الفصل الثاني و الأربعين
توقفت أقدامه عن السير عندما وصلته أشعة الشمس ليرفع يده سريعاً يضعها على عيناه التي ألفت الضوء الهادئ فقط خلال الأيام الثلاثة المُنصرمة !.
احتاج الأمر منه عدة ثوان لتعتاد عيناه على أشعة الشمس و ما إن فعل وجد يد صغيرة تُمسك به لتجره للخارج أكثر بينما تهتف :" تعال و شاركنا اللعب أخي ! "
ظهر شيء من الارتباك على ملامح وجهه بينما يُجاري خطوات صغيرته للأمام هناك حيث كان كُل من كلاي و سيلفر يقفان ، هو وصل إليهم و أول ما فعله كان أنه أشاح بِناظريه بعيداً .
ابتسامة عابثة رُسمت على الفتى الأشقر و الذي انخفض يضع حجر صغير بكرته الثلجية قبل أن يلقي بها بقوة متوسطة على من أمامه و الذي شهق بنوع من الألم و الصدمة بينما شقيقته الصغرى انفجرت بالضحك على ملامحه !
و هنا احتدت ملامحه لينخفض أرضاً و هو ينطق بنبرة تهديد :" ستدفع الثمن كلاي أقسم ! "
أي منهم لم يعرف كيف حدث هذا تماماً لكن فجأة كان الستة مجتمعون بالخارج كل ثلاثة بفريق واحد و هناك معركة بكرات الثلج قائمة بينهم .
ربما تواجد أليكس معهم هو ما حرضهم على ذلك ؟ أو فقط جميعهم حقاً كانوا بحاجة لمُساعدة أنفسهم للخروج من أي أفكار قد تسبب الهلاك لهم ، لذا ما هي الطريقة المُثلى لهذا سوى الانقياد خلف طفلة ما و اللعب هرباً من هذه الحياة و لو لبضع دقائق !
و من نافذة ذاك المنزل الضخم أطلت تلك السيدة تحدق بهم بهدوء ، مشاعر كثيرة مُزجت بأعماقها ، لا تعلم ما قد يحمله المُستقبل لهم من عقبات حقاً ، و لا أي نهاية هي هذه التي كُتبت لهم لكنها تدرك شيء واحد فقط و هي رغبتها برؤية مثل هذه الابتسامة على وجوههم يومياً و حتى النهاية !..
فبالنهاية هي من تواجدت معهم مُنذ ثلاثة عشرة عاماً ! جاهدت لتحريرهم مما كانوا به ، أبعدتهم عن الخطر إلى هنا ، تخلت عن مكانتها كزوجة و أُم بل حتى باتت عودتها مُقترنة بموتها ، خائنة لا يحق لها التواجد بتلك المملكة بعد الآن ، و بالرغم من كل ذلك و الألم الذي نتج عن حرمانها من أسرتها ما شعرت بالندم قط ، و تتمنى أن لا تفعل ذلك بالمُستقبل .
•••••
جلس ليون أرضاً يضحك بنوع من القوة و عيناه إرتكزت على من أمامه بسخرية !
ويل كان يحدق به بنوع من الاستنكار و قد رفع أحد حاجبيه بضيق ، عيناه الواسعة بالعادة بدت أقل إتساعاً بينما ينطق بإستياء :" سعيد حقاً أن الأمر يثير إعجابك ! "
و ريكايل ظهر على ملامحه نوع من العبوس بينما يكتف يديه لصدره ، لم يعلق على ما يحدث حقاً فهو بالكاد توقف عن التحديق بيديه و جسده !
