الفصل الأربعين

توقفت خطوات الأربعة أمام ذاك البناء الضخم الذي اعترض طريقهم فجأة اليوم هو الثالث من بداية الأسبوع الثالث ، هم تمكنوا من تجاوز الأيام الماضية بالكاد فهجوم تلك الكائنات يزداد و الآن هذا !

لم يكن ما أمامهم نوع مألوف من الأبنية حتى ، بل هو بدى لهم على شكل مقلوب ضخم للغاية ، المريب ليس المبنى فقط بل إن الطريق الذي يسيرون به ينتهي هنا و يمكنهم رؤية طريق ثلجي خلفه ، أي هم أمام الحاجز الذي لا يُمكنهم عبوره بحسب تجربتهم بالأسبوع الأول .

الهالة و التي كانت تنبعث من ذاك الهرم كانت و بكل وضوح تُظهر مدى صعوبة تجاوزه ، لذا نطق نيو أولاً بنوع من الهدوء و التفكير :" لا أرى أن فكرة الدخول أمر جيد ! ربما يمكننا العودة ببساطة للخلف بإنتظار انتهاء هذا الأسبوع "

قطبت ريبيكا حاجبيها سريعاً و هي تنطق بنوع من الاعتراض :" مهلاً أأنت جاد ؟ يفترض بنا البحث عن معلومات أكثر بهذه القارة فنحن بالأسبوع الثالث و ما نملكه من معلومات يزيد عدد الأسئلة و لا يُنقصها ! "

هو وجه حدقتيه الخضراوتين إليها ، ليس مُعترضاً حقاً على ما تقوله بل فكر بهذا بالفعل لكن لديه حدس ما يُطالبه بعدم التسرع .

نيرو عيناه الصفراوتين حدقتا بذاك البناء الضخم و قد تمتم بصوت مسموع :" أهلاً بكم بمكاني المتواضع هنا حيث لن يُسمح لكم بالفرار ، مُسابقة هي ما ستجدونه تضعون بها أرواحكم على المحك ! "

هو آمال رأسه يحاول تتبع تلك الكلمات التي بدأت بالتآكل تدريجياً بينما وجه آرثر بصره لحيث كان نيرو يقرأ بحذر ، تلك الكلمات غير مُبشرة بحق ، بل هي لا تدل على خير مُطلقاً فإن صح توقعه هم بالفعل باتوا مُحاصرين بالفخ !.

نيو و الذي طرأت هذه الفكرة برأسه أيضاً تحرك سريعاً للخلف للتأكد منها لكنه ما إن كاد يبتعد حتى تآكلت المنطقة أمامه لتختفي و تندثر يحل مكانها حفرة سوداء عميقة تُثير الرعب .

هو تراجع للخلف حيث اتسعت أعين من معه أيضاً ليتحدث بنبرة شبه ساخرة :" يبدوا أننا بالنهاية لا يمكننا رفض الدعوة ."

هو تبادل نظرات سريعة مع آرثر الذي كان يُشاركه ذات مخاوفه ، خلال رحلتهم هذه علاقته بهذا الشاب الساحر أصبحت أكثر قوة ، كلاهما عمل معاً على إيجاد حلول ما ، و أحياناً كان هو يفكر و آرثر ينفذ او يكون المفتاح الرئيسي للنجاح .

ريبيكا و نيرو قوتهما على عكس ما توقعه لم تكن ضعيفة و هو ذكر نفسه بأن نائب قائد الجيوش لديهم أكبر عابث بالتاريخ و مع هذا بحق قوته لا يُستهان بها بما أنه سبق و تعامل معه بمهام سابقة !

تنفس بعمق لينطق نيو أولاً :" تعلمون أن ما سنجده على الأغلب ليس بالأمر الجيد ، الهالة المُنبعثة من هنا أسوء مما واجهنا للآن لذا لا نريد العبث بالأرجاء أهذا مفهوم ؟ "

حرك نيرو كتفيه بلا أدنى إهتمام دون أن ينطق بحرف ، ليس و كأنه ممن يحب العبث أو أجواء هذه المُهمة بشكل عام !

ريبيكا نطقت سريعاً بنوع من المرح :" بالطبع سيدي الوسيم فقط لنأمل أن لا يتواجد أشخاص أكثر وسامة منكم بالداخل "

تنفس بعمق يسير مُتجاهلاً إياها فهو ليس ممن سيعبث بالأرجاء أو ممن يساير تصرفات شخص آخر بأوقات جادة كهذه !

و ريبيكا نفخت وجنتيها قليلاً بينما تهتف :" يا لها من وقاحة ! هل هناك الكثير من الجان مثلك و آيزاك ؟ لا يجيدون التعامل مع الفتيات حتى ! "

ابتسم آرثر بخفة و هو يذكر أول أسبوع حيث كان آيزاك يُحاول إبعادها عنه و عن توأمه !

و نيو أيضاً وجه نظرة سريعة لها و ما إن عاد للنظر للأمام ابتسم بعفوية مُفكراً بأنه ليس من الغريب أن يمتلك القليل من عادات رفيقه الذي قضى طفولته بأكملها معه .

نيرو سار يتقدمهم بملل فهو لن يقضي الوقت بالاستماع لحديث دائر بين عجزة ! أو على الأقل حديث من جهة واحدة حيث ريبيكا هي فقط من يتحدث و يتم تجاهلها .

أولى خطواته التي تجاوزت بوابة ذاك الهرم تجمدت و قد اتسعت عيناه ذات اللون الأصفر بينما صدرت شهقة مُتألمة من بين شفتيه و جسده بالكاد كان واقفاً بفعل ضغط شديد يشعر بأنه يكاد يحطم عظامه بالكامل .

حدق الثلاثة به بنوع من الدهشة فهالة نيرو تتغير ؟ لذا أسرع جميعهم بهدف إبعاده عن ذاك المكان و الابتعاد ربما ؟!

لكن ما إن باتوا بجواره حتى حدث لهم ذات الأمر و صوت ما ظهر من العدم ينطق بنبرة عميقة :" ها أنتم ذا هُنا حيث لا أهمية للزمان ! أهلاً بكم أيها هنا بأدنى وجود لكم "

و هذا كان آخر ما سمعه أي من الأربعة قبل أن يغيب وعيهم عن الوجود .

*****

نطق بنوع من الحماس :" لا أهمية للزمان ! "

أكمل كولين سريعاً عن رفيقه :" بل الجملة الأخيرة هي المُثيرة بحق كلاي ! لما لم نفكر من قبل بفعل أمر كهذا لهم من البداية ؟ "

أتاه صوت شقيقته مُجيباً على سؤاله بهدوء :" لإنه لو حدث ذلك لكان الواحد و العشرين شخصاً قد قتلوا منذ لحظة دخولهم القارة ! حينها كانت المفاوضات ستفشل قبل أن تبدأ حتى "

أطرق ثلاثتهم بعد ذلك بأفكار أخرى مختلفة لكن مضمونها واحد ، ما هو مصيرهم حقاً ؟! لما هم يقاتلون حتى ؟

لا يوجد ما يضمن لهم أي شيء ، تلك المُصيبة التي ظهرت لهم من العدم أيمكنهم حل الأمر بطريقة تضمن عدم جرح أي منهم ؟ أن لا يخون بعضهم بعضاً و هم من كبروا معاً ؟!

الحياة و منذ طفولتهم أهدت لكل منهم عدة صفعات قوية ، لكن شيء واحد كان ذا قيمة و هي أنها جمعتهم معاً ، وحدتهم بفعل الظروف المُشابهة لكل منهم ، إذاً أكانت هذه مجرد سعادة وهمية ؟

هل سيأتي يوم يضطرون به لتحطيمها بأيديهم الخاصة ؟ لكن إن فعلوا ذلك لن تكون صورة هذه الأسرة فقط ما سيتحطم بل شيء ما بقلوبهم و أرواحهم سيختفي ليُحيل ما تبقى منهم جليداً بارداً لا دفء بطياته .

*****

~ اليوم الرابع ~

شهقة قوية صدرت منه و هو ينهض مُنتفضاً يحدق حوله بنوع من الهلع ؟!

