الفصل الخامس و الخمسين و الأخير

ما أسرع الزمن و ما أبطئ ردود أفعالنا عليه ! يمضي بنا هو نحو نهاية محتومة بينما نحدق به بأفواه مفتوحة ، غير مُدركة لا بل مُتناسية أن كل نفس لن يعود ، كل لحظة لن تتكرر !

ننسى أننا قد ولدنا لنسير بين ثنايا هذه الحياة ، صغاراً و كِباراً إلى الفناء نحن ذاهبون ، لحظاتنا الجميلة التي تمضي لن تعود ، السلام الداخلي الذي يُحيط بقلوبنا بيومنا الروتيني الذي نتذمر به قد يختفي يوماً و للأبد ...

أحبابنا سيرحلون و نحن سنصحو يوماً ما نقف على الأطلال مُفكرين كيف أضعنا كل ذلك الوقت ؟! كيف تم إهداره و لماذا ؟ بما أفادنا ؟ كيف نسينا أننا يوماً ما لن نكون سوا اسم محفور على أحد الأحجار بالمقابر ؟!

و من سيذكرنا إن كُنا بلا آثار و بِلا ماضٍ و لا حاضر ! مجرد أناس عاشوا و ماتوا دون أي ذكرى خلدوها بنفوس الباقيين ..

¥¥¥¥¥¥¥¥¥¥¥

و كما البقية ها هو ذا يقف أمام نهاية يُدرك تماماً أن لا مفر منها ..

كاره هو حتى بهذه اللحظات لإبنيه اللذين يراهما السبب بكل المصائب الواقعة فوق رأسه ، بل حتى وجوده هنا بِهذه القارة المُظلمة شديدة البرودة كانت بسبب تواجدهما !

كُل ذرة خوف يمتلكها تلعن كل تصرفاته التي أدت لوجودهما ، ليته فقط ما فعلها و ما استمع لزوجته كان عليه بكل بساطة الانفصال عنها أو الزواج بأُخرى لأجل إنجاب الوريث لا أن يسبب بكارثة ما بإحضاره هجينان لهذه الحياة ...

لكن أهو كان مُهتم بالعواقب ؟ ظن أنه سيمكنه السيطرة عليهما كونهما نصف بشر ! بل و أحدهما بكل بساطة يمتلك مرض بالقلب فكيف يقف الآن أمام وجه الهلاك بسبب أشخاص يريدون موته و حياتهم هم !

و بجهة أخرى بعيدة عنه جلس مُعظم المهجنين رفثة جيس يتابعون الرعب الطاغي على ملامح ذاك الذي كان يقف بكل جبروت و بطش أمام ابناه المُقيدان بالزنزانة بثياب مليئة بدمائهما ...

أولم يجرد بِالفعل من لقب أب ؟! هو ما استحق حتى الحصول عليهما ...

جيفري رفقة والدته كانا يعتنيان بجروح و صحة التوأم الذي بدأ يستعيد وعيه بينما وقفت كات تراقبهما بنوع من الحُزن ...

هي ظنت أنهم الوحيدين ممن تعرض للألم لكنها اكتشفت أن هذه اللعنة لن تنتهي على ما يبدوا مادام هناك هجناء ! ..

أغلقت عيناها بألم قبل أن تسير متجهة لغرفتها الخاصة ، هي أمسكت بوسادتها ذات اللون الزهري و المزخرفة بحروف اسمها بخفة ، خائفة هي من كل ما يحدث ! رغم عمرها الصغير إلا انها امتلكت جبال من الهموم و التجارب القاسية ...

و مع كل هذا دموعها ما تناثرت خشية مُستقبلها الذي يوشك على كتابة آخر أحرفه بل هي لاتزال قلقة على من سيبقى ، كيف يمكنها الرحيل دون الحرص على سعادتهم ؟ أو ضمان حتى أن تبقى ضحكاتهم و ابتسامتهم دائماً لا أن تتحول لدموع و دماء !

أطلقت بالنهاية عدة تنهيدات بسيطة لا تتلائم و حدة مشاعرها قبل أن تتجه إلى حيث البقية هي وقفت تُراقبهم جميعاً كيف أنهم مستمتعون برؤية ذلك الرجل يهرب من إحدى المخلوقات المتوحشة ، تماماً كما لو كان عدواً لهم جميعاً ...

لا هو ربما يذكرهم ببساطة بآبائهم الذين تخلو عنهم يوماً ما تاركين إياهم للألم و البؤس بسبب أنانيتهم ...

لذا أجل حتى هي لم تشفق عليه حقاً فأين كانت شفقته على أبنائه ؟ أي هي مشاعره عندما آذى ما يفترض أنه جزء منه ؟

و أجل بالنهاية بعد فترة من الزمن إنتهى أمر ذلك الرجل ! جسده كان شبه ممزق حقاً و الدماء ربما انتهت منه ..

#### قارة كلاهاريا ####

الاجتماع كان قد انتهى مُنذ ساعات إلا أن أي من الوفود لم يغادر المملكة حقاً فحفل التتويج لازال باليوم التالي ..

لذا انتشر كل وفد بجناح ضخم مُهيء لهم إلا أن ريكايل كان قد ترك جناحهم الخاص و اتجه لإحدى الحدائق البعيدة نسبياً و الفارغة ليجلس بمفرده ..

أساساً ما هو العمل الذي يجدر به فعله ؟! ويل حقاً بات يقوم بأعماله كلها و أيضاً هنالك الأعمام المتواجدين ، هو ليس مُعتاداً على كل هذا الفراغ الذي بات يحظى به ...

ربما الآن لازال لديه دور رئيسي و هو مد الأمير بالمعنويات لئلا ينهار ، لكن عند عودة الحاكم ماذا ستكون فائدة وجوده حقاً ؟! ..

عيناه هو أغلقها بخفة و ألم بينما ذاكرته عرضت له حديثه مع والده الذي تجاهله هو تماماً ..

ماذا كان عليه أن يفعل حقاً ؟! بعد كل هذه السنوات أي ردة فعل هي الصحيحة ؟! أن يتقبله ؟

هو حقاً راغب بهذا ! كُل تلك الأحلام عنه بالقارة المجهولة سكبت بقلبه الكثير من الشوق له و لِعناقه حتى !

أراد أن يحتضنه ، و رغب بِمقابلة أُمه و مع كل هذا لازال قلبه يؤلمه ..

لكنه لا يود الإكتفاء بهذا فحسب أغلق عيناه بينما يحدق بالسماء ينطق بنبرة حزينة :" أنا حقاً أود العودة ! لم أعد أشعر بأي نوع من الأهمية لنفسي بمكاني الحالي ! اشعر كما لو أن مُهمتي انتهت لكن هل سأبقى عالقاً بالفراغ حينها ؟! "

أهو و بكونه نصف مصاص دماء يمكنه العيش بمملكته الأم ؟ لا !

لأنه إن أُصيب أو عطش بِشدة قد يصبح خطراً ! ثُم الشمس بمملكة البشر أكثر قوة بكثير و جسده قد لا يحتملها لوقت طويل حقاً ! إلا إن أراد النوم صباحا و الاستيقاظ ليلاً عندما يكون الجميع قد نام حقاً !

تنهيدة خافتة صدرت من جوفه قبل أن يقف للنهوض فويل قطعاً سيأتي للبحث عنه ان لم يعد هو بنفسه ! ...

### القارة المُظلمة ###

و من جهة أُخرى تماماً جلس جيسي يحدق بتلك الصورة التي توقفت عند نهوض ريكايل من مكانه !

و بِجواره كانت تقف كات بغرفة لا يتواجد بها سواهما ، هي عبست بطفولية بينما تنطق :" لما هو حزين !؟ "

حدق الأكبر بها قليلاً قبل أن ينطق بهدوء :" لأنه عندما كان طفلاً أُصيب بسم قاتل ! فقرر والده أن نحوله لمصاص دماء دون أن يعرف السبب وظن أنه تم التخلي عنه لكنه عرف الحقيقة الآن و يبدوا راغباً بالعودة لأُسرته "

ازداد العبوس على ملامحها الطفولية بينما تنطق بتأثر واضح :" لكن لما لم يخبره والده الحقيقة ؟ هو لم يكن ليحزن كثيراً حينها صحيح ؟ "

و بنهاية جملتها رفعت رأسها تُحدق به و كأنها تنتظر رداً مُلائماً و شافياً منه ...

و هو انخفض يجلس أمامها بينما يعيد بعض من خُصلاتها الفضية المُتمردة للخلف :" بِبعض الأحيان نتصرف نحن البالغون بِطُرق غير منطقية مع الصغار نظن أننا نحميهم و نخشى على مشاعرهم مُتجاهلين أنهم بكثير من الأحيان أكثر قوة مِنا حتى ! "

هو ابتسم بالنهاية و رغم هذا تمكنت كات من رؤية شيء من الحزن خلف كلماته و ابتسامته هذه قبل أن تنطق :" أنت تقصدني أنا ؟ أجل أنا قوية للغاية لكن أُريد السعادة للجميع حقاً أيمكن لي تحقيق هذا ؟ "

ابتسامته تلاشت لوهلة قبل أن يغلق عيناه بخفة :" أجل ، دعينا نناقش هذا مع جيفيري و آلكس و الجميع ! "

و الصغيرة شهقت فجأة ترفع يداها بإعتراض :" لا ! لا أريد أن يعلم أحد حقاً فقط أنت و أمي و أخي جيف و حتى آلكس ألا يمكننا إخفاء بعض التفاصيل عنه ؟ لا أريد أجواء حزينة حقاً ... "

أومئ لها بِخفة قبل أن يتنهد و يسير لغرفة المختبر ، لم يتبقى الكثير من الوقت حقاً ، تِلك الأيام التي قضاها هنا رُغم قِلتها كان قد أخذ فكرة كاملة من والدة جيفيري عن حالتها و ما يجب فعله حقاً لئلا تنفجر طاقتها بعد موتها ! ...

عليهم إفراغ طاقتها و رغم قسوة الأمر لكن عليهم جعلها تستهلك جُل طاقتها حتى الموت ، إلى أن يتحلل جسدها و يختفي لذرات صغيرة ....

أيوجد سبيل لإنقاذها ؟! الإجابة تمثلت بكلمة واحدة فقط مكونة من حرفين لا أكثر ' لا '

جسدها ما عاد يحتمل و أصبح كقنبلة موقوتة و قريباً حتى لو أعادت تشكيل العالم كله مع الأسف سيبقى هناك طاقة زائدة بجسدها ستكبر كلما هي كبُرت ...

و هذا وحده يعطي جيس شعور خانق للغاية ، بداخله و للمرة الألف يتسائل حول لماذا هو قبل حقاً ؟! كيف تنازل عن كل شيء فقط ليُساعد بعملية كهذه ؟

أغلق مقلتيه لوهلة فالندم ما عاد مُتاحاً كما بات من المُستحيل حقاً التراجع ...

### قارة كلاهاريا ###

الهدوء كان يُزين تلك المُقلتين العُشبيتان ! الحزن بات يُغلفهما كما الكفن ، و رغم تلك الابتسامة البسيطة المُرتسمة على شفتيه إلا أنه و بكل صدق لا يشعر بالسعادة و كأن ما يحصل الآن معه ليس الحلم الذي أراد تحقيقه مُذ سنوات طويلة للغاية ...

من حوله كانت الأصوات مرتفعة مُغايرة هي لرغبته الشديدة بالإنعزال عن كل مُسببات الضجيج !

خطواته كانت واثقة كعادتها و نسمات الهواء العليلة حركت خُصلاته بكل لطف ، ثيابه كانت رسمية حيث ارتدى بنطال أسود فخم مع قميص باللون الأبيض و على كتفيه تم تثبيت رداء باللون الأسود المصنوع من الحرير الخالص ...

و ما ثبته كانت مجموعة من الأوسمة الذهبية و المرصعة بالعديد من الجواهر الثمينة .. سيفه كان مُثبتاً عند خاصرته و خصلاته الشقراء تم تصفيفها بِعناية مُطلقة للخلف ليبدوا مثالياً من كل النواحي و كيف لا و هو سيتم تتويجه اليوم ؟

جراحه شفيت بالكامل فبالنهاية هو ينتمي لقبيلة المتحولون الأقوى !

لم يكن حفل التتويج داخل إحدى القاعات المُغلقة بالقصر بل هو تم التحضير له بأكبر حدائق المملكة ليحضره عدد كبير من الشعب أيضاً ! ...

و قد تم تزيين المكان بالفخامة الكافية التي تليق بحدث ضخم كهذا ! العرش الذي سيجلس عليه الحاكم الجديد لهذه المملكة كان قد تم وضعه على إحدى التلال العالية و التي تُطل على الجميع ! ...

و من خلفه كان هنالك شلال ضخم شديد الجمال لكن و لمنع إصابة الحاكم برذاذ المياه تم وضع حاجز زجاجي زاد جمال المظهر من خلفه ...

الطبيعة كانت خلابة و الأجواء المُعتدلة جعلت كل شيء يبدوا مثالياً حقاً ...

الشعب سعيد فالكثير من التوقعات المُزهرة تحوم حول حاكمهم هذا !

كما أن كُل من شارك بمهمة القارة المظلمة و حضر اليوم شعر بالراحة لأن هذه المملكة حقاً تحتاج لشخص مثل كيفين لإعادة بث الأمان بها بعد أن غيبه والده بتصرفاته الانانية ..

لذا أجل كل شيء كان مثالياً حقاً إلا ذاك الذي يحتفل الجميع به يرى أن هذا الحفل ناقص و بشدة و بعيد كل البُعد عن المثالية بل ربما ذهنه غاص ببساطة بمعارك الحياة .

و بالنهاية بدأت المراسم فور وصول كيفين للعرش ،هو ما جلس عليه بل وقف أمامه و تقدم بعدها رجلان أحدهما بدى عليه الوقار و الهيبة يرتدي ثياب رسمية تضفي على هيئته المزيد من الثِقل !

أمسك بإحدى يداه كتاباً احتوى على قوانين البلاد و تشريعاتها و بالأُخرى سيف مُرصع بالألماس و المجوهرات النادرة رُسم عليه شِعار الأُسرة ..

هو وقف أمام الحاكم الجديد ينطق بنبرة مميزة مليئة بالثقة :" أنت اليوم يتم تتويجك حاكماً قانونياً لهذه البلاد مع الكثير من الأمل بأن تكون حاكم حقيقي يعمل لأجل شعبه و رعيته ، أن تحكم بينهم بهذه القوانين الموضوعة و أن لا تستخدم سيفك إلا للحق ! "

هو اختتم كلماته تلك لينحني كيفين له حيث ترك الأكبر الكتاب أم العرش ثم أخرج السيف من غمده ليحل الصمت الشديد ! فالجميع كان يُحدق بما يحدث باهتمام شديد فرُبما هذه كانت أول مرة يتم تتويج حاكم خارج حدود القصر و بين العامة ...

لذا الأعين راقبت حركة السيف الذي وضعه المسؤول عن التتويج على كتف الحاكم الأيمن ثم الأيسر قبل أن يعود كيفين للوقوف و يعيد الأول السيف لغمده يضعه بيد سيده الجديد :" أتمنى لك العمر المديد جلالتك ، و أن يكون تتويجك اليوم هو بداية عهد جديد مليء بالسعادة الحقيقية و الرخاء "

و بنهاية جملته بدأ الجميع بالتصفيق بينما اتجه كيفين للجلوس على العرش مُحدقاً بالجميع ! هو لوهلة شعر بالغُربة حقاً رغم أن أول وجه رآه كان خاصة شقيقته ...

لذا أخفض بصره يرفع ذاك السوار بين يديه ، فقط كم مرة سيكرر بها انه مُستعد للتخلي عن كل هذا مقابل رؤية آندريه لمرة واحدة فقط ! فهو الآن يشعر أنه بِغُربة بلا سند حقيقي رفقته ...

سنده الذي عاش معه قبل أن يتعلم النطق بشكل جيد حتى ! ، أغلق عيناه يمنع نفسه من الانجراف بالتفكير اكثر لئلا تدمع عيناه مُجدداً

لكن آلبرت ، ليون ، ريك ، ريكايل و ويل أخفضوا رؤوسهم مع رؤيتهم لذلك السوار ، أجل لن تكون فرحته كاملة و حقاً من منهم بات يمتلك تلك السعادة ؟! جميعهم الآن أدركوا أن حياتهم كانت مِثالية للغاية قبل تِلك المُهمة رغم الألم بها ، و الآن ربما يتمنون جميعاً فقط لو تعود تلك الحياة التي تذمروا منها يوماً إليهم و لن يشتكوا أبداً على أي ظرف كان يواجههم مُطلقاً بل سيصبحون مُمتنين للغاية على ما امتلكوه !

لكن هيهات أن يعود الزمن إستجابة لأمنية أي منا ! و كأنه يخبرنا أولستم من كان يتذمر ؟ أولم تكونوا تمتلكون أُمنيات رأيتم أنكم ستموتون دونها ؟! ...

و بعد تحققها تمنيتم عودة الحال لما كان عليه و هو المُحال ...

##### القارة المُظلمة #####

الصمت كان يطغى عليهما بينما عدم الفهم كان بادياً على كلاهما ، رغم أن الراحة وجدت طريقها لملامحهما !

آيزاك كان جالساً على الفراش بجوار توأمه فآخر ما يذكره أنه سقط فاقداً الوعي بهالة ضعيفة للغاية لكنه الآن بخير !

أجل هو ممتن للمهجنين لكن لازال هناك مئات التساؤلات بعقل كلاهما ..

و الصمت تم اختراقه عندما فتح باب غرفتهما ثم اندفاع جيفيري إلى حيث يرقد زاك ليرفعه برفق و يحتضنه بقوة !

لازال يذكر الألم الذي شعر به فور رؤية مظهره بتلك الزنزانة ، فقط تباً لكل من يعامله كأنه بلا مشاعر !

تباً لهذا المُجتمع حقاً ، و زاك فتح فمه قليلاً قبل أن يتشبث برفيق طفولته و مُنقذه بشدة !

أوليس جيف أول من أمسك بيده بعد آيزاك ، قدمه لريك و كلير ، وجد له منزلاً تقبلته حتى و هو هجين لذا رؤيته الآن و بعد كل ذلك العذاب أمر يجعله يذكر أن هناك من قبل بوجوده رغم أنه هجين أي وحش بنظرهم ...

فهو بالأيام الماضية شعر أنه بلا قيمة و لا يمتلك روح أو مشاعر و إلا لما ؟ لماذا كل ذلك التعذيب و التجارب ؟ بأي ذنب كان عليه سماع صوت صراخ شقيقه أيضاً بعجز و العكس صحيح ؟ من هم الأقسى ؟ أهو و توأمه لأنهما هجينان أم من أقام التجارب عليهما تباعاً ؟ بحيث عندما يكون بخضم الألم من التجربة يرى و يستمع لصوت صرخات شقيقه ؟!

لذا حقاً رؤية شخص تقبله رغم حقيقته كان أمر هو حقاً إحتاج إليه و لوهلة كان كالطفل الصغير الذي عاد لأحضان والده بعد ضياع !

و ربما هذا المظهر جعل آيزاك يخفض بصره بنوع من الألم الذي كتمه ببساطة ، ليست أول مرة يخضع بها لتلك التجارب حقاً فعندما كان طفلاً تذوقها أيضاً ...

لكن على الأقل وقتها ما كان زاك رفقته ، كل ما كان عليه فعله هو القلق من الألم القادم له دون غيره ! لكنه بهذه الفترة فوق ألمه هو كان هنالك صراخ شقيقه و أنينه ، خوفه عليه ثم فكرته تلك بأنه يريد له الموت فقط ...

و الآن هو أخفض رأسه بعد إرتعش جسده بالكامل ، أحقاً و لوهلة تمنى موت توأمه ؟! عض على شفتيه بقوة قبل أن تتسع عيناه بصدمة حقيقية فور شعوره بجسد يضمه إليه !

و هالة دافئة تسربت لجسده توقف إرتجافه بينما انساب ذاك الصوت الهادئ دون سخرية :" كل شيء بخير الآن مارش ! ذلك الوغد أصبح وجبة لهذه المخلوقات هنا "

و الصدمة ظهرت على وجه التوأم ! ذلك الوغد ؟

تراجع زاك قليلاً ليحدق بجيسي الذي ابتعد أيضاً عن آيزاك بينما يهمس :" تعني أبي ؟! "

_:" و هل يستحق ذاك الوغد لقب أب حقاً ؟ "

الأربعة التف كُل منهم إلى باب الغرفة حيث استند كلاي عليه بهدوء بينما يتابع :" أن تطلق عليه لقب أبي جدياً هذا كرم أخلاق شديد منك ! "

و ابتسامة ساخرة ارتسمت على ملامح جيس الذي رغب بالرد ربما لو دخول كات من الباب بشكل سريع و مضحك ربما ؟!

حيث أبعدت جسد كلاي للخلف لتتمكن هي من حشر جسدها و الدخول ! و المضحك أنها حقاً تجاهلت أن كلاي أبقى مسافة لمن يريد الدخول للغرفة و مع هذا هي قررت الدخول من المكان الذي وقف كلاي عنده !

أو ربما هي فقط تعبث معه ؟! حيث شهق ذو الشعر الأشقر مُشيراً لها :" حقاً كات ! أين هو التهذيب الذي يجدر بفتاة مثلك أن تحظى به ؟! "

كل من زاك و آيزاك كانا يُراقبان ما يحدث بنوع من الاهتمام ، هؤلاء ألم يكونوا أعدائهم قبل أيام ؟! إلا أن رؤيتهم للطفلة جذبت انتباههم بالكامل لاسيما و أن هالتها حقاً لا تتلائم و عمرها و ثم ...

اتسعت عينا آيزاك و هو ينظر لعيناها التي احتوت على ثلاث ألوان مُختلفة !

هي ليست هجينة عادية ، لون أصفر ممزوج بالأحمر يدل على كونها من الشياطين و مصاصي الدماء ؟ ثم هنالك لون أزرق ؟

خُصلاتها بلون الفضة أي هي من الجان أيضاً ، و قبل أن ينطق بحرف واحد نطقت هي :" إسمي هو كاترين لكن يمكن لكما اختصاره بكات ! أنا هجينة كاملة أي أمتلك قوى كل القبائل حتى البشر ، و بالسابعة من عُمري ! "

ابتسامتها كانت مليئة بالمرح و اللطف رغم أن التوأم حقاً نظرا لها بنوع من التعاطف ! و بالنهاية مسح جيسي على خُصلاتها ينطق بتهكم :" أُعذري قلة تهذيبهما عزيزتي ! فأساساً أحدهما يمتلك لساناً لا يستخدمه إلا للحديث بوقاحة و الآخر على ما يبدوا بدأ يتعلم من توأمه ! "

و كلماته تلك جعلت زاك يبتسم سريعاً مُتداركاً نفسه بلطف :" و أنا اسمي زاك مارش ! سُعدت بلقائك كات "

و الصغيرة ضحكت على كلمات جيس ثم راقبت تعابير زاك اللطيفة لتبتسم له بِخفة قبل أن تنظر لآيزاك الذي كان يحدق بالحاكم بحاجب مرفوع لتنطق هي مرح :" إذاً أنت هو آيزاك صاحب اللسان الوقح ! "

و شهقة صدرت من المعني بينما ضحك زاك و جيفيري على ملامحه !

