16
:السادس عشر
اتساءل أحيانًا..ان كنا زوجين حقيقيين
..أم اننا ندعي
.توقفتُ عن التساؤل ومؤخرًا صرتُ أتمنى
_
" واذًا ؟"
هكذا رد مستغربًا من ثورةِ أعصابها هذه
جلست بجواره تزفرُ بعمق فيما كانَ هو يبصرها متعجبًا
" كن سيعلمن بكل حال، لا مشكلة في ذلك "
زمت شفتيها مستاءة..لم تكن تود أن تعلم صديقاتها بالأمر خلال هذه الفترة
ولكن كما قال..كن سيعلمن يومًا ما سواءً عاجلًا أم عاجلًا
الشيء الذي لم تكن تعرفهُ هو أن قلقها كان في محله، رغم انها لم تنتبه لتعابير وجهِ سانا في تلك الحين
لم تنتبه لكيف بدت مستاءة ولا لكيف قد أطبقت شفتيها ولم تشارك معهن بالحديث
" ..آوه صحيح كنتُ سأخبرك"
اجتذبَ انتباهها إليه والتفت نحوه متسائلة
" سيعقد ابن عمي قرانه عما قريب، اعني بعد بضعةِ أيام فقط ..وكما تعلمين من أجل المظاهر أنتِ عليكِ المجيء برفقتي"
لم تقل شيئًا غير الصمت لفترة قطعتها بسؤالٍ بسيط
" حدد اليوم ؟"
" السبت "
:تحورت تعابيرها فورًا عندما قال ذلك وبادرت مُسرعة
" هذا سيء فأنا لدي موعدٌ مع الطبيبة في نفس اليوم!، لا اقدر على تفويته، أنا أتحرق شوقًا لسماعِ نبضِ طفلي"
أغلقَ شاشة حاسوبه عاقدًا حاجبيه
" لماذا لم تخبريني قبلًا؟"
:رفعت كتفيها لا تدري ما السبب..ثم بررت بكل لطف قائلة
".. لم أعتقد أن موعدي سيتوافق مـ"
:قاطعها مُفسرًا مغزى سؤاله
لا ليس لأجل ذلك ..اعني
قصدتُ أنه كان ينبغي عليكِ اخباري، ربما كنتُ سأفرغُ نفسي للمجيء معك
تفاجأت مما قال..كان هذا أخر ما ستتوقعه منه
فكرة أن يقوم بمرافقتها تبدو جميلة، حد جعلِ قلبها يرفرفُ سعادةً، هي من ذلك النوع الذي يُحب مشاركة أفراحه مع غيره ..لكنها حاليًا في وضعٍ يُجبرها على أن تفعل كل شيء وحدها
فهي ليست متزوجة من والدِ ابنها بل من رجلٍ اتفقت معه على المكوث سويًا لفترةٍ مؤقتة، ناهيكَ عن اختلافاتهما وتناقضاتهما الكثيرة
تلاشت بسمتها عندما دققت في كلماته، هو قال أنه في حال لو عرف قبلًا، فكان سيفرغُ نفسه لأجل الحضور برفقتها ..أيعني ذلك بأنه لا يستطيع بعد الأن؟
شابكت أصابعها بارتباكٍ وقد بدت ظريفةً وبريئة جدًا أثناء سؤاله عن امكانية حضوره معها
" اذًا، هذا يعني أنكَ لن تستطيع القدوم معي صحيح؟"
بدأ يلملم اغراضه بينما ينهضُ ناعسًا
وقد اقتصرَ رده على كلمةٍ واحدة..كالعادة
الرجل الأمهرُ في الاقتضاب
..سأرى
ليلة سعيدة
قال ثم أدبرَ راحلًا، وجعلها معلقة بأملٍ لا طائل منه
لماذا قد تتمنى منه هو أن يتخلى عن مواعيده المهمة وأعماله العظيمة لأجلها هي؟
هل كانت تعني له شيئًا حتى؟
_
بما أن الموعد في الصباح، نسقت يومها حسبَ ذلك
