الفصل السابع و الأربعين

بمرحلة ما ستكون مشاعرنا عبارة عن اللامبالاة القاتلة ، أحلامنا ستبدو و كأنها تحلق بعالم آخر ، بِسماء غير سمائنا و رغم ذلك قد نلوح لها ببساطة ببرود تام كأننا لسنا من قاتل بالأمس فقط لأجلها !

أي تصرف هو ما يجب فعله ؟! هل ستنتهي الحياة عند مثل هذه النقطة ؟ أن تتوقف خطواتنا هنا نحدق بكل شيء بلا اهتمام تام ؟

أم نقاوم لنقف ؟ لكن كيف لمن فقد شعوره أن ينهض ؟ أهي مهمة سهلة ؟ ربما لا لكن قطعاً الثبات بمكانك مراقباً ما ذهب دون التقدم يعد موت أسوء من الموت الحقيقي ! ...

####

شهر كامل قد مر منذ آخر مرة تواجد أي منهم بمنزله ! ، منذ خروجهم لمهمة انتحارية كهذا ، الكثير قد مر عليهم ، البعض فقد الكثير من ثباته و بعضهم واجه الموت و نجى بأعجوبة لكن آثار كل ما تعرضوا له سيبقى ذكرى مرسومة بعقولهم و للبعض جروح بقلوبهم .

و الأسوأ لازال قادماً دون إدراكهم لذلك حتى ! ... أبصارهم كانت شاردة ما عاد أي منهم يفكر بمن قد يكون جزء بفريقه بقدر أيعود ذاك الفريق كاملاً ؟

أم أن الموت سيخطف بعضهم ؟! ثم هم اتفقوا بالفعل على أن عليهم التأكد مما اكتشفوه بعد مغادرة جيفري المكان ليقررو الخطوة التالية لهم ! أيكون الانسحاب طريقهم أم اتمام المهمة ؟

و فور اصطفاف تلك الدمى بجوار بعضها البعض حتى حدق كل منهم بها ثم لأعضاء فريقه ...

آيزاك أخذ نظرة خاطفة لكل من جيسي و كيفين مُفكراً بأن تواجدهما بالفريق قد يعد فرصة نجاة أكبر لهم و بذات الوقت هو فريق هادئ ! فلا هو و لا آندريه من العابثين و قطعاً الحاكم و الأمير أبعد ما يكونان عن ذلك ! ... لذا لا تهور على الأغلب ؟!

بعدها هو أعاد بصره ليرى بأي فريق انتهى الأمر بتوأمه و رفيقه و ابتسم بنوع من الخفة عندما وجد أن كلاهما بذات الفريق مع أمير البشر و ليون رفقة ميلينا ...

وجود الأخير معهم أيضاً يُريحه نوعاً ما فحالة ريك بذلك الفريق سيئة و شقيقه مع إزالة القلادة سيحتاج للرعاية لذا وجود إيكاري معه يجعله و لو لجزء بسيط للغاية أقل قلقاً ؟!

و بجهة أخرى وقف ويل أمام آلبرت مّكتفاً يداه :" كم مرة حقاً يفترض بنا أن نتواجد معاً ؟ "

و المعني ضحك بعبث من فوره يحيط الصغير بيداه يجيبه :" لترى فقط أن القدر يود أن يجعلنا أصدقاء مقربين ! فقط أنتظر لأسبوع آخر و سأعلمك فنو... "

الصمت اتخذه ذلك الشيطان العابث بينما تراجع بكل تهذيب يقف بجوار ريبيكا و ريكايل فور أن شعر بتلك العينان القرمزية الضيقة تحدقان به !

لوهلة هو تناسى بجدية أن شقيق هذا الطفل هنا على بُعد عدة خطوات منه ! ، و ربما من حسن حظه أنها لم تكن محاولة ما لقلبه على شخص ما ؟

ريبيكا ضحكت من فورها تحدق به بنوع من السخرية :" و الآن يا له من تهذيب هو هذا الذي يظهره أكبر شيطان عابث بهذا الكون ! "

و المعني حرك يداه يهمس من فوره :" هو الحاكم الوحيد هنا أحاول احترامه فقط ! "

و هنا كان دور ريكايل ليضحك ليتقدم منه ينطق بأذنه :" تعلم أنه تمكن من سماع ما همست به تواً صحيح ؟ هو مصاص دماء بل ملكهم اي هو يستمع الآن حتى لهذا الصوت "

و هذا جعله يشهق قبل أن يضرب جبهته بقوة ، بشكل حرفي هو نسي الأمر تماماً ! و جيس حدق به بابتسامة ساخرة قبل أن يسير ليقف أمامه بشموخ ينطق :" إذاً و إن لم أكن الحاكم الوحيد هنا كيف كنت لتتصرف ؟ "

و المعني الصدمة منعته حتى من التراجع للخلف ! ، بشكل جدي أليست هذه هي المرة الأولى التي يوجه له الحديث بها ؟!

و جيسي كتف يداه لصدره يرفع أحد حاجبيه فور ملاحظته لتلك التعابير المرسومة على ملامح الأصغر أمامه و الذي ما كاد يفتح فمه للحديث حتى كان صوت ضحكات رفاقه قد انتشر ؟!

و هذا دفعه ليوجه بصره لهم حيث بدى و كأن تلك الضحكات معدية فقد انتشرت بين معظم الحاضرين و هذا ما دفعه ليحرك يداه بلا مُبالاة ينطق :" أجل بالطبع هيا تفضلو و اضحكوا ، أساساً هذا فقط ما تجيدون فعله ! انتظار شيطان عابث و مذهل مثلي ليسقط "

أدار الحاكم وجهه عنه ليسير عائداً لحيث وقف فريقه و ما ان فعل حتى أخذ آلبرت عدة أنفاس عميقة بينما نطق آيزاك :" كالعادة تحب التباهي أليس كذلك ؟ "

ابتسامته الساخرة اتسعت و هو يجيبه :" كم مضى من وقت دون سماع صوتك مارش ؟ هل استعدته أخيراً لتحاول الوقوف أمامي فقط ؟ "

و ذاك الحوار كان مُستمراً بينما الفريق يبتعد عن أعين البقية حيث كان كل من جيسي و آيزاك برفقة كل من آندريه و كيفين قد تحركوا بالفعل للأمام بالفعل حتى تم ابتلاعهم من الحاجز ...

تنهد آلبرت ليُبعثر شعره و هو ينطق :" إذاً لنغادر الآن نحن أيضاً ؟ أمامنا مخلوقات لم نرى مثلها من قبل بانتظارنا "

ريبيكا نظرت له بنوع من السخرية و هو بادلها بملل تام ! ليس و كأنه لا يعلم ما التعليق الذي تملكه بأي حال !...

ويل حدق بريكايل الذي تقدم لتوأمه حيث وضع رأسه على كتفه بينما همس له أن يكون بخير و أنه سيبقى هنا لأجله ...

و ما ان انهى كلماته حتى ارتسمت ابتسامة ما على شفتي الأكبر الذي ضم قبضة يده يضعها أمامه حيث فعل الأصغر ذات شيء ليضرب قبضته بقبضة الأكبر بخفة و بابتسامة مشابهة قبل أن يلتفت كل منهما يسير باتجاه مختلف ...

نيرو تثائب بملل يحدق برفاقه و هو ينطق :" يا لها من رفقة ! لا أصدق أنني بفريق واحد معكما "

ريبيكا أحاطته بيدها تنطق بمرح :" أجل تعني أنك حقاً لا يمكنك تخيل ما مدى حسن حظك بتواجدك مع اثنان من قبيلتك "

و هو شهق مبعداً إياها يهمس بحنق :" بل سوء الحظ ! بجدية على أحدهم وضع لعنة ما لكم "

حدق آلبرت به بنوع من السخرية العابثة هذا الفتى قد يكون مصدر لطيف للعبث أليس كذلك ؟!

و بجوارهم تنهد ريكايل و هو حقاً يتسائل كم مرة يجدر بهم تكرار هذا ؟! و فقط إلى ماذا قد يصلون بالنهاية ؟ جيسي أخبرهم أنه عليهم الوصول لنقطة ما ثم إما الانسحاب هو الحل أو أنهم سيجدون حل ما لكن ...

هو رفع يده يضعها أمام بصره ما يحدث لا يعجبه ! ألم يتحدث مع حاكمه منذ الأسابيع الأولى ؟! كل تلك المعلومات التي كُشفت برحيل جيفري هو أمتلكها ، بل و أعطاه حق الوصاية على العرش و شقيقه و هذا ما يؤرقه ، أي لازال هناك ما اكتشفه دون إعلامه عنه لكن لما هو أعطاه حق الوصاية تلك ؟!

تنهد بتعب فهو لا يود حقاً التفكير بكل تلك الأفكار السلبية فهي تُخيفه فقط .

ريك تحرك أولاً من فريقه ليتبعه زاك على فور حيث أبقى بصره مُثبتاً على أميره بنوع من القلق ، و من خلفهم سار كل  من ليون ، إيكاري و ميلينا التي لوحت لمعلمها بخفة قبل أن تنطلق ...

