13
_
..بعدما أزفت الشمسُ من مغربها
" والأن ماذا؟"
سأل العروس التي تجلسُ برأسٍ منتكس، ووجهٍ متربد. تحفها هالةٌ من الاستياء كامرأة منكوبة لا يفارقُ الحظ السيء محلهُ جنبها
..حط يديه بجيوبه، وراقبها من علو مُتململًا
بدت لهُ درامية جدًا ولذا سأل
تُرى، هل ستستمرُّ بشحنِ جوه بكل هذه الطاقة السلبية طوال الوقت هكذا؟
رفعت رأسها ببطءٍ إليه فبانَ القهرُ في عينيها الحزينتين
" ..أشعرُ أنني مذنبة، ضميري يؤنبني للغاية"
باحت ثم أنزلت رأسها من جديد
لم يقدر على حبسِ ضحكته الساخرة التي نفثها جانبًا
ثم أعادَ ترميمَ ملامحهِ التي ترسمُ الجدية
سمعت أنهُ جاء..وأنه افتعل جلبةً كي توقفي زواجكِ مني، أووه..أيعقل أن هذا ما قد أربككِ طوال الوقت؟ أيعقل أنكِ تشعرين بالذنب لأنكِ غدرتِ به مثلًا؟
كرهت كيف قد لوَّن كلماته بالسخرية اللاذعة
وجهت لهُ نظرة حادة لم تغير من تجهم وجهه، هو حتمًا بدا غاضبًا أكثر من أي مرة
ما الذي تهذي به أنت؟"
بالتأكيد كلا..لا يهمني أمر يوقيوم اطلاقًا
"!لكن ..أنا أشعر بالذنب لأجل هذه الكذبة التي اصطنعناها، وكيف سيؤثر ذلك على حياةِ طفلي في المستقبل
همهم بينما يهز رأسه بإيماءة..ثم أخذَ يذرعُ الصالةَ بينما يتحدثُ بلهجةٍ تهكمية
".. حسنًا، اذهبي واخبري يوقيوم بكل شيء وأريحي نفسك، لا بأس"
ثم توقف واستهدف عينيها بِسهامِ عينيه الجامحة
" هيا اذهبي وافسدي كل شيء "
" !!سيهون هذا يكفي "
وقفت بطولها وصرخت في وجههِ كما لم تفعل قبلًا، تفاجأ حد سكوته..وقد رفعَ حاجبه بأنفةٍ يُطالعها بدون أن يرف له جفنٍ حتى
:توترت بسبب ذلك وابتلعت ريقها تُرطب حلقها الذي جف فجأة ثم قالت بصوتٍ أخفض بكثير
" لا تزد همي من فضلك "
تبادلا نظرات صامتة لفترة شعرت خلالها بالقلق..لا تود منه أن ينفعل زيادة ويزيدَ الأمر سوءً عليها
أرادت منه أن يتفهم وضعها فقط، وأن يتوقف عن السخرية من حالها بهذا الشكل
!هي لن تذهب وتخبر أي أحد بأي شيء..لكنها بحاجةٍ إلى عيشِ هذه اللحظات السيئة كما هي، أن تبكي وأن تحزن وأن تشعر بالقلق
هي انسان..لا يمكنها حبسُ عواطفها طوال الوقت
ان فعلت ذلك أمام الناس فلن تستطيع أن تفعلَ ذلك أمام نفسها. كانت دائمًا تُصرح بالحزن عندما تنعزلُ عن الناس في بيتها، أي شقتها
!..وياللهول، لقد نسيت تمامًا أنها لم تعد تعيشُ وحدها
حسنًا عيشي كآبتكِ هذه واغمري نفسكِ بالأحزان والهموم كما تشائين، لكن اياكِ وأن تفعلي ذلك أمام أي أحد..هذا الأمر لا ينبغي أن يعلم به حتى أقربُ الناس إليك
حذرها بسبابته المشهرة كسلاح أمام وجهها ثم أشاحَ بكشحه راحلًا
