الفصل الواحد و الثلاثين
بعد مضي فترة من الوقت قرر الأغلب إعادة تقسيم الفرق للإنطلاق , ثلاث فرق ستنطلق بمهامها المُعتادة بينما يقف فريقان بإنتظار عودة المفقودان حتى إشعار آخر قد يطال الأسبوع الثاني لهم بأكمله !
و كالمرة الأولى حطت الدُمى بالكامل بأماكنها المُعتادة ثم تبعتها الدُمى الثلاثة الخاصة بآندريه و تينا و ريكايل حيث تبعت كل دُمية منهم دمية أسيادهم , حدق الجميع بالترتيب أمامهم قبل أن تُرسم إبتسامة ما على وجه آرون بينما إلتقت عيناه بعينا جيس لأقل من ثانية قبل أن يشيح بوجهه عنه , فقط يا له من فريق فاخر !
آرثر ضحك بخفة وهو يذكر الموقف التي وضع رفيقه به نفسه مع الحاكم بثرثرته المُعتادة , جيسي حدق بتلك الدُمى بهدوء قبل أن يحدق بآرون و آيزاك و آرثر لينطق :" إذاً هل ننطلق ؟ لا أظن هُناك فائدة من تكرار كلمات الوداع وغيرها بكل مرة صحيح ؟ "
وافقه آرثر من فوره بينما سار آرون بإتجاههم أما آيزاك فقد شعر بإستياء كبير فهو يشعر بأن توأمه ليس بخير وهو ليس برفقته و الأسوء لا أحد من رفاقه معه , وهذا يزيد قلقه عليه بشكل فظيع و يجعله راغباً بالإعتراض لكن فقط بأي حق يمكنه فعلها ؟ هو وكأنه سيخبرهم هنالك خطب ما بأخي لذا راقبوه جيداً , تنفس بعمق مُغمضاً عيناه عندما إقترب زاك منه ليهمس بهدوء به القليل من الحُزن :" لا تقلق , أنا سأكون بخير أعدك "
عض على شفتيه فلا خيار آخر لديه سوى الموافقة على ذلك لذا هو أخفض بصره و إنطلق للوقوف بجانب فريقه ليومأ جيسي إيجاباً ويتحرك بعد أن نظر لشقيقه الأصغر لعدة ثوان , هذه المرة الأولى له بمفرده و مع ذلك بقائه هنا دون التوغل حقاً بأعماق القارة يعطيه القليل من الأطمئنان .
كما أنه لا يوجد حقاً ما يمكنه فعله سوى الثقة بأن تعليماته لشقيقه الأصغر ستجعله يقف على قدميه و إن لم يتواجد هو أو ريكايل بجانبه مهما كان الظرف فمن يعلم قد يحدث ذلك ويضطر هو للبقاء بمفرده !
لكن ماذا عن ريكايل ؟! هو إحتل تفكيره هذه المرة بشكل أكبر جسده بات أضعف لعدم شربه للدماء و حقاً نادم على تأخره بتنبيه ويل بإعطائه من دمائه بكل ثلاث أيام أو بعد كل جرح عميق يُصاب به وأن يحاول هو عدم الشرب من دمائه , أغمض عيناه فما عاد بيده من شيء سوى الثقة بأن ذاك الفتى الذي إختاره هو كمستشار له سيكون بخير و يجد طريقة ما للنجاة و العودة , ليس وكأنه إختاره ليصبح وصياً على ويل دون أي ثقة به .
زاك بقي بمكانه ينظر لهم بهدوء و أفكاره متفرقة, لم يفكر كثيراً بصحته بقدر تفكيره وقلقه على الأميرة التي ساهمت بوجوده على قيد الحياة للآن , واحدة ممن جعلوه ينسى آلامه و أنقذوه من الجحيم , لو كان الأمر بيده لسقط بدلاً منها بكل سرور !
هو حتى كان ليسقط بدلاً من ريكايل لرد دينه , ليس سيئاً حقاً ليتجاهل من أنقذ حياته بينما هو منشغل للتصرف كوغد فقط , أيقظه من أفكاره جبراً إحاطة آلبرت بِعُنقه وهو ينطق بضيق :" أنا و أنت علينا أن نصبح صديقان ! تخيل أننا مع أكثر الفتيات إزعاجاً بذات الفريق ؟ "
هو نظر لآلبرت بخفة قبل أن يُعيد بصره حيث بقية فريقه المتكون من إيما و تينا , هو تنفس بعمق فحقاً ما بال هذا الحظ المُريع ؟ ألا يكفيه أن أميرته مفقودة و شقيق أميره كذلك ثم عدم تواجد أحد أصدقائه معه و الآن هذا !
