الفصل الثامن عشر

حل الصمت بأرجاء تلك الغرفة بعد كل المعلومات التي أدلى بها جيفري لصديق طفولته و أميره , نهض ريك من جواره ليستند إلى سريره بينما يضع رأسه بين يديه الإثنتين , هو الآن واقع بمشكلة عظيمة لا يعلم كيف يمكنه أن يهرب منها , أيحق له قتل حُلم صديقه وأمله الوحيد بفصله من هذه المهمة ؟ أم يخاطر ويجعله يكمل الطريق و من ثم ..

عض على شفتيه بإستياء غير راغب بالتفكير حتى بالإحتمال الثاني , والآن معرفته بالأمر جعلته يشعر بأن هنالك جبل وضع على كتفيه !

وبالجهة  الأخرى راقبه جيفري بعيناه السوداء الداكنة وهو قد إتخذ بالفعل قراره بأنه سيسلم مصيره لأميره وحسب , لن يكون أنانياً بعد اليوم لإن تكتمه على الأمر كاد أن يتسبب بمصيبة ! لو لم يقم السحرة بإقتحام الجناح ربما كان ذلك الشخص قد قتل أميره !

أخفض رأسه وهو يفكر بأنه إن حدث أي مكروه لريك أو كلير هو لن يسامح نفسه مطلقاً , لذا إن أمره ريك بالإنسحاب من المهمة فهو سيفعل بلا تردد , رفع رأسه عندما حمل أميره السيف و غادر الجناح ليتنهد بقوة بينما يهمس لنفسه :" لم أرد أن تصل الأمور لهذه الدرجة ! آسف حقاً "

أعاد رأسه للخلف وهو يذكر نظرات والده المتألمة بسبب قراره , والآن هو جعل صديق طفولته يتألم , لكن هل سيفهم أي منهم وجهة نظره يوماً ما ؟

******

عند مغادرة ريك للجناح هو صُدم بذلك النائم بالرواق على الحائط المقابل لجناحهم وكأنه يحميهم , غضبه , ألمه , إستيائه , وكل المشاعر السلبية التي كان يحملها قبل لحظات حتى تبخرت تماماً و إتخذ الدفئ طريقه لقلبه و روحه , هو تقدم بخطوات هادئة للغاية حتى جلس القرفصاء أمام النائم بينما إبتسامة لطيفة رُسمت على وجهه .

هل يرغب بحمايتهم ؟ هو لازال لطيف كما عهده منذ الصغر ! عبس لثانية عندما فكر بأنه ربما تكون هذه أوامر الحاكم لكنه سرعان ما نفى ذلك , فلماذا هو من بين الجميع قد يأمره بذلك ؟ ولو أنه يكرههم لما وافق على ذلك صحيح ؟

إبتسم أكثر عندما تذكر نظراته القلقة التي وجهها نحوه بعد أن أيقظه آرثر , هذا فقط منحه شعوراً إضافياً من السعادة و الدفئ !

بدأ يحرك جفنيه وهو يستشعر بمراقبة أحدهم له , فتح عيناه الزرقاء الداكنة لتقابل تلك العينان المشابهتان لهما تماماً , عدة ثوان كان الصمت هو المسيطر عليهما , كلاهما نظر بعينا الآخر بهدوء شديد , لكن هذا لم يستمر كثيراً حيث إستوعب ريكايل أولاً الموقف لينهض بكل فزع وسرعة !

نطق ريك بتحذير وبسرعة :" لا تن.."

لم يتمكن من إكمال جملته لإن توأمه كان قد ضرب رأسه بحافة النافذة التي فوقه وإنتهى الأمر , هو أخفض رأسه في محاولة منه لكتم ضحكته بينما الآخر وضع كلتا يداه مكان الضربة وحدق بالنافذة بكل كره واضح !

وهنا لم يستطع ريك منع نفسه من الضحك وهو ينطق :" تعلم أنك المخطئ فلا تلقي اللوم على النافذة المسكينة ! "

عبس بقوة وهو يتحدث بتذمر :" لكن هذا مؤلم ! "

توقف ريك عن الضحك بشيء من القلق عندما لمح خيط أحمر رفيع ينساب من رأسه ليقترب أكثر ويجبر ريكايل على إحناء رأسه ليتفقد الجرح بنفسه .