لا تعلم لماذا قد شعرت بالصدمة من أسلوبه البغيض، أليس هذا هو أسلوبه بالفعل؟ لم يكن لطيفًا يومًا
كان دومًا وأبدًا رجلًا يهتم بمصلحةِ نفسه، حتى زواجه بها لم يكن لأجلها
يدهشها كيف أن الحياةَ دائمًا تجمعها بأردأ أنواع الرجال، أم أن كل الرجال هكذا؟
" بالطبع لن أفعل..ولا تكلمني هكذا لأنني لستُ طفلة"
توقف صوتُ خطواته عندما نددت صوتها قائلة ذلك، لم تتوقع منه أن يرجع أدراجه للوراء حتى يصبح أمامها من جديد
:أومأ عدة مرات وقال
.. لنَرى"
"بكل الأحوال غرفتكِ على يمين الممر، وداعًا
تلاشى في غضون ثواني معدودة، ثم سمعت صوتَ مقبض الباب ينفتح وينغلق
تنفست عميقًا واستقرت أكثر عندما لم يعد موجودًا حولها
لا تعلم كيف ستتشارك هذا المنزل مع هذا الرجل طوال الفترة القادمة، انه يشعرها بالاختناق فعليًا
ربما عليها أن لا تتحدث معه أبدًا..سيكون ذلك مريحًا على الأغلب
تجولت عينيها في أرجاء بيته الخاص، مُختلف كليًا عن بيتِ عائلته ذو الطابع العتيق والتقليدي..كانَ عصريًا وذو مساحة تأوي بضع أفراد فقط، أو فرد واحد حتى
أي أنهُ ليس كبيرًا بشكل مبالغ به، لكن توزيع الأثاث يجعلهُ يبدو شرِحًا. عجيب! كيف يمكن لمنزل المرء أن يكون أكثر راحةً منه؟.
---
قد يبدو للغير أن سرعةَ بديهته يعني أنهُ لا يأخذ وقتًا في التفكير عندما يكون وحده..كلا
هو يستغرقُ في افكاره دائمًا عندما يمكثُ بعيدًا عن الناس، ربما هذا ما جعلهُ يَرى الحياةَ من منظورٍ جدي
وبقدرِ ما يبدو متكاملًا كانت تنقصهُ الحيوية، والعفوية ..هو ليسَ عفويًا البتة، وكان حريصًا دومًا على تحكيمِ عواطفه، وتحجيمِ مشاعره
يعتقدُ الناس انه بلا أحساس..يشبهونه بأبيه العابس معظم الوقت
!ولا يعلمون أنهُ يمقت هذا التشبيه كثيرًا
انتشلهُ صوت طرق الباب من عبابِ موج أفكاره، استغرب ذلك وتساءل عن السبب
نهضَ ومشَى بخطى كسلى صوب الباب
وعندما فتحه..تفاجأ برؤيتها متلحفة بفستانها الأبيض
في الحقيقة..هو نفسه لم يبدل ملابسه، فقط انتزعَ سترته وبقيَ بقميصه الأبيض ..وبدون ربطة عنق بالطبع
وجدها مُرتكبة..كعادتها
!وكأن اسمَ مينا مُرتبط بالارتباك
" لقد..لقد حاولت ولكن فشلت"
نسجَ عقله عدة تآويل لجملتها هذه، وجميعها كانت سيئة..لذا سرعان ما أبدى الحذر على وجهه
"!ماذا؟"
أيعقل بأنها صرحت بالسر لأحدهم؟
فستاني..لم أستطع جر السحاب بشكلٍ كامل
لا أعرف يبدو أن وزني يزداد كل يوم!، عندما اشتريته كان قد لائمني تمامًا ولكنه ورطني اليوم عندما كنت أرتديه..حتى انني احتجت للمساعدة
!قصت له هذه الأقصوصة حتى يعلم بمقصدها وطلبها دون أن تطلبه، فقد كانت تشعرُ بالاحراج الشديد من هذا
عندما فهمت..تنفس بعمق وارتياح