ليس إيما و تينا فقط بل حتى مُحب المشاكل هذا لكن حقاً بالتفكير بالأمر آلبرت فقط يبدوا ملاكاً , شهقة خافتة صدرت من المعني وهو يهتف بضيق :" ملاك ! أرفض وبشدة , تعلم أننا و الملائكة أعداء صحيح ؟ "
رمش زاك عدة مرات وهو يقسم أنه لم ينطق بأفكاره إذاً ماذا حدث ؟ ثوان قبل أن تنقلب ملامحه للغضب وهو ينطق :" و من سمح لك بالتسلل لأفكاري ! "
ضحك آلبرت بمرح وهو يبتعد قليلاً :" ماذا بدوت شارد الذهن فأردت معرفة بماذا تفكر ؟! "
عبس بشدة وهو يشيح بوجهه عنه ليسير فقط فهذا خطير حقاً , من الجيد أن الشياطين لا يمكنها إلا قراءة الأفكار السلبية التي يفكر بها صاحبها بذات اللحظة لا كل أفكاره و إلا لربما حدثت كارثة ما ؟!
إيما وجهت نظرة مُترفعة لشقيقها لتبدأ باللسير و هي تنطق بضيق :" لا أصدق أنني بمثل هذا الفريق الوضيع "
حول آلبرت أنظاره لها بسرعة ليبتسم بشر :" كم هي إنسانة مُهمة لصنع وجبة طعام لبعض الكائنات المسكينة "
ضحك زاك بخفة موافقاً بينما يسير كُل منهما خلف إيما و تينا , ليون نطق بصوت هادئ ناصحاً بشيء من فُقدان الأمل :" آلبرت لا تتهور ! "
هو رفع يده له بخفة قبل أن يبدأ ذاك الفريق بالإختفاء تدريجياً من أمامهم ليتنهد بتعب شديد , رفيقه لن يستمع لهذه النصيحة مهما حدث و هو يدرك ذلك ومع هذا سيخبره بها بكل مرة وكأنه يعلمه بأنني هنا من أجلك لذا حافظ على نفسك و عد لأجل من ينتظرك !
بالنهاية هو وجه أنظاره لكيفين لينطق بهدوء :" هل ننطلق سمو الأمير ؟ "
أغمض كيفين عيناه بينما أشاح بوجهه هو الآخر عن تلك النقطة التي كان فريق أخته يقف بها ليُجيب بهدوء :" أجل , لا فائدة من الإنتظار بكل حال "
وبالنهاية تقدم إيكاري بتردد ليتجه برفقتهم نحو المجهول مُجدداً , هو مع كيفين و آندريه و ليون ولم يختلط قط بأي منهم !كما أن الأوضاع ليست جيدة , لم يستطع منع نفسه من النظر لكل من ريك و ويل , يشعر برغبة ما للتخفيف عنهم لكن لا علاقة تربطه مع أي منهم و يشعر بأن الكلمات قد لا تُفيدهم , فحقاً لو كان أحد رفاقه لما خفف عنه سوى رؤيتهم بخير !
وبهذا لم يتبقى سوى الفريقان بإنتظار عضويهما المفقودان , ويل عاد للجلوس على صخرة ما بهدوء شديد فهو لم يعتد قط على أن يكون وحده دون ريكايل أو جيسي , ولم يكن ليتخيل أن يوم كهذا قد يأتي فشقيقه لم يوجه له أي حرف و لا حتى نصيحة , أهو بسبب قلقه على ريكايل ؟ أم أنه يرغب بإختباره ؟ أن يرى مدى التقدم الذي أحرزه بالإعتماد على نفسه ؟!
أغمض عيناه فلا خيار آخر سوى أن يعتمد على نفسه الآن مُتأملاً أن تعود أسرته له بسلام و دون أي خدش إن أمكن ذلك , وهو سيعمل على أن يكون بخير حتى يثبت لهما أنه ليس طفلاً بحاجة للرعاية دائماً ! و الواقع هذا ظهر فور رحيل جيس فنظرة جادة خالية من المرح المُعتاد ظهرت بعيناه كما إزدادت هالته التي تثبت للجميع أن من أمامهم هو أحد أفراد الأسرة الحاكمة لمصاصي الدماء !
فتح عيناه مُتأملاً السماء التي كان صديقه يحب النظر لها دوماً بأوقات فراغه ليضع يده على قلبه بينما يهمس بصوت خافت :" أرجوك ريكايل عُد بخير لأجلنا ! "
ريك تنفس بعمق عندما لاحظ أنه بفريق كلير فهو لم يكن ليُغادر دون الإطمئنان عليهما ومع ذلك قلق ماذا لو كان الذهاب هو الفرصة الوحيدة لرؤيتهما ؟!
