الفصل الرابع و الخمسين

ما معنى كلمة بطل ؟! من هُم الأبطال حقاً ؟ أوليس هذا المُصطلح يُطلق على أولئك ذوي القوى الخارقة و الذين يعملون لتحقيق السلامة و العدل ؟!

لكن أوليس كُل مالك لتلك القوى المُرعبة هو بذات حده عدو مُحتمل ؟ أم أن الأبطال هُم مُجرد أشخاص طبيعين كُل ما في الأمر أنهم ساروا ناشرين العدل مهما استطاعوا به ! ...

أو رُبما شخص أقل من عادي لكنه لازال يومياً يصحو على أمل التحسن و التطور و رُغم كل طموحاته الكبيرة هو حاول البحث عن الطُرق المُستقيمة رُغم وجود طرق أقصر وضعت له لكنه تجنبها بكل كبرياء ... !

و قد يكون ربما هو كما بخيال طفل صغير عندما يرى من والده البطل الخارق الذي يمكنه فعله ما لا يمكن لغيره فعله ...

رغم بساطة الفكرة إلا أنه لا معنى محدد حقاً لتلك الكلمة فموقف واحد قد يجعلك بطلاً لمُجتمع كامل و ذات الموقف يحولك لعدو لمجتمع آخر ؟!

$$$$ قارة ليموريا $$$$

الهدوء كان يُحيط بذاك المُنزل الذي بالكاد لازال واقفاً بعد وقوع تلك الحادثة التي قتلت بداخله إمرأة بريئة و شهدت ثناياه على تحول الطفل اللطيف إلى آخر كاد يتسبب لنفسه بالهلاك فقط ليُهلك من حوله ...

و هناك بمنتصف إحدى الغُرف الواسعة حيث استلقى جسد آلبرت على إحدى الآرائك القديمة وقف هو أمامه !

مُقلتيه ذات لون الذهب الخالص اتسعت بينما قبضته الداكنة كبشرته اشتدت على نفسها بقوة ...

لا ! هو ما كان ليسمح لآلبرت بالعودة حقاً لِمنزله لو علم بهذا !

بل ما كان ليذهب للقصر و لرافقه عنوة إلى هنا ، خطواته تقدمت بشكل هادئ لا يشي بحجم أفكاره و مشاعره ...

و بالنهاية هو جلس القُرفصاء أمام تلك الأريكة ليُحدق بالدموع التي بقيت آثارها على وجنتي الأصغر ..

أخفض رأسه بألم قبل أن يمسح على خُصلاته بنوع من اللُطف :" فقط آلبرت مُنذ متى عادت دموعك للانهمار ؟ لما أنت ما سمحت لي بالتواجد قربك ؟ ألم أُخبرك بهذا ؟ أنا حقاً لا أنوي التخلي عنك فثق بي أكثر أيها الأحمق ! "

حقاً مُنذ سنوات طويلة و آلبرت لا يبكي ، لا يسمح لدموعه أياً كانت بالانهمار ، منذ موت والدته قبل سنوات هو بدى كمن فقد قدرته على الشعور ، لا !

بل هو فقد قدرته على التعبير عن ألمه ، لا دموع و لا دماء أو حتى صُراخ قد يصدر منه عند لحظات الألم فقط الصمت التام أو الابتسامة الكسيرة ثم يعود للعبث بأعين قد اختفى بريُقها أكثر ...

يده مسحت بقايا تلك الدموع بينما يُغلق عيناه بنوع من الهدوء :" آلبرت ! "

جسد الأصغر انقلب للجهة الأخرى بحيث بات وجهه مُقابلاً للأريكة بِجواره بينما ظهره أصبح أمام رفيقه الذي أغلق عيناه بكل هدوء ، أجل لقد علم من البداية أنه مُستيقظ ..

و الآخر فقط ما كانت لديه الرغبة بالحديث حتى ، هو يشعر بأنه قد تم استنزافه بهذه المُهمة بشكل كامل ، عبثه ، قواه ، صموده قد انتهى بطريقة مأساوية تجعله عاجز عن النهوض مُجدداً و ألا يحق له هذا ؟

أوليس هو صمد لسنوات طويلة حقاً ؟! لدرجة أنه اعتقد بأن لا شيء سيهزه ، لكن بهذه الرحلة أدرك مدى سطحية أفكاره ! لا يثق بليون حقاً ؟

هذا ما كان يظنه حتى فرض قلبه و عقله عليه إسقاط نفسه بين ألسنة النيران المُرعبة متذوقاً ذلك النوع من العذاب فقط لأنه خائف !

أجل خائف من أن يعيش تجربة فقده لرفيقه ، أن تستمر حياته من دونه ، لم يستطع ببساطة تخيل كل هذا لذا هو استسلم فحسب لفكرة أن موته و تلقيه الألم أسهل من عيش لحظات كتلك ... ألم يخدع ذاته طوال تلك السنوات عندما قال أنه ما عاد يهتم سوى بنفسه ؟!

خدع نفسه مرة أخرى عندما قال بأنه لا يثق بالأكبر ثم كرر الأمر عندما إدعى أن اعتراف ريبيكا ذاك لم يؤثر به ...

ثم كُل ما حوله تداعى عندما رحلت هي و أعادت له صحته ، عينه ! و حقاً ما هي فائدتهما بعد أن فقد نفسه ؟ ...

و ليون مُجدداً سمح لنفسه برؤية كل تلك الأفكار لينهض بينما رفع رأسه الأصغر عنوة للجلوس على المقعد ثم هو احتضن آلبرت بقوة يهمس بنبرة خافتة :" أنت بالفعل قاومت كثيراً ! آلبرت هذه ليست النهاية بعد مهما كانت مؤلمة لازال الطريق أمامنا رغم هذا يا أخي فجميعنا نحتاج للراحة حقاً ، بحاجة لوقت مستقطع للنهوض ، أنا لن أطلب منك الحديث أو الرد لكن فقط تعال معي لمنزلي أعدك لن أزعجك حتى تأتي أنت للحديث معي لكن كُن برفقتي دائماً و بِجواري "

$$$$ قارة أوقيانوسيا $$$$

عيناه ذات لون السماء ليلاً اتسعت بقوة و هو يستمع لكُل ما حدث أثناء فترة غيابه !

رُغم أن ذاك ما طال فسُرعان ما رُسمت ابتسامة ساخرة على شفتيه ، أتم إلصاق التُهمة بهم ؟ على ما يبدوا أن أولئك الأوغاد تأكدوا أن لا أحد منهم سيعود أو أنهم ظنوا بأن المعركة ستنتهي قبل عودتهم بنسف هذه المملكة و مملكة مصاصي الدماء ...

لكن الحاجز كسر توقعاتهم و ربما عودة هذا العدد منهم أيضاً ما كان أمر يتوقعه أي منهم !

إلا أن عيناه عادت للاتساع بينما يقف فجأة يهتف :" مهلاً لحظة أبي ، زاك و آيزاك ! هذا يعني أنهما بخطر ذلك اللعين سيحاول التخلص منهما "

و الحاكم آمال برأسه بنوع من الهدوء :" و لماذا سيحاول التخلص منهما ريك ؟ أعني حتى لو اكتشف ابناه أنه كان له علاقة بذلك المشفى و المُهجنين لن يكون سبب كافٍ حقاً لقتلهم "

عض ريك على شفتيه بينما يده أمسكت بغمد سيفه تشد عليه بقوة ، ليس و كأن والده حقاً قد يحاول المُساعدة بأمر كهذا ....

الحاكم حدق بِصغيره بنوع من الهدوء مُقطباً حاجبيه ، هو بالفعل بدأ بمحاولة تحليل ما يحدث حوله ، زاك كان بمملكته ؟ طفل صغير مريض بالقلب ...

ثم آتى وفد من الجان لاستراجعه لكونه ابن كبير أسرة مارش ، هو ما فكر كثيراً للحق بهذا إلا أن أعينه اتسعت فجأة !

هل عاش هجين بقصره هو طوال تلك السنوات ؟ و لا ابنه و ولي العهد كان يعلم و لم يقم بتسليمه !

_ :" ريك ريدفيلد ! أتدرك حجم الخطيئة التي ارتكبتها حقاً ؟! أنا لا يمكنني تصديق هذا حقاً ، الهجناء لا يجب حمايتهم "

حاجباه ارتفعا بالكثير من الهدوء و الاستياء لكنه لم يُجب لأنه يعلم تماماً أن لا شيء بهذا العالم يمكنه تغيير أفكار من أمامه مُطلقاً ...

إلا أن والده تنهد يبعد التاج عن رأسه بينما يُردف بنبرة خافتة :" ريك ، أنت ستصبح الحاكم ! رغم كل شيء أحياناً المشاعر ستقودنا للهلاك ، لما تم حظر وجود الهُجناء برأيك ؟ "

و المعني أجابه بتنهيدة ما بغير إقتناع :" لأنهم أكثر قوة منا ! و لا..."