حسنًا يبدو أن مخيلته قد أبدعت كثيرًا قبل قليل
أومأ بتفهم فاستدارت لكِي يجر السحاب الذي علق بالمنتصف
بطريقة ما سلسلة للغاية، بدا وكأنه يجيدُ فتح فساتين النساء، هذا ما خطرَ ببالها عندما شعرت بخفةِ أنامله وببطئ حركةِ يديه
أرعشها ذلك، وأرعشتها تلك الأصابع التي لامست بشرتها..هل تعمدَ فعل ذلك؟، ولماذا تركَ أصابعه تطبعُ بصمةَ وجودها رغم انه فرغَ بالفعل من فتحِ السحاب؟
استدارت سريعًا وابتسمت متوترة
" شكرًا لك "
حاولت قراءة تعابير وجهه الساهمة تلكَ سريعًا، وعندما لم تجد ردًا منه غيرَ النظرِ في عينيها بصمتٍ قررت الانسحاب
كانت عينيه تتبعها حتى لحظة ولوجها الغرفة، واغلاقها الباب ببطء كي تَرى ان كان بالفعل يلاحقُها ببصره أم لا
عثرت على الاجابة وكانت نعم
" ليلة سعيدة"
حتى تخفي ارتباكها الجنوني قررت الضحك ببلاهة والتلويح له
" ليلة سعيدة "
بادلها الرد بعد كل هذا الصمت، ثم انزوى كل واحدٍ في حجرته
نظراته لم تكن مريحة..ظلت تتبعها في كل ركنٍ من أركان الغرفة
كانت احاسيسها تجاه نظراته السابقة تتنبأ بأنه سيستهدفها ذات يوم كفريسة، هو لن يلتزم بعهدِ زواجهما المزيف! بل سيقربها بحجةِ أنه زوجها وحينها لن تكون قادرة على الاحتجاج ضده
بينما عقلها يخبرها بأنه لن يفعل، هو يبدو كرجلٍ بكبرياء سامق..كبريائه هذا لن يجعلهُ يعيدَ كرةَ تقربه منها
!!إلا ان استدرجها إليه فهذا شيء أخر
تعبت من كل هذه الافكارِ التي تهاجمها بتواتر..بالكادِ يصفو ذهنها من كل شيء، تعبت بحق وقررت أن تأخذ حمامًا دافئًا ثم تنعمُ بنوم هادئ، كما تتمنى على الأقل
في حينِ أنه كانَ يهزأ من نفسه وحيدًا، هل في لحظةٍ مخطوفة من المنطق هو قد فقدَ عقله الذي ضاعَ شريدًا في تضاريس جسدها؟
..بالكاد لم يرى إلا ظهرها فقط
لكن الفستان كانُ يشد على انحناءِ خصرها بطريقة تُثيرُ فضوله وحيرته، كيف لها أن تملكَ جسدًا يتضرج بالأنوثة هذا الحد؟ وكيفَ لها أن تكون قريبة لكن ممنوعة عليه هذا الحد بيد أنها حلالٌ عليه في الوقت نفسه؟
عليه أن يغض البصر عنها....جمالها سيء يؤذي كرامةَ الرجل المُترفع داخله، لن يركعَ أمامها ولن يعتلي من تعالت عليه
.هذا هو الحد الفاصل الذي لن يتخطاهُ يومًا، كما يظن في هذا الوقت على الأقل
~
استيقظت صباحًا على معدة فارغة جعلتها تهرعُ سريعًا قاصدة المطبخ لكنها تفاجأت عندما وجدت سيهون جالسًا أمامَ مائدة افطار تبدو شهيةً جدًا، وكانت تلبث امرأة في أوخر الاربعين تقريبًا وراء بارِ المطبخ تجهزُ القهوةَ لأجله
" ..أوه"
تسمرت في محلها جاحظة العينين، وقد كانَ مظهرها الأشعث لطيفًا جدًا..بوجهٍ صافي كسماءِ الضُحى
