الفصل الثاني و الخمسين

الأيام تمر ، تتلوها الأيام ثم الأشهر فالأعوام ، تسلبها دقات الساعة منا ببطئ و دون شعور !

لنستيقظ بعد ذلك و قد سُرق منا الكثير ! حياتنا و أيامنا التي توقفت بسبب ألم معين أو حلم لم يتحقق ...

النوم و الغوص بين طيات الألم مُتسائلين بلما حدث هذا لنا ؟ كيف يمكننا تصحيح الأمر ؟ يؤدي بالنهاية للغرق ببحر لا قاع له !

قد نصحو يوماً ما لنكتشف أننا غفونا على أطلال جراحنا لسنوات !

أما كان الأجدر لنا النهوض مُجدداً بها ؟ إيجاد أحلام جديدة ؟ رسم ابتسامة بدل كل دمعة قد ذُرفت ألماً ، حُزناً أو حتى ظُلماً !؟

لا شيء سيوقف الحياة ! هي ستجري بنا تحملنا لنهايتنا التي كُتبت مُسبقاً لذا لا وقت حقاً للوقوف على أطلال الماضي ...

و ربما تلك الأفكار كانت تعبث بعقل كيفين ، كم عام أمضاه حبيس أفكاره ؟ ألمه و عجزه عن دفع الظلم الذي وقع ؟

توقف عن الابتسام حتى ، و لماذا ؟ لأنه و قبل سنوات طويلة شعر باليأس ، بخيبة الأمل و العجز !

أدرك أن لا مكان للمشاعر بمنزله ، و أنه سيعاقب حتى بفضل إمتلاكها ، لذا قتل تلك المشاعر أو ربما هو تظاهر بأنه فعلها فضاعت مع الحقيقة ابتسامته و سعادته ..

و مُجدداً لا ! ألم يُخطئ هو التقدير ؟ بصره رفعه ليحدق بظهر آندريه الذي كان يسير أمامه بهدوء ، سعادته لم تختفي ! فمن أمامه لطالما بذل كل ما يملكه لئلا تندثر !

حماه ، و بقي يعبث حوله و أحياناً يستفزه لئلا يتركه غارقاً بذلك البحر ، و هو بِبساطة ماذا فعل ؟!

تجاهله ظاهرياً بكل مرة ، رفض الانصياع لرغبته و رفيقه بالتجاهل و المضي قُدماً و بهذا سرقت الأيام عدة سنوات من عُمره أمضاها هو بتدريباته و صلابته ، بتمثيله القسوة و البرود !

فهل ستُجبره الأيام على الندم الآن ؟ يقسم أنه سيضع حد لهذا فور عودتهم و انتهاء هذه المُهمة ، سينفي والده بيداه فلماذا عليه الانتظار أكثر ؟ سيعيش حياته بالطريقة التي يُريدها ...

و بِجهة أُخرى تنهد آيزاك بنوع من التعب بعد أن أرهقته أفكار من نوع مختلف ! هذا هو الأسبوع الأخير لهم ، و ماذا سيحدث بعدها ؟

سيعودون للمملكة ؟ و سيُكشف سِرهما لدى الجميع فما النتيجة لأمر كهذا ؟؟ قد يتم إعدامهما و هذا الخيار هو حقاً الأكثر رحمة بِهما رُبما ؟!

فهو للآن لم ينسى تلك التجارب التي أُقيمت عليه بنية دراسة جسده فقط ، الألم القاتل الذي كان يسري بكل ذرة صغيرة منه !

لن يحتمل زاك شيء كهذا لا بل هو من سيمنعهم و لو بقتلهم ! لا يتخيل تعرض توأمه لألم مُشابه مُطلقاً ...

إذاً أيمكنهما الهرب و إلى أين ؟ بل السؤال الحقيقي هو إلى متى ؟ حتى و إن هربا فحسب لا شيء سينقذهما للأبد سوى الموت !

و الآن هو حقاً بدأ يحقد حتى على والدته التي أحبها بالماضي ! لما انجبتهما ؟ كيف لها أن تقوم بهذه الخطيئة الكُبرى بحقهما ؟ حتى لو كانت مُجبرة أما كان عليها قتل نفسها قبل ذلك ؟

أغلق عيناه قليلاً قبل أن يعود لفتحهما سريعاً مع شهقة صدرت من جوفه بدهشة بفعل تلك القدم التي تسببت بتعثره ! و لولا أنه تمالك نفسه بآخر لحظات لسقط أرضاً بكل بساطة ...

و ذلك دفع آندريه للتوقف عن السير يرمقه بحذر ربما ؟ قبل أن ينطق بهدوء :" أنت بخير ؟ "

و آيزاك تبادل النظرات مع آندريه بتقطيبة ما ! قطعاً هذا الشاب أمامه لن يفعلها ؟

بصره انتقل لكيفين الذي رفع أحد حاجبيه بنوع من الإستنكار ليبتسم بسخرية فأيضاً هذا المُزعج لن يفعلها !

و بالنهاية بصره التفت لمن تابع سيره بلا اهتمام بالموقف ككل ليبتسم بشر :" أتشعر بالملل عزيزي الحاكم ؟ "

هو و مع نهاية جملته كان قد وقف أمام جيسي مجبراً إياه على التوقف أيضاً و الذي أجابه بملل واضح :" أجل ! و للحق أنت السبب بهذا الشعور مع تلك التنهيدة البائسة خاصتك ! إن كنت تشعر بالخوف مارش فكان عليك البقاء مع البقية "

يشعر بالخوف ؟ لما هذا الحاكم يُجيد استفزازه ؟! أم أنه يتعمد ذلك فحسب ؟ و هل هناك فرق أساساً ؟

لكنه و قبل أن يتحدث حتى كانت هنالك ضحكة قد صدرت من آندريه دفعته لا بل دفعت الثلاثة للنظر إليه !

آيزاك نظراته كانت مليئة بالاستنكار و ربما العبوس ؟؟ لكنه فقط وجد نفسه يبتسم بخفة بينما يراقبه ؟

و كيفين راقبه بلا تعابير مُحددة ! لكنه لم يزح بصره عنه مُفكراً أن رفيقه هذا جدياً أكثر قوة مما يعتقد ؟!

و جيس تقدم من الضاحك بهدوء ليبعثر له خُصلاته الداكنة مما دفعه للصمت بحيرة و ربما توتر ؟! إلا أن الأكبر نطق بابتسامة هادئة :" حسناً أتعلم ماذا أنت المُفضل لدي بهذه الفرقة الكئيبة ! "

و الأصغر ابتلع رمقه بشيء من الخجل ليحني رأسه ؟ و حركته تلك جعلت ابتسامة جيس تتسع ليترك الفتى و شأنه و يعود للسير !

بينما تراجع اندريه للوقوف خلف سيده الذي حدق به باستنكار :" و الآن ماذا !؟ أتشعر بالخجل ؟ "

ذلك دفع المزيد من العبوس الطفولي للظهور على ملامح آندريه دون إجابة بينما نطق آيزاك بسخرية :" من حقه ذلك فأنا وددت لو أمكنني حفظ هذه اللحظات التاريخية التي مدح بها جلالته أحدهم دون إهانته بذات الجملة ! "

و حديثهم ذاك جعل جيسي يغلق عيناه دون أن تبتعد ابتسامته فالأجواء باتت مريحة أكثر كما أن كيفين و آيزاك تحدثا معاً ضد آندريه ربما ؟

و هو جيد كون هذا الأمير هو من كشف حقيقتهم للجميع !

######

&&& قارة أوقيانوسيا &&&

الهُتافات و الاحتفالات عمت المملكة بأسرها ! و كيف لا و قد تفعل الحاجز أخيراً ؟!

معظم القوات المهاجمة تمت إبادتها فور تفعله بينما تمكن جزء منهم من الهرب !

و هل هذا انتصار بسيط ؟

لا هو ما كان كذلك مُطلقاً ، فالخسائر بصفوف الممالك الثلاثة كانت كبيرة حقاً ، و أكثرهم ضرراً كانت مملكة السحرة التي ما امتلك جنودها السرعة الكافية للهرب سريعاً كما مملكة الجان و المتحولون ! ...

بينما جيوش مصاصي الدماء كانت قد انسحبت من المعركة قبل نصف ساعة فقط من تفعيل الحاجز !

الدمار كان شاملاً لكن هذا ما منع البشر من الاحتفال ! الأطفال و النساء و بقية المدنيين غادروا تلك الملاجئ للمشاركة بتلك الاحتفالات فوق أنقاض منازلهم و مدنهم ...

السعادة غزت وجوههم جميعاً لاسيما و الحاكم بالفعل وعد بأن المملكة سيتم إعادة إعمارها بالكامل بشكل بطيء ربما ؟ لكن هذا سيحدث قطعاً و هذه المرة الحاجز سيحميهم للأبد من التعرض لمثل هذه الحروب مجدداً ..

هذا و هم أثناء انشغال الحاكم بالتخطيط للحرب و المعركة و الحاجز كانوا قد أقاموا مزارع كبيرة بِقُرى الملاجئ !

