الفصل السادس و العشرين
وبفريق آخر تماماً توقف وهو يرفع أحد حاجباه بإستياء صامت بينما عيناه الحمراء تحدقان بالصحراء أمامه بكل إنزعاج , لم ينزعج من كونهم أمام صحراء شديدة الحرارة بقدر إنزعاجه من نظرات البقية المتجهة نحوه !
هو نظر لهم و تحديداً لريك لينطق بشيء من السخرية :" ماذا أأنتم قلقون علي مثلاً ؟ لنكمل السير فحسب "
شد ريك على قبضة يده وهو حقاً لا يعرف كيف تمكن من إحتمال من أمامه ليومين كاملين , بل يظن أنه يستحق جائزة لهذا , هو سار قبل جيس حتى لينطق بسخط :" ومن سيقلق على شخص مزعج مثلك أساساً "
أجابه بذات السخرية :" ومن سيرغب أن يقلق عليه طفل لازال بحاجة لعناية "
إحتقن وجه ريك بالدماء بينما سار نيو بصمت وهو يحدق بهما بشيء من الحيرة , فجيسي لا هالة سلبية تخرج منه بإتجاه ريك حقاً و الأخر يسترق النظر للملك المغرور كما يسميه بين فنية و أخرى للتأكد من أنه بخير !
أما نيرو فقد تثائب بملل وهو يشتم آرون مرة أخرى بسره بسبب تلك القرعة الغبية التي جعلته عالقاً مع هذه المجموعة التي تزعجه وبشدة , أكان عليه حقاً أن يكون مع شبيه ريكايل ؟! لماذا لم يستبدل مكانه مع ليون أو آلبرت ! على الأقل حينها سيكون هو مع بعض الأصدقاء الذين يثق بهم , تنهد بتعب فالتمني لن يفيده الآن !
تقدم جيسي أولاً وهو يغطي رأسه بقُبعة مُخفياً بذلك ملامح وجهه و خُصلاته الداكنة مانعاً بذلك وصول الكثير من أشعة الشمس نحوه .
وخلفه مُباشرة سار ريك بخطوات هادئة يتأمل مُحيطه بحذر ، فكيف تتواجد صحراء مُباشرة بعد منطقة جليدية ؟ هو خلع معطفه بسبب الحرارة و حمله بيداه قبل أن يتأمل ظهر من أمامه !
أهو قلق عليه حقاً ؟ على الشخص الذي نزع توأمه منهم ؟ أو ربما فقط بسبب رؤيته لتعلق ريكايل به هو خائف من أن يصيبه مكروه ما و يحزن شقيقه ؟
إبتسم بسخرية على نفسه و هو ينطق بصوت هامس لنفسه :" هذا مزعج لما علي الشعور بهذا ؟ ليذهب للجحيم ما شأني !"
إبتسامة خافتة رُسمت على وجه جيسي وهو يفكر بأن من خلفه يمكنه التصرف كالأطفال حقاً ! و فوق ذلك نسي تماماً أن لمصاصي الدماء قدرة على سماع تلك الهمسات و إن كانت بعيدة فكيف وهو يسير خلفه ؟
لم يمنع نفسه من النطق بسخرية :" أعلي تكرارها أيها الطفل ؟! لا أحد يريد قلقك عليه و لاسيما أنا لذا وفره لنفسك "
شهق بإحراج و لعن نفسه لنسيانه معلومة مهمة ، و هو اكتفى بالصمت حتى لا يحرج نفسه أكثر بينما يتساءل لماذا بتصرف بلا عقل دائماً مع من أمامه ؟ وكأنه يراه منافساً له و الأسوء من ذلك منافس يدرك بأعماقه أن تجاوزه مُستحيل !
من خلفهما سار نيرو وهو يتأمل المكان عله يجد ما يقدم له التسلية ، فلا أحد يتحدث و إن تحدث شخص ما فسيكون ريك أو جيس للسخرية من بعضهما !