:ضحكَ كليهما عليها دون قصد، ثم صبّحت تلك المرأة عليها قائلة
" صباح الخير سيدة أوه، كنتُ ذاهبة لايقاظكِ لكن السيد أخبرني بأنه سيذهب بنفسه لايقاظكِ بعد قليل"
أومأت ببطء وطلائع الحيرة بدت جليةً على محياها
" ..آه صباح الخير"
هكذا اجابت فيما ظل حاجبيها يتآزفانِ كمن يحتاجُ لمعرفة اجابةٍ على سؤالٍ يلوحُ أعلى رأسه
ولذا بادر سيهون بالتعريف عنها
" انها السيدة لي جو هي وهي تكون مدبرة المنزل خاصتي"
" اهاا"
فغر فاهها كدلالةٍ على استيعابها ثم وبسرعةٍ مشت صوبها وأخذت تصافحها وتحييها بحفاوة وسعادة، ثم انصب تركيزها على أطباق وجبة الفطور المتنوعة والشهية
لم تستطع السيطرة على تعابيرها في تلك اللحظة وسارعت بإزاحة الكرسي والجلوس لتنقض على شطائر الجبنة واللحم المرتصة في صحنٍ كبير
انغشلت السيدة لي بمشاهدةِ هذه الشابة بدهشة، أدهشها كيف كانت لطيفة ومتواضعة جدًا عندما حيتها منذ قليل..والأن تبدو وكأنها لم تأكل منذ أسبوع، ونتيجةً لذلك نسيت تمامًا أمر القهوة التي تُجهزها
وكذا كانَ سيهون مدهوشًا من شراهةِ زوجته، لكن وعلى الرغم من ذلك لم يبدو مظهرها مزعجًا بل طريفًا حد أنه قد كمم فاهه ضاحكًا عندما انتبهت لنفسها وابتسمت ببلاهةٍ لهما
وفي حين انشغال المُدبرة بأعمالها الأخرى دنت مينا نحوه هامسة
" !أنا آكل لشخصين تذكر هذا"
" ..أعلم أعلم"
أشار بكفه أن لا تُبالي وأن تأكل براحتها
ثم وبعدما انتهيا من وجبة الافطار أخذت تلملم الأطباق مع المدبرة والتي أبدت رفضها لذلك على الفور
" لا يا عزيزتي أنتِ اذهبي واجلسي برفقةِ زوجكِ هناك وأنا سأقوم بكل شيء "
باءت محاولاتها بمساعدة المدبرة بالفشل فهذه تكون وظيفتها ولأجل ذلك تحصلُ على اجرها، لذا مشت باتجاه الأريكة حيثُ يجلس سيهون مقابلًا التلفاز ولبثت جواره..بالطبع قد حافظت على تركِ مسافةٍ بينهما
" هذه وظيفتها سيدة آوه "
:علق دون النظر إليها وقد فعلت المثل قائلة
" وأنا لم أعتد على أن يخدمني أي أحد قبلًا"
:حينها التفت ونطقَ مُستغربًا
" أتقولين بأنكِ تهتمين بأمور شقتكِ بنفسك؟"
:التفت هي نحوه وأردفت ترسمُ تعابيرًا مُتباهية
" أجل، أنا أقوم بكل شيء وحدي"
" واو..كيف تجدين فرصةً للتنظيف والترتيب بينما أنتِ مشغولة طوال الوقت؟"
" النساء يستطعن القيام بعدة أمور في وقت واحد لا تستغرب "
دحرجَ مقله وأشاح ببصره هازئًا
" عادت المرأة النسوية من جديد "
".. لم أختفي لأعود..ثم أنني لستُ نسوية أنا فقط مجرد امرأة تـ"
أومأ عدة مرات يُسكتها بينهما ينهض من محله، وقد فغرَ فاهها دهشةً من تصرفه الوقحِ هذا