هي كانت ضخمة حقاً و بِعدة تِقنيات منهم جعلوا نمو تلك النباتات بشكل أسرع بالفعل .. إضافة لعدة مزارع للحيوانات !

و بهذا هم باتوا مكتفيين ذاتياً ، ما عادوا بحاجة لأن يتم التصدير لهم أي شيء بل العكس سيمكنهم هم أن يصدروا الطعام للخارج ...

حسناً من غير العادل القول ان الحاكم ليس هو من أوحى لبعض من الشعب بفعلها ! هو حقاً خطط لكل شيء ...

و بالنهاية هاهو ذا يغادر مملكته مُتجهاً لخاصة مصاصي الدماء لغاية بنفسه .. أو ربما لواجب هو عليه إتمامه !

######

&&& القارة المجهولة &&&

استلقى ويل على إحدى الهضاب المتواجدة بينما مُقلتيه ذات اللون الأحمر الداكن حدقت بالسماء فحسب !

العبوس كان لا يزال يُحيط بِملامحه الهادئة ، لما أصبح جيسي لئيماً معه فجأة ؟!

هو فقط شديد القسوة صحيح ؟! لا هو بأعماقه يعلم تماماً أن ما فعله لم يعكس و لو ربع القلق الذي امتلكه نحوه !

لكن لما هو يقلق عليه بتلك الشدة كما لو أنه مجرد طفل صغير ؟!

تنهد بشيء من التعب يُغلق عيناه فهذا ليس الوقت المُناسب للتفكير صحيح ؟!

و قبل أن تنقطع خيوط أفكاره تلك يد ريكايل إمتدت لتُبعثر له خصلاته ينطق بنبرة لطيفة :" هل سيدي أنا بخير ؟ "

_ :" لا ! مُجدداً جيسي غادر و لا أعلم بماذا يفكر عني الآن ! لقد خفت منه مُجدداً رغم أنني حاولت أن لا أفعل "

رفع مُقلتيه ليحدق برفيقه بنظرات مليئة بالألم و الانكسار :" كيف أمكنك أن لا تخاف منه ؟! لم تعترض عندما بذلك الوهم سحبك فجأة ليمتص دمائك بل عبست فقط و كأنه أمر طبيعي رغم هيئته المُخيفة ؟! "

تلك الأسئلة جعلت الأكبر يتنهد بخفوت :" ويل ! سيدي جيسي ألا يكون اسمه هو أول ما يتبادر لذهنك عندما تشعر بالخوف ؟ هو الشخص الوحيد الذي يُمكنك أن تُسند جسدك عليه دون أي ذرة تردد صحيح ؟ "

عيناه الكرزيتان الواسعة حدقت بأعين مُحدثه الزرقاء بينما يحاول منع نفسه من البكاء ، أجل هل يحتاج الأمر لسؤال حتى ؟!

جيسي كروغر هو الأمان الخاص به ، الدفء الوحيد الذي عرفه منذ نعومة أظفاره و بالوقت نفسه هو فقط من يخشاه حقاً ...

أجل هو ليس اكثر من مراهق يتصرف بطفولية لكنه حقاً قد يُحدق بأي خطر يواجهه بسخرية و نوع من الاستخفاف !

قوته ليست مزحة بالنهاية هو الأمير الثاني لمملكته ، ويل كروغر و يستحيل أن يكون ضعيفاً و لقمة سائغة ، لكن تصرفاته الصبيانية كثيراً ما توقعه بالمشاكل فشخصيته مُختلفة عن كل أعمامه و أسرته ...

و مُجدداً أوليس جيسي السبب ؟ ذاك الذي قام بتدليله و محاولة حمايته و إسعاده ، إبعاده عن الألم بكل ما لديه من قوة ...

تنفس بعمق يبعد كل ذلك الضغط الذي يضيق به صدره فهو عندما يرى جيسي بنهاية هذا الأسبوع سيتأكد تماماً من أن لا يهرب من مواجهته مُجدداً مُطلقاً !

و بطرف آخر جلس زاك يتأمل السماء و معالم الألم و القلق مُرتسمة على وجهه بدقة تامة ..

و من خلفه جلس إيكاري بهدوء و تعب ، كيف له مواساته و هو بحد ذاته بحاجة لمن يمد له يد العون ؟

أجل يدرك أن حالة زاك الصحية أكثر خطورة لكن الأفكار المُتشائمة لا تكاد تنفك عن الظهور بمُخيلته هذا و هو من عُرف دائماً بالتفاؤل !

أغرق أحزانه خلف أمواج ابتسامته المُتطلعة للغد لكنه اليوم بات عاجزاً عن فعلها ، كل ما يخطر بباله هو أن آيزاك و زاك سيرحلان عنه ، قد يتم إعدامهما أو سجنهما أو نفيهما ! نعم هو يعلم أنه لن يقف مكتوف الأيدي و إن قُتل كخائن لكن ماذا لو منعوه من التدخل بالقوة ثم سلبوه إياهما ؟

و كأن رحيل نيو ما كان كافياً بالنسبة له ، دموعه انهمرت بصمت عندما صدح صوت ريك بالقرب من كلاهما :" سيكون كل شيء بخير عنوة ! حتى لو اضطررت لإدخال بلادي بحرب كاملة لن أسمح لأي مخلوق بإيذاء زاك و آيزاك ! "

بصر الاثنان اتجه نحو الأمير الشاب ليقف زاك بوجهه الشاحب يحتضنه بقوة بينما يهمس :" لا ! أنت لن تجرأ على فعلها فقط إن كان لابد من تدخلك تأكد من أن يتم إعدامنا بطريقة رحيمة ريك ! "

و أعين الأمير الشاب اتسعت بصدمة ، شعور بالرعب احتله دون سابق إنذار ! يتدخل ليعدما بطريقة رحيمة حقاً ؟

لو كان البشر يمتلكون هالة ما كبقية المخلوقات من حولهم لكانت هالته قد غطت هذه المنطقة بأكملها تعبيراً عما يشعر به لكنه نطق بنبرة تهديد واضحة :" دعنا و ننتظر و نرى هذا فقط زاك ! لنصبر فحسب "

و يداه بالفعل احاطت بجسد من كان مستشاره الثاني يوماً ما بينما سمح الأخير بدموعه لتنهمر بين يدي أميره و من خلفهما أخفض إيكاري رأسه يدعو أن تحدث معجزة حقيقية تغير كل الوقائع بعالمهم هذا لأجل رفيقاه ...

و صوت شهقات زاك وصل لمسامع آرون الذي كان يجلس على بعد بسيط منهم ! لا ليس فقط بكائه بل حتى كلماته تلك و التي جعلت صدره يضيق بشدة ...

الإعدام برحمة ها ؟ بحق الله فقط كيف لهم إعتبار العدالة هي إعدام الهُجناء ؟! لما هذا العالم بُني على مثل هذه القوانين ؟

بالطبع هُم لو سمحوا للهُجناء بالعيش لكان عدد كبير منهم أشخاص جيدون ، يعملون مع المجتمع بكل رحابة صدر و يتبعون القوانين ، لكن و كما هي القاعدة الأساسية الحياة لابد حينها من وجود بعضهم ممن يمتلك غرور العظمة !

ممن يود السرقة ،القتل أولئك الذين لن يستطيع المجتمع إيقافهم بشكل طبيعي دون التضحيات الكبيرة ، هذا إن تجاوزا فكرة أنه من غير المعلوم حقاً ما سيحدث إن حدث تزاوج بين إثنان من المُهجنين و أي طفل سيولد ؟!

أي قوة سيمتلكها إن كان سيعيش و كل الدراسات أثبتت أنه سيفعل و يمتلك قوى لا تخطر على عقولهم و هذا مُرعب ! ...

رغم هذا ما يُغيظه هو نجاة الآباء ! الأشخاص الذين يُفترض بِهم أن يكونوا الصدر الآمن لِصغارهم هم من يلقون بهم لمثل هذه الهاوية ، لمواقف كهذه لا يُطالبون بها سوى بالموت برحمة ؟

عض على شفتيه بينما عادت مُقلتيه لذرف الدموع ! لما هو ليس غاضب من كلاي ؟! لا يشعر بذرة حقد واحدة اتجاهه رُغم أن قلبه يكاد ينفجر من الألم !

يود لو يصرخ مراراً حتى تتلاشى قُدرته على إظهار و لو صوت واحد ، أن يركض بالفراغ حتى يسقط غير قادر على السير مُجدداً رغم معرفته أيضاً أن كُل هذا لن يتبعه سوى هذه الدموع التي لا يبدوا أنها ستجف و إن سيطر عليها لمدة قليلة فهي ستعود فقط ...

