الفصل الواحد و الخمسين

اليأس ، هو ذاك الشعور البائس الذي يشل المرء تاركاً إياه دون أي قدرة على التفكير !

يسلبه رؤية أي نور ، يجعله جالس بكل برود منتظراً نهايته المحتومة دون أي مقاومة ...

و الأمل كلمة لن تكون سوى جالبة للسخرية ، و هذا تحديداً ما بدأ يعتلي صدور أولئك من نجى حتى اللحظة ... و أي نجاة هي هذه بحق الإله ؟

كيف يعتبر ما يمرون به الآن نجاة ؟ بل ربما من مات منهم هو الناجي بكل هذا !!!!

و كما جرت العادة الفرق كُلها عادت للإجتماع عند نقطة البداية بوجوم شديد ..

الصمت أحاط بهم كما لو كانوا مجرد جماد لا أكثر ، أول الفرق التي عادت كانت تلك التي يقودها ليون ، الشحوب طغى على المجموعة بأكملها فالأحداث كانت سريعة للغاية منذ تحطمت الكريستالة الخاصة بآرثر !

ميلينا فقدت وعيها تقريباً بشكل مُفاجئ و كأنها ما استطاعت استيعاب الواقع فهربت منه ...

لا ، هي أفاقت سريعاً لتذرف دموعها بلا توقف ، همساتها الضعيفة وصلت لهم جميعاً بينما تكرر :" فقط لماذا السيد آرثر ؟ كيف أمكنهم قتل شخص ما بمثل دفئه ؟ "

و أي منهم لم يستطع الرد ! فآرثر بالفعل كان يبدوا كالأخ الأكبر الحنون ، ابتسامته تثير الطُمأنينة مهما كانت الظروف المحيطة بهم ، تلك الابتسامة التي سيصعب على أي أحد منهم نسيانها ! ...

و قبل أن يتمكن أي منهم الحديث تحطمت الكريستالة الثانية معلنة سقوط ضحية أخرى بذات الأسبوع ، اليوم ، الساعة !!!

عينا ليون اتسعت بصدمة حقيقية بينما بالكاد ابتلع شهقة من الصدور ، تراجع للخلف بينما يحدق بالكريستالات الرمادية الباهتة حيث تعافت خاصة آلبرت فجأة بينما ريبيكا ماتت !؟

ميلينا شهقت و قد ازدادت دموعها غزارة بينما أخفض ريك رأسه بألم ، هو تراجع أيضاً بعيداً عنهم ، و أساساً ماذا يمكنه القول حقاً ؟ كيف يمكنه مواساة أي منهم ؟!

أيكذب و يخبرهم أن الأمر بسيط ؟ بضعة أيام و يمكنهم النهوض مُجدداً ؟ هو يدرك أنه ليس هكذا ! فمشهد رحيل كلير لم يبهت بذاكرته و لن يفعل ، الألم لم يقل و لو لدرجة واحدة ...

لكن فقط كل ما يمكن فعله هو التعايش معه مُكرهاً ، و بالنهاية أغلق مقلتيه الزرقاء الداكنة بينما همس بألم :" هل أنت حقاً سعيد بإتخاذك جانبهم رغم كل ما يحدث جيف ؟ إن لم تكن هذه خيانة فما تعريفك لها يا أخي ؟ "

زاك كان شاحب الوجه ، مُرهق هو أساساً من كل ما يحدث و هذا يزداد بمرور هذه الأحداث المؤلمة ، و إيكاري وقف بجواره فقط يغلق عيناه بألم عله يبعد بهذا شيء من الاختناق الذي يحيط به !

و من بعدهم وصلت فرقة آرون رفقة جيس و البقية ، كِلا الهالتين الخاصة بآرون و تلك التي تعود لجيس كانت تهدد أي منهم من محاولة الإقتراب حتى ...

ميلينا التي كادت تنهض فور رؤيتها لمدربها توقفت عاجزة عن الإقتراب حتى ، فهو لم يبدوا و لو بحد بسيط الشخص الذي عرفته و أنقذها ...

مُقلتيه ذات اللون الأخضر كانت مُرعبة كما لو أنها ميتة ، ملامحه بالكامل بدت لشخص مختلف تماماً ، ليس بالنسبة لها فقط بل للجميع !

و أساساً هو ما رفع بصره لرؤية أي منهم بالتحرك مُبتعداً عن الجميع بعد أن قام بإنشاء الكهف الذي اعتاد على صنعه رفقة رفيقه !

و فور إختلائه بنفسه بدأت ملامحه تختلف بحسب تلك المشاعر المتناقضة التي يشعر بها ...

أعينه عادت للاحمرار فور جلوسه بمفرده ليضم جسده بيداه ، الكثير من اليأس تخلل صوته :" فقط كيف لك فعل هذا بي ؟ ببساطة هكذا مع طلب تدرك أنه صعب ! "

ابتسامة ساخرة ارتسمت على شفتيه بينما يدفن رأسه بين يديه و قدميه :" بجدية ما كانت فائدة تواجدي معك بهذه المهمة ؟ "

دموعه انهمرت لتتساقط بضع قطرات منها على البلورة التي ابتلعت جثة الأكبر مُردفاً بألم :" لا بل كنت رفقتك بذات الفريق ! و كل ما فعلته هو إغماض عيناي لتتساقط دمائك كالأمطار ! فقط ماذا الآن ؟ "

عض على شفتيه بعدها مانعاً أي صوت من الصدور منه ، هو أجبر شهقاته على الموت قبل خروجها فلا شيء بهذا العالم يمكنه تحرير و لو ربع ما يشعر به الآن !

لا أحد يمكنه التخفيف عنه ، و حتى هو ما عاد يشعر بأي شيء سوى بالاختناق التام ، الوحدة ، الألم ، و نبضاته لاتزال تنبض برعب قاتل غير مؤمنة بأن الأمر انتهى و حسب ...

و عقله توقف عن استيعاب الأحداث بحيث هو ما أدرك ربما مقتل ريبيكا حتى ...!

إيما دموعها هي الأخرى لم تتوقف و لو للحظة واحدة ، بل ربما و للمرة الأولى مذ تلك الحادثة و من أعماق قلبها تمنت لو كانت هي من مات بدلاً منه ، ليته ما اختار بقائها هي !

ذلك الدفء الذي رغب هو لها أن تعيشه و تجربه رأته بالفعل بتصرفاته معها ، هو غمرها بالدفء بالفعل قبل أن تدرك هذا حتى ....

بجوارها وقف كيفين مُحدقاً بها بشيء من القلق ، لما هي متأثرة لهذه الدرجة ؟ لكونها رأت طريقة قتله المريعة ؟ أو ربما هو فقط قدم حياته لأجلها ؟

و ربما تلك الفكرة دفعته للشعور بالامتنان و الألم بذات الوقت ! ، و آندريه فقط حدق بالسماء بصمت بينما احتفظت تينا بصمتها هي الأخرى فما هي فائدة الكلمات الآن ؟

آيزاك اتجه لتوأمه يضمه إليه بخفة ، لم يكن قادراً على النطق و لو بحرف واحد بل ربما ذاكرته لم تتوقف عن عرض ذكريات مختلفة جمعته رفقة آرثر و ريبيكا بهذه المهمة كما لو كان يشاهد فيلماً ما ...

و أخيراً ذاك الذي ملئت هالته الأرجاء و طغت عليهم جميعاً ! جسده كان مُستنداً للحائط خلفه بينما هيئته ككل أشارت و بكل وضوح لرغبته و تعطشه الشديد لسفك الدماء و بلا رحمة حتى ! ...