_ :" خاطئ ! "

قاطعه والده قبل أن يكمل ما إن حاز على انتباهه يجبره على السير رفقته خارج المكتب :" لأننا نحن من سيتسبب بتعذيبهم ! قبل سنوات بعيدة حقاً كان من المسموح وجودهم لكن الأطفال الصغار وقتها كانوا يخافون من الهجين لقوة هالته منذ صغره فكان عُرضة للتنمر ! "

نظر لأعين ابنه مباشرة فور وصولهم إلى إحدى حدائق القصر يُتابع :" لأن أُسرهم عند مرحلة ما كانت تتخلى عنهم ! عندما يغضبون و تخرج هالتهم عن السيطرة و تحدث الكارثة كهدم المنازل و المبنى الذي هم به ! و بالتالي كانت أُسرهم تلقي بهم بالشارع ، ثُم بدأ البعض بِكتابة قصص مُخيفة عنهم و عن كونهم سيدمرون العالم كله ذات يوم ... "

تنهد و هو يحدق بالسماء قبل أن يكمل بابتسامة حزينة :" بعدها ظهر العلماء ممن رغبوا بدراسة قوتهم و خصائصهم ! و سرقتهم من المياتم و الشوارع لم تكن عمل صعب ، و قطعاً تلك التجارب ما كانت شيء لطيف مُطلقاً ! لذا تم إقرار منع الزواج بين الأجناس و بمعركة خسرت بها القبائل كلها آلالاف الجنود و أوقعت الخراب التام تم إبادتهم جميعاً رفقة أولئك العلماء ثم وضع قانون قتل حتى الوالدين "

أعاد بصره لابنه الذي كانت أعينه مُتسعة :" نحن كطبيعتنا نخاف من القوة المجهولة و سنحاول إخضاعها لنا و إن خرجت عن السيطرة سنقوم بإبادتها بكل أنانية دون الاهتمام بكونهم روح أيضاً ! ريك إن كُشف حقاً أمر رفيقاك فقتلهما برحمة أفضل بمئات المرات مما قد يعانيه كِلاهما لاحقاً ، ثق بي كِلا الخيارين حقاً فظيع لكن إبقائهما على قيد الحياة فقط ليتعذبا أوليس هذا أقسى ؟! "

و دموع ريك كانت قد انهمرت بالفعل ! هو تذكر حرفياً كلمات زاك له ، أن يتدخل فقط ليتم إعدامهما برحمة ، و كأنه اختار بالفعل عدم البقاء على قيد الحياة ، لكن هذا مؤلم و بشدة ...

هو ليس ممن قد ينهار سريعاً ! دموعه ما كانت يوماً شيء يسمح للآخرين برؤيته ، لطالما حافظ عليها من الظهور بأقسى المواقف ، أجبر نفسه على الثبات لأنه يدربها على كونه يوماً ما سيحمل على عاتقه مسؤولية شعبه كاملا ً و شيء كهذا بحاجة لدفن المشاعر بعيداً جداً فقط ليكون على قدرها ...

لكنه مُتعب ببساطة ، ذلك قاتل كل ما يحدث حوله سريع حقاً ، لم يعد قادر على احتمال المزيد ! إن رآى جيفيري مجدداً عليه أن يسلمه للموت ، و الآن يجب أن يتواجد بل و يقبل أيضاً بمقتل زاك و توأمه !

أوليس بالنهاية شخص ! مجرد بشري خسر كل ما يُبقيه واقفاً و لهذا ما عاد له تلك السيطرة على دموعه و ألمه بل فقط قبل بالاستناد على والده بكل بساطة عله يستعيد و لو القليل من قوته فعلى ما يبدوا القادم أكثر ألماً من الماضي ...

الأكبر أحاط صغيره بكلا يداه يقربه من صدره :" أعلم ، أُقسم لك أنني أعلم ريك ! و أعدك سنجعل مارش تدفع الثمن و غالياً جداً أُقسم لك بهذا لذا إنهض سريعاً و دعنا نتجه لقارة زيلانديا أولاً "

رغم الدهشة التي اعتلته ما ان شعر باحتضان والده له فهو ما توقع استجابة الأكبر هذه لكنه لم يُبعده بل تشبث به كطفل صغير ، إلى متى هو يمكنه الصمود ؟! تمثيل القوة و النهوض مجدداً ؟

أن يضغط على جروحه ليقف مرة أخرى ؟ لكنه فقط أومئ إيجاباً ، أجل هو حقاً بحاجة للذهاب إلى هناك ، لرؤية توأمه على الأقل ...

$$$$ القارة المُظلمة $$$$

النجوم تبعثرت بتلك السماء الداكنة لتصبح كما الأضواء المُنيرة ، مظهرها بدى ساحراً حقاً و كأن عددها تعدى الملايين ، و كأنها عبارة عن سرب مُضيء يُنير دروب الحياة لمن على هذه الأرض البائسة !

هي كانت شيء لم يستطع ذلك الحاكم إبعاد مُقلتيه عنه !

هُناك حيث كان يستلقي على العُشب بكل هدوء ، ثيابه لم تكن رسمية مطلقاً بل كانت عادية للغاية باللون الذي يفضله الأسود ! مع خطين بسيطين من الجانب باللون القرمزي على البلوزة الداكنة ذات الأكمام القصيرة ...

خُصلاته السوداء كانت تتطاير بالأرجاء بشكل لطيف بفعل تلك النسمات و بفمه هو وضع إحدى تلك الاعشاب ، مظهره كان مختلف تماماً عما اعتاد الآخرين رؤيته به !

كان مليء بالبساطة لكن حتى هذا المظهر لم يجعله أقل هيبة بل أكثر ! هو يمكنه أن يبدوا بكل هذا الهدوء و البساطة بينما لازال هنالك شيء ما يوحي بأنه ليس بالشخص العادي ...

ذاك الكبرياء الذي ينبثق بعيناه الكرزية ينعكس على هيئته ككل بشكل يثير الرهبة ليثبت أنه ما أصبح شخصاً عظيماً فقط بسبب العرش الذي و بوجوده هنا هو تخلى عنه !

أو على الأقل هكذا بدى للشاب الذي كان جالساً بجواره تماماً ! حيث و على عكسه هو ارتدى بنطال باللون الأبيض و قميص أسود ليكسر سواد خُصلاته و مُقلتيه !

أفكاره كُلها كانت تحوم حول هذا الحاكم الذي انضم فجأة لهم ، هذا حقاً ما كان شيء قد يتوقعه مُطلقاً ..

_ :" ألن تتوقف عن تأملي و كأنني قادم من الفضاء الخارجي جيفيري ! إن كان لديك سؤال ما فأنا استمع "

و شهقة صدرت من الأصغر مع اتساع بسيط بعيناه ! أهو حقاً انتبه أنه يراقبه منذ فترة ؟ و جدياً لما يشعر بالحرج الآن ؟

لا أليس هذا طبيعي مع تعليقه الساخر ؟ تنهد بقلة حيلة فهو لطالما رآه يتجادل مع أميره لذا يدرك أنه لن يتفوق عليه مطلقاً و رغم هذا نطق بهدوء :" لماذا تخليت عن مملكتك ؟ شقيقك الأصغر ! أنت تعلم أنه و إن قررت العودة لن تُعتبر سوى خائن الآن "

أجل ، هذه هي الحقيقة كلاهما هنا بنظر الجميع خائنين ! لأن قرارهما كان التواجد رفقة الهجناء الذين يفترض إعدامهم لكن أهذا فقط ؟

لا ! فكلاهما علم بحقيقة زاك و آيزاك و أخفياها و لو عاد الحاكم معهم لمنع أحد من إيذائهما و بالتالي هو سيصبح خائناً أيضاً و قد تقوم أسرته بتنحيته عنوة ليصمت !

فمهما كانت قواه ، هيبته ، كبريائه لا يمكنه قتال ما يقارب الممالك كلها بما فيها مملكته !

_ :"و كيف لا أفعل ذلك ؟ و بالنهاية مُساعدي أنا من قال ذات مرة بطفولته البعيدة ' الخائن بنظرنا قد يكون بطل لشخص آخر ' ؟ "

ابتسامته الساخرة كانت قد عادت لملامحه بينما رمش جيفيري عدة مرات ! أجل ريكايل قال له كلام مشابه عندما قيل عن والدته أنها خائنة ...

بالوقت الذي كان يتألم به بشدة هو سقى قلبه بكل لطف بكلماته هذه ، أعطاه الأمل بأن والدته شخص جيد ... !

و حقاً هو يحترمها للآن رغم أنه لازال بعيداً عنها كونه ما انضم لهم إلا لهدف ما بعقله ..

أفكاره توقفت عندما عاد جيسي للحديث و قد اعتدل ليجلس حتى أصبح وجه كلاهما مُقابل للاخر

_ :" ماذا عنك أنت جيفيري ؟ لا يبدوا لي أنك هنا لأجل رغبتك بمساعدتهم ! تصرفاتك مشبوهة تماماً و هُم يتجاهلون هذا ببساطة لأجل والدتك "

ابتسامة خافتة ارتسمت على شفتي المعني حتى هو ما أدرك سببها :" لا ! لقد وعدت سيدي بالتخلي عن فكرة البحث عن أُمي و البقاء معها مُذ ماتت الأميرة لكن تلك الطفلة كات تمكنت من سحبي معهم و كأنني طفل أركض خلف الحلوى ! فقط هنا لست واثقاً إن كُنت سأصل و أحظى بها أم أن كل هذا الجري سيذهب هباءاً "

الطفلة كات مُجدداً ها ! ابتسامة ساخرة ارتسمت على شفتي جيسي و هو يفكر بأنها سحبته أيضاً ، تمكنت من جعله يتخلى عن كل شيء على أمل العودة أيضاً ، لكن أهو واثق بأنه قد يعود ؟ ببساطة لا !

ثُم العودة سيكون ثمنها كبير حقاً ، شيء هو مُنزعج لكونه هنا فقط لأجل أن يُحققه بيداه ...

و بداخل ذاك المبنى الذي جلس كلاهما خارجه تجمع الرفقة ، لا هُم كانوا أكثر بكثير من مُجرد رفاق ، تجرعوا معاً الألم ثم كُل منهم كان يبتسم رغم دمائه ، ألمه ، دموعه فقط لأجل البقية !

تشبثوا بالحياة معاً رُغم أنها ما قدمت لهم سوى التعاسة ، عندما يغلقون جفونهم كل ما يمكنهم رؤيته هو ممرات ذاك المختبر ، صرخات مُنتشرة بفعل تلك التجارب ، رائحة الكحول و الأدوية و مجموعة من الأطباء المجانين يقفون فوق رؤوسهم بابتسامات عفنة بينما هم مُقيدين على سرير حديدي بارد يشهد على ألمهم و يغرق بدمائهم ...