رفع السِوار إلى حيث يُمكنه رؤيته قبل أن يهمس بنبرة خافتة :" لكن لما ؟! لماذا نحن أيضاً علينا دفع هذا الثمن آرثر ؟ ما علاقتنا حقاً بأفعالهم !؟ لما علي الآن تقبل ما حدث فقط ؟ أهذا سهل يا أخي ؟ أم أنك أخترت الهرب مما أنا به و تخليت عني ؟ "

و بناحية أخرى بعيدة عن البقية عاد آلبرت للجلوس بمفرده أو هكذا كانت نيته عندما وجد كل من ليون و نيرو خلفه ...

هو رسم ابتسامة ساخرة على شفتيه قبل أن يُعيد بصره للأمام بهدوء ، خطوات ليون أوصلته للجلوس قرب الأصغر بينما وقف نيرو خلف كلاهما ليهمس بهدوء مُخالف لعادته

_ :" هل أنت بخير آلبرت ؟ "

أجل هو يدرك حماقة سؤاله فمن هو الذي سيكون بخير بعد كل ما حدث حقاً ! و هو من تأثر بكل هذا رغم أن ريبيكا ليست بالشيء الخاص بالنسبة له !

و المعني وجه بصره لأصغرهم و الواقف خلفه لينطق :" لما لن أكون كذلك نيرو ؟! نحن لازلنا على قيد الحياة ! و لأجل إتمامها أجل بخير ! رُغم أنني لم أعتد حقاً بعد على هذه العين الثانية ! "

و حقاً كيف لهذا الشاب أن يكون دائماً على إعطاء مِثل هذه الإجابات ؟! و كأنما دموعه قد جفت منذ سنوات طويلة فبات مُعتاد على كل المصائب الذي تنتظره ، كما لو أنه أحرق قلبه بيداه الإثنتين ! ...

~~~~~~~~~~~~~

خطوات تلك الفِرقة كانت قد توقفت منذ مُدة لا بأس بها !

حدث كل شيء بشكل سريع للغاية حتى هم ما استطاعوا فهمه تماماً ...

بالأسبوع الماضي هم بعد أن أصاب جيسي كلاي و أخذ الأول قميص الثاني المُغطى بالدماء اكتشفوا أن تلك الدماء تعمل ككلمة مرور بين الحواجز إذ يُمكنهم العبور بكل بساطة الآن و التنقل بحرية ...

و هذا ما أكملته هذه الفرقة بهذا الأسبوع ؟ هُم عليهم الوصول لمقر المُهجنين بأنفسهم ، أجل أي منهم ليس واثق بالنجاة لكنهم أجمعوا أن هُنالك ما يُريده هؤلاء المُهجنين صحيح ؟

لذا لينتهي كل هذا حقاً ! أو ليِعد البقية ليفجروا هذه القارة بأسرها ، لتُباد هي و من عليها !

لكن و فور وصولهم لمنطقة بدت مُختلفة تماماً عن بقية ما رآوه حقاً منذ بداية رحلتهم هنا ، هي أولاً بدت طبيعية للغاية على عكس بقية القارة التي تتداخل بها قوة غريبة تجعلها أشبه بالمُصطنعة من حيث التضاريس و الهالات الضاغطة و الكائنات الغريبة و غيرها ...

التنفس هنا ما كان يحتاج لمشقة كون الضغط قد اختفى ، و رغم هذا فتلك الهالة التي كانوا يشعرون بها تتراوح ما بين القوة و الضعف بدت اكثر قُربة منهم ...

و هذا إن دل على شيء فهو بكل بساطة أنهم و أخيراً وصلوا إلى حيث مقر أعدائهم ...

و ما حدث قبل أن يقرر أي منهم ما عليه فعله تالياً بدأت الأرض بالاهتزاز من حولهم ! و التضاريس بدأت تتغير بشكل سريع و مُخيف حقاً ... لثوان فقط حتى سقطوا جميعاً أرضاً مغشي عليهم مع سقوطهم إثر تحطم الأرض أسفلهم ..

$$$$ قارة كلاهاريا $$$$

_ :" و الآن ماذا ؟! هل رأيت إلى أن وصلنا بفضل الاستماع لكلماتك ؟! أغلب جنودنا ماتوا فور تفعيل ذلك الحاجز ! "

لم يكن حاكم السحرة وحده من اعترض فهاهو شقيقه الأصغر يقف بجواره أمام حاكم المتحولون يردف :" ألست من قال بِحق الإله أنك أرسلت من يُفسد الحاجز ؟! إذاً كيف تم إصلاحه بهذه السهولة ؟! "

و عدم المُبالاة الحقيقي ارتسم على ملامح المعني و الذي كان تاجه يلمع بفعل مجوهراته ، يضع قدماً فوق الأخرى يجيب :" حقاً ؟ كِلاكما بالماضي لم ترفُضا موت فرقة كاملة من الجنود لأجل قتل هجين واحد ! لذا الآن من فضلكما توقفا عن التفوه بالحماقات ! فمملكة مصاصي الدماء الآن هي الأضعف و علينا استغلال هذا قبل أن يعود حاكمها ذاك هذا إن كان سيعود .. "

حدق الشقيقان ببعضهما البعض بينما أخفض حاكم مملكة الجان رأسه رفقة كبير أسرة مارش مُفكرين بكلماته !

فهل جيسي هو السبب الوحيد بِرفعة تلك المملكة ؟ الحقيقة هي لا ! أجل هو بالفعل أعاد للمملكة أمجادها كُلها لكنه يمتلك أسرة مُرعبة بالمقابل ...

الجميع يتحدث عن مدى قوة العم الأكبر له ! ذاك الذي لا يصحو منذ موت شقيقه إلا نادراً و عندما يفعل فهو لا يرحم أعدائه مُطلقاً ...

كبير أسرة كروغر ، ثُم هل سيتخلى البشر عن مملكة مصاصي الدماء حقاً ؟ إن حدث شيء كهذا ألن يقوم مصاصو الدماء بالانتقام منهم بطريقة ما ؟

و هذا دفع البعض ليعيد بصره لحاكم المتحولون الذي ابتسم بسخرية :" تماماً يا حمقى ! لما نُتعب أنفسنا و الحُلفاء سيصبحون أعداء ؟ لن يُفكر البشر قط بعد الدمار الواقع بمملكتهم بأن هنالك مملكة حليفة لهم الآن هي تمت مُقاطعتها من جميع الممالك ...

$$$$ القارة المجهولة $$$$

الأيام كانت تمضي ، تتسرب هي كما المياه التي تحاول حبسها بين كف يدك !

تتوسل لها البقاء و هي تأبى ، تسعى لإيجاد ثغرة ما بين أصابعك لتنسل منها كما اللص بكل هدوء ، و لا يسعك سوى مُراقبتها تمضي ببساطة !

مهما خلفت من آلالام و جراح عليك فقط تجاوزها ثم السير مُجدداً لعلك بالنهاية إلى خط النهاية تصل و ابتسامة رضى قد زينت ملامحك بأنك لم تستسلم قد و هاقد استحققت جائزتك براحة ...

مضى يومان كاملان و تلك الفرقة التي تكونت من أربعة أفراد لاتزال فاقدة للوعي !

لا ، بل هي نقصت من أربعة إلى ثلاثة فقط ...

هالة آيزاك الهجينة أحاطت جسده و كأنها درع ما تحميه أثناء نومه إلا أنها كانت تشتد و كأنها تحاول إعادة الوعي لصاحبها ! ...

و تلك الهالة أجبرت الثلاثة على الاستيقاظ ! بحيث بدأت أجسادهم تستفيق بعد تلك الصدمة ، و أول من تدارك ما حدث كان آندريه الذي وقف سريعاً ليركض باتجاه سيده و الذي كان جسده يبعد عنه عدة خطوات تعثر الأكبر خلالها أكثر من مرة فجسده لم يستفق بعد حقاً مما حدث ...

كيفين اعتدل بِجلسته ما إن شعر بإقتراب آندريه منه ، هو حدق بخادمه بنوع من الهدوء و المعني ابتسم له بخفة قبل أن يبدأ بالنظر إلى ما حوله ...

لا يبدوا له أنهم بذات المكان الذي فقدوا وعيهم به ! ، اجل التضاريس قبل أن يسقطوا أرضاً بدأت بالتغيير لكن بطريقة ما هو يشعر أنه تم طردهم من تلك المنطقة بل و فوق ذلك على الأغلب هم سلبوهم القميص الذي كان معهم !

بصره تحول بعدها لآيزاك الذي نطق بنوع من الملل :" أنا بخير شكراً للاهتمام ! "

السخرية دون ابتسامة ارتسمت على ملامح كيفين الذي أجابه :" كما ترى نحن نمتلك أعين لنرى أنك بالفعل بخير ! "

ضيق عيناه فجأة كما البقية ليقف الثلاثة مرة واحدة ينطق آيزاك :" أين هو الحاكم المُتعجرف ؟ "

فأجل جيسي لم يكن على مرآى منهم بل و فوق هذا ما كانت هالته موجودة حتى !

إلا أن كل أفكارهم توقفت جبراً مع ظهور كل من كولين و كايلي أمامهم بينما ينطق الأول بابتسامة :" إذاً أذكر أن هُناك معركة غير مُنتهية وقعت بيننا سيد كيفين و آندريه أنكملها ؟!"

و الغضب رفقة الاستياء بدى واضحاً على ملامح كيفين الذي تقدم هو مانعاً آندريه من التقدم !