مظهر آرثر الأخير لازال عالقاً بِذهنه ، لا بل إن رائحة دمائه مازالت تُداعب أنفه و يبدوا أنها لن تزول بسهولة ، ليس و هي عالقة حتى بثيابه ! لا ، هي لن تزول قط مع اعتبار أنه ذات مرة و بهذا الأسبوع تساهل مع ذلك الهجين ، رفض إقحام مخالبه بقلبه مباشرة ...

لذا أجل يُدرك تماماً أنه المسؤول عن مقتل أحدهم على يد كلاي .. أوليس هم أعداء ؟ فلماذا سمح لمشاعره بالتدخل بساحة المعركة ؟ هو يعلم بأن تواجه خصمين بالساحة لا يعني أن كلاهما سيء بل الحياة جعلت لكل منهما هدف لا يتم دون زوال الآخر ! ..

لذا قد لا يكون أي من طرفين يستحق الموت حقاً لكن كل منهما عليه الدفاع عن هدفه لذا لا مكان للمشاعر بأرض المعركة فكيف هو تجاهل قاعدة كهذه ؟

لا ، هو كان مجرد حدس لديه و بالعادة لم يكن حدسه ليخطئ لكن الآن هو حقاً يعترف بمدى ندمه لتركه حياً ...

و ذاك الهدوء الذي كان طاغياً بالأرجاء إختفى فجأة مع ظهور الفرقة الأخيرة !

لم يكن أي منهم راغباً و لو بالحديث حتى لكن هناك شخص ما بين أفراد تلك الفرقة بهالة مختلفة ! بل هنالك تغييرات جسدية به ...

آلبرت و الذي كان يسير بكل صمت ، وجهه بدى شاحباً بشكل مُخيف ، و عيناه كانت تشع بالحقد الذي غرق به تواً ... !

ليون بصره ثُبت على رفيقه بفم مفتوح قليلاً ؟! أولاً هالته تبدوا أكثر استقراراً و قوة لا بل بشكل أدق هي عادت لطبيعتها قبل تلك الحادثة و أوامر الحاكم بختم جزء من قواه لئلا تُشفى جروحه سريعاً !

و ربما اكثر ما شد انتباه البقية هي عينه و التي كانت منذ سنوات معطلة ! مغلقة هي خلف قطعة قماش بالية قد عادت لطبيعتها و كأن لا إصابة لحقت بها من قبل !

و رُغم الضجة الذي آثارها بمظهره إلا أن خُصلاته الداكنة غطت ملامحه بينما لم تتوقف خطواته حتى تجاوز الجميع و دون الحديث حتى ...

مُقلتي ليون تابعته بقلق دون تدخل فهو لا يفهم أي شيء من هذا ، و بالنهاية عندما غاب عن مرآى بصره أعاده لبقية الفرقة بتساؤل كما هو حال البقية ...

و نيرو تنهد قبل أن يأخذ نظرة خاطفة لكل من ريكايل و ويل ، هو لوهلة بدى و كأنه يخبرهما بكونه سيتطوع للشرح ربما ؟

ملامحه هو الآخر كانت مُفعمة بالألم و شاحبة و كأنه لازال يعيش ذات الصدمة مجدداً و الأمر حقاً ما كان مُختلفاً عند كل من ويل و ريكايل ...

_ :" نحن تم نقلنا لبُعد موازي أو لا أعلم حقاً إن كان كذلك أم وهم ! لكن بأي حال كايلي ظهرت هناك فجأة ! هي حاولت قتلنا عن طريق تسخير مهارة يمتلكها السحرة بذاك العالم و .... "

صمت قليلاً لتقابل مقلتيه الصفراوتين خاصة الحاكم الدموية و الذي اقترب منهم بهدوء كلي لمعرفة ما حدث !

تابع بعدها الأصغر كلماته بخفة :" هو وهم يقع بمخيلتك فقط لكن الاصابة تكون حقيقية للغاية به ، و بأي حال كُل من آلبرت و ويل علقا بداخل الوهم و لم يستطع أي منهما الخروج وحده ! "

و تلك الكلمات جعلت أعين الحاكم الشاب تتسع قليلاً مُحدقاً بشقيقه الأصغر و الذي لم يجرأ على رفع رأسه فور شعوره بتلك النظرات الموجهة نحوه ! و ريكايل فقط تنهد مبعثراً خصلات الأمير الأصغر و هو يدرك أن سيده الحاكم أيضاً لن يمرر ذلك بسهولة ...

أما البقية فهم بدؤوا بإدراك كيف ماتت ريبيكا فعلى الأغلب كايلي هي قتلتها و أصابت آلبرت إذاً هل بقية التفاصيل مهمة حقاً ؟ بما ستعود عليهم معرفتها ؟

لكن يبقى عودة عين آلبرت و شفاء حتى طاقته أمر لا يمكن تفسيره للآن !

و قبل أن يتفرق أي منهم مُجدداً عاد نيرو للحديث و قد شد على كف يده محاولاً إفراغ مشاعره تلك ...

_:" كايلي كادت تُصيب ريبيكا بإصابة قاتلة لكن آلبرت قام بإنقاذها و بهذا خرجنا من عالم الوهم الخاص به و وجدنا أن ريكايل أخرج ويل بالفعل لكن آلبرت فعلياً كان يحتضر ، و كوننا لسنا من ذلك العالم فقدرة العلاج الخاصة للتوأم مصاصي الدماء لم تنجح لإنقاذه ! "

حسناً الضياع هو ما شعروا به فإن كانت كايلي قد رحلت بعد إصابه آلبرت فماذا حدث تماماً ؟!

و ذلك الفضول تلون بأعين كل منهم ليفهم نيرو تلك الحيرة ليغلق عيناه مُتابعاً سرد التفاصيل التي لم و لن يتمكن من حذفها مطلقاً و إن تمنى حقاً نسيان كل ما مر به مذ وطأت أقدامه هذا المكان ....

### العودة إلى ذلك الوقت ###

الصدمة كانت تعتلي ملامح كل من ويل و ريكايل فجسد آلبرت انتفض فجأة و بدأت الدماء تنهمر منه بلا رادع !

ريبيكا ملامحها كانت شاحبة بشكل كبير ! ، الألم كان يحيط بها بينما تراقب تلك الدماء التي تغادر جسده و نيرو فقط أشاح ببصره بعيداً عنه دون تصديق لما يحدث الآن !

هو ما عرف هذا الشاب إلا منذ فترة قصيرة ، لا يعلم لما تمر الذكريات بعقله بسرعة و كأنه يراه مستنداً لإطار باب منزله الذي حطمته له تلك الكائنات الغريبة !

و عيناه أغلقها عندما ابتعد كل من لويس و لوسيان ، كارل و كلارنس عنه إذ ما استجاب جسد آلبرت لأي منهم ...

_ :" أعتذر لكن نحن يبدوا أن ما نفعله فقط سيساعده للصمود لعدة دقائق لا غير ! "

كلمات كلارنس و رغم إدراك كُل منهم أنها الحقيقة لكن هي بدت كصفعة ما لهم !

لم يستطع أي منهم استيعابها حقاً ، ريكايل حدق بجسد آلبرت بألم حقيقي فهو كم مغامرة خاضها معه ؟؟ أوليست هذه ثاني مرة يراه بها يحتضر ؟!

لكن بالأولى تمكنوا من انقاذه و لو بصعوبة فهل لا أمل حقاً من ذلك الآن ؟!

و أكثرهم إنهياراً ربما كانت ريبيكا ، هو كم مرة ينوي إنقاذها من الموت ؟! كم مرة سيدفع ثمن خطأ ما ارتكبه هو بل هي ؟!

