الفصل الثلاثون

ساد صمت مُهيب بالمكان وكل منهم يتأمل ملامح الآخر بصدمة وشيء من عدم الإستيعاب , هل ستتوقف هذه القارة عن مُفاجأتهم حقاً ؟

أول من نطق كان نيرو الذي تحدث بشيء من التوتر :" أأنتم واثقين أن هذه الكريستالات تعمل ؟! لقد أُغلقت التشققات فجأة ألا يعني هذا أنهما ربما .. "

صمت تماماً عندما توجهت الأنظار نحوه لاسيما نظرات جيسي التي أجبرته على إبتلاع بقية أحرفه , ريك حدق به بضياع تام فمن يتحدث هو عنهما هكذا أفراد أسرته , توأمه وشقيقته الصُغرى !

تقدم آرثر للمنتصف بينما يتحدث محاولاً إخفاض تلك الهالة السلبية التي أحاطت بهم :" بل نحن واثقين بذلك ! هي تعمل ولو أنهم أموات لعادت جثثهم لكم ! ثم هذا المكان عجيب أساساً لذا لن يكون الأمر شديد الغرابة إن نُقلا لمكان آخر بدلاً من الموت "

عاد الصمت ليغلف المكان بينما تراجع جيسي خطوة للخلف , حتى لو كان على قيد الحياة فالسؤال بعقله هو إلى متى ؟! سيحتاج إلى الدماء عاجلاً أم آجلاً و حتى يجد مصدر ما لها جروحه لن تُشفى بتلك السهولة مما يجعله أقرب للبشري ! أي من فقدوهما تواً بشريان يحتاج جسدهما لمُعجزة ما للنجاة من الضربات القاتلة عكسهم !

أدار بصره عندما شعر بيد ما تلتصق به , تنفس بعمق فهو يدرك بأن شقيقه يعلم هذا تماماً , يدرك أن صديقه بموقف فظيع وربما وحده ؟!

ويل نظر لعينا شقيقه و ذلك القلق الذي رآه بهما جعلاه يمحو أي أمر إيجابي ! دموعه تجمعت بينما أخفض بصره أرضاً , لماذا أنقذه ؟ هو كانت لديه فرصة أكبر للنجاة ! ليس ضعيفاً حقاً و يمكنه الدفاع عن نفسه إذاً لماذا ؟

إحتضن جسد شقيقه فقط و الذي أحاطه بيديه مُحاولاً تهدأته , آرون أخفض بصره و عاد لذلك الكهف الذي لم يختفي بعد فآخر ما سيفعله حقاً هو الوقوف و مُشاهدة شخص ما يبكي على أحدهم , آرثر حدق برفيق طفولته بقلق شديد و مع ذلك هو أعاد بصره للمشهد أمامه بصمت , هو و رفيقه تجرعا من ذات الكأس لكن كلاهما كانت له ردة فعل مُختلفة تماماً , هو لن يُدير ظهره فقط للموقف بل سيحاول إيجاد شيء ما يُساعد أو يخفف عن من أمامه !

آلبرت وجه نظراته لأمير البشر بهدوء و الذي كان بعيداً نسبياً عنهم , هو حتى لم يكن يبكي ولا حتى عيناه مُلتمعة لكنه يعلم تماماً أن ما بداخله مُختلف تماماً , بالنهاية هو أيضاً تبع آرون للداخل بينما يفكر بأنه حقاً لا يرغب بموت ذلك المُستشار الذي كان بفريقه فهو شخص طيب بالفعل !

ليون تبع رفيقه بصمت وخلفهما ريبيكا , ليس وكأن أي منهما لم يتأثر بما حدث مع ذلك فلا عمل لهم معهم , نيرو و الذي كان مُتشائماً قبل بُرهة أخفض رأسه لتُغطي خُصلات شعره القُرمزية عيناه وهو ينطق :" هو لن يموت بسهولة ! لإنه مُنافسي ! "

كيفين هو الآخر إنسحب من الموقع مُباشرة , هو لا يعرف ولم يختلط بأي منهما لذا لا يشعر حقاً بالكثير وربما فقط الإمتنان لإن شقيقته و صديقه لم يكونا بدلاً منهما ؟!