لكن أي منهم لم يستسلم ! ثم أتت لهم من يعتبرها الجميع بمثابة والدة لهم ، لأول مرة كان هنالك من يمسح دموعهم سواهم ، يخفف عنهم و يداوي جراحهم ، ثم ساعدتهم على الهرب و الانتقام ...

هم اتفقوا على العيش معاً ! أن يجدوا طريقهم بالحياة ، لا بل أن يضحكوا و يلعبوا دون فضح وجودهم لأحد !

رغبوا باتخاذ هذه القارة مملكة لهم ! مختفيين بها للأبد عن أعين كل من يود إيذائهم إلا أن الحياة أيضاً ما منحتهم هذه الأمنية البسيطة فكل ما تم بنائه بتلك الأعوام إضطروا لإفساده بأيديهم هم .. الكشف عن وجودهم فقط لإحضار من قد يمكنه المُساعدة ..

أجل كل ما فعلوه كان مجرد مخاطرة فبالنهاية جميعهم يعلمون أن إحتمالات الفشل عالية و بالتالي سيعني هذا عودتهم للجحيم أو موتهم المُحتم ، و أين العدل بهذا حقاً ؟

لذا الصمت كان يلفهم ، كاترين كانت بغرفة الفحص بينما استند آلكس على الجدار خلفه !

هو و شقيقته أكثر من تألما ربما ، تم العبث بالجينات الخاصة بِهما ، إجبار أجسادهم على إحتواء قوة كبيرة
..

لازال يذكر أنه بالأصل لم يكن هجين أساساً ، بل مجرد طفل عادي تم التبرع به من قبل والده الذي رآى أن من الممكن تحويل طفل لهجين ؟

كم عدد الليالي التي ما استطاع النوم بها من الألم ؟! كم مرة توسل بصوته الطفولي الباكي لهم للتوقف عن إيذائه ؟ و فقط هل كلمة إيذاء تكفي للتعبير حقاً عن ذلك الكم الهائل من الألم ؟

لقد كان من قبيلة المتحولين لكنه بعدها تم غرز به جينات مصاصي الدماء لتنقلب عيناه للون الأحمر بدلاً من الأزرق ، ثم الجان فأصبحت خُصلاته بلون الفضة ، بعدها الشياطين لتتلون مُقلتيه و تصبح بثلاث ألوان الأزرق لونهما الحقيقي ، و الأحمر الذي يشير لكونه مصاص دماء و أخيراً الأصفر الذي يميز الشياطين !

هُم أرادوا دمج جينات البشر بعدها به ليصبح مزيج كامل لكن جسده حقاً ما كان يحتمل المزيد بل كل النتائج كانت تشير إلى أنه سيموت فقط ...

لذا تركوه خشية فقده و هو عينة تكاد تكون مثالية ، ثم ماذا توالت الإختبارات على جسده الهزيل لمعرفة إلى أي حد وصلت قواه و قدرته على استيعاب الألم ...

و بعدها صدم حقا عندما والده قام بزراعة جنين برحم والدته جعله يحمل كافة الجينات !!!

القبائل الستة كلها ، و بولادتها توفيت أمهما ! لكن أهو اهتم لها ؟ لا إلا أن تلك الطفلة التي ولدت تواً حازت على كل اهتمامه ...

ليس اهتمامه وحده فعديم القلب كان مستعد لبدأ تجاربه عليها منذ إتمامها الست شهور فقط ؟

و هي كانت تمتلك الكثير و الكثير من القوة المُرعبة حقاً لتُصبح بنظرهم العينة المثالية ، و التي ما استطاع يوماً إنقاذها بل أُجبر على تغطية أُذنيه بكل مرة كان يصله صوت صراخها ...

تلك الحياة كانت كالجحيم ! رغم هذا ظهر سيلفر لهم ، كان الأكبر فاعتنى بهما و كان يحاول دائماً أن يخفي ألمه و صراخه لأجلهما ، تظاهر بأنه الأقوى و أعطاهما حتى حصته من الطعام ، ثم كلاي فكولين و كايلي !

أصبحوا جميعاً كالأخوة حتى أتت لهم ملاكهم التي أنقذتهم جميعاً و كم كانت أحلامهم وقتها كبيرة للغاية ، أكبر بكثير لدرجة نسيانهم أن الحياة لا تُهدينا كل شيء نريده دون مقابل و قد يكون ضخم للغاية ...

و للمرة الأولى ربما منذ سنوات أعينه دمعت ، يلفه شعور سيء للغاية ، لا يمكنه الاحتمال يقسم بهذا و كأن هنالك من يحاول منعه من التنفس حتى فأين هو المخرج من كل ما يحدث الآن ؟!

$$$$ قارة زيلانديا $$$$

_ :" أميري ، أيمكنك أن تفتح هذا الباب من فضلك ؟ "

نبرته كانت هادئة رُغم ذلك العبوس الذي طغى على ملامحه ، كل شيء يسير بطرق يراها سخيفة للغاية ...

أولاً سيده الحاكم الذي هو يثق تماماً بأن احتمال موته أقل من واحد بالمئة ، لكن بذات الوقت احتمال عودته أيضاً قليل دون معجزة ما !

ثُم هنالك الأسرة الحاكمة و الذين على ما يبدوا يشعرون بالمُتعة برؤيته يبذل جهده بالعمل دون أن يرتاح منذ وصوله و ثالثاً هُنالك الأمير و سيده ويل الذي حبس نفسه بغرفته ...

أطلق تنهيدة ما قبل أن يتمتم لنفسه :" فقط إلى متى بحق الإله علي احتمال كل هذا ها ؟ "

بصره رفعه نحو السماء قبل ان يُعيده للباب المُغلق خلفه :" ويل ؟ هلا خرجت من فضلك ؟ أنت لا يمكنك التصرف كالأطفال حقاً ! سيدي جيسي ليس هنا الآن و لابد أنه يود حقاً أن تكون قادراً على الوقوف مكانه حتى عودته ، دعنا نعمل معاً لنحل كل المشاكل التي تواجهنا ثم باليوم الذي سيعود به سنرحب به بفخر "

هو حقاً رغب بالسير و الابتعاد فهو يعلم أن الأصغر ببساطة عنيد و للغاية ، و ربما كلمات كهذه ما كانت لتؤثر به مُطلقاً لكنه شهق فجأة ما إن فُتح باب الغُرفة بقوة شديدة كما لو كان بمعركة ما !

_ :" لن أرحب بعودته بابتسامة ! أُقسم أنني سأحطم وجهه بدلاً من ذلك ، هو فقط ليعد و سيرى ما سأفعله به "

فتح الأكبر فمه قليلاً دون أن ينطق بينما ظهر صوت كبير الأُسرة من خلفِهما ينطق بسخرية و نوع من الملل :" آوه ، أود المُراهنة على رؤيتك تُحاول فعلها حتى ! أنت فقط ستبكي فوراً أيها الطفل "

رفع ويل أحد حاجبيه ينظر لعمه الذي كان يسير بكل بطء و كسل يهمس :" لن أفعل ذلك و سترى هذا بعيناك ! و الان ماذا يجب أن أفعل حتى عودة جيس؟ "

و ابتسامة هادئة ارتسمت على ملامح ريكايل فعلى الأقل إن انشغل الأمير بالعمل أو غيرها لن يفكر بالإحتمالات الأسوء قطعاً ...

$$$ قارة كلارهايا $$$

خطواتها كانت هادئة كما هي نظراتها ، بدى كما لو أنها شخص مُختلف تماماً و كُل من بالقصر شعر بهذا !

هي ما عادت تلك الأميرة التي و فور دخولها للمكان سيعلو صوت صراخها لأجل أي سبب تافه و بِلا قيمة ..

بل العكس تماماً كل ما كانت تعترض عليه سابقاً لم يعد شيء هي قد تهتم بأمره ، لكن الصدمة الحقيقية كانت عندما ابتسمت يوماً بوجه عبد سقط أرضاً من شدة تعبه و أسقط معه وعاء مليء بالمياه و الذي تناثر هنا و هناك و من سوء الحظ ربما على فُستانها كذلك ! ..

حرفياً الخوف منها دفعه للنهوض و الانحناء بملامح شاحبة ، لم يتوقع أقل من أن يتم إعدامه لكنها ببساطة لم تفعل حقاً بل أمرته بالوقوف ثم ابتسمت بنوع من الهدوء تربت على كتفه و تطالبه بأخذ القليل من الراحة ...

أجل تلك القصة تناقلها الخدم جميعاً ! و كيفين الذي كان يسير بنوع من الهدوء بين ممرات القصر استمع لها لترتسم ابتسامة ما على شفتيه ...

شقيقته بالفعل بدأت تستعيد ذاتها ! لا يعلم إلى أي حد نجح آرثر قبل رحيله بالتأثير بها لكنه حقاً يتمنى لو يٌمكنه أن يرد له ذاك المعروف له !

لكن كيف و هو ما عاد متواجداً بهذه الدنيا ؟! قطب حاجبيه بلحظات و هو يتذكر التقارير التي قرأها عن أحوال بقية الممالك !

لا ، هو يمكنه بالفعل رد المعروف له عن طريق إنقاذ آرون مما ورط نفسه به ، مع هذا عليه عدم التسرع باتخاذ خطواته التالية فحياة الكثيرين و شعبه مُعتمدة عليها ...

و الأهم هو وعده لآندريه الذي سيوفيه مهما كان الثمن الذي سيدفعه لفعلها !

#### القارة المُظلمة ####

الغرفة التي يقف بها الجميع كانت الأبرد و أكثر الغُرف التي لا يتمنى أي منهم دخولها حقاً ! ...

جيفيري و جيسي إنضما للبقية فور شعور الثاني بأن هالة كات قد إختفت تقريباً ...