أخذ عدة لحظات ليُدرك أن سبب إستيقاظه بتلك الطريقة هي المياه التي تتساقط من الأعلى ، هو ابتعد أولاً عن مصدر تلك المياه حيث كان أسفلها ثم رفع رأسه للأعلى ما إن نفض جسده و عدل على نظاراته ، هناك أمر خاطئ بلا ريب ، أولاً و بحسب ما يذكره هو و البقية لم يدخلوا للهرم بل وقفوا بالكاد عند البوابة ، ثم شعر بألم شديد و كأن شيء ما يُنتزع منه ! .

و للحق الألم لا يزال يفتك بجسده ، و الأسئلة التي تغزو عقله لا تساعده ، هم على ما يبدوا بغرفة ما مُظلمة ، بداخل الهرم على الأغلب فتلك الجدران ليست عادية .

قطب حاجبيه سريعاً يُعيد تأمله للمكان من حوله ليلمح رفاقه الثلاثة بذات الغرفة ، هو حدق سريعاً بالكريستالات الخاصة بهم ، هي غير مُتشققة أو مكسورة إذاً لما لا يشعر بطاقة أي منهم ؟

هو أسرع بخطواته باتجاه آرثر بينما يفكر بداخله جسده لما لم يُشفى بعد من الألم الذي تعرض له ؟! أياً كان يفترض أن يهدأ الألم !

انحنى بصعوبة يضع يده على رأسه آرثر بينما ينطق :" آرثر هل أنت بخير ؟ أيمكنك النهوض ؟ "

هو أخذ نظرة للمياه التي بدأت تصل الى هنا و للتو فقط انتبه أن الأنبوب الضخم ذو الفُتحة الصغيرة و الذي كان هو فاقداً للوعي أسفله لازال يضخ المياه للغرفة !

كما أنه لاحظ تواً أن الغرفة مُغلقة بالكامل ، كز على أسنانه لسببين الأول هو أنهم وقعوا بمشكلة عليهم حلها سريعاً و الثاني هو أنه بات شبه واثق بما كانت آخر جملة نطقها ذاك الصوت تعنيه .

فتح آرثر عيناه بفعل يد نيو و أول ما فعله هو رفع إحدى يديه يضعها على رأسه يضغط عليه بقوة علّ الصُداع الذي يسيطر عليه يختفي ، حرك جسده ليجلس ناظراً للمكان من حوله بنوع من الألم ، هو نطق بينما يحدق بنيو :" ماذا يحدث هنا ؟ و لماذا هناك مياه تتساقط ؟ "

نهض نيو من جواره يذهب لأصغرهم سناً خاصة عندما شاهد أن ريبيكا بدأت تصحو بفعل المياه التي وصلتها بالفعل :" وقعنا بالفخ بل أكثر من واحد ! "

قطب آرثر حاجبيه بينما يحاول الوقوف فجسده محطم و حقاً لم يعي مما قاله نيو سوى كلمة ' فخ '

ثوان إضافية و كانت ريبيكا جالسة تمتم بحقد بسبب افساد شعرها و ثيابها بالماء تشتم السبب بذلك بينما نيرو وقف يردد بحنق :" تباً لكل من ساهم بإيجاد مكان تعيس كهذا ! أتمنى حقاً أن تختفي هذه القارة بكل من عليها "

نظرت ريبيكا إليه تتحدث بصدمة مُصطنعة وهي تقف :" مذهل أُمنية منطقية للمرة الأولى "

وجه أصغرهم لها نظرة حانقة بينما نطق نيو بجد :" هذا كافٍ ألا يمكنكم لكما التركيز !؟ ألم تلاحظوا أمر مختلف بأجسادكم ؟ "

نظر الجميع إليه أولاً ثم بدأ كل منهم يتفقد جسده بحيرة ، لم يمضي عدة ثوان حتى شهق آرثر بصدمة :" لا يمكنني الشعور بأي هالة لا منكم و لا من المكان "

أكملت ريبيكا بتوتر :" دقة رؤيتي منخفضة و أنا ظننت أنه بسبب استيقاظي او أن المياه قد دخلت بهما ! "

نيرو نطق و عيناه تتسع بكل ثانية أكثر :" ليس دقة النظر أو الهالات فقط فجسدي لازال يؤلمني ! لم
أشفى بعد من ذلك الضغط ، هل نحن بطريقة ما أصبحنا كالبشر ؟ "

كرر نيو العبارة الأخيرة بضيق التي سمعها جميعاً قبل فقدهم الوعي :" أهلاً بكم بأدنى وجود ! البشر هم الأقصر عمراً و الأقل قوة ! "

أكملت ريبيكا بسخرية :" و الأسهل من حيث قتلهم ! اصابة بسيطة فقط و يصبحون بالعالم الآخر "

تنفس الأربعة بعمق بمحاولة منهم لاستيعاب كل ذلك إلا أن ذات الصوت المشؤوم بالنسبة لهم نطق بضحكة بدت و كأنها سخرية منهم :" يا له من مستوى رفيع ! لقد نجحتم باكتشاف الأمر قبل بدأ اللعبة ! "

هو صمت لكنه ما لبث عدة ثوان حتى نطق بنبرة بان بها التهكم :" أوه ، مهلاً أرجوا المعذرة لقد بدأت اللعبة و أنتم لا تعلمون قيمة المعلومات التي تفقدونها بكل ثانية تمضي لذا من الأفضل لكم معرفتها لتفتح البوابة التالية ! "

أنهى نطق عبارته ليتحدث نيو سريعاً :" عن أي لعبة تتحدث ؟ "

عض على شفتيه بقوة فلم يكن هناك رد من أحد ! آرثر وضع يده على كتفه ينطق بنوع من الهدوء :" علينا أن نحاول البحث للخروج من هنا "

صوت ريبيكا كان مُطرب نوعاً ما و هي تهتف :" رفاق ! هناك صنبور آخر بدأ بالعمل و هو أقوى من الأول ، أظن بأنه ينوي إغراقنا ! "

شد قبضة يده بجد و قد احتدت ملامحه :" إذاً لنتوقف عن إضاعة الوقت لينطلق كل منا للبحث عن خيط ما بالأرجاء ! "

سارع الثلاثة و هو برفقتهم للعمل سريعاً يبحثون بكل زاويا المكان عن أي شيء قد يساعدهم لإيقاف تدفق المياه ، نيرو كان يتذمر بشدة خلال البحث ، ليس و كأنه مُعتاد على هذا الجسد عديم الفائدة !

هو كان يفكر بكيف يمكن للبشر حقاً أن ينجحوا بالنجاة بينهم و هم هكذا ؟! لا يمكنه الرؤية بوضوح ، لا يمتلك سرعة جيدة و هذا يتطلب منه أن يركز أكثر و يستهلك المزيد من الوقت و الذي صادف أنهم لا يمتلكونه .

آرثر اتجه يبحث على الأرضية أولاً فإن غُمرت بالمياه قد يفقدون ما عليها من معلومات إن تواجدت ! لكن أهذا سهل حقاً ؟! هل يمكنهم فعل ذلك ؟ الغرفة حقاً كبيرة و بشدة ! و هم بمثل هذه الأجساد التي ما اعتادوا عليها أيمكنهم النجاح ؟! لم يخض قط بكل حياته موقف كهذا !

مع ذلك لا يمكنه التوقف و الاستسلام هنا ، هو عليه العودة دائما لأجل آرون ، يؤمن بكم أن رحيله سيؤذي أُسرته الوحيدة التي بقيت له على قيد الحياة ، صحيح أنه ما استقال من عمله بالجيش لكنه زاد من قوته دائماً و بذل الكثير ليعود دائماً بخير لئلا يترك تلك اليد التي تشبثت به بقوة شديدة يوماً ما .

لا يريد أن يكون هو من يبعدها و بأقسى صورة بالنسبة للآخر و إن كان تقرير موضوع الموت و الحياة للحق ليس مُلكاً له ! ، تنفس بعمق ينفض أفكاره ليركز على ما يفعله فالأمر بحق صعب .