على عكسه آندريه شعر بشيء من الحُزن الذي لم يستطع منعه و بداخله يتمنى عودتهما بخير , وقطعاً لا السيدة أو خادمتها إهتمتا حقاً بما يحدث حولهما .

زاك توقف عن الحركة وهو يشعر بألم فظيع حقاً , فالأميرة لطالما وقفت بجانبه هو عاش معهم فترة طويلة جعلته جزء من تلك الأسرة الصغيرة ! يرغب بالبكاء حقاً ! كما أن ريكايل و بالرغم من أنه لم يلتقه كثيراً ساعده و أنقذه ! لا يريد الوقوف كشخص عاجز أمام رؤيتهم يتعرضون للخطر !

ألا يمكنه التدخل وفعل شيء ؟! حقاً أي شيء لإنقاذهم ؟ أأخراج طاقته كهجين قد تُساعد ؟! شهق عندما شعر بيد توأمه على كتفه ليلتف له و الدموع تتجمع بعيناه , هو يرفض أن يقف بصمت فقط ! آيزاك إقترب منه يُبعثر له خُصلاته بينما يتحدث بهددوء :" ثق بهما ! علينا فعل ذلك !  تلك الفتاة ساهمت بإنقاذك صحيح ؟ هي ليست ضعيفة و قطعاً مُستشار الحاكم ليس بذاك الضُعف وفقط لنتمنى أن يكون كلاهما معاً "

أخفض بصره بينما يجيب :" لكنهما ليسا على وفاق حتى ! "

تقدم إيكاري بينما ينطق بهدوء وشيء من التفاؤل :"بالمواقف السيئة كهذه لا أحد يذكر حقاً خلافاته بل يركز الشخص على النجاة "

ليس وكأن هذا كافٍ لإخماد قلقه المتأجج بأعماقه لكن أيمكنه حقاً فعل شيء آخر ؟ هُم حتى لا يشعرون بطاقتهما بالقُرب وكأنهما إنفصلا عن الجميع !

جيف وقف بالقرب من سيده بهدوء تام , يُدرك أن ما يشعر به كلاهما مُختلف تماماً كما أن الكلمات مهما كانت يستحيل لها أن تُطفأ ما بداخل المرء من توتر !

لذا لا يمكنه سوى الوقوف هُنا مُبتلعاً مشاعره الشخصية و قلقه هو لأداء واجبه إتجاه صديقه و سيده , البقاء بجواره ودعمه حتى اللحظة الأخيرة .

ريك وقف يحدق بما أمامه بشرود شديد , بدى وكأنه بعالم آخر تماماً ,  بينما يداه مقبوضتين بقوة هو للتو أشعر توأمه بالإستياء , ومع أنه يفهم وجهة نظر أخاه تماماً إلا أنه لم يتنازل ويخبره هو الآخر عن وجهة نظره أو رأيه و لم يوضح له أي أمر تاركاً الأمر للوقت مُتناسياً أنهم بمكان لا أحد منهم يضمن حقاً أن الوقت سيسعفه .

وشقيقته التي أقحمت نفسها بسببه بالمهمة ورفضت التراجع تماماً فقط لتقف إلى جواره , هي لطالما حاولت البقاء بقربه و معه بإبتسامة مرحة و هو بالمقابل شاهدها تسقط فحسب دون قدرته على الإمساك بها ! إذاً أي قوة هي هذه التي كانت تجعله يظن أنه قادر على حمايتها ؟!

أيحق له حتى أن يطلق على نفسه لقب حاكم بالمُستقبل وهو ما تمكن من حماية أهم الأشخاص لديه ؟!

*****

' تجمعت تلك الأسرة الصغيرة حول مائدة الطعام بصمت شديد ، فوالدهم لم يكن قد حضر بعد !