الجلوس ولأسبوع دون فعل أي أمر سيفقده عقله حقاً فلن يكون هناك أي أمر يمكنه فعله سوى وضع الإحتمالات مهما كانت طبيعتها , جيفري وضع يده على كتف سيده وهو يتحدث بهدوء :" لنثق بهما ريك ! هذا هو الحل الوحيد أمامنا و إن لم يكن كافياً لإخفاض مستوى القلق لكن ما باليد حيلة ! بهذه الأوقات المُحافظة على إتزان تفكيرك دون أن تنهار هو الفوز الحقيقي "
وجه ريك نظراته لمُساعده ورفيقه وهو ينطق بصوت هادئ :" هل تساعدني إن إنهرت للوقوف مجدداً ؟ "
ابتسم له بخفة وهو يجيبه بثقة :" بل أنا سأمنعك من السقوط و الإنهيار من البداية ! "
هو حاول حقاً أن يبتسم له كنوع من الإمتنان لكن تلك الإبتسامة قد خانته تماماً بل شعر بأن دموعه قد تخونه أيضاً , الشعور بالعجز الشديد مقيت للغاية يفضل الموت على الشعور به حقاً , هو حقاً مُمتن لتواجد جيفري معه الآن لا يدري ماذا كان ليحدث لو أنه بمفرده .
ريبيكا ونيرو جلسا معاً بصمت فالأجواء حولهما لم تسمح لأي مُزاح بينما نيو فقط بدأ يعيد كل ما حدث و علمه من البقية عله يصل لبعض المعلومات التي خفيت عنهم ، بينما ميلينا جلست تحدق بهم بهدوء شديد دون مقدرتها على فعل أي شيء ، هي بتلك اللحظات تشعر بعجز شديد ، ترغب بتقديم المُساعدة لكن لا تعلم كيف وهذا بحد ذاته أمر فظيع .
******
جلست بتعب شديد بينما تنطق بإستياء :" بحق الإله ما هذا الكهف اللعين ؟! لماذا لا يوجد أي مخرج ؟! ولا شيء من حولنا يتغير وكأننا نسير بمتاهة ! "
أعاد بصره لها بشيء من القلق و قد توقف عن السير محاولاً البحث عن أي دليل على أنهم إقتربوا من مخرج ما لكن لا فائدة , لا يحيط بهما سوى تلك الحجارة و كأنهما بداخل كهف قديم مُمتد لما تحت الأرض !
تنفس بعمق ليجلس هو الآخر بعيداً قليلاً عنها بينما يغمض عيناه , ما الحل الآن ؟! عليه أن يعثر على طريقة ما تُعيدهما للسطح قريباً , فالأمر ليس سهلاً حقاً عليها , و لا يعلم كم مضى تماماً من وقت مُنذ إنفصالهم عن البقية , يثق بأنه على الأقل هناك يوم على وشك أن يكتمل !
ضيق عيناه وهو يستشعر هالة ضعيفة نسبياً بالقرب منهما , ليرفع رأسه قليلاً وما إن فعل حتى شهق برعب شديد لكن ما كانت سوى ثانية واحدة وقد كانت عيناه الزرقاوتين تحولتا للأحمر القاني مُنطلقاً بإتجاه كلير التي حدقت به بتوتر و ما إن كادت تنظر خلفها حتى وجدت نفسها بين يدي شقيقها الأكبر الذي أخذها و تراجع للخلف بسرعة كبيرة !
هو وضعها خلفه بينما أظهر مخالبه و أنيابه وهي ما تمكنت سوى من التشبث به برعب شديد فور وقوع بصرها على تلك الأفعى الضخمة أمامهما و التي كانت تمتلك خمس رؤوس , بل كلير تكاد تُقسم بأنهما يبدوان كحشرة صغيرة أمامها .
نظر لها من طرف عينه بينما يتحدث برسمية هادئة :" سمو الأميرة , أيمكنك أن تتناولي الكبسولة التي تعطيكي سرعة الجان بالهرب ؟! "
نظرت له بشيء من الدهشة بينما أردف هو بجد :" من فضلك خذيها و أسرعي حالاً , إتجهي لمنطقة آمنة حتى أضللها و أتبعك "
هتفت هي برعب شديد :" أأنت مجنون ؟! هي عملاقة ثم ماذا لو تواجد مثلها بمكان آخر ؟ "
لم تكد تنهي عبارتها تلك حتى صرخت برعب عندما تحركت إحدى الرؤوس لمهاجمتهما , ريكايل بالكاد تمكن من إلقاء كلير لمنطقة بعيدة نسبياً و إيقاف ذلك الهجوم بصعوبة , إذ أخرج سيفه و وضعه بين فكيها لعدة ثوان قبل أن يتحطم بداخله و تراجعت هي بسبب تلك الوغزة التي أحدثها السيف بحلقها .
