الفصل الثاني و الثلاثين
ضيقت الصغيرة عيناها بشيء من الخوف بينما تنطق بإستياء :" كلاي ! هذا الكائن فظيع ثم هل ستقوم بإيذاء هذا الفتى حقاً ؟"
إلتف كلاي من فوره ليحدق بتلك الشاشة التي تعرض له القتال الدائر ما بين ريكايل و الأفعى ليصفق بيديه من فوره مُغلقاً الشاشة بينما ينطق بإبتسامة متوترة :" أعتذر كاترين نسيت أنك تخافين منها ! مع أنني حاولت أن أعرفك عليها أكثر من مرة ! "
أنهى عبارته بنوع من الإستياء لتحدق هي بسيلفر بينما تنطق بضيق طفولي :" الحق عليك , لما تسمح لكل منهم بفعل ما يريد "
ضحك المعني بهدوء بينما يتقدم ليحمل الطفلة بين يديه وهو يجيبها :" لا تهتمي له صغيرتي , هو مُجرد مُراهق متهور بعد فترة من الوقت سينضج و يتوقف عن القيام بهذه الحماقات "
قبض كلاي على يده بينما ينطق بسخط :" ماذا يفترض أن يعنيه هذا ! ثُم كاتي هو لا سُلطة له علي , إن كُنت أطيعه لأنه أكبر مني لا يعني أنني حقاً أنصاع لكل أوامره ! "
عبست الصغيرة بينما تتحدث بصوت مُتعب :" لكن كلاي الأفعى مُخيفة , أنا لا أُحبها يا أخي "
أنهت عبارتها وهي تسند رأسها الذي ثقل فجأة على كتف سيلفر ليتجه كلاي لهما وهو يبعثر خُصلاتها الثلجية :" أنا آسف , سأتخلص منها قريباً لأجلك و من ثُم نملئ ذلك المكان بما ترغبين به موافقة ؟"
لم تستطع منع إبتسامة سعيدة من الظهور بالرغم من التعب الذي بدى على ملامحها بينما تنطق :" أتعد أنك ستلعب معي أيضاً هُناك حينها ؟! "
ابتسامته كانت شبه حزينة بينما يُجيبها :" بالطبع يا صغيرتي , أعدك سنلعب كما ترغبين تماماً موافقة ؟"
أغمضت عيناها بنوع من الرضى بعد ذلك الوعد فهي تثق بأنهم لن يخلفوا أي وعد يقطعونه لها , لديها شقيق واحد و مع ذلك كل من هنا تناديهم بأخي أو أختي , جميعهم أُسرة بالنسبة لها تحبهم بشدة , و قطعاً هذه المشاعر مُتبادلة فيما بينهم جميعاً مهما كانت تلك الخلافات التي قد تحدث بينهم , هُم فقط سيبقون يد واحدة !
بتلك اللحظة دخل المدعو أليكس للغرفة ذاتها ليحدق بسيلفر قليلاً و تحديداً لشقيقته النائمة بين يديه بشيء من القلق هو تقدم منه بينما ينطق :" ماذا حدث لها ؟ أهي بخير ؟ "
أومئ له سيلفر بهدوء بينما ينطق بنبرة مُطمأنة :" لا داعي للقلق هي بخير "
تقدم منه يأخذ شقيقته ثم يسير للخارج دون أي حرف آخر , هو إحتضن جسدها الصغير بيديه قبل أن ينطق بصوت هادئ :" آسف يا صغيرتي , لو كُنت أقوى ربما لما حدث كل ذلك حقاً "
و بتلك الغرفة نطق كلاي وهو يعبث بُخصلاته الشقراء :" مُزعج ! لا أصدق أنه قد يتواجد شخص أكثر إزعاجاً من أليكس بهذا المكان "
أغمض سيلفر عيناه قليلاً وهو يفكر بسبب تغيره المُفاجئ و إنقلابه هكذا , حذر بتعامله معهم وكأنهم فقط قاموا بخيانته , شهق بشيء من الصدمة وهو يفكر أيعقل أنه رآى شيء ما مكنه من معرفة أنهم سيفعلونها بالمستقبل ويخونوه ؟! لكن فقط لماذا قد يفعلون هذا ؟! هم معاً دائماً إما نجاتهم معاً أو موتهم معاً هكذا الإتفاق بينهم ويثق أن أي منهم لن يقبل بالنجاة على حساب الآخر !