~~~~~~~~~~~

و بعيداً عنهم هُناك عند بقيتهم حيث بداية القارة ظهر سيلفر أمامهم بابتسامة خافتة بنية القتال ! ...

الجموع المتفرقة هنا و هناك عادوا للتجمع معاً فور ظهور هالة سيلفر الذي وقف أمامهم ...

آرون وقف بالمُقدمة مُقابلاً لضيفهم الغير مرغوب به رفقة آلبرت و ليون

_ :" من النادر رؤية وجهك ! بالعادة لا ترسلون لنا سوى كلاي ، كولين و كايلي "

و ابتسامة سيلفر اتسعت بنوع من الهدوء بينما يُجيبه :" من اللطيف حقاً معرفة أنكم تحفظون أسمائنا ! لكننا أسرة واحدة و كل منا لديه دور ما لتأديته لكن أنا هنا ليس الحديث بأي حال ... "

مُقلتيه ذات اللون الأصفر حدقت بويل تحديداً دون غيره !

و هذا دفع ريكايل للوقوف أمامه بينما حول هيئته بالكامل لمصاص دماء حيث تحولت أعينه للون الأحمر و ظهرت أنيابه و مخالبه ...

ريك وقف بجوار توأمه بنوع من الحذر بينما استعد البقية للقتال ، ليس و كأن أي منهم سيقوم بتسليمهم فرد آخر ببساطة صحيح ؟ فكيف إن كان هذا الفرد هو أمير مملكة مصاصي الدماء ؟

و أي منهم حقاً ما رغب برؤية سقوط ضحية أُخرى جديدة ! هُم بالفعل شعروا بالإكتفاء من كل هذا و ليسوا هنا إلا لإنتظار الأيام الخمسة الباقية لهم على هذه القارة اللعينة ...

و بلمحة بصر كات سيلفر يخترقهم ليقف مُباشرة أمام ريكايل الذي وقف ويل خلفه !

سيف ريكايل بالكاد رد هجمة من مخالب سيلفر و التي أصابته بالفعل بجروح سطحية كونه لم يتدارك الأمر مُنذ بدأ الهجوم فسرعته شديدة حقاً ...

قفز سيلفر للخلف يصد ضربة مُباغتة من إيكاري و الذي تحرك هو الآخر بسرعة الجان ليصل إليهم ! ...

لكن السرعة ما كانت المقياس الوحيد بمعركة كهذه فبالنهاية سيلفر هجين ما بين الجان و الشياطين ، كما أنه بالفعل يُعتبر الرئيس و العقل المُدبر للهُجناء المُتواجدين بهذا المكان ...

لذا لم تمر عدة ثوان حتى سقط إيكاري أرضاً مع شهقة مُتألمة و جرح نازف ! تقدم سيلفر منه لكنه و قبل أن يصله كان زاك قد وقف أمامه يحدق به بنوع من الكره !

و بجواره وقف ريك الذي شعت عيناه باللون الفضي دليلاً على تلك الحبوب التي ابتلعها تواً ..

_ :" أنا حقاً لا أود إيذائكم ، كُل ما أرغب به هو منازلة بيني و بين أمير مملكة مصاصي الدماء ويل كروغر فحسب ! لقد حدث و نلت شرف مواجهة الحاكم خلال اليومين الماضيين لذا لدي تلك الرغبة الآن بمعرفة إن كان أبناء كروغر جميعاً يمتلكون ذات القدرات أم لا !؟ "

قطب ريكايل حاجبيه و هو يحدق به بنوع من الريبة ، لا يدري لماذا لم ترق له فكرة أن الحاكم قاتل هذا الذي أمامهم ! ، أن يقف هنا بخير دون أي أذى لكن بالمقابل أوليس عدم حدوث أي شيء للكريستالة الخاصة بجيسي تعني انه لم يصب أيضاً ؟

معركة دون إصابات ؟ و مع من ؟ مع الحاكم الغاضب حقاً ؟ هذا لا يبدوا له منطقياً بأي شكل من الأشكال فجيسي لم يكن ليتركه دون إيذائه بشدة أو إن عجز عن القتال ، لذا كُل هذا يبدوا مُريباً و لا يُمكنه تصديقه بكل بساطة !

إلا أن أفكاره توقفت مع تقدم ويل للوقوف أمام سيلفر بملامح هادئة بينما ينطق :" و أين هو جيسي الآن ؟! أنت تكذب ! لم تقم بمواجهته قطعاً "

و ابتسامة مُريبة للغاية ارتسمت على وجه الأكبر الذي عاد لهجومه السريع بينما أغلق ويل عيناه لأقل من جزء من الثانية لينطلق هو الآخر مُواجهاً له و شعوره بأن شيء سيء قد حدث أو سيحدث يُلازمه بالفعل لذا هو رغب حقاً بتفريغ هذه المشاعر بقتاله ...

$$$$ قارة زيلانديا $$$$

_ :" لقد تم قطع الطرق التجارية حتى بيننا و بين قارة ليموريا ! و بالتالي جلالتك نحن حرفياً محاصرون بشكل تام ! أمامنا ما يُقارب الستة أشهر فقط لا غير و سينفذ المخزون الأساسي بشكل كامل ! "

أنهى أحد المُستشاريين البُدلاء تقريره ذاك و أحنى رأسه لمن أمامه بينما وضع سام يده على طرف العرش يسند به وجنته اليمنى مُغلقاً عيناه فهو توقع شيء كهذا بالفعل !

لا ، لن يكون نفاذ مخزون الطعام الأساسي هي المشكلة الأساسية فبعد فترة على الأغلب ستعود جيوش صغيرة للهجوم على المملكة ...

أجل هم سيمكنهم هزيمتهم لكن كُثرتها مع قلة المخزون التدريجي سيجعل همة الشعب و الجيش بالحضيض ! حتى يأتي اليوم الذي سيبدؤون به بالاعتراض حول لما هم قاموا بالتدخل بما لا يعينهم و ضد جميع الممالك !

على الأقل كان عليهم اتخاذ موقف مُحايد كقارة ليموريا ! ...

هو ابتسم بسخرية لأنه بالفعل إن حدث هذا لن يُمانع من إيجاد طريقة ما لتحطيم الحاجز و قلب ساحة المعركة لتصبح بينه و بين البشر ، حُلفائه سابقاً ...

و لكنه و قبل أن يغرق بأفكاره أكثر و قبل أن يتحدث أي من أشقائه المتواجدين بجواره بصمت كان حارس آخر قد نطق بصوته المُرتفع :" عربة حاكم مملكة البشر دخلت بوابة القصر الملكي قبل دقائق و سيصل بأي لحظة إلى هنا "

_ :" آوه ، لا تقل لي أنه بالفعل يُدرك أن الأمور تسير لصالح الأعداء "

جملة سام كانت ساخرة بشكل كامل تحمل بين طياتها الكثير من المعاني العِدائية حقاً و هو ما نطقها إلا تزامناً بدخول المعني إلى القاعة بحيث أغلق عيناه مُطلقاً تنهيدة يائسة :" أنت سهل القِراءة ألا تظن ذلك ؟ مُنذ كنت بمملكتنا أثناء الحرب آخر مرة نظراتك كانت موجهة نحوي بِعدائية تامة "

رفع سام أحد حاجبيه باستنكار كلي بينما هربت ضحكة ما من بين شفتي شقيقته أما أكبر الاشياء فهو ما تحرك حتى بل فقط راقب ملامح القادم ثم حدق بشقيقه الأصغر سام و الذي أجاب بنوع من البرود :" حقاً ؟! و أنت وثقت بشخص يحدق بك بنظرة عدائية طوال فترة القتال ؟ "

ابتسامة خافتة ارتسمت على ملامح الحاكم الضيف :" إن كان كل هذا بسبب رغبتك التي أعلنت عنها بأول زيارة لك بشرب دمائي فتفضل لكن توقف عن التفكير السلبي و كأن نهاية العالم حلت ! نحن حلفاء ، و أنا لا أنسى من مد لي يد العون "

رفع سام أحد حاجبيه باستنكار شديد و بطريقة ما ابتسامة الحاكم الخافتة تلك أزعجته ! لا هي أشعرته بالحرج للحق و كأنه يتعامل مع طفل يود جعله يصمت !

و ما زاد الأمر سوءاً هو وقوف إينزو الذي نطق بسخرية باردة :" يمكنني أن أفهم لما يحب جيسي التعامل معك ! تجاهل أخي الأصغر من فضلك و تحدث "

و أعين سام اتسعت بقوة بينما أصدر شهقة معترضة لتعلو ضحكات شقيقه و شقيقته بينما أخفض الحاكم الضيف رأسه بنوع من الاحترام للأكبر او لإخفاء ضحكاته ربما ؟!