تصنم ريكايل مكانه وقد إستعاد توتره الذي فقده للحظات , هو أغمض عيناه بينما يدا شقيقه تعبث بخصل شعره للبحث عن الجرح , أراد أن يتحدث ويخبره أنه على الأغلب قد شُفي وإنتهى الأمر فهو ليس بالأمر الجلل , لكن صوته خانه حقاً ورفض الخروج , كما أنه شعر بشيء من الألم فهذا ذكره بأنه لم يعد مثله بعد الآن , كلاهما من عالم مختلف حالياً وهذا لوحده أثار رغبته بالبكاء .

تراجع ريك خطوة للخلف وقد تذكر للتو فقط أن شقيقه ما عادت هذه الجراح البسيطة تشكل أي خطر عليه , لكن الصمت الذي حل بعدها كان خانقاً لكلاهما , لا أحد منهما علم ماذا يجب عليه قوله , وكأنهما لم يتحدثا قبل قليل بكل أريحية متناسيان لكل ما يقف عائقاً بينهما كالآن !

كُل واحد منهما بعثر نظراته لمكان مختلف تماماً بينما شيء ما بداخلهما يطالب وبشدة أن يحتضن من أمامه أو على الأقل يبدأ بحديث ما معه , ريكايل كان أول من أخفض رأسه لينطق بصوت هامس رسمي :" أرجوا المعذرة سمو الأمير أنا فقط كنت هنا للحراسة , لم أقصد التسبب بالإزعاج "

هو إختتم حديثه بإنحناءة بسيطة ليبتعد بينما يشعر بأنه كلماته إخترقت قلبه وحطمته أكثر بينما دموعه تكاد تنساب على وجنتيه , أما ريك فقط ضم قبضة يده بكل قوة ووقف ليتأمل سكون الليل من النافذة , هل خيار أن الحاكم جيسي هو من طلب منه الحراسة أمر وارد ؟ وهل هو أُجبر على ذلك ؟ هو شعر بأنفاسه تضيق عندما أطلق عليه لقب سمو الأمير ! لا يريد أن يكون أميراً معه هو بالذات , لا داعي لمعاملته برسمية هكذا , هو إن رغب يمكنه ضربه والصراخ بوجهه وحتى شتمه بكل قوته ليفعل ما يرغب لكن فقط لا يتحدث معه بهذه الرسمية فهي ومنذ الطفولة تقتله .

بكل مرة كانا يتشاجران بها بصغرهما كان ريكايل دائماً ما يعامله برسمية ويتحدث معه وكأنه أعلى شأناً منه , هو كره والده وللغاية بسبب ذلك , معظم شجارتهما كانت بسبب أوامر والده له , وبالنهاية كان توأمه يشعر بأنه أقل شأناً وبلا قيمة وهذا آلمه أكثر ربما من ريكايل نفسه ! .

********

حدق بالأفق البعيد وهو يفكر بالهجوم الذي حدث على جناح البشر , ما يؤرقه هو شيء واحد وهي تلك القدرة التي إمتلكها ذلك الهجين , إيقاف الزمن مما يعني أنه إبن أحد أفراد الأسرة الحاكمة للسحرة !

تنفس بإستياء واضح من هذه الفكرة ليشعر بيد صديقه على كتفه و الذي جلس بجواره لينطق :" لا تقل لي أنك صدمت حقاً ؟"

نطق آرثر بهدوء ملامح الإستياء إزدادت :" وأنت لم تفعل ؟! آرون بحق الإله إن أسوء عقوبة موجودة بالقانون هي لمن يتسبب بولادة هجين ! هذه جريمة فظيعة "

تنفس آرون بعمق وهو يستلقي على الأرضية بينما ينطق :" جريمة فظيعة بحق الأطفال الذين ولدوا ليقتلوا , أو يعيشوا دون العثور على من يحبهم حقاً , هم سيولودون ملعونين من قٍبل الجميع حتى أسرهم ستكرههم وتتمنى موتهم , أي تنشأة ستكون لهم ؟ "

حدق آرثر بصديقه وهو يشعر بالقلق عليه لسبب ما لينطق :" آسف لإقحامك بالمهمة آرون !  أعلم أنك تكره هذا "

ضم قبضة يده وهو ينهض بينما ينطق بإستياء :" لا تعتذر ! كل ما في الأمر أن معرفتنا بأننا على وشك مقابلة هجناء .."

صمت قليلاً قبل أن يردف بشيء من الحيرة و الألم :" تعني أن فرصة النجاة للجميع تساوي صفر ! نحن لا نعلم من سيتمكن من العودة أو كم سيكون عدد من سيكتب لهم العودة "

صمت كلاهما فهما على وشك خوض تجربة ستفتح أبواب ذكرياتهما المؤلمة وكأنهما بحاجة حقاً لشيء يذكرهما بها ! .