خرج من أفكاره عندما صفر كلاي بشيء من الإعجاب ليحدق بتلك الشاشة و التي أظهرت إحدى رؤوس الأفعى وهي تسقط أرضاً مُنفصلة عن بقية الجسد , هو حقاً صُدم بذلك فمن يقاتلها هو شخص واحد فكيف نجح بهذا ؟!
تنفس بعمق فقطع إحدى رؤوسها لن يؤثر حقاً بل سيعود للنمو مجدداً , عليه قطع الرؤوس السبعة بذات الوقت وهذا مُستحيل تماماً على شخص واحد لفعلها , ولا حتى إثنان .
*****
تنفس بصعوبة شديدة وهو يمسك بكتفه الأيسر و الذي يضخ دمائه للخارج بينما يُسند بجسده للحائط , فما إن نجح بطريقة ما بقطع إحدى رؤوس تلك الأفعى حتى إنسحبت من المكان وهو لا قوة لديه حقاً لمحاولة منعها أو قتلها نهائياً بل لا فكرة لديه عما عليه فعله حقاً !
جلس أرضاً يحدق بالسقف بالأعلى بينما يفكر بالبقية , هل قرروا البحث عنهما أم إنتظارهما لمدة أسبوع علهما يخرجان ؟ و لكن أحقاً يمكنه الصمود لأسبوع ؟! جسده ينهار تدريجياً وهذا الجرح مع أنه سطحي بالنسبة لمصاصي الدماء إلا أنه بات يشكل خطر عليه , هو أضعف حقاً من أن يتحمل ذلك الآن و دون دماء أيضاً , و المشكلة أيضاً هو ليس بمفرده هُنا .
أغمض عيناه بإنتظار شفاء كتفه المُصاب قبل أن يتحرك مُجدداً لكن شهقة ما صدرت فجأة جعلته يُعيد فتح عيناه بسرعة ليرى كلير تقف أمامه و قد شطرت ذلك الرأس الذي قطعه لنصفين , إتسعت عيناه بشدة وهو ينطق :" ألا زال يمكنه الحراك بحق الإله ؟! "
إلتفتت كلير له لتحدق بذلك الجرح بكتفه قبل أن تنطق بريبة :" ألا يفترض أن تُشفى بسرعة من جرح كهذا ؟! "
أشاح بوجهه عنها بينما يجيب :" يفترض لكن طاقتي على وشك أن تنفذ "
هي أزالت الوشاح الذي كانت تلفه حول عنقها لتضمد له ذلك الجرح بينما تتحدث بإستياء :" وكيف لم تنتبه لذلك الرأس المُتحرك ؟ لو لم أكن هُنا لكنت وجبة له ! "
حدق بالشطرين قليلاً بينما يتحولان للون الأسود ثم لُغبار مُتناثر وهو يفكر بكيف له أن يتحرك مُجدداً ؟ ثم إن كان الرأس لم يمت لإنفصاله عن جسده إذاً ألا يعني هذا أن الأفعى لم تتأثر حتى بفقده ؟!
هو أعاد نظره لكلير التي إنتهت من تضميده لينطق بهدوء و شيء من التوتر :" شكراً لكِ أيتها الأميرة "
أنهى عبارته بتشتيت بصره للأرجاء مرة أخرى قبل أن يُردف :" لكن لماذا عُدتي إلى هُنا ؟ "
أشاحت بوجهها هي على الفور بينما تتحدث بسرعة :" البقاء معاً أفضل من الإفتراق ! ثُم أنت توقف عن مُعاملتي كطفلة حالاً يمكنني الإعتماد على نفسي فأنا واحدة من فرسان المملكة "
لم يكن بنيته حقاً أن يُطلق سؤاله التالي بصوت مسموع و لا يدرك كيف خانته شفتاه و أخرجتا تلك الكلمات من جوفه لها :" ألم يكن يفترض أن تكوني الأميرة المدللة فحسب ؟ كيف قبلت الملكة بانضمامك للفرسان ؟ "
عندما لاحظ هو متأخراً أنه نطق بأفكاره حقاً عض على شفته بسرعة و كاد أن يعتذر لولا أنها أجابت بهدوء عجيب :" لم يعد أي شيء كما كان مُنذ أن غادرت أنت ! لم نعد أسرة مُترابطة حقاً ، كل منا يهتم بعمله وواجباته فقط "
صمتت قليلاً قبل أن تردف :" أُمي ما عادت كما كانت ، و الواقع هي لا تظهر إلا للعلن و الاحتفالات الرسمية ، بالكاد نراها لذا علاقتنا معها سطحية للغاية ، أبي عزل نفسه بعمله و المملكة و بالكاد يجد وقت ليرتاح به ، بالكاد يعطي ريك بعض الأوامر لتنفيذها "
عبست وهي تكمل :" كُل ما تبقى لي كان ريك فحسب ، لذا التصقت به تماماً و تعلمت ما يُحبه هو ، و إنتقلت إلى المبنى الذي يتواجد به جناحه و مكتبه الخاص إضافة لغرف مستشاريه "
أطرق برأسه قليلاً فهل هو السبب بكل ما حدث لأسرته ؟! لو أنه أطاع أوامر والده و لم يخرج بذلك اليوم أكان كل شيء سيكون بخير ؟
لكن كما قال لريك أحقاً هو مُستعد للتخلي عن حياته الحالية مُقابل ذلك ؟ و هل تفكيره بهذا الآن قد يعود بأي نفع حقاً ؟ لا يوجد قوة بهذا العالم تعيدك للماضي ، لذا التفكير بخيارات أخرى مضيعة للوقت فحسب !