استيقظت باكرًا وتوجهت إلى المكتب كي تَتفقد الأوضاع سريعًا
ثم أمرت مساعدتها ليا على أن تقومَ بكل شيء، وبعدها توجهت سريعًا نحو البوابة
وعندما كانت تطئ درجات السلم حثيثة الخطى، خفيضة الرأس كي ترى تلك الخطى
لم تنتبه للذي يقفُ على آخر درجاته
" هاي على مهلك..هل تقومين بجعل طفلكِ يعيشُ أجواء مدينة الألعاب من الأن؟"
صُدمت عندما اخترق صوته مدى سمعها، وعندما رفعت رأسها ألفته يرفعُ ذراعيه يتوخى الحذر بدلًا عنها
أبطأت خطاها ذاهلة وقبل وصولها إلى أخر الدرجات وافاها يلتقطُ كفها بيده، مشت بجواره دون أن تلفظ بحرف
ما استطاعَ لسانها طرحَ سؤالٍ حتى
فتح باب سيارته فدخلت طواعية، ثم انطلقَ هو إلى مقعدِ السائق ونبهها لكي تربطَ حزام الأمان
لبثت صامتة، وفي سريرتها تتأجج الحيرة
أفعل ذلك مراعاةً لها؟ أي من باب اللطف مثلًا؟
أم لكِي يُريَ الخلائق أنه زوجٌ صالح، ولتبدو مسرحيةُ الزوجينِ هذه أكثر واقعية؟
حبت أن تستمتع بالجو الهادئ واللطيف بينهما
لا تود افسادَ هذا الجو بطرح أسئلةٍ كهذه لا تعلم كيف سيكونُ رده عليها
" ألن تقولي أينَ تقبعُ العيادة؟"
سأل عندما وصلا إلى التقاطع العام حيثُ ارتصت السياراتُ بانتظارِ توهجِ الاشارةِ بالأخضر
رمشت كمن استيقظَ للتو من غفوةٍ حلوة، وتنبهت إلى كونه ينظرُ إليها مترقبًا حصوله على الاجابة
أربكتها نظراته
تكون مربكة في كل الأحوال لهذا لا تتصلُ بصريًا معه عادةً
لكن الموقف قد تطلب منها ذلك فأخبرته عن الموقع ثم هربت بمقلتيها بعيدًا عنه
تمنت لو أنه لا يلاحظُ سلوكياتها هذه..لكن الأماني أماني، وهو في الحقيقة يدركُ كم أنها ترتبك وتتوتر عندما تكون برفقته
يعلم بشكل ما أنهُ لا يجلبُ الراحةَ لها
بينهما مواقفٌ أدت إلى تكوينِ هذه الأحاسيس..هذه الأحاسيس التي تؤصرُ الحواجزَ بينهما أكثر
هل لهُ أن يكون سعيدًا بذلك؟
ابقاء الحواجزِ بينهما سيؤدي إلى عدمِ حدوث أي اصطدامات عاطفية في المستقبل، لكن وفي الحقيقة..ما رغبَ أن تكونَ بهذا البعدِ دائمًا عنه
على الأقل في لحظاتٍ سلميةٍ كهذه، لا يلقي خلالها بغاراته البصرية أو الكلامية، ولا تنفعلُ هي على أشياء تبدو له تافهةٌ من وجهةِ
.نظره فتتحول إلى مُعضلة درامية
___
" أشعر بالخوف"
تمتمت بخفوت لكنهُ سمعها..وكان ذلك أثناء توجهها إلى السرير الذي سترقدُ عليه كي تمرر الطبيبة الجهازَ على بطنها
" لا شيء لتخافي منه "
تحدث وكأن له خبرةٌ بذلك..لكن أحيانًا نحنُ نحتاجُ لهكذا كلمات تخرجُ بتلقائية من فاهِ من تضعهم الحياةُ بجوارنا
" هيا استرخي يا عزيزتي هنا "
أشارت لها على السرير فجلست أولًا ثم دنت لتخلعَ حذائها فهي لا تحب الاستلقاء بينما تضعُ حذاءً في رجليها