كم يكره الوقت الذي اضطر به ليكون معهم بذات الفريق ، ليس صمتهم فحسب فهو يحب العزلة بطبيعته لكن ليس من طبيعته الثقة بالآخرين بسهولة ، و لا التأقلم معهم حتى لذا تمنى لو أنه برفقة ريكايل أو ليون فهما فقط من يثق بهما !
حتى آلبرت و ريبيكا بالكاد هو تقبل وجودهما حوله بسبب الظروف ، يخيفه العمل بمهمات غاية في الأهمية مع من لا يثق بهم ، ما هو الأكثر رعباً من أن تلقي بك يد شخص تستند عليه للهاوية ؟
صحيح أنه لم يجرب ذلك من قبل لإنه ما حاول يوماً الاستناد على الآخرين لكن هو يدرك كم أن الاشخاص من حوله لا تهمهم سوى مصالحهم الخاصة و الصداقات أغلبها باتت فقط لمن يمتلك لك نفعاً ثم يتم إلقائه ، و كم هي نادرة تلك الصداقة الحقيقية !
ما جعله يثق بليون هي صداقته و تضحيته لآلبرت طوال أعوام طويلة ، حقاً هو يحترم إخلاصه لصديقه و ريكايل ذات الشيء مع ويل ! .
وبآخر المجموعة سار نيو وهو يجول بعيناه الخضراوتين المكان ، لو أنه مع الجنود الذين يعرفهم لتوقف لدراسة المكان أكثر ، المناخ وغيرها لا شيء طبيعي هنا ، وهو يشك بمقدرة المهجنين على فعل كل ذلك إذاً أهي عوامل طبيعية أم يوجد شيء آخر مخفي ؟! فبالنهاية لا توجد أي قبيلة قادرة على خلق مثل هذا المجال الوهمي إن كان كذلك وبكل هذه الدقة و بالنهاية حتى إجتماع دماء قبيلتين لن يفعل الأمر ذاته !
عض على شفتيه فهو بالفعل يمتلك نتائج فحوصات سرية للغاية تمت على آيزاك عندما عرضه والده على بعض العلماء لدراسته بالماضي بعد تدميره للقصر , لكن أي منها لم تشر أنه يمكنه الوصول لمستوى كهذا أهذا لإنه هجين من أُم بشرية ؟! أيعقل أن يكون هجين ساحر مع أي نوع آخر قادر على هذا ؟
لكن السحرة مجالهم هي خلق عالم وهمي , وهمي لدرجة أنهم إن صنعوا صحراء لن تشعر بحرارة الشمس حقاً ! على عكس ما يحدث معهم الآن ولا يظن حقاً أنهم قد يصلون لكل هذه القوة و إلا لماذا هم مازالو على قيد الحياة بحق الإله ؟!
******
عض على شفتيه بإستياء شديد بينما ينطق بسخط :" أأنت جاد ؟ لماذا نفعل هذا ؟ علينا قتلهم جميعاً كالعادة بل كان علينا فعلها منذ أن وطئت أقدامهم على القارة إذاً ماذا حدث لكم !"
هو أنهى جملته بينما أنفاسه تتصاعد بسبب الغضب الذي يشعر به ليتحدث من هاجم جناح البشر من قبل ذو الشعر الأشقر و العينان القُرمزية :" لا تغضب حتى لا تؤذي صحتك ! هُم مختلفون أولاً هُناك أربعة أشخاص لا يمكننا إيذائهم ! "
ضم قبضة يده وهو يهتف بحيرة :" أربعة ؟! أنت تعني ثلاثة فقط , من أين خرج الرابع ؟! "
صمت قليلاً قبل أن يبتسم بشيء من الإستهزاء :" أأنتم مجانين ؟ أحقاً تخططون للتعاون مع العدو ؟ أتظنون أن أي واحد منهم قد يهتم ؟! لا بأس إفعلوا ما ترغبون به لكن لا تظنوا أنني سأشارك معكم ولن أتهاون مُطلقاً , أخبرتكم لن أهتم سوى بالثلاثة ذاك الرابع لا يهمني أمره ! فقط سأنتظر المدة المحددة معكم ثم سأتحرك حتى لا تعتبروني خائناً و إن كنتم أنتم من يخوننا الآن ! "
حدق به أحدهم و قد كان الأكثر هدوءاً من بينهم بعيناه الصفرواتين وهو يتحدث بهدوء :" لماذا تفكر هكذا ؟ أتظن أننا سنتخلى عنكما لاحقاً ؟ أنتما جزء منا ولن نسمح لأحد بالمساس بكما ! الحرية التي نريدها أنتما ضمنها ! "
ضحك بشيء من السخرية وهو يدير ظهره مُغادراً المكان بأكمله فلا شيء سيقنعه حقاً بوجهات نظرهم و ليس و كأنه لا يمتلك واحدة وسيثبت الزمن لاحقاً أنه كان محق بها نوعاً ما !