لم يضيع ريكايل تلك الفرصة بل حمل شقيقته و التي تجمدت بمكانها تماماً و هرب بأقصى سرعة يمتلكها بعيداً عنها مُتأملاً أن لا تعثر عليهما مجدداً أو أن لا يجدوا كائن شبيه لها .
بعد مدة من الزمن هو توقف لإلتقاط أنفاسه قليلاً , هي تزحف ببطئ هذا ما يطمأنه قليلاً إذ أن سرعتها حقاً هي فقط عندما تنقض عليهم , و مع ذلك إن تواجد غيرها فالأمر لن يكون مُبشراً , لن يتمكن من التعامل معهم !
على الأغلب هو عليه قطع جميع رؤوسها وفقط بحق الإله بمفرده كيف له أن يفعلها ؟ وهو قد فقد سيفه أيضاً , وجه نظرة سريعة لكلير التي كانت تُخفض رأسها و يبدوا أنها ما تزال خائفة , أراد الإقتراب منها عله يبعث القليل من الهدوء و الطمأنينة لها إلا أنها ما إن لاحظت إقترابه حتى هتفت بإنزعاج :" توقف ! لا تقترب أنت الآخر مني أيضاً "
تراجع هو خطوة للخلف بشيء من الصدمة , حدق بيديه التي تُظهر مخالبه ليتنفس بعمق و شيء من الحُزن إحتله بينما يشيح بوجهه وجسده عنها , لا يمكنه العودة لهيئته كإنسان الآن , هذه الهيئة تجعل حواسه مُتيقظة أكثر و لا يُمكنه الاستغناء عنها الآن بظل مثل هذه الظروف , مع ذلك هو غير قادر على إيقاف ذاك الشعور التي إحتله تواً , لطالما لم يرغب بمواجهة أسرته لأجل ردة الفعل هذه ! هو يعلم تماماً ما مقدار تحمله لذا لطالما تجنب الذهاب لأي إجتماع أو مكان يتواجد به أحد أفراد أسرته طوال فترة عمله كمُستشار .
أما هي فقط إستندت للحائط خلفها بينما تشعر بالإستياء الشديد من ذاتها , هي أنانية و بشدة وتواً فقط بدأت تُدرك هذا , عندما هو ركض بإتجاهها لإنقاذها هي ظنت به السوء فقط , و للآن لا تعلم كيف تمالكت نفسها و لم تكن ردة فعلها هي هجوم ما عليه , للآن لم تثق به حقاً , ظنت بأنه سيقتلها فحسب و ليس إنقاذها !
ثم يطلب منها الهرب بينما يجعل من نفسه طُعم وردها هو أنها خائفة من تواجد مخلوق مشابه لما يواجهه هو , أخفضت رأسها عندما إنسابت دمعة على وجنتها , هي حقاً أميرة مُدللة للآن , لم تتغير قط عما كانت عليه بالسابق بل ربما إزدادت سوءاً , رفعت رأسها عندما إنساب إليها صوته الهادئ بينما يتحدث بألم تمكنت هي من الشعور به :" ما هي الفكرة التي باتت بعقلك عني ؟ "
أرجعت بعض من خُصلاها الزرقاء الداكنة للخلف بينما تُجيبه بصدق :" لا أعلم , لدي الكثير مُنذ ذلك الوقت و حتى هذه اللحظة ! "
آمال برأسه بخفة بينما ينطق بذات نبرته السابقة :" أهنالك واحدة إيجابية على الأقل ؟ "
أغمضت عيناها بينما تُجيبه بشيء من الإرتباك :" لقد إعتبرتك ميتاً ! "
عض على شفتيه بقوة و قد أخفض رأسه ليتحرك للأمام ربما كإشارة ما إلى أنه عليهم التحرك و أن لا رغبة لديه بالإستماع للمزيد إلا أنها رفضت الأمر و تحركت لتصبح أمامه بينما تُكمل كلماتها رغم تلك النظرة التي رُسمت بعينا الآخر و التي كانت تتوسل ربما لبعض الرحمة و الشفقة لقلبه :" بل هذا ما ظننته حقاً بذلك اليوم ! أعني كنت تتألم بشدة وكان هُنالك دماء ما تخرج من عنقك و أنا طفلة لذا حقاً ظننت أنك مت , لم أعلم لما أخذوا جسدك أيضاً ولم أستطع أن أسأل أي أحد فكل شيء تبدل تماماً بعد ذلك اليوم "
