الفصل السابع و الثلاثين
هناك بمنتصف تلك المنطقة الجبلية الوعرة حيث كانت السماء حالكة السواد و لولا ذاك القمر الذي إتخذ من منتصفها مسكناً له لما ظهر لأي منهم لا عدوهم و لا حتى بعضهم البعض , إن تجاهلنا قدرة مصاصي الدماء على الرؤية بأكثر المناطق ظُلمة !
ويل كان يقف أمام التوأم المنهار , عيناه كانتا تحملان الكثير حقاً من المشاعر هو قلق , خائف , غاضب و مُستاء لا يعلم كيف يمكنه أن يتحكم بنفسه حقاً و يقف بمكانه بلا أي حركة كما نصت أوامر شقيقه الأكبر و الذي كان يقف أمام ذاك المخلوق بينما عيناه تُشعان بغضب دفين , إلا أنه و بالرغم من غضبه ذاك لم يغفل عن تبدل الهالة المُحيطة بهم بأرجاء هذه المنطقة لذا هو نظر بنصف عينه لجهة مُغايرة لوقوف ذاك الكائن الذي توقف عن الهجوم ككائن مسالم ينطق بهدوء حاد :" ألن تُظهر نفسك أم ترغب بالعبث أكثر !؟ "
و حقاً تلك الهالة التي ظهرت تزعجه , هو الآن على وشك مُقابلة ذاك الذي إقتحم قصره بكل وقاحة لذا هالته هو أيضاً إزدادت تعكس مدى كرهه لمن سيظهر لهم الآن , ثوان فقط و لمح ظل المعني يقفز من فوقه حتى وصل لجوار ذاك الكائن الذي فر هارباً مُحلقاً بعيداً عنهم يميل برأسه بهدوء بينما خُصلاته الشقراء إنسدلت على جوانب وجهه بخفة , عيناه القُرمزيتان حدقتا بخاصة جيس بنوع من السكينة قبل أن ينحني بنوع من الإستفزاز :" إذاً تقابلنا و أخيراً سيدي , أعتذر لعدم تقديم إحترامي لك عند الزيارة الأخيرة للقصر لكن كنت بمهمة ما كما تعلم ! "
و جيس تراجع خطوتين بهدوء يقف أمام شقيقه الأصغر قبل أن يجيبه بنبرة موازية :" إذاً لديك جينات مصاص دماء ! أتسائل كيف أمكن لهذا الحدوث ؟ "
ضيق المعني عيناه بإنزعاج :" أجل لقد حدث و إن لم تكن الحاكم عندما تلك المرأة فعلتها , لكن هذا لا ينفي كونك مهمل بحق ! من يفترض أنها أُمي لم تعد قط من مملكة السحرة و أنت لم تهتم و لم تحاول البحث عنها , لإنك لو فعلت لما تواجدت اليوم هنا مع ثلاثة من السحرة بالفريق بشكل عام "
ابتسامة ساخرة رُسمت على وجه جيسي الذي تحدث :" قد يكون هنالك نوع من الصحة بالجزء الأول لكنني لست بطفل لأتخلى عن مهمة تهدد الجميع فقط لسبب كهذا ! "
هو أنهى عبارته يستعد للهجوم بينما تراجع كلاي للخلف عدة خطوات و هو ينطق بنوع من المرح :" مهلاً لحظة من قال أنني هنا للقتال ؟! أنا فقط أشعر بالملل لذا أتيت لأتسلى قليلاً و أتعرف على الحاكم الذي يتحدث الجميع عنه ! ما رأيك بصفقة فأنا أخذت بالفعل كفايتي من المُتعة ؟ "
رفع جيس أحد حاجبيه بإستنكار و ربما الكثير من الغضب أهو قال أنه يتسلى ؟! أحقاً يُمكنه تمرير الأمر دون قتال ؟ حتى لو كان من أمامه قادر على قتله و لو بثانية هو سيجد بهذه الثانية طريقة لسحبه معه للموت !
صوت شهقة مُتألمة جذبته من تلك الأفكار ليحدق سريعاً بمن صدرت عنه ، ريكايل الذي كان بين يدي شقيقه للآن كان يُغمض عيناه بقوة ، وجنتيه أُحيل لونهما للأحمر بفعل الحرارة التي تجتاحه كما أن أنفاسه مُضطربة لدرجة قدرته على سماعها ، و الآخر كان يمسك برأس الأصغر بنوع من القوة ، هو لم يبدوا واعياً لكنه رغم ذلك كان يحدق بشقيقه بصدمة !