*****
و بالجانب الآخر توقف الأربعة أمام مدينة قديمة ظهرت من العدم أمامهم بمنتصف الصحراء بل وكتب على مدخلها أهلاً بكم بأرض اللعنات !
رفع جيسي أحد حاجبيه بسخرية وهو ينطق :" هل عدونا طفل أم ماذا ؟ "
إقترب نيو ليقف بجواره بينما ينطق بحيرة :" يمكننا الإلتفاف حول المدينة فحسب دون دخولها , أظن أن هذا أكثر أمناً "
ريك كان يحدق بالمدخل و كل المدينة وهو يتسائل كيف لها الوقوف هكذا فهي من تراب خام , بل إن مظهرها مألوف له بشكل كبير ! حاول حقاً تذكر أين رآى هذا المظهر لكن بالنهاية هو نطق :" أنا معك أيضاً , بكل حال كِلا الطريقان فخ فحسب ! من المزعج الوقوع بفخ واضح كهذا , من ثم ربما تكون هذه لعبة نفسية فحسب ! البعض قد يظن أن الفخ بالمدينة ومن ثم يعود للتفكير بأن هذا واضح للغاية فقط لأجل الإلتفاف والفخ الحقيقي بالإلتفاف ! "
أومأ نيو إيجاباً وهو يكمل :" محق و بالنهاية يعود للمدينة و بعضهم سيضيع بفكرة ماذا لو عدوهم فكر بهذا فيبقى واقفاً بمكانه بلا حراك ! "
إبتسم ريك بسخرية :" حتى ينقض عدوه ويباغته لقتله ! "
تقدم نيرو ليتحدث للمرة الأولى ربما بينما يبعثر خُصل شعره القُرمزية بتوتر :" إذاً علينا السير فحسب و لا يهم أين ؟ "
جيسي تحرك بطريق للإلتفاف حول المدينة دون أن ينطق بحرف , شيء ما بداخله كان يخبره أن تفكير من معه أعمق مما يحصل , هو للمرة الأولى يشعر بأنه لا يفهم أي شيء مما يحدث هنا , فالعقل يتفق مع تحليل رفاقه لكن لديه صوت داخلي يخبره بأن كل ما يحدث عشوائي ولا خطط موضوعة حقاً , عض على شفتيه فحدسه لم يخطأ يوماً لكن إن كان صحيحاً فهذه ستكون كارثة بحد ذاتها , فمن هو الذي سيضع خطة ما لمواجهة شيء عشوائي ؟ سيتحتم عليهم القتال عن طريق الإرتجال و إبتداع الخطط خلال الموقف ذاته وقد تخيب لجهلهم التام بما يحدث .
رفع يده يدلك جبينه قليلاً فهو إن لم يظهر الأمر يشعر بأن طاقته تُسلب منه وجسده ليس بأفضل حالاته حقاً أي إن حدثت معركة فهو هنا لن يتمكن من إستخدام قوته بالكامل , هو كان غارقاً بالتفكير ولم يلتفت حتى لتلك المدينة التي إختفت وكأنها لم توجد أمامهم قبل دقائق , ليس وكأنه لم يلاحظ ذلك ولكن هذا فقط يجعل حدسه يزداد قوة بينما من خلفه يكملون توقعاتهم وتحليلهم عما يحدث !
