23
_____
بزغتِ الشمس، فشعشعَ ضوؤها
وامدت خيوط أشعتها في ارجاء السماء
قد يستيقظُ البعض كُسالى، أو نشطين
أو حتى لا يستيقظون ويبقون نائمينَ لفترةٍ أطول
لكن بالنسبةِ لسيهون، فقد استفاقَ من نومهِ مذهولًا
!حينما وجدَ نفسهُ مطوِقًا لجسدَ زوجته الملاصق له تمامًا، على سريرٍ واحد
ليس وكأنها المرةُ الأولى التي يتشاركانِ فيها السرير نفسه، لكن سابقًا..ما تجاوز أحدهما منطقةَ الأخر الخاصة ولا تعدّى حدوده الشخصية
كانت كأي مشاركة، كإثنين يتشاركانِ الطبق أو سماعتي الأذن..شيء كهذا، لا يمسُّ بتحفظاتِ شخصهِ أبدًا
ما اعتقدَ أن بقاءهُ رفقتها طوال الوقتِ بالأمس سيؤدي في النهاية لأن يغفلَ وينسى نفسهُ جنبها
أخر ما يتذكرهُ هو أنها نامت بعدما تناولت القليل فقط من وجبةِ العشاء، حينها تسلل خارجًا لكِي يلقي نظرةً على حاسوبه المحمول ويرى أخر مستجداتِ العمل
أيضًا هاتفه، رغبَ بتفقدِ كل الرسائل التي جاءَته خلال الساعاتِ القادمة، والاتصالاتُ التي ملأت سجل المكالماتِ والتي لم يتم الرد عليها، وهو كالعادةِ يبقيه على وضعٍ صامت
ومن بينِ حشدٍ من الاتصالات والرسائل ألفى اتصالًا ثم رسالة من مساعدة مينا تشوي ليا
تخبره بلزومِ رده عليها، كدلالةٍ على وجودِ أمرٍ ضروري تود اخباره به
تآزف حاجبيه، وشيء من القلقِ قد أشغل باله
ليا يعني بأن الأمر متعلقٌ بمينا، أو بعملها بالأصح
تركَ كل شيء فجأةً عندما رآها تطل عليه من الجدار حيثُ المنعطف، بينما يمكثُ هو بالصالة
" هل تحتاجين شيئًا ما؟"
:سأل وقد أجابته بصوتٍ خفيض خجلة
" ..أحتاجك"
رمشَ متفاجئًا لكنه لم يحاول ابداء تعابيرَ التفاجؤ على وجهه حتى لا تشعرَ بمزيدٍ من الاحراج، فتهادى بخطاهُ إليها وسأل مرةً أخرى واضعًا كفيه بجيوبه
" ..تفضلي "
توترت تجول بعينيها الأرجاء، ورغم خفوتِ الانارة كانت كل تفاصيلها المذهلة جلية، حتى التعبُ لم يخفي جمالها الأسر عن عينيه
" ..بت أرى الكوابيس كلما اغفو"
اعترفت له بحقيقةٍ دستها عنه قبلًا، فأدركَ سبب عدمَ استغراقها كفايةً عندما تنام
" لكن عندما يكون أحدهم بجانبي لا أشعر بذلك القدر من الخوف "
وبدلًا من قولها بصراحة ' أنتَ بجانبي ' أبقت الضمير مجهولًا، وهو أذكى من أن لا يفهم
" اسبقيني..سأغلقُ أجهزتي ثم أعود"
أسفة لأنني أرهقكَ معي، سأتحسن قريبًا"
"أعدكَ بذلك
قولها لهذه الجملةِ قد عنَى له الكثير، فقد خشيَ أن تستمر حالتها لفترةٍ طويلة..لكن عندما تقول بنفسها أنها ستتحسن، هذا يعني رغبتها بذلك وأنها ستفعل ما بوسعها لتعودَ إلى سابق عهدها
أهم علاجٌ يتلقاهُ المرءُ هو دواءُ النفس، عندما تتخاطبُ مع نفسكَ يغدو العلاجُ أسرع وأسهل