الهدوء ساد بعدها ليبدأ الحديث الجاد و الذي دفع الكثير من الهدوء و الطمأنينة لمملكة مصاصي الدماء !

تلك القرارات و الإجراءات التي اتخذها حاكم مملكة البشر لأجلهم ! أولاً هو سيمدهم بالطعام و الحيوانات كونه بالفعل جهز لذلك ، سيُساعدهم بإنشاء مزارع تخصهم ، و الأهم من ذلك بالنسبة للهجمات التي يتوقعون أن تأتيهم بين فترة و اخرى هم حقاً صدموا عند علمهم أن البشر منذ يوم إعلانهم أن مصاصي الدماء بصفهم بدؤوا بإعداد حاجز لمملكتهم تمنع دخول أي جنس آخر لها سواهم !

تماماً كالحاجز الذي تم تفعيله الآن بمملكة البشر ! و هو يوشك على الانتهاء ! فقط متى هو خطط لكل هذا حقاً !

مجدداً حاكم مملكة البشر يثبت أنه يخطط لكل شيء بهدوء تام و يضع مئة سيناريو برأسه لئلا يصدم لاحقاً من شيء ما ...

و كم أن التعامل مع أمثاله أمر مريح للغاية ! لا يأخذ المُساعدة ثم يدير بوجهه ، لا هو سيحول نصره لواحد جماعي و الربح سيوزعه على الجميع بالتساوي على ما يبدوا و لهذا تماماً على الأغلب جيسي تعامل معه و أحب ذلك ...

$$$$ القارة المجهولة $$$$

الإرهاق التام و الألم بدى ظاهراً على ملامح كيفين الذي عض على شفتيه بقوة بفعل ذلك الجرح الذي يزين كتفه !

هو ما استطاع التصدي لهجمة كولين السريعة تلك ! و آندريه خالف أوامره و تقدم للمعركة فور وقوع الاصابة ليُبعده عن سيده !

و بجهة أُخرى كان القتال دائراً بين كُل من آيزاك و كايلي ! كِلاهما هجين لذا قواهما كانت شبه مُتعادلة فكون حقيقة الأول كُشفت لما عليه حتى إخفاء هذه القدرات ؟!

و هذا للحق خفف الكثير على هذه الفرقة ! ... كولين وقف خلف كيفين تماماً يضع سيفه على عنقه بينما همس له بكل برود

_ :" رفيقك سيموت ! هو يتألم منذ عدة أيام بالفعل بسبب التعويذة التي وضعناها عليه ألن تكون سيد جيد و تنهي مُعاناته سريعاً ؟ ما وضع عليه سيعذبه لمدة طويلة و سيزداد الألم تدريجياً حتى يعجز عن السير ! سيصرخ من الألم بكل ثانية أهذا ما تريده حقاً بأنانيتك ؟ لكن إن فعلتها أنا بطريقة أخرى فكل هذا الألم سيختفي مع إشراقة الغد ! هو سيموت سريعاً "

و هالة الأمير انطلقت فجأة بشكل ما سبق لها أن تنطلق به ! هو حرفياً حطم الأرض حول جسده مُجبراً كولين على التراجع للخلف بينما مُقلتيه العُشبيتين حدقتا بعدوه بكل حقد !

أجل ، هو ليس مُغفل لئلا يُدرك أن الأكبر يتألم طوال الوقت ! و أن قوته التي تستمر بالانحدار ليست بسبب التفكير فقط ! و لا حتى إلحاحه على ذلك الوعد و السؤال !

لكن بحق الإله هذا مؤلم ! خانق ، يشعره بالكثير من العجز و الضيق و إن تجرأ على الاعتراف هو يشعر بالرعب !

أجل مرعوب هو من تلك الفكرة ، أن يصحوا يوماً ما دون أن يجده حوله ، لطالما كان يخشى أنه عندما يعرف آندريه على أسرته الحقيقية و يخيره بين الذهاب معهم و البقاء معه أن يختار الرحيل رفقة أسرته !

و الآن كم يتمنى لو أن هذا الموقف هو ما تم وضعه به ! أن يذهب آندريه لأسرته أوليس أفضل بمئات المرات ؟ ألا يعني ذلك انه يمكنه زيارته و رؤيته كلما رغب بهذا !

إن ضاقت عليه الحياة مُجدداً سيعلم ببساطة إلى أين يذهب و أي يد هي التي ستمسح على ألمه ! لكن إن رحل للأبد فمن أين له رؤية ابتسامته الدافئة ؟

الشعور بيده اللطيفة و هي تبعثر له خصلاته ؟ الاستماع إلى صوته المرح ، او الهادئ أو حتى مشاكسته !

كل تلك المشاعر التي تفجرت به كانت تجعل من ضرباته أكثر قوة و قسوة ! هو حرفياً مُستعد لإرسالهم للجحيم بحد ذاتها ! ...

جميعهم ! فقط إن رحل آندريه بالنهاية و كان هذا هو مصيره و إن قتلهم بما سيفيده ذلك حقاً ؟!

الدماء تناثرت فجأة بشكل قوي جعل حتى المعركة بين كل من كايلي و آيزاك بالتوقف جبراً !

الثلاثة حدقوا بالاثنان الذين تنساب منهما الدماء بغزارة بأعين مُتسعة !

جرح عميق ، شديد الغزارة تربع بصدر أمير المتحولين ليصبح لديه جرحان نازفان ...

بينما انسابت الدماء من فمه و وجهه كان يصبح أكثر شحوباً !

آيزاك و آندريه كل منهما تحرك للوصل إليه إلا أن الكريستالة الخاصة به بدأت بالانشقاق دفعت الثاني ليشهق بقوة و هو يمسك برأس سيده يُقبله :" من فضلك اصمد قليلاً ، أنا آسف سيدي ، أنا حقاً آسف كان علي الدفاع عنك بشكل أفضل ! "

و بجهة أخرى كانت الدماء تسيل من جسد كولين الذي استند على شقيقته كايلي بينما يحدق بهم بنوع من التعب فهذا الأمير حقاً قوي !

هو لو لم يكن هجيناً لما كان حياً للآن ! لكنه أيضاً زاد قوته لإنقاذ حياة رفيقه ! للحق لازال مُندهش من كون أمير مملكة المتحولين لديه مثل هذه العلاقة اللطيفة مع مجرد عبد ! بطريقة ما و رغم ما سيفعله الآن هو يحترم كلاهما !

لو أن هذا الشاب يصبح الحاكم لربما ما كان هو و رفاقه ليولدوا حتى ! ...

_ :" آندريه لنعقد صفقة ما ! سنفتح لكم الحاجز للعودة إلى رفاقكم ليقوم الساحر بإنقاذ الأمير لكن بالمقابل أنت ستقوم بشفائي عن طريق دمائك ! أنا سآخذها منك بأي حال بالقوة أم باختيارك ، و التعويذة ستفعل يمكنك الاطمئنان على حياة سيدك فحتى بعد تفعليها بشكل كامل أنت لن تموت إلا مع شروق شمس الغد .. "

كز كيفين على أسنانه بقوة بينما شد على سيفه ! هو يود قطع رأس من أمامه ، إلا أن يد آندريه وضعت فوق يده تلك بينما آحال جسد سيده إلى يدي آيزاك يهمس للأصغر :" سيدي تعلم أنني بالفعل لن أنجوا بأي حال ! و أنا لا أريد أن تغرق مملكتنا بالظلام الدامس بفقدها للنور الوحيد بها ! "

بالطبع هو ما قصد بالنور إلا أميره ! نهض بعدها بكل هدوء ليقف أمام كولين يميل برأسه بنوع من المرح الذي لا يتلائم و حقيقة الموقف ككُل !

_ :" لا داعي للتهديد يا سيد أنا سآتي بملئ إرادتي لكنك ستحافظ على وعدك صحيح ؟ "

الهدوء طغى على الجميع بينما الهواء كان يبعثر خُصلاتهم و ثيابهم كما كانت مشاعرهم مبعثرة من الداخل !

ترك كولين الاستناد على جسد شقيقته ليأمر آندريه بالجلوس ثم هو جلس أمامه !

مُراقبة كُل هذه التفاصيل ما كانت أمر سهل حقاً ! كيفين فتح فمه بضعف لكنه لم يغلق عيناه و لا أبعد وعيه عما يحدث ! هو فقط كان يتسائل لماذا بكل مرة يعجز عن حمايته ؟ و هذه المرة لن تكون من بعدها فرصة أخرى !

شعور فظيع انتاب جسده السقيم أساساً بينما أشاح آيزاك بوجهه ! كريستالة الأمير كانت تزداد تشققاً و أحدهما سيموت بالفعل ! و الموقف ككل ذكره بتضحية نيو من قبل !

شهقة كانت خافتة صدرت من جوف آندريه فور انسياب تلك الأنياب بعنقه و قد ارتجف جسده كما لو كان محموماً فالتعويذة تم نشرها بسائر جسده ليزداد الألم الذي كان يشعر به للضعف !