الأجواء بينهم متوترة للغاية كما لم تكن من قبل ،  حدقت والدتهم بهم قليلاً وهي تتنهد بتعب و قد بدى الشحوب على وجهها بالكامل ، هي كادت أن تتحدث عندما نطق إبنها الأكبر بإستياء :" لماذا أبي لم يعد يأتي ليتناول الطعام معنا ؟ أليس هو من يخبرنا دائماً أن لا ننسى أوقات تجمعنا معاً ؟ "

لطالما تجمعوا معاً حول مائدة واحدة حقاً إلا أن الصغير هُنا لم يكن يعلم أن هُناك الكثير مما يدور بالخفاء .

شقيقه المُشابه له تماماً من حيث الشكل نظر بإتجاهه بشيء من الأسى الذي لا يعلم سببه فهو يجدر به أن يشعر بذلك على نفسه لا على الآخرين حقاً !

بل ربما ما كان عليه إلا أن يهتم بنفسه بظروفه هذه و لكن أنى لشخصيته أن تسمح له بذلك ؟

أراد أن يتحدث لكن سبقته تلك الطفلة التي نطقت بإستياء :" ريكايل اذهب و أحضره ! "

عبس المعني قليلاً فلماذا عليه هو الذهاب ؟ عندما أراد الاعتراض تدخلت والدتهم لتنطق بتأنيب :" كلير ! توقفي عن إزعاج شقيقك الأكبر "

رفع ريكايل أحد حاجبيه بشيء من السخرية الغير مقصودة بينما نظر الأكبر لهم بدهشة وهو يهتف :" مُنذ متى و الملكة تؤنب ابنتها الصغرى لأجل أحدنا , أُمي أنت دائماً مع كلير بحجة كونها الفتاة الوحيدة و أن الفتيات بشكل عام بحاجة لعناية خاصة  !؟ "

لم يكن منها إلا أن تُشيح بوجهها عنه ، مما جعل ريك يقطب حاجبيه بضيق ، الآخر نهض من مقعده محاولاً الهرب من كل تلك الأجواء الفظيعة لينطق بسرعة :" سأذهب و أرى أبي "

هو ما إنتظر أي جواب من أحد ولسبب ما بأعماق قلبه هو حدق بذلك الفتى الذي يكبرهم قليلاً و الذي يقف خلف شقيقه بشيء من الحده و الغضب قبل أن يُغادر , تجمد المعني قليلاً بمكانه قبل أن يهتف ريك بحيرة :" جيفري هل أنت و أخي تشاجرتما ؟ "

رمش جيف عدة مرات قبل أن يضيق عيناه قليلاً ويركض للخارج بإتجاه الأمير الثاني الذي غادر تواً القاعة , هو نطق بصوت مُرتفع قليلاً ليوقفه :" سمو الأمير أهناك ما أغضبك مني ؟ "

توقف ريكايل عن السير بالفعل لكنه لم يلتفت له , هو صمت لعدة دقائق قبل أن يلتف وعيناه مليئة بالدموع ليزداد إرتباك الأكبر فهو حقاً لم يفعل ما يؤذيه !

لكن خاطرة ما مرت على عقله ليتنهد بإستياء بينما إقترب ممن أمامه بهدوء وهو ينطق بحزن :" أنا لا يمكنني أخذ مكانك هُنا سيدي ! لا أحد يستطيع فعلها , لا يمكن لأي شخص أن يسرق مكان الآخر فجميعنا لنا مكانة خاصة لكن .. "

صمت عندما سالت دموع من أمامه ليُبعثر خُصل شعره الداكنة , ليخفض هو الآخر رأسه يشعر بأنه يرغب بالبكاء أيضاً ,ليس وكأن علاقته بمن أمامه سطحية فقط ! هو يعيش هُنا مُنذ سنوات , لم يتمنى أن يتم وضعه بموقف كهذا يوماً بل و أن يغادر من أمامه و هو يلومه لإنه سرق مكانه بالقرب من شقيقه ؟!

وجود أمير ثاني للمملكة جعل الحاكم يعينه كمُستشار أول وجيف مُساعد ثاني لهما  و الآن كُل شيء على وشك التحطم بالنهاية نطق الأصغر سناً بإستياء بينما يمسح دموعه :" لا  تهتم لي فأنا ما عُدت من ضمن واجباتك ! و أيضاً عليك حقاً مُساعدة ريك و أن لا تتخلى عن جانبه مهما حدث فالبنهاية هذا كان عملي أنا "

عض على شفتيه بقوة فمن أمامه لا يُعطيه أي فرصة للحديث حتى ! فهو ما إن أنهى عبارته تلك حتى ركض مُبتعداً حيث جناح والده !