عندما تُقنعُ تلك النفس بالتعافي ستتعافَى تِبعًا لذلك
ابتسمَ وهز رأسه جاعلًا الطمأنينة تختلجها
فنفذت أمره تُطأطئ رأسها بحياء وسارت قبله تجاه غرفتها
عَلِمَ أنه لن يهنأ بنومٍ عميق لأنه لا يرتاحُ في سرير غير سريره أبدًا، ولا يحبذ أن يغفو ويستقيظ مجاورًا أحدهم في السرير
!حتى في تلك الليالي التي جمعتُه مع نساء غيرها، ما كانَ يخلدُ الى النوم..دائمًا يستيقظن ويجدنَ محله شاغرًا، يختفي وكأنه شبح
لكنه لم يتوقع أن الأمر سيكون مختلفًا بالنسبةِ لمينا، رغم أنه حافظَ على بقائه في الطرف ليلًا..ألفى نفسهُ عندها صباحًا، ربما لأن سريرها أضيق من خاصته؟ وربما هو يضعُ لنفسه مبرراتٍ تجعله قادرًا على الغفرانِ لمبادئه التي خانته الليلة الفائتة
وكل هذه الأفكارُ تذهبُ هباءً منثورًا عندما يتأملها نائمة بكل سكينة، وكأنهُ دَعى في سريرةِ نفسه أن يُبقي الرب هذه السكينةَ نازلةً في قلبها
ثم هب مستعدًا لبدء يومه..الذي ابتدأ باستقباله للمدبرة
هي تعرف بما حدث لزوجته، وقد طلبَ منها العنايةَ بها والبقاء لفترةٍ أطول بالمنزل، وستتلقى أجرها على ذلك بكل تأكيد، رغم أنها رفضت..لكنه أصر
أضافت فنجانَ القهوةِ كأخر شيء على مجموعة الأطباق الموجودةِ فوق الطاولة، وقد جاء هو حثيثًا يولجُ زر سترته في العروة
:ارتشفَ من فنجانه القليل بينما يمرر ابهامه على شاشةِ هاتفه بسرعة، وفي أثناء كل هذه العجلةِ حدثها قائلًا
" لا تنسي أن تطلي عليها بينَ الحين والأخر ..وقومي بحثها على تناول وجباتها "
" بكل تأكيد سيد أوه..ولكن ماذا عنك ألن تأكل؟"
:رأته يلملمُ هاتفه وحقيبته راحلًا، وقبل أن ينسل من فتحهِ بيته نوّه
" أنا بخير لا تقلقي بشأني..
ولا تترددي بالاتصال علي في حالةِ حدوث أي شيء أو احتياجكما لأي شيء "
.ثم انفتل
_
لقد حدثت مشكلة عويصة سيد آوه"
هاتفُ رئيستي مغلق على الدوام، وفي الحقيقة لم أشعر أن باستطاعي اعلامها بكل هذه الفوضى التي حدثت بغيابها..أظن أن حالتها لا تسمحُ لها بسماعِ أخبارٍ سيئة كهذه
رمشَ متفاجئًا رغمَ ثبوتِ كل ملمحٍ من ملامحِ وجهه، بينما يجلسُ ازاءها أمامَ احدى طاولاتِ المقهى الذي ينضوي لمبنى شركةِ كاميليا'ز بيوتي
هو ركنٌ صغير خُصص للاستراحة بالنسبةِ للموظفين وأيضًا لخدمة العملاء والزائرين
هاهو ذا يتركُ جميعَ أعماله الاخرى ويبدأ يومه بمقابلته ليا
" اخبريني آنسة تشوي بكل التفاصيل "
من دونِ ذرفِ وقتٍ في ابداء التعابير المتفاجئة اقتضبَ كعادته وطلبَ منها الشروعَ في تفصيل مجرياتِ الأيام الفائتة
أومات له وأخبرته بأن "الموظفين العاملين بالمصنع قد قاموا بصناعة قطع ردئية في أخر دفعةٍ قدموها للسوق، وقد وصلت الشكوى لبعض المحلات من قبلِ العملاء على نقص جودةِ المنتج