هو أصدر أنين مُتألم خافت عندما عجز عن كتم ألمه أكثر ، أنين إخترق كيان الأمير الذي فقد وعيه مُباشرة و آيزاك الذي انهمرت دموعه بالفعل دون أدنى إرادة منه ! ، بينما هو كان و بأقصى طاقته يحاول إبقاء الأمير على قيد الحياة !

لو توقف عن منحه الطاقة و لو لثانية واحدة ربما قلبه سيتوقف ؟!

فتح آندريه مُقلتيه ذات لون الفِضة بِتعب تام عِندما ابتعد خصمه عنه و قد شُفيت جِراحه تماماً بِفضل دمائه ، هو حاول لا بل أجبر جسده على الوقوف للاتجاه إلى سيده يجثو قرب جسده بألم قبل أن يعيد بصره لكولين ينطق بنبرة خافتة :" لقد وعدت بفتح الحاجز فنفذ وعدك الآن ! "

و المعني أومئ له بهدوء مُطلق بينما يستدير و كايلي للرحيل :" أنا لن أُخلف وعدي هذا ! "

و باللحظة التي اختفى بها الشقيقان فاتح الحاجز لينظر آندريه إلى آيزاك :" أعده أنت أكثر سرعة مني من فضلك ! أنقذ سيدي أرجوك "

~~~~~~~~~~~~

ويل منع أي طرف ثالث من التدخل بتلك المعركة ! هي ما كانت سهلة بالنسبة إليه مُطلقاً ، هو ما كان مُعتاداً على القتال إلا نادراً !

أجل مستواه ليس كالمبتدأين حقاً ، بل قطعاً هو فوق المتوسط بكثير إلا أنه تنقصه الخبرة بالمعارك و معرفة الخصوم ...

قوته مُذهلة بالفعل لكن لازالت تقديراته بحاجة لمزيد من العمل ، و ربما سيلفر لاحظ ذلك منذ بداية المعركة ...

بالنهاية هو ارتكب عدة أخطاء كان يمكن له إستغلالها جيداً لإزالة قلبه من مكانه بغمضة عين ، لكنه ليس هنا لقتله حقاً !

بل لغاية أُخرى بقلبه ... العديد من الشهقات صدرت فجأة بينما تجمدت حركة ويل ما إن تشققت كريستالة كيفين ! ...

أمير مملكة المتحولون بخطر ؟ حياته مُهددة بالفناء ؟ لكن كيف ؟ لما و الجميع ما توقع حدوث هذا ؟ أوليس كيفين أحد أعمدة هذه الفرق كلها ؟

قوته ليست بسيطة حقاً ، لكن هؤلاء مهجنين هم أقوى منهم جميعاً و الحقيقة هذه تستمر بصفعهم مرة تلو الأخرى بكل وقت تسقط به ضحية أخرى ...

_ :" ويل ركز أمامك و اللعنة ! "

ذلك الهتاف صدر من ريكايل الذي ما تمكن من التدخل بفعل أوامر سيده ! و المعني شهق فور رؤيته لسيلفر يقفز نحوه بسيفه ليرفع يده اليُمنى لحماية وجهه ؟

الدماء تناثرت عندما إخترق سيف الأكبر يد الأصغر بينما ارتد جسده حتى ارتطم بإحدى الصخور من الخلف ...

شهقة صدرت من جوفه تدل على مدى الألم الذي لحق به بينما حدق سيلفر حوله ما إن شعر بأن الحاجز قد تم إبعاده ؟

هو ابتسم بِسُخرية لكل من ليون و ريك اللذين هاجماه ليصد هجومهما قبل أن ينسحب من المكان بأسره كأنه ما وجد قط ! ...

اتجه ريكايل لويل من فوره ليجثوا على ركبتيه بحيث حدق بالجرح المُتواجد بيد سيده إلا أن ما شد انتباهه كان شيء آخر ، السوار الذي يضعه ويل بمعصمه تم تحطيمه بالفعل و البلورة بداخله أضائت بشكل غريب قبل أن تختفي و تتناثر !

ذلك دفعه ليحدق بآرون الذي جثى بجواره لتفقد الجرح أيضاً بل بدأ بعلاجه لينطق بهدوء :" عندما ابتعد السوار عن معصمه حيث النبض التعويذة التي تربطه انتهت ! "

و ويل فتح فمه بنوع من التوتر و هو ينطق :" مهلاً كيف يُمكننا إعادتها ؟ "

_ :" هذا غير مُمكن بالفعل إلا بتواجد من تعاقدت معه ! لذا قبل عودة الحاكم هذا مستحيل "

العبوس طغى على ملامح الأمير الشاب بالفعل لكن الأنظار كلها تحولت لآيزاك الذي ظهر فجأة و على ظهره كان كيفين المُصاب !

آرون و ميلينا ركض كلاهما بإتجاه المُصاب بينما تجمع البقية حولهم مع مئات الأسئلة ، كيف أُصيب كيفين بهذه الطريقة ؟

و أين كُل من آندريه و جيسي ؟! على الأغلب آيزاك هو من أسرع لنقل كيفين لكن أوليس آندريه قادر على استخدام ذات السرعة ؟

لا ربما المعني مُصاب أيضاً فلن يُصاب السيد دون محاولة رفيقه لمُساعدته ! ...

الكريستالة الخاصة بكيفين بدأت تعود و بشكل تدريجي إلى طبيعتها ، و ما إن اختفى الجُرح حتى إستقرت انفاسه و باتت مُنتظمة ، الحظ معه لأنه من المتحولون و أجسادهم أقوى و أسرع بالشفاء و هالة آيزاك كانت كافية له ليبدأ بالفعل بِاسترداد صحته !

و قبل أن تنطلق أسئلة المتواجدين ظهر آندريه بوجه شاحب للغاية ليتجه له آيزاك من فوره يُساعده على الجلوس قرب كيفين لتمتد يده لتُبعثر خُصلات سيده الشقراء بينما أشار آيزاك للبقية بالخروج ...

و بالفعل تبعه الجميع بِلا استثناء رغم أن وجه آندريه لم يكن مُريح البتة و كأنه بحاجة لعلاج !

و رغم أن الأميرة بقيت عيناها ذات لون الزُمرد تحدق بشقيقها بقلق ، لم تتح لها بعد فرصة الاعتذار منه ، و لا الوقوف إلى جواره أو حتى إخباره أنها ما عادت لتقف ضده مهما كان ...

و بِالمُقابل بقي آندريه يحدق بسيده بينما يحاول مقاومة تيارات الألم القاتلة التي تسري بجسده !

هو عض على شفتيه قبل أن يخفض رأسه يدفنه بصدر الأصغر الفاقد للوعي يهمس :" هذا مؤلم ! هو حقاً يؤلمني سيدي ، كل شيء بهذا العالم كان فظيعاً و طوال سنوات حياتي لم أشعر بأنه يوجد أي عدل و لا رحمة ، و للعيش كان علي إنتزاع أي نوع من الأمل "

أغلق عيناه و هو يضم جسد سيده :" أو هكذا ظننت حتى وجدت نفسي رفقتك سيدي ! أنت كُنت الأمل الذي افتقدته ، و الأُسرة التي حُرمت منها ، الحنان الذي خسرته ، الأحلام التي سلبت مني تبدلت أجل لكن على الأقل امتلكت بعضها و هذا فقط لوجودك أنت ! للطفك و طيبتك لأجلك أنا تمكنت من الصمود و الابتسامة ! أتفهم ذلك ؟ لا شيء يدعوني للاستمرار بالابتسام و الضحك و العبث إلا من أجلك أنت لذا أتوسل إليك "

هو رغب بأن يُكمل كلماته لكن شهقاته خانته ! و كيف لن تفعل و أعينه التقت بعينا سيده المحمرة كما لم يرها من قبل !

و الأمير أشاح بوجهه عنه بصمت بينما عدل من وضعيته ليجلس بدلاً من الاستلقاء ...

أما بالخارج فقد اتسعت أعين الجميع مع الأخبار التي تلقوها تواً ! جيسي مفقود تماماً و آندريه عند شروق الشمس سيموت فقط ؟

هذا هو الأسبوع الأخير لهم بالمهمة فلماذا لم ينتهي دون كل هذا الألم حقا ؟!

_ :" مهلاً لحظة ! ماذا تعني تماماً بعبارة جيسي مفقود ! أنتم ألم تكونوا معاً ؟ ذاك الوغد سيلفر قال أنه واجه أخي بالفعل ! إذاً أين هو ؟ "

أخفض آيزاك رأسه بهدوء تام فهو حقاً لا يعلم ! بل ما بحث هو أو من معه عنه كونهم لم يجدوا الوقت لهذا حتى ...

و ذلك الصمت لم يعجب ويل الذي كز على أسنانه ! هو قطعاً لو يقبل بنتيجة كهذه ! مُقلتيه حدقت بالأفق أمامه بانتظار ظهور شقيقه الأكبر بأي لحظة ...