الصمت كان يخيم على المكان بأكمله ! جيفيري حدق بملامح البؤس التي كانت تعتلي الجميع ، هذه الطفلة تحتضر بل هي السبب الرئيسي بتخليهم عن حياتهم بالخفاء ، رغبوا بإنقاذ حياتها لذا أرادوا المساومة مع الممالك على علاجها عن طريق هزيمتهم و تخويفهم ربما ؟!

لا ، ليس هذا السبب حقاً فهنالك خطة ما كانت بعقولهم لتخليصها من كمية الطاقة و ربما تلك الخطة هي ما دفعتهم لقتل كل من تم قتلع فقط .. ما الفائدة من التخلص من الطاقة الزائدة بشكل مؤقت ؟!

بل هل علاجها ممكن حقاً ؟ تقدم جيسي من الصغيرة التي كانت تحيط بها الأجهزة مع تقطيبة هادئة ، نظراته كانت ساكنة و من يعرفه جيداً سيُدرك أنها احتوت على كم لا بأس به من الحُزن ، و فقط من لن يفعل و هو يرى طفلة بهذا الوضع الفظيع !؟

هي ما كانت واعية و شقيقها الأكبر كان يجلس بِجوارها فحسب خُصلاته الفضية تُغطي عيناه ، سيلفر كان يمسح على خُصلاتها بألم بينما كانت كايلي تخفض رأسها مُخفية دموعها ، و كل من كولين و كلاي إحتفظا بالصمت مع ملامح ما كان يُمكن تفسيرها ! ..

والدة جيفيري و التي كانت كالأم لهم وقفت بزاوية و دموعها تنهمر ! هي وحدها من يمكنها تقدير مدى سوء حالة هذه الطفلة و مظهرها ذاك دفع جيفيري للتقدم و احتضانها !

هو ما تحدث حقاً لكنه فقط ضم جسدها لجسده ، و حينها فقط و رغم أن الوقت غير ملائم لكنها علمت كم كبر صغيرها بتلك الفترة التي تركته بها ، هو بات رجلاً يمكنها حقاً الاستناد عليه .. يكفيها أنه ما رمقها برفض و لو لمرة واحدة أو بنظرة تشير و بشدة لكونها شخص لعين لا تستحق الحياة ، خائنة !

إلا أنه لم يفعل حقاً ، لذا هي تشبثت به بقوة فكل تلك السنوات ما كانت أمر سهل مُطلقاً ، تخليها عن منزلها و مملكتها لكن أنى لها رؤية أطفال بعمر صغيرها يتم تعذيبهم ؟!

بل و الرحمة كانت تنعدم من قلوبهم لدرجة تحويل آلكس من طفل طبيعي لهجين ! لزراعة جنين برحم أمه به كل الصفات الوراثية للممالك الستة ...

تعذيب و إضطهاد للمهجنين الباقيين إستعداداً لمحاولات تحويلهم لعينات مثالية ، تماماً كما لو كانوا مُجرد دُمى بدون روح ، حقاً ما كان يمكنها الانسحاب و تركهم وحدهم لأنها لن تسامح نفسها مطلقاً و بِكلا الحالتين كان عليها التضحية ...

لذا حقاً هي و مع إحاطة جيف لها أذنت لدموعها و شهقاتها حتى بالخروج ، فأخيراً هنالك من يمكنها الاستناد عليه رغم أنها ما كانت واثقة بكونها تستحق !

_ :" أنتِ قُمتي بعمل مُذهل أُمي ، حقاً فخور باختيارك للبقاء قربهم ! هم أكثر حاجة لك مني و أدرك تماماً أنه ما كان خياراً سهلاً لكنك حقاً بطلتي الخاصة ! "

عيناها كانت تتسع بشكل تدريجي مع كل كلمة دافئة صدرت من صغيرها ، و للمرة الأولى حقاً شعرت كما لو أنها تُحلق بالسماء ، لوهلة هي نسيت حتى كل ما يدور حولها حرفياً !

سيلفر راقبهما بابتسامة خافتة مُطمئنة كحال البقية حقاً ! الآن حتى لو تم إعدامهم جميعاً فابنها سيبقى معها ، يمكنهم إخبار الجميع أنهم اختطفوها فقط و جيفيري أنقذها من بين أيدي المهجنين الأشرار فهي قطعاً لن تستحق الإعدام و أي منهم حرفياً سيموت قبل أن يتم المساس بها ...

لكن فقط لما بدأت التوجهات كُلها تتجه لموتهم ؟! ما عاد الأمل يغزو أي منهم ، بل هو كان يتسرب من نفوسهم كما تتسرب قطرات المياه من بين أصابع اليد التي و مهما حاولت إحتضانه كان هو يسارع بالفرار مِنها ...

هل إنتهى أمرهم حقاً !؟ نهض آلكس من مكانه فور أن أصدرت الصغيرة شهقات مُتتالية مُتألمة كعادة له ! هو لا يستطيع احتمال ذلك ، رؤية ألمها و سماع شهقاتها و أنينها أمر أكبر من قدراته ..

لذا طالما تهرب بموقف كهذا تاركاً أمر العناية بها لسواه ! و خطواته اتخذت من المساحة الشاسعة و الواسعة بِالخارج هدفاً لها عله يبتعد عن كُل ما يحيط به من ألم و ضيق ...

هذا العجز إلى متى سيبقى مُرافقاً له !؟ و أفكاره تشتت عند شعوره بإقتراب أحد ما منه ، لم يسبق لأي من رفاقه أن يتبعه عندما يُغادر المكان حقاً لكن لا !

هذه الهالة تعود لمن إنضم لهم مؤخراً و الذي نطق بنبرة ساكنة تكاد توازي سكون الليل :" فقط و كشقيق أكبر كيف لك أن تفخر بنفسك ؟! لا كيف تقبل حتى بأن يُطلق عليك مثل هذا اللقب و أنت تهرب فور صدور أنين خافت من بين شفتيها ؟ "

الغضب بدأ يسيطر عليه و هذا بدى جلياً بهالته لكن جملة الأكبر التالية كانت كما الشلال الذي صُب فوق حُمم غضبه :" لا ! أنت كيف ترضى لنفسك أن تُشاركها ضحكاتها و ابتسامتها و تهرب فور ألمها و حزنها ؟ "

عيناه ذات الألوان المُختلفة حدقت بتلك العينان الكرزيتان بضياع تام ! قطعاً هو ما قصد هذا ، أن لا يتواجد إلا بحال كونها بخير و يتخلى عنها عندما تتألم ...

لكنه رغم هذا و مع التفكير الآن بالأمر فعلها مُذ مُقابلته لسيلفر ! خصلاته عادت لتحجب ملامحه بينما ينطق بنبرة ذابلة :" و ماذا كنت لتفعل أنت لو وقفت هنا بمكاني ؟ "

صوته المُرتجف و نبرته الذابلة جعلت مقلتي جيسي تضيقان أكثر فأكثر ، لم يكن ليحب أن يسأله أحدهم مثل هذه الأسئلة لكنه وجد نفسه مُجبراً على الحديث و قبل الحديث تخيل إن كان ويل بمكان كات !

صعب تخيل ذلك لكنه رغم هذا نطق بنبرة واثقة ، هادئة مُلئت بالكثير من الصدق مما أعطى مظهره الكثير من الهيبة التي طالما تميز بها أساساً و كأنه ولد ليكون قائداً ربما ؟

_ :" ببساطة لم أكن لأبتعد ! سأحفر بذاكرتي كل ضحكة و كلمة كان لينطقها أخي ، كل دمعة و أنين يصدر منه ، كل صرخة مُتألمة كان ليدفعها من جوفه "

هو نظر للأصغر بنظرات لا يمكن تفسيرها حقاً بينما يتابع :" سأتذكر جيداً كل لحظة عجزت بها عن التخفيف عنه و أي تصرف نجحت من خلاله برسم بسمة على وجهه ! محاولاتي الفاشلة لإنقاذه و الأخرى التي كانت تجعله يتحسن و لو لوقت طفيف ، ما كنت لأسمح أن يفوتني شيء ما ! و حينها عندما ينتهي الأمر سأدرك مهما كان الأمر مؤلماً أنني فعلت كل ما يمكنني فعله فمهما بلغت قواي لازال هنالك ما سأقف عاجزاً عنده ! "

كيف و متى دموع آلكس انهمرت ؟! ربما مُذ بدأ يدرك أن من أمامه يوصل له بشكل لطيف أن عليه الاستسلام ! لا أمل لها بالبقاء على قيد الحياة ، أحقاً هي ولدت لتموت فحسب ؟

فقط هذا مؤلم و بشدة ! لا يريد عيش لحظات كهذه ! خائف هو و بشدة ...

_ :" ألا يمكنني الموت معها ؟! "

و جواب الآخر آتى سريعاً :" بلى يُمكنك ! فأساساً نحن لا يمكننا جعلها تموت بشكل طبيعي و إلا فجسدها المليء بالقوة و الطاقة سينفجر مُبتلعاً كل القارات معها "

مُجدداً عينا الأصغر اتسعت ! آوه ، أجل هو بالفعل يُدرك أنه بلحظة توقف قلبها عن العمل قد يتحول جسدها لقُنبلة ما ...

لا ليس هكذا فحسب إن إزدادت الطاقة بجسدها دون التنفيس عنها فستنفجر و إن كانت على قيد الحياة أوليس لهذا هُم جعلوها تتحكم بهذه القارة ؟

بالبداية كانت مُجرد لعبة بينهم ! هذه القارة الجليدية و الميتة بِقواها هي كانت تصبح مكان ممتع للعبث و الاستكشاف ، و بهذا جزء كبير من طاقتها كان يتم إستهلاكه ليبقى فقط ما تحتاج له ، لكنها كل ما كبُرت قليلاً باتت طاقتها أكبر و هُنا علموا أنهم بحاجة بالفعل لمُساعدة ما فوحدهم سيعجزون قريباً عن السيطرة عليها ...

