الفصل التاسع
### قارة كلاهاريا ###
وقف ذلك الشاب بكل فخامة أمام مرآته الطويلة ، نظر لثيابه التي مزج بها خطوط من الذهب الخالص ولشعار أسرته الحاكمة المصنوع من الألماس ، عيناه العشبيتان لم تعكسا يوما ما يحتويه قلبه الذي غلفه بالظلام وحاول نسيانه ، على الأقل هذا ما كان يظنه الجميع به ، أنه تغير و أخيرا أصبح أميرا مناسبا لمملكة المتحولين ووريث عرشها !
تنفس بعمق وهو يبعد أفكاره عديمة النفع عن عقله قبل أن ينطق بصوته الذي تميز عن أفراد أسرته الحاكمة به لإنه هادئ للغاية :" آندريه تعال إلى هنا حالا ! "
هو قالها ومن ثم بدأ بتصفيف شعره بإنتظاره ، قطب حاجباه بضيق عندما إنتهى من ذلك ولم يظهر بعد ، تنهد بإنزعاج فهو أمره منذ ساعتين تقريبا أن يحضر له شيء ما من الأسفل ولم يعد بعد !
سار للأسفل وهو يشعر بغضب عارم ، تجاه كل شيء تقريبا وعيناه تكادان تطلقان الشرر .
*****
تنفس بصعوبة شديدة بينما إنهار أرضا ما إن أبعد الحارس القيود عن يديه وقدميه .
عيناه الرماديتين كانتا تحكيان عن ألم فظيع يعيشه هو دائما ولم تعكس فقط ألم هذا التعذيب الذي إضطر لتجرعه بكل ظلم ودون أن يرتكب أي ذنب !
دخلت بتلك اللحظة تلك الفتاة ذات الشعر الذهبي المصفف بعناية شديدة ، عيناها الزمريدتان حملت كم هائل من السخرية والإستحقار للملقي أرضا .
كانت ترفع فستانها الفاخر حتى لا يلامس هذه الأرضية القذرة ، نطقت بتهكم وترفع :" هل فهمت الآن مكانتك جيدا ؟ "
هو أخفض بصره لإنه ليس بحاجة لدورة تعذيب جديدة وأومئ إيجابا بينما يفكر متى هو حقا نسي مكانته بهذا المكان ؟ هو مجرد عبد قذر تم أخذه من بين أحضان أسرته وأفقدوه ذكرياته عنهم حتى لا يفتقدهم أو يحاول الهرب لهم !
هي تكره رؤية وجهه حتى ، منذ طفولتها ويوم إحضاره كعبد لشقيقها الأصغر هي لم تستلطف ملامح وجهه البريئة و الخائفة ، رأته فقط كمتشرد مقرف بالرغم من أنه لا يقل وسامة عن شقيقها وربما حتى هو أوسم منه ، لكن من سيقنع من تم تربيتها على أن العبيد مجرد دمى أنها مخطئة وتتصرف بطريقة لا إنسانية البتة !؟
سارت للخارج بعد أن ودعته بنظرة إحتقار أخرى لتسير بينما كعب حذائها يعلن عن وجودها لينحني الجميع لها فورا فمن سيجرأ على النظر فقط لها وهي من لا تهتم بالحرس و الخدم ! هي تكرههم جميعا حقا فهم ليسوا من المستوى الذي سيؤلهم للنظر لها حتى ومن يفعل سيعاقب !!
فما بالكم بالعبيد ؟ ولو أن آندريه ذاك عبد لها لما أبقت على حياته التافهة حتى .
ومن خلفها سارت من يفترض أن تكون العبدة الخاصة بها بهدوء وصمت ، إن كانت لديها أمنية تدعوا لحدوثها دائما هي موت سيدتها اللعينة ، لطالما تمنت تسميمها وقتلها لكن هي تدرك أنها لن تكون الوحيدة التي ستتضرر نتيجة ذلك ، فحكم محاولة إغتيال أحد العبيد سيده تعني الإعدام لكل العبيد بالقصر حتى لو كانوا أطفالا أو شيوخ هرمة ومن ثم يعاد تاريخهم و يقوم النبلاء بسرقة أطفال أو رجال من الأحياء الفقيرة ومسح ذاكرتهم وإستعبادهم .