جيس بعثر خُصلاتها مجدداً :" طفلة ذكية بالفعل ! "

كلاي كان قد شاركهم الضحك لينضم البقية ببساطة ؟ ، بينما تعكرت ملامح آيزاك يشير للحاكم أمامه :" أنت ماذا تظن أنك تعلم هذه الطفلة حقاً ؟! فقط أود معرفة كيف يسمحون لك بهذا ! "

و الصغيرة احتضنت يد الأكبر لتنطق بعبوس مصطنع :" أخي جيسي لا يعلمني إلا الأمور الجيدة سيد مارش ! "

و أجل هي حاولت تقليد نبرة جيس تماماً بآخر كلمتين نطقت بهما ليحدق بها آيزاك بصدمة قبل أن يزداد ضحك من حوله !

_ :" حقاً طفلة مسكينة أنكِ وقعتي مع هذا الحاكم ! من يمكنه الثقة به ؟! "

و جيسي الذي كانت نظراته قد تبدلت لوهلة بعد كلمة ' أخي جيسي ' عادت ملامحه لطبيعتها و إن كان بصوته شيء من السكون رغم السخرية :" حقاً مارش ؟! لأنني لم أفقد ذاكرتي بعد و لا أزال أذكر تماماً ما كانت تفكر به عندما منحتني دمائك بعد إصابتي ! "

و إلى هنا تراجع آيزاك مُشيحاً بوجهه بصمت و خجل ربما ؟! بينما احتضنه زاك للتخفيف عنه ربما رغم محاولته ألا يضحك !

و بِجهة أخرى تقدم كلاي بنوع من العبث :" آوه أتعني عندما أصبتك أنا ! أكانت إصابتك خطرة لدرجة أخذك الدماء منه ! "

تنهد سيلفر قبل ان يبتسم بخفة بينما قلب كولين عيناه ، فبالنهاية مُنذ قدوم جيسي و كلاي يحاول استفزازه لأسباب مجهولة حقاً !

_ :" لا تغتر بنفسك كثيراً أيها الطفل ! لا تنسى أنك حي اليوم فقط لأنني غيرت رأيي بآخر ثانية و إلا لكان قلبك قد غادر جسدك من يومها .. "

هو اختتم جملته الساخرة تلك ليغادر الغرفة التي بات مكتظة ! بينما تحولت ملامح كلاي للاستياء و العبوس لتنطق كايلي بملل :" النتيجة نفسها أنت تخسر بكل نقاش لذا حقاً استسلم ! "

بالنهاية قادهم كولين للجلوس على شكل حلقة بأرضية الغُرفة ليتعرفوا على القادمين الجدد و ربما تخلل تلك الجلسة الكثير من الضحك و المُزاح و العبث بطريقة أثبتت للتوأم أنه أياً كان سبب انضمام جيف و جيسي لهم هم يستحقون حقاً ...

#### قارة لورفانيا ####

السخط كان بادياً على ملامح حاكم هذه المملكة و شقيقه ! إلا أن الصمت رافقهما طوال رحلتهما من حفل تتويج كيفين و حتى دخولهما لقاعة العرش ..

ماذا يحدث حقاً من حولهم ؟ بوهلة واحدة فقدوا كُل حُلفائهم ! ، حاكم مملكة المتحولين و إضافة إلى إختفاء كبير أسرة مارش و انسحاب حاكم مملكة الجان من القتال ...

إذاً ما كان فائدة كل ما حدث ؟ كم عدد الجنود اللذين ماتوا بمعركتهم الأخيرة ضد البشر ؟ شعبهم ساخط بالفعل و سجن آرون يجعل بقية الممالك تنقلب ضدهم ..

فقط هم الآن يُفترض أنهم يعلمون بكافة الحقائق عنهم أولم يقل آرون أنهم قابلوا كلاي ؟! الطفل الهجين الذي كان عليهما إعدامه رفقة شقيقه الأكبر ببساطة .. !

و فقط بحال كهذا لما للآن أي منهم لم يتحدث ؟ كيف لم يوقعوا العقوبة عليهم ؟! لما لم ينطق أي منهم بحرف واحد عن المُهمة أو ما ينوون فعله حيال تلك القارة التي احتوت على المهجنين فقط ؟؟

هذا ببساطة يجعلهما أكثر حيرة فالإجتماع الأخير الذي تواجدت به كافة الممالك كان عليه إحتضان مثل هذا الموضوع شديد الأهمية ...

و أيضاً أي منهم لم يقل أن الأمير ويل سيتم تتويجه ! أهو أصغر من العمر القانوني أم ماذا ؟! أو ربما أحد الأعمام يريد الحكم ؟ فهي أول مرة يظهرون جميعاً بمكان واحد و هذا يدل ربما على وجود مشكلة داخلية بينهم !

لكن لازال هنالك الكثير من الغموض برأيهم حقاً ، أغلق الحاكم عيناه بينما نطق موجهاً حديثه للحرس المتواجدين بالمكان :" أعيدوا آرون لمنزله و دعوا تلك الطفلة التي ترافقه دائماً أن تعتني به جيداً و تحاول دفعه لتناول الطعام لسنا بحاجة لمُصيبة جديدة "

و بِالفعل اتجه عدد من الحرس إلى حيث تلك الزنزانة الفردية هي ما كانت ذاتها التي تم وضعه بها أولاً ، بل كانت أكثر اتساعاً و خالية من أدوات التعذيب على عكس الأولى !

و كالعادة هم وجوده مُستلقياً على فِراشه بِتعب ، وجهه كان شاحباً و الدماء كانت قد تجمدت على ثيابه و بشرته ، عيناه تُحدق بالسقف فحسب بينما الطعام الذي بِجواره لم يمس منه و لو لُقمة واحدة ...

تقدم أحدهم منه ينطق بنبرة بان بها التعاطف :" خيا أنهض سنُعيدك لمنزلك ! "

ابتسامة ساخرة ارتسمت على المعني بينما يعتدل بشيء من الصعوبة لينطق :" إلى منزلي ؟! هل أنت حقاً تصدق كلماتك ؟ "

صوته كان مُرهقاً كهيئته تماماً لكن لم يبدوا لهم أنه يهلوس فهل هو لا يصدقهم ؟

_ :" هذه المملكة التي لم تحترم دماء حُراسها و لا مشاعر شعبها لا يوجد بها مكان يمكن أن نطلق عليه لقب منزل ! عزيزي تحت ظل هذه القوانين و هذا الحُكم نحن بكل بساطة نعيش بغُربة مؤلمة فلا وطن لنا حقاً "

و كلماته تلك جعلت عين الحارس تتسع بينما أخفض البقية رؤوسهم فهو محق ! ليسوا اكثر من مجموعة ألعاب يتم تحريكها بكل سهولة من قبل الاعبين و كأنهم بلا روح ...

و مع إدراك آرون لمعرفتهم بالأمر هو حرك رأسه بآسى قبل أن يتحرك للمُغادرة فالوضع كله ما عاد يُطاق حقاً !

_ :" بحق الإله آرثر أنا إما أن أتبعك أو أُقسم إن شُفيت سأقلب هذه المملكة فوق رؤوسهم ! لذا لا اعلم حقاً ما تفضله أنت و لا حتى ما أفضله أنا يا أخي "

##### القارة المُظلمة #####

ما كانت سُرعة الأيام هي المُخيفة حقاً بل إن الخوف هذه المرة كان نابعاً مما ستحمله لهم الأيام القادمة !

ثلاث أسابيع إلا عدة أيام هذا هو الوقت الذي مضى مُذ إنضمام جيسي لهم ، خلاله رحلت بقية الفرق مع تحطم الكريستالة الخاصة به ، و تم خطف زاك و آيزاك و قتل والدهما !

و بطريقة ما الأجواء بدت مُنعشة كالسابق ! رغم القلق المُحيط بهم فقد غادرت مجموعة كبيرة من هذا المكان و جميعهم يعلمون حقيقتهم ! أقل ما توقعوه هو أنه و خلال أسبوع واحد فقط ستبدأ جيوش ضخمة بمهاجمتهم ! ...

و بِالنهاية مهما بلغت قواهم ماذا سيفعلون أمام ست قبائل ؟! لكن لما ؟

و ربما هذا السؤال طرحه سيلفر بينما يجلس الجميع على مائدة الإفطار !

و الأنظار اتجهت لكل من جيفيري و جيسي و التوأم ! أي ممن آتاهم من ذاك العالم الخارجي بالنسبة لهم ؟

و جيسي آمال برأسه بحيرة مُشابهة حقاً ، لما لم يهاجم أي منهم ؟! لاسيما و أن كل مملكة غادرت و لديها شخص لتنتقم لأجله ، بالحقيقة هو ذاته يجهل حقيقة ما يحدث هناك الآن !

جيف رسم ابتسامة خافتة ثم هو نطق بهدوء :" لدي فرضية لكن أخشى أن أنطق بها لأنها ربما لن تكون منطقية ؟ "

و السخرية ظهرت على وجه آيزاك بينما ضحك زاك بخفة و هو يتحدث :" على الأغلب لأننا غادرنا هذا القارة بينما نثق أنه و بنسبة خمسين بالمئة لازال جلالته على قيد الحياة ! و كونه فضل البقاء فهذا يعني أنه وجد شيء يستحق القتال لأجله بل و ترك شعبه و شقيقه لذا تم الاتفاق المُسبق على إنتظار تحركاته أولاً قبل أن ينطق أي أحد بقرار ما ! "

و ابتسامة واثقة ارتسمت على شفتي جيفيري فهو توقع هذا حقاً ! جميعهم شعر بالحيرة لذا قرروا أن ينتظروا تحرك الشخص الذي عينته الممالك الستة كقائد ضمني لها دون أي اتفاق مُسبق !!

و المعني فتح فمه بشكل بسيط ! ينتظرون تحركاته أولاً ؟ جدياً هل سيستمر هؤلاء الأطفال بالعبث معه هكذا ؟

كُل منهم لديه ثأر لشخص يُحبه لكنهم فقط سيجلسون بكل تهذيب بانتظار قراره ؟

كيف عليه أن يشعر حيال هذا حقاً !؟ فقط كيف إزدادت المسؤوليات المُلقاة على كاهله إلى هذا الحد ؟

متى أصبح مسؤولاً عن كل هؤلاء بل هو ماذا يفعل هنا حقاً ؟!

الكثير من المشاعر كانت تحيط به لذا نهض من مكانه ببساطة و رغب حقاً بالاتجاه إلى السطح ، لا هو لم يتأثر قطعاً بتلك المشاعر من أولئك الأطفال الذين رافقهم بهذه الرحلة لكن شعور خانق يحيط به مُذ صباح هذا اليوم ...

و يد صغيرة امتدت لتمسك به بينما تنطق صاحبتها :" لن تهرب جلالتك ! أنا قررت أننا اليوم سنلعب كثيراً و الجميع سيشارك و اي شخص سيرفض سأقوم بتوجيه قواي لجعله رجل ثلجي "

و الأنظار المُستنكرة اتجهت نحوها فوراً ! أولاً هي لا تزال مريضة و اللعب بالثلج ليس جيداً أو ربما هُم فقط من يحاول تجاهل حقيقة أن مرضها لن يتأثر لا بالثلج و لا بغيره و لن يتحسن حتى بعدم اللعب و الراحة ...

ثانياً ما بال ذاك التهديد ؟ و أجل جميعهم يدركون أن كات ستفعلها حقاً و ليست مزحة فهي يمكنها تحويلهم جميعاً لرجال ثلج ؟

و ثالثاً ربما هو وقوف آلكس من خلفها بابتسامته اللطيفة قبل أن ينطق بشر :" أذكر أنكم قمتم برشقي بكرة ثلج ضخمة بعد شفائي من الاصابة ! الآن حان وقت الإنتقام "

و بطريقة ما وجد الجميع أنفسهم خارج المنزل يقفون على شكل دائرة ربما لتقسيم الفرق ؟!

و كات أول من أمسكت بيد جيس و رفعتها عالياً :" أنا سأكون برفقته ليجرأ أحدكم على مهاجمتنا حتى ! "

و ربما بهذه اللحظة فقط تم إعلان الفريق الفائز قبل أن تبدأ اللعبة و هذا متوقع مع تلك الهالة المُظلمة التي كانت تغلف جيسي !

جيفيري ضحك بقوة رفقة والدته بينما ابتسم آيزاك بِشر ينخفض لأخذ كرة من الثلج و قبل أن يستوعب أي منهم الأمر كانت تلك الكرة قد استقرت على كتف الحاكم الذي لم يتحرك خطوة واحدة حتى !

زاك شهق بقوة ، بينما صفر كولين بإعجاب رغم أنه نطق بضحكة :" سُررنا حقاً بالتعرف عليك آيزاك ، كنت شخصاً طيباً عبث مع الشخص الخطئ "

بينما كلاي فهو وقف إلى جوار آيزاك بابتسامة مشابهة ربما :" مُذهل للغاية وجدت شريكي بالفعل ! "

_ :" إذاً لما لا تتذكران جيداً أنكما من طلب هذه المعركة أيها الطفلان ، لذا القاعدة الأولى هو أنه لن يُسمح لكما بالبكاء لاحقاً "

و كلماته بل هالته جعلت البقية يتراجعون إلا آيزاك و كلاي ممن ثبتت كلماته المُستفزة هذه أقدامهم لتبدأ معركة الثلج ؟!

و حرفياً كُل ما كان يمكن مشاهدته هو تلك الثلوج التي بدأت تتطاير من كل مكان و بقوة شديدة و كأن عاصفة قاتلة بدأت رغم أنها ما كانت سوى بسبب هالات الثلاثة التي انتشرت و تبعتها هالات البقية ممن تحمس للإنضمام لهذه المعركة ...

#### قارة كلاهاريا ####

كم مضى من وقت مُذ عودتهم ؟! هو خلال هذه الفترة أنجز الكثير حقاً لكن لا تزال هناك مُهمة هي الأصعب حقاً على قلبه !

لا هي مُهمة تكاسل عنها الكثير مُذ عودتهم لكن ألم يحن وقت دفن من مات منهم ؟! كم من الوقت عليهم الإحتفاظ بجثثهم داخل هذه الاساور ؟!

بأعماقه يتمنى من كل قلبه أن يُبقي جسد آندريه داخل هذا السوار الذي يُزين معصمه لكن أيحبسه بالحياة و بعد موته حتى ؟

خطواته كانت هادئة ، هو ما ركب بأي عربة بل غادر قصره سيراً على الأقدام إلى عنوان احتفظ به مُنذ زمن بعيد ...

لمكان ما رغب بزيارته وحده و قطعاً ليس لإبلاغهم بالخبر الذي يمتلكه الآن !

و ربما هو قرر السير فقط لأجل أن يُرتب أفكاره لا أكثر و المباني الفاخرة كانت قد بدأت تختفي من حوله لتحل مكانها منازل صغيرة بالكاد تقي أصحابها من العيش بالشارع ...

الكثير من المناظر كانت جديدة بالنسبة له لكنه كان بعالم آخر حتى وصل إلى منزل بسيط يمتلك سياج باللون البُني و حديقة صغيرة للغاية !

المنزل بُني من الخشب ! و على الأغلب هو يتم تجديده بعد كل عاصفة و ربما سقط أكثر من مرة أثناء العواصف ..

و بالداخل كان رجل بدى أنه بمنتصف عقده الخامس أي يفترض أن يكون لازال بكامل قوته لكنه كان على العكس من هذا !

جسده كان هزيل ، عيناه التي كانت بلون الشكولاة مُنطفأة كما لو أن سعادته سُرقت منه ، هو كان يجلس على كُرسي خُصص لمن يعجز عن السير ...

و رغم كل هذا ابتسامة مُفعمة باللطف و الرقة كانت ترتسم على شفتيه ، ابتسامة دافئة مألوفة حقاً للواقف يراقبه من بُعد !

الرجل بالداخل أزاح خُصلاته السوداء عن مُقلتيه ينطق بدفئ و لطف :" هيلين ! أين أنتِ يا صغيرتي ؟ "

رغم لُطف كلماته إلا أن خيط رفيع من العِتاب ظهر بصوته و كأنه يحث المعنية على الإستعجال بِخُطاها ...

و بالفعل لم تمضِ عدة ثوان حتى ظهرت شابة ربما بعمر السابعة عشرة تمتلك خُصلات بلون السماء المُظلمة ، و عيناها ذات لون الشوكلاة التي من الواضح أنها ورثتها من الجالس على مقعده !

ملامحها كانت ناعمة و لطيفة للغاية بيننا تنطق بمرح :" مهلك علي أبي ! لا داعي للغضب حقاً على ابنتك اللطيفة و تفضل هيا لننطلق "

تنهد الأب بِقلة حيلة قبل أن تظهر مرأة بمنتصف عقدها الرابع أو نهايته ربما ؟ خُصلاتِها تشابهت مع خاصة الفتاة الشابة بينما أمتلكت عينان بلون الفِضة التي أشعرت كيفين فور رؤيتها بالكثير من الحنين !

مؤلم للغاية حقاً ، و وقفته و نظراته لم تخفى على رب تلك الأسرة الذي شعر بأنهم مُراقبين من طرف ما لذا حدق بالشاب الذي ينظر لهم ليحرك الكرسي خاصته نحوه !

نظرات الشاب كانت مُسالمة حقاً لكنه مازال خائفاً فهو يرتدي ثياب النبلاء و هم من يكرههم حقاً حد الموت ...

رغم هذا تحدث الرجل المُقعد فور وصوله إلى كيفين :" هل هناك ما يمكننا مساعدتك به ؟ "

المدعوة بهيلين تقدمت أيضاً منهم ليحدق والدها بها بِحدة بينما أُمها وقفت جوارها بقلق !

و كيفين نطق بنبرة هادئة رُغم الألم بنبرته :" لست هنا بسوء ! اسمي هو كيفين أنا تم تتويجي بالأمس كحاكم "

و شهقة صدرت من هيلين على الفور بتوتر بينما ازداد قلق الأب أكثر و هو ينطق بتهديد مبطن :" جلالتك ماذا تُريد منا إن لم يكن تواجدك بهذا الحي لغرض سيء ! أنا أُحذرك إن ... "

تشبثت الشابة بوالدها برعب تام ! هو يحاول تهديد الحاكم الذي جثى على ركبتيه وسط ذهول الثلاثة قبل أن ينطق بنبرة خافتة و بصره مُعلق بالأرض :" غداً بالقصر سيتم القيام بجنازة أظن أنه يفترض بكم التواجد بها ! "

و الحيرة باتت أكثر على وجوههم إلا أن كيفين رفع بصره يحدق بالوالد الذي بات اطول منه مع جلوسه على رُكبتيه يتابع بِحذر :" لم أتمنى أن أقابلكم حقاً بوضع كهذا بل طالما رغبت بإحضاره معي لكن القدر كان له رأي آخر ، إبنكم آندريه فقد حياته عند مُشاركته بمهمة القارة المُظلمة "

و الوجوه تبدلت الأم نبض قلبها بِعُنف شديد و ألم قاتل ، لازالت تذكر ذاك اليوم المشؤوم عندما إقتحم الجنود منزلها ، سلبوها فلذة كبدها رأته بينما يُجر و نظراته المرعوبة تحدق بها و بوالده باستنجاد !

شاهدتهم بينما يحاولون تثبيته بكل عُنف لمسح ذاكرته دون أي مُراعاة لِعُمره الصغير ... لا يمكنها نسيان إصابة زوجها الذي سببت بكونه عالق بهذا الكُرسي فقط لأنه أراد حماية ابنه من مصير مرعب و مجهول تماماً و نهايته ماذا ؟

الموت بِقارة مجهولة سمعوا عنها مئات الشائعات المُخيفة !

و الشابة أخفضت رأسها لتبكي بصمت رغم أنها ما رأته قط لكن الرعب حرفياً إحتل قلب الأم و ابنتها فور أن تردد صدى صوت تلك الصفعة التي هبطت على وجنة الحاكم ...

لا هو ما اكتفى بهذا بل صرخ بِقوة :" أرسلتموه لتلك القارة لتبقوا مُختبأين خلف أسواركم ! ثُم ماذا تأتي إلى هنا لإعلامنا أنه مات ؟ لما ؟ بعد أن سلبتموه منا و هو مجرد طفل ؟ بعد أن غادر هذه الحياة دون حتى أن يعرف أنه يمتلك أسرة كما بقية البشر ! بعد أن كَبر دون سند بل ربما بقسوة لما أنت هنا أيها اللعنة ؟! "

_ :" أبي أتوسل لك توقف ! "

كيفين بقي رأسه مُنخفضاً دون ردة فعل قبل أن ينهض من مكانه و هو يحدق بالسوار بألم ثم استدار ليغادر لكنه نطق قبلها :" هو لم يُرسل وحده ! لأن آندريه كان معي أنا منذ كنت طفلاً بالثالثة من العمر و لأنني من تطوع بالذهاب لتلك المهمة هو رافقني هذا فقط "

و رغم هدوء ردة فعله إلا أن الرعب ما اختفى من عيني هيلين فهل هو حقاً سيتجاهل تلك الصفعة ؟!

#### القارة المُظلمة ####

النهار مضى بشكل لطيف و سعيد حقاً ، الكثير من الضغوطات تم تناسيها عنوة وسط اللعب و الضحكات التي كانت تملئ الأرجاء حتى حرفياً تعب الجميع من هذا !

و يا له من تعب مُحبب للقلب حقاً ، بالنهاية تفرق الجميع لغُرفهم الخاصة للراحة و النوم ربما ...

إلا أن كات رفقة آلكس و جيسي مع جيف و والدته توقفوا بداخل غرفة آلكس و قد تبدلت ملامحهم نوعاً ما للهدوء الصامت ...

و أول من تحدث كانت كات التي تقدمت تجبر جيسي للإنحناء ربما لتضع بجيب معطفه زجاجتين إحداهما احتوت سائل أزرق اللون و الآخر بلون البرتقال ثم هي همست بأذنه لتتسع عينا الحاكم بقوة ودهشة !

بل ربما لوهلة هو لم يعلم ما يجدر به قوله سوى أنه أخفض رأسه قبل أن يحتضنها بقوة شديدة يهمس :" أعدك ! ما دُمت أنا حي لن يتكرر شيء كهذا كات ، و أسرتك ستكون سعيدة و بخير أُقسم بهذا "

هو اختتم كلماته قبل أن يغادر الغرفة بينما صدره ينتشر به الألم و بقوة مُغادراً للسطح فقط !