نيو أخذ الجانب الأيمن أولاً يدقق بالحائط لعله يجد ما يُريده به ، هو غير واثق بما يبحثون عنه حتى ! أهي كلمات ؟ أداة ما ؟ أم باب سري ؟ هناك المئات من الخيارات و هم عليهم إيجاد ما يقودهم للنجاة .

ريبيكا كانت صامتة تماماً ، نظراتها لم تكن كما العادة عابثة بل بدت أشبه بحاقدة ؟! ترغب الآن حقاً بقلب القارة بالكامل أو تفجيرها دون الإهتمام ، لما غرفة مليئة بالمياه دون غيرها ؟

المئات من اساليب التعذيب و القتل هي كانت مُستعدة لتحملها لكن المياه قطعاً ما كان من ضمنها ، هي هتفت بحقد شديد عندما شعرت بأنها مُتعبة بحق :" ما بال هؤلاء المسوخ !؟ هي أنتم يا حمقى أظن انكم تراقبون ما يحدث بطريقة ما صحيح ؟ "

حدقت بالأرجاء تبحث و هي تردف :" حتى لو كنتم أكثر الأشخاص وسامة بالعالم سأكرهكم للأبد أهذا مفهوم أيها المُختلين !؟ "

نيو حدق بها بنوع من الحيرة فهل هو وقت هذا الهراء الآن ؟ و آرثر ابتسم بخفة قبل أن يعود للبحث و قطعاً مهمته باتت أصعب فالماء حقاً قد غمر الأرضية لاسيما بفتح صنبور ثالث !

نيرو نطق بسخرية دون ابعاد عيناه عن نقطة محددة امامه :" أجل بالطبع ! ليس و كأن أي منهم سينظرون لك بود أساساً ! ستقتلين نفسك حينها بمفردك إن كانوا أكثر وسامة مما تتخيلين "

رفعت أحد حاجبيها بينما فرقت شفتيها لتُجيب لكن فقط لعدة ثوان حتى حركت كتفيها بلا إهتمام لتنطق بموافقة ! ليتبع ذلك ضحكة هادئة صدرت من آرثر بينما ضرب نيو جبهته بخفة فهذا حقاً آخر ما ينقصه !

نيرو نطق بعدها مُتجاهلاً الموقف ككل :" أنت سيد ذكي تعال و انظر لهذه ! هي ارقام ما تبدوا كما لو كانت مسألة حسابية "

و هنا كان دور نيو ليتجاهل ذاك اللقب الذي أُطلق عليه تواً ينطلق و من معه إليه !

ريبيكا ما اهتمت حقاً برؤية تلك الأرقام بل ضربت نيرو على ظهره بقوة و هي تنطق :" أحسنت صنعاً ، كم هذا متوقع من وسيم مثلك "

و هو نظر لها بشراسة يهتف :" لا تقومي بالاقتراب مني ! أتمنى أن يصادفك رجل عجوز يخطفك بلا عودة لإنه يحبك "

قوست شفتيها للأسفل قبل أن تُجيبه :" يا لها من أمنية فظيعة ! لكن أميري الوسيم سيأتي لإنقاذي بالتأكيد ! "

هي نطقت عبارتها تلك بنوع من الدرامية ليقطب نيرو حاجبيه بسخرية شديدة و ما إن كاد ينطق حتى أتاه صوت نيو :" عودوا للبحث ! هذه جزء من معادلة ما ! أنظروا هي مُرقمة و على ما يبدوا هي الجزء الرابع و الأخير لذا علينا العثور على الثلاثة التي قبلها مع تأكد حفظ ارقامها بحال حدث ما يُفقدنا قدرة الوصول لها "

و هنا ابتلعت ريبيكا رمقها و عادت للبحث بينما وصل منسوب المياه لأقدامهم بالفعل !

عدة ساعات مضت بالفعل و كل ما تمكنوا من العثور عليه هو مُعادلتين فقط ، الأخيرة و الثانية فحسب !.

المياه تجاوزت خصرهم بالفعل بل للحق هم ما عادوا قادرين على إيصال أقدامهم للأرض ، آرثر كان قد غطس للأسفل يبحث عن المعادلة الثالثة و التي شكوك الجميع اتجهت أنها محفورة بمكان ما على الأرضية !

فالأولى كانت على الجدار الأيمن و الثانية على الأيسر ، لذا بعد تفكير تمكنوا من تخمين كلا الأرقام المتبقية بالأسفل و الأعلى .

لا يعلم أي منهم كيف يمكنهم الوصول للأعلى أو ربما يفعلون و يتجاهلون و لو حالياً التفكير بهذا ، لذا هم الثلاثة يتناوب كل منهم للغطس فور عودة أحدهم من الأسفل بعد انسحاب ريبيكا من تقديمها خدمة كهذه ، فهي كادت تغرق حرفيا بأول مرة غطست بها !

لم يمضي الكثير من الوقت حتى ظهر آرثر يتنفس بقوة بينما أعاد جسده للحائط يستند عليه بتعب شديد هو احتاج دقيقة ربما قبل أن يتحدث :" وجدته ! "

أخذ نفساً آخر بعدها يخبرهم بما عثر عليه ، نيو حفظ ذلك بسرعة فهم الآن حصلوا على المقطع الأول و لم يتبقى سوى الثاني لينطق نيرو بسؤال ما رغب أحد بطرحه :" إذاً ماذا الآن ؟ "

أغمض آرثر عيناه بخفة و هو يجيب بهدوء :" ننتظر حتى يرتفع منسوب الماء للأعلى ! هذا ما أمامنا فقط و بأي حال أظن هذه الأجساد بحاجة للراحة "

تنفس نيو بعمق فهو محق ! أجسادهم منهكة بحق و فقط بات يثق أن البشر ربما لديهم من الصبر ما لم يمتلكه أي منهم ، عاشوا بينهم و نجوا و صنعوا لنفسهم مكانة و هم بهذا الضعف !

ريبيكا بدى عليها الضيق و شيء من الشحوب ليتحدث نيرو مُجدداً :" إذا أنتي خائفة حقاً ؟ "

هي أجابته سريعاً :" لا ، لكن إن انتظرنا ارتفاع منسوب المياه ثم لم نجد الأرقام ستكون كارثة تدركون هذا صحيح ؟ "

صمت الأربعة بعدها بلا قدرة على الحديث أو الإجابة فهي مُحقة تماماً إن أخطأت نظريتهم فالنجاة ستنعدم لإنه سيصعب عليهم العودة للأسفل و البحث ، و هذه الفكرة وحدها أجبرت آرثر على العودة للبحث حوله ، هو قال أنه سيعود مهما كلف الأمر صحيح ؟

و حركته تلك أيقظت بالبقية شيء من العزم لتنطق ريبيكا بخفة :" أنا حقاً لا أريد الموت غرقاً ! هذه نهاية بائسة "

أجابها نيو بجد :" لن يموت أي منا هنا ! لا غرقاً و لا عن طريق أي أمر آخر "

و هنا لم تمنع ريبيكا نفسها من التصفير بنوع من الإعجاب و هي تنطق :" مذهل ! يناسبك إطلاق هذا النوع من الوعود ! "

قلب المعني عيناه سريعاً دون إجابة بينما أردفت هي بنوع الهدوء المُفاجأ :" عندما كُنت طفلة لم أكن أحب حياة الفتاة النبيلة المُملة التي تنتظر فارسها على حصان أبيض بينما هناك المئات من الخدم تحت إمرتها "

صمتت ترسم ابتسامة هادئة على وجهها :" و بالفعل كنت دائماً أتنكر كشاب و أهرب من المنزل حتى أتى يوم ما تم الإمساك بي من قبل مجموعة أشخاص جميعهم كانوا من البشر و يقيمون التجارب السرية و بطريقة ما هم تمكنوا من الوصول لقبيلتنا ، بأي حال إحدى التجارب كانت معرفة كم يستغرق الأمر حتى يختنق شخص من نبلاء الشياطين بالماء ! "

قطبت حاجباها بضيق :" لا أعلم حقاً كم لبثت بداخل ذاك الأنبوب الزجاجي أراقب اولاً حركة المياه السريعة و التي سرعان ما ابتلعت جسدي ، أذكر أنني أغمضت عيناي بقوة أحاول بكل جهد أمتلكه أن أكتم أنفاسي بينما صوت بداخلي كان يطلب مني الاستسلام ببساطة ، لا أحد يعلم أين أنا إذاً لما علي أن أعاني أكثر ؟ "