******

جلس الأربعة بصمت قاتل فلم يعد أي منهم لديه المزاج المناسب للحديث أو النوم حتى , حدق إيكاري بهم وهو يحاول فقط فتح أي موضوع لإبعاد الألم و الحزن عن وجه صديقاه , لكن بالنهاية نهض آيزاك وإستلقى على فراشه بصمت شديد .

تبعه بعدها توأمه الذي نهض ودفن نفسه تحت أغطيته , شعورهما فقط فظيع للغاية فبالرغم من كل شيء هما أصبحا يشعران بأن هذه المهمة قد تتسبب بجعلهما يفقدان كل من يحبهما وإحترام الآخرين لهما , وكل هذا لذنب هما لم يقترفاه حتى .

*****

وأخيراً تلك الليلة إنتهت وبدأت خيوط الشمس الأولى بالظهور ومعها كان جيسي قد إنتهى من إرتداء ثيابه الرسمية وغادر غرفته لقاعة العرش حيث وجد ريكايل هناك وهو يمسك ببعض التقارير بينما عيناه تحدقان بالفراغ ليهمس بصوت مسموع لمستشاره :" مشكلة أخرى ريكايل ؟"

رمش ريكايل عدة مرات قبل أن ينطق بمرح وعبوس :" نوافذ قصرك مزعجة ! تخيل أن رأسي إصطدم بإحداها بالأمس "

تجاوزه بينما يجيبه بسخرية :" أتمنى فقط أن هذا لم يتسبب بإفساد ما تبقى من ذرات عقلك الصالحة للإستخدام "

تنهد ريكايل بيأس وهو ينطق :" كالعادة لا يمكنك أن تقلق علي ولو قليلاً ! من سيقوم بمساعدتك بالعمل حينها ؟"

جلس جيسي على عرشه لينظر بتفكير لريكايل قبل أن يجيبه بذات نبرته السابقة :" محق بهذه النقطة , أتمنى حقاً أن يكون عقلك بخير فأنا بحاجته كما تعلم , ولو أنني سأجد شخصاً آخر غيرك سيطلعني على التقارير بدقيقة لتمنيت أنك ستصمت للأبد بسبب تلك الضربة "

شهق ريكايل بتمثيل وهو يتحدث :" فظيع للغاية ! لكن لأعلمك لن تعثر على أي أحد مثلي ! أنا عملة نادرة للغاية والدليل على ذلك أنني جذبت أنظارك لي منذ أن كنت طفلاً لطيفاً "

إبتسم جيسي بخفة وهو يجيبه :" طفل لطيف ! حسناً أنا أتفق معك بهذا "

رمش ريكايل عدة مرات بعدم تصديق قبل أن يكمل جيسي بسخرية :" ولكن فقط لإنك كنت طفلاً قليل الكلام ! ظننتك حقاً شخص هادئ ولطيف ووقعت بالفخ بالفعل "

ضحك ريكايل بهدوء وهو يتحدث :" وأنا ظننتك مريض لوهلة ! "

حل الصمت بينهما ليقاطعه ريكايل بجد :" إذاً ألن تخبرني حقاً عما يزعجك ؟ ربما يمكنني تقديم يد العون ؟"

نظر جيس لبعض التقارير أمامه وهو يجيبه بهدوء :" القليل من الذكريات فقط ليست بالأمر المهم "

عبس ريكايل و بشدة , صحيح أنه لا يعلم الكثير عن ماضي سيده ولكن يدرك تماماً أنه كان مؤلماً بما فيه الكفاية , وحقاً ريكايل يتمنى لو أنه قادر على الدخول لذكرياته ومعرفة كل من آذى حاكمه و سيده الأمير لتأكد من إرسالهم للجحيم واحداً تلو الآخر !

رفع جيسي رأسه ليرى تلك الملامح على وجه ريكايل وهالته التي تزداد بنشر رغبة بالقتل بالأرجاء ليتنهد بعمق , فهذا الفتى لا يعلم سوى معلومات بسيطة للغاية عما حدث له بالماضي ولكنه يطلق هذه النية دائماً , ربما كانت هذه إحدى الأمور التي جعلت ريكايل مقرب له , لطالما لاحظ إخلاصه له و لويل , وإن لاحظ أنه بالبداية كان يخاف من ويل للغاية لكنه لم يحاول إيذائه أو إزعاجه بل حتى كان يحميه ويمنعه من التهور .