سبقها هو بفعل ذلك بحركةٍ مفاجئة جعلت عضلات صدرها تنقبض
فعلته تلك حثت شفتي الطبيبة على رسمِ ابتسامةٍ واسعة
" بالمناسبة، زوجكِ لطيف سيدة آوه"
هذا ولأنه في المرة السابقة لم يكن برفقتها، وهو في الحقيقة لم يعلم بشأن المراجعات قبلًا، أو بالأصح..ما فكر بذلك ولا كان يهمه الأمر حتى حتى
أبدت ابتسامة خجلةً على محياها ثم أطلت على وجهه فوجدته خاويًا كالعادة
ثم وبعدما استلقت شرعت بفتح أزرار قميصها السفلية وجرتهُ للأعلى وحينها مسحت الطبيبة المادة الهلامية التي تحد من آثار أشعة الجهاز الذي ستمرره على بطنها
وعلى تلك الشاشة الموضوعة كانت تراقبُ الطبيبة بهدوء في حين أن مينا ظلت ترتجف هلعة
صمتُ الطبيبة خوّفها أكثر وجعل نبضات قلبها تعلو وتعلو حتى لاحظَ سيهون والذي كان يداول عينيه بينَ الشاشة ووجهِ زوجته أمارات الخوف على وجهها
"اهدئي "
نبسَ بخفوت لكن ذلك لم يفد هذه المرة وحينها قرر امساكِ يدها، وكأنها كانت تنتظرُ ذلكَ منذُ دهر حيثُ أنها سارعت بالضغطِ على كفه وكأنها ترجوه على أن يذيعَ الخبر الحلو لها
:لكن الخبر لا يأتي منه بل من الطبيبة التي صرحت قائلة
انظري الى هذه البقعة هناك.. هذا هو طفلكما"
"وهذا هو صوتُ نبضه
وكأنما حلت السكينةُ على صدرها حيثُ نزحَ الخوف نزوحًا وحل محله فرحٌ كبير، ومن فرطه رقت عيناها
وكذا أغلقت فاهها حتى لا تنطلق الشهقاتُ الباكية منها
بقدرما كان الموقف سعيدًا للغاية، كان شديد الغرابة بالنسبةِ لسيهون ليس لأن هذا الطفل لا ينتمي إليه
بل لأن المشاعر بدت طاغيةً جدًا على الجو، لم يعش أجواءً كهذه قبلًا..ولذا حس بالغرابة
والأهم بأنهُ لم يكن خارجًا من هذه الورطة العاطفية، مشاعره رغمًا عنه قد اهتزت عندَ سماعِ هذا النبض
.هل نبضُ الانسانِ يلمسُ نبضَ انسانٍ أخر يا تُرى؟
_
" هل أنتَ بخير؟"
سألت زوجها الذي أبقى شفتيه مطبقتين منذ أن كانا في العيادة
وهما في البيت الأن يستعدانِ لأجل حضور زفافِ ذلك القريب
" أجل، لماذا هذا السؤال الغريب؟"
تحدث في أثناء نزعهِ للسترة من على جسده
حقيقةً..هو يبدو وسيمًا جدًا عندما يفعل ذلك
تحمحمت تُوضب أفكارها التي تشتت بفضله، أو بفضل روعته
" فقط..لاشيء، أعني لأنك بقيت صامتًا طوال الوقت"
" أنا هكذا عادةً، أم أنكِ ما زلتِ لم تتعرفي علي جيدًا بعد؟"
دحرجت مقلها تتجاهلُ الشعور المستفز الذي وصلها من نبرته الهازئة هذه
" سأذهب لتغيير ملابسي، لن اتأخر "
:مشت بجواره وحينها قال
" يفضل ذلك "
عندما أدلى بتعليقه هذا اغتاظت زيادة وصكت الباب بقوة
.!لا يعلم لماذا لكنها جعلته يضحك، هي حتمًا تنفعل سريعًا هذه الفترة بسبب هرموناتها
_
" هل أبدو جيدة ؟"