بعد فترة قصيرة من هذا الصمت نطقت هي مُجدداً :" أكان كل هذا ذنبي أنا ؟"
ضيق ريكايل عيناه وهو يحدق بها بحيرة بينما يجيب :" ما شأنك بكل هذا ؟ "
عبست بينما تنطق بصوت خافت :" أنا أخبرت أبي عن ذهابك مع ريك للمكتبة المحظورة ، وهو قرر أن يفصلكما عن بعضكما لمدة أسبوع كنوع من العقاب و لكنه لم يخبرك بأن المدة هي أسبوع فقط و أنت ظننت أنه أبعدك عنا فقط ثم اصبحت أكثر عناداً و خالفت أوامره كلها بما فيها أمر حظر التجول ! "
آمال رأسه قليلاً فحقاً تلك العقوبة أثرت بنفسه و بشدة ، هو تم نقل غرفته لمبنى مُختلف تماماً عن المكان الذي تتواجد به أسرته ، مما دفعه للشعور بأنه طفل غير مرغوب به بالأسرة !
لكنه حقاً لم يفكر قط أن السبب بذلك هي أن كلير أبلغت والده بل رأى أن الأخير بالغ بعقوبته ، ثوان فقط حتى نطق هو بشيء من الصدمة :" عقوبة لأسبوع فقط ؟! "
أومأت له إيجاباً لترتسم ابتسامة لطيفة على وجهه ، هذا يجعل الأمور أفضل قليلاً ربما ؟ هذا يعني أنه لم يتم التخلي عنه قبل تحويله كما كان يظن دائماً .
نطق بإبتسامة ممتنة صادقة :" شكراً جزيلاً لكِ كلير "
نظرت له قليلاً بعدم فهم ، لما هو سعيد بهذا فقط ؟ هي حقاً لا تفهمه و مع ذلك تجد نفسها بدأت بإحترامه بشدة ، هو شخص لطيف و يعتمد عليه تماماً كما كان بالماضي .
ابتسمت له بالمقابل و هي تتحدث بشيء من المرح :" تعلم ماذا ريكايل الجميع يقول أنني خليفتك بالإزعاج ! و كم هذا فظ لقوله لأميرة مثلي "
عبس قليلاً قبل أن يتحدث بعفوية :" يفترض أن أكون من يعترض على هذا ! "
شهقت بصدمة قبل أن تقف لينطق هو بسرعة و توتر :" لا مهلاً ، لم أقصد الأمر بطريقة سيئة ! فقط أنا لا أفهمك ، انتي تغضبين بسرعة و بلا سبب يستحق ، و لا أرى أنني كذلك "
ختم عبارته وهو يخفض يديه اللتين كانتا تتحركان و كأنهما تشرحان كلماته و هي فقط وجدت نفسها تضحك بشيء من الصخب بفعل ردة فعله تلك !
ريكايل عبس قليلاً بينما يُفكر أنه حقاً لا يفهمها مُطلقاً ، لماذا هي تضحك الآن ؟!