وبالأعلى الأميرة تصادفت مع شقيقها الذي نظر لها بهدوء قبل أن ينطق :" ماذا كنتي تفعلين بالأسفل ؟ "
هي حدقت بعيناه بينما تنطق بهدوء شديد لتسايره فقط :" ألهو قليلا مع دميتك ! "
أغمض عيناه بهدوء فهو توقع نتيجة كهذه ، لا شيء يجعل آندريه يختفي سواها ، تحدث محاولا الحفاظ على أعصابه التالفة :" وماذا فعل هذه المرة ؟ "
هو نطق بعبارته بينما يوجه نظراته لآندريه الذي كان بالبداية يسير وهو متجهم الوجه ويتمتم بكلمات ما لنفسه إلا أنه ما إن إنتبه لوقوف سيده أمامه حتى تبدلت حاله ليسير بهدوء أكبر وأخفض بصره مباشرة بعد أن تلاقت عيناه مع عينا سيده والذي لو كان فردا آخر من هذه العائلة لتأكد من إقتلاع رأسه بسبب وقاحته .
هي عادت لصوتها ذو النبرة المدللة بينما تجيبه :" لا شيء حقا ، هو فقط يؤذي عيناي ، قم بقتله ودعنا نحضر لك واحد آخر "
هو تنهد بتعب قبل أن ينطق :" لا أنوي فعلها فهو بالفعل يعرفني جيدا إيما ، ومن الصعب إيجاد من سيفعل ذلك بسهولة "
أخرجت نظرة ساخرة نحو شقيقها لتنطق :" عزيزي أيا كانت الطباع التي تملكها فهم مجبرون على مسايرتها تماما "
تنهد بملل فهو حقا يشعر بالملل من كلامها ويريد أن تنتهي فقط ، وجه نظرته نحو من إستعبدتها ذات الشعر القصير لعنقها والعينان الحاقدتين الموجهتان نحو شقيقته !
هو ابتسم بسخرية فهذه الفتاة هي ربما المئة ومن يعلم متى ستموت كسابقاتها ، لكن يعجبه حقا جرأتها على توجيه مثل هذه النظرات لها دون الإهتمام بأي شيء .
وجه نظره لآندريه وأشار له بأن يلحقه لينفذ الأخير دون أي تأخير ، مر بجوار الأميرة بحذر وحاول فقط الإلتصاق بسيده فهو لا يريد التورط معها مطلقا ، ليس وهي تهدده بأسرته التي لا يعلم عنها أي شيء ، هو حتى غير واثق أنهم على قيد الحياة ، لكن إن كانوا كذلك فهو سيكون ممتن إن رآهم حتى لو من بعيد ، فهو بالنهاية لن يتخلى عن من هو أمامه مطلقا .
وجه نظره لسيده بينما يبعثر خصلات شعره السوداء ويبعد عنها الغبار بسبب الزنزانة ، توقف عن السير وتهجم وجهه عندما شاهد يده ملطخة بدماء ، هو نظر لصورته بإنعكاس إحدى النوافذ ليجد أنه ينزف من رأسه ، عبس أكثر وهو يفكر فقط متى ضرب على رأسه وكيف لم يشعر بألمه إلا الآن ؟
هو كاد يضحك على نفسه بذات الوقت فتصرفاته كالأطفال تماما حاليا ، على أي حال ليس وكأنه سيتمكن من إحصاء ما يؤلمه بجسده بالكامل لذا لابد أن عقله إختار تجاهل بعض الألام .