خرج من أفكاره ليتحدث بصوت ساخر :" توقف عن الغرق بتفكيرك بالقتل وأنت كدت تقتل نفسك لقتلك شخص ما بالخطأ ! "

عاد التجهم لوجه ريكايل وهو ينطق بهمس :" ماذا أفعل إن كنت لا تقدر ما لديك ؟"

صمت كلاهما بعدها لبرهة حتى نطق جيسي بجد :" نحن علينا الإنطلاق بسرعة صحيح ؟"

أجابه ريكايل بذات الجد :" أجل , إن كان ما يحدث هو محاولة لتصفية من سيذهب للمهمة فنحن علينا التحرك , لإنه إن كان العدو هجين أو مجموعة منهم ستصبح المملكة بحد ذاتها بخطر ! "

أومئ إيجاباً فهذا كان ما يؤرقه منذ الهجوم , ليست المشكلة فقط بأن مملكته لن تتصدى للهجناء بل إن قُتل المبعثون من الممالك الآخرى بها سيصبحون بموقف ضعيف بالفعل .

*****

بعدها بعدة ساعات تواجدت كل الوفود بغرفة الإجتماعات مرة أخرى بينما دب النشاط بهم مجدداً متناسين ما حدث بالليلة الماضية تماماًَ , توجه زاك للوقوف برفقة أميره وجيفري وهو ينطق بإبتسامة مرحة :" هل أنتما بخير اليوم ؟"

رد جيف له الإبتسامة وهو يجيبه :" نحن بخير لا تقلق ! أخبرنا هل أنت بخير ؟ أين إختفيت ؟"

ما إن أنهى جيفري عبارته حتى قام ريك بضرب زاك على رأسه بخفه ليتحدث :" حقاً كيف لك أن تنسى أمرنا بسهولة ؟ أتعلم أنني قلقت عليك للغاية ؟"

عبس زاك وهو يمسح مكان الضربة بينما يجيبه :" لم أنسى لكن حدثت الكثير من الأمور و المشاكل هذا فقط ! "

نطقت كلير بإنزعاج :" ألست من وعد بإخبارنا بكل شيء يزعجك ؟"

هو ضحك بخفة بينما كان آيزاك يحدق بهم بهدوء من بعيد , هو سعيد أن توأمه تجاوز أو يحاول على الأقل نسيان ما حدث بالأمس لكنه فقط منزعج لسبب ما , ربما لإن ريك ضربه بخفة ؟ أو لإنه سعيد للغاية معهم ؟!

توجهت أنظاره لريكايل الذي وقف أمامه بينما ينطق بهدوء :" لما أنت عابس هكذا على الدوام ؟"

إبتسم آيزاك له بهدوء فهو لن ينسى أن هذا الفتى وقف إلى جابنهم بالرغم من عدم معرفته الجيدة بهم ليجيبه :" لا شيء حقاً , أخبرني هل أنت بخير ؟ هل نحن سببنا لك الكثير .."

قاطعه ريكايل بضحكة هادئة وهو يجيبه :" تعلم حدثت لي مئات المشاكل بعد مشكلتي  بسبب خطة شقيقك ومن ثم هو إعتذر بالفعل ونحن بخير لذا لا تقلق "

إبتسم آيزاك براحة فهذا جيد , كلاهما ريكايل و آيزاك إلتفتا ليحدقا بزاك وريك والبقية الذين ضحكوا فجأة , أولائك الأربعة كانوا سعداء حقاً معاً وبإجتماعهم مجدداً لكن كل منهما نطق معاً :" مغفلون "

رمش كلاهما وهما ينظران لبعضهما البعض قبل أن يضحكا معاً بخفة , لا يمكن أن يكذب أي منهما على الآخر ويخفي إنزعاجه من تقارب توأمه من شخص آخر !

ريك حدق بتوأمه عندما سمع صوت ضحكه ليهمس بصوت مسموع :" منذ متى ريكايل يعرف آيزاك ؟"

أجابه زاك بهدوء :" بحسب ما فهمته فآيزاك أنقذه عندما هاجمته تلك الوحوش الهائجة "

نظر ريك لآيزاك ليبتسم بإمتنان وهو ينطق :" لا أصدق أنك إتهمت شقيقك بأنه سيء زاك ! أشعر أنك كنت تبالغ دائماً "

شهق زاك وتراجع للخلف ليردف ريك :" حقاً ! أنظر لنفسك أنت ملتصق به منذ قدومك معه ونحن كدنا نُقتل من القلق عليك ! "

تجهم وجه زاك وهو ينطق بسخط :" بل تعني أنه أنقذ شقيقك لهذا أنا أبالغ صحيح ؟"

