الفصل الثامن و الثلاثين
خطواته كانت حائرة تماماً ، هو يُمسك بسيفه بقوة شديدة لكن هذا لا يُجدي نفعاً ، من قد يُهدد شيء هو بحاجة إليه بالقتل ؟!
و العنقاء كانت تحلق فوقه تنظر إليه و كأنه وجبة طعامها القادمة ، هو أغمض عيناه يدرك أنها الآن حاقدة عليه فهو من هاجمها أولاً ، و الأهم لديه أن هذه ليست مُجرد معركة بلا معنى بل العكس تماماً هي كل شيء له !
لذا ألقى بسلاحه أرضاً يعض على شفتيه بينما يهتف بأعلى صوته عله يصل إليها :" أنا آسف ! ، حقاً لم أقصد أن أتسبب و رفاقي بقتلك ، كنت مشوشاً بالكامل "
هي أسرعت بحركتها و جناحيها تقترب منه بقوة لتصطدم به و تلقيه على بُعد عدة خطوات حيث اصطدم جسده بالجدار بقوة كبيرة .
تأوه بألم و هو يشعر بأن عظامه تكاد تتحطم ، مع ذلك هو أسند جسده على السيف قبل أن يقف بصعوبة ليهتف مُجدداً بألم و نوع من التوسل :" سأفعل أي شيء ! يمكنك أن تفعلي ما ترغبين به بي ، لكن فقط أتوسل أريد أن أنقذه "
أغمض عيناه يذكر وجه توأمه المُتألم ليردف بنبرة شبه مُنكسرة :" موتك كان غلطتي أنا ! لذا فقط أريد إنقاذه ، إن كان يسعدك هذا سأعطيه الترياق و أعود لتفعلي ما ترغبين به بي ! فقط دعيني أُنقذه "
هو أنهى عبارته يتنفس بنوع من الصعوبة و الألم بينما توقفت العنقاء عن التحليق حوله بهدوء ، هي بدت كما لو كانت تبحث بأعماق قلبه عن الأسف الذي يشعر به فحسب .
و كأنها تتوغل لقلبه و روحه لتكشف عما إن كان نادماً أم لا !؟
ثوان فقط هي ما فصلته عن إطلاقها لصرخة ما قبل أن تحلق مُبتعدة عنه و كأنها ترفض اعتذاره لتتسع عيناه بصدمة و رعب !
*****
تحدث كولين بهدوء :" فشل إذاً ! "
أجابه سيلفر بخفة مُغمضاً عيناه :" ليس تماماً ! هي سامحته على آذيتها مُسبقاً بسبب اعتذاره لكن هذا فقط ، لن تقتله و ستعتبر موت من يريد إنقاذه أمر عادل "
صفرت كايلي بنوع من الإعجاب بينما نطق كلاي بخفة :" العنقاء مخلوق أسطوري حقاً ! هي تجيد اللعب ! لكن لا أظن أن الفتى سوف يستسلم هنا صحيح ؟ "
صمت يحدق بالأمير أمامه و هو يردف بسخرية :" لإنه إن فعلها فأنا أشفق على مملكته و شقيقه ، و على كل الوعود التي أطلقها له قبل انطلاقه "
أجابته كايلي بذات لهجته الساخرة :" إذاً ماذا ترى الحل ؟ تعلم أنه سيصعب عليه كسب ثقة العنقاء و بوقت محدود ! صحة الآخر لن تحتمل كثيراً "
حرك كتفيه بلا مُبالاة بينما يُجيبها :" مؤسف بأنني لست بمكانه لأفكر بحل جيد ! لكن قطعاً عودتي بخيبة أمل ستكون آخر ما أفعله و إن جعلت العنقاء تبكي ألماً "
أنهى عبارته بنوع من الانفعال ، راقبه سيلفر قليلاً قبل أن يجيبه و هو يتجه للخارج :" الدموع التي تخرج من الألم لن تتسبب سوى بالمزيد منه ! سيزيد عذاب شقيقه حينها فقط "
و بهذا عاد الصمت ليحل على الأرجاء بينما كانت أصغرهم عُمراً تحدق بوجه ريك الفارغ من التعبير بنوع من العطف !
*****
الضيق الذي يصاحبه الكثير من الإستياء و عدم الرغبة بالتقدم أكثر احتل الجزء الأكبر منها ، لماذا هي عليها السير حسب قوانينهم مثلاً ؟
ألا يفترض بها الاعتراض ببساطة ؟ ، لا يحق لأي مخلوق على وجه الكوكب أن يرفض ما تريده ، لكن حتى لو اعترضت فمن هو الذي سيصله صوتها ؟ لا أحد !
سيكون عليها و بكل بساطة شق طريقها بنفسها و الأسوء أن لا أحد أمامها ليدلها على الطريق الصحيح ! لم يتواجد قط من يخبرها بما عليها فعله أو كيف يجدر بها التصرف بل هي فقط وجدت نفسها وحدها !
مهلاً أحقاً هي فعلت ذلك ؟! أعثرت على طريقها و نفسها أم أن كل ما تحاول فعله هو للعثور عليها !
نفضت أفكارها و الانزعاجٍ بادٍ على مُحياها ، عيناها ذات لون الزُمرد النادر تأججت بالغضب فلماذا هي تفكر بهذا أساساً ؟!
أعادت بعض من خُصلاتها الشقراء للخلف بنوع من الترفع تلتف بجسدها باتجاه المعلم و تلميذته و اللذين سببا لأفكارها هذه الفوضى بالكامل تنطق ببرود و نوع من الغرور :" يكفي ! أنتما ألا يمكن لأي منكما الصمت بحق الإله ؟ "
أعادت رأسها للأمام بينما تنفث الهواء من فمها بقوة و هي تردف :" ألا يمكن لهذه الطفلة التصرف وحدها ؟! من قال أننا مُهتمين بسماع ما حدث معها أساساً أو ردودك المُزعجة هذه ! "
و لو أنها أعادت ببصرها له و لو لثانية لصُدمت من تلك الابتسامة الهادئة التي رُسمت على وجهه بينما يُجيبها بنبرة تشابه ابتسامته و نظراته :" و من أخبر سمو الأميرة أن التعليم مُنصب على الأطفال فقط ؟ جميعنا هنا و بكل يوم نحياه نتعلم المزيد "
صمت قليلاً يُبعد تلك الملامح عن وجهه بينما يكمل بنوع من المرح :" ثم ألم يعلمك شقيقك القتال بالأسبوع الأول ؟ "
هو راقب تبدل ملامحها من الترفع الشديد للغيظ بما أنه لم ينهي جملته السابقة إلا و كان يسير أمامها و وجهه يُقابل وجهها !