و من جهة أُخرى وقف ريكايل أمام مكتب والده بينما يتنفس بعمق شديد , مسح أثار الدموع من وجهه قبل أن يطرق الباب بهدوء هو بذاته لا يعلم حقاً ما يفعله هُنا !

كان قد قرر تجاهل أسرته حتى يرحل , هو فكر بالهرب من القصر أيضاً و العيش بالشارع بسبب خوفه الشديد , لكنه بكل مرة كان يتراجع لأسباب مُختلفة , بالنهاية هو دخل للمكتب حتى قبل أن يسمع الرد من والده و الذي بدى له أنه أيضاً يحاول تجنبه وهذا زاد ألمه أكثر , إن تجاهله الآن ماذا سيفعل بالمستقبل ؟!

توقف عن التفكير عندما تقابلت عيناه مع عينا والده المُتفاجأة من تواجده بمكتبه , هو عبس بسبب تلك النظرة المصدومة ليهتف بضيق :" إلى متى ستستمر بتجاهلي ؟! "

نهض والده من مقعده ليقترب منه إلا أن الصغير تراجع للخلف بسرعة بينما يُردف بضيق :" لا تفعل ! لا أريد سماع أي تبرير منك ليس الآن على الأقل "

توقف بمكانه وهو يحدق بصغيره بتمعن عله يدرك إلى ماذا يهدف , عندما عجز عن ذلك تحدث بهدوء :" وضح لي ذلك يا بُني "

إزداد تجهم وجهه بينما يجيب والده :" لم يعد يحق لك منادتي ببُني ! و فقط للتوضيح لا أكرهك , مازلت أحبكم جميعاً لكن جميعكم فقدتم الحق بي و أنا أيضاً فقدت حق كوني جزء منكم "

أخفض هو بعد أن أنهى عبارته رأسه ليخفي ذلك الألم والخوف المرسومة على ملامح وجهه بينما شعر والده أنه سيبكي حقاً و الآن فما كان تجنبه لطفله إلا لمنع ذاته من الإنهيار !

هو إنخفض جالساً أمام صغيره بينما يمسح على خُصلاته بهدوء , لا يعلم كيف يمكنه إجابته هو حقاً عاجز تماماً , بالنهاية أردف الصغير :" بكل حال ! ليس الآن أنا فقط سأعتبر نفسي منكم حقاً إن حدث وتقابلنا بالمُستقبل , بذلك الوقت أنت عليك أن تُمسك بيدي و إن كانت تقطر دماً ! سيكون عليك تحمل نتائج ما أفعله معي و إن عجزت وكُنت أنا شخص آخر فحاول للنهاية حينها فقط حتى لو بأعماقي سأعترف بأنك أب مذهل و إن لم تحاول فعل ذلك إذاً فأنت فقط قررت إخراجي للأبد من حياتك و أسرتك ! "

شهق بدهشة عندما شعر بنفسه بين أحضان والده , لم يدرك ما يفعله هو الآخر , بالنهاية هو حتى لم يبادله العناق حقاً وإنما فقط وقف بمكانه كصخرة ما , لن يحاول حقاً الإقتراب منهم بالمُستقبل حتى و إن لم يتغير خوفاً من رفضهم له ! سيكون فظيعاً أن يأمل بأنه سيبقى جزء منهم ثم يكتشف أنه ليس كذلك , لذا ألن يكون من الأفضل أن يبتعد أولاً ؟!

أبعده والده برفق بينما ينطق بهدوء :" موافق على ذلك يا صغيري , أتفق معك فهذا من حقك ! سأكون المسؤول عن كل ما سيحدث لك الآن و بالمستقبل و بأي وقت "

هو أراد وبشدة تصديق تلك الكلمات لكنه لم يستطع حقاً !