ابتسامة واسعة ارتسمت على شفتيها و قد نطقت بذات نبرتها الحالمة تلك :" و حينها ظهر هو ! أنقذني منهم و طلب مني الرحيل فوراً بكل شجاعة ، مع أنني لم أتخيل قط أقع بحب شخص ما من موقف بطولي أو شيء كهذا كالفتيات المختلات لكن مع ذلك لم أستطع منع نفسي ! هو متواجد بالجيش لذا كان علي ركل كل رغبات أسرتي و التحق بالجيش معه ، لاسيما أن الغبي كان يظن أنني فتى حقاً "

صمتت قليلاً لينطق نيرو بسخرية :" أراهن لو أن المسكين يعلم أنك فتاة و ستحبينه لتركك فوراً ، الزواج من فتاة تُحب كل الوسماء أكثر سوءاً من الزواج بمشعوذة عجوز "

تجهمت ملامح وجهها بينما تُجيبه :" أهذا كل ما تمكنت من قوله ؟! بأي حال بعد فترة قابلت الحاكم جيس فعلمت حينها أن المسار الذي اخترته صحيح تماماً ! "

هي هتفت بعدها بمرح شديد :" و الآن أنظروا لهذا أنا مُحاطة بهذه المهمة بالعديد من الوسماء ! "

تجهمت ملامح نيرو يحرك رأسه بيأس شديد بينما ضحك آرثر بخفة قبل ان ينطق :" على الأقل تلك التجربة دفعتك للنهوض ! البعض كان ليتخذها أمر للهرب من أحلامه و الاختباء بالمنزل بحماية الأسرة و الأصدقاء "

آمالت برأسها تكاد تنطق عندما نطق نيو بجد يشير للسقف بثقة :" الخوف من الغرق لا داعٍ له هنا ، أخبرتك أننا لن نموت هنا ألم أفعل ؟! "

هو أنهى جملته تلك يهتف بأعلى صوته برقم ما تبعه بعدها بعبارة ' وجدت الحل '

و ما إن فعل حتى ظهرت بوابة ما على طول الحائط تجذبهم لها بقوة إلى المجهول أهو المخرج أم لازال الطريق طويلاً أمامهم ؟!

*****
~ اليوم الخامس ~

أنفاسهم كانت مُرهقة بينما يسيرون بالممر الطويل أمامهم ، كم مضى من وقت منذ مغادرتهم غرفة المياه تلك ؟

لا يوجد أي شيء يدلهم على مرور الوقت بهذا المكان ، لا يمكن لأي منهم أن يشعر بأي هجوم بما أنهم فقدوا قدراتهم بأكملها ، لذا حتى نومهم كان مُتذبذب غير كافٍ بإسناد أجسادهم !.

كز نيرو على شفتيه و هو ينطق بضيق :" كيف يمكن لهذه الأجساد أن تكون ذات فائدة بحق الإله ؟! فقط بسبب النعاس لا يمكننا تحمل الإجهاد ؟ ما بال كل هذا الضعف "

أتاه صوت آرثر الهادئ مُجيب بخفة :" بدأت حقاً أتعجب من قدرة أمير البشر و من معه بالصمود و احتمال الالم ! مع أنني لطالما ظننت أن أجسادنا تشابه البشر لحد كبير لكن اليوم جربت بنفسي أن هناك فرق كبير نسبياً فنحن لا نشعر بكل هذا الإجهاد "

أنهى عبارته تلك ليحل الصمت بينهم مُجدداً ، لكن ذلك الهدوء لم يدم كثيراً فهم وصلوا و أخيراً إلى نهاية الممر حيث كان هُنالك باب ما بإنتظارهم و لا حل آخر سوى التقدم !

هم نظروا لبعضهم البعض قبل أن يتقدم نيو بكل حذر لفتح الباب و كما حدث أول مرة هم وجدوا أنفسهم بغرفة أخرى مُطابقة للأولى تماماً و اختفت البوابة فور دخولهم لينطق ذات الصوت المجهول :" مذهل بالفعل ! لقد وصلتم للغرفة الثانية بنجاح ! إذاً لننتقل لقواعد اللعُبة هنا ، عدد كبير من الأسلحة ستظهر للهجوم عليكم من كل صوب ، عليكم معرفة عدد السيوف و نطقها بصوت مرتفع فور توقف الأسحلة ! ان نطق اثنان سنأخذ اجابة الأول و ان كانت خاطئة و الثانية صحيحة ثم يتكرر الأمر "

أنهى أخبارهم بتلك القواعد المُختلة ليتراجع الأربعة مُخرجين أسلحتهم بينما التوتر ظهر عليهم جميعاً ! هذا سيء و بشدة ، خاصة ان كانت تلك الأسلحة سريعة !

و ثوان فقط هي ما استغرقته جدران المكان بإظهار العديد من الأفخاخ تنطلق منها أنواع كثيرة حقاً من الأسلحة ، و مُجارة تلك الأسلحة بل إن صدها أخذ منهم كل تركيزهم دون الحديث عن انتباههم لعدد السيوف التي ظهرت ، لذا و فور توقف الهجوم بعد فترة من الزمن ضرب نيو جبهته بإنزعاج و غضب .

تلك الغرفة بدت ككابوس لهم ، ليس الأمر فقط بأنهم فقدوا قدراتهم القتالية فقط بل أجسادهم فقدت قدرة التحمل التي تدرب كل منهم عليها لسنوات !

الجروح ازدادت بجسد كل مُنهم و أنفاسهم اضطربت و بشدة ، كم مرة كرروا الأمر ؟ ما مقدار المُدة التي قضوها بهذا المكان ؟ هي أمور باتت مجهولة لديهم فليس عدد الساعات أو مرات التكرار هي ما أهم أي منهم بل حالياً ثلاثة من أصل الاربعة ركزوا بالسيوف فحسب و ثلاثتهم نطقوا بذات الرقم فور توقف الهجوم ليهدأ كل شيء بالغرفة !.

الوحيد الذي كان صامتاً و أكثر من تعرض للإصابة و الجروح بينهم سار بخطواته المُتعبة نفسياً قبل أن يكون تعبها جسدياً يجلس بزاوية ما وحده يُغمض عيناه بينما خُصلات شعره الداكنة أخفت تلك الملامح الهادئة الحزينة ...

هو كور قبضة يده يحاول إبعاد ما أرهق روحه خلال تلك السنوات ، ذنب لا يشعر بأنه قادر على محوه رغم كل ما دفعه من ثمن هو و رفيقه ، كيف له أن يغفر لنفسه ؟

ربما لم يكن أحد مُنفذي ذاك الحُكم لكن ألم يكن سبباً بإلقاء القبض عليه ؟! لذا حرفياً هو لا يمكنه إبعاد صورة تلك الجثة من عقله ، و الآن مع هجوم تلك السيوف من كل جهة بإتجاهه مع شعوره بأنه محاصر و لا مهرب له أكانت مشاعر ذاك الشخص هكذا ؟

هل كان خائفاً ؟ أشعر بعجز شديد أم أن أفكاره كانت بعيدة محاولة تهريب صاحبها من ذاك الألم الذي لا يُحتمل ؟!

شد على يده أكثر بينما الأخرى مسحت عدة دموع فرت من عينيه ، لا أحد يستحق نهاية كتلك فكيف إن كان ذاك الشخص لا ذنب له ؟ حقاً كيف عليه التكفير عن ذلك ؟!

و جسده انهار ما إن فقد وعيه بفعل جروحه النازفة ليهرع البقية له يحاولون إيقاف تلك الدماء المُتدفقة منه ، و نيو حدق بتلك الملامح الحزينة ، هو شاهد بها الكثير من الندم ! مما دفعه ليقطب حاجبيه سريعاً فلماذا شخص لطيف مثله قد يشعر بالذنب ؟

لا يمكنه أن يتخيل آرثر يؤذي أي شخص ! تنفس بعمق و هو يرى أن جروحه توقفت عن النزيف على الأقل ليغمض عيناه هو الآخر بلا إرادة فجسده بحاجة للنوم و الآن .