حل صمت بين كلاهما عندما شعرا بإهتزاز ما بالمكان ، كلير التي كانت تقف سقطت فجأة لتنطق بخوف :" أهذا زلزال آخر ؟ "
هو أمسك بها ووضعها خلفه ، هناك هالة جديدة شعر بها تواً ، و الأسوأ صاحب تلك الهالة على الأغلب يقاتل تلك الأفعى الضخمة !
أيفترض أن يشعره هذا بالراحة أم القلق ؟! هو قرر أن لا يعرض نفسه و شقيقته للخطر لذا أمسك بها مُجدداً و ركض حتى عاد لمنطقة ما يوجد بالحائط بها فُتحة صغيرة بالنسبة لتلك الكائنات لكنها تكفي لهما ، هو ساعد كلير على الصعود أولاً ثم قفز خلفها من فوره .
أسند جسده فور دخوله للحائط بينما نظرت له كلير بشيء من القلق ، جبينه يتصبب عرقاً و الوشاح الذي ربطته له على إصابته به القليل من الدماء ! ألم يشفى جرحه بعد ؟!
هي أرادت الحديث عندما هو قام بإطلاق المزيد من طاقته ليشكل درع شبه شفاف حولهما ، هو نطق بعدها :" لا تقلقي أنا بخير ، الآن سيُمكننا النوم قليلاً و إن حدث أي هجوم سأصحوا على تحطم الدرع لذا إبقي أنتي للداخل و سأكون أنا للخارج "
أرادت أن تعترض إلا أنه فقط أغمض عيناه بهدوء ، يدرك أن هُناك حرب ما بالخارج و أنه قد لا يستطيع فعل شيء لوحده لكن على الأقل يريد القليل من الراحة ليبذل كل ما بوسعه !
تلك الوصاية التي أعطاها له سيده عليه أن يكون على قدر من المسؤولية لحملها ، إن مات دون بذل كل ما لديه يثق تماماً أنه بتلك اللحظة قد خذل كل من وضع ولو القليل من الثقة به .
****
بالرغم من أن الوقت قد تأخر حقاً و هو ليس دوره للحراسة إلا أن النوم رفض تماماً زيارته !
يشعر بأن خادمه و صديقه ليس بخير أبداً ، و لا يعلم كيف يمكنه الوصول إليه ، بالعادة هو فقط سيتجه لجيسي ليحدد له مكان رفيقه لكن الآن كل شيء مختلف و لا يعلم إن كان بخير أم لا !؟
و بالأخص أن شعوره بالذنب يُلازمه ، ريكايل كان يدافع عنه فقط كالعادة ، لكنه حقاً كان ليكون بخير ، الأسرة الحاكمة مختلفة تماماً ، هو قادر على تحمل فترة طويلة جداً بلا قطرة دماء واحدة و ستكفيه بضع قطرات ان أصيب بشدة ، لكن ريكايل مختلف !
تنهد بصوت مسموع لينهض من مكانه قاصداً السير قليلاً بالأرجاء عله يخفف عنه القليل .
و فور نهوضه فتح شخص آخر عيناه مُحدقاً به بمشاعر مُختلطة إلا أن حاجته له ربما الآن هي ما طغت على أفكاره لينهض هو الآخر و يتجه له .
جيف فتح إحدى عيناه مُحدقاً بسيده قليلاً قبل أن يلتف للجهة الأخرى ، لم يرى أن هناك سبباً يدفعه للنهوض فسيده الآن يدرك تماما أن شقيقه يحب هؤلاء كأسرته لذا لا مشاكل إن أراد التقرب منه أكثر .
ويل حدق بريك بشيء من التوتر ، هو يعلم كيف أن هذا الشخص الذي أمامه يمقته حقاً ، و يقدر تلك المشاعر تماماً فتصرفه الأناني ذاك افقد هذا الشاب شقيقه و أبعده عنه .
توقف ريك أمامه بينما نطق بشيء من البرود الذي حاول قمعه بكل جهده :" أأنت متصل مع توأمي الآن ؟ أعني أيمكنك معرفة إن كان بخير أم لا ؟ "
هو شدد على كلمة توأمي و قد لاحظ ويل ذلك ، و ربما لو كان شخص آخر لا يشعر بالذنب اتجاهه لتشاجر معه مُخبراً إياه أن ريكايل الآن أقرب له منه .