توقف عن المسير مُحدقاً بها بشيء من التعجب بينما أردفت هي :" لقد كرهتهم بذلك اليوم , هم تسببوا بجعل أسرتي حزينة و ناقصة , هذا ما رددته لنفسي دائماً , لكن على عكس ريك لم أكره مصاصي الدماء فقط دون غيرهم , فبكل سنة كنت أرى أثار تلك المعارك التي تسبب بها بقية الأجناس الأُخرى قبل المُعاهدة بيننا ! علمت بوقتها ليست أُسرتنا فقط من فقدت جزء منها بل العديد من الأسر و بسبب أجناس مُختلفة , وكل هذا للسيطرة على مملكتنا "
أخفضت رأسها وهي تُشتت أنظارها مُبعدة حدقتيها عن النظر له لتكمل :" و بعدها بفترة قليلة علمت أنك لم تمت حقاً , مع أن مصيرك مجهول تماماً لكن هناك إحتمال أنك مازلت على قيد الحياة , و مع ذلك فأنت رحلت و أصبحت منهم ثم سمعتهم يتحدثون عن أنه قد تعود للإنتقام لذا فضلت أن أكمل إعتباري لك كشخص ميت , حتى لا أحزن أو أتردد بقتلك إن أتيت للإنتقام حقاً "
وهو لا يعلم سر تلك الإبتسامة التي ظهرت على وجهه بالرغم من رغبته بالبكاء ربما ؟! حل الصمت بين كلاهما لفترة من الوقت قبل أن يهمس هو :" و من ثُم ؟ "
أجابته بنبرة واثقة فبأي حال ليس وكأنها ستكذب حقاً :" ثُم علمنا أنك على قيد الحياة بذلك الوقت عندما ظهرت فجأة بقصر الحاكم وقتلت ذلك الرجل "
عض على شفتيه مُجدداً وقد تسبب لها بجرح طفيف , ذلك اليوم كان كارثة بالنسبة له , لطالما أراد أن يُري أسرته أنه جيد حتى لا يتم إعتباره كوحش ما و مع ذلك اللقاء الأول له معهم كان فظيعاً للغاية , صحيح أنه أنقذ ريك وقتها ولكن أسلوبه كان متوحشاً تماماً , وكأنه شخص آخر !
أكملت هي عندما وجدته شرد بأفكاره :" لا أُنكر أنني خفت منك لكن على الأقل لم تؤذي ريك , ثم فكرت أن علاقتك بريك كانت جيدة دائماً , لذا ربما أنت لم تكرهه كما كرهت بقيتنا ! و الآن أنا لا أعلم ريكايل , لا أنكر أنني أشعر بالخوف منك ببعض الأحيان , الأمر ليس بيدي , لقد كرهت بقية الأجناس بالفعل و أنت بت واحد منهم وبذات الوقت لست الشخص الذي توقعت أن تكونه ! "
أكملت بنبرة شبه هامسة سمعها هو بسهولة :" لذا لا أعلم إن كُنت أعتبرك كشقيق أم لا ؟ بل إن كُنت أتقبلك أم لا ؟ "
و هذه كانت آخر عبارة يتم النُطق بها بينهما , ريكايل فهم أنها بحد ذاتها لا تعلم إن كانت الآن تتقبله أم لا ؟ وكأنها تعيش صراعاً مع ذاتها بسببه , وهنا هو لا يعلم أعليه الشعور بالسعادة أم الحُزن ؟ على الأقل هي تحاول و مع ذلك هذا لم يمنع تلك الدموع من الإلتماع بعيناه , لذا هو سار أمامها ليمنعها من رؤيتها !
أما هي فقد سارت خلفه فقط بصمت , تُدرك أنها أزعجته حقاً لكن أليس قول الحقيقة أفضل من جعله يعيش بأمل زائف ؟! لا تُنكر أنها بدأت تتقبله لكنها لن تتحدث حقاً , ليس قبل أن تتأكد من أنها ستُعامله كما تفعل مع ريك تقريباً , أن تخشى عليه و تنسى خوفها لأجله .
و أيضاً أن تتحامل على نفسها لتتجاهل أنانيتها و كبريائها الخاص ! أن تُبعد من عقلها السخيف فكرة كيف يمكنها التراجع عن أفعالها حقاً ؟!
*****
سار بخطوات هادئة يتأمل المكان من حوله الهدوء غريب للغاية , لا شيء هاجمهم مُطلقاً و لم تتغير التضاريس أمامهم هذه المرة , الثلج ما زال يُغطي الأرض المُنبسطة , بل ربما الأغرب هو تمكنهم من الشعور بتواجد الفرق الأخرى لكن بشكل ضئيل للغاية , بالمرة الأولى هم شعروا بأن المكان بحد ذاته مُستعد لرد هجومهم لكن هذه المرة يبدوا وكأن لا شيء يهددهم !