ثم بدأ أصحاب المحلات باجراء الاتصالات وبعث مندوبيهم إلينا لكن لأن الرئيسة لم تكن موجودة، صعبَ علي التوصل إلى أي حلول معهم..حاولتُ اخبارهم بأننا سنقوم بتعويضهم ببضاعة أخرى لكنهم شرعوا بالرفض، وأخبرونا أنهم يودون الحصول على التعويضات
لا أعرف ماذا أفعل، هناك الكثير من الخسائر وبالمقابل لا أستطيعُ التفاهمَ مع العمال الذين يستمرون بالانكار، لا طردهم ولا معاقبتهم
"كل تلك الصلاحيات تعودُ للرئيسة فقط ولا يحق لأحدٍ القيام بأي شيء دون الرجوعِ إليها
كيفَ حدث كل هذا دون معرفتكم؟ كيفَ لم تقوموا بعمل كشفٍ دوري على البضاعةِ قبل تصديرها للمحلات؟ هل تضعونَ كل شيء على عاتقها فقط؟ هل غيابها لبضع أيام يجعلكم في حالة فوضى وكأنكم في روض الأطفال؟
رغمَ عدم رفعه لمستوى صوته، كان انفعاله واضحًا
فيما شعرت هي بأن عتابه يجلدها خصيصًا رغم انهُ لا يختصها بكلماته
" اعتذر سيدي..في حقيقة الأمر بدأ العمال بالتهاون منذ فترة، لقد فعلوا هذا باتفاقٍ منهم..وكأنها حملة ضد الرئيسة، رغم أنها لم تقصر عليهم بأي شيء ..لا بالنسبة للاجازات ولا حتى الرواتب، سبقَ وقد قاموا بطلبِ رفع رواتبهم قبلًا لكنها أخبرتهم بكل وضوح أن ذلك غير ممكن
حملة ضد الرئيسة..يبدو الأمر أكثر وضوحًا الأن بالنسبةِ إليه
" لنذهب ولنلقي نظرةً على أولئكَ العمال اذًا "
قال بحزمٍ وضوح فأجابته بإيماءة وكأنها تتلقى الأوامر منه، في الحقيقة إن هالتهُ وحدها تجلبُ الرهبة إليها وقد وضعت احتمالًا أن العمال سيشعرونَ بالمثل لو رأوه متمثلًا أمامهم بنفسه.
_
" ما سبب فعلهم لشيء كهذا ؟"
سأل مارك والذي أخذ يناقشُ سيهون الجالسَ وراء طاولةِ مكتبه، يسهبُ بصره في العدم..بينما تجولُ مئآت الأفكار برأسه، وجميعها تنعَى بالخراب
هل تتساءل حتى؟ مينا قد شاركت في دعمٍ نسائي لقضية الفتاة المغتصبة، تلك القضية التي تعالى صداها في كل الاعلام، أتذكر كيفَ قد انفجرَ الرجال حينها غاضبين من تلك الحملات النسوية! ..اعتقد أن الحثالة الموجودينَ في المصنع يتضامنون بشكلٍ ما مع الذكور الغاضبين
هي لم تخبره بذلك لكنهُ كان على علمٍ بمجريات تلك القضية والتي تحولت لقضية رأي عام في وقتٍ ما
كان اسمها متصدرًا مع عدة نساء أخريات ذوات اسماء بارزة اما في السوق أو في مجالاتٍ أخرى، وقد شارك جميعهن في دعمِ هذه الحملات لأجل استرداد حق الضحية لا أكثر
بينما ظل الذكور يتضامنون معًا ومع المتهم الذي يُبرئ نفسه ويلقي باللوم على الضحية قائلًا بأنها هي التي استدرجته وأن كل ما تقوم به الأن هو محضُ دراما لكِي يدفعَ مبلغًا طائلًا؛ هذا ولأنهُ أحد الرجال ذوي الجيوب الملأى بالمال، وقد كانَ ممثلًا مرموقًا في المجال الفني..لكن بفعلته هذه قد خسرَ صيته واحترام الناس له