آلبرت كان يعض على شفتيه بقوة حتى نزفت و قد انتشرت هالة قاتلة من حوله ، و ليون نهض من فوره يلتف حول الأول بتفحص قبل أن يهتف مُتجاهلاً من يوشك على الغليان أمامه :" مذهل ! أنظر إلى هذا أبدوا وسيماً و أنا غاضب هكذا ! بالفعل من النادر أن أظهر بملامح كهذه "
و الآخر أمسكه من ياقة قميصه ينطق بحنق :" توقف عن جعلي أبدوا أحمقاً مثلك آلبرت ! و توقف عن العبث حتى ندرك ما حدث حقاً "
تململ المعني و هو يبعد يديه عنه مُجيباً بخفة :" بل أنا أقوم بتنشيط عضلات وجهك المشدودة دائماً ! كُن شاكراً لهذا لئلا تظهر التجاعيد مُبكراً "
ثم التف يُعيد بصره لكل من السيد و الخادم و هو يردف بحماس :" ثم ماذا تعني بعبارة أن ندرك ما حدث ؟ أليس واضحاً أننا تبادلنا الأجساد ؟ و الآن أصبحت أمتلك جسد أمير المملكة ! و الخادم أصبح سيداً و السيد خادم ! "
حدق ويل أو ريكايل الآن بمن أمامه بنوع من الارتباك ، و الأصغر اتسعت عيناه قليلاً لينطق بحماس لم يدرك ريكايل سببه حقاً :" ريكايل أعطني أمراً الآن ! "
و هذا زاد من توتر الأكبر و الذي شهق سريعاً و قد اتسعت عيناه بشدة ، أي نوع من الحماقة هي هذه ؟
و نبرته عكست ذاك التوتر بينما ينطق :" لا تكن بهذه الحماقة ! ما الفائدة من أمر كهذا ؟ علينا حقاً البحث عن طريقة ما ليعود كل شيء لطبيعته "
ظهر نوع من العبوس على وجه آلبرت الذي تحدث سريعاً :" كم أنت مُمل ريكايل ! هي فرصتك كما تعلم للانتقام "
كتف المعني يديه يُجيب بضيق :" أي انتقام ؟ لا شيء لدي يدفعني لذلك "
آمال ويل رأسه قليلاً ينظر لجسده قبل أن ينطق بنوع من الطفولية :" لم أعلم أنه يمكنني أن أبدوا جاداً هكذا ؟ "
رمش الأكبر قليلاً قبل أن يبتسم باتساع و هو يجيب :" بالطبع يمكنك ! أنت هو الأمير الثاني للمملكة ، ماذا تتوقع ؟ "
و آلبرت هتف بِمرح فجأة :" إن مات أحدنا الآن فمن الضحية ؟ صاحب الجسد نفسه أم من يسكنه ؟ "
حدق الثلاثة الآخرون به بوجم شديد ، لما عليه ذكر ذلك ؟ لكنه محق ، إن تأذى أحدهم من سيموت ؟ ريكايل حقاً بالذات أراد إجابة لأمر كهذا ! أي جسد هو الذي عليه حمايته لئلا يتأذى سيده ؟
و حتى من طرح السؤال بعبث أراد معرفة إن كان الأذى سيصل له إن هو تأذى أم للأحمق رفيقه ؟
صوت هادئ ظهر فجأة من العدم يُجيب بهدوء :" إن أُصيب أي منكم بإصابة خطرة سيعود كل فرد لجسده و يموت معه ! أي صاحب الجسد هو من سيدفع ثمن أي تهور "
ابتلع ريكايل رمقه سريعاً بينما يعقد العزم على أن لا يسمح لهذا الجسد بأن يُصاب و لو بجرح بسيط و إن كان يدرك مدى صعوبة تجاهل سيده بمعركة !
هو عليه أن لا يندفع لحماية ويل مُطلقاً بأي معركة ، يجب عليه معرفة أنه من سيتأذى أساساً و إن تصرف بحماقة قد يصاب سيده .
آلبرت صفر بمرح :" جيد ، سيدي الأمير أعتذر مُسبقاً بحال سببت الأذى لك ! "
حدق ليون به بحاجب مرفوع قبل أن يبتسم بهدوء :" أجل بالطبع آلبرت فقط تأكد أن لا تأتي بمنتصف المعركة تحتمي بالجسد الذي أنا به الآن "
تجهمت ملامح الأول و قبل أن ينطق مُدافعاً عن نفسه تحرك ليون للسير قرب النهر ، جلس على الضفة و قد استلقى يتأمل السماء ، لم يعتد للآن على فكرة وجود عين لا يرى بها !