_ :" أنا لن اسمح بذلك مهما كان الثمن ! تلك الضربة وجهت لي أنا و هو لن يموت بسببي حقاً "

كلماتها نطقت بها بجد كامل ! عيناها فاضت بالكثير من العزم رغم تلك الدموع التي تواجدت بهما ، أليس هو من وقع بين يدي البشر لأنه سمح لها بالهرب بالماضي ؟

بعد أن أخبرته و أخيراً بطريقتها الخاصة عن مشاعرها اتجاهه ؟! ثم ماذا يموت هو دفاعاً عنها ؟

لا ، هذا ما لن تقبل به مهما حدث ! أجل هي رغبت بالبقاء على قيد الحياة لكن ليس إن كان هو سيغادرها و بسببها أيضاً ! ...

فقط إلى متى ستفقد هي قدرتها على التصرف بشكل جيد ؟! تود هي التواجد بحياته ! لكن يبدوا أن القدر يود أن لا يجمعهما معاً ، و من هي لتعارض هذا ؟ و كيف لها هذا ؟

تنهدت بتعب و شحوب كُلي فما ستقدم هي عليه ليس أمراً بهذه السهولة أيضاً .. خطواتها اتجهت للخارج حيث عاد لذاكرتها حديث آلفريد و البقية حول نهر الأمل الذي حاول كل من كلارنس و كارل الانتحار به لإيقاف الحرب ...

و هي ما تزال تذكر أنها رأت النهر لذا لم يكن سيرها بطيئاً و مشتتاً بل العكس خطواتها كانت سريعة للغاية و واثقة فهي تعلم أين مسارها و حقاً ما احتاج الأمر سوى عدة دقائق ليصبح جسدها مغموراً بالمياه التي تكرهها حقاً ...

و خلال ثوان ، ريكايل و نيرو كانا بجوارها تماماً لمنعها من التصرف بجنون !

و ردها ببساطة كان بأنها أكثر جنوناً مما يظنون ...الحديث بينهم توقف و قد شهق الأربعة برعب مع تحطم الكريستالة الخاصة بآرثر لتزداد دموع ريبيكا كثافة و هي تخفض بصرها أكثر تستذكر كل ما جمعها به ...

ريكايل و نيرو رفقة ويل صدمتهم ما كانت أقل حقاً ! لقد مات حقاً ؟! هذا كان يصعب تصديقه بشكل مؤلم ...

لما كل هذا يحدث معهم ؟! كيف هم وصلوا لنقطة كهذه ؟! أجل يدركون جميعاً أنهم معرضون للموت لكن الآن الأمر مؤلم حقاً ! و كأن جزء منهم يتمزق بسقوط فرد من أفرادهم مهما كانت صلة القرابة بينهم .. ! ..

لكن و قبل أن يستوعب ثلاثتهم الأمر اتسعت أعينهم برعب تام فور أن صبغ النهر و ثيابهم بدماء ريبيكا ...

هي التي و بكل شجاعة و دون ذرة تردد واحدة جعلت مخالبها تخترق صدرها بلا ذرة شفقة واحدة على نفسها ..

و البلورة خاصتها تشققت فوراً قبل أن تتحطم لأجزاء صغيرة للغاية ...

هي ما أعطت لهم الفرصة لتجاوز موت آرثر بل العكس استغلت انشغالهم بموته لتقدم هي على الانتحار !

و بالتالي لم يُشفى آلبرت فقط من هذه الاصابة بل من جميع اصاباته السابقة و اثارها ...

#### نهاية الذكرى ####

و الصمت عاد ليستقر بين الجميع ! فقط إلى أي مرحلة وصولوا هم لها ؟ دماء آرثر التي ما جفت بعد على ثياب رفاقه بالفرقة و فرقة جيس ! و هذا يوحي أن موته كان فظيعاً حقاً !

و الآن ريبيكا انتحرت لإنقاذ آلبرت !! هي أرادت إنقاذه مهما كانت الطريقة بشكل مؤلم حقاً ...

فقط أهم يتخيلون أم أن الأمور باتت تصبح أكثر دموية ؟ أكثر ألماً و استهتاراً بحياتهم ! ...

يتم قتلهم بشكل فظيع حقاً و كأنهم عبارة عن دُمى متحركة ! لا ، و ألف لا فالأمر تعدى القتل بمعركة بل هي باتت حرب نفسية ..

شيء ما بداخل كل منهم يتحطم بشكل تدريجي و البعض بالفعل يشعر كما لو كان قد انتهى بالفعل ...

و التجمع عاد ليتفكك مجدداً فكل منهم شعر بحاجة ماسة للتواجد إما بِمُفرده أو رفقة المقربون منه فقط ! ...

جيسي اتخذ لنفسه زاوية بعيدة عن الجميع ! ، هو ما كان قادراً على رؤية أحد منهم و العكس كذلك فهو بعيد عن أعين الجميع ، و كم شعر بحاجته لمثل هذا الهدوء لإعادة التفكير مجدداً بكل ما يحصل و كل ما توصلوا له للآن ...

مُنذ بداية دخولهم لهذه القارة و كان هنالك العديد من الأمور التي لا تفسير لها حقاً ! كأن المكان حقيقي و رغم ذلك وهمي ...

لا أحد يدافع عنه بل هو يدافع عن نفسه ؟! شيء ما خاطئ قطعاً ، لكن بالنسبة له وجد المنطق حقاً عندما شعر بتلك الهالة العظيمة ...

ثم أتبع ذلك برؤية الطفلة التي أجبرت العنقاء على الاستسلام لأرادة ريك ! لوهلة بدى له أن إرادتها هي بهذا المكان هو ما يتم تحقيقه لذا الوهم و الحقيقة تم دمجهما معاً على يدها هي !

و ربما على يد الشاب الذي تعرض هو لهجمة نيو الأخيرة !

أغلق عيناه فور شعوره بهالة ويل تقترب منه و هذا قلب أفكاره بأسرها للأصغر و الذي كانت خطواته مترددة بشكل واضح ....

أجل هو قطعاً يدرك ما ينتظره صحيح ؟! ، ابتسامة ساخرة ارتسمت على ثغر الأكبر فور شعوره بتوقف شقيقه أمامه مباشرة دون أن يبدأ بالحديث كالعادة ...

لكنه رغم هذا أتى للوقوف هنا أمامه مع علمه التام بمدى غضبه !

يد جيس امتدت لتُمسك بياقة الأصغر فجأة بشكل جعله يشهق بتوتر بينما قربه منه دون أن يفتح عيناه حتى ...

الخوف كان واضحاً على ملامح الأصغر ودقات قلبه الغير منتظمة حتى ! لكنه لم يجرأ على الاعتراض أو فتح فمه و لو بحرف واحد ، ما هو أسوء ما قد يفعله جيسي به بالنهاية ؟!

أو هكذا كان يحاول إقناع نفسه حتى شهق بألم فور شعوره بتلك الأنياب تخترق جلده بلا رأفة ! هو حقاً يؤلمه !

عض على شفتيه بقوة محاولاً منع نفسه من المقاومة لئلا يجعل الأمور أسوء ؟! فجيسي غاضب و هو أكثر ما يخشاه الأصغر حقاً !

لذا أغلق عيناه بهدوء لتمر ذكرى ذلك الوهم بعقله ! هو تذكر كيف عبس ريكايل باعتراض عندما جيسي ذو الثامنة عشرة قام بامتصاص دمائه ! ، لم يكن خائفاً حتى بل كان يتحدث بكل أريحية إذاً لما هو فقط من تأثر بكل تلك الدماء التي غطت الأكبر وقتها ؟

دموعه هو حاول قدر الإمكان السيطرة عليها بينما يشعر بالامتنان لحقيقة كونه من أسرة كروغر فهذا يعني أنه و حتى جيس لا يمكنه رؤية أفكاره !