و بالخلف بعثر المعني خُصلات شعره ذات اللون الأشقر ينطق باستياء تام :" لما علي التواجد مجدداً معهن ؟ "

ضحكة هادئة صدرت من آرثر الذي حثه على السير و هو يجيبه بخفة :" ذنبك أنك من بدأ بالعبث بأمور لا تخصك عزيزي "

كتف يداه لصدره باعتراض و هو يسير أمام رفيقه :" هي مهمتي كما تعلم آرثر ! نيتي كانت سليمة تماماً ، لكنها رغم ذلك انقلبت ضدي "

و هذا جعل الثاني يعود للضحك دافعاً الأول للعبوس بينما من خلفهم سارت كل من تينا و أميرتها التي قلبت عيناها بملل تام ! ...

## قارة زيلانديا ##

تنفس سام بعمق شديد بينما خلل أصابعه بين خُصلات شعره الشقراء و هو يستمع لذلك الجاثي أمامه ! ...

حيث تواجد هو و بقية أشقائه بقاعة العرش و أمامهم أحد قادة جيوش المملكة و الذي نطق بهدوء :" إذاً تلك الجيوش بحاجة لما يقارب الثلاثة أيام للوصول لحدود مملكة البشر بأسلحتهم الثقيلة ! "

هو صمت قليلاً قبل أن يُردف بنوع من التوتر :" يمكن لنا الوصول قبلهم بالطبع لكن بعض الجنود أبدو اعتراضهم حول ذلك ! و آخرون يقولون أن مسار قبيلة الجان غير معروف فماذا سيحدث لو تمت مهاجمة مملكتنا هذه أثناء تواجدنا بمملكة البشر ؟ "

كز سام على أسنانه بقوة ، هو ليس الوقت المناسب حقاً لمثل هذا التردد السخيف ! بحق الإله يود معرفة من يكون الشخص الذي يحاول نشر مثل هذا الشائعات السخيفة ؟!

أدريانا عبثت بخصلات شعرها السوداء كما العادة بينما ترسم ابتسامة ساخرة على شفتيها دون تعليق حقاً حيث سبقها أصغر أشقائها آلفير و الذي نطق :" و هل نحن سنذهب للدفاع عن مملكة أخرى دون الانتباه لنقطة كتلك ؟ أم أن الجنود فقط فقدوا عقولهم و يرغبو... "

هالة الشقيق الأكبر و الذي كان قبل ثوان يجلس بكل كسل على مقعده يغلق عيناه فقط انتشرت بالأرجاء حيث أجبرت الأصغر على الصمت بينما يقف مُسبباً الرعب للجاثي أمامهم و المتواجدون هنا للحراسة بشكل عام ! ...

هو نهض من موقعه يسير بخطواته البطيئة كعادته ينطق بنبرة هادئة رغم عمقها :" أمامك عشرون دقيقة لتجمع لي كل جندي بهذه المملكة ! "

و المعني اتسعت عيناه أولاً فهل هو جاد ؟ إلا أن نظرة واحدة منه جعلته ينهض من مكانه صافعاً ذاته بينما يهمس :" بالطبع هو جاد لن يمزح معي مثلاً ! "

و بتلك القاعة الضخمة نطق سام بضحكة بسيطة :" مذهل حقاً ! لم أرك أينزو تتحرك منذ سنوات طويلة عزيزي ! "

رمقه المعني بنوع من السخرية و هو يجيبه :" الأفضل لك أنت و أدريانا البدء بتجهيز أنفسكما للرحلة ! تأكد أن لا تعود لهذه المملكة كحفنة من التراب أخي "

ابتسامة ودودة ارتسمت على شفتي الأصغر و الذي أومأ له بثقة و خفة ! بينما نهضت الفتاة الوحيدة بينهم تجمع الثلاثة بعناق واحد و هي تنطق :" لا داعي للقلق ! ليس أفراد كروغر من يفشلون باختبار كهذا !"

و أجل هي كان بإمكانها قول ليس أشقاء كروغر لكن هي ليست معركتهم وحدهم ! أثنان من أفراد هذه الأسرة ذهبوا لخوض معركة أخرى بعيداً عن ديارهم منذ شهر كامل ! ... الكثير من القلق عليهم متواجد بقلب كل منهم لكن لا يمكنهم بالنهاية سوى التركيز على ما هم مُقدمين عليه تاركين للأصغر سناً ثقتهم الكاملة بالعودة .

### القارة المُظلمة ###

ما بال تلك الأحلام التي تهرب منا ما إن نكاد نصل لها ؟! لما تكاد هذه الحياة تسلبنا كل أحلامنا دفعة واحدة ؟

عيناه التي شابهت نصل السيف ببريقها حدقت بالأرجاء بشرود تام منذ إبتعادهم عن البقية لم يحدث أي أمر و لا حتى المناظر تبدلت من حولهم ... الثلج كان يغطي المكان مُضفياً نوع من البرودة بالأجواء ، تفكيره كان مُنشغلاً بالكثير حقاً ! ... و دون إدراك منه مُقلتيه عكست برودة ذلك الجو بهما و كم كان هذا مُخالفاً لشخصيته الدافئة ؟

أو على الأقل هذا ما فكر به السيد الأصغر سناً عندما لمح تلك النظرة بعينا الأكبر ، هو بشكل تام ليس على طبيعته مؤخراً منذ آخر هجوم للمهجنين !

يشعر بأن أفكار رفيقه تسير للهاوية لكنه عاجز عن معرفة السبب ، حاول إخباره سابقاً عن أسرته علَّ هذا يرفع من معنوياته إلا النتيجة كانت بلا فائدة ؟

و يده هو وضعها على كتف الأكبر بينما مُقلتيه اللتين حملتا لون الربيع حدقت به توصل له جزء من ذلك القلق الساكن بقلب صاحبهما ! ... و ذلك كان واضحاً و بشكل كبير للأكبر الذي حدق بسيده يعيد ابتسامته المعتادة على شفتيه ينطق بخفة :" ما الأمر سيدي ؟ "

كتف كيفين يداه بينما قطب حاجبيه بشكل أكبر يجيبه بانزعاج :" ما هي المشكلة معك أنت آندريه ؟ تدرك أنك لست على طبيعتك أليس كذلك ؟ "

آمال المعني برأسه بتفكير قبل أن ينطق بسكون :" أنت لم تجب عن سؤالي السابق حول إن كنت قد ملئت مكاني بشكل جيد أو لا ؟ "

الحدة ملئت تقاسيم وجهه ينطق بنبرة ساخطة و قد توقفت خطواته :" ظننت أنني أخبرتك بوضوح تام آندريه أنه إن كان لديك الوقت الكافي للتفكير بأمور سخيفة كتلك فكر بالمهمة أفضل "

أنهى كلماته تلك قبل أن يعود للسير للأمام بضيق تام ، الحديث عن موضوع كهذا يثير بداخله الكثير حقاً لاسيما مع الظروف الراهنة ! لما لا يمكنه الحديث بشكل مباشر لطرح سؤال سخيف كهذا ؟!

أغمض جيسي عيناه دون التدخل حقاً بما لا يخصه ، رغم أن تلك النبرة الشبه يائسة التي خرجت من العبد لسيده تزعجه نوعاً ما ، فهو لا يفضل العمل مع شخص قرر اختيار الهزيمة قبل القتال مهما بدى الوضع سيئاً بلا مهرب واحد هو عليه الوقوف حتى اللحظة الأخيرة دون التفكير بالهزيمة لأنها أول خطوة للسقوط ! ..

و ابتسامة ما ارتسمت على شفتيه فالسقوط هو شيء لم يتذوقه من قبل رغم كل المآسي التي واجهها بحياته إلا أنه قابل كل ذلك واقفاً حاملاً معه فخر أسرته .

و بالخلف عاد آندريه للسير بعد أن شد على قبضة يده ، أجل هو يعلم أنه فقط يتسبب بإحباط سيده بدل مساعدته ، فقط متى فقد هو هدفه الرئيسي ؟

أن يرى تلك الابتسامة اللطيفة على ثغر من أمامه ، يعيد ذلك الدفء لتلك العينان الذابلتين هو حقاً يريد فعل ذلك لذا أخذ عدة أنفاس عميقة يلقي بكل ما كان يفكر به بعيداً حيث نطق بنبرة هادئة :" اعتذر مولاي "

أعاد كيفين بصره له دون أن يتوقف ليرى ملامحه الهادئة و تلك الابتسامة المعتادة تتربع على ثغره لكن الأهم من كل ذلك هي تلك النظرة الثابتة بمُقلتيه ؟!

هذا جعله يتنهد و يعيد بصره للأمام ليس و كأنه يريد أكثر من أن يتماسك رفيقه و يكون بخير دون كل ذلك التشاؤم .

و خلفهم جميعاً سار آيزاك و قد شرد بأفكاره بعيداً منذ أن أظهر كيفين استيائه ! أيمكن لأحد أن يلوم آندريه حقاً ؟! بحق الإله هم فقدوا الكثير ، من يمكنه أن يضمن انه لن يكون التالي ؟!

أغمض عيناه بنوع من الألم و ذاكرته أظهرت له صورة رفيق طفولته يبتسم بخفة !