نظر سيده له عندما شعر بتوقفه وراقب تحركاته بهدوء ، هو يتسائل بداخله حقا كيف لشخص ما أن يكون مثله ؟ كيف يمكنه إبعاد التجهم عن وجهه بثانية وإستبداله بابتسامة لطيفة ؟
حتى تينا عبدة شقيقته تبدلت شخصيتها تماما بعد أن تحولت من خادمة لعبدة عندما جمعتها الصدفة ذات الحظ السيء بإيما .
لكن شخصيته لازالت كما هي منذ طفولتهما المبكرة ، حسنا ليس وكأنه لا يرى أن عيناه تذبل مع مرور عام جديد أكثر ، تلك العينان اللتين حملتا الأمل و الحماس يوما أصبحت فقط خالية من كل شيء ، حتى الابتسامة اللطيفة التي يرسمها دائما غير قادرة على إصابة عيناه الرماديتين بعدوى الإبتسام .
نفض أفكاره عندما سمع صوت أندريه المتوتر :" آسف حقا سيدي ، أنا فقط .."
قاطعه لينطق ببرود :" إذهب ، إستحم ، ضمد جراحك ، عد "
لينطلق لغرفته بينما إنحنى الآخر له ، طريقة قوله لأوامره بهذا الإختصار تعني لآندريه أنه غاضب ويطلب منه الإبتعاد قليلا عنه حتى يهدأ .
هو سار لغرفته بينما يفكر بأن هنالك جزء بسيط لا يكاد يرى من النور بحياته وهو أميره وسيده كيفين ، هو هنا منذ طفولته ولم يعاقب و لو لمرة واحدة منه ، لم يضرب ولم يحرم من الطعام أو الثياب الملائمة ، هو فقط لا يفعل ذلك مطلقا وهذا يجعله يكره أن يتسبب بالمشاكل له !
سار لغرفته وألقى نفسه على فراشه لعدة ثوان قبل أن ينهض ليستحم ويبدل ثيابه لأخرى نظيفة ويضمد جراحه النازفة وهو يدرك أنه سيغرق بظلام أفكاره تدريجيا ويفتح جروح قلبه كالعادة .
### قارة ليموريا ###
إنحنى أمام الحاكم ووريث عرشه بهدوء شديد مناقض تماما لنبضات قلبه التي باتت تزعجه ، نطق الحاكم بنبرة ساخرة :" إذا كيف حالك ليون ؟ "
لم يخفي إبتسامته الساخرة وهو يجيبه :" هل تم إستدعائي فقط لتتفقد أحوالي سمو الحاكم ؟ "
نظر له وريث العرش بذات نظرته وهو ينطق بخفة :" أنت فرد من هذه الأسرة يا أخي العزيز وكونك تركت كونك أميرا للمملكة لا يعني أنك لا تنتمي لنا ! "
ابتسم له بإستهزاء قبل أن يقف ليتحدث بملل :" إذا حقا لنتوقف عن هذه التمثيلية وأخبرني سبب إستدعائك لي الآن ! "
تنفس الحاكم بعمق وهو ينطق ربما مكرها :" هل سمعت عن المهمة الإستكشافية ؟ أنت وصديقك آلبرت و الفتاة المستجدة المدعوة بريبيكا و الجندي الذي تم تجنيده بفترة الحروب نيرو "
توسعت عيناه قبل أن يبتسم بسخرية وهو يجيب :" حسنا ماذا كنت لأتوقع منك بأي حال ؟ لكن إن أردت التخلص مني فلماذا عليك إقحام البقية ؟ لاسيما المستجدان ؟"
تنفس الأمير بعمق وهو يتحدث :" كالعادة مزعج ! بالرغم من كونهما مستجدان إلا أن قتالهما مذهل للغاية ، وأنت هو قائد الجيوش ومن الطبيعي وجودك بهذه المهمة "
عض على شفتيه بهدوء قبل أن ينهض ويغادر القصر فكلامه لا غبار عليه ولكنه فقط لا يتوقف عن الشك بكل كلماتهم .