لم يقصد حقاً أن يُغيظها أو ربما فعل ؟ لكن ليس هذا ما يهمه بقدر رغبته بالوصول للخفايا ، يعلم بأن لكل شخص حكاية خلف تصرفاته و كم يرغب بالوصول لقصتها هي .
لما تتصرف هكذا ؟ كيف فقدت الثقة بالآخرين بينما لديها شقيق يحبها حقاً ؟ أليس وجود يد واحدة تُمسك بك كافية لمنعك من السقوط ؟ أو ربما فقط ليس كل الأشخاص مثله هو !
إيما حدقت به بحقد شديد لتهتف مُخرجة إياه من أفكاره أياً كانت :" لا شأن لك ! من الأفضل لك أن لا تتدخل بهذا و أن تغلق فمك فقط لئلا تندم "
هو رفع أحد حاجبيه سريعاً يتأملها و قد قرر أنه حقاً لا فرصة له بمعرفة الأمر ليس منها هي على الأقل ، لذا نظراته وجهت لتينا التي كانت تسير بالمُقدمة بلا أي حرف واحد .
للحق هو لا يفضل التعامل مع أمثالها ، يرى أن الحديث مع الأميرة المغرورة أفضل من فتح نقاش مع شخص يختبأ بالظلال ينتظر فرصة جيدة لترك يد اعتاد على العيش معها مهما كان وضعه !
لو كان بمكانها لأخبر من يرافقه بكرهه و أعطاه فكرة حول أنه سيخونه مع أول فرصة ممكنة و بكل صدق .
ميلينا حدقت بمعلمها بنوع من التساؤل فهو قبل قليل أخبرها بأنه سيحاول إقناع الأميرة بإكمال التدريب على القتال ، لم يرد رؤية سقوط ضحية أخرى لذا يرغب بزيادة خبرتها بالمعارك و إن لم تشعر أن الأجواء مُناسبة حقاً !
الجو خانق و هناك ضغط فظيع بالأرجاء لا يسمح لأي منهم بتشتيت تركيزه حتى ، و مع ذلك هي ما تمكنت من الاعتراض ليس و يمكنها بوضوح رؤية طريقة تنفس من أمامهم الصعبة و كأنها تُجاهد للبقاء فقط .
*****
~ قارة أوقيانوسيا ~
مسح على خُصلاتها الطويلة علها تتوقف عن البكاء و تعطيه فرصة للحديث !
لا يمكنه المُخاطرة و إبقائها هنا بالقصر معه ، لذا أبعدها قليلاً وبرفق شديد بينما ينطق بهدوء :" عزيزتي تعلمين أنه لا يمكن للحرب أن تقوم دون الحاكم صحيح ؟ لا يمكنني الهرب ببساطة كما البقية و كأنني طفل عاجز فأنا قائد الجيش الأعلى و ليس الحاكم فقط "
وجهها كان شاحب ، عيناها كانتا تفيضان بدموعهما و بالرغم من هذا لم يكن هناك أي بريق للحياة بهما ، جسدها هزيل حقاً و الأطباء بالفعل أخبروه بأنها بالكاد على قيد الحياة !
و قطعاً إبعاد كل من كلير و ريك عن القصر ما كان ليساعدها على التحسن مُطلقاً بل العكس ازدادت حالها سوءاً ، هو أردف عندما لم يعثر على الإجابة التي تُرضيه بابتسامة :" على أحدنا البقاء بخير ليستقبل الصغار فور عودتهم صحيح ؟ "
أفكارها اخذتها لصغارها الذين كبروا بعيداً عنهم ، هي حقاً لم يكن لها الفضل بتربية أي منهم لأنها لم تفعل هذا ببساطة ، روابطها معهم انقطعت بالنسبة لهم بالطبع لا لها فهي لازالت تمتلك قلباً لا ينبض إلا بأسماء صغارها ... الثلاثة !
و مُجدداً أخرجها من أفكارها ما إن نطق زوجها ضارباً جبهته بيده بخفة :" صحيح ، عندما ذهبت لقصر حاكم قارة زيلانديا علمت منه أن صغيرنا حي و هو الآن برفقة ريك و كلير بتلك المهمة "
شهقة عبرت عن مدى صدمتها صدرت منها بينما يداها تتشبث بكتفي من أمامها تنطق بصوت مُرتجف :" لم يقتلوه ؟ أهو بخير ؟ أكان بخير ؟ "
دموعها كانت تنهمر بشدة ليُجيبها المعني :" أجل ، علمت أنه مستشار الحاكم الوحيد و يثق به بشدة ! لذا الآن ألا ترغبين بالصمود و رؤيته ؟ "
قطبت حاجباها سريعاً تنطق بتهديد ربما :" أتعلم لو كنت تكذب لن أسامحك قط ! "
ضحك لكنها ما كانت ضحكة طبيعية بقدر ما بان بها نوع من الانكسار :" و من قد يضع بقلب أم أمل ثم يظهر بأنه كاذب ؟ "
أومأت له تنهض من فراشه لتتبع الحرس حيث المخبأ ، هي ستنضم لبقية الشعب خارج الحدود ، لا يعلم أي منهما إن كان أي من أبنائهم سيعود أم لا !
و كأن ذلك لا يكفي كُل منهما لا يعلم حتى إن كان سيلاقي الآخر مُجدداً أم أن التشتت و الفراق سيُحكم بقبضته على هذه الأسرة ؟
*****
فتح إحدى عيناه يحدق بسيده الذي يمسح على شعره بخفة ، هو ابتسم له بصعوبة بالرغم من كل ما يعانيه عله يُبعد تلك النظرة المُتألمة عن ملامحه .