لا تبدو جيدة فحسب بل تبدو غايةً في الجمال، أو آيةً في الجمال بالأصح
!ترتدي البسيط وتجعله فاخرًا، فخمًا، باهظًا
ارتدت فستانًا كلونِ حبوب القهوة، ضيق لكنه ليس بذلك القصر حيثُ أنه بالكادِ يكشف ركبتيها
يسترُ أكتافها وذراعيها حد الكوعين تقريبًا
هذه ليست المرة الأولى التي ترتدي فيها فستانًا من هكذا نوع، لكنها وبشكلٍ ما تجعلهُ يبدو مميزًا
ما أبدى أي تعابير على وجهه، فقط أومأ ببرودٍ شديد غاظَ أنوثتها. ألا يعلم أن الاناثُ يتضرعن لأجل تعليقاتٍ جميلة تزيدُ ثقتهن بأنفسهن؟
ارتدت معطفًا أبيضَ من شانيل، وأخذت حقيبةً سُكرية كلون حذاءها ذو الكعب الخفيض
.ثم سارت بجواره بينما يخرجان من المنزل
عندما وصلا إلى موقع الحفل، ترجل قبلها يفتحُ الباب لأجلها
:لم تستطع حبس تعليقها هذه المرة وقالت
" أتمنى لو تعاملني هكذا دائمًا ليس أمام الناس فحسب "
حسنًا، هل تود منه أن يخرق قواعد الاتفاق مثلًا؟
" تودين مني أن أعاملكِ كزوجةِ لي في كل الأوقات؟ حقًا؟ هل أنتِ متأكدة من ذلك؟"
أسئلتهُ أوحت لها عن مقاصده التي تتوارى خلفَ ستارِ البراءة، خصوصًا هذه التعابير التي يرسمها ..والضحكة التي يحبسها
:وكزت ذراعه منزعجة وأردفت
" انسى الأمر فحسب"
.كانت مضطرة لأن تتجاهل سُخف ضحكته وأن تتأبط ذراعه كي يكملا طريقهما نحو الداخل
_
بعدَ انتهاء مراسم الزفاف توزعَ الحاضرون ليلتقوا بمعارفهم، ولأجل ذلكَ عجت القاعةُ بأصواتهم حيثُ أنهم يستمرون بالضحك وتبادل الأحاديث طوال الوقت
ذلكَ اللغطُ قد أرهقَ مينا كثيرًا خصوصًا بأن هناك الكثيرُ ممن يحفونَ زوجها والذي ينتسب لعائلة آوه صاحبة الصيت والمكانةِ الاجتماعيةِ رفيعة المستوى
كانت تجهل معظم ما يتحدثون بشأنه، تجاملهم بابتساماتها فقط..وتأسر كأس الشراب بيدها دون أن ترتشف منهُ حتى
أما عن سيهون، ذلك الصامت الذي يتحول إلى متفاعل جيد عندما لا تمس المواضيع المطروحة حياته الخاصة
كان هو أيضًا لا يرفعُ الكأس إلى شفتيه، ربما يتضامنُ معها أو ربما لأنه ما عادَ يشربُ عندما يمكث في المنزل كالسابق
وبحركةٍ سريعة التفت إليها وانتشل الكأس منها ليضعه رفقةَ كأسه سويًا على الطاولةِ ورائهما
قد يبدو لها أنه منشغل بغيرها حد عدم ملاحظته ما يجري معها لكن ذلك غير صحيح
:أستقطعَ وقتًا من حديثه معهم يهمسُ إليها
" هل تشعرين بالتعب؟"
لم تستطع الكذب، جسدها تحدث عندما مالت عليه مترنحة..فأمسكها من خصرها ليقومها دون أن يلاحظَ أحدٌ ذلك
" هل لي أن أستندَ عليك لدقيقة؟"
استأذنته وما كان ليرفض، وهو في الحقيقة بدأ يضجرُ من كل هذا التجمهر في القاعة