و الآن إن أُصيب بفعل ذلك لن يكون هو من يدفع الثمن ، لم يحاول التفكير حتى بصاحب ذاك الصوت فالأغلب أنه لا أحد ، بل خدعة سحرية من أعدائهم لإيصال هذه المعلومة فقط ، مما يجعل الضغط على كل منهم يزداد .
أغمض عيناه مُستذكراً لما حدث منذ انطلاق فريقه من نقطة التجمع و حتى وصولهم لهذه النقطة ، حيث كان الحاجز يوشك على التشكل عندما قام آرون سريعاً بتشكيل الفرق مُجدداً !
و مُجدداً اجتمع هو مع آلبرت و معهم كل من ريكايل و ويل ، جميعهم تواجدوا معاً من قبل و هو فكر أن هذا أسهل للاتفاق فيما بينهم لولا مسألة شجاره و آلبرت تلك و التي يبدوا أنها بلا قيمة حالياً .
خلال الأسابيع الثلاثة السابقة هم اعتادوا على الشرب و تناول الطعام المتواجد بالقارة ، ليس و كأن الصمود دون إتخاذ تلك المُخاطرة ممكن ، و حقاً لم يحدث أمر سيء إن تم تجاهل حادثة زاك من تلك الثمرة و خلافه مع توأمه بالأسبوع الأول .
و يبدوا الآن أنهم سيسجلون الحادثة الثانية ، هم فقط شربوا من نهر ما بالأمس ، و عندما حل الصباح كان كل واحد منهم بجسد رفيقه ؟
تنفس بعمق بينما يُبعثر خصلات شعره السوداء ، هو مُرهق أساساً من رفيق طفولته و الذي لا يثق به كالمُختل ! إذاً أيراه آلبرت من النوع الذي قد يترك عدة سنوات تضيع هدراً فقط لجعل شخص يثق به ثم يغدر به ؟ أيتخلى عن أسرته و رتبته كأمير للعبث ؟
آلبرت أسند جسده للخلف ، نوع من الضيق كان يتربع بملامحه و شعوره ، ماذا يعني هو بعبارة مُزعجة كتلك ؟ هل هو سيعطيه حياته حقاً كتضحية ؟ حسناً لا يمكنه إنكار أنه قد يفعلها و لو دون شعور لليون لكن فقط ثقة ليون بذلك تزعجه ، كيف له أن يثق بأنه لن يستغل جسده ؟
الآن هو بات قادراً على إختراق أفكار ليون بما أنه بات بجسده أي ما عاد مُحصن ضده بل العكس ! ليون من لن يتمكن من رؤية أفكاره الآن ، يفترض به استغلال هذا ، لكن و اللعنة تلك الجملة تمنعه و هنا هو تسائل مُنذ متى لديه ضمير لعين يُملي عليه الأوامر ؟
ريكايل لم يختفِ ذلك القلق من عيناه ليجلس ويل بقربه بينما ينطق بخفة :" أنت الآن تمتلك قوة الأمير الثاني للمملكة ريكايل ! و أدرك أنك قادر على استخراج تلك القوة أكثر مما أفعل أنا يا أخي ، لذا من الأفضل لك القلق على نفسك فأنا سيء بالتقدير و الآن لدي جسدك ! "
هو حرك كفيه بنوع من التوتر قبل أن يُردف :" حقاً ريكايل أتوسل إليك جسدي أكثر قوة من خاصتك ، تعلم أن جروحي تُشفى أسرع منك ، لذا إياك أن تُهمل حماية جسدك ! لن أسامحك إن حدث و تسببت أنا برحيلك بينما كان يُمكنك إنقاذ روحك مقابل إصابة لي أتفهم ؟ لو كانت الأوامر تُجدي نفعاً لفعلت لكن هي بلا قيمة الآن لذا لا يُمكنني سوى التوسل "
حدق ريكايل به و حرفياً شعر بنوع من الصعوبة برفع يده و بعثرة شعره أو احتضانه للتخفيف عنه ، كيف يفعل ذلك و ما ينعكس أمام عيناه هو فقط جسده ؟
لكنه بالنهاية نطق بخفة :" لا داعي للقلق بهذا الشأن حسناً ؟ دعنا لا نفكر بأي سلبية "
أنهى عبارته بينما بأعماقه تمنى لو أنه يمكنه حقاً أن يُنهي ذاك التفكير أيضاً بداخله ، فالأمر ليس سهلاً مُطلقاً .