ضيق ريك عيناه ليضحك جيفري بإستمتاع بينما ظهر آلبرت لهم من العدم لينطق بدرامية :" معك حق ! لم أكن أعلم أن مشاعر الأشقاء التوأم تكون مرهفة ! "

حدق الأربعة به بإنزعاج ليجيبه جيفري بإبتسامة :" لو إستمعت لمحاضرة آرون لكنت علمت عن ذلك "

توسعت عينا ريك وهو يجيبه :" لا تقل ذلك بحق الإله ! كدت أكره أنني توأم لأحدهم بسبب تلك المحاضرة "

ضحك آلبرت بخفة وهو ينطق :" أجل أنت محق تماماً , أنا رغبت بقتلك أنت وشقيقك لأنهي المشكلة ويصمت ! لكن قلبي الأبيض لم يسمح لي بفعلها وقررت النوم فقط "

حدق به ريك بحاجب مرفوع وقد تذكر شيئاً ما لينطق :" أنت هو ذات المغفل الذي طالب بجلدي وإعدام شقيقي صحيح ؟"

تراجع خطوة للخلف وهو يتحدث :" لا تكن حاقداً أنا كنت ألهو قليلاً ! ومن ثم أنظر من الجهة الأخرى على الأقل أنا لم أتنصت عليك وأعلم أن علاقتك بتوأمك سيئة كما فعل ليون وآرثر و آرون ! "

شعر ريك بالصدمة وهو يذكر عندما راقب توأمه من بعيد ليحدق مباشرة بالساحران وقائد جيوش الشياطين بحقد والذين إنتبهوا ثلاثتهم له ليبادلوه النظر بإستغراب و دهشة قبل أن يتنهد ليون بإستياء بسبب آلبرت الذي وقف خلف ريك وهو يلوح لهم بكل مرح وبراءة .

تقدم ليون منهم لينطق بإستياء :" أعتذر على ذلك سمو الأمير لكن لتعلم لك نكن نقصد حقاً التجسس عليك لقد كانت مصادفة ولا أعلم حقاً بما أخبرك به هذا الكاذب أيضاً "

تنهد آرثر الذي تقدم هو الآخر ليعلم المشكلة بينما ينطق :" ومن أخبره بأننا رأينا الأمير ؟"

توتر ليون وهو ينطق :" أنا فعلت ! ظننته قد يساعد ربما بإيجاد حل لإصلاح مشكلتهما ونسيت تماماً أنه ليس من الأشخاص الذين يصلحون ! "

نطق ريك بإستياء :" ومن قال أنني بحاجة للمساعدة ؟! أيمكنكم عدم التدخل بشؤوني الخاصة ؟"

أجابه آرون بإبتسامة مرحة :" لا ! تعلم أنا منذ أن رأيتك أردت إعطائك بعض النصائح عن كيف تتقدم وتعبر عن مشاعرك له ! هو نصفك الآخر كما قلت بذلك اليوم عندما شرحت لكم عن علاقة التوأم وسيفهمك بسرعة , لكنك بحاجة للشجاعة و سيسعدني للغاية إخبارك بما سيتوجب عليك فعله "

أغمض ريك عيناه قبل أن ينطق بشيء من الهدوء أو ما تبقى له منه :" وأنا قلت لست بحاجة لهذا ! "

عبس آرون وهو يجيبه :" وهل فقط ستستلم ؟! لابد أن شقيقك المسكين بإنتظار أن تتحدث معه بلطف ! وأنت تخذله هكذا "

إتسعت عينا ريك من كلمة تخذله لينطق آرثر بإبتسامة هادئة :" لا أحد منا هنا يعلم ما حدث , أو كيف إنتهى الأمر بشقيقك مصاص دماء , وربما لا يحق لأي منا التدخل ولكن فقط هي نصيحة لك أنت من عليه البدأ لا هو , هو من غادر القصر وعاش مع أسرة مختلفة لذا سيحتاج أن يسمع منك أولاً أنك بحاجته أو ترغب به "

شد على قبضة يده ليتحدث ليون بهدوء :" لو كنتما من قبيلتي أو ضيوف لدي لقيدتكما بغرفة ما ومنعتكما من المغادرة حتى تتحدثا مع بعضكما البعض ! "

إبتسم ريك بخفة وهو حقا يتمنى بداخله لو يفعلها أحدهم ويبقيه مع ريكايل بغرفة ما لوحدهما حتى يتناقشان جيداً أو أن يتحدثا على الأقل قليلاً معاً .