لكن هذا قطعاً لن يُسعد ريكايل أبداً وهو يدرك تماماً أن هذا خاطئ و أنه ليس الأقرب لريكايل ، لذا هو تنفس بعمق قبل أن يُجيبه :" ليس تماماً ، أعني إن لم يكن مُصاباً بشدة لا يمكنني معرفة ذلك ، أو إن لم تكن نفسيته منهارة تماماً "
عض على شفتيه قليلاً فهذا يجعله عديم نفع حقاً لكن من جهة أخرى ألا يعني هذا أن شقيقه بخير ؟ و على الأغلب هو و كلير معاً لذا كلاهما بخير ؟
بعد هذا الحوار القصير إستدار ريك عائداً لمكانه لولا صوت ويل المتردد :" أتظن أنه يمكنك أن تسامحني يوماً ما ؟ "
تجمدت حركته لبرهة من الزمن بشيء من الصدمة ، هذا حقاً آخر ما توقع أن يسمعه منه ، لكنه سؤال مهم حقاً ! أيمكنه أن يسامحهم يوماً ما ؟ هم و والده و نفسه ؟!
شقيقه بخير و سعيد ربما إذاً أهناك مانع من حدوث ذلك ؟ بل هو بات يشعر بقليل من الثقة إتجاه جيسي ، أغلق عيناه مُكملاً سيره بينما يجيبه بنبرة هادئة :" ربما ، كل شيء ممكن ألا تظن هذا ؟ "
ابتسامة سعيدة رُسمت على شفتي الأصغر وهو يهتف بمرح :" أتشوق لذلك اليوم حقاً ! "
انهى عبارته و غادر ليحدق ريك بمكان وقوفه بشيء من الحيرة ، فهو يتصرف كطفل صغير !
يصعب عليه حقاً أن يقتنع بأن هذا الفتى شقيق ذاك الحاكم ذاته .
*****
لا تُدرك حقاً متى نامت أو كيف تمكنت من أن تغفوا بالفعل , هي نظرت حولها علها تجد واقع مُختلف لكن ما عثرت عليه كان عكس رغبتها تماماً , فهاهي ذا بذات المكان الذي لجأت و ريكايل له لأجل القليل من الراحة .
أعادت بصرها لشقيقها و الذي كان يقف أمام الفُتحة يطل برأسه و كأنه يبحث عن شيء ما , إلتف لينظر لها بينما يتحدث بشيء من القلق :" جيد أنك إستيقظتي , أظن أنه من الأفضل لنا مُغادرة هذا المكان و الإبتعاد "
قطبت حاجباها بعدم فهم فهل هي نامت لمدة طويلة ؟! وماذا يحدث ؟ ريكايل يبدوا بحال أفضل قطعاً كما أنه أزال تلك القطعة التي قامت بعقدها له فوق جرحه و الذي شُفي تماماً !
هي أومأت له عندما أدركت أنها تأخرت بإعطائه إجابتها لتنطلق بسرعة بإتجاهه و يغادرا المكان علهما يجدان الطريق للسطح مُجدداً , خلال تلك الفترة هي فقط حدقت بيد شقيقها المًمسكة بيدها بقوة تسحبها معه خشية أن تضيع أو أن تُصاب بمكروه ما , لم يعد لديها أدنى شك بأنها حقاً وثقت به , و أحبته مُجدداً وكأنه لم يغب عنها قط فمن أمامها هو ذاته الشخص اللطيف الذي لطالما غفر لها زلات لسانها و عاد ليبتسم بخفة , الشخص الذي كان بإمكانها أن تنهض من فراشها بمنتصف الليل لتقفز فوقه بحجة أنها تشعر بالملل أو خائفة دون أن تلقى أي توبيخ بل على الأغلب كان ليحتضنها فقط و يجبرها على النوم بجواره بحجة أن لا يزعجوا ريك فيغضب !
هُم حقاً كانوا أُسرة جيدة , ليست مثالية رُبما فوالدهم كان مشغول دائماً و أحياناً كثيرة كان يأخذ ريك معه لكن الأمور كانت مُختلفة بشدة , والدتهم كانت متواجدة بحياتهم أكثر , والدها كان يعود من جولاته و عمله و يجلس معهم دائماً يخبرهم بعض القصص حول ما يحدث خارج القصر و يضحك بسعادة .