ويل بادله الابتسامة بالرغم من دموعه التي تجمعت بمُقلتيه ، هذا حقاً يُزعجه رؤية ريكايل يتألم بينما هو يجلس عاجزاً بجواره ، لما لم يذهبوا جميعاً لإحضار الترياق له ؟ ألم يكن الأمر ليُصبح أسهل حينها !؟
و ريكايل شرد بأفكاره بعيداً ، يحاول تناسي الألم الجسدي الذي يشعر به و مع ذلك و بما يفكر به هو فقط أضاف لنفسه المزيد من الإرهاق النفسي ، هل ريك بخير حقاً ؟ ليس مُعتاداً بحق على الجلوس و إنتظار أحدهم ليحل له مشكلته او يخفف له ألمه !
هو حقاً ما اعتاد على هذا لذا لازالت رغبته بالنهوض و اللحاق بالأكبر متواجدة و بشدة .
ذاك الهدوء الذي كان يعم المكان بينهم إنتهى باللحظة التي ظهرت صورة مُتحركة أمامهم ، ريكايل شهق بقوة بينما يقف من مكانه مُتجاهلاً ألمه بالكامل ليقترب أكثر و جيس و شقيقه الأصغر وقفوا خلفه تماماً !
عض على شفتيه بقوة و هو يرى توأمه يتسلق الجبل الضخم باتجاه العُش الخاص بالعنقاء ، قميصه كان مُمزقاً يُظهر الكدمات التي حصل عليها بفعل مواجهته السابقة لها .
أنفاسه كانت مُتعبة لكنه رغم هذا كان يتابع تسلقه للأعلى ، بالرغم من أنه قادر على أخذ إحدى الحبوب ليصل للأعلى بشكل أسرع و أكثر أمناً مع هذا هو اختار الطريق الأصعب عله يحصل على ثقة أو تعاطف العنقاء !
عيناه فاضت بالعزم فهو ما كان ليقبل الفشل مُطلقاً ، شهقة خافتة صدرت منه عندما زلت قدمه تُسقطه للأسفل بعد فقد توازنه إلا أنه تدارك الأمر سريعاً حيث أمسك بسيفه يغرزه بمكان ما بين الشقوق و دون إضاعة أي ثانية منه هو أمسك بإحدى الأحجار ليُعيد تثبيت نفسه بينما ينطق بهدوء و ابتسامة غير مفهومة بالنسبة لشقيقه الذي كانت دقات قلبه تتصاعد :" كنت مُحقاً بتوقع أمر كهذا ، جيد أنني أحضرت السيف معي ! "
هو أكمل التسلق و تلك الابتسامة مُرتسمة على شفتيه قبل أن تختفي الصورة و كأنها لم توجد قط !
ريكايل اتسعت عيناه بشدة و قد تحرك بخطوات متعبة فهو مهما حدث لن يجلس هنا فقط بإنتظاره مُطلقاً !
جيس تقدم يوقفه بينما يده بعثرت خُصلات شعره و هو ينطق بهدوء تام :" ماذا تظن نفسك فاعلاً بإتجاهك له ؟ ألم تعده بالاعتماد عليه ؟ إياك و أن تجرأ على إفساد تلك الابتسامة ريكايل ! "
حدق ريكايل به و عيناه إحمرتا بشدة بينما ينطق بضعف شديد :" لماذا يبتسم أساساً ؟ "
أجابه جيسي و هو يستدير :" لإنه شقيقك الأكبر ببساطة ، هذا فقط "
أنهى عبارته يُحدق بويل :" يمكنك قتال ذلك المخلوق إن ظهر صحيح ؟ سأتأكد فقط أن لا يموت ذلك الطفل الآخر "
ابتسم ويل باتساع بعد أن صُدم لوهلة ليهتف :" أجل ، بالطبع أخي يمكنك الاعتماد علي "
أومأ له بهدوء و ابتسامة لطيفة لا يظهرها سوى له ربما قبل أن يغيب عن أنظارهم !
ريكايل تراجع للخلف يسمح لدموعه بالإنهمار و هو يجلس مُستنداً لجذع الشجرة ! لأجله ؟ شقيقه الأكبر يبذل كل ما بوسعه لإنقاذه رغم الألم بابتسامة ؟
لا يعلم حقاً أهذا يُفترض أن يجعله يُحلق من السعادة أم ماذا ؟ لكنه يعلم أن دموعه أبت التوقف بينما يذكر كل موقف جمعه معه قبل أن يفترقا .!
*****
أنفاسه كانت مسموعة تماماً ، هو مُتعب و الليل على وشك الحلول لكنه كاد يصل للأعلى ، هو و مُنذ تجاوزه النصف بات قادراً على سماع صوت العنقاء بالأعلى !
لا يعلم لما كان يشعر و كأنها تُطالبه بأن لا يرهق نفسه فهي لن تستجيب له ، و بالرغم من ذلك ما كان لينسحب بل استمر بالصعود بهمة أعلى و ابتسامته ترافقه .
بالرغم من كل ما حصل معه لكن هو يشعر بالمتعة ، لم يفقد عقله بعد إلا أن عمله بكل جهده لإنقاذ و حماية توأمه يشعره بالكثير من التحسن هو سينقذه حتى لو توسل إليها مراراً ، مهما كلفه الأمر سيفعله ، سيحميه و يؤكد له أن إخباره لجيس مراراً أن ريك سيحميه يوماً ليس بوهم .
لن يحطم تلك الثقة الدافئة التي تربطتهما معاً ، أبداً ! وضع إحدى يديه و أخيراً على السطح بالقمة و ما إن فعل حتى حلقت العنقاء فوقه تضرب بجناحيها الهواء بقوة كنوع من التحذير ربما ؟
و هو تشبث بكل قوته بالحافة لئلا يسقط و ينهي كل شيء قبل أن يبدأ حتى ، هتف بصوت مُرتفع :" أعلم ، لا يحق لي مُطلقاً أن أطلب منك ذلك ! أدرك أنني السبب بما تعرضتي له من ظلم ، لكنني آسف حقاً ! "
تنفس بقوة و هو يدفع بجسده للأعلى بينما يُردف :" لن أسقط هنا ! هنالك واجب علي القيام به كشقيق أكبر ، مهما كلف الثمن "
أنهى عبارته يصل و أخيراً للأعلى حيث العُش الخاص بها يبتسم بخفة ، لقد نجح و أخيراً بالوصول !