زمجرة قوية من فوقهم إنتشلت الأربعة من أفكارهم لترتفع أبصارهم للسماء حيث كانت هناك مخلوقات تظهر للمرة الأولى أمامهم و إن كان جميع المتواجدين قد سمعوا عنها بالماضي كخرافات فقط !
أو من نطق كان نيرو الذي تحدث بحماس طفولي نادراً ما يُظهره :" تنانين ! أهي حقيقة حقاً ؟ "
إبتسم نيو له بخفة فبهذه اللحظة هو ذكره بإيكاري لذا نطق بإبتسامته اللطيفة :" يبدوا ذلك , لكن السؤال أهي معنا أم ضدنا ؟! "
نظر ريك لهما بهدوء وعاد للنظر للأعلى , حيث كان هناك سربان من التناينن بمعركة بينهما ؟! رمش عدة مرات وهو ينطق بحيرة :" تنانين سوداء ؟ و أخرى باللون الأحمر ! "
أنظار ريك راقبت المعركة التي تحدث بين كِلا الطرفين , عقد حاجباه بإنزعاج وهو ينطق :" تلك التنانين الحمراء مُزعجة للغاية ! "
أومئ نيو له إيجاباً فالأربعة لاحظوا وجود تنانين صغيرة مع الطرفين و بالرغم من ذلك التنانين ذات اللون الأحمر حاولت الهجوم على أحد صغار التنانين السود بل و أوقعته أرضاً !
رمش ريك بخفة قبل أن يشهق وهو ينظر حوله :" ذاك المتهور منذ متى ؟ "
مسح جيس على خُصلات شعره السوداء وهو ينطق بثقة بينما يتقدم :" لا يهم هذا السؤال الآن ! "
أنهى عبارته لينطلق هو الآخر للأمام , فباللحظة التي سقط بها التنين الأسود الصغير كان نيرو قد ترك المجموعة متجهاً للإمساك به و إيصاله للأرض بسلام , هو مسح على جلده الخشن بهدوء بينما ينطق بإنزعاج :" لا يمكنهم إيذاء صغير مثلك صحيح ؟ هم مسوخ فقط ! "
هو مسح على جرح الصغير بهدوء قبل أن يخلع معطفه الخفيف ويمزقه ليغطي به جرح الصغير , إنزعج بينما أخرج سيفه لصد مخالب أحد التنانين الحمراء وهو ينطق بإستياء :" فظيع ! مهاجمتي من الأعلى فجأة هكذا لا يعتبر أمراً لطيفاً كما تعلم , أترغب حقاً بأن تزعجني ؟ "
عبس أكثر وهو يشعر بذلك الضغط الهائل بسبب حجم التنين الكبير , لكن ليس وكأنه سيستسلم و يسلم الصغير له فحسب ولو فعل لكان من الأفضل له أن يلعن نفسه أو يسمح للتنين الضخم هذا أن يقطعه لعدة شرائح !
بنهاية المطاف هو شعر بالتنين يبتعد عنه ويوجه أنظاره لشخص آخر , عبس نيرو بخفة بينما يهتف :" أأنت جاد أنا هو خصمك يا عديم التهذيب ! "
تنهد بملل سرعان ما تحول لدهشة عندما شعر بتلك الهالة القاتلة تغادر جسد الحاكم الذي يرافقهم و إتسعت عيناه الصفرواتين أكثر فأكثر بتلك اللحظة التي إخترقت بها مخالبه عنق ذاك التنين مُنهياً حياته بضربة واحدة دون الإهتمام حقاً بمدى سماكة جلده !
حول نيرو بصره ما بين مخالب جيسي و سيفه لينطق متمتماً بعبوس شديد :" سيف عديم الفائدة ! أتمنى أن تلقى بكهف ما و يصابك الصدأ بكل أنحائك ! "
نيو الذي كان يقف خلفه حدق بظهر الشاب ذو الشعر الأحمر أمامه بشيء من الحيرة فهل كل أمانيه و حديثه غريب أطوار مثله ؟!
ريك أخرج نوعين من الحبوب التي يمتلكها ليتناولها دفعة واحدة ويخرج سيفه من غمده هو الآخر فقد جذبوا إنتباه بقية التنانين بكل جدارة !