الحاجز تم كسره صحيح ؟! و كريستالة كيفين قد تشققت لذا لابد أنه سيعود ليرى ما يحدث هذا ما عليه الثقة به ؟

و الصمت كان قد عاد للأجواء عندما حطمه ليون بنبرة خافتة :" بعد شروق شمس الغد نحن سنترك هذه القارة فحسب ! المُهمة انتهت رسمياً "

ما كان لأي منهم أن يعترض ، هذا كافٍ بالنسبة لكل واحد منهم ! لا مزيد من الضحايا و الألم ، لا يرغبون بخوض المزيد من تلك الألعاب السخيفة و الخدع التي تُنصب لهم بكل أسبوع ...

كل شيء انتهى بالفعل ، لذا و مع موت آندريه لن يكون لأي منهم مكان بهذه القارة و حينها فحسب عند عودتهم لممالكهم سينظرون بما عليهم فعله مع هؤلاء المهجنين !

لكن و مجدداً صوت ويل صدح بالأرجاء باعتراض مُطلق و هالة داكنة أحاطت بِجسده :" هذا لن يحدث ! أن نغادر دون جيسي أو البحث عنه ، كيف تريدون مني أن أدير ظهري لهذا المكان و شقيقي أنا ليس معي !! لن نغادر دونه "

آرون تنهد قبل أن يُحدق بالسماء ، هو لم ينطق و لو بحرف واحد لكنه فقط عض على شفتيه حتى أدماها تماماً !

بينما أخفض ريكايل عيناه التي أخفت مئات المخاوف و الألم بل حتى الدموع ...

و آلبرت كان من نطق مُجيباً الأصغر :" هل تعتقد حقاً أن الحاكم سيعود ؟! استيقظ من أوهامك ! هو افترق عن فرقته ثم آتى لنا سيلفر و قال أنه خاض معركة ما معه ! و أراد خوض واحدة معك و كل ما فعله كان تحطيم السوار الذي يفترض به أن يحمل جثته ان مات ! ألا يوحي هذا لك بشيء ؟ "

أعين ويل كانت تتسع بشكل تدريجي حتى شهق بقوة بينما تابع آلبرت بقسوة :" حاكمك لن يعود ! هذه هي الحقيقة فتقبلها سريعاً ، لأنه و مع حلول الصباح لا أظن أن كريستالة آندريه وحده من ستتحطم ! سيلفر آراد لِجُثة الأكبر أن لا تعود ببساطة "

_ :" آلبرت كفى ! نحن لسنا واثقين من أي شيء بعد ! "

صوت ليون المعاتب قاطع هذا الحوار إلا أنه و قبل أن يجيبه الآخر هدر صوت ويل :" بل أنتم فقط تشعرون بالخوف و تودون الهرب ! يمكنك العودة من يهتم حقاً ؟ أنا لن أفعل ، سأنتظر جيسي هنا و بالنهاية هو سيعود أتفهم !؟ "

_ :" سيدي من فض... "

_ :" أغلق فمك أنت الآخر ! أنا لن أستمع لأي منكم ! ليفعل كل شخص ما يرغب به لكنني لن أدير ظهري لأخي مهما حدث ! لن أتركه مطلقاً "

و الصمت عاد ليحل بعد تراجع ريكايل إلى جوار توأمه ، هذه مشكلة أُخرى ، كل الدلائل تشير أنه إن لم يقتل جيسي فهو كأقل تقدير بات لديهم !

لكن أيمكنهم لوم ويل حقاً ؟ لو أن رفيق أو شقيق واحد منهم بمكانه أكانوا ليغادرون تاركين إياهم خلفهم ؟ و رغم هذا كل هذه المعارك أثبتت أنهم غير قادرين على إنقاذ أحد ! ليسوا بالقوة الكافية للقتال و ما عادت لديهم روح معنوية حتى ! ...

و خطواتهم قادتهم سريعاً إلى داخل الكهف ما إن وصل لمسامعهم صوت صراخ آندريه من الألم !

ويل كاد يتجاهل كل شيء و يبتعد فقط ، لما لا يذهب هو للبحث عن الأكبر ؟ أيعقل فقط أن يستسلم لتلك الكلمات ؟ أجل هو خائف و شعر بالريبة فور سماعه لكلمات سيلفر لكن ...

جيسي هل يتركه حقاً ؟ لا و إن تحطمت تلك الكريستالة التي تخصه حرفياً لن يصدق هذا ! بل إن تصرفات جيسي كلها بدت مختلفة للدرجة التي جعلته بعدة مواقف يرى أنه يقوم بتهيأته لما هو أعظم !؟

لما ؟ أيعقل أنه يدرك انه سيهزم أو يُأسر ؟ أم هو فجأة قرر أن يذهب إليهم بإرادته ؟ لكن لما ؟ فقط على ماذا ينوي شقيقه تماماً !؟

لما يشعر بفراغ عظيم ؟ فقط هو ماذا يعرف تماماً عن جيسي حقاً ؟ عن أفكاره ؟ مبادئه ؟ تصرفاته و قراراته ؟ إلى أي حد يُمكنه أن يعتبر نفسه شقيق له ؟

بعلاقتهما هذه و التي هي واحدة من أسمى العلاقات بالحياة ماذا قدم حقاً لشقيقه ؟! إن تجاهل خوفه منه ! ...

أفكاره كانت تتخبط بين كل هذا بينما خطواته قادته حيث تجمع البقية حول آندريه !

هو بالفعل كان بين يدي كيفين بينما بدا كم لو كان آرون يحاول دراسة ما تم تفعيله بجسد المريض ...

لاسيما و أنه اكتشف أنها ما كانت تعويذة واحدة حقاً ! بل هو إن حاول إنقاذه و إزالة التعويذة التي تنشر السُم بجسده بكل بُطئ ! ، حيث بالنهاية سيتم محو عقد الخادم و السيد الموجود عند قلبه و ينتهي الأمر بموت آندريه ..

و التعويذة الأُخرى هي إن حاول السحرة علاجه ستتجمع طاقة كبيرة بقلبه قد تؤدي لإنفجاره مُباشرة !

لذا خُصلاته الشقراء غطت مقلتيه بينما يشد على يداه بقوة ، هو لا يُمكنه إنقاذه حقاً ، لا بل حتى و إن رغب بوضع تعويذة ما تجعل الألم يخفت و لو قليلاً سينتهي الأمر بطرد جسده لها خلال عدة ساعات قليلة !

رفع بصره مُحدقاً بالشمس التي بدأت بالغروب ، أساساً ماذا بقي له سوى عدة ساعات ؟!

فقط أي ظُلم هو هذا ؟ آيزاك و زاك وقف كِلاهما بالقرب بألم ، أولم يكن آندريه واحد ممن عاملهم بلطف حتى بعد ظهور الحقيقة ؟ أصمت جماح غضب سيده بنفسه ...

لا ليس التوأم حقاً فحسب بل كل من راقبه من قبل و تواجد معه بِفرقة واحدة أدرك متى طيبة و لطافة هذا الفتى لذا أوليس مؤلماً شعورهم بالعجز الآن ؟!

و الأميرة التي طالما أغاظها وجود آندريه سابقاً جلست بالقرب منه و من شقيقها دون أن تتوقف دموعها حقاً ، مُنذ مقتل آرثر و هي تفكر بكيف يفترض بها أن تتغير و ما عليها فعله فور عودتهم !

لكن آندريه أوليس أحد الأشخاص الذين أرادت الاعتذار منه دون غيره ؟! ...

كم مرة آذته به حقاً دون ذنب !؟ ربما فقط لشعورها بالغيرة ، لأنه ببساطة وقف مع سيده دائماً مهما كانت شدة الأيام ، ما خانه قط و لم ينظر له يوماً بكره أو حقد دفين ، فقط ذنبه أنه ما سمح لقسوة الحياة أن تلوث روحه و إن لوث عقد العبودية جسده ...

_ :" أنا آسفة حقاً ! "

هي نطقت بعبارتها تلك و بالكاد كانت جملتها واضحة بفعل شهقاتها المُتتالية ! ،إلا أن ذلك كان كفيلاً بجعل الجميع يحدق بها بنوع من الدهشة ...

الأميرة إيما التي اعترضت قبل بدأ المُهمة بالجلوس معهم على ذات الطاولة تعتذر الآن ؟ و ممن ؟ من مُجرد عبد بمملكتها !!

آرون أخفض رأسه يحاول منع ابتسامة صغيرة من الظهور ، ابتسامة مؤلمة صاحبتها دموعه بينما يشد على قبضة يده ، تلك اليد التي احتوت على ذلك السوار الذي يُعتبر الآن كالنعش المؤقت و لمن لآرثر !!

و المعني فتح عيناه بنوع من الضعف و قد قطب حاجبيه بعدم فهم حقيقي ! رغم شحوب بشرته و الألم البادي عليه إلا أنه رفع رأسه مُحدقاً بالأميرة بنوع من الريبة و الفضول الذي التمع بمقلتيه الدامعة بفعل الألم !