أبعد تلك الابتسامة و هو يفكر بما عليه فعله تالياً ، تنفس بعمق شديد يُخرج سيفه بينما أصدرت العنقاء صوتاً يدل على تأهبها للمعركة ، إلا أن ريك و ببساطة ألقى بسلاحه الوحيد من ذاك الإرتفاع الشاهق حيث ترك معطفه و أمتعته .
فرد ذراعيه ناطقاً بهدوء :" لا أمتلك أي شيء لتقديمه كإعتذار ، لا أعلم ماذا يجدر بي أن أفعل لكن أدرك أنني لن أغادر أو أبتعد إلا و الترياق معي ! "
لم يبدوا بأن كلماته تلك قد أعجبتها حقاً فهي أسرعت إليه تخبط جناحها به لتُلقيه على صخرة ما خلفه و بعيداً نسبياً عن عشها الضخم لتتسع عيناه بألم و قد سعل بقوة مُخرجاً بعض الدماء من فمه !
هو رفع رأسه بصعوبة شديدة يبحث عن شيء ما للإتكاء عليه ، سينهض مهما حدث و مهما تعرض للضرب ، الإذلال و غيرها فالآن حياة شقيقه الوحيد على المحك !
هو عجز عن إنقاذ كلير ، ماتت أمامه و هو يقف كالأصنام تماماً ، ابتسمت لهم كما كانت تفعل دائماً بالرغم من الألم الذي شعرت به ، و هو بكى فقط .
لم يتمكن من فعل أي شيء ، و الآن لا يريد تجربة ذلك مرة أخرى ، ليس و هو ذات الشخص الذي وقف كالتمثال بينما شقيقه يؤخذ منه مرة !
راقبه يبكي بألم و يصرخ و يفقد الوعي بينما يؤخذ من منزله بصمت ، كأنه ليس سوى آلة نفذ شحنها أو أصابها عطل ما ، لا يمكنه تكرار ذلك !
هو سيموت حقاً إن تكرر الأمر ، قلبه لن يحتمل مطلقاً ، لا يمكنه حتى تخيل الأمر يحدث ، لذا هو وجد نفسه ينهض بصعوبة مُتجاهلاً نداء جسده له بالتوقف بينما ينطق بنبرة كسيرة للغاية :" لم يعد لدي سواه ! هو أخي أنا ، كلير ماتت هنا بسبب هذه المعركة التي لا أعلم حتى لما نخوضها ! أمامي هي قُتلت "
هتف بألم أكبر يمسح الدماء من طرف فمه :" هو شيء عزيز للغاية ، ملجأي الخاص و ملاذ دموعي الآمن ، حياتي انهارت من دونه ، روحي فقدت لذة وجودها بهذا العالم ، أنا لم أستعده بعد لأفقده ! "
حرك رأسه سلباً و شيء من دموعه يتحرر عنوة :" لا يمكنني أن أفقده ، لا شيء حينها سيبقى لي لأنهض ، لطالما قلت بكل أنانية سيكفيني رؤيته بخير و لو من بعيد لكنني كاذب ! لم يكفي هذا لي بل زاد الألم بداخلي ، كذبت عليه و على نفسي لأنني حقاً أشعر بالرعب من فكرة إستبداله لي ، أشعر بالغيرة منهم لذا أزعجته بسؤالي الأخير ذاك "
رفع عيناه المُحمرتين يحدق بها مُباشرة و هو يهتف بقوة :" علي النجاح و إعادته بخير ! سأخبره بكل هذا فقط دون تكلف ، سأبكي بين يديه و أخرج ما يخنق أنفاسي كما طلب مني ، فقط لن أفقده ، لا أريد أن افعل ! لذا أياً كان ما يتطلبه الأمر فأنا حقاً سأنفذ فقط ليحيى هو ! "
و ضربة أخرى تلقاها جعلته يشعر بأن روحه توشك على مُغادرة جسده هو شهق بألم شديد بينما تلوى جسده يضمه كطفل صغير علّ هذا يخفف الألم عنه !
عيناه القُرمزية كانتا تشتعلان حرفياً و هالته تزايدت بالأرجاء و ربما من حظه أن البشر لا يمكنهم الشعور بهذا ، لكن ليس و كأنه قريباً لن يتدخل و يُعلن تواجده ، لن يراه يقتل حقاً فهذا لن يحل أي أمر .
اتسعت عيناه عندما لمحه يجمع شتات نفسه للنهوض ، هو سقط أكثر من مرة لكنه كان يحاول مراراً و تكراراً ، التف جيس ببصره سريعاً حيث شعر بهالة هو يعرفها جيداً تقف بالقرب منه !
هو همس بصدمة شديدة :" تلك الطفلة "
و قبل أن يتدخل أو تكرر العنقاء هجومها التالي و القاضي ربما هتفت الصغيرة بنبرة بكاء :" توقفي حالاً ! "
و هنا إنصاعت العنقاء لأمرها فوراً بينما أردفت هي بنبرة مُتألمة :" ستنقذين شقيقه ! و تعالجين جراحه هذا يكفي "
و بالفعل انخفضت العنقاء بينما أخفض ريك و الذي لم يصله صوت الصغيرة رأسه ظناً منه أنها نهايته ، لكنه صُدم حقاً بتلك القطرات التي كانت تهطل على جروحه مُعالجة إياها ليهتف سريعاً برعب بينما يخرج علبة كان يضع بها حبات الدواء :" مهلاً أريد إنقاذه و ليس لي أنا ! "
حدق جيسي بمكان وقوف الفتاة التي اختفت و كأنها لم توجد بينما يعض على شفتيه ، هو حقاً يبدوا أنه سيواجه معركة لم يكن قط ليرغب بدخولها !