توقف آرون عن السير أولاً وهو يتأمل ما حوله باحثاً عن أي شيء مُثير للريبة لكن بلا فائدة , هم تقريباً على وشك ختم يومهم الأول من هذا الأسبوع و لا شيء تغير , آيزاك نطق بريبة :" ما هذا الآن ؟! "
أجابه آرثر بهدوء :" لا أعلم , أهو فخ جديد ؟! يريدون أن نشعر بشيء من الأمان ثم الإنقضاض علينا أم شيء آخر !؟ "
حدق جيسي بهم قليلاً قبل أن يتحدث بهدوء :" إن إنتهى يوم غد و لازال الأمر هكذا دون أي تغيير لنعد لنقطة البداية "
أومأ الثلاثة له إيجاباً فتواجدهم معاً بظروف غريبة كهذه أفضل من تفرقهم ، و على الأغلب بما أنهم يشعرون بتواجد بعضهم البعض سيعود البقية فور شعورهم بعودة فريق لنقطة البداية !
لذا تحرك الأربعة مُجدداً و قد حسموا أمرهم ، لكن أمر واحد لم يجرأ أي من الأربعة قوله بصوت مُرتفع هو أن الاثنان المفقودان لا يمكن الشعور بهالتهما مُطلقاً دون الآخرين .
*****
توقف آلبرت عن السير بينما ينطق بشيء من العبث :" مُثير للاهتمام ! يبدوا أنك هُناك أمر مُثير يتم تحضيره لنا ! "
رمش زاك عدة مرات وهو ينطق بإستياء :" و هل هذا يدعوا للسعادة حقاً ؟! تباً بما تورطت حقاً ! "
ضحك آلبرت بمرح بينما حدقت به تينا بحاجب مرفوع ، فحقاً كل شيء يحدث حولهم هذه المرة غريب ! شيء ما كالهدوء ما قبل العاصفة ، لا تعلم إن كان الشعور بالاطمئنان لأنهم يشعرون بتواجد بعضهم البعض فخ أم أمر آخر ؟!
قد لا تثق بأحدهم حقاً لكن هي تدرك أنهم بموقف واحد بهذه المعركة و لا يحتملون خسارة أي شخص مهما كانت قوته ، فالجميع قد يفيدهم بطريقة أو بأخرى لذا إن حدث مكروه لأحد الأفراد ستتحرك جميع الفرق لمحاولة إنقاذه ، و هنا يكمن السؤال أيكون هذا التجمع فخ أم أمر إيجابي ؟!
و بالمقدمة سارت إيما بمُفردها ، لا تنكر أنها تشعر بشيء من الخوف ، لم تعتد على القتال حقاً و تعلم أن لا أحد سيلقي بجسده أمامها لحمايتها ، لا تعلم كيف بدأ كل هذا بل كيف هي وصلت لهذه النقطة لكن تعلم أنه ما عاد بإمكانها التراجع ، عليها أن تصبح أكثر قوة و أن تقف على قدميها وحدها دون الحاجة لأي مُساعدة !
عضت على شفتها بشيء من القوة فهي ستنتقم من ذاك المدعو والدها ، ستعود قطعاً للقصر و تنتقم منه على إلقائها بمكان كهذا ، ستجبره على التنازل عن عرشه لتلقي به إما للجحيم أو تحوله لعبد ذليل .
*****
لم يكن الصمت الطاغي بتلك المجموعة مُريحاً لإيكاري المُتفائل و الإجتماعي بالعادة ، بل هو جعله أكثر توتراً ، اليوم انقضى تقريباً لكن لا شيء حدث !
هم حتى لم يخرجوا عن نطاق البقية كما يبدوا ، هذا يوتره بالفعل ، و من معه لا يتحدثون حتى ، جميعهم صامتون تماماً ، مُحتفظين بأفكارهم لأنفسهم ، لديه رغبة حقيقية فقط بالالتفاف و الذهاب لأيزاك أو نيو ، لكن أهذا مُمكن حتى ؟!
ليون بعثر خُصلاته بضيق بينما حدقتاه الصفراوتين تنظُران بكل إتجاه بكل حذر و يقظة ، هو لن يقتنع مُطلقاً أن هناك شيء جيد سيأتي من هذا الهدوء ، ثم لماذا مُستشار حاكم مصاصي الدماء و أميرة البشر هم فقط من لا وجود لهالتهم بالأرجاء ؟
أهي طريقة جديدة لقتالهم ؟ يفصلونهم هكذا ثم يقضون على الأقل قوة ؟
إذاً هل هم فقط بأمان لإن جهود أعدائهم أياً كانوا مُلتف حولهما فقط ؟! لكن لو كان الأمر كذلك لماتا منذ زمن ، أم أن عدوهم يحب التسلية ؟!