نيو نهض مُحللاً الأوضاع ليبتسم خلال ثوان فقط بينما يتجنب أي هجوم عليه بسهولة فسرعته هو تجعله خصماً يثير الإستياء من قِبل التنانين الطائرة !
صرخة خافتة أطلقها زميلهم غريب الأطوار أجبرت الثلاثة على رفع رؤوسهم للأعلى ليجدوه يصارع بالكاد أحد التنانين الذي حمله بمخالبه , كز نيو على أسنانه بقوة وهو يبحث عن شيء ما يجبر التنين على التخلي به عن رفيقهم !
ريك حدق بالتنانين السوداء و التي بدأت تتحرك بعد أن توقف قتالهم قليلاً وهو يتسائل أستكون عوناً لهم أم عدو جديد ؟! جيسي تنهد بإنزعاج وهو يتحدث :" هو على الأغلب ينوي إلقائه من الأعلى فحسب لذا باللحظة التي يفعلها بها نيو أمسك به ! "
أومئ نيو له بخفة لينطلق للأعلى قافزاً على ظهور تلك التنانين التي يقاتلوها بسرعة لا تتيح لأي منهم بالتحرك حتى أو مهاجمته , و بالأعلى هناك صرخ نيرو بغضب محاولاً التحرر :" تباً لك أيها المسخ عديم الفائدة ! أتظن أنك الأفضل هكذا ؟ حررني الآن أو أقسم لن تعجبك النتائج ! "
كز على شفتيه محركاً سيفه بيديه محاولاً غرزه باليد المقرفة التي تمسك به , هو أجبر نفسه على إستخراج طاقته بالكامل لتصبح هالته واضحة للبقية بينما يمد سيفه بها لينتهي الأمر بنجاحه بغرز سيفه به بل وكسر معظمه بجسده !
ردة فعل ذلك التنين كانت أنه فتح مخالبه وبذلك أسقط جسد الناري والذي لم يهتم حقاً بسقوطه بقدر رغبته بتهشيم وجه تنين أكثر لكسره سيفه أولاً و لإجباره على إستخدام طاقته بالكامل فقط لطعنه بيده !
أغمض عيناه عندما شعر بيد تمتد لتمسك به بينما صوت صاحبها ينطق بهدوء :" أأنت بخير ؟ "
عبست ملامحه بلا إرادة منه بينما يتحدث :" لم أكن لأحتاج مساعدتك ! "
رفع نيو أحد حاجباه بإنزعاج فآخر ما ينقصه وقح ما برفقتهم , هو بالكاد تمكن من الإنسجام مع آيزاك ولا يحتاج لشخص آخر مثله على الأقل ليس أثناء مهمة مصيرية لذا نطق بهدوء :" هل أتركك لتهوي للأسفل إذاً ؟"
كز على أسنانه بينما عيناه واجهتا عينا نيو الخضراوتين لينطق بسخط :" أجل , فهذا أفضل من البقاء مع شخص لعين مثلك بأربع عيون ! "
كز نيو على أسنانه تزامناً مع شهقة خافتة خرجت من نيرو الذي أغمض عيناه فور تخلي الأكبر عنه حقاً ! لكن ذلك لم يكن إلا لأجزاء من الثانية حتى وصل جسده للأرضية الملساء بفعل الرمال !
هو فتح عيناه ليجد نيو يقف أمامه بينما ينطق بإستياء :" مغفل ! نحن نعمل كفريق لن أتركك حقاً بمنتصف السماء و إن كنت طفلاً مزعجاً !"
كز على أسنانه ناهضاً من موقعه ليتجاهل الأكبر منه سناً ويسير بخطوات خافتة بينما هالته تزداد مع مرور الوقت ليعود لأرض المعركة فحسب .
لم يدم الأمر أكثر حقاً فقد إستغلت التنانين السوداء تدخل الأربعة الآخرين لتشتت إنتباه خصومهم لتقوم بإبعاد أطفالهم عن ساحة المعركة وحتى الجريح منهم ثم عادوا بأعداد أكبر لينسحب الفريق الآخر .