•••••
توقف عن السير بينما أنفاسه باتت مسموعة لمن معه ، هو لم يحاول رفع رأسه حتى ، لا يعلم كيف يفترض به التصرف حقاً كما أنه لا يقوم بأي حركة سوى عرقلة تقدمهم !
تراجع للخلف عدة خطوات ما إن وضعت يد ما على كتفه بنوع من الخوف ، لا يمكنه للآن نسيان ذاك الموقف منهم و أي حظ لعين يمتلكه ليجعله يعود لفريق هو به دون أي فرد من رفاقه ؟
و فوق كل ذلك صحته لم تعد تُساعده على التحرك بحرية مُطلقاً ، انساب صوت آندريه الهادئ إلى مسامعه بينما ينطق بنبرة بدت له مُشفقة :" هل أنت بخير ؟ أترغب بشيء من الراحة ؟ "
و هو فقط لم يستطع رفع رأسه مع ذلك كل ما فعله هو أنه أومأ إيجاباً ليربت الأكبر على كتفيه قبل أن يبتعد عنه .
أسند كيفين جسده للخلف يحدق بالسماء بهدوء ، أي نوع من الحظ يمتلكه ليكون ذات الفتى بفريقه ؟
آندريه وقف بجواره بينما همس بنبرة هادئة :" سيدي أأنت لا ترغب بتواجده ؟ "
حدق المعني به بنظرة جانبية و هو يجيبه بنوع من البرود :" لا شأن لي بتواجده او عدمه لكن يبدوا أنه من لا يشعر بالأمان "
عبوس طفيف ظهر على ملامح وجه العبد و هو ينطق :" أي أمان و أنت أول ما فعلته كان وضع سيف ما أمام وجهه ؟ "
و هنا نظر له الأول سريعاً ينطق بسخرية :" كم مرة وجهت سيفي لك ؟ لما لازلت تلتصق بي ؟ "
كتف يديه لصدره و قد رسم ابتسامة مرحة على ملامحه :" لا تقارن بيننا ! كم عام أمضيته معك ؟ عندما تعرفت إليك كنت بالكاد قادراً على السير وحدك ! صغير ظريف "
و الجملة الأخيرة هو نطقها بنوع من العبث ليتلقى و كما توقع ضربة على رأسه بخفة من سيده الذي نطق بإنزعاج :" توقف عن تكرار هذا حالاً ! "
و ضحكة ما هربت من بين شفتيه بينما يعتذر بخفة ، كل ذلك تحت أنظار كل من آرون و آرثر حيث نطق الأول بابتسامة خافتة :" علاقتهما لطيفة ! "
ملامحه تجعدت سريعاً و هو يردف :" خاصة إن حاولت المُقارنة ما بينهما و بين شقيقته و خادمتها "
ضحك آرثر بهدوء و هو ينطق :" ألا تستحق ما حدث معك ؟ كيف لك أن تحرض عبدة على إخبار سيدتها أنها تكرهها و ترغب بقتلها !؟ "
تجهمت ملامحه و هو يجيب بدفاع عن نفسه ربما :" ليست غلطتي ! أعني يفترض أن هناك خيط ما أو شيء قد يُعيد تماسك تلك العلاقة ! لكن لم أجد سوى العديد من المصائب "
تنهد آرثر بتعب و هو يتحدث بينما بصره ثُبت على زاك :" لم تكن هناك علاقة من البداية بينهما لتُعيد تماسكها ! الواضح أن كل منهما تكره الاخرى و أفضل حل هي أن تطلق تلك الأميرة سراحها فقط "
الجد و الضيق بان على ملامح آرون عندما لاحظ ما يحدق به آرثر و هو ينطق باختصار :" لا أظن ، هناك شيء ما تُخفيه تلك الأميرة و عبدتها جزء لم تذكره أي منا لنا ! أبعاد آخرى سنكتشفها لاحقاً "
هو اختتم عبارته يسير باتجاه زاك الذي كان يجلس أرضاً بينما يلتقط أنفاسه بصعوبة ، أن يقف هو و بذاته أمام هجين يخنقه بحق !