' نيو ' هو لا يمكنه للآن تصديق أنه ذهب فقط للأبد حيث لن يتمكن من رؤيته مرة أخرى ، أن لا يستمع لتوبيخه المُعتاد و تعليقاته الساخرة ، أن تختفي تلك العينان اللتين تتبعان خطواته بقلق دائماً ، ذلك الرفيق الذي سيبقى كجرح عميق بأعماق قلبه رغم أنه يجد نفسه مُجبراً على النهوض ببساطة فهو ما ضحى بنفسه لكي يستسلم صحيح ؟!

أغلق عيناه و قد اتسعت عيناه بنوع من الصدمة ، جسده هو يفقد التحكم به تدريجياً ، كيف يمكنه أن يغفل عن الشعور بالمُحيط من حوله ؟

كل من جيسي و كيفين و آندريه قفز مُبتعداً عنه يراقبون ما يحدث بنوع من الترقب ! ، بينما وعي آيزاك بدأ يسحب منه رغم كون جسده واقفاً بينما تختفي هالته المعتادة لتظهر مكانها و بوضوح هالة ذاك الذي يسيطر على هذا الجسد من بُعد !

الشعور بالاستياء بدى واضحاً على كيفين فهالة من يسيطر على آيزاك عائدة لذلك الهجين الذي قاتله هو و آندريه من قبل ، ذلك الذي تغيرت تصرفات تابعه منذ أن همس هو بأُذنه ما لا يعرفه .

جيسي حافظ على ثبات نظراته و ملامحه عند شعوره بتواجد ذلك الطفل الساحر أيضاً ، أياً كان ما يحدث فعلى ما يبدوا أن المهجنين قرروا القتال معهم بأنفسهم بدل الاستعانة بألعابهم المُعتادة ، لكن لما ؟ ما هي الرسالة التي يرغبون بإيصالها بأخذ جسد آيزاك ؟

أم فقط الهدف من هذا هو التأكد من أن لا يمس هجين ما سوء ؟! و هل حقاً هم يهتمون بأمور كهذه ؟ أو فقط هنالك سبب آخر هم على وشك اكتشافه ؟

## قارة زيلانديا ##

بِحلته المُعتادة المُتشحة بالسواد التام سار هو ، خطواته بطيئة كما هي عادته ، عيناه ذات اللون الدموي تحدقان بما أمامها بكسل تام !؟

للمرة الثانية ها هو يقف على هذه الشرفة الضخمة و التي تُطل على حديقة القصر الواسعة ، تلك التي احتوت ما يتعدى الآلاف من شعبه ، ممزوجين هم ما بين الجنود بثيابهم الرسمية أو العامية حيث أن خبر ظهور الأمير الأكبر و رئيس أسرة كروغر بنفسه جذب حتى عامة الشعب للوقوف علهم يرون ما يراه قادتهم بهذه الحرب ؟

ثم رؤية هذا المعني ما كان أمراً يسهل حدوثه و ظهوره و منذ طفولته المبكرة كان نادراً لدرجة تخليه عن العرش لشقيقه الأصغر ثم هو ظهر هنا على ذات هذه الشرفة يتوج بها ابن شقيقه و الآن لابد أن يكون الأمر هاماً حقاً !؟

و البطل الرئيسي للحدث هذا وقف يغلق عيناه بضيق ، ليس ممن يحب كل هذه الثرثرة أو التواجد بمواقف قريبة لكن أليس للضرورة أحكام ؟!

ذكرياته أخذته لعالم آخر تماماً حيث مرت عدة سنوات منذ رحيل شقيقه و أسرته عن هذا العالم ! هنالك حيث اضطرت الأسرة للعيش بالظلام لسنوات بحصن ما مختبئة من أيدي الغدر و ما كان ضعفاً بل هم أرادوا وقت علهم يستعيدون بها جزء مما فقدوه برحيل شقيقهم .

و هو بالذات أغلق على نفسه بغرفته دون الخروج منها حيث اربع سنوات مرت بلا اي تقدم ، هو ما خرج من أفكاره و مشاعره الخاصة ، لم يرى أي معنى للانتقام حتى ! فلماذا ينتقم ؟ لن يعيد هذا شقيقه و لا أسرته للحياة .

إلا أن القدر كان له رأي آخر تماماً فهو ما كاد يقرر بشكل نهائي أن الانتقام بلا معنى حتى تجرأ أحدهم على دخول غرفته ، أدريانا التي وقفت بالقرب من فراشه بينما عيناها تُمطر الدموع بغزارة نادرة جعلت قلبه ينبض بقلق أولاً قبل أن يدرك من ملامحها بأن ما تحمله ليس مصيبة ما ؟!

رغم ذلك هو أعتدل بجلسته ينتظر تفسير لتلك الدموع ليس و كأن أي منهم قد يذرفها بسهولة حقاً و هي ليست باستثناء ، و فور ملاحظة الصغرى لفضوله ربما هي حاولت مسح دموعها تنطق بكلمات متقطعة :" أينزو ، سام هو لقد وجده "

آمال برأسه بتعب فعن ماذا هي تتحدث ؟ سام غادر الحصن متنكراً لسبب مجهول منذ سنوات ، لذا لم يعلم عنه اي شيء فماذا وجد هو بحق ؟

أغمض عيناه و فور أن فعل حتى لاحظ هالة شقيقه الأصغر و الأهم ربما هالة أخرى هو عرف مصدرها جيداً دفعته للوقوف من مكانه و مغادرة عزلته تلك بخطوات سريعة مختلفة عن عادته !

إلى تلك الغرفة التي يفترض أنها مخصصة لتناول الطعام رغم أنها كانت أبعد من ذلك بكثير فهي قد تحولت لمكان اجتماع لهم ، هناك حيث وقف سام خلف إحدى المقاعد يراقب ما أمامه بابتسامة هادئة و بجواره وقف أصغر الأشقاء آلفير بملامح أظهرت سعادته الحقيقية ...

يوم مقدس هو هذا الذي أبعد و لو القليل من غمامة الحزن عن القصر ، حيث جلس ذلك الطفل ذو الرابعة من العمر على الطاولة مقابلاً لشقيقه الأكبر و هو ينطق بكلمات بالكاد مفهومة مُكرراً خلف شقيقه :" منزلنا ؟ "

ابتسامة لطيفة ارتسمت على ملامح الشاب ذو السادسة عشرة من العمر بينما يمسح على وجنة من امامه بلطف :" أجل ، لذا يمكنك التصرف كما تشاء الآن موافق ويل ؟ "

أومأ له المعني بسعادة غامرة رغم أنه لطالما تصرف كما يشاء بأي حال إلا أنه فقط رآى للمرة الأولى شقيقه سعيداً لذا هو أيضاً سعيد .

أكبر الأشقاء وقف يحدق بهما بنظرة هادئة غير مصدقة ، كلاهما لازال حياً بطريقة ما لا تهمه فوجودهما هنا كافٍ له ، عيناه بشكل تلقائي استقرت على عنق الأكبر بينهما و قد أظلمت نوعاً ما فور ملاحظته لتلك العلامات التي تغطيها !

هناك من تجرأ و غرس أنيابه بها ؟! و جيسي رفع بصره له فور شعوره بتبدل هالته ليدرك سبب تغييرها مما دفعه لرفع ياقة قميصه للأعلى يغلق على عنقه قبل أن يعيد ببصره لويل الذي نطق فجأة :" ويل جائع ! "

ضحكة صدرت من سام قبل أن تتقدم ادريانا لتحمله للأعلى و هي تهتف :" آسفة حقاً صغيري ، عمتك نسيت الأمر تماماً ! تعال معي سأصنع لك وجبة لذيذة "

و الأصغر كرر بنوع من اللطف :" عمتي ؟ "

هذا دفعها لاحتضانه بقوة قبل أن يتقدم أينزو يبعثر شعر الطفل الداكن بابتسامة هادئة بينما يلاحظ ذلك الفرق بين الشقيقان ، الأصغر حيوي وجنتيه ممتلئة بشكل لطيف و قد صبغتا أيضاً باللون الوردي كدلالة على الصحة ... و على خلافه الأكبر كان شاحباً و جسده يبدوا و كأنه يوشك على التحطم بضربة خفيفة .

لذا و فور اختفاء شقيقته و ويل هو انخفض أمام جيس يضمه له دون أن يبادله الآخر حقاً :" أهلاً بعودتك أيها الطفل ، أحسنت عملاً بالوصول إلى هنا ! أتعلم أكاد أعترف أنك قد نضجت قليلاً "

تقطيبة ما رسمها الأصغر بينما يبعده عنه يحدق به بحاجب مرفوع و ملامح أظهرت الرفض بكل أشكاله على كل الموقف ! لا يحتاج لِعناق ما أولاً و ثانياً لا يسمح له بمناداته بالطفل و ثالثاً أهو بحاجة ليعترف أحد بِنُضجه ؟

و الأكبر أدرك كل تلك الأفكار لتتسع ابتسامته و يظهر واحدة ساخرة على شفتيه يبعثر شعره :" لا تنظر لعمك الأكبر بكل هذا الاستياء عزيزي فهو لن يفيدك ما سيثبت لي أنك نضجت أفعالك لا حدة نظراتك و الآن ... "

هو صمت قبل أن يفتح يداه له ينطق بهدوء و جد :" أنت بحاجة للدماء صحيح ؟ تبدوا بشكل فظيع للغاية هيا تعافى سريعاً فلدينا الكثير لفعله خلال العامين القادمين "

و هذا كان كافيا ليقترب منه الأصغر يغرز أنيابه به لعدة دقائق بينما شعر أنه بالفعل قد انتهى من خوض سباق طويل ! ، جسده انهار بالنهاية بين يدي عمه فور حصوله على كفايته من الدماء مما جعله يحمله لإحدى الغرف و قد غرقت عيناه بظلام شديد فهو سينتقم ! ...

