21
Start
وقفوا جميعاً أمام السيارات يتبادلون النظرات باستغراب حين رؤيتهم بيكهيون يضع الحقائب بسيارته
كان قراره الأخير هو عدم الانضمام إليهم لكنه الآن يستعد للمغادرة معهم
جونغ إن كان متوتراً لذا لم يفكر في أي شيء آخر و لم يلحظ الأجواء المشحونة من حوله ،بينما كيونغسو كان اهتمامه بأكمله يصبه على زوجته
" لا فلتترك حقيبة جونغ إن"
هتف تشانيول يستوقف بيكهيون حين أوشك على وضع حقيبة جونغ إن بسيارته فالتفت إليه المقصود عاقداً حاجبيه بخفة
" لديك سائق خاص"
همس تشانيول بنبرة خافتة وهو يقترب ليقف بجانب جونغ إن الذي لم يفهم ما يرمي إليه صديقه إلى أن رأى سيارة هانييل تدخل من البوابة فالتفت إلى صديقه
"لا أذكر أنني دعوتها إلى هذه الرحلة"
بدا غير راضٍ فابتسم تشانيول بوسع و أجابه دون أن ينظر إليه
" أنا فعلت...ما كان يجب أن تستفزني بذكر تشانسوك في حديثك"
التفت إليه برأسه و راقص حاجبيه باستفزاز ليزفر جونغ إن ثم ركل ساق تشانيول بحركة سريعة فتأوه الأخير بألم
"هل نعود إلى المنزل؟ "
كيونغسو همس بلطف وهو يميل بجذعه قليلاً كي ينظر إلى زوجته التي تجلس بداخل السيارة فمررت سويون عينيها على وجهه بحركة سريعة ثم تنهدت
"أقسم أنني بخير ،إن أفسدت هذه الرحلة سأقتلك"
رفعت قبضتها بتهديد لطيف فقهقه بخفوت ليُقبّل قبضتها ثم رفع عينيه نحو الآخرين و هتف وهو يستقيم بوقفته
" ألن نغادر؟"
رمق تشانيول جونغ إن بغضب زائف قبل أن يسير نحو سيارته حيث تشانسوك
سيهون و سوشيل كانا بالسيارة يراقبان الأجواء في هدوء، بينما جونغ إن كان عابساً وهو يضع حقيبته بسيارة هانييل...لم يخطط لوجودها أبداً
التفت بيكهيون لينظر إلى الباب مرة أخيرة قبل أن يصعد إلى السيارة ثم بدأوا بالتحرك إلى وجهتهم
هيبا كانت تسترق النظرات إلى زوجها من وقت إلى آخر، عينيه كانتا شاردتين بالطريق أمامه، و وجهه ارتخت ملامحه عكس قبضته التي تضغط على المقود بين الثانية و الأخرى
التفتت هيبا لتجلس بجانبية كي تنظر إلى وجهه بوضوح فتنهد و التفت لينظر إليها قليلاً ثم أعاد نظراته إلى الطريق حين ابتسمت ابتسامة واسعة بلهاء
"لقد طردتني بقسوة و لم تهتم للوقت أو الثياب التي أرتديها كما لم تهتم لأمري و لا تعتقد أنني قد أسامحك على ذلك"
نفت برأسها بثقة فغادرت بيكهيون تنهيدة أخرى ثقيلة
" لكن لأنني أفضل منك فسوف أعتذر..."