يُعيد الكثير من الذكريات له و يثق أن آرثر ليس بحال أفضل ، الجميع بطريقة لا إرادية بات يتجنب التعامل معهما ، لكن هو سيكسر ذلك هم قبلوا بتواجدهما بالمهمة إذاً لا يفترض ترك أحدهما يعاني هكذا .
لذا انخفض إليه بينما ينطق بابتسامة مرحة كما عادته :" ماذا الآن ؟ لما تبدوا مُستاء لأنك معنا ؟ "
رفع زاك رأسه ينظر له لثوان قبل أن يشيح بوجهه عنه ، آرثر تقدم أيضاً يمد يده للعبث بشعره و هو يتحدث بلطف :" ليس عليك القلق حقاً ! كل شيء سيكون بخير عليك الثقة بهذا "
هو أومأ له إيجاباً قبل أن يهمس بتردد :" أيمكن لكما وضع قلادة مُجدداً لي ؟ "
قطب آرون حاجبيه سريعاً و هو ينطق :" لا ! القوة ليست كل شيء ، أنت قد تقتل حينها لكن ... "
صمت و هو يتمتم بتعويذة ما أظهرت عبوة أدوية ليردف بعدها :" هذه هي الأدوية التي يفترض بك تناولها ! جسدك على الأغلب بشري أكثر من كونه جان لذا تحتاج لهذه "
أومأ زاك له فهو بالفعل كان يتناول هذه الأدوية قبل ذهابه لمملكة الجان أساساً .!
•••••
النيران كانت مُشتعلة بقوة تلتهم كل ما حولها بلا رحمة ! ، الخوف سيطر على ملامح وجهه ، عيناه ذات اللون الأصفر حدقتا بالمشهد أمامه بصدمة ، مشاعره كانت متفاوتة ما بين الرُعب و الشعور بالخيانة ، الغضب و الحقد ! .
الدماء كانت تُزين وجهه و قد اختلطت مع دموعه الجافة ، و أخيراً ابتعد والده خطوة عن تلك الجثة القابعة أمامه ليوجه نظراته بإتجاهه ؟
و بطريقة لم يكن هو يدركها الخوف تلاشى و قد احتضن جسد والدته البارد ، عدة ثوان فقط و شعر بيد والده يسحبه بعيداً عنه هاتفاً بحقد شديد :" أنت حقاً تُشبه والدتك آلبرت و بشدة ! إذاً ألا يعني هذا أنك خائن كما هي ؟ هل علي ترك النيران تلتهم جسدك برفقتها ؟ "
بالرغم من أنه بالسابعة من العمر فقط لكن هذا ما منعه من أن يهتف بحنق :" أنت هو الخائن ! لقد أخبرتك أنها خُدعة ، أنا سمعتهم يتحدثون أنت أحمق ! كيف لك أن تصدق كلماتهم ؟ "
شده من ياقته بقوة جعلت جسد الصغير ترتفع عن الأرض بينما ينطق :" طفل بمثل عمرك لن يفهم أي شيء عن هذا ! عليك أن تفهم أنها كانت خائنة و استحقت هذا المصير أتفهم ؟ و الآن هيا تحرك سنغادر "
ألقى بجسده أرضاً قبل أن يُمسك بيده بقوة يجره خلفه رغم مقاومته ، لا يريد ترك جثة والدته للنيران ، هي لا تستحق لم تكن إلا خطة منهم ليست خائنة ! ، رآهم و سمعهم بل حتى دخل على أفكارهم جميعاً ، والده كان المرشح ليصبح الوريث الرسمي .