بالنهاية أخذ نفساً عميقاً يغير دفة أفكاره مُحدقاً بريك الذي أخرج حبة بلون الفضي يتناولها ليقفز لأسفل الجبل حيث ارتدى معطفه ، و أمسك بسيفه بين يديه ، بالرغم من أنه لم يسمح للعنقاء حقاً بعلاج جروحه لكنه يشعر و كأن الألم اختفى ، بل هو غير مهتم به بل كل ما يجول بأفكاره هو أن يسرع لتوأمه يعطيه الترياق فقط .
و جيس تنهد بتعب بينما ينطق :" قطرتين كافية لإبعاد السم ، كان بإمكانه علاج جروحه بدل هذه الحماقة و زيادتها بتأثير الدواء ! "
لذا سار هو الآخر عائداً بسرعة منخفضة بنسبة لسرعة ريك التي كانت تضاهي حاليا سرعة الجان .
*****
قرب زجاجة المياه من شفتيه بينما يجلس مُحدقاً بما حوله بنوع من الضيق ، هو يمكنه الشعور بشيء قوي للغاية خلف هذه الهالة التي تقبض على أنفاسهم بقوة !
يبدوا له و كأن هنالك شيء يتردد كما الموجات و يوشك على الإنفجار ، تنفس بعمق مُفكراً بشيء من السخرية أنه سيكون حظ مذهل ان انفجر شيء ما و حطم هذه القارة و كل ما عليها و هم اللذين قدموا للاستكشاف فحسب .
بعثر خُصلاته ذات اللون الأشقر بينما عيناه ذات اللون العُشبي الندي حطت على آندريه الذي جلس أرضاً بالرغم من وجود عدة صخور أخرى بكل عناد بحجة أنه لا يحق له ذلك !
تنهد بإنزعاج واضح مما دفع المعني لرفع رأسه يحدق بسيده بنوع من القلق و الآخر أشاح بوجهه يتجاهله سريعاً مما دفع عبوس طفيف يظهر على ملامح الأكبر .
زاك جلس على صخرة طويلة نوعاً ما و بجواره جلس جيف يبعثر خُصلات شعره بينما ينطق بهدوء :" أأنت بخير الآن زاك ؟ "
ابتسم المعني له بنوع من الضعف و هو ينطق :" أجل ، لا داعي للقلق جيف فبكل حال ذلك اللعين الذي يفترض أنه أبي وضع بداخل قلبي جوهرة الطاقة أو شيء كهذا يمنعني من الشعور بالألم "
و شهقة سريعة صدرت من جيف بينما ضيق عيناه الداكنة بحدة و هو يهتف بحدة لكن بصوت منخفض :" ما هي مُشكلته ؟ أتعلم أنك قد تنهار فجأة بهذه الطريقة ؟ بل ربما تموت دون أي تنبيه مُسبق ! كيف يفعل هذا ؟ لما لم تأتي إلينا زاك ؟ "
تنفس بعمق يضع رأسه على كتفه بينما يُغمض عيناه ناطقاً بالكثير من الندم :" حدث الكثير حقاً أخي ، شقيق أميري ريك أنا تسببت له بعقاب لا أعلم ما هو حتى لإنه فقط أنقذني و أخي بالرغم من أنني كُنت مُذنباً ، و فوق كل ذلك آيزاك ... "
صمت يبتلع حروفه بينما يُغمض عيناه اللتين امتلأت بالدموع :" هو كاد قتله ! لو لم تحرر طاقتي كهجين و تنعشه لمات بسببي أيضاً ! ظننت أنني انتقم جيف منهم لكنني تصرفت بحماقة تامة ! كدت افقد توأمي و دون حتى معرفة ما قدمه لي من تضحيات "
مسح الأكبر على شعره بهدوء و هو ينطق بابتسامة لطيفة :" لكن هذا لم يحدث زاك ، و كلاكما معاً الآن و على وفاق صحيح ؟ "
أردف بعدها بنوع من الخيبة :" لكن حقاً كان عليك سؤالنا أولاً ، كنت لأجر أُذنك لأعلمك ما معنى انتقام أيها الطفل "
ضحكة خافتة صدرت منه و هو ينطق بلطف :" أعتذر جيفري لكن فقط ظننت بوقتها أنني عبقري و بشدة لدرجة عدم حاجتي لأحد ! "
اصدر المعني صوتاً يدل على الملل و هو ينطق :" أنت عبقري بالفعل لكن من فضلك المرة القادمة التي تفكر هكذا تعال لأحدنا لأنك ستكون فقدت عقلك فلا أحد يمدح نفسه هكذا إلا و يجد نفسه يسقط بقوة "
و زاك أومأ له إيجاباً بخفة و باقتناع تام بكل حرف نطق به رفيقه !
آندريه أعاد بصره لسيفه يقوم بتنظيفه بنوع من الهدوء بالرغم من أنه كان يأخذ عدة نظرات لسيده بين الفنية و الأخرى .
كيفين حقاً ما أعجبه هدوء تلك الأجواء ، اليوم الاول من الأسبوع إنتهى و ها هو اليوم الثاني يحل ببساطة دون أي عدو ، هو رفع رأسه يحدق بآندريه الذي كان يقطب حاجبيه بنوع من التركيز بينما يعبث بسيفه و حقاً لم يفهم ماذا يفعل !
هو كاد ينطق عندما ضيق عيناه بحدة و صدمة بآن واحد يحدق بآندريه الجالس أمامه و بما يسير خلفه ، و الخادم رفع رأسه يحدق بسيده عندما شعر بتبدل هالته ثم إستدار يحدق بما خلفه ليشهق بصدمة و يقف .
هو آمال رأسه يراقب القادم بفضول غريب عليه ، رمش عدة مرات يمد يده ليلمسه لولا يد سيده و الذي نطق بإنزعاج :" ماذا تظن نفسك تفعل آندريه !؟ "
أردف بعدها بنوع من السخرية و هو يتأمل ذلك الذي يسير باتجاههم و الذي بدى كنسخة تامة عن خادمه :" مُذهل ! و كأن واحد لا يكفي "
شهق المعني بنوع من الإستياء بينما يُجيب :" ماذا يفترض بهذا أن يعنيه سيدي ؟ هذه قسوة كما تعلم !"