لذا فعلياً هي خطر يُهدد كل القارات ! و الجميع قد يبدأ بالتصرف معها هكذا ، كخطر فحسب و قُنبلة توشك على الانفجار ...

صغيرته ، صاحبة الابتسامة اللطيفة و القلب الواسع ، تِلك التي طالما تميزت بِضحكاتها العفوية و من أضفت عليهم ألوان الأمل و السرور ، لا أحد سيراها هكذا أبداً ، ثم ما معنى أنها لا يمكن أن تموت بشكل طبيعي ؟

أي نوع من النهايات إذاً قد تنتظرها و هي التي تألمت طوال حياتها ؟!

و قبل أن تتعمق أفكاره أكثر فأكثر بِالظلام المحيط به نطق الحاكم بِنوع من الهدوء و التعاطف كأنه قادر على رؤية ما يفكر به :" هي مُجرد طفلة ! لا أدري من المجرمين الذين تعاملت معهم بحياتك لكن دعنا نعمل معاً لنجد أفضل طريقة ممكنة فبالنهاية مصيرها محتوم بالفعل لذا كُن معها و لا تفارقها مُطلقاً !"

&&& قارة زيلانديا &&&

لم يكن الإزعاج قط جُزءاً من هذه القارة ! بل لطالما كانت معروفة بكونها شديدة الهدوء خاصة عندما يتعلق الأمر بالقصر الملكي !

فالحاكم المُحب للهدوء فرض ذلك بأرجاء قصره لذا حالياً الأصوات ربما العالية لن تصدر إلا من أعمامه ! ...

و ويل كان جالساً على العرش ، هو حقاً ما شعر أنه بِمكانه الصحيح مهما حاول البقية تشجيعه ! ..

فهل يُمكنه حقاً أن يملئ مكان جيس القديم ؟! هذا مُحال فقط و مؤلم للغاية ...

تنهد للمرة المئة فهو عليه الثقة بشكل أكبر بشقيقه ثم يجدر به العمل على نفسه حتى يستقبله بشخصية مُختلفة تماماً ، كأخ جيد يمكنه حمل المسؤولية معه دون تركه وحده بصراعات الحياة هذه !

و بعيداً عن الأمير حيث وقف ريكايل بإحدى ممرات القصر قرب نافذة كبيرة يتأمل ما خلفها بشرود تام ..

شيء من الفراغ يختلج صدره لا بل يعتصره ، يشعر كما لو أنه فقد وطنه حقاً ، دوره بهذه المملكة يوشك على الانتهاء فأميره اتخذ أولى خطواته ليصبح يد شقيقه اليمنى عند عودته و حينها ماذا سيبقى له هو ؟!

أجل لن يطرده أحد لكنه فقط يشعر بأنه ما عاد لوجوده أي معنى فماذا سيفعل ؟ يتركهم لكن إلى أين !؟

و إن بقي فعل فقط سيجلس يراقبهم و هم يعملون أم يقبل بأن تكون أعماله دون الأهمية التي كانت عليها لوجود الأمير ؟

ابتسامة رغم كونها باهتة إلا أنها احتوت على الفخر لأنه شهد على إنقلاب الأمير هكذا ...

و أفكاره كُلها تبخرت فور رؤيته لتوقف العربة التي تحتوي على شعار مملكته الأم ! بالعادة هو كان ليهرب فوراً مُتخفياً عن الأنظار إلا أن مُقلتيه هذه المرة إرتكزت بنوع من الفضول لرؤية القادمين و حقاً هو ما شعر بنفسه عندما ارتجت شفتيه مُعلنة عن رغبته بالبكاء فور انعكاس صورة والده بهما !

أي نوع من الألم هو هذا الذي يختلج صدره ؟ يشعر كما لو كان الهواء قد نفذ من المكان كله ! راغب هو بإصدار تنهيدة لا بل شهقة يقتلع بها كل ما تبقى من روحه المُتآكلة !! ..

السُم الذي رآه عِدة مرات بأحلامه بِتلك القارة أكان الحقيقة ؟ لكن لما ؟ حتى لو كان يحتضر لماذا ما أخبره الحقيقة ؟

أما كان يمكنه حينها الذهاب و زيارتهم بين كل فترة و أخرى ؟! أن يعود شاكياً لهم ألمه عندما يفيض به كيل الوحدة ؟ ألم يكن يحق له معرفة وجود أسرة لازالت راغبة بإنقاذ حياته و لو كرههم !!!

دموعه انهمرت بالنهاية بينما كان الضيوف قد وصلوا لمكان وقوفه ، ريك شعر بنغزة ما بقلبه مُذ لحظة وصولهم و الآن رؤية توأمه واقف و رغم أنه يمنحهم ظهره للآن إلا أنه انطلق مُحتضناً له من الخلف ...

و ريكايل عض على شفتيه بقوة ، فهو بقي مُتسمراً بمكانه كتمثال ما و تجمدت خطواته مانعة إياه من الهرب حتى !

نبضات قلبه اتسعت بقوة لاسيما و هو يستمع لخطوات هادئة تقترب منه أكثر بل بات قادراً على رؤية قدماه أمامه !

لكنه ما تجرأ على رفع رأسه حتى ليراه ، هذا مؤلم و بِشدة ، ما كان قادراً على النطق حتى ، و الأكبر وقف مُحدقاً به و بملامحه رغم أنه يخفيها بتحديقه للأرض ..

دموعه التي تنهمر و لتوتره الواضح ، استيائه و لومه على الأغلب كل ذلك جعل الحاكم يرفع يداه قبل أن يحتضن جسد الأصغر الذي اتسعت عيناه بقوة مع شهثة خافتة دون أن يبادله لاسيما بعد ابتعاد ريك عنهما !

_ :" أنت لاتزال نقياً ريكايل ، تماماً كالزجاج يعكس خارجك ما بداخلك ! "

و نظرات المعني تحولت لشيء من الاستنكار و العِتاب ! أحقا هو سيتحدث معه كما لو أنه كان بالأمس فقط جالساً معه على مائدة واحدة ؟

و ابتسامة صغيرة ارتسمت على شفتي الأكبر :" أخبرني ريك أنك اكتشفت أمر السُم ! ريكايل أنا حقاً آسف ،رغبت فقط بأن تعيش مهما كان الثمن ، لم أستطع احتمال فكرة رؤيتك تموت أمامي ببساطة و لم أتمكن من إخبارك أن هنالك بجسدك سُم سيدفعك لمحاولة قتل نفسك بسبب الألم الذي سيسببه لك "

هو عض على شفتيه قبل أن يتابع بألم :" ثم أنا شعرت بالخوف من رؤيتك مُجدداً لأنني واثق أن رؤية أي نظرة كره بعيناك تعني نهايتي حقاً و رغم هذا لطالما وجدت نفسي أتمنى أن ألمحك و لو عن بعد بكل مرة آتي بها إلى هنا "

و المعني بكل هذا الحديث أخفض بصره دون النطق و لو بحرف واحد ، أهو يرفض والده ؟ لا يعلم حقاً ..

رفع بصره عندما نطق والده موجهاً حديثه لريك الذي أراد التدخل بالحديث ربما :" دعه يفكر كما يشاء ! أنت ريكايل لا أحد بُني سيجبرك حقاً على فعل أي شيء أعدك "

هو أنهى كلماته ليتجاوزه حيث قاعة العرش و ما إن فعل حتى عاد ريك لاحتضان توأمه الذي بادله بهدوء تام فأفكاره اتخذت مكان آخر لتحلق به بِحُرية تامة ...

#### قارة نوفوبانجيا ####

الأنين الذي عبر عن الألم كان يصدر من فم كِلا المُقيدين بتلك الزنزانة !

الدماء لوثتها بالكامل تماماً كما هي أجسامهم و ثيابهم ، الألم كان ينبض بكل خلية حية بجسدهما ، دموع الألم تجمدت فقط ...

كُل هذا وقع خلال عدة أيام فقط لهما ! لكن بدى و كأن روح كِلاهما باتت بالحضيض ، ما عاد أي منهما مُستعد حتى للقتال ، لا كلاهما ما كان ينظر للآخر أو يفتح فمه و لو بحرف واحد

و من سيلوم أي منهما حقاً ؟! آيزاك كان حانقاً لعدم قدرته على حماية زاك على الأقل من مثل هذه التجارب لكنه الآن و دون وعي حقاً يفكر أنه و بكون زاك مريض بالقلب بالفعل قد يموت فحسب بفضل إحدى هذه التجارب !

و أجل هو حقاً ينتظر هذا الآن ، أن يموت زاك أولاً هل جُن ؟ أجل ربما هو فعل لكن ألن تكون خيانة أن يرحل أولاً تاركاً إياه خلفه مع مُجدداً ؟ ثم ألن يُعتبر أن الموت بالفعل رحمة بالنسبة لهما ؟!

و فقط بالنهاية دموعه عادت لتنهمر و عاد ذاك السؤال الذي يراوده دائماً ' ما هو ذنبهما حقاً ؟ '

و تلك الشاشة الضخمة بالقارة المُظلمة عرضت ما يحدث بتلك الزنزانة ليرتج جسد جيفري بالكامل ..

لا ، هو حمى زاك منذ قابله طفل صغير ! أقنع ريك بتقبله ثم ماذا ؟ أهو حافظ عليه فقط ليموت تحت التجارب ؟

عيناه احمرت بشكل واضح ليغطي فمه مانعاً أي شهقة من الصدور بالكاد ...