أمه كانت الأساس بإيصاله للقمة ، هي دعمته وقفت بجواره كسند و رفيق و زوجة و هذا لم ينل إعجاب الحاقدين ! لا أحد خائن هنا سوى والده الذي صدق تلك الأدلة دون تصديق أي منهما لذا لا أحد يستحق حقاً أن تلتهمه النيران سواه و أسرته !.
شهقة متوترة صدرت من ذاك الذي نهض يضع إحدى يديه على قلبه بينما يشعر بجسده يرتجف ؟
عينه الصفراء كانت تهتز عاكسة توتر صاحبها ، يده الأخرى رفعها يعبث بُخصلات شعره الداكنة ، تلك المشاعر التي شعر بها أشعرته بأنه حقاً من عاش ذاك الموقف !
حول بصره لرفيقه الذي يحتل جسده حالياً بنوع من الضيق ، هو يعلم لا بل كان واثق أن ما فعله آلبرت بين أفراد أسرته من فتن لم يكن لأجل المُزاح ! ، لطالما تمكن من قراءة أفكاره التي صارعت الوحدة ، عدم الأمان و الثقة .
لكن و بمرحلة ما هو أوقف نفسه عن رؤية ما بقلب رفيقه لأجل خصوصيته و بهذا لم يعلم حقاً بأنه كان خارج دائرة الثقة !.
و الآن و بفضل ذاك الكابوس أو تلك الذكرى يُدرك ما كان دافع رفيقه للانتقام ، هم حطموا له أسرته ، أمانه الخاص و منبع ثقته و فخره ، كل ذلك تحطم أمام عيناه بعمر صغير للغاية ، لذا أيخاف تكرار الأمر ؟
تنهد بتعب و هو يقف مُبتعداً عن مكان نوم البقية ، هذا مؤلم يعلم ذلك لكن كيف له الآن أن يحاول إعادة تلك الثقة لقلب ما عرف هذا الكلمة منذ سنوات طويلة ؟!
و الأهم ربما لما تسللت ذكرى كهذه له ؟ أهو لإنه بجسده حالياً ؟ ليس و كأنه سيتصرف بطريقة غريبة أو يسارع بالإعتذار الآن و ما إلى ذلك بفضل مثل هذه الذكريات ! بل سيبقى على رأيه و ربما أكثر عناداً ، ليس الجميع كوالده بل ربما يمكن اعتباره ضحية كما والدته فهو لا يتخيل ردة فعله عندما يعلم أنه قتل الشخص الوحيد الذي يثق به ، و برفقتها قتل صورته كأب محب بعين ابنه الوحيد !.
تنفس بعمق يبعد كل تلك الأفكار فما رآه ليس سوى جزء من صورة قد تكون خاطئة ، آلبرت كان طفل بالسابعة فقط يمكنه أن يخطأ التقدير صحيح ؟
و بالرغم من أن عقله يخبره بأنه لا يوجد قصة صحيحة من طرف واحد لكن قلبه و ميوله يسير خلف تصديق آلبرت و ظنه بهم .!
نظر خلفه و قد نهض بحركة سريعة إلا أنه و لسوء تقديره بفعل عينه التي لا يرى بها تعثر ساقطاً للخلف ، و ما إن حدث ذلك وصله صوت ضحكة ساخرة ليرفع بصره مُحدقاً برفيقه بنوع من الضجر !.
آلبرت الذي أوقف ضحكته مُكرهاً ربما نطق بتقطيبة بسيطة :" كما تعلم لن يقوم أحد أعدائنا بوضع يده على كتفك ! ما بال ردة فعلك تلك "
و حقاً هو ما تمكن من عدم العودة للضحك مُتجاهلاً هذه المرة نظرة ليون الغاضبة بينما أردف من بين ضحكاته :" إلهي ملامحك لا تقدر بثمن ! "
رده الآخر بينما ينهض :" هي ملامح وجهك أنت ! "
توقفت ضحكاته فجأة قبل أن يُجيب بخفة :" هذا لا يمنع أنني تخيلت ملامحك لو كنت بجسدك ! سيدي الأمير أعلم أن جسدي أقل قوة من جسدك لكنه ليس بعاجز عن تحديد هالة من حوله ! إلا إن فزعت لأنك شعرت بهالتك المُعتادة ؟ "
تجهمت ملامح المعني فهو حقاً لثوان لم يستوعب تواجد هالة شخص من الأسرة الحاكمة هنا حوله و فقط لم يستطع آلبرت كتم ضحكة مُرتفعة خاصة و أنه رآى تلك الأفكار بعقله !