حرك كيفين كتفيه بلا مُبالاة ليزداد إستياء الآخر بينما حدق جيف بهما بنوع من الدهشة ، هو لم يرى طوال حياته عبداً من المتحولون يتحدث مع سيده بطريقة كهذه أو سيد يُمازحه ؟!
بأي حال لم يكن هذا وقتاً لمثل هذه الأفكار الجانبية فآندريه جهز نفسه للهجوم بينما ينطق بإنزعاج :" لن أفضل حقاً أن أظهر بابتسامة مُختلة كهذه ! "
أومأ كيفين له و هو يحدق بابتسامة ذاك الذي ظهر تواً ، هي كانت مليئة بالخبث و الكره و ربما الحقد و السخرية ، الكثير من الصفات التي لم و لا يريد رؤيتها بآندريه .
زاك نطق بتوتر :" أظن لدينا أربع مشاكل لا واحدة ! "
نظر كل منهم لشبيهه الذي ظهر لينطق كيفين مجدداً بضيق :" بحقك آندريه لا تطلب مني الابتسام مطلقاً مجدداً "
و المعني شهق سريعاً بينما يهاجم شبيهه :" و لماذا تظن سيدي أن ابتسامتك ستكون بمثل هذا الاختلال ؟! "
لم يُجبه الآخر ليصمت هو أيضاً و ينشغل بعدوه أولاً قبل أن يتحدث بأي موضوع آخر .
*****
جلس بجوار ريكايل الذي كان يغلق عيناه جراء الألم القاتل ، هو حتى رفض الشرب من دمائه بل بعبارة أدق لم يستطع حقاً فعلها مع كل الألم الذي يغزو جسده لذا بالنهاية وجد نفسه يُمسك بيده بينما دموعه تنهمر !
هو قال لجيس أنه سيحميه لكن ماذا قد يفعل بظرف كهذا ؟ و حقاً لا يعلم أهو من سوء حظه أم ماذا لكن هالة الوحش الذي هاجم رفيقه بدت ظاهرة لهما مما جعله يضع يد ريكايل بخفة بينما ينطق و هو يمسح دموعه تلك :" أُصمد أرجوك ! أراهن أن ريك سيصل قريباً "
وقف بعدها أمام من يعتبره كصديق و ربما أعز من ذلك يحدق بذاك الوحش بحدة و حذر ، هو لن يبدأ بأي نوع من المعارك إن لم تكن لها أهمية خاصة وأنه يخشى أن ينسى ريكايل فيُهاجم دون ملاحظته .
ريكايل فتح عيناه بضعف شديد ينظر لسيده بينما يحاول مد يده لإيقافه ، يدرك أن ويل قوي و بشدة لكن تنقصه الكثير من الخبرة بعد !
الوحش تجاهل ويل بالبداية يبحث عن بعض من الحجارة الجيدة لتناولها إلا أن ذلك توقف فور رؤيته لريكايل المسموم أرضاً بل أصدر صوتاً غاضباً بينما يذكر مهاجمته له من قبل .
و هنا أظهر ويل مخالبه بينما تبدلت هيئته الطفولية بالعادة لأخرى جادة ، لن يسمح بأن يمس رفيقه بسوء مُطلقاً لذا هالته ازدادت تنتشر بالأرجاء ليقفز مُهاجماً إياها يشتت إنتباهها عنه .
هو وقف على ظهر ذلك الكائن و قد ظهرت نظرة مُترددة للغاية على ملامحه ، لا يرغب بغرس مخالبه بكل قواه و إنهاء حياته و هو يرى أنه ما كان ليهاجم لو لم يتعرض للهجوم أولاً !
هذا قاسٍ و بشدة بالنسبة له لكن إن لم يفعل هل يفقد ريكايل ؟ و ثقة جيس به ؟
شعر بدموعه تنهمر بصدق بينما يرفع يده للأعلى و يُخفضها بقوة شديدة لتخترق جلده و قلبه !
هو قفز من عليه مرة أخرى أرضاً يخفض رأسه بقوة ، يدرك أن قراره هو الصحيح و أنهم هنا بساحة الأعداء لكن لسبب ما هذا لا يُخفف الألم القابع بصدره .
شهق بنوع من الصدمة عندما وجد نفسه بين أحضان شقيقه الذي نطق بهدوء :" أحسنت صُنعاً ويل ، قرار جيد بالفعل أخي "
تشبث به المعني بقوة و هو يومأ إيجاباً بينما يحاول إيقاف دموعه ، هو ربما حقاً بدأ يفهم وجهة نظر شقيقه ، لعله حقاً بات يشعر بما شعر به جيس بذاك الوقت ، لم يكن سعيداً قطعاً بقرارات كتلك لكنه فعلها لحماية ما هو أهم ربما ؟
ريك كان قد أمسك برأس شقيقه يرفعه بهدوء بينما يقرب منه الترياق ، و هو شرب القليل منه ليبعد رأسه عن العُلبة يغمض عيناه بينما يتنفس بعمق .