توقف الأربعة لإلتقاط أنفاسهم بينما مسح ريك على جرح عميق بكتفه الأيمن وهو يعض على شفتيه بإنزعاج فلو أنه لم يبتعد بالوقت المناسب لإخترق ذلك التنين صدره مُستخرجاً قلبه ربما ؟!
جيس أخفى يديه اللتين تحولتا لأحمر قاني بفعل أشعة الشمس التي لم تتوقف عن إهدائه لسعات حارقة بين الفنية و الأخرى , إرتفعت أنظار نيرو محدقاً بالفتى الذي توجه لإثنين من التنانين و اللذين لم يغادرا المكان بعد , هو داعبهما بخفة لينطق بحيرة :" أهو طفل حقاً أم ماذا ؟ "
حدق جيس به بهدوء قبل أن ينطق :" أنت أيها الطفل ! "
بتلك اللحظة إلتف كل من نيرو وريك له ليرفع جيسي أحد حاجبيه موجهاً أنظاره لريك وهو ينطق بسخرية :" من اللطيف أنك تعرف نفسك جيداً ! بالرغم من ذلك كنت أوجه كلامي للطفل الآخر هنا ! "
إشتعل وجه ريك غضباً وقد تناسى ألمه بفعل ذلك الجرح بينما ضحك نيو بخفة , نظر نيرو لهما بإنزعاج فهو قد طلبه ومن ثم إنشغل بالحديث مع الأمير الآخر !
نطق بلا إهتمام وقد أعاد إهتمامه بالتنين أمامه :" الحكماء دائماً هكذا "
جفل من موقعه بل أطلق صرخة بسيطة عندما تهادى لسمعه صوته الهادئ من خلفه مباشرة :" ما بهم الحُكام ؟ أنزعجك أم نسبب لك حساسية ما ؟ "
هو لم يجرأ على الإلتفاف حتى و النظر خلفه بل نطق مُحاولاً إظهار شجاعته :" لا شيء مهم ! فقط تظنون أنكم الأفضل ! "
إبتسم كما هي عادته بينما يتقدم خطوة للوقوف بجانبه وهو يتحدث :" لو لم نكن كذلك لما إستحققنا مناصبنا , ولو كان هناك مواطن ما أفضل منا أو أننا لسنا الأفضل ولا بأس للشعب بذلك لما إستحقوا هُم الأفضل ألا تظن ؟"
رمش عدة مرات وهو يحاول إستيعاب كلام من بجواره قبل أن يردف الآخر بجد :" أنت تعلم تماماً أنك تعمل بفريق مكون من أربعة أفراد صحيح ؟ ما فعلته بمغادرتك جانبنا لإنقاذ صغير التنين ذاك عليه أن لا يتكرر إن أردت الإستمرار ! لا أقول أن ما فعلته خاطئ ولكن ما بين الشجاعة و التهور شعرة واحدة فلا تقطعها ! أكنت واثق بالنتيجة ؟ ماذا لو تخلت تلك التنانين عن صغيرها وهربت ؟ بل هذا ما كانت لتفعله لو أننا كنا أضعف قليلاً ! ما جعلهم يعودون هو أننا شتتنا إنتباه عدوهم و أضعفناهم فقط أتفهم ذلك ؟ قدر قوتك وعدوك قبل أن تخطوا خطوة كهذه "
هو إستدار بعدها مُحدقاً بالإثنان الآخران لينطق بهدوئه ذاته :" نيو أيمكنك معرفة سبب عودة هذان الإثنان ؟! "
أومأ نيو له إيجاباً ليقف أمام أحدهما ناقلاً لنفسه بداخله لينهار جسده عدة ثوان بطيئة حتى عاد جسده للنهوض وهو ينطق بشيء من التعجب :" هُم يريدون إخراجنا من الصحراء كشكر ؟! "
قطب جيسي حاجبيه بينما إبتسم نيرو بخفة لهم , ليس وكأنه لا يفهم نصيحة جيس السابقة بل هو يحاول تطبيقها بكل يوم ولكن لديه حقاً نقطة ضعف أمام صغار الحيوانات أو الصغار من أي جنس كانوا ! يشعر بأنه لا يمكنه فقط أن يدير ظهره لهم بكل قسوة , لا يتخيل أن يكون سبباً لبكائهم و ألمهم يوماً , ليس وهو يعلم مدى ضعفهم وعجزهم بل و الخوف الذي يتملكهم وهم يشعرون أن لا حيلة لهم سوى إنتظار الأذى أو الموت !