ومن جهة ريكايل وآيزاك نطق آيزاك بهدوء :" الطاقة التي أعطيتك إياها ستجعلك ترى ذكرى ما لتوأمك متعلقة بك ما إن تلامسه ! "

قطب ريكايل حاجباه وهو يتحدث :" أيمكنك فعلها حقاً ؟"

همس آيزاك بأذنه :" أنا هجين إن كنت تذكر "

إبتسم ريكايل له بخفة شديدة وهو يشكره بإمتنان , ثوان فقط ودخل جيسي للقاعة برفقة ويل ليجلس الجميع بأماكنهم المخصصة ليبدأ جيس بالحديث :" حسناً ما حدث بالأمس يضعني أمام موقف واحد وهو مغادرتنا للقارة المجهولة اليوم , بمعنى آخر نحن علينا أن نكون هناك قبل غروب الشمس , وبعد ما إكتشفناه بالأمس لا أظن أن أي خطط سنضعها الآن ستفيدنا هناك ! فنحن لا نعلم قوة كل منهم , لذا للمرة الأخيرة ولمدة ساعة واحدة فكروا جيداً بالأمر , الذهاب ليس إلزامياً على أي واحد منكم , لا أحد سيقلل من مقدار المتراجع , فجميعنا هنا ندرك خطورة ما نواجهه "

صمت قليلاً ليحدق بوجه البقية التي غرقت بالتفكير ليردف بهدوء :" لكن على كل من يذهب أن يذكر شيء واحد فقط , لا وجود للرتب بالمهمة ! ما إن نغادر بوابة هذا القصر لن يبقى أي منا حاكم أو أمير أو خادم ! جميعنا سنصبح فقط زملاء بمهمة عسكرية , خطئ أحدنا قد يؤدي لموتنا جميعاً , وفكرة من شخص قد تنقذنا جميعاً , لذا لسنا بحاجة للعنصرية هنا فمن سيجد أنه غير قادر على التصرف مع الجميع بطريقة متساوية ليرحل رجاءاً ! أتوقع أن ألتقي بمن يريد الذهاب للمهمة بعد ساعة واحدة أمام البوابة ومن لم يظهر سيكون قد إنسحب "

نهض من مقعده لينطق :" حظ موفق للجميع "

هو غادر المكان بهدوء كما دخله معطياً للجميع فرصة للتفكير بقرارهم وإن كان الأغلب قد إتخذه بالفعل , بعد مغادرته عاد البقية للإنتشار بالقصر وأغلبهم تمركز تواجدهم بالحديقة .

وبإحدى الزوايا نظر جيفري لأميره بدقة ومن ثم نطق :" إذاً ما هو قرارك أميري ؟ "

نظر ريك له ليبتسم بصفاء :" لا بأس لن نغير أي شيء أنت ستأتي لكن عليك أن تعدني أنك لن تفعل أي شيء دون إبلاغي أولاً موافق ؟"

حدق بريك بكل دهشة فهو حقاً توقع منه أن يطلب منه المغادرة وعدم الذهاب , ضحك ريك بخفة وهو يبعثر له شعره الأسود ليردف :" لن أسلبك حقك جيفري , ومن ثم لما كل هذه الدهشة ؟! أنت صديقي صحيح ؟"

تقدم جيف منه ليضمه بقوة , بالفعل آخر ما فكر به هو أن يوافق ريك على ذهابه معه , لكنه الآن يعلم تماماً أن لا شيء بهذا العالم ولا حتى حُلمه سيجعله يتخلى عن أميره ويخونهم , لا شيء مطلقاً .

إبتسم ريك وقد قرر أنه وقبل إنطلاقهم سيجبر ريكايل على الحديث معه وسيخبره بكل ما يرغب به , فكر بما قاله ليون عن حبسهما بغرفة وهو قرر تنفيذ الأمر بطريقته الخاصة !

أخرج تلك العلبة الحمراء لينظر له جيف بشيء من التساؤل قبل أن يبتلع أميره واحدة بالفعل ليتحدث بدهشة :" مهلاً ماذا تفعل ؟ لماذا تفعل هذا ؟ أهناك من تنوي قتله ؟ أتخطط بإعدامنا جميعاً قبل أن تبدأ المهمة حتى ؟! "

تجاهله ريك وإبتسم بهدوء عندما ظهر بريق خفيف باللون الأحمر بعيناه لينطلق بسرعة مشابهة لسرعة مصاصي الدماء متتبعاً هالة توأمه حتى عثر عليه يقف بإحدى الردهات الخاصة بالقصر وهو يراجع بعض الأوراق , وفجأة شهق بفزع عندما شعر بأحدهم يثبته بقوة شديدة من الخلف بينما سقطت الأوراق منه أرضاً .