الأكبر نطق بإعتراض تام :" لماذا لم تقم بإنهائها ريكايل ؟ "
حدق المعني به بمشاعر متفاوتة قبل أن يمسح على جبينه النازف و هو ينطق بصعوبة :" سأكون بخير خلال لحظات "
صمت يأخذ نفساً عميقاً بينما يردف :" أنت اشرب البقية لجراحك ريك "
أومأ ريك سلباً بشكل سريع و هو يهتف :" لا ، ماذا لو لم تكن الكمية كافية ؟ "
عبس الأصغر و هو ينطق بضيق :" أين ثقتك بي ريك ؟ قطرة واحدة تكفي ! "
الآخر أسند جسده لذات الشجرة و هو يجيب بهدوء و ابتسامة لطيفة :" فقط من فضلك عندما تشعر أنك بخير سأفعل "
تنفس ريكايل بعمق شديد قبل أن يوجه نظراته لسيده الصغير و الحاكم ، كلاهما كان يسير للاقتراب منهما ، ويل كانت عيناه مُحتفظة بآثار البكاء مما دفعه لينطق بنبرة هادئة مُمتنة :" شكراً لك سيدي لحمايتي "
نظر له المعني بينما يميل برأسه بخفة قبل أن يبتسم بسعادة شديدة مُنطلقاً نحوه لإحتضانه و هو يهتف بمرح :" هل أنت بخير الآن ؟ أتشعر بتحسن ؟ "
بعثر شعره له و هو يُجيبه بابتسامة :" أجل بكل ثانية أشعر بتحسن أكبر "
بدت السعادة الشديدة تظهر على الأصغر بينما وضع ريك رأسه على كتف توأمه ينطق بضيق :" أجل ، لا داعي لأي شكر لتوجيهه لي فبالنهاية كانت إصابتك غلطتي ! "
ضحكة هربت من بين شفتيه جعلت الأكبر يعبس بينما نطق جيسي بسخرية :" كدت أعتقد أنك نضجت قليلاً و لكن أظن بالفعل الأطفال يأخذون وقتهم ليفعلوا ذلك "
قطب ريك حاجبيه يرد سريعاً :" و من طلب التقييم الخاص بك أساساً ؟ لا شأن لك إن شئت سأكون طفلاً و بالوقت الذي أريده و دون الإستماع لسخريتك "
و قبل أن يرد أي منهما على الآخر كان ريكايل قد احتضنهما معاً بخفة و هو ينطق بنبرة مليئة والامتنان و السعادة :" شكراً لكما حقاً ، على كل ما قدمتُماه لي "
قطب كلاهما حاجبيه بردود فعل مختلفة حيث أبعده جيس عنه ينطق بسخرية :" أرى أن الحرارة لم تختفي بعد ! "
أكمل ريك بدلاً منه :" محق ، فهل أنت الآن جمعت بيني و بينه "
حدق المعني بهما بنوع من التوتر ليهتف ويل بعبوس :" ريكايل أنت قطعاً لا تُحبني ! لماذا لم تحتضني معهما ؟ "
و هو شهق بفزع يحدق بالثلاثة الذين بدأ إثنان منهما بالضحك حقاً و الاخر ابتسم بهدوء و نوع من السخرية ليكتف يديه لصدره و هو يقف مُشيراً لثلاثتهم :" الحق على من يقدر جهودكم أساساً ! إن أردتم الشجار لا تضعوني بالمُنتصف هكذا . "
أنهى عبارته ليسير مُبتعداً عنهم و ابتسامة تحتل شفتيه ، هو جرب الكثير حقاً من المشاعر المُختلفة اليوم ، حقاً شاهد الجميع يبذل كل ما لديه لإنقاذه !
جلس على صخرة ما قرب منحدر يطل على الغروب و ابتسامته تتسع أكثر فأكثر ، هو حقاً غير قادر على السيطرة على تلك المشاعر التي تجتاحه ، بل بدى كطفل يتيم حصل على دمية تخصه لأول مرة بحياته .
و ريك وقف خلفه يحدق بابتسامته تلك بسعادة قبل أن يقترب منه يحتضنه من الخلف بهدوء و هو يتحدث :" حمداً لله على سلامتك أخي ، شكراً لإنتظارك "
هو صُدم أولاً قبل أن يبتسم بدفء بينما ينطق بنبرة لطيفة :" بل الشكر لك ريك لأنك فعلت كل هذا لأجلي "
جلس بجواره بينما يحدق هو الآخر بالأُفق لينطق :" أعتذر على ذلك السؤال لكن سأخبرك بعبارة لا يسمح لك تكرارها مُطلقاً ! لم يكن حديثي معك بالقصر غلطة مُطلقاً ، لا علاقة بكل ما جرى بذلك الموقف ! "
ابتسم قليلاً يُردف بنوع من الثقة :" بل تخيل أنني لم أفعل هذا ، و حدث كل ما حدث ثم كما الآن ننضم لفريق واحد ! أكنت ستترك ذلك الوحش يهاجمني ؟ هل أنت لم تكن لتحاول الحديث معي ؟ "
حدق ريكايل به بألم خاصة و هو يرى شقيقه غير قادر على ذكر حادثة وفاتها ، يمكنه رؤية دموعه خلف ابتسامته تلك لذا أجاب بهدوء و نوع من الحُزن :" بالطبع كنت لأنقذك ، هذا لن يتغير مهما حدث و أجل ربما كنت لأحاول الحديث معك لكن لو رفضتني كما فعلت لشعرت بألم أشد مما شعرت به بوقتها ، سأرى أنني فقط أحاول فرض نفسي على شخص لا يرغب بهذا حتى "
تنفس بعمق يضع رأسه على كتفه و هو يتحدث بهدوء و قد سكنت ملامحه و اختفت بسمته فهي حقاً بلا فائدة أمام شقيقه التوأم :" كلانا يريد فض تلك الحواجز لكنه لا يعلم من أين يبدأ حتى ! لكن أظن أنا أعلم من أين علي البدء ، أولاً آسف حقاً لانني كنت شقيق عديم فائدة ! لأنني ما تمكنت من فعل شيء بل وقفت كما الصخرة !"
ريكايل أخفض رأسه يحدق بكل شيء إلا شقيقه ليُردف ريك بألم :" ريكايل أقسم لك أنني أتمنى أن أسرق كل ما يؤلم قلبك و أضعه بقلبي أنا ! أن تبقى أنت بخير و بسعادة ، مهما كانت ردة فعلي فأنا صدمت لم أعلم ماذا أفعل أو كيف ! لم أستطع حتى البكاء يا أخي ! "
نطق جملته الأخيرة بنبرة تنذر بأنه يوشك على البكاء ليحدق ريكايل به سريعاً يحتضنه بخفة بينما ذاكرته تعرض عليه ألم ريك بعد رحيله ، تلك الذكرى التي جعله آيزاك يراها قبل إنطلاقهم حتى !
هي كانت مؤلمة و بشدة ، شعر بشقيقه يختنق دون أن يتمكن عن التنفيس ، رغب بضرب رأسه بالحائط أو أي عمل جنوني آخر ليبكي أو يخفف ألمه ، و بالنهاية لم تنجح دموعه بالإنهمار إلا بفضل صورته هو .