شيء من التعب بدأ يتسلل لجسده و الأكبر لم يبتعد بعد ! .. يشعر أنه ما عاد قادراً على الوقوف و لا إيقاف دموعه ..

لذا هو أحاط جسد الأكبر بعناق ما عله يخفف من غضبه ثم أرخى برأسه على كتف الأكبر !

بالنهاية مهما حدث أهو يوجد لديه أي مخلوق بهذا العالم سوى جيس للإتكاء عليه ؟! ففي النهاية هو يدرك بأعماقه أنه فقط من يمكنه دائماً العمل لأجله دون كلل منه ! إحتمال كافة تصرفاته دون ملل ، و حمايته بأقصى ما يمكنه ... أوليس هو شقيقه الأكبر ؟

._ :" أخي كفى هذا مؤلم ! "

هو همس بهذه الجملة بينما شهق بعدها بفعل دموعه المُنهمرة ! ، و ذلك دفع الأكبر ليبتعد عنه و أخيراً مُحرراً جسده !

و ويل تراجع للخلف بهدوء تام ، هو حاول قدر استطاعته إيقاف تلك الدموع بينما يخفض رأسه ، فقط لماذا هو بهذا الضعف دائماً ؟! كيف له حقاً أن يعترف لجيسي بأنه يحبه و عن كونه أفضل شقيق بالعالم كما وعد نفسه عند سقوطه بذاك الوهم ؟!

و الأكبر أغلق عيناه بينما غرس كف يده بين خُصلاته الداكنة و شعور طفيف بالذنب تملكه ، أهو بالغ بذلك ؟!

حسناً أوليست أقل غلطة هنا تعني الموت ؟ فما هي المبالغة تحديداً ؟

بالنهاية أعاد فتح عيناه بهدوء ليتقدم للأصغر يمسح الدماء من عنقه بينما ينطق بانزعاج هو بحد ذاته لا يعلم لمن وجهه تماماً :" أنت لست طفلاً بالخامسة ويل ! "

و تلك الجملة دفعت المزيد من الدموع للإنهمار قبل أن ينطلق محتضناً الأكبر غارساً رأسه بصدره كمن يطالبه بالأمان ؟

و هذا دفع جيسي لأخذ نفس عميق بينما يبعثر له خصلاته بهدوء دون أن ينطق أي منهما بالمزيد ! فويل قرر أنه سيخبر جيس بما يريده عند عودتهم المملكة و بمساعدة ريكايل ! ...

--------------

ساعات الوقت ما تزال ماضية ، حادة هي لمن يحاول إيقاف سيرانها ! قد يراها البعض قاطعة ، فبكل ثانية تمر تقطع المزيد ثم المزيد من أحلامهم !

مؤلمة هي دقاتها عندما تدرك أن لا حول لك سوى انتظار عقاربها للتحرك علّ الساعات القادمة تحمل الفرج معها ...

بطيئة هي عندما تجلس وحيداً أو بين جماعة ما و ذكرياتك الحزينة تتربع على عرش تفكيرك ، تسلبك رؤية الحاضر و تستبدل المشهد أمامك بذكريات عشتها و تجاوزتها أم لا ليس مُهماً فهي فقط ستستمر بالحركة إلى ما اللانهاية ...

لا شيء بأعماقه قد بقي كما هو بل ما عاد هناك ما يجعله يتشبث بحياته !

يشعر كما لو أنه فقد جزء كبير من نفسه لا بل هو فقد ذاته بالفعل و ليس جزء منها فحسب ...

و رغم العاصفة التي كانت بداخله هو نطق بهدوء مُغلقاً مُقلتيه ذات اللون الأخضر :" يُمكنك الجلوس ميلينا ! "

و فور وصول تلك النبرة لها مع تلك الكلمات هي أسرعت للجلوس بجوار مُدربها مباشرة حيث حدقت بملامحه الشاحبة رغم البرودة المُسيطرة عليه !

أعيُنه المُغلقة تلك هي ما رغبت بتأمُلها لتُدرك حجم الخسائر ! لكن أحقاً يمكن لها إحتسابها ؟ لا هو بالفعل خسر كل شيء !

لطالما رأت لمعة عيناه الواضحة بتواجد آرثر بجواره ! و ظُلمة عيناه إن أُصيب و نزلت منه قطرة دماء واحدة فكيف بموته ؟ لا قتله و أمام عيناه ! و دمائه تملئ ثيابه !

دموعها عادت للإنهمار لكنها شهقت عندما يد مُعلمها امتدت لمسح دموعها تلك ، هي فتحت عيناها ذات لون الزهر لتنظر له !

ابتسامة خافتة ، صغيرة كانت مُرتسمة على شفتيه رغم ذلك فأعينه كانت مُتألمة و كأن روحه قد فارقته ...

_ :" هنالك تغيير بهالتك ميل ! أيمكنك النهوض و إطلاق تعويذة ما ؟ أنتِ بالفعل على الأغلب أصبحتي ساحرة كاملة "

و هي أخفضت بصرها بينما أمسكت بيد مُدربها لتومئ بهدوء :" أجل مدربي ، خلال الأسبوع الماضي شعرت بشيء ما مختلف بجسدي ! "

تنفس بعُمق و هو يومأ قبل أن يُعيد بصره للسماء بينما أردفت هي بارتباك :" أأنت بخير ؟! مدربي ه... "

قاطع كلماتها بنبرة هي ما استطاعت معرفة الخفايا بها ، لكنها ببساطة أدركت مدى الألم بها عندما نطق :" قبل عِدة سنوات وقعت حادثة ما ، أنا كُنت بالجيش مع فِرقة كاملة و جميعنا كنا قبل ذلك معاً بذات الميتم ! "

أعيُنها كانت تُتابع ملامحه بينما تابع هو بعد أن قطب حاجبيه بتعب :" آرثر كان القائد ، و بإحدى الأيام وردتنا مُهمة غاية بالسرية و هي عن تواجد هجين بالمملكة و علينا إلقاء القبض عليه ! ذلك الهجين كان ابن شقيق السحرة لذا قواه كانت مضاعفة لكنه بالحقيقة استسلم لنا بالبداية رُغم أنه يُدرك أن ذهابه يعني الموت "

صوته اهتز بينما يُكمل كلماته بألم :" لكنه فجأة انتفض و بدأ بالمقاومة ! و مع الفرقة بالكاد سيطرنا عليه بالبداية لكنه لم يقبل الهدوء فقط و بدأ بالقتال ضدنا حتى بدأت الفرقة تتساقط واحداً تلو الآخر و بالنهاية سيطرنا عليه بالكاد لكن أنا و آرثر كنا الناجيين الوحيدان ، سلمناه للحكومة التي ... "

أغلق عيناه مُجدداً بينما يحاول منع الألم من صوته و اهتزاز نبرته المؤلمة التي تدل أنه يود البُكاء

_ :" هم قاموا بقتله ، هو حقاً لم يكن سوى طفل و قتله كان بشكل فظيع ، الرِماح اخترقت جسده من كل الجهات ! أجل هو قتل أغلب أسرتي لكن لازال مظهره عالقاً بذهني و حتى آرثر لم يستطع إبتلاع غصته ... أنا قدمت إستقالتي لاسيما و أن والدة الطفل قتلت و والده نجى لكونه شقيق الحاكم و أُمرنا حقاً بالصمت "

أعينه عادت لتحمر مجدداً بينما دموعه كانت تُهدد بالهطول ليُكمل بألم :" كلاي ! هو شقيق ذاك الهجين ، و على ما يبدوا أنه سلم نفسه لإنقاذ الأصغر لكن لاحقاً علم أنهم سيأخذون شقيقه لمختبر التجارب فبدأ بالمقاومة لأجل إنقاذه ! هو كان طفل أراد حماية شقيقه فهل استحق الموت هكذا ؟! أم أيستحق آرثر الموت بذات الطريقة كانتقام ؟ فقط ذنب من كان ذلك ؟ هل يستحق حتى كلاي الانتقام منه ؟ "

اختتم كلماته بحيرة حقيقية ! هو حقاً لا يعلم سوى أنه يتألم ، يشعر باختناق تام ، روحه تكاد تغادر جسده ! يؤلمه كل شيء إذا كيف يبعد ألمه ؟ كيف يخفي ذاك الكم الهائل من الاختناق ؟ كيف يمكنه تجاهل كل شيء ؟

أليس عليه الانتقام ؟! لكن ممن ؟ و هل قد يُخفف هذا الألم بصدره ؟ بماذا سيُفيده شيء كالانتقام ؟ ...