عاد لمنزله وهو وجد آلبرت يحتسي الشاي ويجلس على الأريكة الفاخرة بينما يبدل قنوات التلفاز رفع أحد حاجباه بإستنكار لينطق :" ماذا تفعل أنت بمنزلي ؟ "
عبس وجه آلبرت وهو يتحدث بسخريته المعتادة :" أتتحدث هكذا مع صديق طفولتك ؟ أنا فقط كنت هنا لإنني ظننت أنهم سيحضرون جثتك من القصر "
جلس ليون بجواره وهو يتطلع بالسقف وهذا جعل آلبرت يتخذ طابع الجد بينما يتحدث :" تحدث ما الأمر ؟ "
تنفس ليون بعمق وهو ينطق بسخرية :" قريبا سنتحول لجثث مفقودين ! "
هو رمش بينما يحدق به ليتحدث بسخرية :" هل سنعدم ؟ "
نظر ليون له ليضحك بمرح شديد يخفي ألمه ربما خلفه :" لن يفعلها هكذا بل سيرسلنا للمهمة الإستكشافية ! "
ضحك آلبرت بقوة :" هذا فقط لقد كنت خائف من ان هناك مصيبة ، يا أحمق لقد وصلتنا بالفعل رسائل المهمة "
توسعت عينا ليون قبل دخول نيرو وهو ينطق بسخط :" بالفعل أنت تستحق عجوز مقرفة كزوجة لك ! إن مت بالمعركة لا تبكي كالحمقى ، ليون أنا لست بجندي وبالرغم من هذا لابد أن ريكايل سيكون هناك وعلي أن أتحداه وأثبت له أنني الأقوى "
هو دهش من وجود نيرو لكن دهشته إزدادت عندما ظهرت ريبيكا وهي تتحدث :" لماذا لا يوجد بذور لعباد الشمس هنا ؟ "
هو نطق بأكبر نبرة ساخرة يمتلكها :" أرجوا المعذرة لم أعلم أنني دعوتكم لمنزلي ! "
هي نطقت بسخط :" أنت لا تجيد معاملة السيدات ! "
نظر نيرو لها بسخرية وهي إنتبهت له لتغمز بعينها بينما نيرو إختبئ خلف ليون وهو يشتمها بخجل ، ليون ربت على شعره بهدوء فهو يدرك أي شخصية إنطوائية يمتلكها نيرو !.
### قارة زيلانديا ###
جلس جيس وهو يتطلع بغضب بريكايل الذي أحنى رأسه للأسفل ، عمهم المدعو بسام كان يبتسم بسخرية فهو سبب للفتى أمامه بمشكلة ما وتأكد من أن لا يحلها بالوقت المناسب والمحدد لكن الأمر جرى أفضل مما توقع !
فريكايل عندما كان يحاول حل المشكلة غفل عن الحراسة قليلا وهناك من إخترق القصر بالتأكيد هم قتلوا فورا لكن يبقى أنه أهمل واجبه تماما .
نهض جيس وهو ينطق بحده نادرة :" من أي جماعة هم ؟ "
عض على شفتيه وهو يخفض رأسه أكثر لينطق بألم :" لقد قتلهم الحرس قبل الإستجواب ! "
عض على شفتيه محاولا كتم غضبه ، هو يكره الخونة بشكل خاص وهم فقط من يتسببوا بغضبه ، نظر لريكايل الذي لم يرفع رأسه ولو لثانية واحدة ليبدد ذلك غضب جيس فهذه المرة الأولى التي يفعل ريكايل أمر أبله كهذا وهو يدرك أنه تحت ضغط شديد من قبل عمه لذا نطق ببرود حاول إخفائه بلا فائدة :" إختفي من أمامي ريكايل لبعض الوقت ، لازم ويل فقط "
هو أومئ بإنكسار شديد ليغادر ، يدرك أن سيده الآن يرغب بإقتلاع رأسه لذا أمره بالإبتعاد و الإلتصاق بويل الذي قد يقف بوجهه إن غضب أكثر لاحقا بسبب الموضوع ذاته بحال ظهرت تفاصيل أكثر .