هذا جعل الغضب به يزداد فهل ما وجهه له من كلمات قبل فترة قصيرة كان بلا فائدة ؟! أعاد بصره للذي نطق بشيء من المكر :" هل ستوافق على الصفقة إن أخبرتك أنها مُتعلقة بإنقاذ من معك ؟ "
هو لم يُجبه إلا أنه نظر له بهدوء , و قد وجه كل من ويل و حتى ريك أبصارهم له ليُردف هو :" لكن قبل قول ما لدي عليك الموفقة على ما أريده شرط إخبارك بما أملكه من معلومات ! و هو بسيط بالمُناسبة عليك أن تجعلني أذهب اليوم دون قتال ! نوع من الهُدنة فقط لليوم "
تنفس جيس بعمق شديد بينما يقبض على يده بقوة , قتل واحد منهم فرصة جيدة لكن ليس هو حقاً من يستغل فرص كهذه , ليس و هو لطالما إعترف بأنه أناني بمن يهتم بشأنه لذا نطق بهدوء و جد :" إن لم يكن الأمر تعجيزي فأنا أستمع و إلا لتذهب أنت و ما تريد قوله للجحيم "
ابتسامة نصف ساخرة رُسمت على شفتيه بينما ينطق ": تعجيزي ؟ هو لم يكن كذلك لو لم تغضبوا تلك العنقاء بقتلها مرة ! فدموعها هي الترياق الوحيد للسم ! و كما ترى هذه المخلوقات تبتعد ما إن يظهر هجين من حولها , المهمة لم تكن مُستحيلة لولا تهوركم أنتم لذا لا ذنب لي بالنسبة لي أتممت جزء الصفقة الباقي هو عليكم ! "
هو إختتم عبارته تلك ليستدير و يُغادر المكان بخطوات شبه هادئة قبل أن يختفي دون أن يُبدي جيس أي حركة إلا أن عيناه كانتا تشتعلان بنوع من الغضب , هو إلتف للخلف ليبتلع ويل رمقه من تلك الملامح التي إعتلت وجه شقيقه الأكبر بل إن جسده إنتفض بقوة عندما نطق الأكبر :" ويل !"
لم يكن على الأكبر قول المزيد فهو فهم ما يريده تماماً , يريد الإعتراض و بشدة لكن أيجرء حقاً ؟ هو لم يتحدث قط مع جيسي الغاضب ! لا يقترب منه إن لم يكن بوجهه المُبتسم , تماماً كطفل يقف بإنتظار والده طوال اليوم ليخبره بكل ما حدث معه و مع ذلك إن عاد بوجه مُتجهم أو غاضب سيقرر الصغير الإتجاه لغرفته ببساطة .
هذا ما كان ويل يفعله دائماً إن لم يكن له علاقة مُباشرة بسبب غضبه , و الآن هو وجد نفسه يتقدم كما أمره الأكبر قبل أن يكرر أمره أو يتصرف بمفرده ليأخذ ريكايل من بين يدي ريك الذي إنتفض جسده يحدق به بنوع من الإستياء و لو لم يكن جسده يخذله لما بقي ساكناً للآن حقاً , حُجبت عنه صورة ويل الذي وضع توأمه يسنده على إحدى الأشجار بفعل الشخص الذي وقف أمامه مما دفعه ليقطب حاجبيه بقوة , هو رفع رأسه لرؤية وجهه لكنه ما إن فعل حتى تلقى لكمة قوية جعلت جسده يرتفع عن الأرض قليلاً و يسقط على بُعد عدة خطوات من مكان وقوفه قبل قليل بينما الدماء عادت لتدفق من جسده !
و هو حقاً لم يرفع رأسه ليرى الغاضب أمامه بل بصره وقع على الأصغر الذي كان يتنفس بصعوبة , هل حديثه معه بالقصر بذاك اليوم هو السبب بكل ما يحدث الآن ؟ أحقاً كان عليه تجاهله فقط ؟ أكان هذا سيجعل الأمور مختلفة اليوم ؟!
شهق عندما شعر بجيس يرفعه و يلصق جسده بإحدى الأشجار من خلفه ينطق بعينان مُشتعلة :" أنت ! ألم يدخل لعقلك هذا أي حرف مما قلته لك ؟! ما هو الأمر الذي يصعب عليك فهمه لتصبح أكثر منطقية !؟ كل ما تفعله هو إلقاء اللوم هُنا و هُناك على إبتعاده عنك و إليك أمراً بتصرفك الأحمق أن تفرض على نفسك مستقبل لن يتواجد به , يفترض أنك تعلم أكثر من أي شخص آخر إلى أي حد هو يتأثر بسهولة من كل عبارة أو موقف و مع ذلك هو أول من سيقف لحمايتك , أنت بدلاً من إنهيارك ذاك كان عليك تدارك نفسك و النهوض خاصة عندما تعلم أن هناك عمل عليك إتمامه ! لم يجبرك أحد على النهوض بل الجميع إنتظر إشارتك لتفعل ."
أنهى عبارته ليأخذ نفساً عميقاً قبل أن يتركه لينهار جسده أرضاً , هو حدق بعيناه المُحمرتين بشدة و بأنفاسه التي إضطربت قبل أن يُردف بنبرة شبه هادئة :" بالماضي عندما كان ريكايل غير مُعتاد على القصر بعد ، إعتاد على تكرار عبارة لو كان ريك هُنا لقام بحمايتي أو عبارة ما كعندما يكبر أخي ! ، لن أتحرك أو ويل من هذا المكان و أنت عليك إحضار الترياق , لقد كانت غلطتك لذا لا يهمني ما ستفعله لإحضاره , لكن أقسم لك أنه إن عجزت عن ذلك و تدخلت أنا لإنقاذه لن يُسمح له بالحديث معك حتى ! "
شفتي المعني كانتا ترتجفان بقوة و كأنهما توشكان على البكاء , جسده إنتفض بشدة مُتخيلاً مظهر شقيقه الخائف يهدد به هو ! السبب بما يحدث معه الآن , إحدى دموعه هربت من مُحجريه قبل أن يشهق بألم يغمض عيناه فاقداً للوعي , فمن أمامه وجه ضربة خاطفة له بينما يعطيه جزء من طاقته , هو تنفس بعمق يحمله ليضعه بجوار شقيقه قبل أن يبتعد يجلس بالقرب من صغيره الذي بقي صامتاً طوال الوقت !