اختلفَ رأي الناس كثيرًا وفي نهاية الأمر قرر القضاء الحكم عليه بالحبس لمدة أشهر معدودة فقط وهذا ما قد أثار النسويات ليطالبن بحق الفتاة المظلومة
والحقيقة بأن جميعهن قد تضامن معها لا لنصرتها فقط بل لنصرة كل امرأة أخرى قد تعرضت لموقف مماثل، وحتى لا تخشى الأخريات من المطالبة بحقهن مهما كان الأمر عسيرًا عليهن
في مجتمع كهذا..تحسبُ الضحية ألف حسابٍ لما قد يقوله الناس عنها، وكيف سيلطخون اسمها بالعار بعد رميها بالاتهامات الباطلة، ما ساعدَ الضحية المعنية بالقضية إلا طلبها لتضامن النساء عبرَ منصات التواصل الاجتماعي
وعلى الرغم من دعمِ مينا سابقًا لقضية هذه الشابة، لم تستطع أبدًا المطالبة بأخذ حقها من يوقيوم لاضعفًا أو خوفًا منه، بل لأنها تحسبُ حسابًا لكل ماهو حولها .لا المجتمع بل حياتها العملية وذلك المشروع الذي بدأت شركتها بالعمل عليه..وكل أولئكَ المشاركين به، لقد فكرت بكل هذا
استسلامها كانَ تضحية لأجل بقاءِ ما هو أكبر، لقد فهمَ سيهون ذلكَ بنفسه..ولذا لم يطرح عليها سؤالًا سخيفًا كـ' لماذا لم ترفعي قضيةً عليه ؟' أو ' لماذا لم تقومي بتبليغ الشرطة عما فعل ' ؟
" !ولكن هذا حدث منذ عدة أشهر "
" ..أشهر بعمرِ خلل جودة البضاعة الجديدة"
قال يطرقُ بقلمه سطحَ الطاولة والغضبُ يعتريه كله
" واو..لقد تذكرت للتو أننا قد ساهمنا بالمشروع!، دائمًا ما يصدقُ احساسكَ الأولي تجاه أي عمل نقدمُ عليه "
في الحقيقة لم يكن يهمهُ مقدار الخسارة الضئيل الذي سيمس بهم، هذا ولأن الدعمَ المالي الذي قدمه لمشروعها لم يكن من مالِ الشركة الخاص..الأمر هين
المشكلة هي بأنهُ ليس المشارك الوحيد، غير الخسائر الأخرى..والأهم بكل هذا تزامنُ هذه المصيبة بالمصيبة الحقيقية الواقعة فيها هي
" ينبغي عليكَ حثها على العودة يا سيد آوه"
هذا ما اقترحه مارك بخلافِ سيهون والذي أخذ يفكرُ بشيء أخر مختلف
" كلا، علمها بكل هذا في الوقت الحالي سيزيدُ حالتها سوءً"
:اندفع مارك متكأ بكوعه على الطاولة ثم سأل باهتمامٍ جلي
" اذًا، ما الذي تفكرُ به سيد آوه؟"
وقد ارتسمت ابتسامة مائلة على شفتيه، بينما تعبثُ أصابعه بذلكَ السكين الذهبي الموضوع على الطاولة، رغم أنهُ لا يعتبر سلاحًا إلا أنه قد يستخدم كسلاح، وكانت الطريقة الذي جعلهُ يقدُّ بها مجموعة الأوراق القابعة أمامه تبينُ سوداوية أفكاره في تلك اللحظة
عندما تطرأ تلك الأفكار عليه..ما من أحدٍ قادر على ردعه، الجانبُ المظلم منه يتجلى
.وقد يعمل بمبادئه الخاصة، والتي يمكن أن لا تتوافق أبدًا مع مبادئ مينا