لم يمضي الكثير من الوقت حتى غط كل من نيرو و ريبيكا بالنوم !.

*****

~ اليوم السابع ~

الأحلام مختلفة من شخص لآخر و من يوم و آخر ، و كذلك هي الكوابيس ، مُختلفة و متنوعة بعضها ما يُخيف و الآخر يمضي كأنها لا تعنيه !

عيناه الخضراوتين حدقتا بالمكان من حوله ، غرفة جديدة ؟ بل هي أشبه بسجن أو ربما غرفة أبحاث ؟

عض على شفتيه بضيق فلماذا يشعر أنها مُطابقة تماماً لغرفة شاهدها سابقاً ؟

هو ضيق عيناه بينما ينهض باحثاً عن البقية ، أين هم ؟ هل تفرقوا ؟ أكل منهم أصبح بغرفة الآن ؟ هو تساءل إن كان آرثر بخير فآخر مرة رآه بها لم يكن يبدوا و كأنه كذلك ، لم يظهر ذاك الصوت المزعج أيضاً لإخباره بقواعد هذه الغرفة أياً كانت .

لذا أدرك بطريقة ما أنه عليه فعلها بنفسه ، لذا بدأ بالبحث حوله أولاً محاولاً قدر الإمكان بالابتعاد عن تلك الطاولات التي عرضت الكثير من الأدوات !

خطواته كانت هادئة لكن حاجبيه عُقدا بضيق و هو يجد نفسه مضطراً للاقتراب من تلك الأدوات ، عيناه شردتا أثناء النظر لها بذكريات قديمة ، هو شهد بعيناه على أمور فظيعة وقعت و لرفيق طفولته .

أغمض عيناه بمحاولة للهرب من تلك الذكريات إلا أنها باتت أقوى و أكثر وضوحاً ، آيزاك هو من رافقه مع والده للعلماء للقيام بتلك التجارب عليه ، هو كان شاهداً و هذا يؤلمه بقوة ، لم يستطع التدخل بوقتها لكن و بالرغم من هذا لا يمكنه أن لا يشعر بالذنب !

هو كان خائفاً من الموت ، لم يكن و آيزاك على علاقة جيدة بالبداية و قطعاً مُقابلتك لشخص أول مرة و رفضه لتعرفه عليك ثم يلي ذلك معرفة أن هذا الشخص هو شيء كبرت و أنت تؤمن أنه لا يجب تواجده بل إنه خطيئة يجب إبادتها ..

لذا لم يكن لديه سبب حقيقي للدفاع أو كتمان سر فظيع كذاك دون مقابل ، و حياته كانت الثمن بل و حريته إذ أصبح مجبور على مرافقته بكل مكان ، السير و ملاحقة شخص لا يمكنه الابتسام حتى ! .

لطالما شبه آيزاك بجبل جليدي لا مشاعر لديه بل حتى شك بتواجد قلب نابض بمشاعر دافئة مثلهم و بأي حال هذا عزز لديه فكرة ما حول أن الهجناء لا مشاعر لديهم .

متى بدأ الثلج بالذوبان ؟ لا يعلم لكنه يدرك أن آيزاك بادله ذات المشاعر دائماً ، هو حتى حرضه على إخبار السلطات أنه هجين !

أراد الموت و بشدة و ربما كانت هذه بداية اكتشافه أن خلف ذاك الجليد قلب يأن ألماً مُطالباً بيد لتمتد و تنقذه .

ابتسامة ساخرة رُسمت على ملامحه بينما ينطق بنوع من الألم :" لم أتمكن من إبعاد الألم قط و ما كنت أنا الملجأ الذي يهرع إليه إن تألم ربما لو حاولت التعرف عليه أكثر لما وقعت حادثة مقتل أسرة إيكاري ! "

تنفس بعمق فهذا ليس بالوقت المناسب للبكاء على ماضٍ لن يعود ، و الآن و حتى هذه اللحظة كلاهما بخير و ما عرضته ذاكرته ليست سوى مواقف رحلت للأبد بلا عودة فلا هو ذات الشخص و لا رفيقه كذلك .

لفت انتباهه ما إن عاد للبحث ورقة مطوية بعناية موضوعة بأسفل سيف ما ، هو أخذها بحذر بينما تعلقت عيناه بالكلمات التي إحتوتها :" هذه آخر محطة لكم هنا ، لكن هنا لا لعب جماعي ، سيكون لدينا فائز واحد ، شخص فقط إن نجح أولاً سينقذ الجميع و بذات الوقت يحصل على مُكافأة قد تتحول لنقمة "

هو قطب حاجبيه بتفكير ليظهر ذاك الصوت مُجدداً ناطقاً بنبرة لم يفهم نيو أيقصد بها السخرية أم المكر :" إذاً و فور وقوعك بهذه الغرفة طرأت على عقلك موقف شعرت بالذنب بسببه ! ما هو الفعل الصحيح الذي كان بيدك فعله و تجاهلته مما ولد شعور الذنب بأعماقك "

قطب نيو حاجبيه بتفكير بينما ضحك صاحب الصوت بصخب ، هو يفترض أن يكون أمام الاختبار الأخير إذا كيف قد يمكنه التصرف ؟! و ما هو مقصده بالتصرف الصحيح ؟

*****
بدأت الفرق بالعودة تدريجياً لنقطة البداية فالأسبوع الثالث إنتهى بالفعل !.

أول الفرق التي وصلت كان فريق جيس و من معه ويل استلقى فور وصولهم للحدود أرضاً ينطق بتعب شديد :" و أخيراً إنتهى هذا الأسبوع الفظيع و أتى موعد الراحة ! "

ابتسم جيس له بهدوء بينما اقترب ريكايل منه ينطق بنوع من التوبيخ :" لا يوجد بما يُسمى موعد للراحة بهذا المكان ! لذا لا تُرخي دفاعك و لو لثانية "

تنفس ريك بعمق ليسير هو الآخر حيث أقرب صخرة متواجدة يجلس عليها بينما يرفع رأسه للأعلى بهدوء ، و قبل أن تتسلل أي فكرة لعقله شعر بيد تمتد تُبعثر خُصلات شعره ليبتسم بخفة يمسك بتلك اليد يحث صاحبها على الجلوس بجواره .

و هو ما حصل تماماً بالوقت الذي ظهر بصوت آلبرت العابث :" أوه التوأم المُتشاجر ! هل يمكن أن هناك صلح ما وقع دون تدخلي ؟ "

رفع ريكايل رأسه ليضحك بخفة و هو يُجيبه :" تعلم جيداً أنه لم يكن ليحدث لو كنت هنا "

تظاهر بالعبوس بينما يسير ليصبح أمام ريك تماماً :" لكن هذا هُنا تشققت البلورة الخاصة به صحيح ؟ ظننته سيموت سريعاً "

اختفت الابتسامة من وجه ريكايل حينها يحدق به بحاجب مرفوع ليرفع آلبرت يديه بضجر :" حسناً لا داعي لإن تتحول لشخص مزعج ! "

أنهى عبارته يلتف بنية اتجاهه لويل لكن خطواته تجمدت بالكامل ما إن التقى بصره بالحاكم الذي يجلس خلف شقيقه ! حرفياً عيناه كان بهما تهديد مُبطن بأنه إن اقترب ستكون نهايته ، لذا تململ بوقفته يذهب لزاوية بعيدة نسبياً مُتجاهلاً بشكل تام ليون و الذي كان قد تقدم و جلس بهدوء هو الآخر بلا أي حرف .

ريك تحدث بنوع من الهدوء :" يبدوا أنك الآن من يحتاج لشخص ما للإصلاح بينك و بين رفيقك "

قطب المعني حاجباه بينما نطق ليون بخفة :" لا حل سوى إستبدال عقله عديم الفائدة "

شهقة سريعة صدرت من الأصغر يمسك رأسه بين يديه و هو يتحدث :" أأنت مختل ؟! هل تدرك أنك إن فعلتها ستفقد عقل أفضل شيطان ؟ مهلاً أعني الوحيد بتلك المملكة المملة التي يستحق بها لقب شيطان "

تجاهله ليون تماماً لينظر له آلبرت بإستياء شديد ، ما هي مشكلته بحق الإله ؟ لما غضب و كل ما بالأمر أنه علم بأمر شكه به ! أيستحق الأمر هذا حقاً ؟

تنفس بعمق يُشيح بوجهه هو الآخر مُقرراً تركه يفعل ما يشاء فالأمر ليس بتلك الأهمية حتى !