كأقل تقدير هو غير واثق حتى إن كان سيبقى على قيد الحياة إلى أن يراه مرة أخرى لذا بالنهاية هو إلتف للمُغادرة ولكنه وقف أمام الباب دون أن ينظر لوالده حتى لينطق بصوت هادئ :" أعلم أنك ما كنت لتختار هذا الخيار إن لم يكن لديك أمر مهم للغاية لتدافع عنه ! إذاً إليك شرطي الثاني أنا لن أسامحك مهما حدث إن فشلت بحماية ذلك الشيء , لذا حافظ عليه كما لو كنت تحاول الحفاظ على حياتي أنا ! "

ليغادر بِسُرعة من المكان بينما أخفض والده رأسه بأسى محاولاً إيقاف دموعه من الإنهمار ! '

عيناه ذات اللون الأزرق الداكن فُتحتا فجأة بينما ينهض من موقعه بشيء من الصدمة !

هو وجه نظره ليداه بينما يهمس بصدمة :" أهو كان يبكي حقاً ؟! و تباً كيف لي رؤية كل ذلك ومعرفة مشاعر كل منهم "

شعر بأحرفه ترتجف مع أنه يُحدث نفسه مُتناسياً أنه افترق عن رفاقه حتى ، جسده بأكمله كان ضعيفاً و بشدة .

هو جال بأنظاره الموقع الذي يجلس به ليجده مكان أشبه بمغارة ما ، قطب حاجبيه مُستعيداً بذاكرته ما حدث معه قبل أن يهتف بدهشة :" مهلاً أنا لم أمت ! "

وقف يتفقد جسده بالكامل بحيرة ، هو واثق بأن آخر ما رآه هو أنه على وشك أن يتم هرسه تماماً بسبب إغلاق الأرض ، تمتم بعدها بهدوء :" مما أنا مُندهش ، هنا كل شيء وارد "

بعثر خُصلاته قليلاً ليبدأ بالسير عله يجد طريقة ما تُساعده على الخروج للسطح ثُم الإجتماع بالبقية .

### قارة زيلانديا ###

تنهد بضجر مُجدداً بينما يتحدث بنفاذ صبر :" بما إنك مشغول حقاً ما سر إستدعائك هذا ؟ "

رفع المعني بصره مُحدقاً بضيفه عديم الصبر بينما يجيب بإستنكار :" بحقك أين صبرك ؟ أنت هُنا منذ ساعتين فقط ! "

شد على قبضة يده بقوة بينما يجيب بهدوء لا يعكس ما يفكر أو يشعر به :" لدي عمل ما أنا الآخر لذا عندما تتفرغ يمكنك القدوم بمفردك "

هو نهض ليغادر مما دفع سام للعبوس وهو يلقي الأوراق من بين يديه وهو يهتف بضيق :" حقاً البشر بلا صبر ! يمكنك الجلوس مجدداً ! ثم أيمكنك التصرف بطريقة أفضل من هذه فأنت من تحتاج لي و ليس العكس "

نظر له بشيء من العزم وهو يجيبه :" لا تظن أنني هنا لأتوسل لك أو ما شابه ! أنا بحاجة لوقت قصير قبل أن أتدبر أمر الحرب بمفردي ! لذا لا تتصرف بمثل هذه الغطرسة أولاً ، و ثانياً بيننا إتفاق ما و عدم تنفيذه من جهتك سيدل فقط على مكانتك حقاً "

صفر سام له بشيء من السخرية ليقف و يسير حتى أصبح أمامه مُباشرة بينما ينطق :" مُثير للإهتمام ! أنت حقاً كذلك ، أثرت اهتمامي منذ أول لقاء لكن أنا لا أفهم ، أتحاول حماية شعبك حقاً ؟ شخص تخلى عن طفله كيف له .. "

قاطعته تلك النظرات الحارقة ! فمن أمامه لم يُضطر للحديث حتى بل اكتفى بنظرة اجبرته على الصمت تماماً ، ثوان ونطق صاحب تلك النظرات بحنق :" لا تتحدث وكأنك تعرف كل شيء ! لم تواجه أي مما واجهناه لذا لا يحق لك الحديث "

صمت لعدة دقائق قبل أن يستدير قاصداً مُغادرة المكان إلا أنه أردف بضيق :" ثُم بالنهاية ألم تكونوا من تسبب بموته ؟ "

لا يدرك لما نطق بعبارته تلك ، لكن شيء ما بداخله يريد أن يعلم حقاً عن ما وجهه صغيره وهو بعيداً عنه !