هو عاد للعمل بعيدا عن القصر لعدة ساعات ليحقق بالتفاصيل بنفسه ووجد أنهم مجموعة صغيرة للغاية ولكنهم فقط ممن يدفع لهم ، إذا من هو المتسبب الحقيقي ؟
بنهاية اليوم كان قد وجد أن من فعل ذلك هو ابن أحد الذين قتلهم جيس قبل إثنتا عشرة عاما عندما إسترد حكمه من الخونة وهو بكل سرور قتله .
لم يخبر أحد عن ذلك مطلقا ، فهو لا يريد رؤية نظرات جيس الجافة توجه نحوه لإنها تقتله حقا وببطئ شديد !
عاد للقصر وهو مثخن بالجروح ، إستحم ومن ثم غادر بابتسامة مرحة لسيده ويل الذي فقد حقا إزعاجه مؤخرا ليتحدث بحزن مصطنع مقلدا أسلوبه عادة :" هل سيدي لم يعد يهتم بي الآن ؟ "
نظر ويل له بحاجبان معقودان وهو يتحدث :" ولماذا لن أفعل ؟ هل أنت بخير ريكايل ؟ "
رمش ريكايل عدة مرات وهو ينطق بحيرة :" ما شأن سؤالك بكوني بخير أم لا ؟ "
عبس ويل ليتحدث :" رائحة دمائك ظاهرة هل حدث لك أي مكروه ؟ "
هو أراد أن يجيبه بكل مرح لولا هالة جيس المرعبة والذي كان عمه يسير خلفه وهو يتحدث بسخط :" أحقا ينوون العودة للهجوم ؟ ليس وكأن الإبن سيكون أقوى من والده !! لنحطمه معا "
تراجع ريكايل عدة خطوات متوترة وهو يتسائل عن مصيره إن علم أنه قتله بالفعل !
شعر جيس بتوتره ليتوقف عن السير لثوان قبل أن يكمل طريقه ومئات من الأفكار تدور بعقله .
نظر ويل له بإستغراب ليراه شارد وهناك نظرة متألمة بعيناه لم يعتدها منه لينطق :" هل أغضبته ؟ "
ابتسم ريكايل على الفور لينطق بمرح :" أغضبته فقط ؟ هالته فقط توحي بأنه يستعد لقتلي بكل برود وتقطيعي لأشلاء قبل تحويل جثتي لرماد ومن ثم إلقاء الرماد بالقمامة ! "
ويل حقا شخص عفوي أغلب الوقت ولا يفكر بباطن الشخص مطلقا ، هو لا يجيد فن التمثيل كثيرا لذا لا يتوقع أن أحدهم قد يكون شبه محطم تماما بينما يتحدث بابتسامة كما يفعل صديقه الخادم الآن !
لذا نطق دون الإنتباه لكلماته بابتسامة :" إذا وداعا لقد كنت شخصا جيدا بالفعل ! "
عبس ريكايل بقوة وهو يجيبه بمرح مصطنع للغاية :" ألن تدافع عني حتى ؟ "
هو رفع كتفيه بلا إهتمام ونطق بينما يرى شقيقه يعود بمرح :" وأغضب شقيقي لأجلك لا بالتأكيد ! "
أجفل ريكايل من رده بقوة ، من حسن حظه ربما أن ويل كان قد تجاوزه للأمام حتى لا يرى تلك الدموع التي غزت وجهه فجأة .