و أخيراً وبعد الكثير من التردد نطق الأصغر بعدم رضى :" أنا لم أرغب بأن أبعد ريكايل من بين يديه لكن ..."
صمت يشد على يديه بقوة قبل أن يهتف بقلق :" لكن أن تترك إحضار الترياق على عاتقه أمر سيء ! ماذا لو فشل و مات ريكايل ؟ "
أجابه جيس بهدوء :" ألا تثق بي ؟ لن يموت ريكايل بهذا المكان "
أجبر نفسه على الصمت و عاد يمسح على شعر ريكايل بخفة بينما يمده من طاقته قليلاً عله يتمكن من مقاومة السم و الألم و لو لوقت أطول بقليل , و من جهة أخرى أغمض جيس عيناه فهو أجبر نفسه للهدوء بعد أن كان بأوج غضبه , تلك الصورة التي ظهرت بعقله لريكايل الطفل هي فقط ما ساعدت على ذلك و على جعله يقرر إرسال ريك بنفسه لينقذه , هو شقيق أكبر أيضاً يدرك بأن ريك ليس ضعيفاً , و إلا لما بقي جسده بخير بعد كل تلك الحبوب , بل هو أجبر وعيه على العودة سريعاً عندما تعلق الأمر بحياة شقيقه .
بالنهاية هو ابتسم بشبه سخرية ينطق بخفوت :" يوماً ما سينضج ليصبح ملكاً جيداً بالفعل ! "
*****
_:" غاضب ؟ "
إيكاري كرر عبارته تلك للمرة العاشرة على التوالي بينما يحدق بظهر آيزاك الذي يتجاهله منذ إخباره للبقية بالقصة !
هو عبس بنوع من الإستياء الطفولي عندما لم يجد رداً من المعني ليهتف بنبرة مُعاتبة :" أنت أخبرتني أنك موافق ! لما تتصرف كالأطفال الآن ؟ "
صمت يعض على شفتيه قبل ان يبتسم بنوع من المكر و هو ينطق بمرح :" على الأقل آيزاك الفاقد للذاكرة أكثر لُطفاً منك ! هو مدح الطعام الذي أعددته و ساعدني بالتنظيف حتى أنه ... "
شهق بألم عندما وجد قبضة رفيقه تهبط على رأسه بقوة و هو ينطق بشر :" لما لا تضيف كلمة واحدة أيها الخائن لأكمل عقابك ؟ زاك ليس هنا لتنطلق خلفه "
نهض من مكانه يبتسم بتوتر و هو يحرك يديه :" لا سأصمت لكن لا تفعل أنت ! "
أردف بعدها بجد و عينان مُلتمعة :" أرجوك آيزاك أنا فقط لا أريدك أن تغضب "
عاد آيزاك لمكانه بهدوء ليخفض الأصغر رأسه و يستلقي هو الآخر بينما يسيطر الألم عليه ، عدة ثوان مضت قبل أن يصله صوت آيزاك الهادئ :" لست غاضب بسببك ، لا داعي للقلق إيكاري أنا فقط أكره الماضي و كل ذكرياته ! "
أغمض عيناه يخبر نفسه بأن حياته كانت مثالية حتى أكمل الثامنة من العمر فقط بعدها بدأت سعادته تتسرب من بين يديه كما لو كانت قطرات من المياه التي ترفض الإستقرار ، لكنه و بالرغم من هذا و منذ رؤيته لزاك بالقصر أقسم بداخله أن يتغلب على كل هذه المشاعر السلبية ليتمكن من حماية توأمه الذي وجده مُجدداً .
ابتسم بخفة و هو يشعر بيد إيكاري تربت على شعره بهدوء ، على الأغلب صديقه قلق عليه من كل تلك الذكريات لذا هو التف يحدق بوجهه القلق ينطق بخفة :" أنا بخير لا يوجد أي داعٍ للقلق ! إذهب و خذ قسطاً من الراحة فلا أحد يعلم متى سنهاجم حقاً "
أومأ المعني له إيجاباً و أراح جسده للخلف يغلق عيناه ، لكن من سيتمكن من النوم حقاً بمثل هذه الظروف ؟
ليون كان يُحدق بالسقف بهدوء قبل أن يتحدث بصوت خافت :" أخبرني ماذا قصدت بكلامك السابق ؟ "
حول آلبرت مجرى نظره لرفيقه و هو ينطق بهدوء :" مُعتقد ما ليس عليك الإهتمام بشأنه ! "
هذا لم يُعجبه حقاً فتلك الكلمات ترن بأُذنه منذ أن سمعها لذا نطق بنوع من الضيق :" إذاً لما لا تُخبرني ما هو الأمر الذي تظن أنني أُخفيه عنك آلبرت ! "
حدق به آلبرت بابتسامة مُشبعة بالعبث :" و هل صدقت الأمر حقاً ليون ؟ "
هو نهض من مكانه ليُمسك رفيقه من قميصه بينما يتحدث بإستياء مُطلق :" كم عام مضى على معرفتي بك ؟ إلى أي حد تظن أنني أجهل وقت العبث لديك من الجد !؟ لا تتصرف بهذه الطريقة و كأنك لا تدرك أنني قادر على رؤية أفكارك السلبية إن رغبت ! "
صمت بينما يتركه و هو يبتعد مسافة جيدة :" كوني أحترم خصوصياتك لا يعني أن تتصرف و كأن معرفتي أمر مستحيل "
أنهى عبارته ليجلس مُستنداً للحائط مُغمضاً عيناه عله يهدأ ، الأمر يزعجه فنظرة الشك التي وجهها له رفيقه لا يُمكنه تجاهلها فحسب !.
