا عن قناعة..ربما تزوجا باتفاقٍ عائلي فعائلته تعتبر تقليدية، وهي على معرفة بوالدته وبطريقة تفكيرها المتمسكة بالعادات القديمة

ثم أنه فجأةً طلبَ منها أن لا تقربَ غرفته، ولا الغرفة المقابلة لغرفته..كان ذلك غريبًا جدًا

لكن وفي نفس الوقت، لم تشعر أنهُ يحق لها التدخل وسؤاله ذات يوم

عندما تراهما..تشعرُ بأنهما متلائمين جدًا، تَرى عاطفة ضائعة تحومُ حولهما وتترقبُ يومًا تشتعل فيه، متى سيحدث ذلك لا تدري

لكنها تتمنى أن يحدث ذاتَ يوم، وأن تبتلّ تربة سيهون شديدة الجفاف فينتجُ برعمٌ من الحياةِ فيها

اليوم..ارتدت مينا سترة وتنورة متسقتين بلونِ الرماد

" ينبغي علي الذهاب الأن..لا أود التأخر على موظفيَّ"

طرقَ فنجانها الذي وضعته الصحن، في حين أنها تختلس النظرات من الساعة المعقودة حول معصمها

" انتظري سأوصلك "

سارع بالقول بينما يغلقُ شاشة حاسبه

تسمرت في محلها تحدقُ نحوه  هو الذي هب واقفًا، لم ترفض ذلك لكنها لا تحب عندما يتصرف وكأنه يتباهى بأنه بهتم بزوجته أمام الناس

لا تحب عندما تنزل من سيارته ويراها الداخلون والخارجون فيحسدونها على اهتمامٍ كاذب

تشعر بغصة، ولكنها تكبحها

وكذلك تشعرُ بأنه منافق..ليس عليه المبالغة
لكنها لا تدري في الوقت نفسه، أنه لا يفعل ذلك لأجل أحد غيرها..هذا ولأن تعابيره لا تقول وفمه لا ينطق

هو الذي يجعلها تراوغ في أفكارها..فلو وضح لما أخذت هذا المنحنى بكل تأكيد

..يرعاها لأنها حامل، هذا كل ما في الأمر

عندما توقفت السيارة بهما عندَ اشارة المرور، تحتَ غيمةٍ كئيبة من الصمتِ اللابثة فوقهما..لاحظت مينا ذلك الفتى الذي يبيعُ الزهور

وبعدما كان وجهها يستميتُ لأجل ابتسامة، انتعشَ وتلون بالحياة

فتحت النافذة وطلبت واحدة حمراء ليجلبها الفتى إليها باسمًا، وقد أهدته ثمنها مضاعفًا وأخبرته بأن يحتفظ بما تبقى من المال له

أما عن الذي يجاورها..فقد ظل يراقبها بصمت، كيف للزهور أن تحب مثيلاتها؟

عندما تقربُها من وجهها، وتلصقُ بتلاتها الحمراوات بأنفها وشفتيها يشعرُ وكأنهن أخوات، ولدوا من رحمٍ واحد، رحم الجمال الالهي الذي لا ينضب

يذهلهُ كيف أنها في غفلةٍ منه توقظُ رجلًا شاعريًا، رجلًا متأملًا، رجلًا متعبدًا، ورجلًا يعشقُ الفن

" يفترض بأن أكون أنا الذي يدفعُ ثمنها لأهديها اليكِ، هكذا يفعلون عادةً"

:قال فاستدار وجهها باتجاهه وردت قائلة

 ولماذا علينا أن نقلد ما يفعلونه عادةً؟"
"ثم أنني اشتري الزهرة لنفسي، لماذا ينبغي على النساء انتظار الزهور من الرجال؟ لماذا لا تشتري كل واحدة الزهور لنفسها؟

من خلال جملة واحدة برأي واحد جاهرَ بها هو، تطرقت إلى عدة مواضيع أخرى جعلته يدحرجُ مقله ضجرًا

" فقط انسي ما قلت "

دائمًا يعلقُ بينهما الكلم، فتعجزُ الحروف
ثم تتساقطُ عبثًا على أرضِ الرحيل

سكتت هي وظلت مستمتعة بزهرتها الحمراء، في حين أنه كان يشعر بالوخزِ داخليًا

!أغاظته بطريقةٍ لا يفهمها، وكل السبب يعودُ إلى زهرة

عندما أوصلها إلى الشركة، نزلت مستعجلة ومنشغلة بتلك الزهرة الحمراء في كفها

!وفي المقابل نست توديعه، ونست كذلك هاتفها 

لم ينتبه لوجودِ الهاتف بجواره الا عندما رنَّ مهتزًا، فضحكَ ساخرًا

هل أسرت الزهرةُ ذهنها لهذه الدرجة؟

أيعقل أنها واقعةٌ للزهور؟.. تساءل وفي الوقت نفسه ظهرَ على يمينه بينما يقودُ محلٌ لبيع الزهور