مرت لحظات صمت بينهما , ريك ليس معتاداً على التصرف بتهور أو بحماقة ! لذا ما يفعله الآن حالة إستثنائية وهو يفكر كيف عليه أن يبدأ بالحديث .

أما ريكايل فباللحظة التي لمسه به شقيقه ذهب وعيه مباشرة لذكرى لشقيقه التوأم عنه , هو رآى جسده الصغير محمول بين يدي جيسي الذي غادر برفقته وويل قاعة الإجتماعات الخاصة بمنزله !

ريك كان قد بقي يحدق بالمكان الذي كانوا به قبل لحظات والصدمة بادية على وجهه , نظر لوالده بشيء من الحقد وهو يتحدث :" لماذا هو أخذه ؟ كيف سمحت له بإيذاء أخي ؟ "

لم يجبه الحاكم بل مسح دمعة إنهمرت من عينيه ليغادر لغرفته غير عالم بحال كلا طفليه ! فالأول بدأ يخرج من صدمة ما رآه للتو والآخر له مستقبل مجهول تماماً .

ريك تراجع للخلف عدة خطوات قبل أن يجري لغرفة توأمه هو فتح بابها وأغلقه بقوة ومن ثم أقفل كل الأبواب ! باب الجناح الخارجي ومن ثم باب الغرفة ذاتها , نظر حوله وهو يذكر وجه شقيقه الخائف بالأيام السابقة , هو الآن فهم السبب جيداً لكن لماذا لم يخبره بما ينوي والدهما فعله ؟!

ومن ثم تذكر تلك الدقائق التي مرت كالعام أو أطول وشقيقه يتم تحويله لمصاص دماء و أخذه من القصر ! أهذا يعني أنه لن يراه مجدداً ؟ هل من الممكن أن يموت بسبب ذلك فهو تألم كثيراً ! ؟ الكثير من الأفكار المؤلمة تسابقت لعقل الصغير ذو الثامنة و الذي فقط ألقى بجسده على فراش توأمه وكأنه يحاول الإحتفاظ بالدفئ ورائحة شقيقه بعقله لأطول فترة ممكنة !

شعور خانق للغاية يسيطر عليه , حتى دموعه رفضت التخفيف عنه والإنهمار ! هو يشعر بأن حرارة جسده مرتفعة من الغضب ! ودقات قلبه سريعة للغاية من الألم لكنه عاجز عن التنفيس عن أي شيء , ملامح وجهه للآن لا توحي بأي شيء هي كانت فارغة من الحياة تماماً كما لو كانت إنسانيته هي من سلبت لا شقيقه , أمسك بالوسادة ودفن رأسه بها وكأنه يحاول خنق نفسه فقط .

عدة دقائق ونهض من السرير ليسير بخطوات سريعة بأرجاء الغرفة , هذا مؤلم للغاية وهو غير قادر على التعبير عن ألمه مطلقاً , ولا حتى دموعه إن ذرفها ستفعل !

حطم كل ما بها من زجاج و تحف لكنه أوقف حفلته تلك عندما إلتقطت يداه صورة له مع توأمه , هدأت أنفاسه المتضاربة لثواني قبل أن يسقط أرضاً وهو يحتضن الصورة وأخيراً تحررت دموعه لتهطل بغزارة وحرقة دون أن تجد من كان يمسحها بلطف دائماً !

فهو لتوه فقد ملاذه الآمن برحيله , ريكايل كان كذلك الشخص الذي سيلجئ إليه إن شعر بالألم والحزن لذا هو ما عاد له أي شخص يخبره بألمه بعد الآن أو يمسح دموعه الحارقة .

فتح عيناه بصدمة وهو يشعر بالدموع تداعب جفنيه , أشقيقه شعر بكل هذا  لأجله هو ؟ تألم للغاية دون أن يعرف كيف يفرغ ولو القليل من ذلك الألم ! أراد الآن إحتضانه بقوة شديدة لولا أنه عاجز عن التحرك بالفعل بسبب شقيقه الذي كان يمسك بشدة .