و آلبرت عدل وضعية قميصه قبل أن يُلقي بجسده أرضاً بينما ينطق بنوع من الانزعاج :" أنت مُزعج ليون ، أتريد أن تعلم ما الأمر ؟ لو كنت قادراً على رؤية أفكارك السوداء أو الدخول لمجرى نقاشك مع نفسك لما توقفت عن فعلها بكل وقت ! "
هو فتح إحدى عيناه يستمع لكلمات رفيق طفولته و الذي أردف بصدق و جد نادر :" أتمنى أن أعلم فقط من أنت ! ما هي أفكارك الحقيقية ؟ "
و هنا ابتسامة ساخرة شقت طريقها لترتسم على ملامح ليون :" أنت لا تثق بي ؟! حقاً آلبرت ؟ أتظن أنني أخطط لأمر سيء مثلاً ؟ أم ترى أنني ألهو معك فحسب ؟ "
نبرته تحولت للغضب و هو يُكمل :" هل أنا فارغ برأيك للعبث معك لمدة أربعة عشرَ عاماً ؟! "
لم يجبه الآخر الذي اكتفى بالصمت يحدق بالسقف بشرود مما دفع ليون للنهوض و التوجه إليه بحدة مُخرجاً سيفه من غُمده ، الآخر اعتدل بجلسته مُظهراً هالته الغاضبة و بلحظة واحدة كان سيف كلاهما يلتحم مع ذاك المخلوق الذي ظهر من العدم !
آيزاك و إيكاري كانا قد نهضا مُستعدين ما إن بدأت هالة الوحش بالظهور فور بدأ النقاش بين الصديقان .
آلبرت قفز للخلف قليلاً حتى يستعد للهجوم مُجدداً ، ابتسامة ساخرة وضعت على شفتيه و هو ينطق :" مذهل لديه قرون ! و عملاق و يمتلك أنياب ! لا أصدق أنني وقعت بالفخ "
و رفيقه نظر له نظرة جانبية دون أن يُجيب بل ركز طاقته على قتال ما هو أمامه ، لذا هو قفز بحركة سريعة يمد سيفه بطاقته الهائلة التي بدأت تتدفق من جسده ، هو حقاً غاضب فلم يُمثل أي منهما ذاك الحوار قبل قليل ، و ما إكتشفه يُشعره بخيبة شديدة و إن كان أكثر شخص يعلم بظروف رفيقه و حياته .
هو و بكل قواه هبط بسيفه على عنق ذاك الوحش مُحدثاً جُرح يمتد طويلاً من بداية عنقه و حتى منتصف معدته قبل يحرك الوحش يده يُلقي به أرضاً بقوة شديدة جعلت جسده ينتفض ما إن ارتطم بالجدار و حطمه .
آلبرت كز على أسنانه بإنزعاج ليحاول إكمال ما بدأه ليون لكن و بفعل الألم حركة عدوهم ازدادت عُنفاً بحيث ما تمكن أي منهم للوصول إليه ، بل هو ألقاهم جميعاً بعيداً بعُنف شديد !
تحرك ليون أولاً بينما يمسح تلك القطرات القُرمزية المُتساقطة من جبهته و هو ينطق :" أيمكن للجان السيطرة عليه ؟ "
نظر آيزاك بإتجاهه يقطب حاجبيه قليلاً ينطق بضيق :" أنهي الأمر سريعاً "
أومأ ليون له ليتقدم آيزاك أولاً يُحدق به بحيث بدأت عيناه تتوهج بقوة قبل سقوط جسده الذي أمسكه إيكاري سريعاً ليسنده على الحائط ، و بذات الوقت حركة ذاك الوحش توقفت تماماً لينطلق كل من ليون و آلبرت بحركة متوافقة قاطعين بهذا رأس ذاك المخلوق .
و ثوان فقط حتى شهق آيزاك بينما انتفض جسده بالكامل ، هو كان يقطب حاجباه بينما يتنفس بعمق عله يسيطر على ذاته ، قليلاً حتى نطق بحدة :" أما كان لديكم طريقة أخرى سوى قطع رأسه ؟ "
إيكاري كان يمسك بيد آيزاك يسنده بهدوء ، بينما نطق آلبرت بمرح :" من يعلم كيف سيموت أي منا ؟ من الجيد أن تجرب شعور القتل بطرق مُختلفة لئلا ترتعب عند لحظة موتك ! "
ابتسامة مُخيفة رُسمت على وجه المعني و هو يُبعد جسده عن رفيقه :" مُذهل ! إذاً بالمرة القادمة أرغب بتجربة الموت حرقاً لكن من داخل جسدك أنت "
ذاك الحوار تم قطعه عندما لمحت عينا آيزاك الزرقاوتين يد ليون تعبث بإحدى الكريستالات ليظهر التوتر عليه و يُحدق بما حول عنقه .
المعركة جعلته ينسى أن كريستالة أمير البشر تشققت ، هذا يعني أن توأمه ليس بخير فهو حقاً لن يحتمل فقده ، غير أن ذاك الفريق حقاً ليس بخير !