هو قبض على الكريستالات بعنقه يحدق بها ، أهي تعمل حقاً ؟ ماذا لو ماتا بالفعل و هم لا يعلمون عنهما أي شيء ؟
آندريه وجه أنظاره لسيده و الذي كان يسير بمفرده بالأمام ، لا يعلم حقاً ماذا يشغل فكره الآن ، أهو قلق على شقيقته ؟ أم من الوضع الحالي ؟ أو ربما نادم لإنه أقحمه بهذه المهمة الصعبة ؟ و الإحتمال الأكبر هو يفكر بكل هذا حقاً و لا فكرة لديه عن كيف يمكنه التخفيف قليلاً عنه !
منذ أن كان سيده طفلاً و هو يرى تلك الأعباء تحيط به ، تثقل كتفيه الصغيران بلا رحمة من أحد و لا حتى من يفترض بها أن تكون أسرته ، لذا هو كرس نفسه له و لخدمته ، بهدف التخفيف عنه و لو القليل و الآن يرغب بأن يعلم أنجح بهذا ؟ و لو بمقدار بسيط جداً ، أهو شيء صعب حياته أم جعلها أسهل ؟
أغمض عيناه يُطلق تنهيدة مُتعبة فهم بمكان لا يعلم أحدهم إن كان سينجوا أو يموت لذا إن كان موته قريباً يرغب بمعرفة الإجابة هل نجح ؟ و إن حدث ذلك لِما فشل بإعادة تلك البسمة اللطيفة على شفتيه ؟
مُقلتيه ذات اللون العُشبي الندي حدقتا بمن خلفه فور أن التقطت أذناه تنهيدته تلك ، هو نظر له بهدوء و ما إن لاحظ الآخر نظرات سيده حتى ابتسم له كما العادة ربما بمحاولة ما ليطمأنه أنه بخير ؟!
تراجعت خطوات كيفين حتى بات يسير بجوار خادمه لينطق بهدوئه المُعتاد :" ما الأمر ؟ "
عبوس طفيف ظهر على ملامح الأكبر وهو يجيبه :" أخبرني سيدي هل كنت مفيداً لك ؟ أعني هل أنا خففت القليل عنك أم لا ؟"
نظراته أصبحت أكثر جموداً مما كانت عليه لعود للتقدم بينما يجيبه بصيغة آمرة :" إن كان لديك الوقت للتفكير بأمور كهذه فأفضل أن تستغل وقتك بالتفكير بما يحدث من حولنا و ما سنفعله عند عودتنا للمملكة ! "
نطق بصوت خافت لم يخلو من الانزعاج :" أمرك سيدي "
هو يُدرك تماماً أن هُناك أمر مُبطن خلف كلمات سيده تلك بمعنى ' لا تجرأ وتفكر بالموت ! '
حول بصره على إيكاري عندما شعر بأنه تعثر ، أراد أن يقترب و يساعده لكنه تراجع عن هذه الفكرة ، بالنهاية هو مجرد عبد أيحق له هذا ؟! لا يعلم إن كان من أمامه سيفضل الحديث معه أم ينظر له باحتقار و هذا قد يسبب له و لسيده الكثير من المشاكل لذا عليه فقط إلتزام حدوده و عدم التحدث مع من هم أعلى مرتبة منه دون إذنهم .
إيكاري الذي نهض بينما يشتم ما حوله لاحظ تلك النظرة التي رمقها به آندريه ليقترب منه بينما يتحدث بابتسامة شبه مرحة عله يلقى تفاعلاً من أحدهم بدلاً من أن يفقد عقله :" مرحباً ! أظن اسمك هو ... "
صمت بينما يبعثر خُصلاته الفضية عله يعثر عليه بذاكرته عندما أجابه آندريه بشيء من الرسمية :" آندريه سيدي "
كيفين كان انتباهه قد حول لهما بشيء من الانزعاج ، لا يحب أن يختلط آندريه مع أي أحد حتى يتأذى ، إلا أنه هدأ قليلاً عندما سمع صوت الآخر يجيبه بعبوس :" دون سيدي أرجوك ! أنا أموت هُنا الجميع جاد ومخيف و وجهك الوحيد الذي تبدوا بملامحه اللطف لذا أتصبح صديقاً لي ؟ "
آمال آندريه رأسه قليلاً فهذا مُفاجأ حقاً بالنسبة له ! أن يطلب أحدهم منه ذلك أمر ليس مُعتاداً عليه ثم أهو يحق له إتخاذ صديق حقاً ؟ وجه بصره لسيده و الذي لم ينظر له حتى ليعبس بخفة .