بالنهاية تجاهله ليون و أعاد بصره للسماء ليجلس الآخر بجواره ينطق بنوع من الجد :" ماذا رأيت أيضاً ؟ "
قطب المعني حاجبيه و هو يكرر بعدم فهم :" ماذا رأيت أيضاً ؟ عما تتحدث آلبر... "
بتر جملته بنفسه قبل أن تتسع عيناه و هو ينطق بنوع من الصدمة :" أنت هل رأيت ذكرى ما تخصني ؟ "
حرك آلبرت كتفيه بلا اهتمام و هو ينطق :" أجل فعلت لكن ليس و كأن حياتك ممتعة أساساً لذا فقط أسألك ماذا رأيت أنت ؟ ربما عندما قمت ببعثرة تلك الأسرة ؟ أو رأيت بعض الضحايا الذين ..."
قاطعه ليون و هو يتحدث بنبرة شبه ماكرة :" بل رأيت طفل لطيف للغاية مُتشبث برداء والدته رافضاً تركها "
نظر له باستنكار تام بينما يهتف :" توقف عن الكذب أنا كنت دائماً أبحث عن لحظة تغفل بها عني لأبتعد و ألعب دون تقييد "
ابتسامة دافئة رُسمت على ثغر ليون جعلت الآخر يرتبك تماماً قبل أن يتحدث الأكبر :" ألا يجعلك هذا طفل لطيف يتوق للعب فقط ؟ "
هو أنهى عبارته لينهض من مكانه تاركاً خلفه آلبرت الذي نظر له بغيظ فهو حتى لم يُخبره أي نوع من الذكريات هي تلك التي رآها ، و هو فقط استلقى بمكانه دون أن ينهض و قد شردت عيناه كأفكاره بتلك الذكرى التي رآها هو !.
و من جهة أخرى كان ريكايل قد فتح عيناه يحدق بما حوله بالكثير من الضيق بينما يقبض على يده ، هالته التي تعود لويل حالياً كانت قد انتشرت تعكس رغبته بالقتل ربما ؟ حقده و حنقه على كل ما شاهده و بذات الوقت عكست نوع من الألم الذي شعر به ليس لسيده ويل بقدر ما كان الامر مؤلماً للحاكم .
شعر بيد الآخر توضع على كتفه بينما يحدق به بنوع من القلق بحيث آمال رأسه و هو ينطق بهمس :" ريكايل أنت بخير ؟ "
و بحذر أكبر :" ماذا رأيت ؟ "
نبرته احتوت على الكثير من القلق و الترقب ، هو يدرك أنه ارتكب العديد من الأخطاء بحياته القصيرة هذه ، و لازال أكبر أخطائه متواجداً بشخصيته هذه للآن ، لم يكن قادراً على تغيير نفسه مما سبب لشقيقه الوحيد الكثير من المشاكل .
ريكايل أشاح ببصره قليلاً قبل أن يتحدث بنبرة مترددة :" لما ؟ أنت للآن تشعر بالخوف من سيدي الحاكم رغم كل شيء ؟ "
هو تنفس بعمق قبل أن يُردف بشيء من التعاطف لاسيما عند رؤيته أن ويل أخفض رأسه يشد على قبضة يده بقوة :" ليس و كأنني لا أفهمك ! أراهن أن تلك الفترة كانت فظيعة لكلاكما لكن لا أفهم لما للآن أنت لم تغير من نظرتك تلك ؟ "
هو رفع نظره بينما ينطق بحذر :" جيسي شقيق مُذهل ، هو ربما لا يستحق حتى أخ مثلي لكن فقط لا يمكنني نسيان مظهره عندما قضى على من استغل لحظات ضعفه كما قال لاحقاً ! أنا لا أعرف حتى ما فعلوه به لكن ... "
صمت غير قادر على الإكمال ، كم عام مضى على هذا ؟ شقيقه استعاد عرشه عندما كان بالثامنة عشرة فقط أي ويل لم يكن سوى بالسادسة من عمره ، لم يذكر أي مما حدث قبل ذلك ، لا يعرف ما عاناه جيسي قبلها ، لطالما سمع أنه عندما قام الخائن بقتل والديه من أنقذه كان شقيقه .