و هذا المشهد دفع آلبرت لينطق سريعاً :" أجل ،أنت محق تماماً ! لو كنت مكانك لكانت هذه هي ردة فعلي تماماً ، سأظن أنني مت بِالفعل حتى ! "

و ضحكة قصيرة انطلقت من فم آندريه بينما أوقفت إيما دموعها تحدق بآلبرت بشر ، و آندريه ابتسم بهدوء و هو ينطق بشيء من الصعوبة :" شكراً لك سيدتي لكن لا شيء يستحق الاعتذار بشأنه حقاً ! "

و كلماته تلك جعلتها تعود للبُكاء بينما غادر كيفين الكهف مع اختفاء الشمس بشكل كامل و حلول القمر مكانها ...

تنهيدة خافتة صدرت من جوف آندريه الذي حدق بآرون و ملامحه التي تبدلت كثيراً عما كان عليه سابقاً !

أهذا الألم بفعل فقده لآرثر ؟! أشاح بوجهه إلى حيث خرج سيده ليحاول الاعتدال و الوقوف ! و رغم أنه ما كان لينجح لولا تلقيه المُساعدة إلا أنه أعاد بصره لآرون

_ :" أرجو المعذرة لكن هل يمكنك التقليل من هذا الألم ؟ ليس إزالته كاملاً فقط اجعله مُحتمل نوعاً ما للبقاء رفقته رجاءاً " 

و فقط لم يستطع آرون حتى رد تلك الابتسامة له ، هو لم يقم إلا بالتتمتة بتلك التعويذة التي تخفض مقدار الألم للنصف ، فهي ربما يمكنها الصمود حتى نهاية الوقت أكثر من إخفائه تماماً !

و المعني سيبتسم بخفة فور شعوره بالألم يخفت إلى درجة يمكنه تحملها حقاً ، لذا انحنى كنوع من الشكر لمن أمامه قبل أن يتبع سيده للخارج بحيث سيجلس بجواره مع تلك الابتسامة التي ما فارقته قط !

و الأصغر وضع رأسه على كتف اندريه مُخفياً وجهه بينما الأخير يده هو وضعها بين خُصلات سيده الشقراء دون ابعاد ابتسامته حقاً ...

_ :" تعلم سيدي لقد حاولت حقاً أن أبقى برفقتك أنت ! أن أكبر معك فأنا و منذ كنت أنت بالثلاثة من العمر شعرت بأنك ضوء من الأمل ليس لي فقط بل للمملكة بأكملها ! "

صمت قليلاً ليرفع بصره للسماء قبل أن يُردف :" إن كان يحق للعبيد التمني بالمملكة فأمنيتي كانت دائماً الوقوف خلفك عندما تستلم الحكم ! أن أتواجد معك محاولاً المسح على جروحك ، لطالما سيدي تسائل لما هو فقد قدرته على الابتسامة دون أن يلتفت إلى أنه شخص مُذهل مليء بالمشاعر ، أنت دافئ بِشدة بها أو من دونها "

لم يحرك كيفين من وضعيته إلا أنه فقط استمع لكلمات آندريه بهدوء تام بينما أكمل الأول :" أنا قبل مدة أحترت بشأن أُسرتي ، أعترف هم كانوا يحتلون تفكيري لكن و مع كل ما يحدث الآن أنت فقط من تحتله ! أنا فقط وددت إخبارك أنني حتى لو وجدتهم و إن أنت ألغيت نظام العبودية أريد البقاء بجوارك لا جوارهم ، مع الطفل الذي كبرت معه الذي أمسكت بيده و امسك بيدي و هو لازال يسير بخطوات مُتعثرة لطيفة "

أخفض رأيه ليحدق بسيده بحيث أبعد رأسه ناظراً لوجهه و ملامحه !

و دموعه تجمعت لرؤيته لدموع سيده المُتساقطة و التي شعر بها من بداية حديثه عن أسرته ، بتلك اللحظة تلك العينان العشبيتان حدقتا به بكل ألم ، لم تبدوا باردة و لا بهما عاصفة مختلفة بل فقط الكثير من الألم ! ...

لذا قرب رأسه يضع جبينه على جبين الاصغر :" أميري و سيدي هناك وعد أريد منك تحقيقه لأجلي أيحق لي طلبه ؟ "

و كيفين ابتعد قليلاً يومأ دون القدرة على الكلام ! و ماذا عليه القول حقاً ؟؟ هو الآن يعيش واحدة من أسوء لحظات حياته ، تلك التي لم يتخيل قط نفسه يخوض بها !

كم كان الحظ ليرافقه لو كانت أسوء مخاوفه هي ما تحقق له و هو ذهاب الأكبر لأسرته ! ليته فعلها و حرره منذ زمن ، لكنه الآن ألم يخبره أنه ما كان ليغادر جانبه أبداً !

و تلك الأفكار  قاطعها صوت آندريه الدافء و الذي انهمرت دموعه :" سيدي أنا سيصل للعرش ! عليه تحقيق حلمه ، سيجعل من المملكة ما كان يتمنى و أتمنى ، و أنا إن كانت قصة وجود شبح ما كحارس أو مراقب سأتأكد جيداً من البقاء خلفك و إن لم تشعر ! ، و إن لم أكن فاعلم أنني فقط فخور بس... "

قطعت كلماته بفعل يد الأصغر الذي همس بضعف :" كيفين ، هو اسمي فإن أردت الإكمال لا تطلق لقب سيدي هذا هو شرطي لهذه الليلة آندريه ! "

الارتباك غزى كُل ملامحه دُفعة واحدة كطفل صغير يود أحدهم عقابه ! لكن هذا ما استمر طويلاً حقاً و كيف يفعل ؟ بالنهاية هو يحتضر بالفعل !

كما أنها حقاً لن تكون أول مرة يفعلها فكم مرة بطفولتهما هو ناداه باسمه فقط ! دون أي تكليف آخر ؟

كانا دائماً معاً مُنذ أن تقابلا و إلى الآن لذا أجل كلاهما يُدرك أنهما ليسا مجرد سيد و عبد ! بل هُنالك علاقة صداقة متينة جمعت بينهما حقاً ...

_:" إذاً كيفين ؟ موافق ؟ "

هو نطق بعبارته تلك بعد أن مسح دموعه له و للأصغر ! بحيث أومئ له كيفين إيجاباً ثم أعاد رأسه لكتف رفيقه ليعود الأخير للعبث بُخصلاته برفق و يده الأخرى احتضنته بقوة و هو يهمس :" اذا أظن أن طلب ابتسامة منك هذه الليلة مستحيل صحيح ؟ "

و تلك الجملة جعلت الآخر يُعيد إغماض عيناه يسمح لنفسه بالبكاء أكثر حتى شعر كِلاهما بأن الشمس ستظهر لاسيما مع ازدياد تشقق الكِريستالة ليبتعد كيفين سريعاً يحدق به بينما يرتجف بقوة قبل أن يُغمض عيناه و يضمه بشدة لثوان و يبتعد مُجدداً يحاول رسم ابتسامة خافتة لثوان حتى نجح بينما دموعه كانت لا تزال مستمرة حقاً !

و الأكبر شهق بنوع من الصدمة قبل أن يضمه إليه مجدداً و قد بدأ عادت دموعه هو الآخر لتنهمر :" شكراً لك كيفين على كل شيء قدمته لي ! و فقط آسف لكن أيمكنك أن تقدم لي خدمة اخرى ، أريد وعد بأنك ستجد طريقة ما للتنفيس بها عن نفسك ! ابتسامتك هذه لا تفقدها أتوسل لأجلي مجدداً "

و مع نهاية جُملته تلك هو أرخى برأسه على كتف الأصغر الذي احتضن هو الأكبر هذه المرة بينما يشعر كلاهما بتحطم الختم !

الصمت طغى عليهما فما عاد هُنالك ما يمكن قوله ، بكل بساطة كل شيء انتهى ...

و ذلك الجسد الذي اختفى من بين يداه كما لم يوجد قط تزامناً مع تحطم الكريستالة جعلت دموعه تزداد قبل أن ينهض ناشراً هالته الراغبة بالقتل و هذا قبل أن يخرج سيفه من غمده ليغرسه أرضاً مُمراً الكثير من هالته عبره إلى أرض هذه القارة المشؤومة ...

البقية توقفوا عند مدخل الكهف دون تقدم حقاً ! هم فقط راقبوا من أمامهم بنوع من الخفوت ليلتف كيفين عائداً حينها ! و ما إن فعل انشقت الأرض ال ثم تحطمت على مدى بعيد بفعل هالته تلك !

و كما توقع البقية ما كاد كيفين يصل لهم حتى تحطمت كريستالة أخرى تعود هذه المرة لحاكم مصاصي الدماء !

و هنا نطق ليون بنبرة ما كان من السهل تفسيرها :" انتهت المُهمة رسمياً الآن ! "

~ نهاية الفصل ~

إذاً أخيراً من تبقى من الفرق سيعودون لممالكهم !

Bạn đang đọc truyện trên: AzTruyen.Top