تنفس بعمق و هو يرى أنها عادت لحالها دون تشققات أي تم إنقاذه بطريقة ما ، مع ذلك هل حقاً سيكون ذاك الفريق بخير ؟
*****
أسند سيلفر جسده للخلف بينما ينطق بشبه ابتسامة :" شجارهما كان حاداً دون كذب و مع هذا كلاهما انطلق يهاجم بقوة و بحركات مُنسجمة "
أومأ كولين بنوع من الإعجاب :" مع أنه للحقيقة الوقوف بجوار من لا تثق به أمر غاية بالصعوبة ، لكنهما فقط تمكنا من النجاح بطريقة ما ! "
توقفت شقيقته الكُبرى أمامه تُحدق به بهدوء :" لا تظن أن الأمر إنتهى كولين ، هُم وقعوا بالفخ بالفعل ! تلك الجثث أوقعت الشك بقلوبهم و كل الشجارات التي حدثت و إظهارهم لمكنونات قلوبهم كان الفخ الحقيقي ، هم تشاجروا وحدهم دون وهم أو أي أمر آخر "
صمتت قليلاً ترسم ابتسامة خافتة على وجهها :" نجاحهم كان بسبب تواجد أفراد من قبيلة الجان لكن حتى من يمتلك دماء ملكية فهو تشتت بالمعركة و قلت قوته للنصف ! ضربته تلك كان يفترض أن تكون القاضية ، إن تُرك شجارهم مُعلقاً هكذا سيفسد الانسجام بينهم تدريجياً "
حدق أليكس بكايلي قليلاً فهي مُحقة , و شقيقها الأصغر كولين مُحق أيضاً ! من يمكنه القتال بجوار من لا يثق به ؟! و هنا هو وجد نفسه يبتسم بنوع من السخرية بينهما ينطق بصوت مسموع بالرغم من هدوء نبرته :" من يقاتل بجوار من لا يثق به !؟ أنا أفعل , لا أثق بأي منكم ! "
الصغيرة شهقت سريعاً لتقف أمام شقيقها بينما تتحدث بإستياء طفولي :" ماذا تعني أخي ؟! نحن أُسرة ألست من كان يخبرني بهذا دائماً ؟ "
شد على قبضة يده قبل أن يُبعثر لها خُصلات شعرها مُقرراً الإبتعاد , أجل أسرة هكذا هم كانوا بالنسبة له لكن الآن كل شيء تغير , لم يعد الأمر كما كان و ما عاد يثق بأي منهم فالظروف تغيرت تماماً و طرقهم على وشك التقاطع ! .
ضيق سيلفر عيناه ذات اللون الأصفر بينما يمسح على خُصلاته الفضية , ما هي مشكلته ؟! بحق بماذا يفكر ؟ أي شخص يمكنه رؤية أنه لا يثق بهم لكن لماذا ؟! هو أعاد بصره للصغيرة التي ركضت للبشرية الوحيدة المتواجدة هنا تحتضنها بقوة شديدة , أو ربما جميعهم يعلمون سبب قلقه و يتجاهلوه فحسب ؟
قاطع أفكاره تلك صوت كايلي بينما تنطق بهدوء :" هو منطقي نوعاً ما بأفكاره , ربما جميعاً سنصل للحظة ..."
صوت كلاي الذي إنضم لهم تواً قاطع أحرفها بحده :" ليس منطقياً البتة ! لن نقبل بالوصول لمرحلة كتلك مُطلقاً أليس لهذا نحن نتعب أنفسنا بكل هذا الهُراء ! "
هو أنهى جملته يتقدم ليبعثر خصلات شعر الصغيرة ذو اللون الفضي بينما ينطق بهدوء :" لا تبكي سيكون كل شيء بخير و لن نقبل بأقل من هذا "
*****
فتح عيناه الزرقاوتين بنوع من الذبول بينما أنفاسه كانت لا تزال مُضطربة , هو عض على شفتيه عله يمنع أنينه من الصدور هذا مؤلم بشدة ! يمكنه الشعور بالسُم ينتشر بكل جزء صغير من جسده ليسبب له الكثير من الألم , هو أعاد إغماض عيناه مُخفياً مُقلتيه الزرقاوتين خلف جفنيه ما إن شعر بحركة قريبة منه محاولاً جعل ملامحه هادئة و كأنه لم يصحوا بعد , شعر بيد تمسح على خُصلاته بكل هدوء و هو ما كان بحاجة للتفكير كثيراً ليعلم من يكون صاحبها !
شعر بقلبه يؤلمه عندما إنهمرت تلك القطرات تُبلل وجنتيه المُحمرة بفعل الحرارة العالية , هو لم يمنع نفسه من فتح عيناه مُظهراً بهما الكثير من القلق و الألم بينما يده إمتدت بصعوبة تمسح تلك الدموع المنهمرة , و الأكبر أمسك بيد شقيقه يحتنضها بقوة بينما ينطق بصوت مُنخفض لا يُظهر بحة البكاء به :" أنا لن أنطق بأي حرف الآن ريكايل , لكن أعدك عندما أعود و معي الترياق أنا سأخبرك بكل ما لدي و سأستمع لكل ما ترغب به "
صمت قليلاً يأخذ نفساً عميقاً و يمنع دموعه من الإنهمار فهذا ليس بوقتها قبل أن يُردف بابتسامة شاحبة :" أنا شقيقك الأكبر صحيح ؟ إذاً إحضار الترياق هو واجبي و هل تعلم ما هو واجبك أنت ؟"
أومأ ريكايل سلباً بينما نطق بصوت مرهق و حروف مُتقطعة :" ليس .. سهلاً ... لقد .. قُتلت "
نقر ريك على جبهته بخفة لئلا يؤلمه و هو يجيب :" إجابة خاطئة ! الأصغر يفترض به الجلوس هنا بثقة و الصمود حتى عودة الأكبر ! أتثق بي ريكايل ؟ أعني أعلم أنني خذلتك كثيراً لكن أعدك أنا لن أكررها , لذا أيمكنك منحي فرصة أخيرة أخي ؟ "
القلق كان يشع من عيني الأصغر و بشدة , هو لا يرى أن الأمر يتعلق بالثقة فقط فالمهمة صعبة و هو ليس بخير , لذا ذهابه وحده أمر يرفضه , يرغب بأن يُجبر جسده على النهوض و الذهاب معه لكن حينها لن يكون سوى عائق إضافي له , نظراته المُتفحصة كانتا تُبحران بين ثنايا مُقلتي شقيقه علهما تجدان ما يطمأنه , هو ما كان بخير تماماً يمكنه رؤية ذاك الحُزن و الألم المخلوط مع الندم بعيناه لكن هناك شيء مُختلف ، نظراته ما عادت ضائعة أو مُشتتة التركيز و كأنه يدرك أن هناك ما يجب عليه فعله .