جاءت والدته مندفعةً إليهما ويبدو أنها هي الأخرى متحمسة لأجل زف هذين العروسين الجديدين أمام المزيدِ من الأقارب
" سيهون..ابناء أعمامك القادمون من فرنسا يودون التعرف إلى زوجتك "
التفت إلى التي تقاومُ السقوطَ لولا استنادها عليه ثم أعاد بصره لوالدته
" لا أعتقد أن ذلك ممكن الأن فمينا متعبة، سأذهب أنا لتحيتهم بسرعة ثم سأعود لنأخذها ونرجع للبيت "
" ماذا ؟"
فغرَ فاهها دهشة وتعجبًا، هل يضعُ صحةِ زوجته فوقَ اتباعِ تقاليد وعادات عائلة آوه؟
أخذ بها إلى أحد الكراسي المقابلة للطاولات وتركها تجلسُ هناك
" لن أتأخر "
همس مؤكدًا فهزهزت رأسها بينما بالكادِ تستطيع فتحَ عيناها، وكانت يدها تسند جانبِ رأسها حتى لا يهوي على الطاولة
تريثت الأم حتى يرحل..ثم جاءت إليها على الفور
سيدة آوه جميعنا قد حملنا وتعبنا لذا لا تُبالغي وكأنكِ المرأة الوحيدة التي حبلت في هذا العالم، عندما أقول أنه يتوجب عليكما الترحيب بأقربائنا معًا فإذًا ينبغي عليكما فعل ذلك معًا
أفزعتها تلك اللهجة الصارمة والمنطلقة من فاهِ إمرأة أعطتها انطباعًا لطيفًا ووديعًا في المرتين السابقتين عندما قابلتها، أي يومَ زيارتها لبيتهم..ويوم حفلة الزفاف
لبثت ساكتة ومتجمدة في محلها تحاول استيعابَ هذا الهجوم الذي تلقته
لم تتحرك أمه انشًا، ولم تحول عينيها الحازمتين عنها مما دفعها إلى التنفس عميقًا والقيام لتلبية واجبها ككنةٍ لهذه العائلة
عندما مشت باتجاهه لاحظت أن هناك شابة بفستانٍ أسود وتعابير وجهٍ لئيمة قامت بسحبه من التجمع الذي هو فيه من ذراعه، لكن ما أفزعها حتمًا هو أنه لم يفلت ذراعه بل تبعها إلى حيثُ أخذته
..تعابير وجه أولاد عمومته عندما لاحظوها قد أكدت من شكوكها
هم بدو متفاجئين ومحرجين كثيرًا، حتى أن أحدهم قد أخذ يبرر ويوضحُ لها ما رأته حتى لا تفهم خطأً، لكن تبريره ذلك وحده قد جعل الأمر أكيدًا
ماذا يعني أنها مجرد صديقة قديمة له؟ لو كانت كذلك لما جرته جرًا بهذه الطريقة
والأهم، لماذا قد تَبعها هو بهذه الطريقة؟
شعرت بنارٍ تكوي صدرها، نار لا تعلم كيف قد أُوقدت لكنها الأن تحرقها حرقًا وتحثها على الذهاب ورائهما حثيثة الخطى
وأجل، وجدتهما في الساحة الخارجية يقفانِ متقاربين جدًا. هو عند الجدار وهي أمامه لا تنفك عن مداعبةِ ياقة سترته
لاحظت بأنه كان يبعدُ كفها باستمرار ..لكن لا يعني ذلك أن الأمر لا يروقه، ربما هو يوقفها عن فعل ذلك هنا حتى لا تجتذب الأبصار لهما
!ما عرفته إلا حازمًا، لو كان رافضًا لسلوكيات هذه المرأة لأنهى كل شيء بأسلوبه القاطع والفظ
ما الذي تحاولين فعله كارينا؟ فقط ابتعدي عني
انني متزوج الأن ألا ترين هذا الخاتم على اصبعي؟