و هالة جيسي انتشرت بالأرجاء مُعلنة عن كونه ما عاد يحتمل مشاهدة المزيد من هذه التفاهة .. بينما تلك الطفلة ذات الأعوام السبعة تشبثت بثياب شقيقها آلكس تهمس بنبرة باكية :" أخي دعنا نحضرهما إلى هنا أرجوك ! "

أجل هي أرادت حمايتهما حقاً بينما نطق كولين باستياء مطلق :" ألم نطلب منهما هذا حقاً !؟ لكن لا يرغبون بالبقاء مع رفاقهم ! و أي رفاق هؤلاء ؟ لقد تُركوا للموت ! "

ألكس نظر لسيلفر بنظرة ذات مغزى لاسيما عندما التف جيس للمُغادرة و نيته كانت واضحة كما الشمس ، هو يود قلب رأس مملكة الجان فوق رؤوسهم جميعاً مهما كان الثمن !

فهو أساساً للآن يعتبر خائناً لذا ليستحق هذا اللقب على الأقل ، يمكنه الاستمتاع دون التفكير بمملكته و شعبه ...

إلا ان خطواته تمت مقاطعتها من كلاي الذي نطق بنوع من السخرية :" دع الأمر لنا ! آلكس وحده قادر على إحضارهما فحسب "

_ :" وحدهما ؟ "

نطق جيس بعبارته هذه بهدوء مطلق بينما مُقلتيه ذات لون الكرز تحدق بخاصة آلكس الذي أجابه بشيء من البرود :" سأحضر والدهما معهما ! قد يحتاجان لولي أمرهما هنا ألا تظن ؟ "

ابتسامة مثيرة للرعب ارتسمت على شفتي جيسي بكل رضى ! فليس من العدل أن لا يأتي الأب لهذه النزهة صحيح ؟!

و بطريقة ما تلك الابتسامة ارتسمت على كلاي و كولين و كأن مئات الافكار بدأت ترتسم بعقولهم ليتمتم كلاي بنوع من التذمر :" فقط من غير العادل أن يتم استدعاء والد التوأم و يبقى أبي و عمي بعيداً عن المرح ! "

رمقه جيسي بكل هدوء دون تعليق مع ابتسامة صغيرة و كأنه يفكر أساساً ...

لا بل هي ابتسامة لشخص رسم بمخيلته كل ما سيحدث بالفعل ! شخص واثق أن النهاية قد اقتربت حقاً ...

#### قارة كلاهاريا ####

الهدوء كان يعم المملكة كما هي العادة ، الحياة ما كانت لتتغير بها فالنبلاء و الأثرياء لا يزالون يعيشون بالكثير و الكثير من الرفاهية على حِساب الأسر الفقيرة التي و فوق الأسى و الذُل قد تجد أنياب الفقد تتجه لأسرهم لأخذ أطفالهم منهم ..

و أي مصير هو الذي سيلقونه سوى التحول لعبيد ؟! أشخاص لا يمكنهم تذكر حتى ماضيهم ، يصبحون كصفحة بيضاء مُستعدين لتلقي العديد من صفعات الحياة دون فهم و لا حتى بدافع يجعلهم يقاومون هذه الحياة البائسة !

فكيف لمن لا يذكر من هي أُسرته أو اسمه الحقيقي حتى أن يقاوم ؟ لأجل ماذا و من ؟ و إن تحرر فأين ستأخذه سبل الحرية المؤقتة كون لا حرية للعبيد إلا بقتلهم أو هروبهم ...

و من سينجو بالهرب ؟ و كيف و هم من لا يمتلكون من يُساندهم بهذه الحياة ...

مصير كهذا يجعلهم فقط يقبلون بالحقيقة التي فُرضت عليهم تماماً .. !! ..

أو هذه الأفكار كانت تجول بخاطر تينا التي تم تحريرها من العبودية لا بل تم الإستغناء عن خدماتها بالقصر بشكل كامل و فوق هذا لا تزال على قيد الحياة بطريقة هي لا تعرفها ...

لا بل إيما التي قررت أنها قد سامحتها بِالفعل لكن هذا فقط ، أجل هي ستنسى الماضي لكنها لن تثق بوجودها حولها مُجدداً كما الماضي ...

لذا قامت بتحريرها و إعادتها للقرية حيث تم نفي أُسرتها بعد تلك الحادثة ! لذا و رغم أنها حقاً رغبت بالبقاء و إعادة فتح صفحة جديدة لكن أيحق لها المُطالبة حتى بشيء كهذا ؟ و هي من لم تنظر لظروفها الخاصة و ما حاولت معرفة أسباب تصرفاتها , لم تترك يدها فقط عندما إحتاجت لها بل فكرت أنها يجب أن تقوم بقتلها !

لذا أجل لابد أن هذا الحل هو الأفضل فِكلاهما وصلتا لمرحلة ما عاد يمكن التراجع عنها بالفعل ...

و بِجهة أُخرى بعيداً عن القصر بعدة أمتار لا تكاد تُذكر بل و بوضح النهار تجمع الكثير من العساكر و المدنيين على حد سواء , الصبر ما عاد مُمكناً و بتواجد حليف قوي كالأمير و ولي العهد إذاً قد حان وقت التغيير حقاً !!

حركاتهم كانت رُغم هدوئها إلا أنها مُفعمة بِالحماس لأيام جديدة بعيدة عن هذا العصر الظالم الذي يعيشونه مع أن أي منهم لا يثق أيكون الإبن أفضل من الأب ؟!

حسناً الحاكمة كانت جيدة لذا قد يكون الإبن كالأم ! , أو هم سينقلبون مُجدداً بالطبع , أوليس من ينقلب مرة يمكنه ببساطة تكرار الأمر إلى ما لا نهاية ؟

و بِداخل القصر جلس كيفين رفقة بعض من مُستشاري والده و الحاكم كان جالساً على عرشه يُراقب نقاشهم حول إحدى القضايا التي شخصياً لا تهمه كونها مسئلة تخص الشعب , و لما عليه الإهتمام لهم بينما هم من عليه إرضائه عله ينقذهم من فقرهم و يقربهم منه ؟

لكن بالطبع لن يمانع وجود شخص ما يقوم ببعض الأمور الجيدة لهم بين فنية و أُخرى ليصمتهم عن إعتراضاتهم المتكررة التي مل هو مِنها شخصياً ...

و مع تطور النقاش بدأ الكثير من الضجيج بالعلو , رفع كيفين رأسه مُحدقاً ببعض المستشارين ممن خططوا لهذه الحملة الإنقلابية رفقته , عدة ابتسامات بسيطة ارتسمت على وجوههم فالآن لقد بأت هذه المعركة و هم واثقين تماماً أن الحاكم سيكون الخصم الأصعب لكن الأمير هو من عليه تولي أمره كونه هو من سيرث مكانه !

و لتسهيل عملية منع دخول أحد لهذه الغرفة و لئلا يقتل الكثير من الجنود نطق أحد المُستشارين بنبرة سريعة :" ليغادر الجميع قاعة العرش لحمايتها من الخارج لحماية جلالة الحاكم و ولي العهد ! , بينما من لا يجيد القتال ليغادر للهروب سريعاً حتى نوقف أياً كان السبب بهذا الإنقلاب "

و شيء من الرضى بان على الحاكم الذي ما اهتم حقاً مُفكراً أنهم مجموعة أُخرى من العبيد الذين قرروا وضع حد لحياتهم البائسة بعملية انتحارية جديدة !

لذا هو نطق بسخرية بينما يغادر الجميع على عجل :" و يفترض بكم تجهيز منصات الإعدام ! "

أخفض كيفين رأسه بابتسامة ساخرة فور أن بات هو و والده وحدهما ! منصات الأعدام هي اللغة الوحيدة التي يتفاهم بها والده على ما يبدوا ...

و تلك الابتسامة الساخرة جعلت احد حاجبي الحاكم يرتفعان بشيء من الخفة :" أهنالك ما يجعلك ترسم مثل هذه الابتسامة !؟ "

هو رفع رأسه فور وصول صوت والده له ليجيبه بنوع من الهدوء رغم خيط السخرية الذي ظهر بكلماته :" أوه ، كنت أفكر هُم عليهم تجهيز نعش جلالتك لأحدنا ! هذه الغرفة لن يخرج منها سوى حاكم واحد بينما سيرسل الآخر إلى حتفه ! "

و عِبارة الأمير جلعت أعين الحاكم تتسع قبل أن يبتسم بكل سخرية ممكنة ناهضاً من مكانه :" و أخيراً فرصة ما للتخلص من ولي العهد عديم النفع الذي أملكه دون أن يُقال أنني والد سيء ! "

و ربما رغبة عارمة بالضحك سيطرت على الأمير ! لا حقاً من قد يجرأ على قول عبارة قاسية كهذه للحاكم الحنون و الذي طالما عُرف بكونه الأب الأفضل بالعالم !

حسناً هو ليس ممن يسخر بالعادة لكنه جدياً رغب بنطقها لكت أيجدي أي من هذا نفعاً حقاً ؟!

و أيضا سيفه بالفعل كان قد احتدم مع سيف المدعو والده ! لذا لما الحوار حتى و هما هنا بنقطة اللارجعة !

#### قارة نوفوبانجيا ####

عينا آيزاك التي كانت تبدوا كعينا شخص ميت حدقت بكره وحقد اتجاه ذاك الذي وقف بمنتصف الزنزانة خاصتهم ! , و زاك رغم كل التعب و الألم الذي كان يعيشه ما بدت نظراته أقل من خاصة شقيقه ...

بالنهاية أليس هذا هو الوغد الذي دمر حياتهما قبل أن تبدأ عندما قرر الزواج من بشرية بالسر لأسباب غير منطقية حتى ! , أنجبهما بكل أنانية ثم عندما باتت حياته بخطر قدمهما لكل هذا الألم و التعذيب , فقط أيستحق حتى لقب أب ؟ أي نوع من الآباء يحاولون إيذاء أبنائهم بطريقة مُريعة كهذه !