لذا هو أبعد نظراته ليحدق بوجهه بشكل عام و فور أن فعل حتى ظهر شيء من العبوس على ملامحه بينما يده تمتد لتلمس وجنة شقيقه المُنتفخة !
ابتسم ريك بهدوء و هو يضع يده فوق يد أخاه بينما ينطق :" هي بخير , و لا تؤلم كما تبدوا "
أردف بعدها بنوع من المرح :" أظن أنني كنت بحاجة لواحدة لأستيقظ و أنت ألطف من إعطائي واحدة لذا الحاكم المُستفز فعلها "
لم يعلم ريكايل حقاً أعليه الشعور بالإمتنان لإن شقيقه يبدوا أكثر إتزاناً من قبل أم الإستياء فهو بشري و هذه الكدمة تبدوا مؤلمة .
و ريك انخفض يطبع قُبلة سريعة على جبينه بينما ينطق بهدوء :" لا تفكر كثيراً ، أريدك أن تعتمد علي و إن خذلتك هذه المرة أعدك لن أطالبك مُجدداً بالثقة بي "
نبرة صوته حملت الكثير من المعاني المؤلمة بطياتها ، بل يكاد ريكايل يقسم أنها حملت رغبة عارمة بالبكاء و هذا أشعره بالرعب ، لا يريد أن يضع ريك كل شيء على المحك لمُجرد ترياق ! هو حقاً لا يريد تحميله عبء كهذا و لأجله .
لكن إن نطق مرة أخرى بأي عبارة إعتراض سيوصل له رسالة مفادها أنا لا أثق بك ؟!
لذا هو أمسك بيده ينطق بصعوبة :" سأنتظرك "
و عيناه أوصلتا لريك و بكل وضوح قلقهما و عبارة ' إعتني بنفسك ' و التي ما نطقها بشفتاه قط إلا أن مُقلتيه أخبرتا الأكبر عن مقدار قلق الأصغر ليبتسم بخفة و يلتف للمُغادرة !
و ما إن إختفى عن نطاق بصره تحدث بضعف :" لماذا سمحت له بالذهاب ؟ "
ابتسامة ساخرة رُسمت على وجهه يجيب :" و هل أنا ولي أمره لمنعه ؟ ثم هو عليه أن يكبر ، و أنت اتبع نصيحته و حافظ على طاقتك حتى عودته فحسب "
*****
~ قارة أوقيانوسيا ~
وقف سام بقرب عرش الحاكم و هو يقطب حاجباه بضيق بينما يهتف :" هل انت جاد ؟ كيف يمكن لأي شخص التسلل لغرفة الأنظمة ؟ خط الدفاع النهائي تم تدميره قبل بدأ المعركة حتى ! "
تنفس الحاكم بعمق بينما عيناه الزرقاوتين تحتويان على الكثير من الحقد و الإستياء ، ما هو المُبرر الذي قد يدفع شخص ما لخيانته ؟ خاصة إن كان الفاعل من قبيلته !