علم أن أعمامهم لم يكونوا برفقتهم بوقتها ، بل فقط هو و جيس حيث أن من حماه من الحراس و الجوع و غيرها كان أخاه الأكبر ، كيف فعلها هو لم يعلم قط ، لم يتحدث جيس معه بشأن الماضي بل حتى عندما اكتشف أنه يخافه طلب من سام أن يأخذه للعيش معهم فقط !
و حقاً هو للآن لم يستوعب ذلك الطلب ، لازال يذكر تلك الشهقة التي صدرت من عمهما الذي حدق به بعدم تصديق ، بدى له و كأنه جرحه حقاً ، مع ذلك هو أيضاً لم يقبل مغادرة قصر شقيقه لذا فقط انطلق يتشبث به بقوة شديدة بينما يخبره بنبرته الطفولية أن لا يغضب لئلا يخاف ؟!
طلب أناني ربما بشكل مبالغ به لكنه حقاً لم يرد ترك شقيقه وحده بهذا القصر الكبير ، و على خلاف ما توقعه ابتسامة لطيفة رُسمت على شفتي الأكبر و هو ينحني ليحتضنه بهدوء ، جيسي قدر محاولته تلك للبقاء بجانبه دون تركه لليوم !
إذاً ماذا فعل هو لشقيقه بالمقابل ؟ خرج من أفكاره على يد ريكايل الذي تحدث بهدوء و لطف :" لا تفكر بالأمر كثيراً ! سأساعدك أنا عندما نعود للمملكة موافق ؟ "
نظر له المعني بعينان متسعة قبل أن يهتف بسعادة :" حقاً ستفعل ؟ ألا تكرهني أنت الآن ؟ لأنني شخص أناني و سيء ؟ "
ضحك بخفة و هو يجيبه :" لكنني كنت أخاف منك أتذكر ؟! أهذا يجعلني سيئاً ؟ "
أومأ ويل له سريعاً بالنفي ليردف الأكبر و هو يعود للاستلقاء :" اذاً هذا لا يجعلك سيء ! فقط أنت للآن لا تعرف حقاً ما حدث لذا لا يمكنك أن تحكم و هذا متوقع من شخص لطيف مثلك ، و بالرغم من ذلك أخي اللطيف ويل بقيت مُتشبثاً بسيدي جيس رافضاً تركه وحده بالقصر رغم أنك تخشاه ! لكنك فكرت بأنه سيشعر بالوحدة مع الخدم و دون أحد بجواره صحيح ؟ "
هو وضع رأسه على كتف ريكايل ليهمس الآخر له بلطف :" لا تقلق ، عندما نعود للقصر سنعمل معاً حسناً ؟ أنظر أنا أكثر من تم عقابي من قبله و آخر شعور قد أشعر به هو الخوف منه ! اخاف فقط من أن أخذله أو أكسر ثقته لكن قطعاً ليس الخوف منه "
أومأ الأصغر له بهدوء يحتضنه بقوة فهو حقاً كان حائراً بمن عليه الاستعانة !؟ من لا يعرف تلك القصة القديمة لم يكن ليشك و للحظة أن هناك هذا النوع من المشاكل بينهما ! لكن ويل ببساطة بات يبتعد ان شعر بالخوف من شقيقه ، لم يكن يقترب أو يُجادله .
~ نهاية الفصل ~
تم نشره اليوم لعدم تفرغي غداً ... قراءة ممتعة لكم ❤💛
Bạn đang đọc truyện trên: AzTruyen.Top