عض على شفتيه بينما أطلق جسده هالة عظيمة غطت المنطقة كلها ، هالة مشؤومة ، مليئة بالضغط و الألم و كم كانت خانقة حتى للبقية الذين ما كانوا بحاجتها حقاً ...

فبالطرف الآخر هناك حيث عزل آلبرت هو الآخر نفسه عن البقية رفع رأسه مع شعوره بهالة آرون تلك !

و بطريقة ما شعر بأنه يحسده على قدرته هذه بالتعبير ! ... أجل هالته يمكن ببساطة تشبيهها بصرخة مُتألمة صامتة !

لكن أوليست هي تعبير عن ما يختلج صدره من ألم ؟ لكن لا ! هو غير قادر على رسم حتى تعبير حزين على ملامحه بل فقط يبتسم بسخرية ...

أهو يسخر من نفسه ؟! أم من حظه ؟ لما يشعر بأنه بكل دقيقة تمر عليه يكتشف فقط كم أن حياته ليست أكثر من قشور فارغة ؟

و بكل مرة يظن أن تلك القشور مليئة أو توشك على الإمتلاء يصدم بأنه ليس سوى وهم ! أو قد يأتي من يسرق منه ذلك حتى ليعيده للفراغ مجدداً ...

أهذا مؤلم ؟ ربما هو ما عاد قادراً على التمييز حقاً و كأنه تجمد ببساطة ... و بِجواره قتل عُزلته تلك وجود ليون الذي أغلق عيناه عاضاً على شفتيه و للمرة الأولى هو سمح لنفسه بالغوص داخل أفكار من بجواره و المؤلم حقاً أنه عاجز حتى عن مواساته و التخفيف عنه فمن أين يجدر به البدأ ؟!

########

الهدوء كان طاغياً حتى على تلك المجموعة الصغيرة ! بدى كما لو أن مرور الوقت ثقيل للغاية و إن كانوا المتسببين بكل هذه الكوارث ... !

كل منهم جلس بغرفته فحسب بمحاولة ما لرسم ما عليهم فعله فهم أيضاً يشعرون بالملل من كل هذا ...

كلاي جلس بغرفته مُستلقياً على فراشه بفوضوية ! ، خُصلاته كانت مُبعثرة حول وجهه ، دموعه كانت تنهمر من مُقلتيه بحرارة ...

أعينه كانت شاردة تماماً ، لما ؟! فقط كيف له أن لا يشعر بالراحة ؟ أهو حقق انتقامه حقاً أم زاد عذاب قلبه ؟!

عدة شهقات مصحوبة بالأنين صدرت منه بينما نبضاته تتسابق فيما بينها و كل مُنها تُطالب شقيقه بالعودة له !

هو يريده ، يود الحصول على دفئه ، يرغب بأن يريح قلبه من أحزانه و كيف له أن يفعل هذا دونه ؟

لما يبدوا هو كمن فقد شخص ما الآن ؟! ألا يفترض به أنه تجاوز موته فما بال هذه المشاعر القاتلة !؟

هو وقف فجأة على السرير بينما أغلق عيناه و بذات اللحظة هو أطلق هالته بقوة جعلت كل ما بالغرفة يتطاير من حوله كما لو أن هنالك إعصار يضربها !

خُصلاته و ثيابه كانت تتحرك هي الأخرى بقوة شديدة ، إحتفظ بإغلاقه لعيناه و هالته قبل أن يصرخ بكل ما امتلكه من طاقة مُتبقية !

و كلما إزداد الألم بصرخاته كانت هالته تزيد من حدتها و تثير المزيد و المزيد من الفوضى ...

عدة جروح هو حصل عليها بجدارة بفعل ذلك لكن هذا ما منعه من إتمام ما يفعله و إن كان لا يعلم أهذا سيجدي نفعاً بإيقاف ألم قلبه أم لا ؟!

و المزيد من الثواني هي ما فصلته عن تلقي ضربة ما على رأسه لتفقده الوعي بينما همس و جسده ينهار :" تباً لك آل..."

هو ما استطاع اتمام جملته بل فقد وعيه و قبل ان ينهار جسده كانت يدا آلكس تُحيطانه ليغادر الغرفة به قبل أن يسقط كل ما كان يتطاير فوق رأسهما فهالة كلاي ما كانت مزحة !

و لو ما كان آلكس أكثرهم قوة لما تمكن من الدخول حقاً و الاقتراب منه دون ضرر ! ...

و الجميع كالعادة كانوا يقفون بقلق تام أمام تلك الغرفة التي وضع بها رفيقهم ، هو فقط ينهار و أي منهم غير قادر على مُساعدته فهل إحضار هؤلاء الضيوف لقارتهم كانت فكرة خاطئة ؟!

و أصغر المتواجدين كانت تُخفض رأسها بينما دموعها تنهمر ! هي بيدها الصغيرة تشبثت بشقيقها الأكبر بينما أعينها ببساطة كانت تستنجد به بصمت ! ليوقف كل ما يحدث مهما كانت النتيجة ...

و ألكس ما استطاع تجاهل تلك النظرات بل هو ابتسم لها بشيء من البؤس قبل أن يحملها و يضمها إليه

_ :" دعونا نتوقف عما نقوم بفعله ! أنا و كات سننسحب من حياتكم ، لنفقدهم الذاكرة و عودوا للعيش بسلام .. "

و تلك الكلمات جعلت أعين الجميع تتسع ! سيلفر حدق به و بالطفلة باستنكار مطلق فهل هو يدرك ما يتحدث عنه ؟!

كولين و كايلي كلاهما أيضا نظرا للأخوين بعدم اقتناع ! .. بهذه البساطة حقاً ؟! بعد كل ما فعلوه ؟

أيستسلمون ؟ و هل هذا ممكن حتى ؟

صوت ألكس عاد ليُخرجهم مما يفكرون به :" لقد حاولنا ألم نفعل ؟ لكن أنظروا لحجم المصائب التي لحقت بنا أيضاً ! أوليس رحيل إثنان أسهل من رحيل الجميع ؟ "

جملته تلك جعلت سيلفر ينطق باستياء مطلق :" ماذا حدث لك الآن ؟ قبل شهر من الآن كنت تُعاملنا كما لو أننا حُثالة لأنك تعتقد بكوننا سنتخلى عنك و عن كات و الآن ماذا ؟! أنت من يود حثنا على ذلك ؟ على تحقيق أكثر مخاوفك إيلاماً ألكس ؟ أتود منا التخلي عن أفراد أسرتنا ؟ "

و خُصلاته ذات لون الفضة أخفت عيناه بينما نبرته صدرت هادئة ، هامسة بالكاد وصلت لهم :" لا ، أنا بوقتها ظننت أن ذلك أسوء ما قد يحدث لكن حقاً رؤية هذه النتائج مؤلمة أكثر ! نحن لسنا هكذا ، لا يمكننا فقط أن نتجاهل هذا ، و انهيار كلاي الآن ... "

الصمت عاد ليغزوا الأجواء ، شيء من المنطق هم استشعروه حقاً بكلماته لكن تنفيذها أوليس مُستحيلاً ؟

فالرحيل هنا لا يعني فقط أنهم سينتقلون ، لا ! بل هما سيختفيان عن وجه هذه الحياة بالكامل ... و هذا قطعاً مؤلم و بشدة ! ..