هتاف أولئك المُتجمعين بالحديقة بالأسفل أخرجه من أفكاره و ذكرياته هو فتح عيناه و دون شعور منه هالته كانت قد انتشرت بشكل أكبر مشكلة موجة من الضغط دفعت الجميع للصمت بشكل تام .

الآن هم مستعدون و دون أن ينطق حتى لتنفيذ أوامره و ان اقتضت على موتهم أليس هذا أرحم من مواجهة غضبه ؟

و ذاك الصمت المحبب لقلبه جعله يبتسم بذات سخريته المعهودة ينطق ببرود تام :" أتمنى أن بعضكم لا يرى أنني هنا اليوم لأطلب من أي منكم القتال ! ، الأمر هو أننا و كما يفترض أنكم اعتدتم على ذلك منذ سنوات طويلة نرفض وجود الجُبن بصفوفنا ، أولئك ممن يظنون أن المعركة خاسرة أو ينتظرون تفسيراً ما لها أخبركم ببساطة أننا لسنا بحاجة لكم "

عيناه اصبحت أكثر ضيقاً و هو يردف :" من لا يثق بنا لا نحتاج إليه بيننا ، بمعركة كهذه نحن لسنا بحاحة سوى لمن يمتلك الولاء لحاكمه ، مملكته و أسرته ، من يمكنهم القتال بشجاعة و شرف فقط ، أما من يرى بنفسه أنه سيلوث سمعة جيش هذه المملكة ليرحل للجحيم ، لمنزله ، لزاوية ما لا أهتم حقاً فهذه المعركة أنا مستعد لدخولها وحدي على أن أجد بجواري صف من الجبناء الحمقى "

هو اختتم عبارته بحدة ليلتف و يعود للداخل ! ليس و كأنه كذب بذلك ، قلة العدد أفضل من مجموعة كبيرة ينشر بعضها العديد من الشائعات و الفتن التي تؤدي بالنهاية بمعنويات البقية للحضيض ! .

####

النظرات الحادة كانت ظاهرة على ملامح الثالثة ! و هي ما كانت مجرد نظرات بلا فائدة بل إن هالة اثنان منهم كانت كبيرة بشكل حقيقي و كيف لا و أحدهما هو حاكم لمملكة ما عرفت طعم الهزيمة تحت حكمه و الآخر هو أمير لأقوى مملكة متواجدة بين الممالك الستة ...!

و بالمقابل وقف كلاي بينما خُصلاته الشقراء تتحرك مع الرياح بكل خفة ، الجو بدى عاصفاً بل و ملائم بشدة لحدة ذلك القتال الذي قد يبدأ بأي ثانية من الآن ! ... مخالبه كانت تهدد حياة آيزاك الذي غاب وعيه بالظلام تاركاً جسده عنوة لمن أحكم قبضته عليه ...

هو حرك إحدى مخالبه لتسبب جرح بسيط بعنقه لتكون كإشارة بداية ربما حيث نطق الحاكم بحدة لم يرها به من قبل :" إياك و أن تجرأ ! "

عيناه التمعت بقوة هو ما كان ليصمت حقاً ! لن يرى فرد آخر يسقط بينما هو يقف دون تحرك لذا لو لزم الأمر سيتأكد من استخراج قلب من أمامه بطريقة ما مهما كلفه الأمر ، و هالته عكست أفكاره بشكل حرفي ! ...

و ابتسامة مرحة ارتسمت على ملامح ذلك الساحر الهجين حيث رفع يداه للأعلى ينطق بذات ابتسامته :" مُخيف ! أأنت حاد هكذا على الدوام ؟! مولاي الحاكم لستُ هنا لقتل هذا الفتى حقاً فهو ليس عدواً ، نحن لا نقتل من هم منا و إن كانوا أعداء لنا "

أغمض عيناه قليلاً قبل أن يعيد فتحهما ينطق بنبرة أكثر هدوءاً :" لكنه محظوظ أتعلم ؟! لا أفهم أحياناً لما حاكم مثلك يدافع عن هجين ؟ رأيت أنه و توأمه قد ظُلما ؟ لكن أهذا ينفي كونهما منا ؟ أي نوع من المخلوقات قد تكون ذريتهما بالمستقبل ؟ ألا تخيفك هذه الاحتمالات ؟ أم أنك تجاهلتها فقط لأنك على معرفة بهما و بظروف حياتهما ؟ "

ملامح الأكبر هدأت قليلاً يرسم ابتسامته الساخرة المُعتادة و هو يجيبه :" إن تم إعطائكم الآمان الذي حصل هؤلاء الاثنان عليه فهل ستتوقفون عن محاولة الهجوم ؟ لا أظن ذلك صحيح ؟ فأنتم كنتم تعيشون هنا بسلام دون معرفة أي أحد بوجودكم على قيد الوجود حتى لكنكم من أظهر نفسه للعلن اي أن العيش بسلام ليس هدف لكم و هذا هو الفرق "

كتف كلاي يداه و هو ينطق بنبرة شبه هادئة يشوبها الاستياء :" و تظن انك تعرف ماذا نريد ؟ ما حدث لنا بالماضي ؟ كيف نعيش يومنا ؟ أم أنك ترى فقط ما ترغب برؤيته دون محاولة رؤية الأمر من جانبنا ! أليس هذا مُنافٍ للعدل الذي تسعى أنت لإحلاله بمملكتك ! "

احتدت عيناه بحقد واضح و هو يردف :" مملكتك التي فقدت إحدى المواطنات بها بظروف غامضة دون البحث عنها حتى ! و إلا لما وجدت أنا هنا اليوم ، أيُعتبر هذا خارج مسؤولياتك أيها الحاكم !"

أغمض جيسي عيناه و هو يردف بهدوء :" و هل والدتك تلك تم خطفها ؟ ألم تذهب بإرادتها ؟ أليست من وقع بحب والدك ؟ و هي دفعت ثمن أفعالها ببساطة "

شد على قبضة يده و بشكل لا إرادي هو أخرج مخالبه منطلقاً بنية غرزها بجسد من أمامه و الذي تقدم هو الآخر قبل أن يقفز بعيداً عن مهاجمه الذي أوشك على السقوط عندما بات مكان الحاكم فارغاً ... بل هو سقط مع ظهور جيسي خلفه و ركله على قدميه مستغلاً تلك اللحظة ثم وقف أمامه يحدق به بسخريته المعتادة ينطق :" غضبت لأجل سماع الحقيقة ؟! والدتك غادرت مملكتي عندما لم أكن أنا حاكمها رغم ذلك بحثت عنها و أدركت أنها قتلت مع ابنها الهجين ! رغم ذلك ها أنت تقف هنا بكل تبجح "

أخفض كلاي رأسه لعدة ثوان قبل أن تنتشر هالته القاتلة بالأرجاء ، هالة شديدة القوة و كيف لا و هي تنبعث من هجين ؟

صرخة أطلقها هو قبل أن يعتدل بوقفته يكرر هجومه ذاك لكن هذه المرة بتركيز أكبر بينما يهتف بحنق :" لا ، لما لم يمت إذاً الوغد الذي أحبته أين هو العدل بنجاته ؟ هو من سلمها و ابنيه لهم ! أجل هي ماتت مع ابنها ! ذلك الذي سلم نفسه أولاً قبل أن يخلوا بالاتفاق ! "

كز على أسنانه عندما لاحظ أن من أمامه استخدم قدرته بإيقاف الزمن ! ، الآن لا أحد سيتدخل لا فريقه هو و لا فرقة المُهجنين ...