ريك كان الشقيق الأكبر المشغول دائماً , كُل الآمال كانت على كاهله هو و مع ذلك كان يجد دائماً الوقت ليهرب مع ريكايل و يلعب , و ريكايل كان الشقيق المرح , هو الشخص الذي إعتاد على العبث هُنا وهناك دائماً و إخراجهم من أفكارهم الخاصة و إجبارهم على الضحك مهما كان الظرف !
وهي كانت الطفلة المُدللة و الشقية , كونها أصغرهم و الفتاة الوحيدة بينهم , ليس والدتها فقط من ساهمت بجعلها مدللة بل حتى ريكايل و ريك و والدها , كانت حياتهم مثالية بالرغم من كل شيء , لكن هذه الحياة تحطمت تماماً بذلك اليوم و كأن ريكايل هو من كان يربطهم ببعضهم البعض .
أو بطريقة أُخرى حقاً كُل فرد مهما كان دوره صغيراً فإن غيابه يعني دمار بقية الأفراد , شدت على يده بقوة وهي تشعر بأنها ترغب بالبكاء و الآن , لا تعلم أين الخطأ الذي إرتكبوه ليحصل كل هذا , و تعلم تماماً لماذا وافق والدها على تلك الصفقة التي أبعدت جزء من روحه بعيداً عنه ! ليس وكأنه لم يخبرها و ريك بذلك عدة مرات و مع هذا الأمر لازال مؤلماً بشدة .
توقفت عن الركض عندما عيناها إمتلئتا بالدموع بالفعل , ليتوقف الأكبر أيضاً ويحدق بها بشيء من الحيرة , هو نطق بشيء من القلق :" ما الأمر يا صغيرتي ؟! أأنتِ بخير ؟ أتشعرين بالألم ؟ "
بالرغم من أنه أطلق هذه الأسئلة حقاً إلا أنه يدرك تماماً أنها لا تُعاني من أي ألم جسدي إذاً ما الأمر ؟!
الوقت حقاً لم يُسعف أي منهما فشهقة مصدومة صدرت من ريكايل فجأة أشعلت الخوف بكلير التي إبتعدت عنه تراقب مُحيطهما بحذر لتتسع عيناها بعد عدة ثوان بسبب ذلك المخلوق الذي ظهر من العدم طائراً !
ريكايل ضيق عيناه بإنزعاج فهو حقاً لم يتوقع أن يواجه مخلوق طائر الآن , و إلا لأسرع أكثر بالإبتعاد عن هذه المنطقة وفقط كيف له أن لا يفكر بهذا الإحتمال ؟!
عيناه الحمراوتين برقتا بعدائية نحو ذاك التنين ذو الرؤوس المتعددة بينما يفكر أكل المخلوقات بهذا المكان له أكثر من رأس حقاً ؟! تنهد بتعب فهل طاقته كافية له ؟!
كلير هذه المرة وقفت بجواره بينما أخرجت سيفها تتأهب للهجوم بأي لحظة , هو حدق لعيناها ذات البريق الفضي ليدرك أنها تناولت بالفعل إحدى تلك الحبوب , أغلق عيناه لثوان قبل أن يفتحهما بعزم شديد , لا يهم التفكير بالنتائج الآن لن يسمح لنفسه بالتخاذل مُطلقاً .
ذلك التنين حدق بهما بلا أي حركة بل ريكايل يكاد يُقسم أنه ينظر لهما بترقب لا غير , لذا هو إتبع غريزته و أخذ نظرة للخلف ليشهق برُعب و ينطلق مُهاجماً رأس الأفعى التي كادت تلتهمه و كلير معاً !
هي نظرت للخلف بسرعة لتجد ذات الأفعى الكبيرة برؤوسها الخمسة أمامهم بينما ريكايل يقف على إحداها يحاول التشبث ربما ؟! فقط ألم يقطع هو أحد رؤوسها بآخر مواجهة فهل عادت للنمو مُجدداً ؟!
أتاها صوت شقيقها مُحذراً :" كلير لا تلتفتي للخلف مُطلقاً "
هي أعادت بصرها للتنين أمامها والذي كان أحد الرؤوس به على الإستعداد لإطلاق النيران منه , وهي ما تمكنت سوى من تجنبها بالكاد و حينها فقط إنتبهت أنها ما كانت المقصودة بذلك الهجوم بل ذلك الثعبان , و الذي تصدى لتلك النيران مُضحياً بإحدى رؤوسه بينما قطع ريكايل له رأس ثان ثم قفز لحيث كلير متواجدة , فهذه المعركة لا تخصهما على ما يبدوا لذا كل ما عليهما فعله الإبتعاد فقط !