ثم هزت رأسها بقلةِ حيلة..ما كان عليها الجلوس برفقته أبدًا، ربما فعلت ذلك فقط لأن المدبرة قد اقترحت عليها ..لكنها بالطبع لم تكن لتجس بجوار رجلٍ بغيض مثله
.!زوجها المُزيف
_
مضَى بقية اليوم بهدوء..تناولا الغداء الذي حضرته المُدبرة معًا لكن بالنسبةِ للعشاء فقد تناولته وحدها لانه اختفى في ذلك الوقت
تساءلت أين قد ذهب ولماذا لم يخبرها بأنهُ سيخرج ؟
هي لم تتقمص دور الزوجة أبدًا، انما هي فقط تشعرُ بالغرابة ولا يروقها أن تتشاركَ البيت مع شخصٍ يتجاهل وجودها تمامًا
هل ستفعل المثل عندما تحتاجُ الخروج؟ هو يعطيها تصريحًا لتتصرف كما تشاء بفعلته هذه
ثم أنه قد أخذ اجازةً من عمله، ما الذي يفعلهُ في الخارج اذًا؟
زفرت بعمق وقررت طردَ كل تلك الافكار من رأسها عندما هزته بانزعاج
وقبل اكمالها لصحنها سمعت صوتَ الباب، وصوتَ خطواته الذي أخذَ يرتفع مع مضيه نحو الصالة
وكأنها غير موجودة..عبرَ من جانبها باتجاه المطبخ ليأخذ كوب ماء، ثم أخذ يمشي شطرَ غرفته
" !!سيهون"
لم تحتمل كبتَ انزعاجها منه لذا هبت واقفة وندهت عليه بعلو
توقف عن السير واستدار يرمقها متعجبًا
ماذا..هل ستسأله إلى أين قد ذهب؟ أم ستعاتبه لأنه لم يحترم وجودها؟
هو وبكل تأكيد سيقولُ كلامًا ينغصُ عليها عيشتها كرد
:ولذا ابتلعت ريقها وخففت من غضبها قائلة
" كنتُ أريد أن أسألكَ ان كنتَ قد تناولت عشاءكَ أم لا؟"
ولأنه قد عاشَ وحيدًا لفترة طويلة ما توقع أن يسمع سؤالًا كهذا من أحدٍ غير أمه، والتي لا تقطن معه بالأساس! هي فقط تزوره أحيانًا وتبيت عنده لبضعةِ أيام
" لا ولكنني لا أشعر بالجوع ..شكرًا على سؤالك، عمتِ مساءً "
تحدث برسمية شديدة وأكمل خطاهَ نحو غرفته، شعرت برغبة ملحة في سؤاله عن سبب مغادرته للمنزل لكن لم تقدر في النهاية
..هذا لا يحق لها بكل الأحوال
.عليها من الأن فصاعدًا أن تعمل جاهدة على تجاهلة تمامًا كما يفعل هو
_
" !مارك ما الذي تظن نفسكَ فاعلًا بقدومكَ إلى منزلي في هذه الساعة ؟"
..قبل دقائق معدودة من الأن
تردد صوتُ جرس الباب في أرجاء الصالة، مما دفعَ المدبرة الى تركِ عملها في المطبخ والقدوم سريعًا لترى من في الباب
عندما أجاب عليها هرعت لتخبر سيد البيت والذي رجع لغرفته كي يستحم ويبدل ملابسه بعدما فتح الباب لأجلها
" !ماذا؟ مارك هنا؟"
تأفف منزعجًا وسارع باغلاق باب غرفته وراءه حتى لا تَرى ما بداخلها وتكتشف أنه وزوجته لا يتشاركانِ الغرفة ذاتها
هو قد أخبرها منذ الأمس أن لا تنظف غرفته لأن مينا تحب فعل ذلك بنفسها، فصدقته وتفهمت ذلك
حتى يحافظا على هذه الكذبة ينبغي عليهما أن يكونا حريصين طوال الوقت، لكن وكما يبدو أنه هو وحده الحريص على تغطية كل جوانبِ خدعتهما حتى لا تنكشف