لكنه تفاجأ من تلك النبرة الحائرة التي صدرت من سام وهو ينطق :" موته ؟ "

هو إلتف يرمق ملامح الآخر عله يرى السخرية أو أي أمر آخر بها إلا أن بصره إرتد خائباً لينطق بصدمة :" هو على قيد الحياة ؟ أهو هنا ؟ "

آمال سام برأسه قبل أن يجيب وقد عادت ملامحه لطبيعتها :" حسناً ، لا أعلم لماذا تظن أنه مات حقاً ليس وكأنني لم أحاول قتله كثيراً أو جعل إبن أخي ينقلب ضده لكن أيضاً لا أعلم كيف تقبلته فجأة ! "

قطب حاجباه بضيق وهو يردد :" حاولت قتله ؟ "

حرك يداه بلا إهتمام وهو يُجيب :" بالطبع ! هو فقط كان مُرشحاً ليكبر حاقداً ثم يحاول خيانتنا ! لكنه فقط لم يفعل و الآن من أخبرك أنه ميت ؟ "

هو شعر بصدمة فظيعة ، بالكاد أقنع نفسه بأن إبنه مات فقط و لكن الآن هُناك أمل بأنه ليس كذلك بل و ربما حظي صغيره بحياة شبه مُستقرة ؟

نطق بعد بُرهة من الوقت :" الحاكم جيسي أخبر إبني ريك بذلك "

تعجب سام قليلاً قبل أن يضحك بمرح وهو ينطق :" بحق الإله كم زيارة أتى بها أميركم إلى مملكتنا ؟ أواثق من أنه يجيد القراءة ؟ "

بعثر الحاكم نظراته المُنزعجة بالمكان فهو أدرك أن هُناك شيء ما بالغرفة يثبت أن صغيره حي بالنهاية  حطت نظراته على تلك اللوحة الكبيرة و التي تُمثل الشجرة الحاكمة للمملكة مُنذ بداية تأسيسها لليوم !

و تلقائياً وقعت عيناه على إسم جيسي كروغر و مستشاريه ، إلا أنه قطب حاجباه عندما شاهد خط جديد يظهر أن ذات الحاكم تخلى عن خدماتهم و قام بتعيين مستشار واحد تحت أمرته مُباشرة و البقية مُساعدين للأول .. ' ريكايل ريدفيلد '

هو تسمر بمكانه عدة دقائق قبل أن يتحدث سام مجدداً :" بمناسبة سؤالك عن مكانه هو بالقارة المجهولة مع الحاكم و الأمير الثاني ! و الآن بما أنك علمت ذلك سأخبرك بلا عبث نحن لن نفرط بوعدنا لذا أيمكننا الحديث عن توقعاتكم وما تنوي فعله ؟ لن أرسل جنودي ليموتوا لذا إن لم تعجبني خططك سأتأكد من رسم غيرها و على ذلك أنا مُنذ الغد سآتي لمملكتكم "

صدمته بالوقت الحالي كانت أكبر من أن يدقق بكلمات من أمامه لذا أومأ فقط وسار للخراج ببساطة , الآن حقاً كل أبنائه إجتمعوا بتلك القارة , لا يعلم أيضاعف هذا القلق بأعماقه أم يسعد لإنهم على الأقل برفقة بعضهم البعض ؟!

### القارة المُظلمة  ###

هدأت خطواته قليلاً وهو يستشعر هالة ضعيفة بالقرب منه ! إتسعت عيناه تماماً فهو حتى لم يلاحظ أن هُناك من سقط برفقته ! ومع ذلك هو لم يتقدم بسرعة فمن معه آخر من تمنى أن يبقى برفقته وحدهما , ليس وكأنه غير قادر على إستشعار نظراتها المنزعجة نحوه ؟!