_
" جهزي الأوراق واخبريني لأتي وأقلكِ معي إلى المنزل"
شعرت ليا بقدرٍ كبير من التوتر، لكنها لم ترى حلًا أفضل لهذه المعضلة من الحل الذي اقترحه سيهون عليها
ترى أهمية وجوبَ تدخله، فأحيانًا تتطلبُ بعض المواقف حضورَ الرجال فيها، الرجال الذين لا يرأفونَ برجالٍ مثلهم ..ففي الحروب قديمًا، ما عاركَ الرجالُ إلا الرجال..وربما قد تحدث بعض التدخلات النسائية في حالات نادرة، أما في الوقت حالي..فيمكن للنساءِ أن يعاركوا رجالًا
!لكن عليهن أن يكن أكثرَ صرامةً بكثير من مينا، وربما أكثرَ وحشية
..عندما رجعَ إلى المنزل برفقةِ ليا
ألفى سانا جالسة برفقتها على الأريكة، بينما كانت هي شبه مستلقية تتغطى بملاءةٍ سميكةَ النسيج، تبعثُ لها الدف اللازم
شعرَ بقدرٍ من الانزعاج عندما رأها، ليس بسبب أخر موقفٍ بينهما أو بسبب تلك المشاحنات التي تجري بينهما في كل لقاء..بل لأنها قد تتدخل بطريقةٍ ما في الشيء الذي جاءَ به إلى مينا
لم يقدر على تحيتها، لكن ليا فعلت واندفعت تطوق الاثنتين بحضنها
" كيفَ حالكِ رئيستي؟ هل تشعرين بتحسن؟"
ملامحها باهتة، ووجهها بِه شحوبٍ مُقلق لكنها ردت عليها بإيماءة تخُالف تمامًا شعورها الداخلي
بقدر ما تخبر الجميع أنها قادرة على التحسن، لا يختلجها أي شعور يدفعها إلى التحسن..هناك تقوضٌ داخلي يحدثُ داخل عمائر نفسها، كل ما كانَ شاهق يتهيلُ كما تتهيلُ المدنُ عندما تقصفها ذخائر الطائرات الحربية
" وانتِ سانا ..ما أخبارك؟"
ابتسمت لها وردت عليها ثم حولت بصرها لذلك الذي جلسَ على الكرسي دونَ أن يبادرَ بإلقاءِ التحية
" ماذا؟ أليس مرحبٌ بي داخل منزلك ؟"
شعرت بوخز سبابةِ مينا لها
تحثها على أن لا تبدأ بشحنِ شجارٍ مع سيهون، والذي تجاهلَ تمامًا ما قالته واستطردَ بحديثه
" مينا..هناك أمرٌ مهم جئنا لاعلامكِ به أنا والآنسة تشوي، هل لنا أن نتحدث على انفراد؟ "
كلمة انفراد تلك قد استفزت سانا وجعلتها تتأبط ذراعَ مينا
" ..انا ومينا واحد"
قالت تعشو ببصرها إليه، وقد ابتسمت مينا ابتسامةً صادقة للمرةِ الأولى بعدَ كل هذه الفترة من تيبس شفتيها
والسبب يعودُ للطريقة التي تبادل الاثنين بها نظرات ضيقة وكأنهما أطفال صغار
عندما لحظت عيني سيهون ابتسامتها تلك، لم يحب أبدًا خوضَ أي شجار مع سانا..ولو أرادت الالتصاقَ بها فلتفعل، ظانًا أن سبب ابتسامتها هو غيرة سانا الواضحة عليها
" ..حسنًا"
:اطلقَ زفرةً واهنة ثم أردف
في الحقيقة أخبرتني الآنسة تشوي بأن شركتكم تمر ببعض المشاكل البسيطة والتي يُمكن أن لا تقدري على حلها الأن بسبب غيابكِ عن العمل لأجل الظرف الذي تمرين به، فاقترحت علي مساعدتكِ الآنسة تشوي أن أتولى أنا ذلك وأن أقوم بحل تلك المشاكل فمعظمها يتعلق بالامور المالية والتي تكون من اختصاصي