هي تقول بأنه لا ينبغي على النساء ترقبُ الزهور من الرجال..وهو يقول أنه على الرجال أن يتكفلو بادغامِ فرحةِ الزهور في قلوب النساء

على تلك المفاجآت الحلوة أن تكون منهم، لو استمرت النساء على هذا النحو، أي أن يمتعوا ويسعدوا أنفسهن بكل شيء هكذا..فلن يكون للرجال أي دور في حياتهن

!يغيظه كيف تسلبُ النسويات حقوق الذكور في ابهار النساء، في هذا يتعارض معهن بشدة

وحتى يثبتَ لها مدى روعةِ حصول المرأة على باقة زهور من رجل قرر أن يحتازَ واحدة مميزة

كيف لا وزهورُ الزنبقِ الصفراء تتغنجُ فيها؟

كان واثقًا من أن باقته تلك ستروقها للغاية، فاشتراها ثم عادَ حاملًا اياها متجهًا نحو سيارته

في داخله شرارةُ حماس غريبة، ولا ينكرُ أن لابتسامتها التي تتجلى كما يتجلى البدرُ دورٌ في ذلك

وعندما وصل..ترجل وخطا حثيثًا إلى الداخل

..ثم عبرَ كل المسافة المؤدية إلى مكتبها كومضة، نعم فكل ما يسبقُ الحدثَ الأسوأ ترجعهُ ذاكرتنا لنا كومضةٍ فقط

 لاحظ وقوف المساعدة تشوي ليا بارتباكٍ شديد عندما رأته يتقدم نحو مكتب زوجته

".. سيد آوه "

  أجل صباح الخير آنسة تشوي
ماذا؟ هل السيدة آوه في اجتماعٍ الأن؟

حبذَ أن يقولها هكذا..بهذا النغمِ واللحن الذي يجعلها تتضمنُ معزوفاته الخاصة

 أجل سيدي ..أعتذر لأجل ذلك
 ضع الباقة هنا وأنا سأقدمها لها عندما تنتهي من اجتماعها لاحقًا

..أنزعج قليلًا ولكن لا بأس

أحيانًا نرغبُ بمفاجئة أحدهم لكن دون التطلعِ إلى ردة فعله، وكأن غيابَ ردة فعله الأولية عنا يجعلُ المفاجأة أكبر! ..لنا وله

..فنتخيل كما نشاء

" لقد نسيت هاتفها في سيارتي "

قام بوضع الهاتف سويًا والباقة، ابتسمت له ليا وكانت تبدو في حالةٍ حرجة من التوتر

استنكر ذلك بشدة..ثم توضح له الأمر تدريجيًا عندما تناهى الى مسامعه غوغاء صادرة من غرفة مكتب مينا الموصدة

استقرت عيناه على الباب بينما يعقدُ حاجبيه، لم يكن ليتدخل بهذه السرعة لولا ملاحظة رغبة ليا الشديدة في ايقافه عن الدخول

من ذلك الزائر الذي لا ترغبُ ليا بجعله يرى زوجته معه؟

ما لبث في محله بل تخطى ليا وكأنها وهم ثم فتح الباب كمن يداهمُ حدثًا طارئًا

فتفاجأ عندما رأى خطيب مينا السابق، يوقيوم
يقف بطوله هنا..في داخل غرفة مكتبها

خانه ناطقه لعدة ثواني، فيما كانت مينا تبدو مذعورة..وكان الأخر يبدو وكأنه مستعدٌ للدخول في عراكٍ معه

نسجت مخيلته عدة سيناريوهات لسبب وجودِ يوقيوم هنا، ولكن كل ذلك لم يكن مهمًا..المهم هو ما شعر به في تلك اللحظة

.هل كان يحترق؟


----------------------


تجاوزو عن الاخطاء عدلته وانا مصدعة ومنفسة كمان 

من البارت الجاي رح تتغير الاحداث مرة ثانية

يمكن ندخل في نمط حزين اكثر

❤يلا سلام ولنلتقي 


Bạn đang đọc truyện trên: AzTruyen.Top