رغم ذلك ابتسامة ما ظهرت على شفتيه بينما يبعد ذلك الوشاح الطويل الذي يرتديه يُسقطه أرضاً بعيداً عنه يرفع أكمام قميصه بينما هالته انتشرت بالأرجاء و هو ينطق :" جيد معركة لن تنتهي إلا بموت أحدنا ! يا له من وقت ملائم لقتل أحدكم ! "

هو نطق بعدها بحدة أكبر :" أعلم و بشكل تام أن ما حدث لك ما كان عادلاً بأي شكل من الأشكال ! لا أنت و لا رفاقك لكن كل شخص يختار طريقه وحده ! فقط لو بطريقة أخرى "

أغلق عيناه بينما قطب كلاي حاجبيه بينما أكمل من أمامه :" لو لم يسقط أي ضحايا منا ! لو لم تتسبوا بموت الكثير بالمعارك السابقة ، لو أن من اتى ببعثة الى هنا قد عاد لكان كل شيء مختلفاً لأنني وقتها كنت لأجعل مملكتي درع لكم إن اضطررت ! "

و ابتسامة ساخرة قابلته ممن هو أمامه يجيبه :" و أنت تظن أنه لم يمت أي منا ؟! أتدرك ما نوع المعاملة التي اضطررنا للمرور بها ؟ الخوف و الرعب و الألم كلها أمور ما اهتم بها أي أحد من الآخرين فقط لأننا هجناء ! الشيء الوحيد الذي يرونه بنا هو وحش ما يمكنهم تعذيبه و قتله بأي طريقة ! يحرم من الطعام أو الماء لا يهم ، ثم تظن أننا سنلجأ لأي منكم ؟ تلك الضحيتان ليسا آخر من سيسقط ! و عندما يصل الأمر لشقيقك الأصغر ربما ستتمكن من فهم نصف ما مررنا به ! "

و تلك الجملة بل آخر جملة نطقها كانت بداية للحرب بينهما ، فما كان من جيسي أن يقف فقط و هو تجرأ و هدده بشقيقه صحيح ؟ لذا النقاش توقف بينما انطلق كلاهما راكضاً باتجاه الاخر من فوره ... و دون المزيد من الأحاديث ! ...

####

و بفريق آخر هم كانوا يسيرون منذ بداية افتراقهم عن البقية بخطوات هادئة ، أربعة أفراد كل اثنان منهم من مملكة !

صديقان و عدوتان !! ، أي تصنيف هو هذا ؟ أليس هذا هو أقصى حالة من التناقض ؟ ... فقط آرون كان يسير بخطوات هادئة بجوار رفيقه و هو يهمس :" لا يمكنني بجدية احتمال الوضع هكذا ! كلتاهما فقط مُستعدتان لإلقاء الأخرى أمام العدو و الهرب "

تنهد من يسير بجواره بتعب بينما يضع إحدى يداه بين خُصلاته الداكنة يُجيبه بتعب :" و بماذا قد يفيدك هذا آرون ؟ لا يعجبني حقاً الوضع بينهما لكن ماذا يمكن لنا أن نفعل بينما كلانا لا يعلم أي شيء عن كلتاهما "

ابتسامة عابثة ارتسمت على الأصغر ليظهر عبوس طفيف على آرثر الذي نطق :" أنت حقاً لن تتوقف عن التصرف بهذه الطريقة حتى توقع نفسك بمصيبة لكن هيا تفضل "

هو نطق آخر جُملتين بابتسامة لطيفة نوعاً ما فبِالنهاية ما الفائدة حقاً من منعه ؟ إضافة إلى أن رؤيته يعود لرسم تلك الابتسامة تشعره بالراحة ، مؤخراً كان قلقاً حقاً عليه ، تلك الملامح الحادة و الحاقدة التي كانت تعلوه جعلت قلبه ينبض بنوع من الرعب ! ..

هو من أحضره لهذه المهمة ماذا لو فقد نفسه بها ؟ بالكاد رفيقه هذا تجاوز حقده القديم ليمضي قُدماً لكنه أعاده لمكان تسبب بإيقاظ الكثير من المشاعر بكل منهما ، هو يمكنه الحفاظ على تماسكه تقريباً لكن ماذا عمن هو أمامه ؟

خرج من أفكاره التي ابتلعته فور سماعه لصوت شهقة من إحدى الفتاتين ليتنفس بعمق و هو يراقب رفيق طفولته يقف بالمنتصف بينما ينطق بابتسامة بلهاء نوعاً ما :" إذاً لن تتمكن أي منكما من السير ! و لن نتحرك من هنا حتى أرى جلسة صراحة ! لا أصدق أن الأميرة جعلتك عبدة فقط بسبب طعام ما خاطئ أو أياً كان الأمر "

كزت الأميرة على أسنانها بقوة و هي تهتف بمن أمامها بحقد تام :" أنت من تظن نفسك ؟! أقسم أنني سأتأكد من إعدامك فور عودتنا أتفهم هذا ! "

و المعني حرك كتفيه بلا أدنى إهتمام ينطق بمرح :" دعينا نعد أولاً ! ثم هيا الأمر سهل فقط لتبدأ كل منكما بالحديث أو الصراخ ! و بالنهاية ستجدان أن كل شيء قد حُل "

وجه إيما إحمر بشدة إثر ذلك ! من يظن هذا نفسه ؟ ثم يحل حقاً ؟ بتلك البساطة ؟ أهو مختل ؟

و الأخرى حدقت به بنوع من البرود فبجدية ما مشكلة هذا الذي أمامهم ؟! ما شأنه هو بأي حال ليكرر فعلته هذه مرتين ؟ ألم يتعلم من المرة السابقة أن لا شيء جيد بهذه الأميرة عديمة الرحمة أساساً ؟!

آرثر أطلق تنهيدة قبل أن يتقدم يقف بالقرب من رفيقه حيث جلس القرفصاء أمامهما ينطق بابتسامة لطيفة كعادته :" ما يقصده رفيقي أن هنالك دائماً قصة أخرى خلف كل حكاية ! تفاصيل مجهولة يعلمها طرف واحد و قد يكون الطرف الآخر جاهلاً لها لذا الحديث المتبادل يظهر هذه النقاط و حتى إن لم يكن هناك أي حل للمشكلة على الأقل كل منكما ستعلم الحقيقة الخفية عنها ! "

تينا ردت على كلماته بتهكم تام حيث كانت تجلس على إحدى الجذور الظاهرة بينما جسدها يرفض التحرك و لو لإنش واحد :" خفايا ؟! هي من انقلبت لوحش ما فجأة !؟ ليس و كأن أي شخص بهذا العالم يتعرض للتعذيب أو أوقات سيئة سيصبح كما هي عليه الآن ! "

و تلك الجملة كانت الشرارة التي ألهبت صدر الأخرى حيث هتفت بنبرة حانقة و إن احتوت على سخرية :" فجأة ؟! أوه إذاً محاولة قتلي هنا و إن أدت لموتك مُستغلة ضعفي لا يُعد تحولا لوحش ما بسبب التعذيب ؟ بحق كل شيء النوايا الخاصة بك واضحة بشكل تام "

نهض آرثر من موقعه ليتراجع واقفاً بجوار آرون الذي اتسعت ابتسامته فهذه هي البداية التي تحتاجها كلتاهما للإنطلاق و التعبير ؟!

ابتسامة خافتة ارتسمت على ملامح آرثر و هو يراقب ابتسامة رفيقه قبل أن يرفع رأسه للأعلى يحدق بالسماء من فوقهم ! ، بطريقة ما الأجواء لديهم كانت مُعتدلة بشكل لطيف ! ..

هم وجدوا أنفسهم بمنطقة أشبه بغابة ، اللون الأخضر الندي يمتد أمامهم بكل زاوية ، الأشجار لم تكن شاهقة الطول بشكل كبير و إنما أحجامها كانت مُعتدلة ، و ربما ما زاد انتعاش الأجواء من حولهم هو تلك النسمات التي تهب بين فنية و أخرى ترافقها بعض  قطرات المياه التي تحركت من النهر الجاري بجوارهم ! ...

منطقة بغاية الجمال هكذا تذكره ببلاده حقاً و الأجواء التي يفضلها هو ، إلا أن تأمله ذاك تم قطعه عندما صدح صوت الأميرة مجدداً :" و من ثم إخفاض رتبتك من خادمة منتمية لأسرة خدم إلى عبدة ليس تغيراً كبيراً حقاً ! "

تنهد هو بتعب مفكراً أنه يفضل أجواء كهذه دون وجود من يتشاجر هكذا و هو تسائل كيف يمكن لرفيقه أن يبتسم بخفة و كأنه حصل على جائزة ما فقط لجعل فتاتين تتشاجران ؟!

تينا رمقت سيدتها بعيناها ذات لون العسل الصافي بنوع من الحنق التام بينما هتفت بنبرة منفعلة :" خادمة كانت بمرتبة صديقة لك يوماً ما ! عندما كان لازال يمكن إطلاق لقب شخص طبيعي على فخامتك لا مختلة بحاجة لطبيب نفسي أو مصحة ما "

أقالت صديقة حقاً ؟! آرثر قطب حاجبيه بنوع من الاستياء و الضيق فإن كانت كذلك أليس من الخاطئ أن تحاول قتلها الآن ؟ بدلاً من محاولة إعادتها لرشدها ؟

و بجهة أخرى آرون ابتسم بنوع من الانتصار ، أجل هو توقع ذلك ، هنالك ما هو أعمق من مجرد علاقة سيدة و عبدة بينهما فهو لاحظ نظرات الأميرة باتجاهها ، شيء ما كان بنظراتها ينبض بألم حقيقي ! ...