هو أمسك بيدها مُحاولاً إجبارها على السير برفقته , وهي بالكاد إستجابت له حقاً فعيناها كانت تتبع حركة ذلك الثعبان الذي بدى الغضب يظهر عليه فهالته حقاً بدأت تصبح قوية , ثوان فقط و بدأت تسرع بحركتها فحقاً هذه المعركة لا تعنيهما وكلاهما معاً لن يتمكنا من الوقوف أمام مخلوق واحد منهما ! .
عدة ثوان فقط هي ما فصلتهم عن إصطدام كتلة من النيران بالسقف من فوقهم تزامناً مع سقوط كلير أرضاً , هي ما إن شاهدت ذاك الهجوم و الذي تمكن الثعبان من تفاديه مُتجهاً نحوهما إختل توازنها بالكامل بفعل الخوف لتسقط بلا القدرة على النهوض !
ريكايل لم يتمكن حقاً من التفكير وهو يرى تلك الصخور المُشتعلة تتساقط على إستعداد تام للقضاء على شقيقته و جسده بطريقة آلية تحرك بإتجاهها ليمسك بها و يجبرها على النهوض و إلقائها بعيداً عنه وعن الإنهيار ذاك !
و فقط ثانية واحدة هي ما فصلتها عن سماع صوت صرخة شقيقها المُتألمة لتُغلق عيناها برعب بينما تبكي بشدة .
*****
وقف فجأة بينما إزدادت هالته بالأرجاء مما أثار القلق بقلب ريك و الذي نهض هو الآخر مُحدقاً به , لكنها ما كانت سوى ثانية واحدة حتى بدأت إحدى البلورات حول أعناقهم بالتوهج الشديد قبل أن تبدأ بعض التشققات بالظهور بها , و صورة ريكايل ظهرت بعقل كل منهم لثانية ربما !
وهذا كان أكثر من كافٍ لينهار ريك برعب شديد بينما يتشبث بتلك البلورة بقوة , وكأنه يرجوها أن لا تتحطم و تأخذ معها آخر أمل لديه , هو لازال لديه الكثير حقاً ليقوله لتوأمه , على الأقل عليه أن يعتذر مُجدداً و أن يخبره أنه يتفهمه جيداً , أنه ليس بحاجة للقلق من الحديث معه لإنه بالفعل يفهمه و يتقبل كل آرائه فقط ليبقى .
أغمض عيناه و قلبه يعصف بقوة , جيفري إقترب منه وهو الآخر يتمنى أن لا تتحطم البلورة مُطلقاً , على ريكايل النهوض مُجدداً , تماماً كما كان يفعل دائماً بصغره , فقط أين الطريق للوصول له حقاً ؟!
ويل دموعه كانت قد سالت بالفعل بينما يجلس على ركبتيه بألم شديد , هو يريد أن يجده الآن و حالاً , سيظهر له أنه بات شخصاً يُعتمد عليه , لن يثقل عليه بمزاحه المُزعج ولن يسبب له الحزن أو الألم مُجدداً , بل سيجعله يفخر به لذا ليعد لأجله أهذا صعب ؟
لما هو عاجز عن الشعور بمكانه ؟! هو أخرج طاقته بالكامل محاولاً لكم الأرض بقبضتيه العارية بكل ما يمتلك من قوة حقيقية , لا يستطيع الشعور به لإنه بالأسفل إذاً هو سينطلق للأسفل ببساطة ولو قام بشق الطريق بيداه مهما كلفه الأمر !
نيرو الذي كان يجلس بزواية ما وحده أغمض عيناه بقوة بينما إنسدلت خُصلاته القُرمزية مُخفية ملامحه بتلك اللحظة , فريكايل صديقه و منافسه الأول لن يموت بسهولة صحيح ؟! لا يمكن أن يسامحه إن رحل الآن مُطلقاً , ريبيكا حدقت بهم بنظرات مُنزعجة تائهة , تكره حقاً أن تشعر بكل هذا العجز !
نيو أغمض عيناه فهل بدأ الموت بإختطاف رفاقهم حقاً ؟! مع أن الجميع مدرك لحقيقة أن أي أحد هنا معرض للموت لكن هل مُجرد إدراك الحقيقة سيسهل عليهم تقبله حقاً ؟!