غضبه يزداد بكل ثانية تمر دون إيجاد الفاعل ، يرغب بتحطيم كل ما أمامه و حقاً تواجد سام و ثرثرته فوق رأسه هي آخر ما ينقصه الآن ، رغب بالنهوض و إخباره أن يصمت لولا أن ثلاثة من حرسه بقيادة مُستشاره و يده اليُمنى وقف ينطق :" عثرنا على الفاعل سيدي ! "
أنهى بعبارته يُلقي أمامه شخص ما لتحتل الخيبة ملامحه فهو بشري ! لقد خان أُمته بالكامل لذا هو نهض يُمسك بالفاعل الذي بدى و كأنه تجاوز عقده الرابع بقليل بقوة بينما ينطق بغضب شديد :" أخبرني يا هذا ما هو دافعك ؟ "
الرُعب كان ظاهراً على وجه من بين يديه و هو ينطق بتوسل :" أرجوك أنا آسف "
كز على أسنانه بينما يده اشتدت بقبضتها على قميصه يتعمد إيلامه و هو يهتف بغضب :" أجب عن السؤال الآن ! "
شهقة عبرت عن مدى خوفه صدرت منه بينما يجيب بتوتر شديد :" لقد وعدني أن لا يمسني أو أُسرتي أي سوء عندما ينجحون بالسيطرة على القارة ! "
نظرات الحرس و حاكمهم تحولت للإشمئزاز بينما نطق الأخير ببرود شديد :" و أنت راهنت بخسارتنا قبل البداية حتى ؟ أتدرك أنك بفعلتك تلك ستحمل معك دماء و لعنات كل شخص سيموت بالمعركة ؟ هل تعلم ما سيحل بأسرتك تلك ! "
المعني اتسعت عيناه بشدة قبل ان يهتف بنوع من التبرير :" لكن أنا كنت أدافع عن أسرتي ! هل نسيت تاريخنا بتلك المعارك ؟ لم يمضي على حلول السلام بمملكتنا سوى إثنا عشرة عاماً ! أتظن أن شعبك فقد ذاكرته حول ما عاشه من عذاب ؟ المنازل بأكملها إما بها فقيد أو مصاب ! "
أنفاسه كانت مُتلاحقة بينما لانت نظرات الحاكم كما قبضته و هو يُلقي به لمُستشاره قبل أن يتحدث بنبرة ما خلت من الحدة :" أمثالك السبب بخسارتنا دائماً ، أنت أعطيت أسرتك و بقية الشعب درساً أن الخيانة هي ضمان للعيش ، الهرب و التخلي عن موطنك و شعبك هو الطريق الأسهل ! بل وثقت كالمغفل بأنهم سيسمحون لك و لهم بالعيش على أرضهم بكرامة "
علا صوته قليلاً و هو يردف :" لا أحد سيضمك كما موطنك يا هذا ، ثق بي لا أحد ! لن نهزم هنا مهما حدث و أنت لن تتواجد لتشهد على ذلك "
الأمر كان واضحاً و مصيره بات مؤكداً و هذا جعل عيناه تتسع بقوة و قد تجمدت حروفه بالكامل بينما أظهر أحد الحرس عُلبة احتوت على سائل باللون الأحمر قدمها للحاكم الذي اتسعت عيناه بشدة فهو يدرك تماماً محتواها ليهتف بنوع من الحقد :" أنت ماذا كنت تنوي الفعل بهذا السُم !؟ "
تقدم سام يأخذ العُلبة من بين يديه يتأملها فهو لم يرى ما يشابهه من قبل !
و الرجل نطق بنبرة شبه مُرتخية فبأي حال لن يستفيد سوى زيادة حنق الشعب على أسرته بعد موته إن أخفى المزيد :" لقد أعطاني إياها ملك مملكة المتحولين ، هم قالوا أنهم قاموا بتجربة هذا السم على البشر من قبل ، أراد مني وضعه بالطعام و الشراب الذي يستخدمه الجنود ، يومياً ليموتوا قبل شهر كما مفعوله ! هم حتى أخبروني أنه تم تجربته على أحد الأمراء الثلاثة بالماضي "
عض الحاكم على شفتيه عائداً لعرشه بينما ينطق بنبرة هادئة موجهاً كلماته لمُستشاره :" الجنود و عامة الشعب من مختلف الأعمار ، أريد أن تجمعوا عدد كبير منهم بحيث لا يبقى أي إنسان لم يسمع عن إعدامه ! أخبروهم بعد تنفيذ القصاص أن هذه ستكون نهاية كل من يحاول خيانتنا ! إن أراد أي منهم الموت فليمت بشرف بالمعركة ! أخبرهم انهم إن أرادوا تعليم أبنائهم و شعبهم أن الخيانة أفضل فمن واجبنا أن نخبرهم بمصير من يفعلها !"
أنهى عبارته يحرك يده سامحاً لهم بالمُغادرة و هو ما حدث ، و سام صفر سريعاً بينما يصفق بنوع من السخرية :" من المذهل كيف أنك بدوت حاكماً جيداً ! "
صمت قليلاً مُتجاهلاً نظرات الآخر المُنزعجة ليردف بجد :" لكن حقاً لوهلة ظننت أنك ستتركه و شأنه فعيناك أظهرت شيء من التعاطف عندما ذكر الماضي "
أسند رأسه للخلف بينما ينطق بهدوء :" لا مكان للمشاعر بأوقات كهذه ! لو نجى هو لشجع الكثيرون لفعلها لاسيما و أنه كما قال لازال طيف الماضي يطاردهم "
هو وضع عُلبة السم أمامه بينما ينطق :" إذاً ماذا ستفعل بهذه ؟! "
نطق بلا مُبالاة و هو ينهض لتفقد الأمور بالخارج :" يمكنك تناولها بأكملها "
تبعه سام سريعاً يقطب حاجبيه و هو يجيب :" كم هذا تصرف فظ ! أنا هنا أقدم لك يد العون و أنت فقط تريد قتلي "
أخذها من بين يديه بينما يجيب من خلفه :" ليست قاتلة بالنسبة لك ! أو لشعبك لذا للأسف لن تموت "
أعاد رسم ابتسامة ساخرة على شفتيه و هو ينطق :" بتجاهل كلمة للأسف المؤلمة هذه ألن تخبرني كيف ستُفيدك ؟ "
ابتسامة خافتة رُسمت على وجه المعني و هو ينطق بنوع من المكر :" هم أعطونا السلاح بأيديهم ! السحرة و المتحولون هذه ستؤذيهم "
صفر سام بإعجاب بينما يسير خلفه مُفكراً أنه و طوال تلك السنوات ظن السوء بمن هو أمامه و هذه المعركة أعطته فرصة للتعرف عليه اكثر ليدرك حقاً أنه ملك جيد .
*****
هو كان مُستلقياً على فراشه يحدق بالسقف بينما ينفخ وجنتيه بغضب طفولي ، عيناه عكست مشاعره المُتألمة بكل صدق !
أسرع يقطب حاجباه ما إن وصله صوت خطوات ليتظاهر بالنوم سريعاً مُخفياً جزء كبير من وجهه تحت غطائه .