لا بل يوجد لأنهما قطعاً لم ينسيا كلاي الذي قابلاه بالقارة المُظلمة ! ألم يبعه والده أيضاً للتجارب بعد أن تسبب بإعدام ابنه البِكر ؟ أي هنالك حقاً مجموعة من الآباء عديمي الضمير !

لكن أن يقف هنا الآن فقط بأعين مليئة بالسخرية فهذا مؤلم مهما كان ظنهم بوالدهم , ألا يجدر به أن يشعر بأي شيء من العاطفة ؟! على الأقل أوليس هو من حارب هذا العالم كله لأخذ آيزاك و محاولة تربيته ليكون وريثه ؟ ألم يجد أي ذرة مشاعر نحو ابنائه ؟ أم أن كل ما يفكر به هذا الرجل هو مصلحته الخاصة فقط لا غير ...

شُعاع باللون الأزرق أحاط كُل المتواجدين بهذه الزنزانة ! هو كان دافئاً على الوأم الجريح بينما بدى مُرعباً و ضاغطاً على ذاك الذي كان يقف قبل لحظات بكل تبجح أمامهما !

هالة كانت معروفة لكل من آيزاك و زاك أعادت جزء من طاقتهما لهما لاسيما مع تحطيمها للقيود المُحيطة بهما , تلك التي كانت تمتص قواهما أيضاً , و على خلافهما فقد جثى والدهما يضع يده على عنقه غير قادر على سحب أي نفس من صدره بألم !

كل هذا و صاحب تلك الهالة المُرعبة ما ظهر بعد هكذا كانت أفكار كبير أُسرة مارش عندما شعر بأعين تحدق به , و هو كان يشعر برعب يمنعه حتى من رفع رأسه , وجهه شحب بقوة فهو بِلا حراسة لكن لا حتى لو كان مع بعض الحرس ما كان يمكن لأي منهم فعله أمام هالة مُرعبة كهذه ؟!

و آلكس الذي ظهر بمنتصف الزنزانة ساعد التوأم الذين كانا يحدقان به بريبة بالوقوف قبل أن ينطق بنبرة هادئة :" أرسلني حاكم مصاصي الدماء و طلب مني إنقاذ طفلي مارش المثيران للمتاعب مع إحضار والدهما لإستضافته جيداً ! "

و أعين آيزاك اتسعت بِصدمة بينما مرت بعقله صورة جيسي ليخفض بصره فوراً , ذلك الحاكم أحقاً تخلى عن العودة لأجل أمثاله من المُهجين ؟ لكن ماذا عن كُل من مات ؟ نيو !! أيذهب دمه هباءاً ؟

لا رفيقه أساساً أراد له العيش , بصره انتقل إلى زاك الذي كان يقف بلا أي ردة فعل تُذكر ليمسك بيده بقوة و هنا حدق الأصغر به بحيرة تامة ! أحقاً هُم عليهم قبول مُساعدة من كانوا أعداء لهم قبل مدة وجيزة لتواجد جيسي بينهم ؟

أجل هو لا ينكر الراحة التي يشعر بها لوجود ألكس هنا و الذي تبين أنه مبعوث من قِبل جيسي بحد ذاته لكن لا زال هذا مُخيفاً و بِشدة بالنسبة له , فالمُغادرة الآن تعني أنه لا مجال للعودة إلى حياتهم العادية بعد الآن !

إلا أن آلكس نطق بينما يتأمل الزنزانة و الدماء التي تملئها بنوع من الإشمئزاز :" رفيقك جيفري أيضاً هناك ! هو حرفياً كاد يبكي عندما شاهد ما حدث معك , ثُم أي حياة هُنا بقيت لكما جدياً !؟ لن يحاول أحد إنقاذكما إلا إن ترك أسرته و حياته كما الحاكم و جيفري ! "

و أجل هو نطق بما شعر أنه يسبب لهما التردد مما جعل زاك يومئ بنوع من التعب قبل أن يسقط أرضاً فاقداً للوعي , قوة التحمل خاصته انتهت , لا بل ربما لولا هالة آلكس اللطيفة و التي تمده بالقوة لكان سقوطه تعبيراً عن الموت و ليس فقد الوعي فقط ..

و الفزع ارتسم على وجه آيزاك الذي أمسك بتوأمه , أجل هو تمنى سابقاً أن يموت زاك أمامه و قبله لكن هذا فقط عندما كان واثقاً أنه أيضاً سيموت بعده و ليس عند قدوم من سيساعدهما ؟ فبقلب كل شخص ذاك الأمل الذي ينبع فجأة من بين براثن الظلام ! و الآن هذا الأمل تمثل بألكس و جيسي رفقة جيفري !

صوت آلكس آتاه مُطمئناً بينما يمسك بكتفه :" لقد فقد وعيه فقط , سننتقل الآن ليتم عِلاج كلاكما و بعدها سنتفرغ لهذا الرجل اللطيف هنا ! "

ابتسامة مليئة بالشر ارتسمت على شفتي آلكس الذي بقيت هالته تحيط بالثلاثة بينما يتمتم بعدة كلمات سحرية ليختفي الأربعة من تِلك الزنزانة و كأنهم ما وجدوا قط ! ...

### قارة كلارهايا ###

الأيام كانت تسير ببطئ تام ! لكنها قطعاً ما كانت أياماً روتينية مُطلقاً ! أسبوع كامل قد مضى على تلك المعركة و لا تزال الجيوش تعمل بكل جِد و جهد لحفظ السلام أو للتأكيد على أن لا مزيد من تلك المعارك ستندلع خاصة و أن يوم تتويج الملك الجديد قد إقترب بشدة ..

قبل ذلك الأسبوع كان اليأس يعيش بشكل مأساوي بقلوب الشعب لكن الآن شعلة صغيرة من الأمل بدأت تشتعل بصدورهم فالحاكم الجديد حقاً عُرف عنه الرحمة و الهدوء و ليس التكبر و الجبروت كوالده !

رغم هذا فأي منهم ما أراد أن يجعل شعلته تلك تكبر بشكل عظيم لئلا تحرقهم نيرانها إن كانت ظنونهم بغير محلها , لذا التخوف و الترقب كان مُحيطاً بهم حقاً !

حُكام الممالك الأُخرى و نبلائها بدؤوا بالقدوم لحضور حفل التتويج فبغض النظر عن سوء العلاقات أو غيرها بين كل الممالك , فبالنهاية حاكم جديد يعني تغيير كل العلاقات و هي فرصة لتحسين العلاقات بين الدول التي عانت مشاكل مع الحاكم السابق خاصة و أنه قُتل على يد الحاكم الجديد ...

رُغم أنه كان يفترض أساساً إجراء إجتماع لكافة الممالك بقارة ليموريا لكنه تحول إلى هذه القارة لأجل حضور التتويج أيضاً , من وصل من الحُكام للتتويج حتى الآن كان حاكم البشر رفقة مُساعده و ابنه , و معهم وصل ويل و ريكايل رفقة سام و بقية إخوته رغم إعتراض اينزو على الذهاب حقاً !

بينما و بِجناح الحاكم الجديد هو كان مُستلقياً على الفراش , ضِمادة كبيرة نوعاًما كانت تلتف حول خاصرته فبالنهاية لم تكن هزيمة والده أمر يسهل إحداثه ...

المعركة التي دارت بينهم كانت مُخيفة , هو بدى تائهاً و بِشدة بينما يغوص بأعماق ذكرياته حول ما وقع يومها بينما بِالقتال ! فبمجرد إحتدام سيوفهما انتشرت هالة مُرعبة بالغرفة , هالة كان كِلاهما مصدرها , أي منهما لم يرغب بالتراجع مُطلقاً ! الحاكم الذي كان قد وصل و أخيراً كما يرى لأوج قوته و جبروته بل ويكاد يسيطر على بقية الممالك دون حرب حقيقية !

فمع إختفاء حاكم مصاصي الدماء و وجود مملكة السحرة و الجان تحت إمرته بفضل تستره على أخطائهم القاتلة بوجود مهجنين لديهم ما تبقى له سوى إعادة إخضاع البشر و الشياطين !

أجل الحاجز الذي أطلقه البشر كان مُشكلة حقيقية تحيط به لكنها ليست الأهم فبالنهاية لابد أن يجد خائن ما ليقوم بتدميره , لكن إعتراض كيفين طريقه كان أمر يتوقعه حقاً لكنه ما توقع حدوثه فور عودته من مُهمة إنتحارية فقد بها ذلك العبد الذي قام بتربيته حرفياً ...

و ربما أفكاره الأخيرة تلك ما أختبأت تحت ظل الكِتمان إذ نطق صاحبها بكل قوة و سخرية :" لكن حقاً كيفين لقد تفوقت أخيراً على عقدة ذلك العبد بموته ! أكان علي قتله مُنذ سنوات لأرى بعيناك هذا العزم ؟ أكان هو نقطة ضعفك حقاً ؟ رغم أنني تخيلت أنك ستقيم عزاء طويل الأمد له بقلبك السخيف هذا ! "

تلك الكلمات ما كان وقعها سهل حقاً على قلب الأصغر ! هو شد على سيفه يُغذيه من قوته الخاصة بينما يُغلق عيناه بنوع من الألم و ابتسامة آندريه الآخيرة تمر على مُخيلته ..

_ :" أنت مسكين حقاً ! عند موتك لن يذكرك أحد حتى , لن تبقى بقلب أي مخلوق و إن حدث و فُتحت سيرتك أمام الآخرين سيحاولون إغلاقها سريعاً لأنها لن ترتبط إلا بالمآسي و الألم ! لذا سيادتك أجل حتى ذاك العبد الذي ما أعجبك يمتلك العديد ممن سيذكرونه بحب و إعجاب مما يعني أنه متفوق عليك حتى ! "

و جملته هو نهاها بابتسامة ساخرة جعلت الأكبر يهاجم بكل قواه تماماً كما أنطلق هو لهجوم أخير ينهي حياة أحدهما بلا ريب و كُل منهما كان مُصمماً على الفوز دون الآخر ...