أغمض عيناه مُبعداً صورة ما تجمعت بعقله قبل أن تكتمل حتى فهو لا حاجة له بها الآن , كان أول من يركب على ظهر التنين وهو ينطق :" ألن تأتوا أم أنكم تفضلون البقاء بالصحراء حقاً ؟"
تنفس جيسي بعمق فالبقاء بالصحراء ليس من مصلحتهم , أحدهم مُصاب بشدة و هو فقط يفقد قواه تدريجياً , لن يتمكن قريباً من السيطرة على ألمه و التظاهر بأن كل شيء بخير حقاً , على الأقل قوته بالقتال لن تكون كذلك ! .
نيو الذي شعر بذلك أيضاً إتجه لأمير البشر وهو ينطق بهدوء :" دعني أرى جرحك "
تنهد ريك بإنزعاج وهو يبعد قميصه الذي إنشق من جهة كتفه الأيمن عنه مُظهراً بذلك الجرح النازف , عبس ذو الشعر الفضي أمامه وهو يتحدث :" أأنت جاد ؟ إنه ليس بالجرح البسيط كيف لك أن تصمت للآن ؟ بل وإستمررت بالقتال بعد إصابتك ! "
أنهى عبارته بالضغط على الجرح النازف ليتأوه الأمير بألم وهو يجيبه :" ولماذا تظن أنني سأنسحب لمجرد إصابة ؟ أدرك أنها خطرة لكن أن أستسلم للألم فقط يعني تسليم حياتي لهم ! "
تنهد بينما يربطها لها عله يوقف النزيف على الأقل :" أحمق ! عليك الثقة بنا ألا تظن ذلك ؟ "
أجابه بجد :" الثقة شيء و تعريض الفريق بالكامل للخطر أمر آخر ! لن أكون السبب بتأخر أحدكم عن القتال لحمايتي و أنا قادر على فعلها لذا لا داعي لكل هذا , سأكون بخير "
إبتسامة خافتة رُسمت على وجه جيسي الذي إنطلق للتنين الآخر وهو ينطق :" حسناً إذاً أيها الأمير هيا تعال و إصعد أولاً "
حدق ريك به بإستنكار ليردف الأول بسخرية :" تناولت حبتين من ذاك العقار دفعة واحدة و من ثُم نزفت كثيراً , أتظن أنك إن فقدت وعيك أثناء الرحلة سيلقي أحدنا بجسده خلفك لإنقاذك ؟ إستيقظ من ذلك فأنت لست من الأشخاص الذين قد أفعل هذا لهم ! "
كز على أسنانه بغيظ شديد فهذا الذي أمامه يجعله يكره حتى الهواء الذي عليه مُقاسمته معه , بكل مرة يكاد يعتاد عليه أو يظن أنه يتقبله يعود لذات النقطة بسببه , أو على الأقل هذا ما فكر به بتلك اللحظة غير آبه لما يوجد بأعماقه من ثقة بدأت تُبنى بغير إذن صاحبها , جسر من الثقة الخفي يخبره بأنه إن فقد وعيه فهو سيصحوا ويجد إبتسامته الساخرة أول ما يراه و كلماته الإستفزازية أول ما سيصل لأُذنيه !
جلس أولاً ليجلس جيس خلفه و نيو خلف نيرو ليتحركوا وهذه المرة بفرصة نادرة ربما لن تتكرر بحياة أي منهم وهي الصعود على ظهر تنين ما يفترض بكونه مجرد كائن أسطوري لا وجود له على أرض الواقع !