و قبل أن ينطق أحد آخر ابتسمت الطفلة بمرح :" و أنتما ألن تذهبا للنوم ؟! ليلة سعيدة لكما "

أجل هي طردتهما بهدوء فلا رغبة لها بالحديث مع أحد أو لا هي ما أرادت رؤية أي وجه حزين حقاً ..

و حقا جيف غادر رفقة والدته التي فور أن وصلت لغرفتها حتى بدأت بالبكاء و ابنها أحاطها بهدوء تام و ألم أحاط كافة ملامحه ..

و بِالعودة لتلك الغُرفة التي أحاطها الصمت جلست كات أمام آلكس الذي كان يبتسم لها بنوع من التشجيع و هي بادلته الابتسامة بواحدة واسعة رُغم أنها حقاً تشعر بالذنب لأنها تخدعه الآن ..

الخُطة كانت أن عليها بعثرت قواها كُلها حتى آخر ذرة منها و بهذا ستختفي هي و جسدها عن الوجود لن يُبت أي شيء آخر بهذا الكون أنها كانت على قيد الحياة يوماً , لكن كُل هذا ما كان يهمها بل ربما جزء منها سعيد لأنه و لحصول هذا هي ستتمكن من إعادة البسمة للكثيرين حقاً !

فقط جزء منها يشعر بالألم التام لأجل شخص واحد لا أكثر , شقيقها الذي قرر مشاركتها ذات المصير و الإندثار معها هو بالفعل سيستهلك كافة طاقته معها أن ما تنوي فعله أكبر من طاقتها وحدها لكن و بفضل تواجده هنا أيضاً هو سيموت و هي لا ! لذا آخر مهمة لها ستكون إنقاذه هو ...

ستجبره على العيش و هو ما لا يرغب الأكبر به ! , لكنها لا تفعل هذا فقط لأجل الجميع بل حقاً هي راغبة بأن لا يموت دون أن يعيش حياة طبيعية و لطيفة !

لم يتحدث أي من الشقيقان بل إن هالتهما بدأت بالخروج بشكل مُهيب حقاً , أول ما بدأ كلاهما بفعله كان التمتمة بكلمات سحرية لتنطلق هالتهما بشكل أقوى و أكبر تمتص شيء من حياتهما حتى ! و كيف لا و أول ما سيفعلانه هو تحويل الهجناء لأشخاص طبيعين بالكامل ؟

أجل سيعبثان بقوة البقية حتى يصبح كل من رفاقهم مُنتمياً لقبيلة واحدة فقط و ما سيحدد هذا هي الجينات السائدة لديهم ! أي مثلاً نسبة كون سيلفر من الجان هي واحد و ثلاثين بينما تسعة و ستين منها تعود لكونه من قبيلة الشياطين إذاً هو سيتم إمتصاص جينات قبيلة الجان بشكل كُلي من جسده ليصبح فرداً طبيعياً من الشياطين ...

و حقاً كل هذا لن يشعرهم بالألم أبداً كون أن الطاقة التحويل و كل أضراره تعود إلى مُنشئ هذه التعويذة المُرعبة و مُطلقها و هُما كات و آلكس , و بهذا فإن أي منهم لم يشعر بتلك الليلة حتى بما يحدث حوله مُطلقاً , فهالة الشقيقان تم إخفائها أيضاً بحاجز سحري !

و ما إن إنتهى كلاهما من هذا بعد ما يقارب الساعة الكاملة كانت طاقتهما حقاً قد بدأت تتلاشى فهذا صعب و يستهلك الكثير من القوة و الصحة , كلاهما أخذ عدة أنفاس مُرهقة بينما أشاح آلكس بوجهه عن شقيقته التي شحب لونها بنوع من الحزن ...

و هي ابتسمت له بمرح :" لازال أمامنا مهمة أخرى أخي ليس وقت النوم ! "

أعاد بصره مُحدقاً بها بإعجاب و تعجب حقيقي , هي حقاً قوية بل أقوى منه حتى ! لكنه ما نطق و لو بحرف واحد بل فقط عاد لإطلاق هالته كما فعلت هي ...

و هذه المُهمة كانت الشيء الذي انضم جيفيري إليهم بسببها حقاً ! فباليوم الذي قرر به ترك رفاقه كانت كاترين قد وقفت أمامه تُمسك بالسوار الذي بيده لتنطق بنوع من التعجب :" هو دافئ ! لماذا تنام الفتاة بداخل السوار ؟! "

أجل كات إكتشفت يومها أن السوار عندما يسحب الجثة فهو يفعل ذلك فور توقف آخر نبضة دون تمهل و يحافظ عليها حتى عندما تخرج من السوار سيكون من الممكن محاولة إنعاش الجسد و إعادة نبضه كما لو أنه توقف تواً لكن و بكل بساطة أي من رفاقهم لم يمت بشكل طبيعي لذا و فور إخراجهم من السوار لن يكون بإمكانهم إنقاذهم حقاً ...

لكن الآن هُما سيتوليان هذا الأمر أيضاً بكل هدوء حيث باللحظة التي بدأت بها تلك التمتمات بالخروج من أفواههم مع الهالة المُخيفة المُرافقة لها تحركت كل الأسوار الموضوعة بأيدي كافة من يحملونها لترتفع إلى الأعلى ! ...

*************

بالغرفة التي كان جيفيري جالساً بها يحدق من النافذة بينما أفكاره كما الأمواج تارة تكون ثائرة و مُرتفعة و بأخرى تصبح هادئة !

عيناه أظهرتا الكثير من الألم و الحُزن ، هو و مُنذ إنضمامه لهم حاول رفقة أمه إيجاد أي حل آخر لا يُنهي حياة الطفلة لكن إنقاذ الجميع بدى بعيد المنال !

فقط كيف يمكنهم عدم السماح لأي شخص من تكرار هذا ؟؟

هو أغلق النافذة بنية الجلوس على فراشه إلا أن عيناه اتسعت فجأة عندما قُطع ذاك السوار الذي يلف معصمه ثم تفتت كل البلورات التي به إلا واحدة ارتفعت للأعلى ليبدأ ضوء شديد بالظهور منها ...

ضوء أجبره على إغماض عيناه ! و أُذنيه التقطت صوت أشبه بنبضات القلب جعلته يشهق بلهفة ليبدأ بمحاولة فتحه لعيناه ...

لوهلة هو كان عاجزاً عن الحديث حتى ! حيث كان جسد كلير مُعلقاً بالهواء بهيئة الاستلقاء بينما الدماء المُنسابة منها كانت تقل نسبياً و الجرح الذي كان كبيراً و واضحاً تم إغلاقه ببطء و بعدها بدأ جسدها ينخفض حيث أسرع هو للإمساك بها قبل أن ترتطم بالأرض ...

و لعدة دقائق هو ما فعل أي شيء سوى تأمل تلك الأنفاس التي تصدرها مُشيرة إلى كونها على قيد الحياة حقاً !

و الآن مشاعره باتت مُختلطة بالكامل لكنه همس بنبرة خافتة :" شكراً لك كات و أتمنى أن يعيد هذا لك ابتسامتك أميري "

*******

#### قارة ليموريا ####

الليل كان قد انتصف حيث ما عاد هناك الكثير ممن لازال يسير بالشوارع !

لكن هو و النوم لم يعد أي منهما يعرف الآخر حقاً و بقائه بمنزله المهجور و الشبه مُحطم بات يُشعره بالكثير من الإختناق لذا السير بالطرقات كان أحد الحلول التي وصل لها حقاً ...

بالطبع بعيداً عن أن شخص كآلبرت لن يخاف من مجموعة لصوص أو قُطاع طرق و غيرهم فهو لازال ضمن أحياء الأُسر النبيلة و الثرية أي أنه من الآمن و للغاية السير حتى بمثل هذه الأوقات المُتأخرة فالدوريات دائماً ما تتواجد بشكل كثيف للعمل على راحة هؤلاء الأثرياء المُختليين عقلياً ..

تنهد بينما يضع يده على وجنته يستند عند سور ضخم بُني كحاجز يفصلهم عن البحر أمامهم :" حرفياً ألست أنا أحد الأثرياء المَختليين عقلياً ؟ بالطبع هذا إن تجاهلت أن جلالته قام برهن كل أموالي ! "

قلب عيناه بملل تام حينها جدياً والد ليون يكرهه بشدة كما لو كان قد قتل أحد أهم أصدقائه ! ، ابتسامة ساخرة ارتسمت على شفتيه فهو لم يكن مُهتماً حقاً لا به و لا بأسرته حتى قرر ليون أن يتعرف عليه ...

_ :" إذاً هو يعتبر أنني سرقت ابنه منه ؟ جدياً ما علاقتي أنا بشجار ليون معه لو كان أباً صالحاً لوجد حل آخر سوى طرد ابنه بكل تلك الحماقة "

تنهد بعدها بذات الملل قبل أن تتسع عيناه فور أن نطق شخص ما من خلفه :" لو كان أب صالح ؟! بِجدية لا أستطيع لوم الحاكم رغم أنني أُخالفه الرأي قليلاً لكن ... "

و مُقلتي آلبرت ما عادت ظاهرة بسبب خصلاته الداكنة التي غطتها ! ، وقفته تبدلت بالكامل إذا اعتدل بها و يداه أمسكت بالسور بكل قوة ؟ و لوهلة هو لعن ذاته على فكرة الخروج من المنزل حتى ...

بينما الرجل خلفه و الذي امتلك خصلات باللون الأشقر الباهت تقدم للوقوف بجواره تماماً بينما بيده كان يمسك سيجارة ذات ثمن باهظ حقاً :" أُخالفه الرأي لأنك أنقذ ابنتي قبل سنوات طويلة ، و لأنني بحد ذاتي ما استطعت تصديق أن والدتك قامت بخيانة والدك فكم من حفل رأيتها به ؟ لا بل كم عمل مشترك قُمنا به معاً ؟ هي كانت لا ترى أي رجل اخر سوى والدك ! "

تنهد بينما يميل بجسده للأمام يُتابع :" رغم هذا بكل مرة كانت ريبيكا تأتي و تخبرني أنها قطعاً ستجعلك تأتي لخطبتها و أنه علي الموافقة عنوة وقتها كنت أتمنى حقاً أن تختفي عن الوجود ! "

قطب آلبرت حاجبيه دون أي ردة فعل حقاً حيث بقي على ذات وضعيته لذا أكمل الآخر بهدوء :" لكن أنظر هي قررت أن تختفي لتبقى أنت و هنا أجد نفسي أتمنى لو أن ما قالته هو ما حدث ! ليتك أتيت لي طالباً إياها لتكون زوجتك على أن ترحل للأبد هكذا ، أنا حقاً لا أكرهك مُطلقاً لكنني فقط كنت والد يخشى على ابنته "

هو تنهد بعدها قبل أن يضع يده على كتف آلبرت :" بأي حال إن احتجت لأي مُساعدة فأنت يمكنك القدوم لي متى ما رغبت ... بُني ! "

أنهى عِبارته تلك ليستدير مُغادراً بينما صدرت شهقة بدت كما لو أنها خرجت من أعمق نقطة بصدر الأصغر الذي وضع إحدى يداه على فمه و الأخرى على قلبه !!

و بِذات المملكة بالأحياء البعيدة حيث بدأت المنازل الفخمة تختفي لتبقى تلك المنازل المتوسطة و الفقيرة حيث بإحداها كان يشع منها ضوء قوي للغاية أجبر ذاك النائم على أن يصحو بانزعاج تام بينما يتمتم و هو يفرك عيناه :" فقط ليذهب مخترع هذه الأضواء للجحيم ! أو حتى ليته يتحول لسيف صدأ بلا فائدة مُلقى بمنتصف المحي...ط "

كلمته الأخيرة اختتمها بشهقة خافتة بينما وقف من فراشه و وجهه قد سُحبت منه الدماء !

أهو يحلم ؟! لا أهناك أي خيار آخر أساساً ؟! أو أنه قد جُن أخيراً ؟ حيث و إن هو لا يهلوس حقاً فجسد ريبيكا كان طافياً بالهواء بينما الدماء التي تنساب من صدرها الذي تم شقه بمخالبها هي بدأ يتوقف كما لو كان هنالك من يعالجه !

ثم الجرح بدأ يلتئم و نبضات قلبها كان أمر يمكن سماعه و فور حدوث ذلك مُقلتيها ذات لون الذهب قد فتحتا لتبدوا الصدمة على مُحياها بينما هالة باللون الذهبي قد أحاطت بها حتى باتت واقفة على قدميها تحدق بما حولها بالكثير من الحيرة و عدم الفهم ...

ثم عيناها وقعت على ذلك الذي بقي واقفاً كتمثال :" نيرو .. "

#### قارة نوفوبانجيا ####

التعب و الشحوب كان ظاهراً على ملامح الشاب ذو السابعة عشرة من العُمر ، حياته انقلبت بشكل كامل بعد تلك المُهمة حقاً ...

هو بشكل رسمي تم ترقيته بالجيش رغم أن هذا عادة ممنوع كونه لازال صغيراً ! أي فقط يتم قبوله و يعمل ضمن مهام بسيطة لا أكثر ...

لكن و لكونه عاد من تلك المُهمة على قيد الحياة ، لا بل ربما لأنه كتم كل المعلومات التي لديه ببساطة و لم يفضح حاكمه حدث إستثناء لأجله ؟

فقط هو ما قصد حماية الحاكم و لا ذلك الوغد والد رفيقاه بل أراد فحسب حماية زاك و آيزاك ، لذا أن يسمع أنهما مع والدهما قد اختفيا فهذا يُشعره أنه قد تم خِداعه بكل قسوة ! ...

لا بل ما هو المصير الذي انتهى به صديقه و توأمه ؟؟ هذا يُرعبه بل يجعله عاجزاً عن تناول الطعام حتى ، آيزاك بالكاد عاد ليبتسم أو يضحك فهل سيتم سلبه توأمه و ضحكاته مُجدداً ؟!

أغلق عيناه بينما يضم جسده بيداه فهو كان جالساً بمنزله و قد عاد تواً من مهمة لحراسة الحدود ، لم يستبدل ثيابه و ما تناول طعامه ...

بل فقط جلس بإحدى زوايا المنزل على الأرض بكل هدوء و صمت !!

إلا أن ذاك السكون تم اختراقه عندما ارتفعت السوار من يده ليظهر ضوء ساطع بالأرجاء ثم جسد نيو الذي بدى كما لو أنه يتم علاج جسده المُتضرر من تلك التعويذة !

عيناه ذات لون السماء بدأت بالتفتح مع بدأ عودة وعيه للعمل ببطء تام حيث لوهلة ربما هو ما تذكر من يكون و لا أين هو !؟....

السكون كان كل ما يفكر به لكن شيئاً فشيئاً بدأت ذكرياته بالعودة تزامناً مع هبوط جسده أرضاً ، هو اتسعت عيناه بشدة يرفع كِلتا يداه مُحدقاً بهما ثم وجه بصره لإيكاري الذي كان قد وقف من الصدمة دون أن ينطق بحرف ....

حدق كُل منهما بالآخر عدة دقائق ربما قبل أن ينطق نيو :" ماذا يحدث ؟ "

و الأصغر شهق فور أن نطق من أمامه لينطق بنوع من الصخب :" أأنت حقيقي ؟ أعني على قيد الحياة حقاً ؟ لكن كيف ؟ نيو أأنت بخير ؟ "

و بنهاية جملته كان قد اخترق المسافة التي تفصل بينهما ليقف أمامه مُباشرة يضع كِلتا يداه على كتفي الأكبر يتأكد من كونه ليس وهماً !؟

في النهاية اليوم فقط والده قدم إليه مُخبراً إياه أنه يود منه ان يسلمه جثة ابنه لدفنه ؟

و هو كان ينوي التوجه له قبل خروجه غداً للحراسة و الآن هو يشعر بأنه يكاد يُحلق حقاً من السعادة !

نيو حدق بملامح إيكاري بتمعن قبل أن ينطق بنوع من السكون :" لا أعلم ما حدث ! و لا كيف أنا واقف هنا الآن لكن أثق أنك من يبدوا كشبح لا أنا إيكاري "

و مع نطقه لهذه الجملة أخفض الأصغر رأسه ليلقي بنفسه بين أحضان الأكبر فهو الآن استعاد أحد أفراد أسرته و قطعاً سيساعده للبحث عن البقية صحيح ؟!

#### قارة لورفانيا ####

الدموع كانت تنهمر من مُقلتيها و هي تجد نفسها عاجزة عن مُساعدة مُعلمها و من أنقذ حياتها !

لازال رافضاً لتناول الطعام و جسده يزداد ضعفاً ! و مهما حاولت الحديث معه يُشيح بِوجهه عنها و مرة فقط نطق بأنه إما بقائه هو حياً أو بدأ ثورة تقضي على الحاكم و كل من يساعده ...

أي هو فقط يتسبب بمقتل نفسه لحفظ السلام بالمملكة التي ما عاد هو موافقاً على العيش تحت قوانينها و هذا الذي يحاول الحفاظ عليه هو فقط لأنه ما أراد إفساد ما دافع آرثر عنه دائماٌ ألا و هو السلام !

الآن أنفاس الأكبر كانت مسموعة بينما صدره يعلو و يهبط ، حرارته كانت مرتفعة بشكل مُخيف و جسده ضعف حقاً فهو مليء بالجروح من التعذيب الذي تلقاه و سيده لا يرفض مُساعدته على المقاومة بمنحه الغداء المناسب ....

لذا شهقات بكائها كانت مسموعة أيضاً لكن ليس لذلك الغائب عن الوعي !

هي بقيت تحاول خفض حرارته دون يأس حتى التمع السوار الذي بيده مُظهراً جسد آرثر النازف من كل الجهات ! ...

و هذا دفعها بلا إرادة لوضع يديها على فمها فهي لم تعلم كيف قتل أكبرهم حقاً لكن جسده الآن يخبرها بالطريقة الوحشية التي اتُبعت بإعدامه ...

عضت على شفتيها بألم أكبر إلا أن لاحظت أخيراً أن تلك الجروح المنتشرة هنا و هناك تلتئم بشكل طفيف بينما تحيطه هالة قوية ما ...

و مع كل تحسن كان يمكنها الشعور بهالته تزداد حتى فتح مُقلتيه و وقف على قدميه بمنتصف الغرفة .. ! ..

هو فقط بقي يرمش بخفة بينما يحدق حوله بحيرة قبل أن تتسع عيناه لمظهر آرون ، هو تناسى وقتها كل شيء حرفياً و أسرع لرفيق طفولته يحتضنه بقوة و قلق :" فقط ماذا حدث له ؟ "

شيء من الراحة تسلل لقلب ميلينا و هي تراه أمامها ! لا تعلم كيف و ليست مُهتمة بهذا حتى لكنها تدرك شيء واحد فقط و هو أن من أمامها الآن هو الوحيد الذي يُمكنه انقاذ معلمها لذا هرعت إلى جواره تخبره بما حدث مُذ لحظة موته ؟

#### قارة كلاهاريا ####

عيناه الخضراوتين كانتا قد ثُبتتا على إحدى الأوراق بين يداه بشرود مُطلق !

هو و مُنذ عودته من منزل أسرة آندريه لم يكن على طبيعته ، أجل ألا يحق لهم الغضب منه ؟ كرهه و الحقد عليه حتى كونه الشخص الذي خطف ابنهم منهم ...

أجل لم يفعلها شخصياً لكنه كان سيده طوال هذه السنوات ، نهض من موقعه و سار ليقف أمام المرآة و كون الوقت قد تجاوز منتصف الليل فهو كان بغرفته الخاصة ...

يده اليمنى رفعها ليضعها على خده الذي لازال يؤلمه ! و حقاً هو متورم ، ذاك الرجل قوي رغم أنه مقعد أو ربما هو أخرج كافة قواه الخائرة كأب اعترف بهزيمته ...

و فقط دموعه حقاً تأبى التوقف ، آندريه كان يستحق أن يتعرف عليه ، أن يدرك وجود رجل فقد قدميه و كان بل لازال مُستعداً ليفقد حياته كلها لأجله ..

أُم كانت حية على أمل لقائه ، و أخت صغيرة لطيفة ، أسرته إستحقت أن يقابلوا ابنهم المحبوب أيضاً و يروا ابتسامته الدافئة كقلوبهم !

لكنه أقحمه بمهمة سخيفة كتلك أدت لموته قبل كل هذا ، كان خائفاً من اختيار اندريه العيش معهم و تركه جانبهم !

كم مرة راقبهم هو بها ؟! و بكل مرة كان يخاف حقاً أن يتعلق الأكبر قلبه بالعيش رفقتهم بذلك المنزل الدافئ و يتركه وحده بهذا القصر البارد ...

لكن كم مرة سيتمنى لو أنه ارسله لهم بيداه ؟ ليته كان هناك بينهم يضحك و يبتسم بسعادة و دفئ ! لما كان عليه أن يكون بهذه الأنانية ؟ بما يختلف هو عن والده ؟

ألا يُعد ما فعله خيانة ؟! و هو من كان يراه يتوق لمعرفتهم ...

قلبه ينبض بالندم و الألم لدرجة قاتلة حقاً تجعله يتمنى الموت بها ببساطة !

و كما حدث مع البقية هو قطب حاجبيه بعدم فهم فور توهج السوار بيده .. لكن دموعه توقفت عنوة و شهق فور رؤيته لتلك الجثة تطفو بالهواء ...

لكن لا ! هو يمكنه الشعور بهالة آندريه و لو بشكل طفيف ألا يعني هذا أنه حي ؟!

_ :" آندريه ! "

هو هتف بها بلهفة بينما رفع يده للأعلى و كأنه يود لمسه ، و الأكبر فتح مُقلتيه ذات لون الفضة ليبدأ جسده بالهبوط أرضاً !

رمش عدة مرات بينما ينظر حوله ، ألم يمت ؟ هو يذكر تماماً ذاك الألم الذي كان يحيط بقلبه لكنه الآن إختفى و ....

توقفت أفكاره كلها عنوة عندما شعر بجسد كيفين يحيطه بعناق قوي للغاية ، ذلك أجبره على التحديق بجسد سيده بتردد ثم هو أحاطه بيداه بكل لطف !