فُتح باب تلك الغرفة الواسعة ليدخل ضيفه غير المرغوب ربما به هنا يسير بخطواته الهادئة و الجادة كما هي العادة حتى وصل للسرير الذي يستلقي عليه الصغير الغاضب ، هو مسح على خُصله الظاهرة بينما ينطق :" ريكايل أعلم أنك مُستيقظ ، كما أثق أنك غاضب بسبب العقاب و عزلك عن البقية صحيح ؟ "
صمت دون أن يجد رداً من صغيره العنيد ليُردف بنبرة بان بها الكثير من التعب و الإرهاق :" أتعلم أنك من جعلني أدرك أن الأبوة ليست بالعمل السهل !؟ ليس و كأنني تخيلتها عملاً سهلاً لكن التعامل معك بالذات بحاجة للكثير ! "
إستدار الأصغر يفتح عيناه مُظهراً الدموع التي امتلأت بهما و هو يهتف بضيق :" آسف لأنني السبب بكل مشاكلك "
ابتسامة مُرهقة رُسمت على مُحياه و هو ينطق بينما يده استمرت تعبث بخصلات صغيره :" لم أقصد هذا الأمر ريكايل ، لست سبباً بشيء فالكثير من الأطفال يحبون العبث و الاكتشاف لكن أتعلم ما المُشكلة ؟ "
أومأ الصغير سلباً ليردف والده بألم :" أنت تؤذي نفسك صغيري ! أقسم أنك لا تعلم إلى أي حد تُرسل ذاتك للتهلكة ! و بذات الوقت أنت كقطعة زجاجية نقية "
ابتسم قليلاً يمسح تلك القطرات التي غادرت مُقلتي الأصغر بلا إرادة منه :" ظاهرك يعكس باطنك بكل يُسر و سهولة ، إن انعكست عليك أشعة الشمس بدفئها ستلمع سريعاً ، و إن تراكمت الغُبار و الأوساخ فوقك فبعض من هذه القطرات المالحة كفيلة بمحوها "
قطب ريكايل حاجبيه يعتدل بجلسته بينما ينطق :" أهذا سيء ؟ "
أجابه بينما يغمض عيناه :" لا بل هو أمر جيد ، لكنه صعب بالنسبة لي ! أخشى عليك من الكسر ، أن تصرفت بقسوة كما الآن قد تتحطم ، و إن تركتك تفعل ما تريد ستحطم نفسك "
أخفض رأسه يحتضن إبنه ليخفي ملامحه بينما ينطق بنبرة مُتألمة :" و إن كُسر الزجاج لا يمكن إعادته ! بل سيشوه مظهره و يؤذي من يلمسه ، مع ذلك أنا آسف صغيري أفضل أن تصبح حاداً تجرحني على أن تتحطم لقطع صغيرة لا يمكن جمعها مصيرها الدفن تحت الأرض "
شهقة مُتألمة صدرت منه بينما يفتح عيناه مُنهياً تلك الذكرى التي كانت ربما آخر محادثة دافئة بينه و بين والده !
هو نهض من موقعه يسعل بشدة حتى انهار أرضاً يخرج الدماء من جوفه ، وضع يده على الصدره بألم شديد بينما يحاول أخذ عدة أنفاس فالألم ما عاد يُحتمل .
ويل أسرع ناهضاً من جوار شقيقه ليقترب من أخاه مُخفضاً نفسه يمسكه من كتفيه و هو يتحدث بخوف و دموعه بدأت بالتجمع :" ريكايل أأنت بخير ؟ إستلقي قليلاً ربما دمائي تخفف الألم ؟ "
هو حاول جعله يستلقي مرة أخرى لكن ذاك السُعال المصحوب بالدماء عاد إليه مُجدداً و فور أن هدأ قليلاً كان جيس يُمسكه من كتفيه حيث جعله يميل على جسده مُثبتاً إياه بخفة ليمد ويل يده سريعاً و هو ينطق :" ريكايل خذ من دمائي "
و الآخر تلونت عيناه بلأحمر القاني يغرز أنيابه سريعاً به ، ثوان فقط و هدأت أنفاسه ليبتعد بينما ينطق بضعف :" شكراً لكما "
ساعده الأكبر على العودة و الاستلقاء بخفة بينما أمسك ويل بيده سريعاً و هو يجيب :" هل أصبح الألم أقل ؟! أترغب بالنوم مُجدداً ؟ لا تقلق ريك سيعود قريباً ، و نحن سنحميك إن ظهر ذاك الوحش "
ابتسامة مُتعبة رسمت على وجهه و هو يجيب :" لا تقلق "
بالكاد تمكن هو من نطق تلك العبارة قبل أن يحدق حوله بقلق ، شقيقه لم يعد بعد أهو بخير ؟ لا يسعه أن يمنع نفسه من القلق عليه مهما أخبره !
هو نظر لسيده الحاكم الذي جلس بجواره على الجهة اليُسرى مقابلاً لشقيقه لتظهر تلك الذكرى بعقله مُجدداً ، هذه ثاني مرة يذكر بها موقف جمعه بوالده ، لا يدرك حقاً لماذا لكنه و منذ قابل ريك و كلير بالاجتماع بدأت ذاكرته تعود لتلك الأيام لكن هنا هو كان يتساءل عن معنى جملة والده الأخيرة .
~ نهاية الفصل ~
أي توقعات ؟
Bạn đang đọc truyện trên: AzTruyen.Top