جيس حدق بظهر ريكايل الذي مسح دموعه بحركة سريعة وأخذ نفسا عميقا ليستدير وهو يتحدث بابتسامة حاول جعلها مرحة كنبرة صوته :" حسنا فهمت ، لن تهتما إن مت حتى صحيح ؟ يا لها من قسوة حقيقية أنتما فقط لا تقدران كوني شخص مذهل ! "
هو أنهى جملته ليغادر لغرفته ، من قال أن المزاح لا يقتل أو يجرح ؟ ومن قال بأن الكلمات التي تقال أثنائه كاذبة ؟ ويل حقا آلم ريكايل بكلماته بينما الأخير نطق بما يشعر به كمزحة فقط !
مجرد مزحة تمزقه من الداخل ، ألقى بجسده على فراشه ليبكي ، هو يفكر لو أن أحدهم قتله حقا لما أهتم به أحد أو حزن لأجله حقا !
هو ليس بشيء مميز للآخرين ويمكنهم تخطي موته ورحيله بسهولة شديدة ، لكن لماذا ؟
فقط لماذا لا أحد يهتم به بطريقة مميزة ؟ لماذا هو دائما أسهل من يتم إختياره للتضحية به ؟
هو لو تم إختيار ريك ليتحول لمصاص دماء وان يأخذوه لتوسل لهم أن يأخذوه بدلا عنه ! وربما كان ليحاول إبعادهم بالقوة عنه حتى لو قتل .
ويل و جيس أصبحا كأسرة له و مكانتهما لديه شديدة للغاية ، يجرحه بقوة أي نظرة تشير أنه مجرد متطفل منهما ، يكره عمهما سام لإنه يحرضهما عليه ويجعلهما يغضبان منه دائما وهو يموت فقط من الألم ، يكره شعور الوحدة الذي يستوطن أعماق قلبه ، كونه فقط لا ينتمي لجماعة معينة .
وبالردهة نظر جيس لشقيقه بعتاب ليتحدث بهدوء :" ويل أتذكر ما قلته لي عندما طلبت أن أحضر ريكايل لك ؟ "
قالها وأنخفض ليحمل قطته الأليفة السوداء التي حدقت بويل هي الأخرى ، نظر ويل له وهو يتحدث :" وعدتك بأن أعتني به جيدا ، وهو بخير صحيح ؟ "
شعر جيس بالخيبة لينطق :" هو ليس حيوان أليف ويل ! ليس بحاجة لعناية جسدية فقط يا أخي "
نطق سام بإستهزاء :" هو فقط وعاء طعام وأنا للآن لا أصدق أنك عاقبت ويل لأجله ! "
تنهد جيس وهو ينظر لعمه بحده شديدة بينما ينطق :" أولا أنا ألتزم بوعودي وواجباتي وهذا الفتى جزء منها ! ثانيا لا تتحدث وكأنك لست سبب ما حصل عمي العزيز له وثالثا ليس لأجله فقط "
نطق سام بإستياء :" لا تتحدث مع عمك بهذه اللهجة جيس ولا ترمقني وكأني عدو لأجله ! "
تنهد جيس بتعب ونظر لشقيقه الذي شهق فجأة وبدا أنه الآن فقط تدارك حجم كلماته التي أخرجها كالعادة دون تفكير وركض لغرفة ريكايل مسرعا بندم شديد كالعادة .
هو دخل ليمسح على شعره بخفة ، شعر بأنه نائم لذا إستلقى بجواره وهو ينطق بندم شديد :" لم أقصد كنت أمزح فقط ، تعلم أنني لن أسمح لجيس بإيذائك مطلقا بسبب فشل أو كذبة ما صحيح ؟ أنت صديقي العزيز ريكايل "
هو أنهى جملته ليحتضنه ويقرر النوم بقربه حتى يعتذر له ما إن يستيقظ دون أن يدرك أن ريكايل سمع كل حرف من كلماته وابتسم بهدوء قبل أن ينام حقا .
### قارة أوقيانوسيا ###
إرتجفت يده وهو ينظر لتلك الورقة بيده ! هو ومنذ الصباح تقريباً يشعر بألم بقلبه , لطالما كان يفسر الأمر بأن شقيقه يتألم لذا هو يشعر به لكن فقط الآن وبعد معرفته أنه ميت هو لم يعد يعلم السبب !