تمكن من سماع صوت شهقات مكتومة لذا عبس بينما يشد على عناقه :" أنا عدت سيدي ! بطريقة لا اعرفها لكن أنا هنا الآن لأجلك ... "

#### القارة المُظلمة ####

طاقة كِلا الأخوين كانت قد انتهت تقريباً الدماء كانت تتدفق من فم كِلاهما إلا أن هالة آلكس كانت قد بدأت بالتلاشي ، و هنا ابتسامة طفيفة ارتسمت على شفتي الصغيرة التي نطقت بشيء من التعب :" أخي آل ، آسفة حقاً لكن لن أسمح لك بمُرافقتي الآن ! أنت و لأجلي أنا ستعيش ، عليك أن تكون سعيداً و تبتسم و تتزوج حتى و عندما تصبح لديك ابنة ستقوم بتسميتها كاترين موافق ؟! "

شهقة خافتة بالكاد كانت مسموعة صدرت منه بينما يُغلق عيناه يهمس برجاء ضعيف :" لا تفعلي ، أتوسل لكِ كات ! "

هي نهضت رغم صعوبة حركتها لتجلس قربه تحتضن رأسه بين يداها الصغيرة :" أنا أُحبك حقاً أخي آلكس لذا بجدية ليس عليك الموت هكذا دون أن تعيش حياتك بعد ما فعله والدانا بك ! أرجوك لا تكرهني و سامحني لكن أرغب من أعماق قلبي أن تكون سعيداً "

كلماتها كانت مُتزامنة مع إطلاقها لآخر ما تبقى من هالتها ، و هو ما جعل آلكس يتشبث بها بقوة بينما ينطق بألم :" لا ، أنا فقط لا أستطيع ! و لن يمكنني أن أكرهك مُطلقاً كات لكنه ليس عدلاً أن أتمكن من الاستمرار و عيش هذه الحياة بينما أنتِ لا ! "

أغلقت عيناها عندما بدأت دموعها تنهمر :" أنت ولدت بشكل طبيعي تماماً ! لكنني لم أكن كذلك ثم يمكنك إعتباري ملاكك الحارس صحيح ؟ و كأنني وجدت فقط لأنقذك أنت "

كلماتها الأخيرة رغم خيط المرح المتواجد بها إلا أن الألم الجسدي و النفسي قد طغى عليها حقاً ، بالنهاية هي طفلة و لو كان يمكنها لرغبت بالعيش و اللعب مع الجميع لكن ...

هي تهديد للجميع حتى لمن تحبهم و يمكنها إنقاذهم و جعلهم يعيشون حياة طبيعية إذاً لتفعل هذا بدلاً من أن تموت ببساطة دون أي عمل جيد تقوم به ... !

جسدها بدأ يختفي و يتلاشى تماماً كهالتها عندما عاد جسد آلكس أولاً بصحة جيدة ثم خُصلاته التي كانت فضية عادت لتصبح باللون الأزرق كما كان بطفولته تماماً كما مُقلتيه التي كانت بذات اللون ...

_ :" أنت وسيم للغاية ! أخي أنا سيصبح الأكثر وسامة بمملكة المتحولين "

و دموعه انهمرت بقوة لاسيما عندما تلاشى صوتها تدريجياً رفقة جسدها ليشهق بطريقة توحي أنه حرفياً يكاد يحتضر !

طاقتها التي تلاشت جذبت انتباه الجميع فجأة لينهضوا من أماكنهم بفزع حقيقي لكنهم فقط توقفوا بمنتصف الممر المؤدي لغرفتها عند مُشاهدتهم لبعضهم البعض !

سيلفر كانت خُصلاته قد تحولت من الفضي للون البُن المحروق بينما حافظت مقلتيه على وهج الذهب بهما ، كولين و كايلي خُصلاتهما تلونت بالأحمر القاني تماماً كما حافظت أعينهما على لون الكرز الدموي ...

كلاي خُصلاته الشقراء ما تغيرت إلا أن عيناه الدموية كانت قد انقلبت لأخرى بلون العسل الصافي .. بينما التوأم لم يتغير أي شيء بمظهرهما لكن زاك هالته ما عادت تلك الهالة الضعيفة بسبب المرض بل بدى كما لو أنه جان كامل بلا أي أمراض ، و آيزاك كذلك بات ينتمي لقبيلة الجان فقط ! ...

تلك التغييرات جعلتهم فجأة يدركون حقيقة ما حدث ، طلب كات منهم للعب دون توقف ، كايلي دموعها انهمرت لتضع يدها على فمها بينما جلس سيلفر على الأرضية و دموعه انهمرت بصمت و ألم !

تلك الطفلة هو من اعتنى بها منذ قابلها و آلكس لأول مرة ! كم سهر لقراءة القصص لها ؟ لجعلها تبتسم رغم الألم ؟ كم أخبرها أنه لابد لها أن تتفائل و حينها ستحدث المعجزة ؟

لكنها هي بحد ذاتها كانت المُعجزة ! كولين احتضن شقيقته بقوة محاولاً التخفيف عنها ...

و كلاي فقط ركض حتى وصل لغرفة آلكس ثم هو احتضنه بقوة تامة يبكي بين يداه و معه ، لم يكن يدرك كيف يفترض به مواساته إلا بهذه الطريقة ، هو فقد شقيقه من قبل و يعلم كيف يؤلمه الأمر !

زاك دموعه انهمرت حقاً فتلك الطفلة هل تستحق نهاية كتلك ؟! بينما أشاح آيزاك ببصره بعيداً و عيناه قد توارت أجفانه التي سمحت لعدة قطرات بالهرب ...

جيفيري كان يجلس بغرفته بينما دموعه كانت تنهمر و بجواره وقفت كلير عاجزة عن التدخل ! فمن بجوارها شرح لها كل شيء وقع منذ موتها أو إصابتها تلك حتى اللحظة و حقاً و دون أن تدرك عيناها كانت تذرف الدموع ..

هي ما قابلتها قط لكنها انقذت حياتها و حياة الجميع ، لم تقل أن هؤلاء الأشخاص يكرهوننا لذا علي أن أتركهم بل قررت إنقاذ الجميع بلا استثناء لذا ألا تستحق ؟!

و بالسطح بالأعلى كان جسده مُستلقياً على الأرض الباردة بينما الرياح كانت تعبث بِخُصلاته الداكنة و ثيابه !

إحدى يداه غطت يداه عيناه بالكامل حيث أراحها على مُقلتيه بينما سمح لأفكاره بأن تعصف به و صور تلك الصغيرة و حديثها كان يظهر امامه واحداً تلو الآخر !

_ :" أنت هو حاكم مملكة مصاصي الدماء ! اسمي هو كاترين و أتيت اليوم فقط لأُلقي التحية لك ، الجميع يقول أنك شخص مذهل ! "

هي انهت جملتها تلك ثم اختفت يومها و هذه كانت أول مرة يراها بِحياته بذلك الكهف بعد بدأ المهمة بفترة وجيزة و للحق هو أدرك مُذ تلك اللحظة أن هذه المعركة لن تنتهي بطريقة جيدة مُطلقاً ثم رآها مُجدداً عندما تدخلت لإنقاذ ريك و ريكايل حيث طلبت من العنقاء أن تمنح ريك دموعها لعلاج ريكايل ...

حينها ازداد شعوره السيء ، و حقاً بدأ يتحقق ذلك فعندما رآها للمرة الثالثة بعد أن انفصل عن فرقته هي كانت تبكي !

و انحنت له فور رؤيته يصحو لتنطق سريعاً :" أتوسل لك أحتاج لمساعدتك ! الجميع يتألم ، ليس انتم فقط بل و نحن أيضاً أقسم لك لذا أنت شخص جيد و ساعدت حتى زاك و آيزاك رغم انهما مثلنا لذا أرجوك "

هي مسحت دموعها و حاولت إعادة الثبات لصوتها الباكي :" جميعهم أُسرتي و أنا علي الموت ! لكن أريدك أن تكون هناك ، كُن لهم كالأخ الأكبر و أوصل فكرتي لأمي و الكس ! أريد الموت بسبيل حياتهم لن يستمع أحد لي لكن أنت يمكنك لذا أرجوك لا تخذلني أعلم أنه يجب علي الموت و أنني غلطة لكن لما عليهم الموت معي ؟ سأنقذهم جميعاً حتى رفيقاك التوأم "

و فقط كيف كان له ان يرفض ؟ لا بل كيف وافق ؟ أحقاً اتخذ القرار الصحيح ؟ أجل فعل هو واثق من هذا تماماً لكن هذا لا يخمد سيل الألم بجسده ...

ذاكرته عادت لتعرض عليه آخر كلماتها له بالأسفل عندما اعطته تلك الزجاجتين :" تفضل هذه ! هي لصديقك الحزين الذي يوجد بجسده سم ! الأولى ستزيل السم منه و الثانية يمكنها أن تمحو كونه بات مصاص دماء و ستعيده لبشري كامل ، لقد قلت لنجعل الجميع سعيد و هو ليس استثناءاً "

عض على شفتيه بقوة بينما لم يغير من وضعيته و لو بمقدار ذرة صغيرة إلا أن هناك قطرات كانت تنساب بحرية على وجنتيه دون رادع بينما مُقلتيه بقيت مُختبئة خلف ساعد يده ..

هو حقاً ما شعر بمثل هذا منذ سنوات طويلة ، أن تجتاحه تلك الرغبة بالصراخ أو تمزيق قلبه لكنه فقط كالعادة سيتمكن من العمل بشكل أكبر و أفضل لرد و لو القليل من دين هذه الصغيرة حقاً ...

##### قارة أوقيانوسيا #####

اسبوع كامل مضى على حادثة عودة كُل من كانوا يظنون أنهم أموات بتلك الاساور للحياة !

الخبر انتشر بكل مكان حقاً إلا ان البعض ما كان يصدق هذا بل اعتقدوا انها مجرد لعبة أو خُرافة ...

و بهذه المملكة تحديداً بقصر الحاكم الكثير من الهدوء كان يخيم على قاطنيه ، لم يكن أي منهم ينطق بحرف بل كان كُل من الحاكم و ابنه يغرقان بالعمل و هذا ما فعله المستشار أيضاً ...

أسبوع كامل و هم ينتظرون بصمت مُطلق ربما ؟! و حتى الحاكمة كانت تجلس بالمكتب بصمت لئلا تزعجهم و بذات الوقت لتتواجد إن عادت صغيرتها لها ؟

ثُم زوجها وعدها بأخذها لرؤية ريكايل ! و فقط حينها ستكون الأكثر سعادة ... !

و ذلك الهدوء و الصمت تم قطعه بدخول غير رسمي و لا روتيني بينما ينطق الداخل بكل هدوء :" حقاً لم أكن أتخيل أن جلوسك قرب والدك سيجعلك بهذا الهدوء أيها الطفل ! "

و عينا ريك اتسعت ليقف من مكانه فجأة كمن لسعته كهرباء بينما ابتسامة بسيطة ارتسمت على وجه الحاكم الذي نطق :" أهلا بعودتك جلالة الحاكم جيسي ! "..

و ابتسامة ساخرة ارتسمت على ريك :" آوه ، لا أعلم حقاً أعلي قول أهلاً بعودتك من الموت أم من تلك التمثيلية السيئة ! "

رفع الحاكم أحد حاجبيه بنوع من الاستنكار قبل أن يغمض عيناه :" فقط جدياً لما أنا مُحاط بكل هؤلاء الأطفال و متى أصبحت مسؤولاً عنهم جميعاً ؟ "

كلماته هذه جعلت ملامح لئيمة ترتسم على وجه ريك لكن كلمات جيسي التالية بدلت الأجواء بأسرها :" بأي حال أنا هنا أولاً للحصول على عهد بتبرأة كل من السيدة كيستون و ابنها ! "

و الصدمة بدأت تظهر بشكل كامل على ملامح الأربعة ليتقدم ريك منه بلا وعي حقاً ، رفيق طفولته و والدته هو لو كان الأمر بيده لرحب به أساساً بعد أن يلكمه قطعاً ..

بينما اتسعت عينا المُستشار قبل أن يُخفض رأسه دون أن يعلم بكيف يفترض به الشعور الآن ؟!

أهو سعيد ؟ حسناً بالطبع هو كذلك إن تمكنت أسرته من النجاة قطعاً سيشعر بها لكن لازال هناك شعور متناقض بأعماقه ، أهم أُسرته حقاً و قد تخلى كُل منهما عنه ؟

زوجة الحاكم بقيت تحدق بملامح الحاكم الضيف بالطبع يهمها أمر جيفيري و والدته لكن هنالك شيء آخر أكثر أهمية بالنسبة إليها حالياً فيفترض أن جيف يمتلك ذاك السوار الذي به ابنتها ؟ فإن عاد الجميع من ذاك السوار للحياة هل ابنتها عادت ؟

بالنهاية أكبر المتواجدين رسم ابتسامة خافتة بينما يحدق بخاصة جيس الواثقة :" تبدوا واثقاً جلالتك أن كلاهما بريء من أي جرائم تم نسبها لهما ! "

أومئ المعني له إيجاباً :" أكره الخونة و لو كانا كذلك لما أحضرتهما معي مطلقاً ! ثم بفضل جيف و والدته معي شخص ثالث ينتمي إلى هنا "

هو أغلق عيناه عندما أطلت كلير فجأة بمرح :" هل اشتقتم لي ؟! "

شهقة صدرت من الثلاثة حينها لتنطلق والدتها إليها و تضمها بقوة بينما دموعها كانت تنهمر ! و الشابة بادلتها العناق و قد تشبثت بها بقوة فهي و أخيراً عادت للمنزل !

و الحاكم تقدم ليحتضن كلتاهما ربما ؟ بينما بقي ريك يقف بعيداً ، لقد قُتلت أمامه ، مظهرها و هي مليئة بالدماء كان مؤلماً للغاية ..

ابتسامتها الأخيرة ؟ لا ، هو لديه فرصة ثانية ليحميها بشكل أفضل صحيح ؟ لقد عادت الآن و كل شيء سيكون بخير ! أوليس كذلك ؟

إذاً لما جسده يرفض الحركة ؟ شهق عندما شعر بيد جيس تبعثر خُصلاته بينما همس له :" جيفيري فقط علم أنه يمكن بإمكانه إنقاذها لذا هو غادر و ليس ليبحث عن والدته ! هو حافظ على وعده لك لكنه فحسب ما أراد منحك أمل قد لا يتحقق "

و دموع ريك انهمرت لحظتها عندما شعر بجسده يسقط أرضاً بِفعل قفز الصغرى عليه ربما !؟

_ :" إن لم تكن ستأتي للترحيب بعودتي سآتي أنا لك ! "

و هو إعتدل ليُحيطها بقوة شديدة :" آسف ! أقسم أنني كذلك "

لم يُعجبها حقاً اعتذاره لكن تُدرك تماماً أي نوع من المشاعر يمتلكها الأكبر لذا هي فقط أومأت له قبل أن تُساعده على الوقوف و حينها أشار جيس ليدخل كل من جيفيري و والدته و من فورهما ليجثوا كِلاهما على إحدى رُكبتيه !

و جيس فقط أخذ نظرة للحاكم الذي نطق بنبرة هادئة :" لينهض كِلاكُما الآن ، أهلاً بعودتكما للمملكة "

هذا جعله يومئ إيجاباً بينما ينطق :" تقرير ما حصل يمكنكم أخذه منهم الثلاثة و أيضاً بعض من الأمور التي سنعمل عليها بالمستقبل القريب معاً ! الآن علي الإنطلاق "

هو أنهى كلماته ليُغادر بِالفعل المكتب و بعد ثوان فقط غادر المستشار المكان بعد أن أخذ الإذن من حاكمه ...

ابتسامة بعدها ارتسمت على الحاكم لينطق :" و أنتما ! سيكون من الأفضل أن تتبعانه للحديث معه ، و يمكن لنا الحديث لاحقاً عن العمل اليوم ستكون الأسرة أولاً "

اختتم كلماته ليقترب من ابنيه و زوجته و هذا دفع جيف و أمه للنهوض و الانحناء مجدداً حيث غادرت الأخيرة إلى المكان التي تعتقد أنها ستجد زوجها به بينما تقدم جيف أولاً ليقف أمام أميره يحدق به بنظرات ساكنة تماماً ..

سيذهب خلف والداه قطعاً لكن أولاً سيده و رفيقه هذا ، لازال يذكر كيف منحه حق الاختيار و الرحيل عنه و توسل للبقية أن يسمحوا له بالذهاب رغم أنه سيشعر بالألم حقاً و الخيانة ..

و يومها ألم يعاهد نفسه أن يمضي أمر أميره به و ليس غيره .. ؟ ..

لذا هو أخفض رأسه ببساطة أمامه ، و ريك حدق به دون أي تعابير حقيقية ، لوهلة فكر حقاً بأن يلكمه بقوة على وجهه لكن جسده تحرك بعكس رغبته هذه و احتضنه فحسب ..

_ :" شكراً جزيلاً لعودتك أخي جيف بخير "

و أجل هذا كان كل ما أمكنه قوله بينما بادله الأكبر العِناق بعد برهة حاول بها استيعاب ردة فعل أميره حقاً ..

*****

بعد إيصال البشر لمملكتهم عادت العربتين للتحرك بالأولى حيث جلس آلكس على أحد المقاعد قرب تلك النافذة الصغيرة و بِجواره جلس جيسي و بعده سيلفر و مقابلاً لهم جلس كُل من كلاي ، كولين و كايلي !

بينما بالعربة الثانية تواجد بها توأم مارش الذين شاركوا جيف و كلير هذه العربة و الآن بات كلاهما وحدهما بها و ستقلهم لقبيلتهم فهما ليسا بحاجة لتواجد جيسي معهما حقاً !

و بالأولى كان الصمت يغرق العربة ، لا أحد كان يتحدث مع الآخر إلا نادراً ، لكن هذه المرة وجه كولين بصره لجيسي لينطق بنبرة خافتة :" و هل أنت واثق حقاً من إستقبالهم لنا ؟! "

و ابتسامة ساخرة مُعتادة ارتسمت وجه المعني بينما يجيبه :" أنت و شقيقتك بالذات تنتميان لمملكتي لذا أتسائل حقاٌ من سيعترض ! "

بصره انتقل بعدها لسيلفر الذي كان جالساً على بجواره بصمت ، فوجهتهم الحالية هي لقارة ليموريا لوضع سيلفر بها كونه بات ينتمي لها ..

أجل هو يثق أن ليون بأي حال قادر على دمج هذا الشاب معه فكلاهما من النوع الهادئ و الذي يُفضل التفكير ملياً قبل التهور !

مر على مُخيلته تصرفات آلبرت لينطق بسخرية :" إضافة سيلفر لتلك المملكة أمر مهم ! لا تقلق كثيراً فأنت ستجد العديد من المتهورين لتعتني بهم هناك أيضاً لعلك تخفف عن ليون عناء محاولة فعلها وحده "

و كلماته تلك جعل سيلفر ينظر له بهدوء قبل ان تمر على ذاكرته تلك المواقف التي رآها من خلف الشاشة حيث قام آلبرت بمحاولة إختراق الحاجز و لمسه بكل تهور مما أدى إلى تأذيه ، أو حتى تهوره بالمعارك ..

أمنيات نيرو الغريبة تلك و لكن لهفته اللطيفة لإنقاذ تلك التنانين الصغيرة المُصابة ، و حتى ريبيكا و محاولة ازعاجها لكل وسيم تراه !

و أجل رآى ذاك اليأس بعينا ليون للسيطرة عليهم لكن أحقاً سيقبلون به بينهم ؟! ثم أهو يُمكنه جدياً السيطرة عليهم مثلاً ؟! ..

#### قارة ليموريا ####

تبدل الأحوال هي واحدة من السِمات التي تمتاز بها هذه الحياة ، بتقلباتها و تموجها ما بين الألم و الصحة ، الحزن و السعادة ، الضحك و البكاء ..

لا شيء حقاً يدوم تماماً كما تلك الرسالة المُبطنة التي نتلقاها من الكون ، لا يوجد ليل أبدي بل ستشرق الشمس قطعاً و تعيد النور للأرجاء ...

و هذه هي الحالة التي كان يعيشها رفاقنا بهذه القارة ! ، ريبيكا عادت و هذا بطريقة ما جعل الأجواء مفعمة بالحياة من حولهم !

الأسبوع الذي مضى كان مليئاً بالمرح بالنسبة للأربعة الذين تشاركوا تلك المُهمة القاتلة ...

و اليوم هم إجتمعوا لدى الحاكم الذي رغب بوضع النقاط على الحروف ؟ إن كانت تلك القارة مليئة بالمهجنين فلابد من إجراءات يجب اتباعها حقاً و إلا من يضمن ألا تعود تلك الهجومات السابقة ؟!

لكن ذلك الاجتماع كان فقط عبارة عن الكثير من العبث بتواجد آلبرت و نيرو و حتى ريبيكا ، و رغم أن ليون ما شاركهم هذا إلا أنه كان ينظر لهم بابتسامة لا أكثر دون أي محاولة لإيقافهم عن العبث الذي لا داعي له ؟

بالنهاية آمال آلبرت وجهه ليصبح مقابلا لوجه ليون بشكل مباشر :" و الآن عزيزي ليون إلى متى ستستمر بالنظر إلينا كما لو كنت مجرد عجوز يراقب أحفاده بسعادة و فخر ؟! "

كلماته هذه دفعت ضحكة للهرب من ريبيكا بينما نطق نيرو بسخرية :" أنت حقاً لا تجيد إختيار أصدقائك عزيزي ليون ! "

و المعني قلب عيناه بنوع من الملل ! ، فبالنهاية أوليس هو من جمع نيرو مع آلبرت ؟ ثم هو لم يختر مُصادقة ريبيكا لكنها من أوجدت مكان ما لنفسها بينهم ...

الحاكم أغلق عيناه بنفاذ صبر و هو ينطق :" هل يُمكننا الحديث عن أمور أكثر أهمية الآن ؟ "

و آلبرت حدق به بملل حقيقي قبل أن يرمش و يفتح فمه بشكل بسيط كما البقية فهل يتخيلون أم أن هالة جيسي متواجدة الآن بقربهم ؟!

ابصارهم اتجهت للبوابة التي فتحت بينما ينطق أحد الحرس بهدوء :" حاكم مملكة مصاصي الدماء هُنا و بِرفقته فتى مجهول "

شيء من الحيرة طغى على ملامح ليون و البقية بينما نطقت ريبيكا باستمتاع مطلق :" فتى مجهول ؟! هل تظن أنه سيكون وسيم ما ؟ حسناً كونه رفقة جلالته فلن يكون له حضور مميز مع الأسف ! لا أحد قد يفوق هيبته بالنهاية "

و آلبرت حدق بها بِحاجب مرفوع بينما حدقت هي به بمعنى لا تحاول حتى !

لكن و قبل أن ينطق أي منهما أتى صوت الحاكم الضيف ينطق :" أهلاً بعودتك آنسة ليكتر أم علي قول بريسكوت ! "

آلبرت رمش بِنوع من الهدوء قبل أن ينطق بنبرة ما :" كيف تطلق عليها لقب بريسكوت و هي لا تتوقف عن مدح مئات الرجال يومياً "

شهقة صدرت من المعنية التي وقفت فوراً :" لحظة ! مستواي ليس هابط لهذه الدرجة لتقول مئات الرجال و الرحمة ! أنا لا اتحدث إلا عن معايير شديدة الصعوبة ، و أنت حفل خطوبتنا بات قريباً لذا من الطبيعي أن يطلق علي الآن لقب بريسكوت لا ليكتر ! "

ابتسمت بعدها بمرح لتنحني للحاكم الضيف :" و أهلاً بعودتك بسلام جلالتك ! "

حدق نيرو بها قبل ان ينظر لآلبرت :" حظك حرفياً أسوء من شخص تزوج من عجوز قبيحة ! لكن انظر للجانب الإيجابي يمكنها أن ترد بتهذيب و نبالة فجأة "

تنهد جيس بتعب فهو حقاً يود فقط الإنتهاء من كل هذا و العودة لغرفته لكن الطريق طويل حرفياً ...