لكن لا يمكنه تركها فقط صحيح ؟ ثم إثنان أفضل من واحد أو كشقيق أكبر مهما حدث لن يُدير ظهره فقط لها لأجل أمر كهذا !

الوقت لم يسعفه لإنهاء تفكيره حتى فهو إحتدت عيناه بينما ركض بالإتجاه الذي أنبثق منه صدى صوت صراخها الخائف , هو وصل لموقعها ليجد أنها تقفز فحسب بينما الدموع تنهمر من عينيها , رمش عدة مرات مُحاولاً البحث عن أي أمر منطقي يدفعها لذلك , ماذا لو كان هجوم ما , فحتى اللحظة لا أحد يعلم حقاً ماذا سيرون بهذا المكان ؟!

تقدم بهدوء إلا أنه تجمد بمكانه لثانية بينما أطلق من بين شفتيه ضحكة ما تمكن حقاً من كتمها وهي ما إن شعرت بوجوده حتى هتفت برعب :" أبعدها عني فوراً "

هو تقدم منها لينحني قليلاً بينما يمد يده ويبعد تلك الحشرة عن ثيابها بينما ضحكته كانت تزداد وهي ما إن بدأت تعود لرشدها تراجعت للخلف قليلاً لينطق الأول :" فقط كيف تقاتلين تلك المخلوقات و تخافين من الحشرات هكذا ؟ "

عبست بقوة شديدة فهي مُحرجة بشدة وهو من الأفضل له أن يصمت حالاً و يتوقف عن الضحك ! إلا أنها أجابته بغضب بينما تسير أمامه :" لا شأن لك ! "

حدق بها وقد توقف عن الضحك فهي من طلبت منه التدخل صحيح ؟ ثم بحق الإله كيف تم إرسالها هي للمهمة ! للآن يذكر كيف كانت والدتهم تعاملها وهو ما كان يظن يوماً أنها ستكون قادرة على رفع سلاح حتى ! بل ستكون أميرة ذات تصرفات رقيقة , والآن هو يرى هذه الأميرة بمكان قطعاً لا يلائمها بل الواقع هي ليست كما تخيل أنها ستكبر !

بالنهاية هو أسرع للحاق بها و السير خلفها بينما عاد يجول بعيناه بالمكان , و أمامه كلير كانت تشعر بتوتر فظيع ليس لوجودها معه فقط بل لإنه رآها تبكي و تقفز من حشرة صغيرة !

ليس وكأنها كانت ستحاول إخفاء خوفها منها فهي أمر شديد الرُعب بالنسبة لها و تصرفاتها تصبح لا إرادية , و مع هذا لم تتوقع أنه سيمد لها يد العون , الواقع هي ما تخيلت قط أنه سيكون هكذا , لطالما ظنت أنه إن رآهم مُجدداً سينقض عليهم أو يرمقهم بكره وكلمات جارحة , مع هذا فحتى بأول لقاء هو أنقذ ريك فقط وهي للآن لا تفهم السبب لا يفترض بحق الإله أن تكون ردود أفعاله هكذا فهل هو مغفل ؟! أم يخدعهم ؟ 

عبست وهي تدرك بأعماقها بأنه ليس هكذا , وبالرغم من هذا لم ترغب بأن يتم وضعها معه بالفرق , فكيف بوضعها الحالي بمفردهما ؟ تشعر بضغط عظيم يحيط بها وهذا يُزعجها , و بالرغم من أنها غارقة بأفكارها تلك إلا أنها تمكنت من الشعور بريكايل يتوقف عن السير خلفها ثم يسير بجهة مُختلفة !

وجهت نظراتها له لتجده يقترب من بحيرة ما , هي قطبت حاجبيها وتبعته عندما هو فقط جلس يتأملها, إتسعت عيناها عندما رأت ذلك البريق الذهبي الذي ينبع منه مما دفعها و بلا إرادة أو تفكير حتى لمد ذراعها علها تلمس ما يلمع بالأسفل !