كز على أسنانه فهو حقاً لم يعد يرغب بالمزيد وإلا إنفجر بوجه الجميع مرة أخرى وبطريقة أسوء حتى , كيف لهم أن يضعون إسم شقيقته ضمن هذه الرحلة ؟
أهم مجانين أم ماذا ؟ أم أن والده فقط برغب بالتخلص منهم الثلاثة بوقت واحد ؟ تخلص من ريكايل والآن من كلير وهو ربما لو لم يجبره على وضع إسمه بالمهمة لقتله نفسياً تماماً وكأنه ليس كذلك الآن .
عيناه أصبحتا داكنتان أكثر و أكثر بينما نطق جيف بكل هدوء :" أنا وأنت سنكون معها صحيح ؟ "
تجهم وجه ريك أكثر لينطق بسخرية :" كن أكثر واقعية جيف أتظن حقاً أننا قادران على حماية أنفسنا ؟ "
نظر له جيف بغموض , هو فقط لم يرد أن يكون أميره معه فهناك ما كان ينوي فعله بل إنه حتى رغب بالإنسحاب للأبد من المملكة بحجة أنه مفقود , بالرغم من أنه يدرك أن أميره سيصاب بصدمة حينها وقد يشعر بالندم , لكن هو فقط فكر بأنانية بذلك الوقت , وتلك الأنانية تبخرت تماماً عندما شاهد ردة فعله أميره وصديقه , هو تسائل بنفسه كيف أمكنه التفكير فقط بالتخلي عنه بعد كل ما يحدث ؟!
والأسوء هو خائف من نفسه للغاية , ماذا لو فعلها لاحقاً بالمهمة وتركه ؟! أهذا سيعتبر خيانة ما ؟ مخطئ من يظن أن جيف غير منطقي وهذا ما يجعله قلق للغاية من هذه المهمة المصيرية والتي لا يعلم حقا إن كان سيبدل ولائه بها أم لا !
نظرت كلير لشقيقها وهي تنطق بتوتر :" لكنني أفضل الموت إن كنت لن تضمن لي عودتك على قيد الحياة ! "
هي أردفت بألم وخوف :" لا أتخيل حياتي من دونك شقيقي حقاً "
رمقها بسخط وهو ينطق :" إعتبري أنني مت كما فعلتي لتوأمي أو أنني تحولت لجنس آخر ! "
هو قالها بقسوة لم يقصدها حقاً ورحل تاركاً إياها بصدمة شديدة , هي كادت تبكي ليتقدم جيف منها ويضمها بخفة وهو يتحدث :" لا تقلقي سمو الأميرة هو فقط قلق بشأنك وللغاية , تعلمين أنه يحبك بشدة وهو فقد الكثير بالفعل "
نظرت له لتتحدث بين دموعها :" أهو يحقد علي بسبب موقفي من ريكايل ؟ أنا كنت طفلة فقط وظننته مات حقاً وحزنت للغاية ! أنا أذكر أنه كان لطيف جداً ويلبي الكثير من طلباتي لكن بعد أن علمت أنه تحول حزنت لأجله وبالرغم من هذا لا أريد رؤيته ! بصدق لا أريد تغيير فكرتي عن كونه إنسان لطيف ورحيم للغاية , لا أريد أن أشعر بخيبة أمل كبيرة عندما أراه فقط ينظر لنا ببرود أو بحقد شديد , أتفهم ؟ لن أتقبل فكرة أن شقيقي تحول لوحش فقط ! "
نظر لها جيف بحزن فهي محقة بطريقة ما , وهو لا يعلم إن كان عليه أن يلوم الحاكم على قراره أيضا , فلو لم يفعل لإنهارت المملكة بالكامل فهم لن ينجحوا بالنجاة بمفردهم أبداً أمام الممالك الآخرى ! .