كلانا يعلم جيدًا أنك تمقت فكرة الزواج، هذا الزواج قد دبرته عائلتك لك ولابد أنكَ تشعر بالاختناق الان..سأكون دومًا ملجأكَ للتنفس براحة
لا أعلم من الذي أوهمكِ بأن زواجي كان مدبرًا، لو سألتِ عائلتي فستعلمين بالحقيقة..ثم أنني لستُ بحاجةٍ إلى التنفس براحةٍ عندك، الأرضُ رحبة..استطيع التجوال وتنفس الهواء الطلق في أي مكان
ولأنها كانت بعيدة لم تكن قادرة على سماعِ ما يتهامسُ به هذين الاثنين، لكن طريقته الهادئة في الحديث مع الفتاة تجعلها تعتقدُ بأنه يتعمدُ ملاطفتها
نعم هو يتحدث بهدوء لأن الأمر لا يتطلب منه أن يهيجَ أبدًا، هو لا يعطي الأشياء السخيفة حجمًا أكبر مما هي عليه
" !لا يهمني كل ما تقوله أنا فقط أريدكَ أنت"
جحظت عينا مينا لدى رؤيتها لتلك الشابةُ ترفعُ ساقها وكأنها تود تطويقه بها، بالاضافةِ إلى يدها التي تمسكُ بذرعه والأخرى تداعبُ بها وجهه
" كارينا كَفى! لا تجعليني أنفعل الأن "
والحقيقة أنها مهما فعلت ما كانت قادرة على اغوائه كما سلف، شعرت بذلك جيدًا
!فالمرأة تعرفُ عندما تفقدُ سحرها
تخوفت من تلك الحقيقة وقررت اجباره على ذلك عندما قبلته فجأة، وفي تلك اللحظة دوى صوت شهقةِ مينا والذي جعل الاثنين يلفتانِ نحوها
جفل سيهون مصدومًا وأما عن كارينا فقد كانت في أتم سعادتها وكأنها قد حققت انتصارًا عظيمًا بذلك
" !سافل "
داولت عينيها بينَ كليهما ولكن واحدًا منهما قد تلقى الطلقة من فاهها
شتمته وادبرت راحلة ..كانَ هو مصدومًا من هذا الموقف الذي وُضعَ فيه
أعاد بصره لكارينا وكان وجههُ يتلونُ من شدة الغضب، حينما شعرت كارينا بثورةِ أنفاسه رجعت للوراء خائفة وأخذت تعتذر..لكن فات الأوان
" !لو رأيتكُ أمامي مجددًا أقسمُ سأدفنكِ حية "
هذا هو الوجه الذي كانَ يتفادى اظهاره لها ولكنها هي التي جعلتهُ ينقلبُ هكذا
اندفعَ سريعًا نحو داخل القاعة يبحثُ عن مينا والتي لم يجد لها أثرًا
تساءل في سريرة نفسه إلى أينَ قد رحلت؟
" رأيتها تتجهه للخارج مسرعة..أتمنى بأن تصلح الأمر قبلَ أن يتطور الوضع أكثر "
وافى مارك والذي حثه على الاسراع بلحاقها
عندما خرجَ إلى موقف السيارات لم يجدها وهذا قد فاجئه زيادة، أخرج هاتفه وجعل يتصل عليها لكنها كانت تغلق الخط في وجهه باستمرار
يئسَ من المحاولة وأرجع الهاتف لجيبه..ثم لبثَ يتأمل الشارع مستنكرًا
..أليسَ من الغريب أن تنفعل هي لهذه الدرجة؟
.حيره ذلك كثيرًا لكنه لم يذرف المزيد من الوقت في حرثِ الاجابة، بل صعدَ سيارته وقاد إلى المنزل
___
معلش معلش يا كارينا على الدور المستفز اللي عطيتك له انتي تستحقي افضل من كذا
يلا سلام
.❤ولنتلقي
Bạn đang đọc truyện trên: AzTruyen.Top