أشاح سيلفر برأسه عندما شعر بأنه أطال الصمت :" ليكن هذا الأسبوع هو الأخير ! دعونا لا نماطل أكثر من هذا ، لتكن هذه آخر محاولة "

أنهى عبارته ليغادر المكان أولاً و بعدها عاد البقية للتفرق ، و كم كانت الأجواء ثقيلة كما بدأت حقاً ...

#########

الهواء كان يهب من كل الاتجاهات حيث الحافة التي اختارها ريك للجلوس عليها ، بصره كان شارداً بينما هبات الهواء تلك ساعدته على الاسترخاء ...

ريكايل كان يجلس بِجواره يحدق به تارة بنوع من القلق و أُخرى عيناه تتخذ من مكان استشعاره لهالة سيده و الحاكم ، هو أمكنه الشعور بامتصاص الدماء من عنق ويل ! ...

ذلك أشعره بحاجة للنهوض لكنه لم يفعل حقاً ، هو عليه أحياناً ترك الأمر لهما فبالنهاية هما شقيقان ...

أعاد بصره لشقيقه الشارد ليُغلق عيناه قبل أن يحتضنه بلطف واضعاً رأسه على كتفه ! ...

ريك أغلق عيناه بخفة و هدوء ليضع كف يده على خُصلات توأمه بينما ينطق :" كيف سأعود لحياتي ريكايل ؟! أنا تائه لا بل خائف ، ماذا لو قرروا إيذاء زاك ؟! أنا لن أتركهم يفعلون ذلك و إن تورطت معهم يا أخي "

أغلق الأمير عيناه و هو يردف بضعف تام :" لما علي العودة ؟! بِما علي إخبار أبي ؟ كلير قتلت أمامي ، كانت على بُعد خطوات مني فقط و فشلت بحمايتها ، و ماذا سأخبر المستشار ؟! ابنه تخلى عنا ؟ رأى كلير و رفاقه يقتلون واحداً تلو الآخر و مع ذلك هو انضم لهم ؟ "

كلماته تلك مع نبرة الألم التي احتلت قلبه جعلت قلب الآخر ينبض بألم مُشابه له !

لكنه ما استطاع الحديث حقاً ، كان يتألم بقوة فقط ماذا يمكنه أن يفعل ؟؟

و ريك حقاً ما كان ينتظر منه أي رد لكنه رفع رأسه و أبعد توأمه عنه قليلاً ليُحدق بعيناه مُباشرة :" لا تتخلى عني من فضلك أخي ، حتى و إن لم أكن أستحق لكن لا تتركني وحدي أرجوك ، بكل مرة أفكر بها بالعودة للقصر أشعر بالاختناق ، ينبض قلبي بألم قاتل ، اتمنى لو أني الآخر أم... "

كلماته تم بترها ما إن وضعت يد توأمه على فمه ، حيث همس بألم تام :" كفى ، أنا من يتوسل لك أن لا تفكر بهذا ريك ! أرجوك أنا أيضا بحاجتك ، كما أنني أشعر أن مدة بقائي مع الحاكم و الأمير توشك على الانتهاء ، و هذا مُخيف بالنسبة لي لذا من فضلك ... "

و تلك الكلمات الأخيرة التي نطق بها ريكايل جعلت الأكبر يحدق به بشيء من الريبة و القلق ! و تلك الملامح جعلت ريكايل يبتسم بلطف ليبدأ بإخباره حول ما يفكر به و يعتقده !