### نوفوبانجيا ###
وقف بالردهة وهو يستمع لصوت صراخ والده الذي نطق بكل غضب وحده :" ماذا تعني بذلك أيها اللعين ؟ بالبداية بعض التجار يختطفون العبيد والآن يتاجرون بالمخدرات و غيرها من الممنوعات ؟! أطرد جميع التجار ووظف غيرهم حالا أتفهم ذلك ؟!!!"
ابتسم زاك بمكر وهو ينطق بهمس :" إفعل ما يحلو لك أبي العزيز لكن سمعتك ستسقط تماما كأوراق الشجر بالخريف ! "
هو رمش وأبعد ملامح وجهه الماكرة ليستبدلها بأخرى قلقة وهو ينطق بعد أن فتح الباب :" هل حقاً ما سمعته صحيح ؟ أتعلم يوجد الكثير من الطرق التي ستساعدك على مراقبة عمالك بطريقة أفضل ! "
هو أمسك بوالده وساعده على الجلوس بينما يخبره بالقليل من الطرق التي سيستطيع بها السيطرة على التجار الفظييعين والذين ينوون هدم أسرة مارش !
هو لم ينتبه لنظرات شقيقه التي تتابعه بألم , آيزاك يتمنى لو أنه قادر فقط على ردعه , هو لا يريد من شقيقه أن يستمر بطريق كهذه لإنه يدرك تماما أن والده لن يرحمه إن كشف الأمر مطلقا , هو فقط سيجعله يتمنى الموت دون الحصول عليه أبداً .
شعر بيد نيو على كتفه وهو يحدق بزاك بتمعن قبل أن ينطق :" عليك إيقافه ولو بالقوة آيزاك ! هو الآن وضع المخدرات فقط مع التجار وطرد ما يقارب ألف تاجر من عمله بسببه ! ومن يعلم ما قد يفعله بعدها ؟ ماذا لو تسبب بقتل أحدهم ؟ "
قوس آيزاك شفتيه للأسفل فهو لم ولن يفكر بأن شقيقه قادر على إيذاء أي إنسان مطلقا , حتى لو أنه الآن لا يعلم تماماً بعد عن شخصية توأمه الجديدة أي شيء , لكنه يرغب بالتدخل وفقط لأجله هو , لحمايته هو وليس لأي سبب آخر .
تنهد نيو بتعب لينطق :" بصدق علي الذهاب الآن لذا أتوسل لك آيزاك كن بخير وتأكد من أفعاله ! وأيضاً كل شخص يحاسب على خطأه مفهوم ؟"
ابتسم له آيزاك بسخرية وهو قد فهم مقصده من ذلك حقاً , لكن أيظن أنه سيسمح لوالده بعقاب زاك دون أن يتدخل حقاً ؟ هذا فقط سيعد ضربا من الخيال إن لم ينقذه هو سيكون معه وبجواره ليشاركه الألم أو يتلقاه وحده حتى !
ابتسم نيو بهدوء وهو يعلم أن صديقه لن يفعل ذلك مطلقا , لذا قرر الرحيل لكنه توقف فجأة لينطق :" صحيح آيزاك هل تعلم أن إيكاري تم قبوله بالجيش ؟"
نظر له آيزاك بعينان متسعة ليتحدث بصدمة :" لكن متى هو قدم لهم طلب إنضمام أساساً ؟"
حرك نيو كتفيه كدلالة على عدم معرفته وهو يجيبه :" لا أعلم حقاً لقد دهشت مثلك تماماً , عندما نراه معاً لنقم بقرص أذنيه ليستشيرنا أولا وبعدها نحتفل به ! "
ضحك آيزاك بخفة شديدة وهو يومئ إيجاباً ليغادر نيو الغرفة .
~ نهاية الفصل ~
أتمنى أن يعجبكم ..
أراء وتوقعات للمستقبل ؟؟
Bạn đang đọc truyện trên: AzTruyen.Top