ريكايل حول بصره لآيزاك و الذي حرك كتفيه سريعاً دلالة على عدم معرفته بالخطب بينهما ، فهو ليس و كأنه حقاً يدرك ما نوع العلاقة بين هذان أهي عمل أم صداقة ؟!

تحية لطيفة صدرت من آرون بينما ينطق :" أهلاً جميعاً ! "

وجهت أنظار الجميع له بينما هو كان يبحث بعيناه عن آرثر ليردف بهدوء :" يبدوا أننا لسنا آخر الواصلين ! "

أجابه آلبرت بعبث :" أبداً لست كذلك ! لكن أخبرني ما هالة نية القتل المُنبعثة من فريقك ؟ "

تجهمت ملامح وجه المعني و هو يتنفس بعمق فأخيراً هذا الأسبوع الكارثي إنتهى و بالكاد قبل أن يفقد قدرته على تحمل ما يحدث أمامه ! هو أساساً ندم لأنه حفز تينا على قول مشاعرها الحقيقية فسيدتها لم تتوقف منذ ذاك الوقت عن التصرف بشكل أسوء حتى !

إيما أعطت آلبرت نظرة ساخطة و تحركت للجلوس بعيداً عنهم بالكامل و كذلك فعلت تينا ، ليتنهد آرون بتعب ، هو تمتم بخفة :" علي قتل نفسي إن وضعتني القرعة معهما مُجدداً ! "

سار بعدها يطمئن على البقية بينما ميلينا تسير خلفه ناشراً جو من المرح بالأجواء !

وقف آيزاك سريعاً و بنوع من اللهفة ما إن شعر بهالة توأمه ، تلك اللهفة تحولت لقلق شديد خاصة عندما لمح وجه زاك الشاحب و المُتعب ، هو أراد الركض بإتجاهه إلا أن الأصغر فعلها أولاً حيث قفز يحتضن شقيقه بينما يتمتم بنبرة نادمة مُتألمة :" أنا آسف أخي ، أرجوك آسف "

قطب آيزاك حاجبيه و زاد من قوة عناقه لشقيقه الأصغر باحثاً عن أمر ما قد يستدعي إعتذار شقيقه منه ! .

نظرات البقية اتجهت إليهم خاصة عند وقوف جيف أمام التوأمين مُقابلاً لكيفين و كل منهما يحدق بالآخر ، جيس نهض من مكانه و قد فهم تقريباً ما حدث ليقف أمامهم هو و من خلفه وقف كل من ريك و إيكاري برفقة ريكايل و ويل !

آندريه حدق بهم بتوتر شديد فهؤلاء على ما يبدوا ممن يعلم الحقيقة ، و البقية كانوا يقفون يراقبون ما يحدث بعدم فهم حقيقي .

آيزاك اتسعت عيناه و قد فهم و أخيراً سبب ذاك الإعتذار ، سرهم تم كشفه و هم بالنسبة للبقية الآن ليسوا سوى وحوش ربما ؟

ضم زاك إلى صدره بشكل أقوى ، هو يدرك أن شقيقه هذا لم يرى الكثير من هذه المواقف بما أن جيف و البقية قاموا بحمايته لكنه تذوق ألم التجارب التي اُجريت على جسده ! ...

عض على شفتيه بقوة و قد إحتدت ملامحه ، لا أحد سيجرء على الإقتراب من توأمه ! حرفياً سيقتل كل من يحاول فعلها مهما حدث و أياً كان الفاعل ، لن ...

قاطع تلك الأفكار صوت جيس الذي نطق بصيغة آمرة :" أخفض هالتك الآن مارش ! "

هو لا يدرك حقاً لما لكنه وجد نفسه يطيع أوامره بينما يُجيب بتهديد :" لكن أنا لن أسمح لأحد بالاقتراب من زاك و لو كلف الأمر حياتي و حياة كل المتواجدين هنا و الآن "

تنفس جيس بعمق عندما وجه كيفين له سؤاله باستنكار :" أكل من هنا كان يعلم بأن هذان هجينان !؟ "

شهقة مُتفاجأة صدرت من آرون الذي تراجع للخلف سريعاً و قد ابتعدت تلك الملامح التي يرسمها بالعادة ، ليون و آلبرت وقفا يحدقان بأعين مُتسعة فهل هذا الأمر حقيقي ؟

ميلينا حدقت بمدربها أولاً بقلق من ردة فعله ثم نظرت للتوأم بالزاوية ، تينا و إيما كل منهما لم تكن صدمتها أقل من البقية !

هجناء و بفريقهم هم ؟! و زاك أغمض عيناه يدفن وجهه بقميص توأمه بضعف شديد ، هي ذات النظرات التي لم يفهمها هو و شقيقه عند وفاة أمهما ، ذات النظرة التي أطلقها أميره عليه عندما اكتشف الأمر و قبل تقبله له ! تلك النظرة التي تعني بأن وجوده و شقيقه على هذه الحياة ليس سوى غلطة ، جُرم يستحق عقاب الموت و لما ؟ لأنهما وجدا فقط من قِبل والدين بلا مسؤولية ! ..

*****

أنفاسه كانت قد توقفت و عيناه تُحدقان بالأعلى بلا أن يظهر بريق الحياة بهما ، الدماء كانت تسيل من جسده بل تحديداً من قلبه حيث أمسك سيفاً يطعن به نفسه بلا أدنى تردد !

أو ربما كان هذا نتيجة اعترافه بأنه العمل الصحيح الذي كان يفترض أن يفعله منذ سنوات ، بدلاً من رؤيته لآيزاك يُعذب كان يجدر به الاعتراض و رفع صوته لا الهرب خشية الموت .

و باللحظة التي طعن نفسه بها فُتحت أبواب ما خفية يخرج الثلاثة الآخرون منها بهلع ، آرثر أمسك بجسده سريعاً ليلتف الآخران حوله ، أهو أحمق ؟ لما كان عليه التمادي لهذه الدرجة لأجل لغز لعين ما !

الغرفة التي هم بدأت تتلاشى بطريقة ليجدوا أنفسهم بغرفة أخرى مُختلفة تماماً عن البقية ، هي كانت مبنية من الذهب الخالص لكن هذا ما كان ليهم أي منهم !...

شخص بدى لهم كروح هائمة ظهر فجأة من العدم يقف أمامهم ملامحه لم تكن واضحة لأي منهم لكن صوته بدى معروفاً لهم فهو الصوت الوحيد الذي سمعوه خلال حجزهم هنا :" نجحتم بإنهاء الاختبارات ! كما تم تحريري و أخيراً من لعنة البقاء هنا ! لذا و كما وعدت أنتم ستغادرون المكان "

صمت قليلاً يُشير على نيو لتظهر طاقة تحيط بجسده لعدة ثوان قبل أن يشهق سريعاً و يسعل بقوة شديدة ، هو وضع يده على الجرح و الذي بدأ يتلاشى مع عودته كجان مُجدداً !

قطب حاجبيه يراقب تلك الطاقة التي كانت تتسلل لداخل جسده بل تحديداً قلبه و تختفي قبل اختفاء الجرح لينطق ذات الشخص :" هي لعنة يمكنك تجاهل وجودها ! قواك ستصبح مُضاعفة لكن إن تجاوزت الضعف فأنت هالك لا محالة لن يتواجد أي سحر بالعالم قد يتمكن من إنقاذك حينها لذا كُن حريصاً "

ليس ممن يجيد السخرية مع ذلك لم يستطع منع نفسه من النظر له ساخراً ، أهو حقاً مُهتم به مثلاً ؟ تنفس بعمق شديد بعدها و هو يشعر بنظرات حارقة من آرثر ليبتسم له بخفة مُفكراً بأنه لو علم آيزاك بما حدث لانتهى الأمر بطريقة فظيعة !