ثم أشر بكفه المبسوطة والممدوةَ تجاهَ ليا، والتي فهمت مقصده من تلك الايماءة على الفور مما دفعها لاخراجِ ملف الأوراق من حقيبتها
لكن لا أستطيع فعل أي شيء الا بالحصول على اذنكِ تصريحك؛ ولذا قامت الآنسة تشوي بطباعةِ هذه الأوراق والتي ينبغي عليكِ توقعيها بما أنكِ الرئيسة والمديرة التنفيذية للشركة
تابعت مينا عينيها كل شيء بصمتٍ تستر وراءه دهشةً كبيرة واستنكارًا لكيف قد حدثت هذه المشاكل التي يتحدثون عنها بهذه السرعة، لكن وعلى الرغم من كل هذا الاستنكار بداخلها لم تقدر على طرحِ سؤالٍ واحد حيثُ أن الأمر بدا وكأنه يشكلُ ضغطًا اضافيًا كبيرًا عليها ليزيدَ حالتها سوءً لا أكثر
:مدت ليا الاوراق التي اسفرت عنها من داخل الملف الورقي، فأخذها ثم مدها إليها مُؤكدًا
" لن استطيع التصرف وحل الأمور بسرعة اذا لم أحصل على الصلاحية منكِ "
لم تقل شيئًا، كانَ الهوانُ يكسو نظراتَ عينيها المكسورتين، وكل ما أطلقته هو زفرةٌ فاترة تبعها اخذها للأوراق منه
وقد جهزَ هو القلمَ الذي أشهرهُ من جيبِ سترته قبل ثواني
وأما عن سانا، فقد ظلت متحيرة..والشكوك تحوم حول رأسها
لم تكن مرتاحةً لفكرة أن يتدخل سيهون في عملها، ولذا وسوست قربَ اذنها فيما كانت هي تقرأ الأوراق وتقلبها باهتمامٍ شحيح
" لا تتسرعي..لا تثقي به بسهولة "
:وقد ردت مينا عليها بهمسٍ مشابه
" وهل أتركُ شركة خالتي تتدمر؟ ..ليس بحوزتي خيارٌ أخر"
وفي الحقيقة، ما كانت تشعر مينا ولو بجزءٍ قليل من التوجس منه..وكأن الأيام الماضية التي جمعت بينهما أكدت بأنه رجلٌ موثوق به، ولم يستغلها حتى الأن ولا بأي شكلٍ من الأشكال
كل شيء بينهما كانَ واضحًا، لم يكذب أحدهما على الأخر..ولم يخبئ أحدهما شيئًا عن الأخر..لا لأنهما مقربان، بل لأن علاقتهما هذه قد بدأت بكل رسمية، وباتفاقٍ لم يتم المساس به حتى الأن
الثقةُ بالرجالِ أمرٌ مكروه، لكنها مضطرةوسيهون لا يوحي لها بأنه واحدٌ من أولئكَ الغدارين
ثم أنها لا تشعر داخليًا بأن لها القدرة على العودة عما قريب، وكأن كل شيء في الحياةِ لا يعنيها
عندما وقعت على جميع الأوراق، أرجعتها له
:ثم هبت واقفة واعتذرت من جميعهم بصوتٍ باهت
" أود الاسترخاء على السرير..ارجو المعذرة "
وبعدها اختفت تُغلقُ بابها..لتشعرَ باختناقٍ شديد، جعل من رغبتها في البكاء تعودُ مرةً أخرى
.وهذا قد دفعها لدفن رأسها تحت الوسائد حتى لا يصل إليهم نحيبها
_______
اعتذر في حال وجود اي اخطاء
لم اقم بمراجعته جيدًا
❤ ولنلتقي
Bạn đang đọc truyện trên: AzTruyen.Top