لا هو حتى أخبره عن تلك الأحلام التي تُلاحقه حول السم بجسده و سبب تحويله ؟ و ذلك دفع الدهشة بكافة تفاصيلها ان ترتسم على وجه الأمير الشاب و سيكذب حقاً لو أنه أنكر أن شيء من السعادة انتابه لمجرد التفكير بأن والده بالفعل كان فقط يريد حماية حياة شقيقه ؟!

~~~~~~~

و بطرف ثالث جلس كل من زاك و آيزاك وحدهما و قد جلس إيكاري بمفرده على بُعد مسافة لا بأس بها منهما ، كلاهما لم يتحدث و لو بحرف واحد ..

و ماذا يُفترض بهما الحديث عنه ؟! و كل ما يملكانه من أفكار فقط هي شيء مُخيف و لا يجدر بأي منهما مشاركته مع الآخر ؟

فقط الزمن لما يبدوا و كأنه توقف تماماً عن السير ؟! لما الصمت متربع بينهم ؟ لما لا ينهض أحدهم و يعيد و لو القليل من السعادة الزائفة لهم ؟

أجل يعلمون أن الألم لن يختفي مهما حدث ! و لن يعود من رحل منهم ، و نبضات قلوبهم لن تتوقف عن النبض لمجرد رغبتهم بهذا ، و قطعاً لن يضمن ذلك مستقبلهم المجهول لكن أوليست الأحاديث العابثة و الضحكات المزيفة أفضل بمئة مرة مما هم به الآن ؟!

و الأمر ما اختلف حقاً لدى أبناء المتحولون ! و كيف قد يختلف و إيما فقط جفت دموعها قبل وقت قصير و الآن هي تجلس بكل هدوء تحدق بما حولها بشرود مطلق ...

و تينا فقط وقفت عن بعد تراقبها بينما كيفين بصره ما غادر زُرقة السماء ، مشاعره و أفكاره كانت متربعة على ملامحه ، خائف هو من نتيجة إكمال هذه المهمة السخيفة !.

ما الناتج الذي سيصلون له بالنهاية ؟ حتى الآن هم ما علموا أي شيء مهم عنهم ؟

لا بل فقط مجرد خيوط مُبعثرة ، هم على الأغلب كانوا نتاج تجارب أُجريت عليهم بالماضي و ربما ولدوا فقط لأجل تلك التجارب ، أو أن اسرهم تخلوا عنهم للمشفى المخالف للقوانين لئلا يتم كشفهم ؟

و الهدف كان إيجاد هجين ينتمي لكل القبائل ! أن يكون عبارة عن حيش كامل فقط بفرد واحد .. 

لكنه لم يفهم للآن فقط لما هم قرروا الظهور فجأة ؟! و ما بال تلك الهالة المظلمة التي تضعف أحياناً و تعود لذروتها بأوقات أخرى ؟!

و من خلفه جلس آندريه مُغلقاً عيناه بكل هدوء افكاره كانت بمكان مختلف تماماً ! هنالك ألم ينتشر بجسده ، لا هو يفتك به حرفياً و لا يدري كيف للآن تحمله دون تذمر أو شكوى !

يتألم هو بشدة ؟ .. لكن لما ؟! لا يدري سوى أنه على ما يبدوا اللعنة التي وضعها عليه كولين بدأت بالعمل ، و هذا قطعاً غير مطمئن لكن و بهذه الأجواء أيمكنه حقاً الشكوى ؟

أيمكنه التقدم و التوسل لسيده بأن يعود للابتسام ؟ ربما و كشخص مثله سيُعد غروراً منه القول أن سيده سيحزن إن مات لكنه ببساطة واثق بهذا تماماً ...

يعلم أن الأصغر يعتبره فرد ثمين بالنسبة إليه ، بالنهاية أولم يخسر ابتسامته لأجله ؟! تبدل بالكامل فقط لأنه عجز عن حمايته ذات مرة ...

إذاً الآن إن انتهت حياته فماذا سيحدث ؟ هو يريد منه وعد بأن يتابع سيره و يصبح الحاكم الذي لطالما تمنى و بشدة أن يقف بجواره ، أن يبتسم و يري الآخرين لطفه و بساطته ، أن لا يكون كالآن عاجز عن التعبير حتى ... فهل سيكون له هذا أم أنه سيكون السبب بدماره للمرة الثانية ؟!

#########

/ مملكة أوقيانوسيا /

السعادة كانت بأوجها رغم أن الحرب ما وضعت أوزارها بعد !

لكن ذلك الحاجز الذي حاول الخونة هدمه قبل إنطلاقه حتى و الذي يُعد شمعة أمل لكل هذه المملكة !!

و ها هو الآن يُبنى عنوة عن أنوف كل من لم يرغب به ... هي مُجرد أيام بسيطة و ينطلق و حينها لن يتمكن أي مخلوق من غير البشر من دخول هذه المملكة ...

و فوق كل هذا للآن لم تتكبد المملكة الكثير من الخسائر بفضل تواجد مملكة مصاصي الدماء معهم ! ...

هم بالفعل أثبتوا أنهم سند يمكن الاعتماد عليه ، جنودهم بدوا و كأنهم يمتلكون عزيمة من فولاذ غير قابلة للكسر ببساطة !

قتالهم و رغم كل الظروف الصعبة كان قوياً و بابتسامة واثقة غير مهزوزة و إن كانت دماء أحدهم تنهمر و يدرك أنه يوشك على الموت ! ...

و هذا انعكس على جنود البشر ممن بدؤوا بتقليدهم و كم جعل هذا الكثير من الطاقة تسري بأجسادهم ! هي معركة بها موت و حياة ، إما أن يَقتُلون أو يُقتَلوا إذا هم بين خيارين و كلاهما أهون من رؤية دماء شعبهم لذا لما الخوف ؟

عليهم تقديم أفضل ما لديهم مع ابتسامة ما هذا فقط ببساطة تامة مهما كانت النتيجة لئلا يحدث و يغرقوا جميعاً ...

و سام راقب تلك التحولات بجيوش البشر ليبتسم بسخرية بينما كان يقف بعيداً عن ساحة المعركة بجبل مرتفع مطل عليهم !

البشر يتطورون سريعاً ، هذا ما فكر به بينما يغلق عيناه و أعينه هو رفعها للسماء ، قواتهم بدأت بالانسحاب بالفعل فعند لحظة تفعيل الحاجز على أي منهم أن لا يتواجد حوله و إلا فجنسهم ليس مُستثنى حقاً من الدمار و الابادة ...

تنهد بملل بينما يتذكر رسالة شقيقته و التي ذكرت بها أن مملكتهم تعرضت لهجوم ضعيف ، أغلب الظن هم إعتقدوا أنهم تركوا المملكة بلا حماية !

أوليس هذا الاعتقاد أكثر سُخفاً من أي شيء قام بِسماعه بحياته كلها ؟! من هو الذي سيخرج للدفاع عن مملكة أخرى تاركاً مملكته و شعبه بلا حماية ..

و فقط تلك القوات أُبيدت بالكامل عن بكرة أبيها ... ابتسامته عادت لتظهر عندما تقدم حاكم البشر ليقف بجواره ... هو بالفعل إعترف لنفسه أنه معجب بطريقة تفكير هذا الرجل !

أحب قيادته للمعركة أيضاً ، هادئ ، غضبه لا يظهر و لا مشاعره الحقيقية هو فقط يمكنه أن يكون محايد بشكل كلي بعيداً عن كل ما يهمه ! و اجل بات يعلم لما جيسي رغب بالتعامل معه ؟

لكونه ببساطة قليل الأخطاء ، سريع التفكير بحلول للخروج من المصائب بأقل الأضرار ، و لا يسمح بوجود ثغرات ! مشاعره لا تسيطر عليه بشكل درامي مبالغ ...

أوليس هذا عون جيد بالمعارك ؟! .. أغلق عيناه بينما يفكر بسخرية أكبر أنهما اليوم هنا كحلفاء لكن خلال وقت قصير للغاية قد ينقلب الأمر تماماً و حينها هو جدياً سيأخذ دمائه كلها حتى آخر قطرة منها ...

#########

/ القارة المجهولة /

الهدوء كان مُحيطاً بتلك المجموعة كما هو ! و الأحاديث توقفت تقريباً هذا إن كان لها وجود بينهم ...

لكن قليل من الأختلاف فقط تواجد عند كل من ريك و ريكايل حيث كان حديثهما مستمر ! و رغم همس كلاهما إلا أن الصوت كان مسموعاً بالفعل لمن سيحاول التنصت ...

فالتوأم الأكبر نطق بهدوء و شيء من العبوس كونه عاد ليفتح ذات السؤال :" أخبرني حقاً ريكايل كيف تمكنت من أن لا تكرههم ؟ انا لا أسألك هذا الان لإثارة فتنة أو ما شابه لكنه فضول فقط ! "

حدق ريكايل به لوهلة بعبوس مشابه فآخر مرة أطلق عليه سؤال مُشابه إنتهى الأمر بشجار ما بينهما ثم إصابته هو و إنطلاق ريك للعنقاء ! ...

لكن هو يمكنه رؤية أمر مختلف بعينا الأكبر ، هو حقاً يبدوا كالقلق ؟! و كأنه فقط يود الإطمئنان على شقيقه لا أكثر !