كما أنه عليه مقابلة ويل أيضاً عند وصوله للمملكة خاصته و هذا يُمكن وضعه بكفة لوحده ...

لذا هو قطع تلك المُحادثة بينما ينطق :" بأي حال أنا هُنا الآن لأن هُنالك شخص أُريده أن يكون تحت عنايتك ليون ، هو شخص جيد كما أنه عاقل و قد يُساعدك بتنظيم هؤلاء الاطفال "

رغم نظرات نيرو الحانقة تجاه كلمة اطفال هذه إلا أن بصره كما البقية اتجه لسيلفر الذي خطى لداخل غرفة الاجتماع بخطوات هادئة للغاية ...

و الأمر احتاج لثلاث أو أربع دقائق من التحديق المتبادل قبل أن يشهق ليون بصدمة و يقف آلبرت بأعين مُتسعة بينما همس نيرو :" هذا جنون ! "

ريبيكا كانت قد احتفظت بصمتها تماماً بينما نطق حاكم هذه البلاد بشيء من الريبة :" هذا الشاب من هذه المملكة ؟ "

بصر جيس وجه له بينما ينطق بهدوء و ثقة :" هذا الفتى ابن أسرة بيرس التي توفي سيدها قبل عدة سنوات طويلة أثناء رحلته التجارية لمملكة الجان لكن ما لا يعلمه أحد أنه كان يُخفي ابنه هناك بمدرسة مُختلطة الأجناس للفتيان خشية إختطافه لأجل المال و بعد موت والده لم يعد الصغير يعلم ما عليه فعله حتى قابلته صدفة ، بالطبع يمكنك التأكد من هذا عبر فحص جيناته و مطابقتها بوالده الراحل فرغم مرور السنوات لا أظن أن منزله تم هدمه و لابد من وجود شيء أو بقايا منه لتقوم بالمطابقة "

حسناً مؤكد أنه يوجد ما يمكنهم المطابقة به و هذا أراحه للحق ! صدمة ليون و من معه بظهور هذا الشاب اخافته لكن إن قاموا بفحص جيناته سيطمأن أنه طبيعي ؟

_ :" ما اسمك يا فتى ؟! "

انحنى المعني لتنساب خُصلاته ذات لون البُن حول وجهه ناصع البياض :" بيرس سيلفر سيدي "

أومئ الحاكم له بينما ابتسم ليون أخيراً ليتقدم و يضع يده على كتف الشاب :" إذاً سيادته يرى أنه يمكنك مُساعدتي بفرض السيطرة على هؤلاء ! سيكون هذا عون كبير منك بالفعل "

كلماته جعلت سيلفر يبتلع رمقه بتوتر فهل هو قبل به ببساطة فقط ؟!

و قبل أن يستوعب هذا كانت ريبيكا قد نهضت لتقف بجوارهم :" أي أن هذا الوسيم سيُساعد بتجهيز حفل الخطبة ! "

رفع نيرو أحد حاجبيه بسخرية سريعاً :" و هل هو هنا للعمل كمنسق للحفل ؟ سيعمل بالجيش رفقة ليون و ليس مع إحدى شركات تنظيم الحفلات ! "

و هي تجهمت فورا تمسك بيد آلبرت تجره معها :" الواقع أنتم من سيجهز لنا الاحتفال ! و إلا ما فائدة الأصدقاء ؟ "

الضحكات كانت تزداد بطريقة ما بينما ابتسم سيلفر بخفة :" أظن أنني أمتلك فكرة عن التزيين و غيرها كنت أفعل هذا سابقاً لغايات اللعب ربما ؟ "

أجل لطالما أحبت كاترين تنسيق الأماكن و هو كان يجلس معها و يساعدها ؟! و كلماته هذه جعلت آلبرت يصفر بينما يمسك بيده :" مذهل للغاية ! إذاً سيد بيرس ستدعونا لمنزلك لنتحدث و لا تقلق نحن نعرف تماماً أين هو يقع "

لم يستطع سيلفر أن يعترض أو ينطق بحرف إلا أنه نظر لجيسي فقط و الأخير ابتسم له بابتسامة مطمئنة ، فهؤلاء تقبلوه تماماً و على الأغلب يودون طرح مئات الأسئلة عليه فحسب !

لكنه و قبل أن يلتف للرحيل هو أغلق عندما وصله سؤال الحاكم المتواجد :" فقط ماذا عن القارة المُظلمة ؟! و المهجنين ؟ "

_ :" مُهجنين ؟! هذا غريب لأنني كنت بالمُهمة شخصياً و لم أرى أي منهم ! هل حدث و صادف أي منكم واحداً حقاً ؟ "

بصر جيس انتقل للأربعة الذين يحيطون بسيلفر قبل أن ينطقوا بنبرة واحدة :" لا ! "

أضافت ريبيكا بمرح :" جلالتك قريباً أنت ستصدق أننا كنا أموات و عدنا للحياة رغم ان عمل الكريستالة هي علاج الجراح فقط كمدنا بالطاقة حتى نشفى تماما. ! "

و آلبرت تابع بملل :" و لو تواجد أي هجين لما عاد أي منا حقاً ! "

بالنهاية أومئ ليون لوالده موافقاً على كلمات رفاقه قبل أن يسحب سيلفر إلى جواره :" و الآن توقفوا حقاً عن إزعاجه ، الآن منزل أسرتك يحتاج لترميم و حتى وقتها يمكنك البقاء بمنزلي ، هيا تعال معي لترتاح لابد أن الطريق كان صعباً عليك و أهلاً بك بمملكتك سيلفر "

أغلق جيسي عيناه بِرضى عندما شاهد الاطمئنان و الهدوء على وجه سيلفر ، بالفعل رحلته كانت طويلة للغاية و هو بِحاجة للراحة و ما أفضل راحة سوى حيث ينتمي المرء ؟ ..

و فقط فكرة أنه بات ينتمي لمكان الآن يريحه بشدة لذا مهمة جيس الأولى انتهت هنا ! هو يثق بليون بالفعل و الأخير يثق أن جيسي ما كان ليحضر لهم من سيسبب لهم الضرر ...

و رغم رغبته العارمة بمعرفة قصة سيلفر كاملة إلا أنه منع رفاقه الثلاثة من مرافقتهم كونه جاد بجعل الفرد الجديد يرتاح أولاً فالأيام قادمة و يمكنهم الحديث طوال الوقت لاحقاً !

#### قارة نوفوبانجيا ####

هو كان يجلس على المائدة بشرود دون تناوله الطعام قبل أن ينطق بعبوس :" نيو هل أنت واثق من فرضيتك تلك ؟؟ أعني أن الحاكم جيس قد يكون له يد باختفاء زاك و آيزاك حقاً ؟! "

تنهد نيو للمرة الألف ربما فمنذ أن أخبره نيو بتلك الفرضية و هو يستمر بالسؤال ، و حسناً إيكاري أخبره أن الجميع يظن أن موت جيسي ليس سوى خدعة لأنه وجد شيء ما مهم ربما أو اراد حماية أحدهم ؟

لذا و مع سماعه أن التوأم اختفى فجأة رفقة والدهما اعتقد فقط أن الحاكم هو الفاعل ؟ أوليس هو من وعد بحمايتهما ؟

رغم هذا لازال خائفاً يود حقاً رؤية آيزاك و الاطمئنان عليه لكن كيف ؟ أعليه العودة إلى تلك القارة للبحث عنهما ؟

تنهد بنوع من الهدوء قبل أن تتسع عيناه فجأة و يقف كما فعل إيكاري تماماً ، هالة زاك و آيزاك قريبة منهم حقاً !

فتح التوأم الأكبر الباب دون طرقه حتى :" أنتما ! أين نوع من الإصدقاء حرفياً تكونان ؟ "

هو أنهى كلماته تلك يقف مُحدقاً بِكلاهما ببرود كاذب ! فرؤية نيو واقفاً أمامه بكافة صحته و سلامته تجعله راغباً و بِشدة بالاتجاه له ...

إلا أن إيكاري أسرع لاحتضانه بينما دموعه ملئت وجنتيه :" آسف ! أقسم لك آيزاك أنا فقط حاولت التسلل حيث كنتما لإنقاذكما لكنهم أمسكوا بي و قاموا بضربي بقوة ! ثم تم حظري من دخول تلك المنطقة و نقلي إلى حيث الحدود مع ترقية سخيفة ربما "

و موقف إيكاري دفع زاك للتدخل من فوره :" لا تكن قاسياً هكذا ! ثم أقسم أنك لا تود احتضان نيو الان ؟"

_ :" ها ! كرر ما قلته الآن زاك و أقسم ستندم ! "

العبوس انتشر على ملامح المعني :" مُنذ أن اصبحت جان كامل دون مرض أنت أصبحت لئيماً معي ! أكنت تشفق علي إذاً ؟ "

ملامح توأمه جعلت شيء من التوتر يحيط به من حدوث سوء فهم جديد لكن نيو ضحك بخفة ليقترب و يحتضنهم جميعاً :" لا أفهم كيف بات كلاكما من الجان فقط لكن سعيد حقاً بعودتكما ! "

و آيزاك أغلق عيناه ليحتضنه بينما وضع رأسه على كتف رفيقه و الذي ابتسم بحنان و سعادة ، الآن عادت حياتهم لما كانت عليه لا بل ربما أفضل حتى فوالدهما يبدوا أنه تم ركله أخيراً و كلاهما ما عاد يمتلك سراً قد يتسبب بمقتله حقاً ...

##### قارة لورفانيا ####

الهدوء كان مُحيطاً بذلك المنزل حيث لازال آرثر يتجاهل آرون بشكل تام بينما يعمل بالأرجاء رفقة ميلينا لتحضير وجبة غداء صحية !

و العبوس كان يغلف ذاك المُستلقي على فراشه :" لا تكن لئيماً إلى هذه الدرجة آرثر "

وضع الأكبر الطبق أمامه بينما يكتف يداه دون رد حقيقي مما دفع آرون ليستدير :" لا بأس استمر بتجاهلي و أنا سأتظاهر بأنني لا أراك أيضاً "

هو يمكنه لعب هذه اللعبة أيضاً صحيح ؟! لكن أيمكنه ؟ يشعر بأنه لازال راغباً بالتحديق برفيقه للأبد لينسى تماما ذاك المظهر المُغطى بالدماء ! و تلك الأوتاد التي كانت تخترق كل ذرة بجسده ..

جسده ارتعش و لا يعلم أهذا بسبب الحُمى أم تلك الدموع التي عادت للانهمار إلا أنه أخفى رأسه و جسده تحت الغطاء فقط !

و إلى هنا ما عاد يمكن لآرثر أن يتجاهله بحق كل شيء هو لا يستطيع فقط ..

لذا تنهد قبل أن يجلس بجوار رفيقه يمسح على رأسه من فوق الغطاء :" آرون ، آسف موافق ؟ فقط أنا لم أكن لأرغب برؤيتك تموت أتفهم ؟! رغم ذلك أنا تسببت برؤيتك لي أموت و الآن أغضب منك هذا ليس عادل قطعاً لذا آسف "

صوته كان دافئاً و ربما تمكن آرون من تخيل ابتسامته الحانية على شفتيه بشكل جعل دموعه تنهمر أكثر ، هو فقط هنا حقاً لذا لا داعي لكل هذا !

كُل شيء بخير مادام آرثر رفقته لطالما آمن بهذا لذا يمكنه الآن النهوض دون تردد و الوقوف مجدداً و حتى القيام بتلك الثروة التي رغب بها ...

فبالنهاية الصمت على الظلم الذي وقع فقط لأن آرثر عاد لا يُعتبر أمراً عادلاً حقاً ... ! ...

هو أبعد الغطاء عن وجهه لكنه و قبل أن ينطق بحرف سبقه آرثر بينما يمسح تلك الدموع العالقة :" أنا معك و سأرافقك مهما كان قرارك آرون هذه المرة ! "

بالنهاية هو وثق بالحاكم و شقيقه و قرر البقاء بخدمتهم بكل إخلاص قبل سنوات لكنه اكتشف أنهما ليس أهلاً للثقة و لا يستحقان هذا الولاء لذا أجل ربما فكرة الإنقلاب شيء يجدر دراسته لكنهم بحاجة لحاكم جديد !

و ملامح آرون تحولت للجدية و كأنه يرى أفكار آرثر تماماً لذا اعتدل بِجلسته مُحدقاً به بنظرات استنكرها الأكبر تماماً بينما من خلفهم كتمت ميلينا ضِحكتها على ملامح آرثر و الذي فور أن لمحه آرون رفع أحد حاجبيه باستنكار كُلي !

لكن كُل تلك الأجواء تبدلت تماماً مع صوت طرق الباب ليس ربما لعدم توقعهم قدوم أحد للزيارة بِقدر دهشتهم من تلك الهالة ...

ميلينا حدقت بآرون بنوع من التساؤل بينما نهض آرثر من فوره لفتح الباب و ما إن فعل حتى ابتعد للخلف قليلاً مُتيحاً المجال للحاكم و من معه ...

آرثر بقي واقفاً أمام الباب مُحدقاً بذاك الفتى الذي تجمد ما إن رآه رغم أنه أيضاً صدم حقاً لرؤيته و التغيير الطارئ عليه و على هالته .. ! ..

بينما جيسي تقدم للداخل بالفعل ليُلقي نظرة على آرون و حالته الصحية ربما ؟

و المعني ابتسم له و كأنه يخبره أن لا داعي للقلق عليه ! و أجل الحاكم علم هذا قطعاً ؤ لا داعي للقلق و قد عاد آرثر إليه !

إلا أنه نطق بنبرة هادئة خاصة عندما لاحظ أن من معه لم يتحرك خطوة واحدة للدخول حتى اللحظة :" من الجيد رؤيتك بخير آرون ، اليوم أنا أحضرت لك تلميذ جديد "

شهقة مكتومة صدرت من كلاي الذي كانت عيناه تحدقان بالأرض مُتجنباً النظر لآرثر تماماً ليُتابع الحاكم بسخرية :" هو بالعادة طفل وقح لكنك تجيد التعامل مع أمثاله ! رغم هذا قد يصبح خجولاً و أليفاً للغاية بأحيان أخرى ! "

و شهقة أخرى صدرت منه إلا أنها كانت شرسة ليقتحم المنزل من فوره بينما يهتف بسخط :" من هو الطفل ؟؟ بل من تطلق عليه لقب أليف ! أترى أنني جرو أو قطة ؟ ثم يا هذا حتى لو اصبحت ساحر فقط لازال يمكنني قتلك "

_ :" تماماٌ هو أكثر وقاحة من مارش حتى أو من ريك ! "

بصره انتقل له بعدها بنطق بنبرة هادئة بعيداً عن تلك الساخرة التي ظهرت بجملته السابقة :" لا تنسى عزيزي كلاي أنك و مع كونك هجين لم تستطع الفوز و كدت تموت حقاً ! الآن حتى آلكس لن يستطيع إنقاذك لذا أأنت واثق برغبتك هذه ؟ "

و أجل كلماته الهادئة و صوته العميق جعل الكثير من الإرتباك يطغى على وجه الشاب لكن أهو سيتنازل حقاً ؟!

لا و مُطلقاً لذا قام برفع كَُمي قميصه للأعلى و حينها فقط وضع آرثر يده على كتف الشاب الأصغر ينطق بنبرة لطيفة :" لكن جلالتك أنت أحضرته لنا تواً ! "

و آرون الذي تنفس بِعُمق تام يخرج كل ما بِصدره من سوء قبل أن ينطق بابتسامته المعتادة يقترب ليلف يده حول كتف كلاي :" أجل تماماً أحضرت لي تلميذ و الآن تود قتله قبل أن أبدأ بمهمتي ! "

هو ابتسم بشكل بسيط يغلق عيناه بينما يُتابع :" بأي حال أظنه ليس من الصعب تأهيله ليكون تلميذ مرشح للحكم صحيح ؟! "

و جيس آمال بِرأسه بابتسامة هادئة :" أجل ، أظن ذلك ! و الآن إن كان هُنالك أي مُساعدة تحتاجها فنحن متواجدون "

و بالطبع هو ما قصد سوى مُساعدة بالانقلاب فحاكم هذه المملكة و شقيقه لا يستحقان الاستمرار حقاً بالحياة !

لكنه و قبل أن يُغادر تمكن من سماع سؤال هامس صدر من كلاي بنبرة خافتة :" هل حقاً أنتما تقبلان بي ؟! "

و آرثر أغلق عيناه بابتسامة لطيفة :" و لما لن نفعل ؟ اظن أن ما حدث كافي نوعاً ما لنبدأ بصفحة جديدة "

بينما أجابه آرون بابتسامة مرحة :" أنت الآن تلميذي الثاني ! و أول درس عليك تعلمه هو المُسامحة عزيزي لذا أغلق صفحات الماضي إلا خاصة الحاكم و شقيقه هذه لا مُسامحة بها "

جيسي غادر بالفعل قبل إتمامهم النقاش بينما تنهد كلاي بهدوء ، ميلينا تقدمت لتقف رفقتهم :" معلمي ألا تحتوي جملتك على الكثير من التناقض !؟ "

و المعني قلب عيناه بِملل تام بينما آمال كلاي بِنظره ناحية آرثر ثم هو انحنى أمامه بِصمت و هدوء و كأنه اعتذار صامت ...

لقد قتله تقريباً لولا قوة كات و آلكس ! ، و حقاً بعد ما فعله شعر بقلبه يؤلمه أكثر ، لم يشعر بلذة النصر و لا حتى بالراحة بل بالمزيد من الألم و جزء منه سعيد بعودته ...

هو أخفض رأسه أكثر و الألم عاد ينتشر بِصدره ، تذكر كات يؤلمه و تفكيره بهل سيكون آلكس بخير يُخيفه ، بل وجوده هنا بمملكة جديدة و أشخاص هو آذاهم !

أغلق عيناه بعدها لاسيما عندما شعر بِخُصلاته تتم بعثرتها بخفة حيث آمال آرثر برأسه قبل أن يحيطه بعناق طويل ...

_ :" كل شيء سيكون بخير ، لا تخف نحن هنا أقسم لك لن نخونك "

ابتسامته اللطيفة تلك و عناقه المُفاجئ حرر الدموع فجأة ، و آرون آمال بِرأسه بابتسامة حنونة رفقة ميلينا !

#### قارة كلاهاريا ####

السعادة كانت مُرتسمة حقاً بعيناه ذات اللون الأخضر مُذ لحظة عودة آندريه إليه ! هو سمع بالفعل الإشاعات التي تقول أن كُل من قيل أنه مات بالمعركة قد عاد للظهور مُجدداً ...

أُسرة آندريه لم تعد للظهور و على الأغلب أنهم خائفين الآن كون الأب قام بصفع الحاكم و ينتظرون النتائج فقط !

و الآن كانت عينا آندريه مُتسعة للغاية بينما يخبره كيفين عما حدث معه عندما ذهب لمُقابلة أسرته ..

هو رفقة سيده كانا يجلسان على مائدة واحدة و برفقتهم إيما التي ضحكت على ملامح داكن الشعر و الذي فور انتباهه عبس بشكل لطيف .!

هو يذكر أن وجنة سيده كانت حقاً مُحمرة لكنه ظن أنها من المعركة مع الحاكم السابق ؟ لم يتخيل و لو لثانية انه والده ...

والده هذا الكلمة وحدها تُثير الكثير من المشاعر بأعماقه حقاً ! لكنه و رغم هذا أحنى برأسه بنية الاعتذار ربما ؟

إلا أن يد كيفين التي وضعت على ذقنه لرفعه كانت أسرع حيث همس بتحذير :" لا تعتذر آندريه ! "

و مجدداً الإستياء عاد لملامحه بشكل لطيف ، الآن هو لم يعد بمرتبة العبد كونه تحرر من الختم قبل موته او إصابته تلك !

لا يعلم حقاً ما صفته هنا بعد الآن لكن إن كان يحق له فهو يرغب بالبقاء قطعاً و للأبد فقط يود التعرف على تلك الأسرة التي وصفها له سيده تواً ، الأب الذي كان مُستعداً لصفع الحاكم فقط لأجله ...

و أفكاره تلك قوطعت عندما نطق احد الحرس :" سيدي هُنالك أُسرة من العامة تود مقابلتك ؟ "

رمش كيفين عدة مرات لاسيما عند شعوره بهالة القادمين فهو حفظها من زيارته السابقة ! و بطريقة ما هو اشار للحارس لإدخالهم بينما نظر لآندريه ينطق :" و الآن هم حقاً ظهروا رغم أنني ظننت أنهم لن يفعلوا هذا بعد صفعي "

عينا آندريه اتسعت بنوع من التوتر بينما نهض ليقف بزاوية تصعب ملاحظته بها ربما ؟!

و عدة دقائق هي ما فصلت عن ظهور الأسرة من خلف البوابة الضخمة حيث كانت الفتاة تقود كرسي والدها بينما تسير أمها إلى جوارها ...

و فور اقترابهم من مكان جلوس الحاكم انحنت الام و ابنتها بينما أخفض الأب رأسه ، و عن بُعد وقف آندريه يراقبهم بالكثير من الفضول و الشوق ! بل هُنالك لمعة ظهرت بعيناه الفضية بينما يحفظ تفاصيل الثلاثة ...

قطعاً هو ما كان قلقاً عليهم من سيده لذا ربما لم يعبئ لذاك القلق الذي يرتسم على ملامح أمه و أخته !

و الحاكم الشاب حدق بالمتواجدين أمامه بتعبير فارغ لا يدل حقاً على أفكاره ..

و هُنا نطق الرجل بكل هدوء بتقطيبة بسيطة :" أنا لست هنا للاعتذار ! رُغم أنني سمعت الكثير من الأمور الجيدة عنك للحق لكن لا أزال غير نادم يمكنك فعل ما ترغب به "

شهقة بالكاد منعها آندريه من الصدور بينما ارتفع حاجبا كيفين باستنكار تام ! أهو يتحداه ؟ يال السُخرية يبدوا أنه و أخيراً علم من اين أتت جينات آندريه العابثة !