****
توقفت المجموعة عن المسير تماماً بينما لم يجرأ أي منهم حقاً على الحديث , ثلاثة منهم أمسكوا بتلك الكريستالة بملامح مُختلفة تماماً , آرون أسدل خُصلاته الشقراء مُخفياً كل ما يشعر به من إستياء و ألم , بينما آرثر يدعوا بأعماقه بأن يتمكن من النجاة بطريقة ما , هو مصاص دماء لذا إخراجه من مكان المعركة ثم علاجه سيكون كفيلاً بإنقاذه و إن تأخروا بإيجاده لكن أيمكنهم حقاً إيجاده ؟!
آيزاك شاهد كل المواقف القليلة التي جمعته مع ذلك الشاب , هو حقاً لا يريد خسارته لسبب ما و ظن بأنه قد يصبح صديقاً له تماماً كنيو و إيكاري , شخص لطيف أنقذ شقيقه على حسابه , شخص كهذا لا يريد أن يموت بسهولة !
جيسي كان يحدق للأعلى بشرود بينما هالته كانت مُشتعلة كعيناه التين بدتا مُتعطشتان للدماء , ثوان فقط ونطق :" لنعد لنقطة البداية الآن "
أنهى عبارته وقد إلتف بالفعل عائداً للخلف , و الجميع تبعه ببساطة بلا إعتراض فبكل حال إن مات حقاً سيكون عليهم العودة , آرثر تراجع للسير بجوار آرون و قد أمسك بيده بهدوء فهو أكثر من يعلم كم يكره رفيقه مثل هذه الأجواء المُحملة برائحة الموت .
****
تنهد بتعب بينما ينطق :" أأنت سعيد بهذه النتيجة كلاي ؟! "
تنفس كلاي بعمق بينما ينطق بعبوس طفولي :" ما بك ؟ ألا ترى أنهم يبالغون بردود أفعالهم !؟ لو كانت الفتاة من أُصيبت لماتت من فورها لكنه مصاص دماء ! ثم أنظر كم أنا لطيف لقد تصالح شقيقان بسببي ! "
ضحك كولين بشيء من الخفة بينما تنهد سيلفر مُجدداً فهو لا يريد أن يعبثوا فقط مُتناسين الهدف الأساسي من تواجدهم هنا , لذا هو نطق بهدوء :" كلاي تعلم تماماً يا عزيزي أننا لسنا هُنا للإنتقام صحيح ؟ "
نظر له كلاي بشيء من الحيرة بينما يجيبه :" إنتقام ؟! إنتظر مهلاً أنا لا علاقة لي بالفتاة وشقيقها ! هما من سقط للأسفل بفعل ذلك الزلزال الذي حدث , ثم صغاري يتشاجرون فيما بينهم وهما تواجدا بالمكان الخاطئ ! "
هو أدار ببصره لتلك الشاشات التي تعرض كل الفرق بينما يتراجعون جميعاً لنقطة البداية إلا أن عيناه حدقتا فقط بالفريق الذي إحتوى كُل من آرثر و آرون , هو نظر لهما بشيء من الحقد قبل أن ينطق :" أما لو كان من سقط هذان أو أحدهما لكان الأمر مُختلف تماماً ! "
صمت لثوان وهو يحدق بيديهما المُتصلة ببعضها بينما يهتف بحدة :" أُقسم بأنني سأفرق هاتين اليدين للأبد ! أحدهما سيتمنى الموت و لن يحصل عليه والآخر ليذهب للجحيم مُباشرة "
صمت البقية فعينا كلاي أنبأتهم بأنه لن يستمع لأي منهم مهما حدث , هو مُنذ البداية قال أنه إن رآهما لن يرحمهما و مع الأسف كلاهما تواجدا بهذه المهمة !
عدة ثوان فقط و هتف سيلفر :" كلاي لا ! "
إلا أن الأوان كان قد فات بالفعل , فالأرض و تحت أقدام الجميع تحطمت تماماً بينما إبتسم كلاي وهو يراهم يسقطون جميعاً للأسفل :" كانوا يرغبون بالوصول لصديقهم جميعاً صحيح ؟! إذاً ليكونوا شاكرين أنني قدمت لهم هذه الخدمة ! "
~ نهاية الفصل ~
أي توقعات ؟!
ريكايل مصيره ؟!
Bạn đang đọc truyện trên: AzTruyen.Top