و هذا دفع ابتسامة لطيفة لتزين ثغر الأصغر بينهما يُجيبه بهدوء :" كما تعلم ليس و كأن الأمر كان سهلاً ! بالماضي أنا اعتدت الخوف من ويل بالذات ! هو رغم أنه أصغر مني لكنه من قام بتحويلي هذا أولاً و قد كان مدلل للغاية و طلباته كلها سريعة و غير مفهومة و أنا لم أكن قد اعتدت بعد على تواجدي هناك و لم أتقبل أي شيء مما حدث ! "

أغلق عيناه و كأنه يحاول تذكر تلك الأيام جيداً :" حسناً ، هذه هي البداية فقط ! انهار جسدي عدة مرات أيضاً من التعب ، لم أستطع فقط تقبل كل هذه التغييرات و لا شرب الدماء و إن كان جيسي يجبرني عليها أحياناً ، حتى آتى يوم ذلك المشؤوم "

عينا ريك التي أبدت و بوضح تأثرها راقبته بحذر أكبر مع نهايته جملته تلك ! عن ماذا هو يتحدث ؟!

و ريكايل تابع حديثه بابتسامة صغيرة للغاية بينما ينظر ليداه :" آتى لي بعض الجنود و طلبوا مني خدمة ما ؟ هم بالنسبة لي كانوا لطفاء و بشدة لذا أردت حقاً التقرب منهم فمنحتهم ما يرغبون به بلا أي تردد أو ريب ! و قد كانت عبارة عن مخطط ما للقصر ، و انتهى ذلك اليوم بسلام ! لكن بعدها بيوم كنت و سيدي ويل نقف بغرفته ، لا أذكر تماماً عن ماذا كنا نتحدث لكن كالعادة أنا كنت خائفاً منه و فجأة وقع هجوم و هو أصيب به ، لا بل هو فقط دافع عني أنا ! "

لم يستطع الحفاظ على ابتسامته بل أخفض رأسه فحسب :" و جيسي كان غاضباً وقتها ! ليس لأن ويل دافع عني بقدر أن مُنفذي الهجوم تمكنوا من اختراق ممرات سرية بالقصر أنا من سربها لهم ! لذا حبسني بغرفتي و على الأغلب هو فعل هذا ليتأكد أولاً من نيتي قبل أن يتخذ أي إجراء ! ، لكن حتى ذلك الوقت أنا لم أعلم لما هو كان غاضباً ؟ و لما صفعني و حبسني ! و فجأة ظهر أولئك الجنود الذين ظننتهم لطفاء و أخبروني أنهم هنا بأمر من الحاكم لتعذيبي و أعدامي "

ملامح ريك كانت تتبدل بين الضيق ، الكره و الاستياء لكن شهقة ما صدرت من فمه مع نهاية جملة توأمه أجبرت الأصغر على النظر له بأعينه المُحمرة و قد رسم ابتسامة ما مجدداً ! هو الآن يجلس معه لكنه أظهر مثل هذا التعبير الخائف !

أغلق عيناه بينما وضع رأسه على كتف الأكبر :" حسناً بالنهاية أنا ما قاومتهم ! و هم بالفعل قاموا بتعذيبي ثم غرسوا وتد ما بجسدي قرب قلبي تماماً ؟ و فقدت وعيي ظناً أنها النهاية حقاً و بوقتها أنا تمنيت بكل قوتي ألا أصحو "

تنهد قليلاً و هو يتابع دون أن ينظر لأعين ريك و ابتسامته الشريرة التي تربعت على ثغره :" و لكنني استيقظت و دون أي أثر لذاك التعذيب لأن الحاكم منحني من دمائه ! و أيضاً للآن أمتلك قوة أكبر من أي متحول آخر بفضل دمائه فهو يمدني بها بين فترة و أخرى بطرق غير مباشرة ! و حقاً صدق أو لا بذلك الوقت هو كان بيعاملني بلطف تام حتى كبرت على الأقل "

ضحك بنهاية جملته بينما قلب ريك عيناه بعدم اقتناع كُلي يهتف بحنق :" أود النهوض و الشجار معه رغم أن هذا لا يبدوا ملائماً الآن ! "

و تلك الكلمات كانت كفيلة لتجذب من كاد يشعر أن روحه تغادر جسده ! و أن الصمت يزيد ذاك الألم و العذاب أكثر !

حيث تقدم آلبرت فجأة يحيط بعنق كلاهما وسط نظرات ليون المتفاجأة لينطق بابتسامة عابثة رغم صغرها :" هل أنت وصفت الحاكم المخيف باللطيف تواً ؟ لا تقل لي انه قام بإحتضانك وقتها ! ستعتبر هذه خيانة ألا تخبرني بمثل هذه المعلومات القيمة مُبكراً "

تابع بعد أن وجه بصره لريك يردف :" و من أخبرك أن هناك وقت غير ملائم للشجار ! هذا سخيف هذه الأجواء بالذات هي الأكثر مُلائمة للكم أحدهم ! "

تلك الأحاديث التي علا صوتها جعلت البقية يقتربون ، ربما لأنهم حقاً كانوا بحاجة لهذا ؟

و ربما أول من نطق بعد جملة البرت تلك هو جيس الذي تقدم منهم بأعين مُغلقة ينطق بنبرة امتزج بها الهدوء و السخرية بطريقة ربما ما كان أحد ليتمكن من فعلها سواه :" و الآن لا أدري أأنت تتحدث بشكل عام أم تقوم بتحريضه للكمي ؟ رغم أنني كدت أريك كم يمكنني أن أكون لطيفاً ! "

شهقة صدرت من المعني ليقف فوراً و يبتعد بعبوس ما :" و الآن جلالتك أنت فقط ألا تلاحظ أنك لا تتحدث معي إلا لتوجيه إساءة ما أو السخرية مني ؟ رغم أنني أكثر من يحترمك هنا ! "

و كلماته تلك جعلت ويل يضحك بينما ابتسم اندريه بخفة محدقاً بهم ! أو ربما بالحاكم الذي رمش قليلاً و كأنه ببساطة أدرك هذا تواً ...

_ :" حسناً ، أنا أشهد أيضاً أنه بالفعل أكثر من يفعل !  أنظر لهذا الجميع بالعادة يتصرفون بوقاحة معك كآيزاك و سمو الأمير ريك ! "

و ذلك الصوت دفع البقية للالتفات للقادم بهدوء ! آخر ما توقعه الجميع ربما هو نهوض آرون و مشاركتهم هذا النقاش الفارغ لكن يبدوا أنهم فقط يفكرون بذات الطريقة ! ...

و لئلا يعود الصمت المريب للأرجاء نطق ريك بسخرية تامة :" عزيزي عليك معرفة أن هذا الحاكم غير مُخيف البتة "

و آيزاك تابع بلا مُبالاة حقيقية :" كما أنه يسخر من الجميع بالفعل ، هي هواية لديه كهوايتك أنت بالإفساد بين الآخرين ! "

و هالة الحاكم التي انتشرت فجأة جعلت البقية يصمتون مجدداً بينما هو ابتسم بشر :" يبدوا أنني كنت أليف أكثر مما يجب معكم بالفترة الأخيرة ! "

و كلماته تلك أجبرت عدة ضحكات من الخروج بينما ابتسم البعض الآخر بخفة ...

و بالنهاية هو أخذ عدة انفاس عميقة بينما قام آرون بإعادة تنظيف ثياب البقية من الدماء و التراب و غيرها و ربما هذا فقط ليمحو دماء رفيقه من أمام بصره !

و حركته تلك جعلت جيس ينطق بجد :" أظن أننا وصلنا لطريق مسدود ! ما عاد لأغلبنا القدرة على السير مجدداً بهذه المهمة لذا ما رأيكم فرقة واحدة هي من ستخرج هذه المرة ، البقية سينتظرون هنا عند الحدود و إن مر الأسبوع عليهم ببساطة العودة للديار ! هذا كافٍ و سواء مات أحد من سيذهب لنكمل العدد أو لا هذا هو آخر اسبوع ! و إن فقدت الفرقة أيضاً لن يغامر أحد بالدخول ، دعونا نوقف هدر الدماء هذا "

لم يناقش أي منهم بل إن فكرة إنطلاق فرقة مرة أخرى كان مخيفاً لأغلبهم ! لكنه أمر سيقع بأي حال على الأغلب ...

لكن السؤال هو من هم اللذين سينطلقون ؟! وقفة جيسي و كلماته التي بها أوامر لمن سيبقى دلت على أنه سجل اسمه بالفعل ليمضي للأمام !

و آيزاك وقف رفقته بينما ينطق :" لما لا تعود فرقتنا السابقة ذاتها للانطلاق ؟ نحن بالفعل بتنا نعلم كيف نقطع الحاجز ! "

و مع نهاية جملته تلك تقدم كيفين ليسير آندريه معه ... أسبوع واحد فقط ثم يعودون للديار ؟

للحق هو ما رغب بالذهاب خشية على رفيقه لكن أيمكنهم التراجع الآن ؟

و رغم أن ويل و زاك رغبا بالاعتراض لكن لسبب ما لم يتمكن أي منهما من فعلها ! و بهذا انطلقت تلك الفرقة مرة أخرى و هذه المرة هو أسبوع واحد إما النجاح أو الفشل !

أسبوع هو ما يفصلهم عن العودة لديارهم ليروا أي حرب قد بدأت من بعد ذهابهم ! ...

فما المصير المنتظر ؟

#### نهاية الفصل ####

تفصلنا عن نهاية الرواية أربعة فصول فقط ..

قراءة ممتعة

Bạn đang đọc truyện trên: AzTruyen.Top