وتفكيره بهذا جعله يرسم ابتسامة خافتة بينما تقدمت الشابة لتنحني بتوتر :" أرجوك جلالتك سامحه من فضلك ! نحن فقط .. "

قاطعها الحاكم بِخفة و هدوء :" أنتم لماذا قدمتم إلى هنا بعد آخر موقف ؟! أنا تجاهلت آخر ما قمتم به إذاً أين الحكمة بالقدوم للقصر ؟ "

أخفضت هيلين رأسها بنوع من الهدوء بينما بقيت نظرات الأب شرسة ! لكن من تحدث كانت تلك المرأة التي نطقت و الدموع تغرق مقلتيها بالفعل :" سيادتك الإشاعة المنتشرة ! نحن أردنا التأكد منها "

و الفتاة حدقت بالحاكم بنوع من الرجاء بينما جلس كيفين على مقعده لكنه أشار بِعيناه إلى الجهة التي يقف بها آندريه و الذي كان لازال يحدق بهم بنظراته السابقة ..

عينا هيلين كما والديها تتبعا المكان الذي يُحدق به الحاكم لتتسع عينا الرجل المقعد أولاً !

الدموع تجمعت بعيناه ، كم كان عمر صغيره عندما تم سحبه منه عنوة ؟ لازال يذكر استنجاده به ، الخوف بعيناه و عجزه بعد أن تمت إصابته ...

و زوجته شهقت بقوة تغطي فمها عندما شاهدته ، ملامحه لم تتغير كثيراً لا تحتاج لأكثر من نظرة لتدرك أنه صغيرها لذا هي ركضت باتجاهه و قبل أن يستوعب المعني الأمر وجد نفسه بين احضانها !

حرفياً هو لم يفهم أي شيء حقاً لكنه شعر بالخجل الممزوج بالشوق و الضياع ، يداه التفتا حول جسدها يغلق عيناه قبل أن يقع بصره على الرجل الذي همس بضِعف مُخالف لقوته قبل لحظات :" آسف حقاً لأنني فشلت بِحمايتك ! "

ابتعدت والدته عنه مع سماعها بِكلمات زوجها كارهة رُبما لمن هو أكثر من تأثر بفقد آندريه ! ...

و آندريه تقدم من ذلك الرجل ليجلس على إحدى رُكبتيه بهدوء :" لا داعي لتعتذر حقاً ! أنا آسف لأنك من فقد قدرتك على السير بسببي "

و كيفين أشار لإيما ليخرج كلاهما من المكان حيث اتجه الأول لقاعة العرش رفقة شقيقته معطياً آندريه وقته مع اسرته ..

و قبل وصوله بِخطوات بسيطة رمش بشيء من الدهشة عند رؤيته لجيسي يسير نحوه و رفقته شاب يراه للمرة الأولى رُغم أن هالته نوعاً ما مألوفة لديه ..

لكنه احتفظ بصمته حتى وصل لهما لينطق جيسي أولاً :" مبارك لك العرش ، و أخيراً وجدت خبر جيد بهذه المملكة "

و كيفين أجابه بنوع من الهدوء :" و أهلاً بعودتك ، إذاً من يكون الشاب الذي برفقتك ؟ "

وضع جيس يده على كتف آلكس الذي بدى بعالم آخر تماماً لينطق :" أنت قابلت آلكس من قبل ! الآن أريد مِنك أن تعتني به جيداً و جداً و تجعله يتكيف هنا معك و مع آندريه "

أغلق كيفين عيناه عندما تذكر هوية من معه ليدعوهم للجلوس ليفهم ربما ما حصل ؟!

فترة من الزمن مضت كان خلالها جيسي يشرح ما حدث ، كيفين بصره كان مُثبتاً على الحاكم أمامه يستمع له بينما ملامح إيما كانت تتبدل بين فنية و أخرى بحسب ما الأحداث التي تروى أمامها ...

أما آلكس أسند رأسه بكف يده بصمت مُطلق و شرود و كأن ما يتحدثون عنه لا يعنيه أبداً ...

عند وصول جيسي للحديث عن كات و ما فعلته كان آندريه رفقة أسرته قد انضموا لهم ! هم الأربعة وقفوا قرب الباب دون الدخول اكثر و حتى نهاية حديثه .

الصمت حلق بالأرجاء فأي منهم لم يعلم ما عليه قوله حقاً ، إلا أن آلكس حدق بكيفين بنظرات جادة و هادئة بينما ينطق بملامح جامدة لا يُقرأ ما خلفها ربما !

_ :" أنا أريد تنفيذ وصية كات لذا أيمكنك أن تدلني على فتاة جيدة لأتزوجها ثم سيصبح لنا ابنة ! "

جيسي رفع أحد حاجبيه بسخرية بينما صدر صوت مصدوم من بين شفتي إيما بلا شعور ، آندريه رمش فقط بتعجب لكن كيفين أمسك بيد آلكس لينطق بنبرة مشابهة :" سأجد لك فتاة مناسبة ، لابد لك حقاً من تنفيذ وصيتها ! "

_ :" أخي !! "

صوتها رغم انه كان هامساً لكن الكثير من الاستياء بان به و هو ما دفع كيفين ليحدق بها باستنكار بينما تقدم آندريه من فوره و التجهم يعلو ملامحه ليقف بين سيده و آلكس :" أهكذا تظن أنك ستنفذ وصيتها ؟ هي قطعاً لم تقصد هذا ثم تخيل أنك تزوجت و بدلاً من الفتاة هي انجبت لك فتى ! "

و المعني آمال برأسه ببساطة :" حينها سنعيد المحاولة مجدداً و مجدداً حتى تأتي الفتاة ! "

_ :" ها ! هل أنت مجنون ؟ شقيقتك أراهن أنها لو سمعت كلماتك هذه لذهبت لدفن نفسها مِراراً و تكراراً ! "

صوته بدى منفعلاً على غير العادة عندما جثى على إحدى ركبتيه يمسك بكفي آلكس بين يديه ينطق بنبرة هادئة و دافئة :" هي ما قصدت أن تفعل كل ما طلبته منك بشكل حرفي ! بل رغبت أن تعيش حياتك بتفاؤل ، أن تجد فتاة تشعر أنها مناسبة لتمضي معها حياتك ، ثم تكبر أسرتك بوجود أطفال يخصونك أنت ! أرادت أن تجد لنفسك منزلاً  عندما ترهقك الحياة يتسع لك "

ابتسامة صغيرة ارتسمت على ملامح جيس و هو يراقب تلك التعابير الصادقة و الدافئة التي يظهرها آندريه ، و ربما لم يكن الوحيد الذي يراقبه فوالده كان يبتسم بحنان و فخر كما هي بقية الأسرة !

إيما و كيفين كانت انظارهما مرتكزة عليه دون غيره بينما يتابع :" الآن أنت تنتمي لمملكة المتحولون ! أصبحت لديك مملكة تضمك إلى أجنحتها و قطعاً سنكون هنا رفاقك و أصدقائك ان رغبت و قد تتعرف على المزيد و المزيد من الأشخاص الذين سيرحبون بوجودك ، و لديك رفاقك ممن يعيشون ببقية الممالك ، لست وحيداً بعد الآن بل جزأ من العالم و عندما تجد زوجة ملائمة و يصبح لديك أطفال ستكون أنت عالمهم ! لذا قطعاً لن تتزوج و هذه الملامح السخيفة تعتلي ملامحك و كأنها مجرد مهمة و أنت لست سوى تمثال ما ! "

هو أنهى جملته بعبوس طفيف بينما يقف و ما إن فعل حتى ازداد ذلك العبوس ليرافقه هذه المرة حُمرة طفيفة زينت وجنتيه فور أن لمح نظرات الجميع نحوه ..

جيسي كان أول من نهض ليقترب منه مُبعثراً خُصلاته الداكنة تلك :" لقد سبق و أخبرتك أنت حقاً شخص مميز بالفعل ! "

الخجل ازداد بينما رفع آلكس أحد حاجبيه ، هو حقاً لوهلة أراد العودة للبكاء لكنه كبح نفسه بقوة و الآن وجد فرصة مُلائمة للعبث و ابعاد تلك الملامح ؟

لذا هو حدق بكيفين يشير على آندريه :" أهو دائماً ما يخجل بعد منحه عدة نصائح مثيرة للاهتمام ؟ "

و الحاكم الذي رآى تلك الدموع المتجمعة بعين الوافد الجديد وضع إحدى قدماه فوق الأخرى يجيبه ببرود مصطنع :" آوه ، لا تغتر بذلك كثيراً هو يمكنه أن يتحول لشخص وقح فجأة ! "

شهق آندريه من فوره باعتراض بينما ابتسم الكس كمن وجد ضالته :" تعلم شعرت بهذا عندما حدق بك بكل وقاحة ممكنة مُعترضاً على موقفك "

و كيفين أومئ له لكنه ما استطاع أن ينطق حيث تحدث آندريه أولاً :" حقاً ؟ تنقلبان ضدي ؟ لا بأس أنا سأغادر هذا القصر و افعلا ما يحلو لكما ! "

ذاك التهديد جعل أحد حاجبي كيفين يرتفعا خاصة مع تحرك قدمي الأكبر باتجاه أسرته !

هو و بثوان فقط كان قد تواجد أمام آندريه يقبض على يده بينما ينطق :" و إلى أين تظن نفسك ستذهب آندريه ؟ أنت مُرافقي و مساعدي الأول و آلكس سينضم لك حيث سيحظى كلاكما بلقب مستشار بعد أن تتعلما عدة أمور لذا لن تُغادر القصر حقاً "

و المعني فتح فمه قليلاً قبل أن يتركه كيفين و يسير إلى حيث أسرة الأكبر و مُجدداً هو جثى على إحدى ركبتيه أمام والد آندريه لكن نظراته هذه المرة كانت لطيفة و مُسالمة :" سيدي ، إبنك لم يكن يوماً بالنسبة لي أقل من أخ أكبر حظيت به ! هو كان معي منذ كنت طفلاً بالثالثة بل ربما لم ينقذني من الغرق بفساد هذا القصر سواه هو و دفئه لذا من فضلك لا تعتقد و لو لثانية أنني قد أقوم بإيذائه مُتعمداً بل كل شيء فعلته كان فقط للوصول لمرحلة تجعلني أمنحه ما يستحقه فحسب "

هو أغلق عيناه بينما أخفض آندريه رأسه ليخفي تلك الابتسامة التي رافقتها دموع هو بحد ذاته لا يعرف لما انهمرت ...

_ :" من فضلك أنتم الثلاثة ستصبحون ضيوفاً بهذا القصر فالمستشار الأول يحق له نقل أسرته للعيش هنا معه ! أرجوكم أن تكونوا معنا ، أنا فقدت أمي و أبي لم يكن يوما يستحق هذا اللقب لذا وجودكم ربما سيمنح لهذا القصر البارد القليل من الدفء ؟ "

كلماته كانت صادقة جعلت الحاكم الضيف يميل برأسه بخفة و اطمئنان لاسيما عندما وضع الأكبر يده على تلك الخصلات الذهبية ينطق :" سيكون هذا شرف لنا يا بُني ! "

و تلك الكلمات جعلت كيفين يُخفض رأسه أكثر ، حقاً فقط يبدوا من الواضح تماماً من أين أحضر آندريه دِفئه ذاك ! ...

بالنهاية آلكس همس لجيسي بخفة :" ألن تتوقف عن مراقبتهم كالجد العجوز جلالتك ؟ "

و ابتسامة جيس النادرة لم تختفي حتى ليغلق عيناه بينما يقف :" جيد جداً ، بِت تعلم جيداً أن هنالك جد ما سيراقبكم دائماً لذا تعلم تماماً أين تجدني أيها الطفل أنت و غيرك ! "

هو سار بعدها باتجاه إيما ليميل برأسه :" أنا لم أرى تينا منذ وصولي إلى هنا ! "

و المعنية أجفلت لحديث الحاكم معها قبل أن تخفض بصرها بهدوء :" عادت لأسرتها بالقرية ! لم يعد من الممكن أن نعود صديقات فكلتانا أخطأت بحق الأخرى كثيراً لذا هذا كان الأفضل لنا ، صحيح ؟ "

ربما هي بحد ذاتها لا تعلم أكان هذا هو الخيار الجيد حقاً ؟ لكن جيسي بعثر خصلاتها ينطق بهدوء :" لقد بدأتي تنضجين و أخيراً ، أجل كان هذا الأفضل بالفعل !"

هو أنهى عبارته ليسير مغادراً القلعة بنية العودة و أخيراً إلى منزله و مملكته هو !!

#### قارة زيلانديا ####

الشمس كانت توشك على الغروب بالفعل ، الأعمال المهمة انتهت و الحرب التي كانوا يتأهبون لها دُفنت رفقة حاكم المتحولون !

لذا هاهي الأسرة تجلس معاً حيث كان إينزو يُحدق بفنجان قهوته الساخن بنوع من الشرود و بِجواره جلست آدريانا تعدل على طلاء اظافرها الأسود بكل تركيز و هدوء بينما كان سام يحاول إزعاج ريكايل الجالس بجواره ، ويل بدى كما لو كان بعالم آخر تماماً حيث بصره استقر على كوب الشاي خاصته بينما و أخيراً تأفف آلفير من هذه الأجواء المُملة !!

و حركته تلك دفعت إينزو للنظر له بكسل و هو ينطق :" آلفير تبدوا كطفل بالخامسة ! "

و المعني رفع رأسه بالكثير من الكبرياء دفع آدريانا لترك ما تفعله بينما تنطق بِضحكة ما :" طفل بالخامسة هذا يذكرني بزيارة إينزو لشقيقنا الراحل عندما كان جيسي بالخامسة من عمره ! "

و كلماتها تلك لفتت إنتباه الجميع ليبتسم آلفير بسخرية :" أجل أذكر ذلك ! سيادته كان مشغول بالأعمال لدرجة أنه لم يأتي لرؤية أخي و ابنه لثلاث سنوات كاملة ! لذا حقاً لم يستطع جيسي تذكره وقتها لكنه رغم هذا بدأ بإزعاج الصغير ذو الخامسة .. "

بذاك اليوم الصيفي قبل سنوات طويلة كان ذاك الطفل ذو الخامسة من العمر يجلس بمنتصف غرفته تحديداً على الأرض مُتجاهلاً سريره المريح و المكتب الخاص بالقراءة !

ثيابه كانت فخمة للغاية بينما ملامحه الطفولية بدت منغمسة بقراءة كتاب ما بيده خُصلاته الداكنة انسابت بكل حرية و لطف حول وجهه و عيناه الكرزية الواسعة حدقت بالكلمات أمامه ، هو أخبر معلمه أنه سيجيد قراءة هذا الكتاب عنوة رغم أن الاكبر اخبره انه صعب على من هم بعمره ..  

ذاك الهدوء الذي كان يعيشه الصغير تم نفضه عندما اقتحم أحدهم غرفته دون طرق حتى ! لذا عيناه التفت لتحدقان بذاك الرجل الغريب عنه رغم الشبه بينهما بنوع من الحدة ؟

إلا أنه و رغم هذا لم ينطق بحرف حتى جثى الأكبر على ركبتيه يبعثر تلك الخصلات الناعمة حتى تركها بشكل مبعثر ينطق بعبث :" إذاً جيسي الطفل الأكثر شبهاً بي كما يقولون ؟ "

و هذه الكلمات لم تسعد الصغير الذي وقف ليقفز محاولاً جرح يد عمه بينما يهتف بحنق :" أنا لست طفلاً بل وريث اسرة كروغر و لا يُسمح لأحد التصرف معي هكذا "

آشار بعدها باصبعه لعمه فهو علم هويته كون والديه أخبراه أن عمه إينزو سيأتي للزيارة ؟ و عمه سام أخبره أن الأكبر يحب المزاح دائماً ؟

_:" سيأتي يوم و أتجاوز قواك به و حينها عليك أن تجثو أمامي مُعترفا بهزيمتك ! "

و كلماته تلك جعلت ابتسامة واسعة ترتسم على ملامح إينزو !

و بالوقت الحاضر عاد آلفير و آدريانا للضحك ليشاركهم ريكايل و سام ...

حيث نطقت آدريانا بعد أن توقفت عن الضحك :" حقاً جيسي كان لطيفاً للغاية "

ذاك التعليق دفع سام لحدق بها بسخرية مُطلقة :" لطيف ؟ هو لم يكن سوى شبل صغير يحاول مواجهة الأسود دائماً "

آلفير أومئ إيجاباً ينطق بجد :" انا للآن لا أفهم لما لم يكن طفلاً لطيفاً بينما والداه قاما بتدليله وقتها ؟ "

هذا دفع شقيقته الكبرى للعبوس تجيبه :"  أنت السبب لأنه ذات مرة عندما أراد البكاء لسبب ما وبخته و منحته محاضرة كبيرة عن فخر أسرة كروغر ! "

  كل من سام و آلفير حدقا بها  بدهشة بينما يفكران أهو حقاً أراد الحفاظ على شيء كهذا منذ صغره ؟

و هنا ريكايل ضحك مجدداً :" إنه لطيف بحق بمحاولته هذه ! "

ويل فقط نظراته بقيت تحدق بالفراغ بينما يشد على قبضة يده بقوة و كأنه بعالم مختلف عن البقية حوله و الذين كانوا يضحكون بِخفة !

بأي حال ضِحكة ريكايل و البقية دُفنت عِند شعورهم بهالة قاتلة خلفهم بينما قفز هو من مكان مرتفع حيث كانوا يجلسون بالحديقة الخلفية ليُحيط بأعناقهم ناطقاً بابتسامة مليئة بِالشر :" يا لها من أحاديث لطيفة هي هذه ! ألا يمكنني المشاركة ؟"

رؤيته ، سماع صوته و حتى شعورهم بهالته جعلت الجالسين ينهضون سريعاً إلا اثنين حافظا على موقعهما دون أي ردة فعل حتى ..

إلا أن ريكايل كان أول من نهض ليجثوا على ركبته أولاً و من بعده انخفض كُل من سام و آدريانا و آلفير رُغم أن أي منهم قطعاً ما شعر بالخوف بقدر رغبتهم بالترحيب به ! ..

بالنهاية تقدم ويل ليجثو هو الآخر بينما نظراته  كانت قاتلة حيث همس معهم بعبارة :" أهلاً بِعودتك "

و ابتسامته ما كانت ودودة حقاً بينما لم يتحرك إينزو من مكانه بل نطق بنبرة عابثة ربما :" أجل ، أهلاً بعودتك أيها الطفل !"

و ملامح الاستنكار ازدادت بوجه الحاكم الذي ابتسم بسخرية قبل أن يشير لكولين و كايلي ليتقدما بجِواره حيث عرفهم على البقية ثُم عاد للجلوس مُجدداً بينهم لشرح ربما كل ما حدث معه و كيف وصل به الأمر للقدوم رفقة كولين و كايلي .. ! ..

و بعد انتهائه من الحديث كانت الأبصار كُلها موجهة نحوه ، آمال إينزو بجسده قليلاً مُقرباً إياه لابن شقيقه :" و كيف تنوي منع تكرار ما حدث جيسي ؟ تعلم أن الأمر صعب مهما حدث لا نستطيع إرسال جندي مع كل من يذهب لزيارة فرد من مملكة أخرى أو من يذهبون للتجارة "

ابتسامة مليئة بالثقة و الهدوء رُسمت على ملامحه :" سمعت أنه خلال فترة غيابي وقعت معركة ما ! و أن حاكم البشر يقوم بصنع حاجز لمملكتنا كالحاجز المتواجد عند مملكته حيث جدياً أعاق دخولي لمملكة البشر حتى تم تعريفه علي ! "

إينزو رمش عدة مرات بينما تابع جيس بخفة :" لقد طلبت بالفعل أن يبدأ البشر بصنع مثل هذا الحاجز لكل الممالك و التكلفة ستنقسم علينا جميعاً ، و وضعنا بعض التغييرات الأخرى كوجود بطاقات ألكترونية متصلة مع الحاجز حيث سيكون بها معلومات الفرد و هي ستجمع ستفعل فقط عند خروج الشخص من مملكته حيث ستتعقب الأماكن التي تمت زيارتها و المدة الزمنية التي قضاها المرء بكل تلك الأماكن ، و بهذا يمكننا مراقبة الجميع حرفياً فهذا الحاجز سيمتد للحدود و للقارة المجهولة أيضاً لئلا يتخذها أي أحد مقر لنادي تجارب جديد "

هو انهى الشرح ليمسك إحدى أكواب العصير التي تم تقديمها له تواً يرتشف منها بينما نهض إينزو من مكانه ليقف أمامه مباشرة و قبل أن ينطق بحرف واحد هو جثى على إحدى ركبتيه بِخفة لينطق بابتسامة هادئة :" قلت لك ذات يوم أنني باللحظة التي سأعترف بها بقوتك سأنحني لجلالتك صحيح ؟ أو أنت من طلب مني هذا أيها الطفل ! "

و بطريقة ما أي منهم لم يستطع الضحك أو حتى الابتسام ، كأن هناك هالة مليئة بالهيبة و القوة ملئت الأرجاء بشكل منعهم من الحديث حتى ...

*********

مر الوقت سريعاً بتلك الجلسة حيث بدى كأنها لن تنتهي مُطلقاً ، ليس و كأنه لم يستمتع بالجلوس مع أسرته و تفقدها أخيراً ، هو بالطبع لم يستطع أن لا يرى أن ريكايل أكثر هدوءاً مما يجب بل هو ما أحب ربما فكرة تواجد كولين و كايلي !

ليس لأجل حقد شخصي على الأغلب بل فقط لأنه يرى أن القصر ما عاد بحاجة لكل هؤلاء ! أو أنه بدأ يفقد مكانته هنا ..

و هذا دفع ابتسامة ساخرة للارتسام على شفتيه ، أن يشعر بفقدان أهميته بهذا القصر يعني عدم شعوره بالإنتماء إليه ، أو لا هو بات ينتمي بالفعل لموطنه القديم بعد أن علم الحقيقة ..

تنهد بشيء من الهدوء بينما كان مُستلقياً على فِراشه ، هذا الطفل حرفياً لا يُدرك مكانته هنا لكن الآن هو يمتلك الطريقة لإعادته حيث ينتمي و لا يعلم لما إخباره بهذا يبدوا صعباً ..

و من جهة أُخرى يوجد ويل الذي تجاهله تماماً طوال فترة جلوسهم تلك ! هو ما رحب به بِحرارة بل فقط استمر بإرسال نظرات نارية إتجاهه .

و ضحكة خافتة كادت تهرب منه عدة مرات ، أجل ليس ممتعاً رؤية شقيقه حزين لكنه أدرك أن خلف نظراته هذه معرفة كُلية و ثقة بكونه بخير !

و قدرته على التحكم بمشاعره حتى اللحظة أمر جيد لأنه توقع بكائه لحظة رؤيته ..

بالنهاية هو أغلق عيناه كونه بِحاجة للراحة حقاً بعد كل تلك الأحداث التي مر بها ، و مُجدداً متى أصبح هو المسؤول عن كل هؤلاء الأطفال ؟ لم يكن يعتني سوى بويل ثم ريكايل و بعدها انضم ريك ثم آيزاك و بلمح البصر بات جميع من كان معه بالمهمة يراهم كأشخاص يجدر به حمايتهم حتى الأعداء !