أردف ريك بنبرة ضعيفة :" الثاني هو أنني كبرت بينما أخبر نفسي أنك قطعاً لن ترغب برؤيتي و البقية ، أنت لن تُحبنا ، و أنا على وجه الخصوص لن تُسامحني يا أخي لأنني نصفك الآخر ! أخاك الأكبر و من وعدك بالحماية دائماً "
صمت يأخذ نفساً عميقاً بينما تركه ريكايل يتحدث بالرغم من أنه يوشك على البكاء حقاً و قبل ريك ربما ، الآخر نطق بابتسامة ساخرة :" أخبرت نفسي عندما أكبر سأذهب لزيارتك بالقصر و أعتذر منك ! ثم بدأت أكبر و يكبر اعتقاد أنك لن تستمع لي حتى لذا حولت الفكرة من الحديث معك لرؤيتك بخير ! ، أريد أن أرى ريكايل بخير و يبتسم بسعادة حقيقية و هذا كافٍ "
هو أطلق ضحكة ساخرة عله يمنع دموعه من التمرد عليه و الخروج :" و النتيجة ؟ شعرت بالغيرة فقط ! لم أرد هذا ريكايل ، أنا حقاً لم أقبل أن أكون خارج حياتك بينما هناك أشخاص مقربون منك ، أردت بكل أنانية تخطي الجميع و الوصول إليك ! فقط أخبرني ما كان ذنبي أنا لأفقدك ؟ ألم تكن تعد أن نبقى معاً ؟ تصبح مستشاري الأول و نعيد السلام للمملكة معاً ؟ إذاً كيف تظهر فجأة لتخبرني لو تكرر الأمر لأتخذت ذات القرار ؟ هذا مؤلم "
و دموع ريكايل إنهمرت بالفعل بينما يبحث بعقله عن كلمات مُناسبة لولا أن توأمه نطق بسكينة فجأة :" لكن الآن لا أهتم ! أنا أريد منك أن تكون جزء من حياتي ، سعيد و مُرتاح ، يمكنك الوثوق بي و الإعتماد علي ، أقسم لن أطالبك بأكثر من هذا و لن أحاول العبث بعلاقتك مع ويل و جيس بعد اليوم "
يدي ريكايل أحاطت بجسد شقيقه و هو يهمس بألم :" أنت دائماً كنت معي ، لطالما شكوت لك ما يؤلمني و إن كنت بعيداً عني ، دائماً كنت أشعر بالراحة بعد فعل ذلك ! لكن أنا أيضاً كبرت بشكوك كثيرة أهمها أنه لا مكان لي بينكم بعد اليوم ، لن يقبل أحد بشخص تحول لوحش ! "
أغمض عيناه يحاول مسح دموعه قبل أن يُردف :" لطالما راقبت زياراتك لسيدي ، دائماً كنت أقف خلف باب القاعة أتساءل إن كان ظهوري أمامك سيعود علي بالألم أو يجدد حياتي و سعادتي ! "
هو حرك كتفيه ينطق بألم :" أتدرك صعوبة إتخاذ قرار كهذا ؟ لو أنك رفضتني أو نظرت لي بأي نظرة تشير للإشمئزاز أو الاحتقار لتحطمت كل أحلامي و كل ذرة أمل بي ، لذا فضلت العيش بأرض الأحلام حيث مستقبل نتقابل به و نسعد بهذا دون الوثوق بقدومه "
ابتسم بخفة :" القدر كان له رأي آخر إذ جمعنا بطريقة ما ، و أنت كنت لطيفاً بما يكفي لتقف بجواري بدلاً من الهرب من الوحش الذي رأيته ، كنت ممتن لهذا و بشدة ! "
رفع ريك رأسه يحدق بشقيقه بنظرات هادئة إمتزج حزنه بها ليردف ريكايل بتردد و ألم فظيع :" سعدت بمعرفة كلير أيضاً ، بالرغم من كل شيء هي حقاً مُذهلة بالكامل ، لم أتخيل قط أن تكبر تلك المُدللة كمُقاتلة ! "
عض ريك على شفتيه بينما ابتسامة مغصوبة ظهرت و هو يتحدث :" أجل لقد تخلت عن كونها فتاة تقريباً لأجلي ، أرادت البقاء معي مهما كلف الأمر و أنظر للثمن الذي دفعته ! "
اختتم عبارته يحرك جبينه بأصابعه عله يمنع دموعه من التساقط قبل أن يمسك ريكايل بيديه ينطق و دموعه قد بللت وجنتيه :" لم يكن هذا ثمن بقائها معك ! تعلم أنه مهما حدث هي كان قد قُدر لها هذا ! الثمن الذي تتحدث أنت عنه هي تلك الأوقات الثمينة التي جمعتكما سوية ، كل ضحكة أو دمعة أو غضب أو حتى استياء و شجار ، تلك المشاعر الدافئة و الذكريات الثمينة هي ما حصل كلاكما عليه نتيجة قرارها ذاك "
أغمض عيناه يردف بحزن شديد :" هي من أخبرتني بأنك أقرب شخص إليها ريك ، سبب ابتسامتها و حيويتها هو أنت يا أخي ، هي حتى ماتت بينما هنالك بسمة على وجهها ... "
لم يصمت لإن كلماته نفذت بل دموعه تمردت أكثر بينما غرز ريك رأسه بصدره يسمح لعبراته بالتحرر أكثر فأكثر مُفرغاً و لو جزء مما يحمله ، لا يمكنه نسيانها فقط لكن و لأجلها عليه الصمود هنا ، هي لطالما مدت يدها إليه تجبره على الابتسام مهما كان الأمر لذا ألا يُعد انهياره الآن و لأجلها خيانة ؟!
و بأي حال و حتى لو أراد فدموعه أبت التوقف عن التحرر لاسيما و هي قد استعادت ذاك الذي يُسمح له بمسحها برفق بعد كل ذلك البُعد و اليُتم الذي عانته فكيف لها التوقف الآن حقاً ؟! ...
~ نهاية الفصل ~
Bạn đang đọc truyện trên: AzTruyen.Top