عاد إيكاري لينطق بضيق :" هل ترفض ؟ أعلم أنه من الغريب قول ذلك فجأة لكن تبدوا لطيفاً حقاً "
أشاح بوجهه قليلاً بينما همس بشيء من الخجل :" شكراً لك "
ليس مُعتاد على هذا ! الحديث مع الآخرين و سماع مديح ما منهم أمر هو لم يتوقع أن يحدث له حقاً ، فلطالما كان يحاول أن يقتصر حديثه مع سيده او مع العبيد أمثاله ، حتى لا يضطر لسماع العديد من الإهانات و الشتائم .
كيفين أغمض عيناه بهدوء و شعور بالراحة تسلل لأعماقه عندما ذلك الفتى بقي يحدث رفيقه حتى أجبره على الانسجام معه و الضحك ، بل هو حقاً مُمتن لهذا من كل أعماقه ! .
*****
رفع أحد حاجباه بتعجب بينما ينطق :" حقاً كلاي أأنت فخور بما تفعله ؟ "
حدق المعني به بنظرة خاطفة بينما يجيب من أمامه بهدوء :" ما هي مُشكلتك معي سيلفر ؟! ألم تسمع بالتسلية من قبل ؟! ثُم أنا المسؤول فقط عن ما يحدث بقاع الأرض حيث حيواناتي الأليفة ، لا شأن لي بما يحدث فوق الأرض ! "
مسح على شعره الفضي بينما ينطق و حدقتاه الصفراوتين تحدقان بالفرق :" كاترين ليست على ما يرام "
إلتف من فوره وهو يجيبه بقلق :" لماذا ؟ ماذا حدث لها ؟ "
تدخل كولين بتلك المحادثة لينطق بشيء من الحُزن :" جسدها ضعيف و بشدة "
خيم الصمت بينهم الثلاثة لتتقدم فتاة بشعر فضي طويل و عينان حمراوتين حتى وصلت لجوار كولين وهي تنطق :" علينا بالفعل التصرف لإنقاذها بطريقة ما ! "
تنهد سيلفر وهو يغمض عيناه فهل الأمر بهذه السهولة حقاً ؟! صحيح أنهم أقوياء و بشدة و لكن هُناك ما يتعدى قدراتهم حقاً !.
و بهذا خيم الصمت فيما بينهم حتى قاطعه دخول تلك الفتاة الصغيرة و بيدها دميتها على شكل بطريق لتحدق بوجوه الجميع الذين نظروا لها على فور لتنطق بابتسامة مرحة :" لماذا تشعرون بالحزن ؟ أنا بخير ! صحيح ؟ "
هي إلتفت لتلك المرأة التي تقف خلفها ذات الشعر الأسود الداكن الطويل و العينان الزرقاوتين ، ابتسمت لها تلك السيدة و التي بدى على ملامح وجهها شيء من الكبر و ربما كانت هذه أهم علامة تميزها بكونها مجرد بشرية بينما تجيبها بحنان :" بالطبع صغيرتي كاترين ، إن نفذتي أوامر شقيقك الأكبر و بقية أصدقائك ستكونين بخير "
هي أومأت إيجاباً بمرح قبل أن تعيد بأنظارها للبقية بينما تتحدث بخفة :" بأي حال أين هو شقيقي أليك ؟ "
تبادل الجميع النظرات فيما بينهم فأليكس ضدهم منذ البداية ، لديه ذاك الإعتقاد بأنه سيأتي يوم ما و يضطرون لخيانته و شقيقته ! هو حتى لا يثق بهم .
******
أنفاسها كانت متقطعة بينما تعيد سيفها لغمده ببطء علها تتمكن من إلتقاط اي حركة بالأرجاء ! هي و بسبب هجوم آخر من تلك الأفعى ذاتها قد انفصلت عن ريكايل ، هو اقترح أن يذهب كل منهما باتجاه و هذا ما فعلاه و لكن الآن كيف لهما أن يلتقيا مُجدداً ؟
ثم هل هو سيكون بخير أساساً ؟ فقد تبعته الأفعى الضخمة و كأنها تود الإنتقام منه على جرحه لفكها بأحد رؤوسها الخمسة !
عضت على شفتيها بينما عادت للركض و هذه المرة اتخذت هي ذات الطريق الذي سلكه شقيقها الأكبر علها تساعده و تتخلص من خوفها المُزعج هذا .
~ نهاية الفصل ~
قراءة ممتعة 😍❤
Bạn đang đọc truyện trên: AzTruyen.Top