و حقاً عبارة تينا تلك فجرت كل ما تبقى لدى الأميرة الشابة من تماسك لتهتف بانفعال :" صديقة ؟! أأنتي حتى مقتنعة بمثل هذه الكلمة ؟ عن أي صداقة تتحدثين ؟ ألم تكوني من قامت بتسليمي لهم ! لا يوجد شيء يناسبك أكثر من عبارة أنك خائنة "

عينا الأولى ضاقت أكثر بينما نطقت بنوع من الحيرة :" تسليم ؟! هل أثرت خيانة مربيتك لك بعقلك ؟ لأنني و بشكل تام لم أفعل شيء كهذا "

ابتسامة ساخرة ارتسمت على شفتيها بينما عيناه ذات لون الزمرد برقت بالكثير من العدائية :" لم أفقده بعد ! يمكنني تذكر و بوضح أنك من راقب حركاتي أساساً ، أنتي هي من أبلغتهم عندما كنت بمفردي و بعيداً عن أعين الجنود ! أم أنك تودين القول أنه يفترض بي تصديق كونك لم تعلمي أن هذا كان سبب تقربك مني بالأساس بينما أسرتك هي من نفذت الأختطاف ؟! "

هي أردفت بعدها سريعاً بحقد :" أجل كانت خطة محكمة للفعل ذلك ! فقط لم يفسد سعادتكم سوى كون أبي غير مهتم بكل شيء حوله طالما هنالك وريث للعرش ! إستغلال طفلة وثقت بكم ! و ثم إخراج استياء فشلكم عليها "

الأخرى صمتت تماماً و قد بدى شيء من الشحوب يعلو ملامحها بينما راقبت الأميرة ذلك بانتظار الحصول على إجابة مقنعة حول لما هم فعلوا ذلك ؟ هي ما كان ذنبها بأي من هذا ؟ أن تفقد الشعور بالأمان بكل هذه القسوة !؟

آرون و آرثر أيضاً أخفض كل منهما رأسه فهذا حقاً ليس بموقف يسمح لأي منهما بالحديث ، و الصمت حلق بالأرجاء بينما تلك النسمات كانت تهب بين فترة و أخرى لتعبث بخصلات شعرهم و ثيابهم ... و كم كان الصمت بذلك الوقت مهيباً ! ...

####

-:" ماذا يفعل ذلك المختل بحق كل شيء ؟ "

هتف سيلفر بتلك العبارة بحنق و هو يراقب الشاشات أمامه فمنذ عدة دقائق طويلة هناك حيث تواجد كلاي لم يتحرك أي أحد ! كل شيء متجمد بمكانه ! ...

كايلي تقدمت بينما تعيد خصلاتها ذات اللون الغضي للخلف تنطق بيأس :" على الأغلب هو أوقف الزمن ! لن نتمكن من رؤية ما يحدث ! "

كولين انتفض جسده فجأة ليقف و هو يمسك برأسه بينما يتمتم بحنق :" كلاي الغبي ! كان عليه أن يعطيني أي إشارة قبل أن يبدأ بمعركته مع ذلك الحاكم "

شد الأكبر بينهم على يده و هو يهتف :" معركة مع الحاكم ؟ كيف بحق الإله قلب الأمر لمعركة بينهما ؟ الغاية من ذهابه هي إظهار ذكريات آيزاك عندما خضع لتلك التجارب و ليس افتعال شجار أم أنه ينوي افساد كل شيء ؟ "

جيفري الذي كان يستند على الحائط أغلق عيناه بهدوء بينما تحدث بهدوء :" ألا يمكنك التدخل ؟! ذلك الحاكم لن يموت بتلك السهولة ! و إن حدث ذلك فرفيقكم سيذهب معه ! ثم هو الوحيد الذي قد يكون لديه استعداد للاستماع لكم ! بل و يمتلك ما يكفي من الصلاحيات لوضعكم تحت حمايته و يفترض أن رفيقكم يدرك هذا تماماً لكنه يفسد الأمر فقط "

هو أنهى عبارته قبل أن يعتدل بوقفته ليغادر غرفة اجتماعهم تلك ليهتف كولين من بعده باستياء :" ما هي مشكلة هذا الشاب بجدية ؟ لو لم يكن فقط ابنك لكان لدي معه حديث آخر "

و المعنية حدقت به بعد ان كانت تراقب خطوات صغيرها قبل أن تتنهد بتعب فليس و كأنها لا تدرك هذا لكن لا يمكنها لومه صحيح ؟!

سيلفر نطق بصوت هادئ رغم كونه يشعر أن كل شيء يسير بشكل معاكس لهم :" كات ! أريد منك معروفاً "

و المعنية هبت من مكانها فوراً لتقف بجواره تنطق بابتسامة لطيفة :" أمرك أخي "

هو مسح على خصلات شعرها قبل أن يحدق بشقيقها الأكبر و الذي أشاح ببصره عنه بهدوء و كأنه لا يعترض ربما ؟

أو فقط لا مجال للاعتراض لذا أخذ الطفلة معه لينطلق هو و إياها فقط إلى خارج حصنهم هذا ...

####

توقف الوقت بتلك المنطقة جعل المظهر من حول الخصمين أكثر هيبة ! ، هناك حيث توقفت زخات الثلج بالمُنتصف ، عالقة هي بِدوامة الوقت غير قادرة على الوصول لغايتها و لا العودة للمكان الذي أتت منه !

السماء كانت حالكة السواد بفعل تلك الغيوم ، و كل من جيسي و كلاي وقف على إحدى الهضاب يلتقط أنفاسه المرهقة ! ، الأصغر كان يفكر أنه هجين رغم ذلك لما لم يتمكن للآن من إصابته بجرح مميت ؟!

و الآخر كان يقف بمكانه يحاول إلتقاط أنفاسه محاولاً تذكر متى كانت آخر مرة شعر بها بكل هذا الإرهاق بشكل جدي ؟! ... هو أخفض بصره لركبته التي كانت تنزف بنوع من الغزارة بسخرية !

لم يتعب فقط لم أصيب أيضاً ! لكن أليس هذا متوقعاً ؟ هو بحد ذاته يدرك أنه للفوز على هجين وحده يحتاج لتضحية قد تصل لحياته ؟ ... لكن ليس لأجل من أمامه قطعاً فغضبه يتحكم بهجماته و هذا يجعلها أكثر سهولة لتوقعها ، هو يستهدف بكل مرة قلبه !

و لسبب ما هذا أثار رغبة ما لديه بالضحك ! أن يمتلك أحدهم الجرأة الكافية للوقوف أمامه محاولاً استخراج قلبه من مكانه أمر نادر ربما لدرجة أثارة الآخر ...

كلاهما بعد دقائق بسيطة حدقا ببعضهما البعض بأعينهما ذات اللون الدموي قبل أن يقفز كلاهما بشكل متزامن و قد انتشرت هالة كل منهما حوله بشكل مثير للرهبة !

كل منهما و فور إنطلاقه تحطمت الهضبة من أسفله بفعل قوة الإنطلاق و تلك الهالة التي تفجرت فجأة بالأرجاء ... لم يستخدم كلاي سحره مطلقاً بهذه المعركة إن تجاهل إيقاف الزمن فهو أراد و بشكل تام لوهلة أن يخترق قلب الحاكم أمامه دون أدنى اعتبار لكل ما يحدث حوله !

و الآخر هالته الداكنة شكلت رياحاً قوياً ظهرت من العدم بينما قرر أن يلعب ذات اللعبة معه ! سيعطيه فرصة للوصول لقلبه لكنه أيضاً سيفعل الأمر ذاته لذا سيعود الأمر لمن منهما هو أسرع باختطاف مصدر حياة الآخر من صدره ... 

لحظة التصادم كانت كالعاصفة تماماً فقد اختفى كلاهما هناك خلف ذرات الثلوج التي تطايرت من الأرض حولهم مُحيطة إياهم بفعل تلك القوة الطاحنة التي نتجت عن تصادم كلاهما و هالتهما ...

ثم الهدوء احتل المكان بشكل قاتل ! ، و كأنه ما كان يشهد تواً على معركة تسببت بِتحطيمه ... و ما افسد ذلك الهدوء إلا شهقة صدرت من آيزاك الذي وقف فجأة يحدق بالأرجاء بينما ضيق كل من كيفين و آندريه أعينهم فماذا حدث هنا بحق الإله ؟!

الثلوج عادت للانهمار بشكلها الطبيعي و قد أضاء المكان لعدة ثوان بفعل ذلك البرق ليظهر و أخيراً جسد كلاهما الواقف !

الدماء تناثرت حولهما بشكل كبير ، كلاي شهق أولاً قبل أن يسعل الدماء من فمه مما جعله يتراجع للخلف فور إخراج الحاكم مخالبه من صدره ، هو كان قريباً و بشدة من قلبه النابض بل كاد يصل له لولا أنه تراجع باللحظات الأخيرة فقط ! ...

و بجانب آخر أغمض جيسي إحدى عيناه متراجعاً للخلف هو الآخر فخاصرته تنزف بقوة ، لم يكن كلاي ليستسلم فقط لذا عندما أدرك أن الحاكم سيصل لقلبه أولاً هو و بشكل مفاجئ أخفض مخالبه لتفترس خاصرة الأكبر ...

سيلفر شهق برعب فور رؤيته لكلاي الجاثي يصارع إصابته الخطرة تلك ليتقدم من فوره إليه !