دلف مارك بعدما استقبله سيهون بوجهه الجامد، لم يهتم لذلك فهو معتاد على شحِّ لطف صديقه هذا
جلسَ على الأريكة وطرحَ الايباد الذي جلبه بحوزته على الطاولة ليريه أمرًا مهمًا جاء لأجله
" صدقني لو لم يكن الأمر بهذه الأهمية لما جئتُ أداهم بيت صديقي المتزوج حديثًا "
همم الأخر جالسًا على الكرسي المجاور، وقد بدا عليه أنه لا يصدقُ حرفًا مما يقوله صديقه
" آوه أهلًا مارك "
تعالى صوتُ مينا المندهشة من رؤيته هنا اليوم فلتفتَ ليراها تغلقُ باب الغرفةِ وراءها قبل سيرها باتجاهِ طاولة الطعام
" أهلًا سيدة آوه "
لم يرد التحية مباشرةً لأنه ضاعَ في أزقة تساؤلاته عندما تنبه لشيء ما
لكنهُ أخفى تعجبه هذا جيدًا وشرعَ يمرر اصابعه على شاشة الأيباد كي يفتح الصور والموقع المقصود
" تعال لتتناول الافطار معنا "
دعته مينا باسمة فأومأ بالموافقة بينما يحاول رسمَ ابتسامةٍ تلون وجهه الذي تربد
وعندما اتخذ لهُ موضعًا عندَ الطاولة بادرَ بالحديث عن الموضوع الذي جاء لأجله
" أعلم أن هذا لن يروقك، ولكن أمكَ هي التي أمرتني باخفاء الأمر قبلًا واخباركَ به بعد الزواج ليكون كهديةٍ مفاجئة لكما"
تحمست مينا لمعرفة ماهية الهدية، عكسَ سيهون الذي بدى ملولًا للغاية
" اختصر من فضلك "
قال يرتشف من فنجانه، انزعجت مينا من فظاظته لكنها لم تتدخل فقط زمت شفتيها مستاءة
" حسنًا..قامت السيدة آوه والدتك بتنسيق هذه الرحلة إلى جزر المالديف كي تنعما بشهرِ عسل هناك"
" !ماذا ؟"
طرقَ قعرَ الفنجان بقوة مما جعل مارك يرتعش، هو حتمًا كادَ يكسره من فرطِ الغضب
تجمدت مينا في محلها ولم تحبذ قول أي حرف
وقد تمنت لو أنه قام بالسيطرة على ردةِ فعله أمام صديقه، والذي بدا مُستغربًا جدًا
" مابك ؟ لماذا انزعجت لهذه الدرجة؟"
تبادل سيهون ومينا النظرات في تلك اللحظة
لقد ظل يحذرها مرارًا وتكرارًا حتى لا تفضحَ شيئًا.. ولكنه الأن على وشكِ أن يفسدَ كل شيء
" فقط كما تعلم، لا أحب هذا النوع من المفاجآت"
أخفض صوته وحركَ عينيه سريعًا في الأرجاء حتى لا يحاول مارك استقطاب وفهم أي شيء منه
حينها تدخلت مينا لضرورية ذلك بينما تدعي الفرحةَ بصوتها وتعابيرها
" سيكون ذلك رائعًا جدًا، أما ممتنة للغاية لأنها قد فكرت بسعادتنا وراحتنا..هيا أكمل واشرح لنا المزيد عن الرحلة "
فضل لحظتها توجيه دفةَ الحديث لمينا وتركِ صديقه الذي فارَ يهدأ
:وبمجرد مغادرته المنزل وصعوده السيارة طرح السؤال على نفسه متعجبًا
." لماذا خرجت من غرفةٍ أخرى؟"
______
الصورة مشابهة للحدث اللي صار فوق
.❤يلا سلام ولنلتقي
Bạn đang đọc truyện trên: AzTruyen.Top