تنهد بقوة مُخفياً تلك الغصة التي علقت بصدره عندما مرت صورة كات و ابتسامتها بعقله ، لم يستطع بالنهاية إنقاذ الجميع ، تلك الصغيرة أكثر قوة منه حتى ...

ابتسم بسخرية ممزوجة بشيء من الألم يضع ساعد يده مُغطياً عيناه علَّ أفكاره تتوقف و لو للحظة واحدة لينام ..

دقائق عديدة مرت و جسده بالفعل بدأ يتخدر ليقل وعيه تدريجياً ..

و بجهة أُخرى فُتح باب جناحه الخاص ليسير ذاك الشاب بخطوات هادئة للغاية حيث غرفة الحاكم الرئيسية للنوم !

و من سيجرأ حقاً على التسلل لها سوى أمير المملكة ؟   حيث تقدم  ليجلس على طرف الفراش يحدق بالمُستلقي بكل ضيق قبل أن ينطق بانزعاج :" و يمكنك النوم أيضا ! أنا لم أسمع اعتذارك بعد ! "

تقطيبة ما ظهرت على ملامح الحاكم الذي عادت حواسه للعمل مما دفعه للإعتدال بجلسته بينما مُقلتيه ذات لون الكرز تحدق به و قد رفع أحد حاجبيه ..

كِلاهما حدق بالآخر لفترة من الزمن قبل أن يتسائل الأكبر بهدوء :" ألا ترى أن الوقت مُتأخر للعب ويل ؟ "

هو حقاً بالكاد نجح بإيقاف أفكاره للنوم ! ثم آتى ويل و أفسد هذا فقط ليحدق به ؟ لو كان شخص آخر لربما هو كان ليكون ميتاً الآن ! لكن هذا الذي أمامه هو بالواقع الطفل الذي قام بتدليله بيداه لذا أجل احتمال لحظات كهذه أمر يقع ضمن مسؤوليته .. 

و الأصغر إزداد انزعاجه بفضل تلك التقلبات بِملامح الأكبر مما دفعه لينطق سريعاً :" لا يوجد شيء كهذا ! أنت يجب أن تعاقب جيس "

كتم جيس رغبته بالسخرية لأنه يُدرك كم جرح صغيره غيابه لذا هو فقط أجاب بهدوء :" عقاب ؟ ألا ترى أنك نسيت مع من تتحدث ؟ و لنفترض أنني سأتجاوز عن هذا و اسمح لك ب... "

كلماته تمت مُقاطعتها حيث وضع الأصغر جبهته على خاصة الأكبر ينطق بجدية :" تتجاوز ؟ أذكرك أنا أنني شقيقك هنا ! لست أحد اتباعك لذا يحق لي ذلك قطعاً و أنت كأخ أكبر تدرك أنك أخطأت عليك تقبل هذا و تنفيذ الامر بهدوء "

لحظة صامتة مرت بينهما حيث رمش جيسي عدة مرات ، تلك النبرة الجادة و الأوامر التي تم إلقائها عليه تواً دون ذرة خوف واحدة أجبرته بالنهاية على الابتسام بخفة بينما يغمض عيناه ليهمس لنفسه ربما :" أنت حقاً بدأت تنضج ! "

شيء من الاستنكار بان على ملامح ويل كونه ما سمع حديث الأكبر الذي حرك شفتيه فقط لكن انتباهه عاد بالكامل عندما أعاد جيس فتح عيناه يُردف بصوت مسموع ربما :" حسناً إذاً أخي تفضل ما هو عقابي لترضى و تغفر لي خطأي ؟ "

و التوتر سيطر على ملامح الأصغر حينها ينطق بشبه همس :" لا أعلم ، لم أفكر بالأمر ! "

تلك الكلمات جعلت عينا الاكبر تتسع ليبتسم بشكل غير ودود يمد يده ليمسك اذن الاصغر يجره إليه بخفة و هو يجيب :" أنت أتيت إلى هنا بمنتصف الليل ! بعد يوم متعب بِشدة تطالب بعقابي و ليس لديك واحد حتى ؟ "

حركته دفعت الأصغر  ليبعد يد شقيقه و قد  احمرت عيناه فهو ما عاد قادراً على كتم مشاعره حقاً بينما يهتف بحنق :" جده أنت ! ما هو العقاب المناسب لك ؟ لو فعلت أنا العكس و اختفيت عنك ! أخبرت أحد آخر أنني حي لكنني لم أخبرك و جعلتك تظن أنك فقدت آخر فرد لك بحياتك ! "

شيء من العطف لاح بمُقلتي جيس عندما بدأت عينا الأصغر بذرف دموعها ، كما أنه استمع لكلماته تلك بالكثير من التمعن ، لم يتحدث حقاً بل فقط راقبه و هو يحاول إيقاف دموعه و ما إن فشل بهذا إرتمى عليه يضربه بقبضتيه على صدره بينما يردف :" أنت شقيق فظيع ! لا أريد هذا ، ربما أنا هو السيء و الأناني هنا لكن حتى لو أنك فعلت هذا لإنقاذ الجميع أنا لا أريد أن تتركني خلفك ، اللعنة جيسي تود الرحيل خذني معك ببساطة أهذا صعب !؟ "

الغضب عاد للسيطرة عليه لذا هو فقط مسح دموعه بعنف و ابتعد بنية النهوض فهل جيس سيستمع له حقاً ؟

  يد الاكبر امتدت لتعيده بينما يمسح دموعه له بِرفق ثم هو ابتسم له بلطف :" آسف موافق ؟ أعلم تماماً ما عانيته ويل لكن أنا وجدت نفسي مجبراً على هذا ، ثم إن حدث لي مكروه أنا قطعاً لن أجرك معي إليه لست الوحيد الأناني هنا فأنا أريد للطفل الذي أنقذته بيداي أن يبقى حياً و بخير و أن يثبت للجميع أن موتي لن يشكل فرقاً بوجوده "

هو بعثر خُصلات الأصغر قبل أن يضمه له  :" أحبك و أنت تعلم هذا ! آسف لكنه كان واجبي و لحمايتك كان عليك أن لا تعلم أنت كنزي الثمين الشيء الذي أبقاني حياً عندما أردت تسليم نفسي لأعدائنا هو وجودك انت ! "

و رُغم الدفء الذي انسكب بأعمق نقطة بقلبه مع شعوره بنفسه و أخيراً بين يدي الأكبر هو ابعده لينهض دون أي حرف واحد و بتعابير غير راضية حقاً على هذه النتيجة ..

و ملامحه تلك جعلت الحاكم يقف ليتكتف يهتف بنبرة جادة :" و الحل هو أن تنضج "

و كلماته المُبهمة جعلت ويل يقطب حاجباه قبل أن يحدق به بنظرة جانبية دون ان يلتفت بالكامل ليجده واقفاً و ملامحه مليئة بالجد و الكبرياء !

_ :" أنا أناني أجل ! ، لكن لست ذاك الأخ المهووس الذي يطمح بإبقائك تحت جناحيه للأبد ! أود و بكل جدية رؤيتك تحلق وحدك دون تدخلي ويل ! "

كلماته هذه جعلت جسد ويل يلتف بالكامل اتجاهه بينما ابتسم الحاكم بعدها بنوع من العبث و السخرية يُتابع :" أيمكنك هذا ؟ تعثر ثم قف مجدداً حتى تتمكن من التحليق وحدك ! سأكون أمامك أمسك بك قبل سقوطك أرضاً ، انضج و تعلم من تجاربك ثم أظهر لي أنك من أسرة كروغر ! تعال و قف بجواري حينها "

ابتسامته تحولت لأخرى واثقة بينما يُردف بثقة :" أجبرني على أن أطالبك دون غيرك لتأتي معي لثقتي أن لا أحد سيتمكن من مجاراتي سوى أخي ! حينها سآخذك معي إلى أي مكان لأنك ستكون يدي اليمنى "

عينا ويل اتسعت لبرهة بصدمة قبل أن يفتح فمه بنية الرد  لكن عودة الأكبر للحديث حالت دون ذلك :" وقتها إن حدث لكلانا مكروه و كنا بوضع صعب معاً لن انظر لك بندم لجرك معي بل بفخر لقتالي بجوارك ! "

كلمات جيسي دفعت الكثير و الكثير من الطاقة لجسد الأصغر ! نظراته كلها كانت جادة بالكامل بينما يبتسم و نظرة واثقة مليئة بالجد و العزم أجابه :" كن عند هذا الوعد أخي ! لأنني سأجبرك على الاعتراف به "

هو اختتم عبارته ليغادر جناح الأكبر و كِلاهما كان يرسم ابتسامة ما على شفتيه !

*******

خيوط الفجر الأولى بدأت بالظهور بالفعل و معها كان ريكايل قد غادر غُرفته مُتجهاً لإحدى الحدائق للسير قليلاً ...

العمل حقاً ما عاد كبيراً ، الأمير الذي كان يلتصق به دوماً ما عاد يظهر إلا نادراً مُذ عودته ، و الآن ليُثبت لجيسي أنه سينضج و يصبح مُلائماً و بِشدة ليكون اليد اليُمنى لشقيقه !

ابتسامة لطيفة حقاً ارتسمت على شفتيه بينما يذكر ذاك العزم الذي ملئ مُقلتي أميره عندما أتى للحديث معه ليلاً و اخبره حول ما دار بينه و بين الحاكم ...

رؤية هذا و أخيراً و اختفاء ذاك الخوف الموجود بقلب ويل اتجاه شقيقه يُسعده و بشدة ، رؤية ضحكاتهم و ابتسامتهم حقاً يُسعده .

لكنه جلس بالنهاية أمام إحدى الأشجار بينما يُفكر أن كلير عادت رفقة جيفيري ! هذا دفع ابتسامته لتصبح أكبر و أكبر ...

بات يشعر بالحنين للذهاب و رؤيتها ، رؤية ريك بل و حتى والده الذي تجاهله بآخر مرة رآه بها و عِتابه على إخفاء الحقيقة عنه ، بالطبع هو لم ينسى رغبته برؤية والدته ، لطالما دافعت عنه لئلا يُعاقب على الأقل إن لم يكن قد تشاجر مع كلير كونها مُدللة الأسرة ! ..

ذاك الشعور يهاجمه مُذ عرف الحقيقة دون إرادة منه و التغييرات التي تحدث بهذا القصر تزيد من شعور الوحدة به .. ! ..

أطلق عِدة تنهيدات مُتعبة إلا أن عيناه اتسعت عندما شعر بوجود جيسي الذي أحاطه فجأة حيث إحتضن جسده و ثبته بيداه قبل أن يُريح رأسه على كتف الأصغر يهمس بنبرة خافتة :" بماذا تفكر ريكايل ؟! "

يد ريكايل امتدت لتمسح على تلك الخُصلات الداكنة دون أن ينطق بحرف واحد ! و لما عليه أن يفعل بينما يثق بأن سيده يعرف تماماً كل ما يجول بخاطره ؟

و لسبب ما عيناه ذبلت بينما يهمس :" آسف حقاً "

تنهيدة صدرت من جوف الأكبر قبل أن يبتعد قليلاً ليعدل من وضعيته حيث بات جالساً قرب مُساعده الأول :" ريكايل ريدفيلد ! كم عاماً يفترض بك أن تعيشه هنا بِرفقتي حتى تتعلم القليل ؟ بل كم محاولة يفترض بي تكرارها لجعلك أقوى ؟ "

بصر ريكايل تمركز على سيده فهو و بطريقة ما يشعر بوجود خلل بنبرة سيده الهادئة كما لو أن هناك ما يزعجه !

و هذا دفع العبوس ليحتل ملامحه على الفور :" هل هناك شخص ما ازعجك ؟ سأبيده فوراً أعدك ! "

ابتسامة مُزجت بين السخرية و الهدوء بشكل لا يمكن تكراره من شخص آخر سواه :" أجل ، أنت فهل ستقدم على الانتحار أيها الطفل ؟! "

و ملامح المعني تجهمت بالكامل ليُكتف يداه بملل تام :" إن فعلت هذا فأنت من سيندم ! من أين قد تجد لنفسك مُساعد مثلي بالنهاية ؟ "

الهدوء طغى على ملامحه مجدداً بشكل آثار ريبة ريكايل الذي قطب حاجبيه بقلق ! حقاً سيده لا يبدوا بخير و كأنه يُصارع أفكاره الخاصة وحده !

هذا جعله يُقرب وجهه منه ليلفت إنتباهه ربما ؟ و يد جيس امتدت لتبعثر خُصلاته بابتسامة لطيفة حقاً آثارت الكثير من القلق بداخل الأصغر ..

_ :" أنت حقاً لا تُجيد تقدير نفسك ريكايل ! لكنك محق أنا لن أجد لنفسي مساعد مثلك و لا أخ لطيف يعيث فساداً بالقصر دونك "

لم يعطي الأكبر فرصة لذاك الذي فتح فمه بدهشة للحديث حيث تابع هو :" و مع الأسف رغم كل شيء لن يسعني ألا أقلق عليك إن ابتعدت عنا ريكايل ، فبالنهاية أنت أكثر حساسية من ويل حتى ! تماماً كالزجاج يُجرح سريعاً "

عينا ريكايل كانتا تتسعان مع كل كلمة تخرج من جوف الأكبر الذي لا يزال يربت على خُصلاته بابتسامته تلك ذاتها ...

بالنهاية وضع الحاكم جبينه على خاصة الأصغر :" الأُسرة لا يشترط أن تكون إتصالاً بالنسب أو الدم ! يكفي حقاً وجود قلب ينبض بالقلق لأجلك ، يد تمسح على جروحك قبل يدك ، عينان تسهران لأجلك ، و سعادة تسبق سعادتك بأمر يخصك وحدك .. رغم كل هذا انت لا تزال تشعر بعدم الانتماء لنا ! "

شهقة خافتة صدرت منه بينما احمرت عيناه فجأة ليومئ سلباً :" ليس كذلك أنا ... "

لم يصمت لعجزه عن الرد بل لتلك اليد التي أغلقت فمه بينما ابتعد الحاكم عنه قليلاً :" أعلم ، أنت فقط علمت أنهم ما تخلوا عنك إلا لأجل حمايتك ، و هم بالنهاية أسرتك الحقيقية ريكايل ! ليس و كأن أي شخص كان سيختار البقاء بمكان مختلف عنهم و لو كنت مكانك لعدت بالنهاية لأسرتي الحقيقية مهما بدت علاقتي قوية للغاية مع من عشت معهم ! "

هو بالنهاية أخرج كِلا العقارين من جيب معطفه يمنحهما للأصغر :" أحدهما سيشفي جسدك من السُم و الآخر سيعيدك لتكون بشري بالكامل ! يمكنك العودة ببساطة دون قلق لأسرتك الأولى بينما عليك إدراك أنك تمتلك أسرة ثانية هنا "

و شهقة أقوى من سابقتها صدرت منه لاسيما عند صدور صوت ويل العابس :" أنا غير موافق على هذا لكن سأخبرك بأمر ريكايل تجرأ فقط و دع شهر يمضي دون قدومك لزيارتي "

جيسي كان قد نهض بالفعل حيث وقف قرب شقيقه و من خلفهما ظهر إينزو و أشقائه لينطق الأكبر :" من المؤسف أنني لن استطيع تذوق دمائك مرة ثانية ! "

رفع جيسي أحد حاجبيه باستنكار تام محدقاً بعمه قبل أن ينطق سام بعبوس :" قابلت هذا الطفل مرة واحدة فقط و شربت من دمائه و أنا من كنت أقوم بالعبث معه دوماً لم أتذوقها لليوم "

كتف ويل يداه محدقا بكلا عميه باعتراض كلي بينما تحدثت آدريانا بنوع من السخرية :" عزيزي سام أذكر أنك وددت شُرب دِماء والده بالمعركة أكان هذا نابعاً من رغبتك الخاصة بشرب دماء ابنه ؟"

رغب سام بالإعتراض لكن صوت جيس قاطع الحديث بنبرة غير ودودة :" حقاً !؟ عمي إينزو و أنت عمي سام أترغبون حقاً بإكمال حديثكم هذا !؟ "

أجابه إينزو بسخرية :" و يفترض بي الخوف ؟! "

تجاهل جيسي الإجابة لينظر لذاك الجالس أرضاً بصمت مطلق بينما عيناه تحدقان بالعشب من تحته !

ابتسامة ساخرة ارتسمت على شفتيه لاسيما عندما لاحظ تلك الدموع التي تتساقط تِباعاً ، لذا هو تقدم نحوه ليسحبه بقوة من ذراعه ثم أحاطه بعناق ليتقدم ويل و يحتضن كلاهما هو الآخر

جيس بالنهاية أغلق عيناه ليهمس :" أنت حقاً طفل و أنا فشلت بتغيير طباعك لكن بمملكتي أو بخاصة والدك ليحاول أي مخلوق إزعاجك و سأتكفل به شخصياً "

تنهد بعدها بينما يهمس :" حقاً ريكايل لوهلة رغبت بتحطيم هذه الزجاجات ! لم أرغب بمنحك إياها لكن أنت بالفعل بِحاجة للعودة على ما يبدوا فقط عليك معرفة أن منحي لك الطريقة للابتعاد لم يكن أمر سهل بالنسبة لي "

و ريكايل تشبث به بقوة و بأميره لينطق بنبرة خافتة :" و لا المُغادرة سهلة بالنسبة لي سيدي ! أنا أُحبكما كلاكما أكثر من أي شيء آخر لذا آسف حقاً إن كنت يوماً ما بطريقكما "

تنهيدة متململة صدرت من ويل الذي ابتعد سريعاً :" تعتذر بشأن ماذا تماماً ؟ أنت على ما يبدوا لم تفهم حرف واحد مما قاله لك أخي تواً ! "

و هنا تدخل سام بسخرية :" أجل مع الأسف عقله سميك بعض الشيء .. "

و العبوس طغى على ملامحه بينما يُكتف يداه باعتراض شبه طفولي :" سنرى عندما يسود الهدوء هذا القصر حينها فقط ستقدرون وجودي هنا "

ابتعد الحاكم هو الاخر ليجيب بسخرية :" تعني أن حُلمي و أخيراً سيتحقق بقصر هادئ ! "

همس المعني لنفسه :"  هادئ بأحلامك فقط "

و جيسي استدار للمغادرة عائداً لقاعة العرش :" سمعتك ريكايل ! "

العبوس عاد لملامح الاصغر بينما تفرق الجميع من حوله و بقي ويل فحسب ليجلس بجواره مقرراً قضاء هذا اليوم رفقة أول صديق له ...

#### قارة أوقيانوسيا ####

العبوس كان طاغياً على ملامح الحاكمة التي خلعت التاج خاصتها تضعه على الطاولة أمام زوجها بمكتبه ؟

و رغم أن مكتب الحاكم كان هادئ للغاية و به العديد ممن يعملون بسرعة فالمشروع الذي أوكله حاكم مصاصي الدماء لهم بحاجة للكثير من العمل للحق !

لذا ريك و جيفيري و والد الثاني كانوا قد بدؤوا بالمُساعدة بمُختلف الطرق الممكنة للتخطيط و ترشيح الأشخاص الملائمين للعمل ...

حركة الحاكمة جعلت الأعين تتركز عليها لوهلة بينما نطقت هي باستياء :" وعدتني بزيارة ريكايل ألم تفعل ؟ و لا تجرؤ و تقول أن العمل يمنعك لأنها ليست سبب مقنع حقاً ! "

_ :" فقط أعطني أسبوع واحد ! "

شهقة مُعترضة صدرت من بين شفتي المعنية :" يوم واحد و إلا سأذهب بمفردي ! لا يهمني حقاً سواء قبل بتواجدي أم لا ! المهم أن أراه هذا فقط "

أخفض ريك رأسه بينما عيناه ارتكزت على والده مُفكراً أن والده مُذ رفض ريكايل التجاوب معه و هو مكتئب نوعاً ما ؟ لكن أولم يقل يوماً أنه فقط مستعد لرؤية توأمه سعيد ؟

لكنه ما إن رآه بات راغباً بأن يكون جزء من حياته و معه بل و أن يكون توأمه مقرباً منه أكثر من أي شخص آخر !

********

الإرتباك بدى واضحاً على ملامح ريكايل الذي توقفت العربة التي تقله و أخيراً بمنتصف ساحة القصر بمملكة البشر !

قلبه ينبض بقوة شديدة كما لو كان يخوض معركة قاتلة ، هو مُذ وصوله للحدود بقي يحدق بالخارج بالكثير من الحنين و الارتباك ...

لا يعلم لما يشعر كما لو كان طالباً حديثاً يوشك على أن يخطوا أول خطوة له داخل أسوار المدرسة ..

بعثر خُصلاته عندما تقدم أحد الحرس لفتح باب العربة من أجله مما دفعه للنزول فليس و كأنه سيبقى للأبد بداخلها صحيح ؟!

للآن هو حقاً لازال يحتفظ بالعقارين معه دون تناولهما ، بدى كما لو أنه رغب أولاً بالشعور بالاطمئنان هنا قبل أن يقدم على خطوة لن يمكنه التراجع عنها لاحقاً ..

و مع أولى خطواته بساحة القصر الواسعة انحنى الحرس المُتواجدين هناك بينما نطق أحدهم :" أهلاً بك سمو الأمير الثاني "

رغم ظهور خيط رفيع من الدهشة بنبرته إلا أن ريكايل ابتسم له بخفة ! حسناً هم يعرفون هويته ؟ أو فقط لأن ريك بالقلعة ؟

حسناً وجود ريك للحق هو ما شجعه على التقدم للأمام و دخول القلعة و أخيراً ، مشاعر عميقة للغاية هاجمته هذا المكان هو ولد به !

يمكنه تذكر مئات الذكريات بكل زاوية له هنا ؟ عبثه بالأرجاء و لعبه ، مقالبه و ضحكاته بل حتى شجاراته مع بقية الأسرة كلها تخطر بعقله الآن ..

أي نوع من الحنين هو هذا حقاً ؟؟ يود لو يمكنه احتضان هذه القلعة كلها بداخله ! جُدرانها و أبوابها و كل شيء متواجد بها بما فيهم الحرس و الخدم خاصة أولئك الذين تذكرهم ؟

أفكاره و مشاعره تبعثرت بالكامل عندما شعر بجسده يهوي أرضاً عندما فجأة شعر بثقل ما يلقى ناحيته ؟

لا لم يلقي أي احد شيء ما عليه بل تلك الطفلة فقط أسقطت نفسها عليه و هاهي الآن تحتفل بهذا عبر صوت ضحكاتها التي ضجت بالأنحاء !

العبوس ظهر على ملامحه بينما هي جلست على معدته تحاول التوقف عن الضحك !