كيفين ، آيزاك و آندريه أحاطوا به مانعين إياه من الذهاب له فقط ! هي فرصة قد لا  تتكرر حقاً بقتل واحد منهم ، و ليس أي واحد بل من قدم ينشر العبث قبل انطلاقهم حتى من مملكة مصاصي الدماء !

و المحاصر حدق برفيقه الذي أغمض عيناه بتعب تام و وجه يشحب بكل ثانية أكثر بينما هالته تكاد تنعدم قبل أن يُعيد ببصره لهم ينطق بنبرة هادئة :" لا وقت لدي للعب الآن ! "

تلك الكلمات استفزت المتواجدين لولا ظهور هالة مختلفة بالمكان ، هالة جعلت جيسي يفتح عيناه يحدق حوله باحثاً عن مصدرها إلا أنه ما تمكن من رؤيتها حتى بل ما كان قادر على تحديد بأي اتجاه هي ؟!

و قبل أن ينطق أي منهم و لو بحرف واحد كان كل من سيلفر و كلاي قد اختفيا أيضاً و هذا جعل البقية يتراجعون للخلف بأعين متسعة !

ليس لإختفائهم فقط بتلك الطريقة بل تلك الهالة كانت قادرة و بجدارة على ابتلاع هالاتهم الشخصية بشكل كامل فأي قوة مُرعبة يمتلكها صاحبها ؟!

و جيسي تراجع للخلف يسند جسده لإحدى الهضاب التي سلمت بالكاد من ذاك القتال الدائر قبل دقائق يغمض إحدى عيناه مُحاولاً إستعادة جزء من قواه التي تم استنزافها بالكامل ...

أول من خرج من تلك الصدمة كان آيزاك الذي انتبه للحاكم أمامه ليقترب منه دون اقتناع بما يفعله حتى بما أنه يعلم ربما أي ردة فعل هي هذه التي سيقابله من أمامه به و رغم ذلك هو هتف باستياء :" أنت هل تحتاج للدماء ؟! أو هل علينا تضميد جراحك ؟ "

رفع المقصود رأسه ليحدق به بينما تلك الجمل لفتت انتباه كل من آندريه و سيده لمراقبة تلك المحادثة فآيزاك محق تماماً هو بحاجة لعلاج ما صحيح ؟!

و كما توقع الأول ابتسامته الساخرة ارتسمت على شفتيه بينما يجيبه :" وريث أسرة مارش يعرض علي من دمائه أو علاجي ؟ لما أشعر أن نهاية العالم توشك على الحلول بالفعل ؟! "

كتم آندريه ضحكة بالكاد بسبب تلك الملامح التي أظهرها آيزاك قبل أن يهتف بنوع من الحدة :" كنت أعلم أن محاولة تقديم شيء جيد لك لن يأتي بنتيجة حتى ! لا أفهم لما أنا أتع... "

أحرفه هو ابتلعها بالكامل عندما كان الحاكم قد وقف أمامه مباشرة يخفض رأسه قبل أن يهمس بنبرة ساكنة ربما :" ربما أنا مضطر لقبول عرضك اللطيف هذا مارش لكن أأنت تظن أنك قادر على تحمل أنياب مصاص دماء دون أن تبكي أيها الطفل ؟ "

جملته الأخيرة كانت السخرية قد عادت لتحتل ملامحه و نبرة صوته مما جعل المعني يشهق بعد أن شعر بالقلق جدياً فكونه يقبل بالمساعدة يعني أنه حقاً ليس بخير ؟!

كيفين أدرك أن من أمامهم يوشك على فقدان الوعي فالأرضية البيضاء أُحيلت للأحمر القاني بِفعل دمائه بالفعل كما هي ثيابه ! و على ما يبدوا الجرح أعمق بكثير و إن حاول إظهار عكس ذلك ، ثم قطرات العرق التي التمعت على جبهته و شحوبه يظهر ذلك بشكل تام !

و بالرغم من كل هذا هو لازال واقفاً ! ... ما زال قادراً على السخرية و الحديث بطريقته ذاتها ، وقفته و لولا الدماء المتناثرة ما كانت لتظهر أي خلل كما هي خطواته التي خطاها للوصول لآيزاك ؟

و آيزاك كتف يداه ينطق بنبرة مُستاءة ظهر بها خيط رفيع من القلق :" لست بحاجة للقلق علي ! أنا بخير أكثر مما تظن ثم لا أظن أن أنيابك بالذات ستسبب بمشكلة ما لي "

ابتسامته الساخرة بقيت على ثغره بينما أحاط من أمامه و هو يهمس :" حافظ على موقفك هذا إذاً "

هو أنهى عبارته ليغرز أنيابه بعنق الأصغر الذي انتفض جسده أولاً قبل أن يغلق عيناه لوهلة ، هو ما كان ليصدر و لو شهقة واحدة حتى ! و كيف يفعل و هذا قد يُعد هزيمة له ؟

يداه هو أبقاها على جانبي جسده بسكون بينما عيناه فور أن عاد لفتحهما هو راقب جروح الأول بينما يتسائل بأعماقه منذ متى و هو يهتم له حقاً ؟

هو بعدها عبس قليلاً حيث من فوره بدأت ذاكرته تعرض له مواقفه القليلة التي جمعته معه ، هو لطالما أسنده بطريقة ما ، ساعده و توأمه عدة مرات رغم كل شيء دمائه هذه هي أقل ما يمكنه منحه إياه أليس كذلك ؟ و عبوسه ما كان سوى لإدراكه حقيقة أنه و بأعماقه فهو يحترمه و بشدة بل و يعتمد عليه !...

عدة دقائق مرت بعدها ليبعد الأكبر أنيابه عنه و قد اختفت جروحه بشكل كامل إلا أنه و قبل أن يعتدل بوقفته هو نطق بنبرة هادئة بعبارة شكلت نوع من الكابوس للأصغر :" أسرة كروغر الحاكمة عندما تغرز أنيابها بأحدهم يمكنهم قراءة أفكاره بشكل كامل ! "

و هذا أجبر آيزاك على التراجع للخلف مُتجاهلاً الدوار الذي يشعر به حالياً بينما أردف جيسي و هو يرفع وشاحه من حيث ألقاه يعيد أكمامه أولا مغطيا يديه بها قبل أن ينفض الثلج عن وشاحه :" تحترمني إذاً و تعتمد علي ؟ كم هذا مفاجئ من شخص يمتلك لسان كخاصتك "

و عينا آيزاك كانت تتسع تدريجياً قبل أن يهتف بحنق :" أنت ! أهذا هو الشكر لديك مثلاً ؟ "

و المعني حدق به و قد رفع أحد حاجبيه يجيبه بهدوء ساخر :" لما ؟ و من قال أن هذا أقل ما يمكنك تقديمه لي ؟ "

أحمر وجه المعني بالكامل بينما عجز آندريه عن تحديد إن كان الخجل أو الغضب هو السبب بل رجح كونه يشعر بكلاهما إلا أنه و قبل أن ينطق أي أحد بأي حرف آخر ضحكة هادئة صدرت من الحاكم جعلت الآخر يهدأ قبل أن يكتف يداه !

بجدية التعامل مع هذا الحاكم سيصيبه بنوع من الانفصام !؟ لكنها أول مرة يراه يضحك ربما ؟ و رغم أن لا شأن له بهذا إلا أنه حقاً شعر بنوع من الدهشة مما جعل لسانه السليط بالعادة يختفي ...

كيفين تنهد بتعب و هو يحدق بالسماء بالأعلى ، فحتى حاكم مصاصي الدماء يمكنه الضحك ؟! رغم كل الهيبة التي يمتلكها و القوة لازال قادراً على إظهار مشاعر كهذه إذاً لما هو فقط من بات عاجزاً ؟

هو عاجز عن رسم ابتسامة واحدة حتى منذ سنوات طويلة فأي قوة هي هذه التي يدعي انه يمتلكها ؟

و بجهة أخرى تقدم جيس لآيزاك حيث وقف أمامه يضع يده على شعره ليبعثره له ينطق بهدوء و جد بصوت عميق  :" الحصول على شكر مني لا يكون بالكلمات مارش ! إمتناني يظهر بطرق أخرى أكثر أهمية من مجرد كلمات "

و بهذا انتهى ذلك النقاش الدائر عندما اختتمه ايزاك بعد ان سار الحاكم للأمام :" أنت بالفعل فعلت لنا ما هو أكثر ! و لا تجرأ على الالتفات فأنا أعلم أنك تسمع هذا "

و المعني حقق و للمرة الأولى ربما تلك الرغبة فاكتفى بابتسامة هادئة بينما يسير للأمام ، ليس و كأنه كان ليأخذ الدماء من شخص لا يثق تماماً أنه و بقلبه لا يحمل له و لو ذرة كره واحدة حتى ! ...

فبالنهاية هو يعلم أي نوع من الأشخاص يمد يده لهم و أنهم أكثر من قادرين على التواجد إن هو احتاجهم .

## قارة أوقيانوسيا ##

الصحراء تربعت أمام مد البصر بمساحة شاسعة للغاية !...