ثوان وإنساب إلى مسامعه صوته الهادئ و المتوتر :" آسف على هذه الطريقة لكن أنا أرغب بإخبارك بأمر ما وأنت قد تتجاهلني أو ربما لن تستمع لي حتى لذا لم أجد طريقة أفضل "

لم يجبه بحرف فريكايل لايزال متأثراً بما رآه وشعر به قبل لحظات فقط ليردف ريك بصوت هادئ تماماً وحنون لينتشله من بحر أفكاره :" أنا فقط أردتك أن تعلم أنني هنا لأجلك دائماً , بالنسبة لي على الأقل لا شيء بيننا قد تبدل , أنت مازلت شقيقي العزيز وأنا مستعد لتقديم حياتي لأجلك ريكايل , لذا أريدك أن تطلب مني المساعدة وتعتمد علي إن وقعت بمشكلة ما , أنا دائماً ما سأتواجد لأجلك لذا إعتمد علي حتى لو كنت تكرهني الآن أو ترغب بقتلي ربما , يمكنك إستغلالي أيضاً "

تجهمت ملامحه بسبب العبارة الأخيرة التي نطقها بعد أن كانت السعادة تحيط به تماماً , هو نطق بإستياء :" هل أنت .. "

صمت قليلاً ليجمع أفكاره ويتخلى عن كمية الشتائم التي تحلق بعقله حالياً , ألم يرى قلقه عليه بالأمس ؟ أو غضبه الشديد إن إقترب أحدهم منه ؟ كيف له أن يظن أنه سيرغب بإستغلاله فقط ؟

هو نطق بشيء من التوتر الذي لا يعلم مصدره :" أنا أيضاً لم أتغير حقاً , على الأقل من الداخل أنا لم أصبح شخصاً سيئاً مطلقاً ولم أتحول لوحش ما أقسم "

إبتعد ريك قليلاً وأدار جسد شقيقه له ليحتضنه بهدوء وهو يهمس :" ومن قال أن توأمي كذلك ؟ أنت وحتى لو رغبت بالإنتقام لن تكون السيء مطلقاً بل كل الحق معك أنت ! "

بتردد شديد بادله ريكايل العناق بصمت ليردف ريك بشيء من المرح النادر ظهوره :" بكل حال صغيري ريكايل كان وحشاً منذ طفولته لذا أجل لم تتغير مطلقاً "

إبتعد ريكايل عنه قليلاً ليتحدث :" أنت فظيع ! ألم تقدر ثمني بعد رحيلي ؟! "

ضحك ريك بخفة وهو يشعر بأنه وأخيراً إستعاد جزء من نفسه الضائعة , بتلك اللحظة ظهر جيسي الذي نطق بشيء من السخرية :" إذاً هل قررتما فتح جمعية لحماية حقوق الأشقاء وتركتما المهمة ؟"

تجهم ريكايل أكثر وهو يجيبه :" وأترك سيدي العزيز ينعم بالهدوء أثناء المهمة مستحيل !  أخشى أن تفتقدني "

توقف أمامهما ليتحدث :" لا تقلق يوجد الكثير من الذباب المزعج بالمهمة لذا إن غابت إثنتان لن يكون الأمر سيئاً "

عبس ريكايل وكاد يجيب لولا ظهور ويل الذي نطق بإستياء :" جيسي ! ألم ترى أنهما تصالحا للتو ؟ كيف لك أن تأتي وتفسد اللحظة !؟ هذا فظيع يا أخي ! "

رفع جيسي أحد حاجباه ليرفع يديه بإستسلام بينما يتحدث :" حسناً , كما تشاء لكن دقيقة واحدة إن لم تكونا بالأسفل سننطلق دونكما "

لم يرضي ذلك ويل الذي عبس أكثر بينما ضحك ريكايل بخفة , ريك شعر بأن كرهه لهذان الشقيقان لم يعد موجوداً بشكل كبير , ربما هو لن يتمكن من أن ينسى أنهما كانا سبباً بإبعاده عنه لكن سعادة شقيقه معهم ومعاملته بلطف تجعله يتناسى ما حدث فقط .

خرج من افكاره عندما أمسك ريكايل بيده بقوة وهو يتحدث  :" أنا بخير , وشكراً لك حقاً يا أخي "

أنهى كلماته لينطلق هو الآخر خلف جيسي و ويل قبل أن يسير ريك وإبتسامة سعيدة للغاية تزين وجهه .

وأخيراً إكتمل عدد من سيذهب للمهمة دون أن ينسحب أي واحد منهم , مغامرة جديدة هم على وشك أن يخوضوها ولا أحد منهم يدرك إن كانوا سيعودون على قيد الحياة أم لا ؟!

ومن الأعلى راقبهم سام وهم يغادرون بخطواتهم الهادئة بينما يتمنى بداخله أن يعود إبنا شقيقه بخير وسلام .

~ نهاية الفصل ~

قراءة ممتعة

توقعات للمهمة ؟

Bạn đang đọc truyện trên: AzTruyen.Top