نيرو هتف بمن أمامه بحقد شديد :" أتمنى أن لا تجد السلام أبداً خلال رحلة انتقالك للعالم الآخر "

لكن صوته تردد بالفراغ إذ فرغت الغرفة من كل شيء فجأة بحيث بدأت أجسادهم الأربعة بالسقوط للأسفل بداخل حلقة مُظلمة !.

*****

المشهد بذاك التجمع لم يتغير بعد ، لا يمكن لأي منهم تقبل حقيقة كهذه بسهولة مهما حدث ، جيسي أغمض عيناه يجيب بكل سكينة :" أجل ، علمت بذلك من مدة "

كتف كيفين يديه يحدق بالواقف أمامه بينما ينطق بنبرة هادئة :" أيمكنني معرفة سبب مخالفة حاكم مثلك لواحد من أهم قوانين عالمنا ؟ "

أجابه جيسي مُجدداً ببساطة :" لإن العقاب عليه أن يسقط على الجميع ! على المُتسبب أولاً لذا أردت فقط الوصول لوالدهما العزيز بطرقي الخاصة ثم كنت سأرى ما أفعله معهما "

آرون أخفض رأسه يضرب الحائط خلفه بقوة بسيطة ، بتلك اللحظة ظهر بها الفريق الأخير و الذي ظهرت هالتهم من العدم ساقطين من الأعلى بطريقة مريبة !

هذا قطع اجتماعهم ذاك للحظات ، فالأمر المهم الآن هو ما يحدث أمامهم ، آرثر وقف سريعاً فور رؤيته لملامح آرون و التي أعلمته بتواجد مُشكلة كبيرة بحق !.

نيو قطب حاجبيه يراقب الوضع قبل أن ينطق كيفين بذات نبرته السابقة :" و لماذا انتظرت كل هذه المدة ؟ ألا يفترض أن تسلم كلاهما لبقية الممالك ثم سيطبق القانون عليهما و على والدهما و كل من ساعده "

بتلك اللحظة شهق نيو برعب ليركض سريعاً بجوار آيزاك بينما نطق آرثر بهمس :" أهما ؟.. "

و صمت فور رؤيته لنظرة آرون ! بينما البقية لم يتجرأ أي منهم على الحديث أو التدخل ! كيف يمكنهما ذلك و من يناقش بالأمر الآن و بالرغم من أن كلاهما يتحدث بهدوء شديد إلا أن هالة الإثنان واضحة !

رد جيس مُثبتاً بصره على الشاب اليافع أمامه :" لإنه بعمل كهذا سترغب كل مملكة فجأة بالتأكد بِطُرقها و لا أضمن أن البعض بدلاً من استحضار الحقيقة سيحاولون إجراء تجاربهم الخاصة فهل كنت أنت لتضمن لي مثلاً أن لا شيء سيحدث لهما ؟ "

أغمض كيفين جفنيه قليلاً بضيق ، هو محق بهذه النقطة ، لا يمكنه إعطائه رد واثق حتى بأن علماء مملكته لن يحاولوا القيام بأبحاثهم و تجاربهم عليهما بسبيل الحصول على القوة !...

لذا أردف جيسي بنبرة هادئة :" أعلم تماماً ما هي القوانين المُتبعة ! لكن أعلم أيضاً أنه ليس من العادل قتل من لا علاقة له ، لكن نقاشات كهذه لا يمكن لنا فتحها هنا بل على دائرة اجتماعات بإحدى الممالك ، أما الآن فكل فرد من هذه المجموعة مهم ! إن تناقص عددنا بفعل معركة داخلية بيننا لن تكون النتائج جيدة صحيح ؟ "

عبارته اختتمها بنوع من سخريته المُعتادة بعد أن حملت حروفه تهديداً مُبطن وصل لكيفين مُباشرة !

و قبل أن يصدر أي تعليق من الثاني وقف عبده و صديقه أمامه ينحني له بخفة بينما ينطق :" سيدي أُعذُرني على وقاحتي من فضلك لكن أنا أتوسل إليك هو كشف أنه هجين لإنقاذ حياتنا نحن ! لا تدعنا نرد له دينه بالتسبب بخسارته لحياته "

يد كيفين ارتفعت لكنها و قبل أن تحقق هدفها كان الجميع قد وقفوا معاً بصف واحد و هو بينهم فتلك الهالة الفظيعة التي ملئت المكان أجبرتهم على التأهب !..

ضحكة ما أطلقها صاحب الشعر الأشقر و العينان الحمراوتين بينما ينطق بمرح :" أعتذر على مقاطعة نقاشك لكن ألا ترون أن وقت التعرف قد حان ؟ "

جيس ، ريك ، ريكايل ، ويل ، و جيف لم تكن هذه المرة الأولى لهم لرؤية كلاي الذي لوح لهم بالذات ينحني بخفة :" إلتقينا مُجدداً و بالطبع سيدي الحاكم تلك الهُدنة انتهت ! و حقاً إحضاركم لدمعة العنقاء عمل مذهل ! تأثرت بالفعل "

كز ريك على أسنانه بقوة شديدة قبل أن يتقدم شاب بشعر ثلجي و عينان حمراوتين ينطق بعبوس :" أأنت تعرف الأغلب هنا كلاي ؟ "

آمال كلاي برأسه بخفة و هو يجيب :" تعلم أنني قابلت معظمهم بسبب المهام الموكلة إلي كولين "

كايلي تقدمت هي الأخرى لتقف بجوار شقيقها الأصغر تحدق بهم بهظوء ليظهر بالنهاية سيلفر و الذي نطق بخفة موجهاً كلامه لرفاقه :" تذكروا الإتفاق الذي بيننا ! "

ثم تقدمهم يقف أولاً ليردف لأعدائهم :" أنا أُدعى بسلفير إن كان هذا يهم أي منكم ! "

تقدم جيس أولاً بينما يتحدث :" لا تقاتلوا كل فرد لوحدكم و ليعمل كل شخص مع قبيلته لئلا تُثار الفتن الآن فهو ليس بوقتها "

تقدم كيفين يقف لجواره بينما يجيب :" أعرف تماماً متى يتم وضع الخلافات جانباً لذا لا داعي للقلق ! "

لم يطل النقاش أكثر من هذا بالفعل ، جيس و من معه برفقة جيف و ريك وقفوا بمواجهة كلاي الذي كان يقف بمنتصفهم بهدوء !

كيفين و من معه أحاطوا كولين بدائرة هم أيضاً و هو كان يبتسم بحماس فأخيراً تحققت أمنيته بالوقوف هنا بساحة المعركة .

الجان وقف سيلفر أمامهم لينضم السحرة لهم بزاك منهار و آرثر يدرك أن نيو غير قادر على استخدام نصف طاقته إن لم يرد أن يفقد حياته و قطعاً آيزاك مُضطرب للآن نتيجة النقاش قبل قليل !.

كايلي وجدت نفسها أمام الشياطين لتبدأ بالهجوم أولاً دون أي تأخير أو إطلاق نظرات لا داعٍ لها فهنا و الآن عليهم أن يثبتوا لهم أن لا شيء مما سيفعلونه قد يخدشهم حتى .

كولين أدار برأسه يحدق بكل فرد بهدوء ، حتى وقع بصره على آندريه ابتسامة واسعة رُسمت على شفتيه ينطلق بسرعة بإتجاهه حيث أحتدت ملامح الأول يسند سيفه بوضعية الدفاع لصد تلك الضربة أياً كانت إلا أنها و قبل وصوله إليه كان كيفين قد قاطعه بهجوم قوي من البداية !

هالة الأمير كانت قوية بحق بينما مُقلتيه الخضراوتين أصدرتا الكثير من العزم و القوة ، هو بالفعل أبعد تينا و إيما عن القتال مُدركاً أن لا شيء ستفعله أي منهما أكثر من عرقلة تقدمه و هو ما لم يرد فعله ، و بالرغم من أنه بالفعل يستخدم كل طاقته تقريباً إلا أنه صد تلك الهجمة لكولين بنوع من الصعوبة !