قطبت حاجباها بإستفسار عندما إعترضت يد من معها يدها بينما ينظر له بحاجب مرفوع وهو ينطق :" لا تفعلي ! الواضح  أنها ليست مياه عادية , ثُم هي تُذكرني بأسطورة ما "

آمالت رأسها قليلاً بحيرة ليبتسم هو بالمقابل و يتجه للخلف باحثاً عن أي شيء ثم عاد ومعه صخرة ضخمة قليلاً , هو وضعها بجواره بينما ينطق بتفسير :" أسمعتي عن البحيرة التي تحول كل ما يلمسها لذهب ؟ "

قطبت حاجبها بتفكير قبل أن تتحدث :" لا , أيوجد شيء كهذا ؟ "

هو وضع طرف تلك الصخرة فقط بالبحيرة لتشهق هي بفزع وتتراجع فالطرف الذي لامس المياه تحول لذهب خالص , ريكايل عيناه حدقتا بسطح الماء و الصخرة بشيء من الإثارة فهو قرأ عن هذا عندما كان طفلاً و رؤيتها حقاً أمر مُثير , بالنهاية هو ألقى بالصخرة بأكلمها بالبحيرة لينهض بينما ينطق :" إذاً أنكمل بحثنا عن مخرج ما ؟ "

هي هتفت بإنزعاج :" وهل توقفت حقاً فقط لتجربتها ؟ أأنت جاد ؟! يفترض أنك مُستشار ما أو ما شابه ذلك إذاً كيف تتصرف هكذا ؟"

تنهد بتعب بينما يجيب بهدوء بهمس لنفسه :" لا أفهم حتى لم أنتي غاضبة ! "

هو سار فحسب لتتبعه هي هذه المرة , ليس وكأنه حقاً فعل ذلك من باب فضوله فقط و إنما أمر ما يجدر أن يتأكد منه فبعد ما أخبره به حاكمه هو يتوقع أن كل شيء مهما كان مُحتمل و بشدة .

لكن لازال هُناك أمر مفقود هو بحد ذاته لا يدركه !

******

هدأت الأجواء نسبياً عند البقية فللآن لا شيء تغير وفقط وقوفهم بإنتظار عودتهما أمر مُستحيل لذا أول من تحدث كان جيسي :" لنكمل عملية تقسيم الفرق , ثلاث فرق ستنطلق للقيام بمهامها ! لكن هذه المرة نريد دقة أكبر يفترض بأنكم لم تفهموا الكثير خلال أسبوع فقط , لكن الآن علينا التركيز بكل شيء و مُلاحظة أي أمر مهما كان صغيراً , الفريقان الذين سيكون بهما ريكايل و كلير سينتظران هُنا فإن عادا سينطلقان و إن لم يحدث مع بداية الأسبوع الثالث سيكون الهدف هو العثور عليهما ! "

إتسعت عينا ويل بإعتراض فهل هو جاد ؟ سينتظر لأسبوع كامل قد بدأ البحث ؟ لكن ماذا لو حدث له أي مكروه ؟ ريك أخفض رأسه فهو محق لا حل آخر لديهم ! يفهم تماماً أن من أمامه قصد بأنه إن كانا  بمكان ما به حاجز قد يمنعهما من العودة لهم سيتمكنون من العودة مع نهاية الأسبوع ؟!

آرون نهض بينما يتحدث بهدوء :" حسناً إذاً لنعيد ترتيب الفرق ! "

ميلينا حدقت بِمُعلمها بقلق فهي غير مُعتادة حقاً على رؤيته بكل هذا الهدوء مهما كان الوضع الذي هُم به , بالعادة سيكون صاخب و بشدة لكنه الآن هادئ بشكل لا يعجبها حقاً .

و كالمرة الأولى وقف الجميع بإنتظار أن تَحط تلك الدُمى أرضاً لتحديد الفرق بينما كُل منهم يتمنى حقاً أن يجدوهما و لو صدفة فأي منهم بالرغم من معرفته بأن الموت مُحتمل لم يتوقعوا أن هذه الأجواء سُتخيم عليهم فقط لمجرد أن إثنان بمكان مجهول وحدهما بل دون دليل على أن كلاهما معاً سواء كانوا على معرفة سابقة بهم أم لا !

~ نهاية الفصل ~

Bạn đang đọc truyện trên: AzTruyen.Top