الهالة التي صدرت منهما جعلت غرفة العرش تلك تنقلب رأساً على عقب و كأن إعصار مُدمر قد مر بِها دون غيرها وبالنهاية كِلا السيفين إستقر بجسد الخصم !

سيف كيفين إخترق صدر الأكبر بينما الآخر إخترق خاصرته بقوة , و أجل النتيجة كانت لصالح الأصغر الذي إنتزع سيفه من صدر الأكبر يراقب سُعاله المليء بالدماء و ترنجح جسده , الخوف الذي ارتسم على ملامحه , الخوف من الموت !

ذاك الذي بقي مُلازماً لملامحه حتى بعد مُفارقته للحياة , مؤلم !

قلبه يؤلمه يُقسم هو بهذا , لا بل لازال حتى اللحظة يتألم أهو حزين على والده ؟ ربما لأنه عاش حياته بشكل خاطئ تماماً , أو لأنه عندما نظر إلى الخلف هو ما وجد الوحيد الذي كان حقاً ليطير من السعادة لإنتصاره !

لم يعثر على آندريه و لا على نظراته الواثقة بين كل من اجتمع حوله يهنئه و يقوده للطبيب سريعاً , هنالك فجوة كبيرة كانت متواجدة بِقلبه ...

دموعه عادت لتنهمر بينما يخفي وجهه بين يداه , كم مرة للآن أقسم على كونه لن يبكي مُجدداً لذات السبب ؟! لكن و مع هذا لازال بكل مرة تعود دموعه لتنهمر ! فقط كيف يمكن له الوصول لحُلمه مع هذه الكمية الفظيعة من الألم بدلاً من السعادة ؟

كيف يعيد شعلة الأمل لشعبه بوقت هو به قد أطفأت تلك الشمعة للأبد ؟! أجل هو ربما الآن لا يبكي على آندريه بقدر بُكائه على قلبه الذي ما كان ينقصه هذا النوع من الألم مُجدداً و الذي ما عرف للسعادة عنوان إلا رفقة من تواجد عندما اختفى الجميع !

و الآن هو يمتلك الجميع , أُخته و العرش , السلطة و الأحلام كُلها لكنه فقد ما كان يُغذيه للنهوض لذا أيحق له أن يتمنى لو أنه ما وصل لأحلامه مُطلقاً مقابل وجود آندريه قربه ؟

بالنهاية هو شعر بجسده يتم إحتضانه بقوة مع دموع بدأت تتساقط إلى جوار دموعه ! و هو عرف مصدرها جيداً فشقيقته ما عادت تتركه وحيداً لفترة طويلة رغم هذا لازال يشعر بالبرد و الوحدة ...

~~~~~~~~

و بإحدى غُرف القصر الفخمة و المُعدة للاستقبال و الحفلات تواجد ضيوف هذه المملكة حول طاولة كبيرة تتسع ربما لمئة شخص أو أكثر !

عدة ساعات مضت مُذ لحظة وصول آخر وفد للمملكة و هو حاكم مملكة الجان و بشكل غريب ما تواجد معه كبير أسرة مارش الذي بات مُلازماً له بالفترة الأخيرة ! ...

إينزو و أخوته يجلس كل إثنان منهم مُقابلاً للآخر بينما ويل كان بجوار عمه سام و قربه ريكايل ثم حاكم البشر و ريك !

و مقابلاً لهم جلس كُل من ليون و والده رفقة شقيقه و آلبرت يجاورهم ملك مملكة السحرة و شقيقه وحدهما ..

و مقابلاً لهم جلس حاكم الجان و مُساعِده الأول ...

و أخيراً ظهرت أميرة هذه المملكة التي سارت للجلوس بأقرب مقعد لذاك الذي سيترأسه الحاكم الجديد ..

خطواتها كانت هادئة و على خِلاف عادتها كانت قد ارتدت فستان ناعم و بسيط دون أكمام بلون السماء الذي رُسم عليه عدة ورود بلون الزهر و رفعت خُصلاتها الشقراء للأعلى على شكل ذيل الحصان و تلك الهيئة جعلت ممن شارك معها أول مرة بالمهمة يحدق بها بنوع من الهدوء و الصدمة !

و ربما آلبرت كان أول من نطق بِمرح :" و الآن لا يبدوا الكثير من الإعتراض لدى سموك حول جلوسك مع بعض الاشخاص من ذوي المرتبتين الثانية و الثالثة ! "

كلماته تلك جعلت الانظار تتجه نحوه من فورها بينما حدق حاكمه به بِحدة مُطلقة تجاهلها هو ببساطة عندما نطقت المعنية بنبرة هادئة ربما :" لا شيء يبقى كما هو صحيح ؟ "

تلك الاجابة جعلته يصفر من فوره بينما ينطق بضحكة :" لو أن نيرو هنا لربما عجز عن تمني اي شيء بهذا العالم من هول الصدمة ! "

و بصره تحرك ليقع على ويل الذي كان يحدق بالأوراق التي تخص الاجتماع بكُل جِد ، هو وضع يده على الطاولة أمامه أولاً ثم رأسه عليها ثانياً يُتابع باستمتاع :" و سمو الأمير ويل ! هل أنا أتخيل أم أن مُدة أقل من شهر جعلتك تبدوا ناضجاً فجأة ؟ "

_ :" لا أظن أن هذا يعنيك آلبرت ! "

جواب ويل المُختصر دفع الاستنكار للظهور على ملامح الأكبر و الذي توقف للحظات عن الحديث إحتراماً للحاكم الشاب الذي دخل تواً ليجلس على مِقعده مُترأساً الطاولة لكنه تابع فور عودتهم للجلوس و قبل أن يتيح لهم فرصة لبدأ الاجتماع :" و الآن أهكذا تتعامل مع زميلك بالفريق كم مرة حقاً كنا معاً بِفرقة واحدة أم أن تتويجك كحاك... "

و المعني صمت فجأة بطريقة جعلت الأنظار تتجه نحوه بتساؤل ، لا أحد قاطعه و لا حتى تدخل ليصمت بل إنه ما تم إطلاق نية شريرة نحوه مُطلقاً رغم هذا حواس نائب قائد جيوش الشياطين قد رصد عينان تراقبانه بشكل غير طبيعي !

لذا بصره التقى بتلك العينان الدموية و التي تحدق به بكل كسل بشكل مُثير للرعب ...

و هو من كان يظن أن جيسي أكثر الأشخاص إخافة بالعالم اكتشف تواً وجود من هو بذات مرتبته أو يفوقه حتى !

و ذلك جعل العبوس يتربع على ثغره بِشكل بسيط و بالمقابل أفرج إينزو عن ابتسامة ساخرة جعلت الأصغر يهمس :" جدياً من كان يعتقد أن ذلك الحاكم المُخيف لديه شبيه "

ريكايل كتم ضحكه بِالكاد بينما نطق ويل بشكل هادئ :" هو عمي ! "

و المعني اتسعت ابتسامته بشكل واسع :" ثُم ذلك الط... "
صوت لإرتطام كأس ما أوقفه عن الكلام بينما عيناه حدقت بريكايل الذي اعتذر من فوره :" ارجو المعذرة حقاً ، جلالتك كيفين تفضل بالحديث ! "

الحاكم الشاب أغلق عيناه بنوع من الهدوء فهو رغب برؤية إلى أي مدى سيستمرون بهذه المسرحية ! و رغم أنه وصل له كلمات اينزو الذي قصد بها ريكايل :" تُدافع عنه و تريد أن اصمت ! سنرى نتيجة هذا "

و حرفياً الكثير من الارتباك على ملامح الشاب لذا كيفيم هو حقاً قاطعهم :" يمكننا البدأ صحيح ؟ "

و حينها الصمت التف بأرجاء القاعة فالحديث فعلياً الآن يجب أن يبدأ من هذا الشاب الذي يجدر به إعلان نواياه !

و الخوف و الترقب كان بادياً على كُل من فوج السحرة و الجان ، فالداعم الأقوى لهم رحل ببساطة على يد ابنه الذي لا يعلم أحد كيف يفكر بعد ...

إلا أن الصمت قطع و قد انتفض جسد حاكم السحرة ما إن وجه كيفين حدقتيه إليه بنوع من البرود :" أيمكنني معرفة الأسباب التي قررت بها سجن يوري آرون ؟! لا ليس سجنه فحسب بل وضعه تحت التعذيب أيضاً "

و كلمات كتلك جعلت إيما تشهق بفزع بينما حدق كل من ويل و ريك رفقة ريكايل به بضيق ، آلبرت نطق بسخرية :" أظنه ألقى بعض المحاضرات عليه ! لكن لا أظن هذا سبب كافٍ بالحقيقة لتعاقب عليه شخص يفترض أنه احد الأبطال القوميين للمملكة ! فحسب ذاكرتي ألم يكن يوري آرون أحد الأبطال ممن نجحوا بِقتل هجين ثائر قبل سنوات أم أنني أخطأت بمرحلة ما ؟ "

و صوته حرفياً كان قد انقلب للخبث و المكر بنهاية جملته بطريقة آثارت حفيظة الحاكم الذي وجهت له تلك الاتهامات ...

و هذه ما كانت بداية مبشرة حقاً لهذا الاجتماع لكن و بما يظنه حاكم السحرة معجزة ما تم تبديل موضوع النقاش بعد تبرير تافه أدلى هو به و وعده بعدم الاقتراب من آرون مجدداً !!

~ نهاية الفصل ~

اذا فصل واحد فقط يفصلنا عن النهاية !!!

قراءة ممتعة

Bạn đang đọc truyện trên: AzTruyen.Top