أخفض جيس رأسه قليلاً قبل أن يرفعه بسرعة إثر ذلك المعطف الذي حجب عنه أشعة الشمس تماماً , هو حدق بمن أمامه و الذي لم ينظر له حتى بينما نطق بشيء من الإنزعاج مُخفياً حرجه خلفه :" لا تظن أنني أفعل هذا لك أو لإنني قلق عليك أو ماشابه فأنت مزعج ولا أمانع بموتك حقاً لكن فقط لن أجعل شقيقي يغضب إن علم أنني لم أفعل ذلك "
كانت عيناه تتسع مع كُل كلمة يلقيها من أمامه بينما وللمرة الأولى أمام ريك هو لم يحاول إخفاء ضحكته البعيدة عن السخرية ربما ؟
بالرغم من هذا نطق ريك بإنزعاج :" لا تضحك ! مزعج , كيف عاش ريكايل معك طوال تلك الأعوام هذا فظيع "
أغمض المعني عينيه وقد توقف عن الضحك فهي ما كانت سوى ضحكة قصيرة بينما أسند جسد من أمامه و الذي فقد وعيه فجأة كما توقع تماماً , فتأثير الأدوية الذي يأخذونها للدفاع عن أنفسهم تُأثر بأجسادهم سلباً و كلما زاد عددها إزدادت خطورتها !
وإضافة للجرح هو تعجب حقاً من قدرته على الإستمرار أثناء المعركة , حدق بإصابته التي يبدوا أن تدفق الدماء منها قد إنقطع بالفعل وهذا طمأنه قليلاً , وجه بصره لملامحه والتي تشابهت بتلك اللحظة فقط بنظره مع ملامح وجه مساعده , فبالنسبة له كلاهما لا يتشابهان مُطلقاً !
لو أن ريكايل معه لكان قد وضع المعطف عليه وعلى ويل ربما مُنذ بداية وصولهم للصحراء ثم نطق بمرح بأنه متحول لذا لن يتأثر كثيراً بأشعة الشمس مثلهما !
بل هو ما كان ليُنكر حقاً رغبته بحمايتهما ولم يكن ليشعر بالخجل من ذلك , ريكايل عفوي بتصرفاته بينما ريك لا , بالنهاية لا يمكن لمن عليه أن يرث العرش أن يكون عفوياً وإلا فهمه الآخرين بشكل خاطئ وجلب لنفسه الكوارث !
فالجميع يظن أن مساعده ضعيف وغير قادر على القتال بنفسه لكن لا أحد يعلم أنه باللحظة التي يغضب بها حقاً يصبح شخص آخر , وربما لو لم يكن ريكايل إنسان عفوي لما إلتقى به ويل ولما إنتهى به المطاف بمملكة مصاصي الدماء .
تنفس بُعمق مُراقباً المنظر من الأعلى , عله يجد ما يفيدهم أو يفك القليل من تلك الألغاز التي تحيط بهم من كل جانب .
~ نهاية الفصل ~
أولاً أعتذر على ما حصل من نشر هذا الفصل وحذفه وعدم الرد على معظم من تسائل بشأنه .. الأمر فقط هو انه بعد أن أنهيته و نشرته إكتشفت أن ما حفظ منه كان فقط ٥٠٠ كلمة 💔 لذا حذفته لإعادة كتابته بالرغم من الإحباط الذي اصابني و الرغبة بإلغاء نشر الرواية لا الفصل فقط 😢 .. لكن تساؤلاتكم و إهتمامكم فقط يجعلني أتراجع عن ذلك لذا أعدت كتابته فحسب ..
ثانيا هناك فصل اسبوعيا بإذن الله بموعد ثابت وهو يوم الجمعة للرواية و آخر يوم الأحد .. بحال تأخرت تحت اي ظرف بإذن الله سيكون الفصل للأيام التي تليها ..
فقط و اشكركم جميعا على ردودكم و تشجيعكم الدائم 😍 بإذن الله سأنهي الرواية حتى حرفها الأخير لأجلكم
بالنهاية بحفظ الله ورعايته ...
Bạn đang đọc truyện trên: AzTruyen.Top