تلك الضحكات لا بل تواجدها قربه الآن و رؤيتها بخير جعلته يعتدل بجلسته حيث أجبرها على الابتعاد و الجلوس جانباً قبل أن يحتضنها بقوة شديدة ..

قوة هي ما عارضتها حقاً بل بادلته إياها :" أتمنى أنك هنا لرؤيتي أنا ! كما تعلم أنا من كادت تموت للأبد ! "

و هو غرس رأسه بكتفها يقربها منه بينما يهمس :" و أنا حقاً شاكر لك نجاتك كلير ! أكثر من أي شيء آخر حقاً شكراً لك أختي "

صادق للغاية ! هو حقاً أشعرها بنوع من الحرج فريك دائماً ما يزور مشاعره ، لا يظهرها و إن فعل تكون بشكل أخرق على خلاف من يحتضنها الآن و هنا حقاً هي تذكرت أنه لطالما كان أكثر حساسية من كل شيء !

لا هي بعثرت خُصلاته بينما تنطق بمرح :" أجل بالطبع أنت عليك الامتنان لي عزيزي لكونك لاتزال تمتلك أفضل شقيقة بهذا العالم بأسره "

ضحكة خافتة هربت منه بينما يقف رفقتها :" أجل بالطبع سموك ! "

و هي أمسكت بيده بقوة قبل أن تركض تجره معها حيث مكتب والده و تجمع الأسرة ؟!

و هو فقط سار خلفها بينما وقف كلاهما خلف الباب لتضع هي يدها على فمها و كأنها تطالبه بالصمت و بدأت تحاول الاستماع لما يجري بالداخل ، الأمر ما كان سهلا بالنسبة لها لكن ريكايل الذي ما زال يمتلك حاسة السمع القوي ما كان بحاجة لبذل الكثير حقاً ليصله موضوع حديثهم و الذي كان يدور حوله ؟؟

حيث كانت الحاكمة تقف أمام زوجها مباشرة تشير له بإصبعها :" أنت لا تتجاهل حديثي ! أريد رؤية صغيري الآن ، أنا وافقت على الخروج من جناحي الخاص و إرتداء التاج الملكي و العودة لاستلام مهامي كحاكمة فقط لأنك وعدتني بأخذي لرؤيته إن لم تفعل سأعود فقط لما كنت عليه "

و الحاكم فتح فمه سريعاً فهو حقاً لا يرغب قطعاً بعودتها لذلك ، هي بكل يوم كانت تذبل بل لازالت آثار تلك السنوات مرسومة بجسدها الهزيل و عيناها التي بالكاد عادت لتلتمع قليلاً بالحياة !

_ :" أخبرتك أسبوع واحد لما لا تستمعين لي ؟! "

عاد العبوس ليطغى على ملامحها لولا صوت طرقات الباب على المكتب ! و من خلفه شهقت كلير برفض بينما هو كان قد أخفض رأسه ..

أيفترض به السعادة لتأثر والدته برحيله أم الشعور بالألم لكونه كان بخير طيلة هذه الأعوام و هي لا !!؟

_ :" تفضل !!"

و هنا لا مجال للهرب حقا صحيح ؟! عليه الدخول بالنهاية و رغم هذه الأفكار بصره ارتكز على كلير و كأنه يطالبها بالدخول أولاً و منحه القليل من الوقت ؟

و هي ابتسمت بعبث مُطلق تحرك يداها بلا اهتمام :" أنت من طرق الباب لذا تفضل بالدخول قبل أن يخرج أحدهم لرؤية من الطارق ! "

_ :" لئيمة ! "

هو نطق كلمته هذه بهمس يمكنها سماعه لتخرج هي لسانها نحوه بالمقابل بنوع من الشقاوة ، حركتها تلك جعلته يقلب عيناه بملل قبل أن يفتح باب المكتب ليطل برأسه أولاً بابتسامة ما ينطق بعبث ربما :" هل يحتاج أحدكم إلى القليل من الفوضى و العبث بدلاً من كل هذا الهدوء ؟ "

و الصمت حل بأرجاء المكتب بأسره بينما اتسعت أعين المتواجدين ! لثوان فقط ألم يكن هو محور حديثهم تواً ؟؟

و أليس هو من رفض حتى الحديث مع والده عندما قابله ؟

جيفيري كان أول من ابتسم بخفة بينما انحنى بخفة :" أهلاً بتواجدك سمو الأمير "

كلير فتحت الباب بالكامل لتدخل للمكتب و من خلفها خطى ريكايل للداخل و حينها اتسعت ابتسامة ريك قبل أن ينطق :" و هل مللت من نشر الفوضى بقصر ذاك الحاكم المتغطرس ؟ "

عبس المعني من فوره كنوع من الإعتراض ! هو أراد تحويل اعتراضه هذا لكلمات لكنه و قبل أن يدرك حتى كانت يدا الحاكمة تحيطه بكل قوة بينما دموعها بللت قميصه بالفعل !

لوهلة شعر بنفسه عاجزاً عن التصرف حقاً ! فقط متى فقدت هي وزنها ؟ لما بات وجهها شاحباً بعيداً عن ذاك التألق و الصرامة الذي كانت عليه بالماضي ! أيكون هو السبب بكل هذا حقاً ؟

رغم أنها طالما غضبت منه و قامت بتوبيخه فهل يصبح حالها هكذا لمجرد رحيله ؟

هو فقط حدق بريك و كأنه يُطالبه بمساعدته ؟ و الأكبر ابتسم له بشكل يبعث الطمأنينة لدواخله مما جعله يبادلها الاحتضان و أخيراً !

هو انخفض يطبع قبلة ما على رأسها بينما ينطق بنبرة لطيفة :" لقد عدت جلالتك فهل ترحبين بعودتي ؟ "

دموعها ازدادت غزارة حقاً فهو احتضنها أيضاً بل و يتحدث معها ! لم يرفضها بل هو سمح لها بالاقتراب حقاً ...

_ :" و هل ستجرؤ على ترك أمك مجدداً ؟؟ أنا لن أسمح بهذا و إن فعلت سأموت أقسم "

شهقة مُعاتبة صدرت من بين شفتيه بينما تقدم ريك يضمها من الخلف حيث وقف مقابلاً لتوأمه :" الآن حقاً أُمي لا داعي لكل هذا ! لقد أتى بنفسه لرؤيتك فلما قد يختفي مُجدداً ؟ "

كلير حدقت بهم بنوع من الهدوء قبل أن تنطق بحاجب مرفوع :" بأي حال ريكايل هل منحك الحاكم جيسي ما أعطته إياه كات ؟! "

ذاك السؤال المُباغت جعل بصره يرتكز عليها ، هي كيف تعلم حقاً ؟ لم يكن ينوي إخبار أي أحد حقاً قبل أن يضمن أنه لن يندم ربما ؟

و جيفيري نطق بنبرة هادئة :" آسف ، أنا أخبرتها بهذا عندما استعادت وعيها هناك "

بصر ريكايل اتجه للأكبر إذاً كلاهما يعرف بشأن العقار الذي وصل له ؟

لكنه ما استطاع الاجابة حيث نطق ريك بابتسامة مليئة بالشر :" لحظة واحدة ! أهنالك أسرار ما تمضي دون علمي حقاً ؟! "

و مُجدداً لم يُتح لتوأمه الرد حيث هو أمسك بيده ينطق :" أرجو المعذرة لكنني سأستعير ريكايل قليلاً "

تنهد الأصغر بخفة فهل يمكنه الهرب حقاً الآن ؟ لكن بصره وقع على الحاكم الذي نطق بنوع من الهدوء :" بالطبع "

و شيء من الارتباك عاد ليطغى على جسده هو ألم يتجاهل والده طوال هذا الوقت ؟!

رغم أن الخروج من المكتب الآن بعد ملاحظته لهذا أمر يريحه لكن هكذا ألن يعتقد الأكبر أنه لا يريده ؟

هو عبس قليلا لكنه و مع وصوله لباب المكتب أخذ نفساً عميقاً ثم التف مجدداً مُحدقاً بالحاكم الذي كان ينظر لهما بالفعل بينما يغادران لتلقي أعينهما !

ريكايل رمش عدة مرات قبل ان يبتسم بنوع من المرح :" لكن جلالتك أنا سأعود لنشر العبث هنا فلا تشعر بالراحة مُنذ الآن "

و تلك الجملة رغم بساطتها ربما إلا انها جعلت ابتسامة واسعة ترتسم على ملامح المعني بينما يجيب بثقة ربما :" أنتظرك دائماً بُني "

#### قارة ليموريا ####

كسيل الذكريات تمضي بِنا الحياة ، كطُرفة العين تجري بِسرعتها ، أيامها تمضي بِلا تساوي و لا تشابه ، ما بين الحزن و السعادة هي أوقاتها و كُلها ماضية بلا توقف !

عام كامل مضى مُذ لحظة عودة كل فرد لمملكته ، الكثير قد حدث حقاً ، الأوقات التي عاشها كُل منهم لازالت محفورة بقلوبهم قبل ذكرياتهم ...

تلك الأوقات التي ظنوا بها أنها النهاية ، و أن الألم و الحزن هو ما ينتظرهم فقط ها هي الأيام تدور مانحة إياهم من دِفئها ...

تُخبرهم أن كل مُر سيمضي لابد و كل ما كان مؤلماً بالأمس سيغدوا أمر لا يمكن تذكره !

و اليوم هاي هي المملكة يتم تزينها بأبهى حُلة لها على الإطلاق ، ترسم طريق مُضيء بكل العاصمة إستعداداً للإحتفال بِحفل زفاف قائد جيوشها الذي تم ترقيته من نائب قائد الجيوش للقائد ... ربما هو أحد أكثر الأعمال التي تردد الحاكم من فعلها أن يسلم جيش مملكته لأكبر عابث بها ..

لكنه حقاً أثبت أنه يستحقه بجدارة إن تغاظى عن العبث الذي كان يكتسح الجيش بتواجده !

و ليون عاد ليستلم دوره كأمير ثان للمملكة بعد أن تم عقد صلح ما بينه و أسرته و ما بين أسرته و آلبرت ..

ريبيكا تم استبعادها من الجيش بِفضل الشرط الذي وضعه آلبرت سابقاً فهو ما أراد تكرار تلك التجربة مُجدداً ...

نيرو عاد لحياته الهادئة بِبساطة و إن كانت حبال الصداقة التي التفت حوله مقربة إياه من البقية تجعل كلمة عودته للحياة الهادئة أمر يشك به حقاً ؟ لكن على الأقل لا مخلوقات غريبة تهاجمه !

سيلفر أصبح نائب قائد الجيوش و ربما هو من يكاد يجلط آلبرت الذي اكتشف أن الأكبر أكثر صرامة من ليون حتى و كأن هذا ما ينقصه ..

لكن أياً من هذا ما كان مُهماً لهذا اليوم حيث تواجد كُل من ليون ، سيلفر و نيرو رفقة آلبرت الذي كان يرتدي تلك البدلة السوداء الرسمية بينما يحدق لنفسه بالمرآة ...

غير مقتنع هو ليس بفكرة زواجه اليوم قطعاً بل فقط لفكرة أنه سيبقى جالساً ينتظر التهنئة من الآخرين و غيرها من التفاهات !

أحقاً عليه فعلها ؟ هو بحق الإله يفسد الحفلات عادة فكيف يجلس بهدوء و إن كان زفافه هو ؟!

نيرو كان يحدق به بينما يجلس على إحدى الآرائك ينطق بنبرة هادئة :" أتعلم بت أشفق عليك حقاً ! من قد يتزوج ؟ و الأسوء من ريبيكا هذا جدياً أكثر فظاعة حتى من الزواج بعجوز صدئة ! "

شهقة صدرت من المعني بينما أشاح سيلفر بوجهه ليضحك بلا صوت أما ليون فقد وضع يده على كتف رفيقه مواسياً ؟!

حركاتهم تلك جعلته يرفع أحد حاجبيه قبل أن يبتسم بشر :" إن رأيت أي منكم قد بقي هنا سأتأكد من فصل رأسه عن جسده أعزائي ! "

ضحكات الثلاثة ارتفعت ليغادروا الغرفة فلازال هناك عمل بانتظارهم بأي حال بتنسيق الحفل و الترحيب بضيوفهم ربما ؟!

و بالأسفل بالفعل كانت الوفود قد بدأت بالوصول ، الأسرة الحاكمة ، النبلاء و بعض العامة و الجنود !

ثُم من هم من ممالك أخرى حيث كان حاكم مملكة مصاصي الدماء أول الواصلين منهم رفقة شقيقه و مُساعديه كايلي و كولين ...

بالنسبة لهم تغير الكثير أيضاً خلال هذا العام ، ريكايل غادر و هذا دفع ويل للإعتماد على نفسه بشكل أكبر ! هو تدرب بجد ليحقق وعده لشقيقه الأكبر ..

الآن قواه حقاً باتت الضعف و قد بدأت تصرفاته تصبح أكثر حكمة و أقل تهوراً !

كايلي و كولين كِلاهما بدأ العمل بالقصر كمُساعدين للحاكم لكن حقاً لا يذكران عدد المرات التي كانا كِلاهما أو أحدهما يذهب لريكايل لسؤاله عن أمر ما أو الاستعانة به و أحياناً إحضاره ليتفاهم هو مع جيس ! ...

و من خلفهم وصلت عربة مملكة المتحولين حيث تواجد بها حاكمهم و مساعديه و شقيقته ..

الهدوء كان طاغياً على تلك المملكة حقاً ، و كُل من آندريه و آلكس انسجما بالعمل رفقة كيفين و إن كان الحاكم و مساعده الثاني يتفقان على الأول كثيراً مما يؤدي لترك آندريه العمل و جعلهما يغرقان به وحدهما كنوع من العقاب ؟

إيما تدربت على القتال خلال تلك الفترة و بدأت بتعلم مهامها الرسمية بعيداً عن أجواء الترف الذي كانت سابقاً تعيش به بلا أي مسؤوليات ...

و من بعدهم وصل وفد قبيلة الجان حيث احتوى على الأصدقاء الأربعة الذين بدؤوا بالعيش معاً بقصر أسرة مارش ..

نيو قائد جيوش مملكة الجان بينما بات إيكاري قائداً لإحدى الفرق العسكرية !

آيزاك أصبح مسؤولاً عن أموال الأسرة و تجارتها رغم أن العلاقات التجارية و غيرها زاك من أدارها كون توأمه كان ليفسد علاقتهم بالجميع حرفياً ..

و بالنهاية وفد السحرة و البشر تزامن وصولهم ذات التوقيت !

الإنقلاب تم بمملكة السحرة مُذ ست أشهر مضت ليتوج كلاي كحاكم لها كونه ينتمي للأسرة الحاكمة ، آرثر أصبح مُساعده و مستشاره بينما تم منح قيادة الجيش لآرون ..

ميلينا رغم أنها بدأت بعمل بعيد عن الجيش و غيرها حيث افتتحت مقهى لطيف بالعاصمة إلا أن علاقتها بهم ما قلت و هي ترافقهم بتجمعاتهم دائماً بل كلاي قد يذهب للمقهى بنفسه عندما يشعر بالملل و هذا منح المقهى شعبية كبيرة لزيارة الحاكم الجديد له ..

أما مملكة البشر فقد استعاد قصره الكثير من الضجيج و الحياة مع عودة الأمير الثاني للعيش بها ..

بينما ازدادت أهميتها حقاً كونهم أصحاب فكرة الحاجز التي أنقذت الجميع من الحروب و تواجد المهجنين و ازدادت الإيرادات الخاصة بها و تجارتها مما جعلهم يتخطون الخسائر الناتجة عن الحروب التي تعرضوا لها ...

الأصوات كانت مُرتفعة نوعاً ما بالقاعة التي تزينت بالورود الحمراء و البيضاء حيث كانت كُل مجموعة تجلس معاً و تتحدث !

و بالمنتصف كان أولئك ممن تشاركوا مهمة واحدة مصيرية جمعتهم يقفون جميعاً بلا استثناء ، يسخرون ، يعبثون ، يتشاجرون أحيانا ثم تجدهم ينفجرون من الضحك على أحدهم ..

حتى تينا التي غادرت قصر المتحولين منذ عام مضى و بدأت بالعيش رفقة أسرتها تواجدت و معها طفلة بالكاد يتخطى عمرها ثلاث أشهر و بِطريقة ما رؤية تلك الصغيرة أشعر الأميرة بالكثير من الدفء و السعادة ، أجل لم تخطئ عندما منحت الأخرى حريتها !

و المعنية وضعت الطفلة بين يدي الأميرة التي حملتها بكل سرور ! ، و هذا المنظر دفع ابتسامة لطيفة للارتسام على وجه آرون و آرثر ..

لوهلة بالمهمة كاد كلاهما يعتقد أن لا سبيل لنجاة خيط الصداقة الذي يربط هاتين لكن تصرف إيما بترك تينا ترحل كان قد جعله يعود لشيء من قوته و الآن تواجد الثانية هنا مع ابنتها و منحها للأميرة لتراها ينقذ جزء آخر و من يعلم ما قد يرسمه المستقبل لهاتين الصديقتين  !..

سيلفر كان يقف بجوار آلكس يسند يده لكتف الأصغر و كأنه يطمأن عليه بشكل صامت و إن كانت الزيارات بينهم لم تتوقف خلال العام بل إن قصر كيفين كثيراً ما أصبح مكان لتجمع هؤلاء الرفاق لأجل رؤية آلكس تحديداً ..

بالبداية أي منهم لم يتخيل أن يأتي اليوم الذي يرون به رفيقهم هذا يعود للضحك و المُزاح بلطف و هم ممتنون ربما لكيفين و آندريه لعنايتهم به حقاً ، جميعهم بات لديه أسرة و مملكة ينتمون لها و المزيد من الأصدقاء !

بالنهاية الأجواء هدأت بالكامل عندما تم فتح الباب الرئيسي للقاعة استعداداً لدخول العروسين لذا تفرق الجمع الضخم من المنتصف ليجلس كل منهم على الطاولة المخصصة له ..

الوحيد الذي ترك مقعده كان ريكايل الذي احتضن جيس الجالس بمكانه يهمس له بمرح :" متى دورك جلالتك !؟ أنظر بدأ الأصغر سناً منك يتزوجون و تينا أصبحت أماً بالفعل ! "

ابتسامة الحاكم الساخرة ارتسمت على ملامحه بقوة و هو يجيب ذاك الواقف خلفه :" سأكتفي إذاً برؤية الأصغر سناً يفعلون و أتأكد من انضمامك أنت لهم عزيزي ريكايل رغم أنني منذ الآن أشفق على أبنائك ! "

قلب الأصغر عيناه بعبوس :" لا أفهم كيف تقلب دائماً الأمر ضدي "

هو آمال بجسده بعدها يحدق بسيده السابق و صديقه :" لا تدع شقيقك يفسدك أميري ويل ! "

و المعني ضحك بخفة بينما يعيد جسده للخلف ليصبح رأسه مستنداً على جسد مُحدثه :" أنا لن أفعل لا تقلق ! سأصبح أقوى و أفضل لكن لن أكسب صفاته اللئيمة هذه التي ورثها من عمي إينزو "

أومئ ريكايل له بقوة بينما همس صوت الحاكم :" دقيقة واحدة فقط إن لم يختفي كلاكما من امامي سينتهي بكما المطاف تجثوان أرضاً "

تلك المحادثة لو وقعت قبل عام فقط لكان محتواها مُختلفاً تماماً بحيث كان الحاكم سينسحب من تحدي شقيقه الأصغر أو إزعاجه إلا أنها اليوم باتت إحدى المُحادثات الطبيعية بينهما و التي تنتهي أحياناً بنهوض جيسي و قلع أذن الأصغر ربما ؟

بأي حال كُل من ويل و ريكايل صمت ليس لتهديد الحاكم حقاً إلا ان دخول آلبرت و ريبيكا للقاعة جعلهما يحدقان بهما !

ريبيكا بدت مذهلة حقاً و كأنها المرة الأولى التي يراها أي منهم كفتاة كونها طالما ارتدت ثياب العسكر و حملت سيفها فحسب ...

بينما بدى آلبرت مضحكا لسبب جهله الجميع رغم وسامته أو ربما لأن الجميع لا يتخيلون اكثرهم عبثاً مسؤولاً عن أسرة ما !

تنهد جيس بملل و هو ينطق :" أشفق على سيلفر و ليون من الآن فذاك الطفل سيفسد العالم دون تواجدهما خاصة عندما يصبح لديه أبناء "

ريكايل ضحك بخفة من تعليق الحاكم بينما نطقت كايلي بمرح :" آوه لا تقلق جلالتك سيلفر لديه خبرة بالتعامل مع الأطفال و صبر عظيم حقاً "

و ابتسامة ساخرة عادت للارتسام على الحاكم مُجيباً :" لم يكن ليحتمل بقائكم حوله لو لم يكن كذلك !"

رغم العبوس الذي ظهر عليها و على كولين ربما إلا أن أي منهما لم يعلق حقاً بل تابعوا القسم الذي كان كُل من العروسين يقطعه على الآخر ..

و جميعهم حقاً يُدركون أنهما قادرين على تحقيقه بسهولة فتلك التي اخترقت صدرها بمخالبها فقط لإنقاذ من تحب لن تخون و لن تبتعد عنه بينما ذاك الذي يقدر تماماً معنى الوفاء و تذوق من مآساة الشك لن يكرر الزمن مهما حدث ..

و ربما جميعهم كان يبتسم بدفء و سعادة برؤية حياتهم تمضي بهذا السلام النسبي ، معاً هُم و كُل منهم بجوار الآخر كأسرة كبيرة متنوعة يستند كل منهم على الآخر لئلا يسقط !

و مهما كان الحِمل ثقيلاً فهذه الأسرة الضخمة قادرة على حمله كله معاً ليتقاسموا مرارة الأيام قبل دفئها و سعادتها ...

~ النهاية ~

و الآن وصلنا لآخر محطة لهذه الرواية و كل هذا بفضل تواجدكم و تشجيعكم لي !

عندما بدأت بها لم أفكر أننا سنصل للنهاية حقاً لكن ها نحن ذا و هذا شعور غريب للغاية فكم من عام أمضيته معهم و معكم و مع تعليقاتكم ...

لكن ككل مرة أكرر لكل بداية نهاية .. و نهاية الشيء هو بداية لشيء اخر !!!

أشكر كل من وصل معي حتى هذه اللحظة ... لكل من صبر و لم يفقد الأمل بعودتي لإتمامها ..

شكرا لكل من علق أو صوت او حتى مر من هنا فحسب

قد اقوم بكتابة فصل اضافي بعد عدة سنوات طويلة كعشرين عاما مثلا لنرى ما حدث معهم ..  لكن لا وقت محدد لكتابته للان

اذا حتى لقائنا التالي برواية جديدة استودعتكم باللذي لا تضيع ودائعه

Bạn đang đọc truyện trên: AzTruyen.Top