عض على شفتيه يقفز للخلف حيث آندريه ، و الآخر نطق بنوع من العبث :" سيكون اليوم طويلاً بالنسبة لكما و مُمتع لي ! "

هو أدار عيناه حيث أعادهما لآندريه يميل برأسه ناطقاً بذات عبثه :" إن سقطتما أرضاً غير قادرين على النهوض أيمكنني الحصول على دمائك ؟ "

و طاقة كيفين تفجرت فجأة يجيبه بحدة :" لا تتحدث بما لن تحلم حتى بفعله ! "

وجه آندريه نظرة سريعة لسيده بقلق ، هو ليس عليه الغضب لئلا يفقد تركيزه ، لإنه حينها عدوهما سيفعل ما يشاء و هما سيراقبان بعجز فقط ، لكن لا يمكنه إنكار أن شيء بأعماقه يشعر بالراحة لإن الهزيمة تعني إيذائه لا سيده .

جيس ابتسم بسخريته المُعتادة يصد تلك الهجمة يُجبر عدوه للتراجع و بذات الوقت ارتد جسده هو للخلف بضع خطوات !

كلاي نطق بمرح و هو يحرك مخالبه التي هاجم الحاكم بها بالهواء :" مُذهل ! أهذه هي قوة الأسرة ؟ لم يسبق لي حقاً أن شعرت بالألم "

عينا جيس احتدت دون اختفاء تلك الابتسامة بل هي اتسعت أكثر رغم تلك الدماء التي سالت من يده .

يدرك كلاهما أن لا أحد منهما قد أخرج طاقته بالكامل بعد ، فجيس قرر محاولة الحفاظ على تدرج طاقته و إظهارها بالوقت المناسب لاسيما و أن من أمامه يفعل ذات الأمر هنا ! ..

الجان كما توقع آرثر و من معه قتالهم كان ضعيفاً و مشتت التركيز بالكامل ، لاسيما بعد أن نطق سيلفر :" زاك و آيزاك لما لا تنضمان لصفوفنا ؟ أنتما لا تنتميان لهذه الفئة ! آيزاك أنت بالذات تذوقت ألم تلك التجارب فقط لأنك هجين صحيح ؟ هم بالفعل استمتعوا بالعبث بك "

أخفض آيزاك رأسه و قد بدى أنه توقف عن القتال ، ليتراجع زاك برفقة توأمه ، نيو كز على أسنانه بقوة ينطق بضيق :" آيزاك كفى ! لا تجرأ على التفكير بهذا يا أخي ، أعلم أن الأوضاع الآن سيئة لكن ... "

قاطعه صوت آيزاك الذي نطق ببرود :" ثم ماذا ؟! يُعدم كلانا ! و فوق كل ذلك أنت و مستشار أمير البشر كأقل تقدير سيتم جركم خلفنا بتهمة أنكم من أخفيتم الأمر ! "

أغمض نيو بصره يبتسم بخفة و قد بدأ بتجميع كل قواه حيث بدأت هالته تتبدل و تصبح أكثر قوة بل و تكاد تبتلع وجود البقية ليهتف آرثر :" إياك أنت تعلم نتيجة هذا صحيح ؟ "

تلك الهالة التي انطلقت فجأة جعلت أنظار البقية تتشتت حيث كولين و الذي كان بضع سيفه على عنق آندريه ابتعد يعيد الخادم للسيد و ينطلق بإتجاه سيلفر كما فعل البقية إلا أنهم جميعاً توقفوا ما إن تناثرت الدماء فجأة لتتسع أعينهم بفعل الصدمة !.

ذاك السيف كان يضخ تلك القوة بجسد ضحيته الذي تناثرت دمائه ، عينا سيلفر اتسعت بقوة يحدق بظهر أليكس الذي جثى على ركبتيه يخفض رأسه بألم شديد بعد أن شهق عدة مرات .

كولين ، كلاي ، كايلي جميعهم تخلوا عن مواقعهم للوقوف بجوار رفيقهم حيث نهض سيلفر من صدمته أولاً يكسر ذاك السيف لينطق بحدة :" هذه المعركة لم تنتهي بعد "

أنهى عبارته تلك لينسحب برفقة من معه من المكان !

و هنا جثى نيو على ركبتيه بينما صوت أنفاسه يمكن للجميع سماعه بوضوح ، البلورة التي تخصه بدأت بالتشقق ليهرع آيزاك إليه يضمه سريعاً و هو ينطق برعب :" ماذا فعلت ؟ما بال تلك القوة ؟ نيو أنت لن ترحل ! لا يسمح لك بالإستسلام أرجوك ، أنا آسف على تفكيري الأحمق قبل قليل لذا أتوسل ؟ "

اخذ نيو نفساً عميقاً يحاول تقليل الألم الذي يفتك بجسده و كأنما هنالك يد ما تعتصر قلبه من الداخل لينطق بتعب واضح :" تتوسل ؟ و تعتذر !هل فقدت ذاكرتك مجدداً آيزاك ؟ "

لم يجبه المعني بل كانت عيناه تراقبان كل من آرثر و آرون بينما يحاولان إنقاذه ، نيو سعل بقوة بينما كانت الدماء تخرج من فمه ، هو بدى شاحباً بقوة و عيناه مُحمرة و كأنه يقاوم البكاء و مع ذلك أبعد الجميع عنه و إعتدل بجلسته ينطق بصوت ضعيف :" سمو الأمير ! لقد تم لعني خلال المهمة و اكتسبت هذه القوة التي ربما ان لم أستخدمها الآن كان شخص آخر يحتضر بدلاً مني أو أكثر ، لذا أيمكنك أن تعتبر حياتي بدلاً من حياتهما ؟ أنا هو رفيق طفولته و أدرك انه ليس بخائن "

عاد للسعال بينما كان آيزاك يحدق به بتوتر و ألم يرافقهم عجز شديد، تلك الكلمات التي يتفوه به الآن رغم كل ما يمر به تؤلمه و بشدة بل هي أشبه بعدة سكاكين تخترق جسده بلا رحمة ، لذا عاد سريعاً يحتضن جسد رفيقه يومأ سلباً بقوة فليس هذا ما يريده ، لا يرغب بالعيش مقابل حياة نيو ، ليس أول صديق له و من أمسك بيده عندما كاد يفقد دفئه !

زاك هو الآخر كان يشهق بالفعل بسبب البكاء و الألم ، قلبه يؤلمه بطريقة لا يتخيلها أحد و جسده يرتجف بشدة ، إيكاري كان يمسك بيده وهو يكرر بنبرة باكية :" لن تفعل ! لا يمكنك الرحيل أرجوك نيو "

نهض آرون من جواره يضرب الأرض بقوة بينما أخفض آرثر رأسه مُخفياً تلك القطرات التي بدأت بالتجمع ،كيفين حدق به قليلاً و هو يشيح بوجهه عنه ناطقاً بنبرة هادئة خالطها الحزن :" إن كان بهذا عزاء لك فأنا لم أخطط لقتل أي منهما حقاً "

ابتسامة خافتة رُسمت على وجهه قبل أن يعيد بصره لآيزاك يضم قبضته بضعف ثم يرفعها يضرب بها جبهة رفيقه و هو ينطق بصعوبة شديدة  :" و أنت كن بخير يا كتلة الجليد ، من كان ليصدق أنني سأموت أولاً ؟! "

هو أدار بصره لزاك يحرك شفتيه بعد عجزه عن النطق بعبارة ' اعتني به و بنفسك من فضلك ' ليبكي المعني أكثر بينما يخفض بصره ، و بالنهاية ابتسم لايكاري بضعف رغم الكثير مما أراد قوله له لكن لا طاقته و لا الوقت سمحوا له بهذا فثوان فقط هي مافصلتهم عن إختفاء جسده حيث سحب للبورة التي برفقة إيكاري و الذي شهق برعب شديد قبل أن ينخرط بالبكاء كطفل صغير !

و آيزاك لم يتحرك و لم يرفع رأسه حتى بل بقي هادئاً بطريقة أثرت قلق البقية ....

~ نهاية الفصل ~

Bạn đang đọc truyện trên: AzTruyen.Top