و بقلبها جيش ضخم بأسلحة متنوعة وقفوا بملامح جادة و متأهبة و كيف لا و الأعداء قد يصلون بأي لحظة ؟

حرارة الشمس ما كانت تشكل أي مشكلة بالنسبة للبشر منهم ، إلا أن النصف الآخر و الذي احتوى على مصاصي الدماء هو ما تأثر بهذا !

حيث نطق سام اولاً :" بحق الإله لما الصحراء مجدداً ؟ "

أجابه الحاكم للمرة المئة ربما :" لأنها أبعد نقطة عن مساكن الشعب ! أحاول تقليل خسائر المدن ، ثم قد يتم إصلاح الحاجز فجأة و إن تواجد مصاصي الدماء بالداخل ستتم إبادتهم "

و بجوار سام نطقت آدريانا بنبرة عاكست نبرة شقيقها المنزعجة إذ كانت مليئة بالحماس ربما :" توقف عن التذمر سام ! عندما يظهر الأعداء و تبدأ المعركة ستنسى تماماً كل هذا و تنسجم فقط بتقطيعهم لعدة أجزاء "

رمقها سام بنظرة باردة تماماً بينما حدق بها حاكم البشر بنوع من الدهشة فلما هي متحمسة بحق الإله ؟!

إلا أن كل تلك التساؤلات تبخرت فور وصول أول جيش من الجيوش المهاجمة و الذي إحتوى على الجان و السحرة !

و بهذا بدأت تلك المعركة التي قد تتسبب بإحداث الكثير من التغييرات في المستقبل ...

####

الصمت ما اختفى ! بل هو بقي سيد الموقف رغم أن الفريق عاد للتحرك مجدداً بعد أن حرر آرون كلتاهما من تلك القيود !

فما كان للنقاش أن ينتهي بسهولة حقاً ، فتينا ما لبثت و هتفت أنها حقاً لم تكن تعلم عن ذاك المخطط و إن تم إستغلالها فهي كانت بلا علم لكن أهذا حقاً كافي ؟!

الأميرة فقط رفعت رأسها تحدق بها بسخرية و نوع من الترفع ! ثم سارت مبتعدة عنها بكل بساطة !...

و كلاهما بطريقة ما اتفق أن لا صلح قد يقع بين هاتين الاثنين ، فحتى و إن كانت تينا لم تعلم نوايا أسرتها هي أفسدت الأمر عندما ابتعدت عنها دون محاولة للوقوف معها بعد ما عانته ! .

تلك ما كانت لتكون صداقة حقيقية أن تبتعد فقط لأن الأولى تغيرت أو باتت أقسى دون القدرة على الثقة بأحد ! ، أما كان يجدر بها محاولة إعادة تلك الثقة ؟

ثم المعنية فقط وجدت تبرير ما لأسرتها و وضعت الحق على الحاكم ! و رغم اقتناع آرون أن الغلطة كانت من الحاكم الذي سلم ابنته بلا اهتمام إلا أن خطف طفلة بطريقة كتلك أمر لا يغتفر !

أن يتم إستغلال أقرب الأشخاص لها لتكتشف أن كل ما عاشته معهم لم يكن سوى كذباً ، و أسرتها فقط تركتها بلا إهتمام !؟

ألا يفسر هذا سبب تصرفاتها العدوانية ؟ من يمكنه الثقة بعدها بأياً كان ؟ و كيف بإمكان أي منهما إعادة تلك الثقة الضائعة منذ سنوات ؟!

أو على الأقل هذا ما كان كلاهما يفكر به بما أنهما من فتح الماضي و جروحه لهما ، و تينا سارت بخطوات هادئة بينما أفكارها انقطعت منذ مدة !

فالحاكم حقاً السبب ، أليس هو من جعل النظام فاسداً ؟ ضغط على الشعب حتى قرر التمرد ؟ العبيد و نظامه القاسي ، معاملة الخدم و عامة الشعب كما لو كانوا حشرات ؟

ربما خطف الأميرة كانت غلطة لكنها تصرفات لشخص يئس و بشدة و أراد الضغط عليه إلا أنهم أدركوا متأخراً أن من أمامهم ببساطة لا مشاعر لديه مطلقاً ...

####

شهقة مُرتفعة صدرت من ذاك الذي انتفض جسده بقوة إثر غرز إبرة ما بيده !

هو رفع بصره يحدق برفاقه المُلتفين حوله بنظرات متفاوتة ما بين القلق و الإستياء ، أجل هو افسد الأمر يدرك هذا لكن كيف يظنون أنه يمكنه أن يصمت فقط ؟

و هو ذكر شقيقه ؟ بقصد أو دون قصد هذا يؤلمه بشدة ! لا أحد يحق له و لو بدرجة بسيطة الحديث عنه ... أن لا يقدر أحد ما مدى سوء حياتهم ! ماذا يعلمون هم عما قاساه كل واحد منهم ؟

عيناه امتلئت بالدموع و هذا دفع ملامح الغضب التي كانت مرتسمة على سيلفر أن تختفي ليتنهد بتعب و يجلس بجواره ينطق بنبرة هادئة :" كلاي ! لما تظن أننا نفعل كل هذا يا أخي ؟ نحن لا نريد أن نفقد المزيد ، أتوسل إليك حاول استيعاب ذلك ، فقط نحن بحاجة للحفاظ على ما نملكه الآن و ليس ما قد فقدناه "

عض الأصغر على شفتيه مُسبباً بجرحهما بقوة و هو يهتف بحنق :" لا و اللعنة سيلفر ! لن أمضي للأمام دون الانتقام أقسم لك بهذا ! أنا لن أصمت مطلقاً و خلال هذا الأسبوع سأنتقم "

ابتسامة مليئة بالحقد ارتسمت على محياه :" سأنتزع قلبه من مكانه أعدك أمام رفيقه بحيث لن يكون هنالك مجال لإعادته أو علاجه ! هو فقط سيصبح جزء من الماضي بينما الآخر سيعيش للأبد بجحيم تام ! "

تنفس سيلفر بعمق ليغلق عيناه فليس و كأن أي منهم لا يدرك من هو الذي يقصده رفيقهم هذا ! و على الرغم من ذلك جعله الأكبر يستلقي و هو ينطق بنبرة هادئة :" بشرط أن تشفى تماماً أولاً ! الضربات التي بالقرب من قلبك لن تشفى بسهولة أيها المتهور لذا ارتح الآن ثم سنتحدث "

و هو رغب بالاعتراض على عبارة  'ثم سنتحدث ' أراد أن يخبره أنه سيفعل بأي حال لكن لما الاستعجال حقاً ؟ لن يحتاج لأكثر من يومين للشفاء و خلالهما هو سيجلس هنا مُتخلياً ما سيفعله بهم و أي نظرة مُتشفية و فخورة ستظهر على شفتيه عندما و أخيراً يحقق إنتقامه الذي طال انتظاره ...

####

الهدوء كان أبعد ما يكون عن تلك المجموعة ! و كيف قد يتواجد بها أي نوع منه بينما ثلاثة من أعضائها من مملكة الشياطين و آخر هو الأمير المدلل لمملكة مصاصي الدماء و الذي بدى منسجماً و للغاية معهم ! ...

بطريقة ما هم تواجدوا بمنطقة مفتوحة بالكامل ، أشبه بسهل ضخم لا نهاية له !

مكشوف هو حيث ما تواجدت أي أشجار كثيفة و لا جبال بل كانت الأجواء هادئة بشكل تام ... أو على الأقل المحيط بهم كان هادئاً بعيداً عن صخبهم هم ...!

الحديث الدائر و للمرة الأولى كان ضد أكبر شيطان عابث بهم ! ، و من قد لا يستغل موقف كالموقف الذي حصل معه قبل الانطلاق ؟!

ريبيكا قطعاً لن تقصر بهذا مطلقاً و تدخل ويل كان أمراً محتوماً منذ أن شقيقه كان جزء من حديثهم ؟

نيرو لم يكن ليتدخل بالعادة لكن كون الأمر ضد آلبرت هذا جعله ببساطة يشارك ، و ريكايل كان بعالمه الخاص كالعادة ، هو تجاوز تذمره الداخلي من تواجده مع هؤلاء و انتقلت أفكاره لتوأمه ، هو و مهما بدى بخير بالنسبة له لازال يدرك أنه يستحيل له تجاوز الأمر بتلك السهولة صحيح ؟!

تنفس بعمق و هو يأمل بأعماقه أن يكون بخير حقاً قبل أن يبدأ بتأمل المكان من حوله فيومهم الأول يوشك على الانتهاء بسلام تام ! و ما تعلمه هنا أن لحظات الهدوء أكثر رعباً من تلك التي يقاتلون بها لإن ما يليها بالعادة يكون فظيعاً بشكل كبير ...

💮 نهاية الفصل 💮

قراءة ممتعة ❤🌹

ملاحظة :" يمكن القول أن الرواية تخوض الآن آخر فصولها ... هي لن تقل عن خمسة و لن تزيد عن عشرة ! ... "

لذا أريد توقعاتكم للنهاية ، ما سيحدث ...

أي استفسار حول أي أمر لازال غامضاً بالنسبة لكم ؟ ...

Bạn đang đọc truyện trên: AzTruyen.Top