حرك بيكهيون عينيه نحوها فرفعت كتفيها و أخفضتهما بسرعة
" آسفة لأنني تماديت بحديثي عن ابنتك، ما قلته كان يجب أن يبقى في حدود رأسي ولا يخرج أمامك "
زمت شفتيها لبعض الوقت وهي تمرر عينيها على وجهه
"هل...أنت تصدق أنني لم أضربها أليس كذلك؟ "
ضيّقت عينيها بحذر فزفر بيكهيون بضيق لتضم شفتيها و حاولت التزام الصمت لكنها فشلت في ذلك
" لكن كيف تطرد فتاة من منزلك ؟حتى و إن أخطأت فهذا ليس... "
" هل يمكنكِ التزام الصمت ؟"
قاطعها بإنزعاج فقهقهت بعدم تصديق
" ألا يمكنك الاعتذار ؟"
قضم بيكهيون شفتيه فأومأت هيبا
" لا ترهق نفسك و تعتذر فأنا لن أقبل اعتذارك...أتمنى أن تعاني من الكوابيس و تراني كل ليلة أطردك من المنزل عارياً "
التفت إليها عاقداً حاجبيه فأشارت له بسبابتها
"لست منحرفة فهذا حلمك و أنت من سترى كل ذلك وليس أنا... "
ابتسمت بوسع ثم أكملت و هي ترتخي بجسدها على مقعدها
" لكنك ستشعر بالبرد ولن تجد ما يستر جسدك و يالها من راحة أن أعرف بأنك تُعاني في البرد القارس عارياً "
قهقهت بعلوٍ فانحنت عيني بيكهيون بابتسامة بالكاد تلاحظ
" أفكاركِ... "
همس بهدوء لتنظر إليه فتنهد بعمق و دفع رأسها بسبابته
" يجب أن تبقى بداخل رأسك "
أخرجت لسانها وهي تقلب عينيها بلا مُبالاة ثم تكتفت و التفتت تنظر إلى النافذة بجوارها
" لا تتحدث معي سيد بيون فمازلت غاضبة منك "
ابتسم تشانيول وهو يسترق النظرات إلى تشانسوك التي تعانق حزام الأمان بكفيها بابتسامة واسعة وهي تحرك رأسها لتنظر إلى سيارات الآخرين
"تبدين سعيدة"
علّق فالتفتت إليه ثم أومأت عدة مرات لتضحك بخفوت
" أنا سعيدة لأن بيكهيون تراجع عن موقفه، الآن سنكون معاً جميعاً"
اتسعت ابتسامته مع اتساع خاصتها
" و جونغ إن لم يرفض الذهاب مع هانييل لذا فكرت لوهلة أن الأمر يبدو و كأنها رحلة ثنائيات و... "
توقفت عن الحديث حين وعت على حديثها لتنظر إلى تشانيول و ابتسامتها تلاشت تدريجياً في حين ضم الآخر شفتيه يحاول تمالك نفسه و أفكاره
"لم أقصد...أعني لأن..."
رمشت بضعة مرات ليرفع تشانيول حاجبيه بتساؤل يدّعي البراءة فتثاءبت بزيف و التفتت إلى الجانب الآخر تدّعي النوم
" سأنام حتى نصل"
توقفت السيارات بالقرب من الوجهة المقصودة
بدأ الرجال بحمل الحقائب و المعدات إلى منطقة عالية و مناسبة للتخييم بينما الفتيات تجمعن حيث سوشيل كأنها المسؤولة عنهن فتبادلت بينهن النظرات باستغراب
" ماذا نفعل قائدة سوشيل ؟"
هتفت هيبا وهي تقف بثبات لترفع يدها بجانب رأسها فضحكت سوشيل بخفوت كما ابتسمت سويون
"لسنا بالجيش هيبا ،افعلوا ما تشاؤون"
تجاهلت ما قالته سوشيل و اقتربت منها لتقف خلفها ثم أشارت إلى الأخريات أن يفعلن المثل
"في صف واحد خلف القائدة "
أسرعت تشانسوك لتقف خلف هيبا ثم رفعت نظارتها وتابعت بعينيها هانييل التي اقتربت لتقف خلفها
"ماذا تفعلن ؟هذا محرج "
همست بخجل لتنظر إلى سويون فرفعت الأخيرة كتفيها و اقتربت لتقف خلف هانييل
تنهدت سوشيل و هزت رأسها إلى الجانبين و تقدمت حيث سينصبون الخيام فبدأت هيبا في الهتاف وهي تلحق بها
"لم غيّرت رأيك ؟ظننتك لن تأتي ؟"
تساءل تشانيول بخفوت وهو يدّعي انشغاله بوضع الحقائب بجانب بعضها فالتفت بيكهيون لينظر إليه ثم التفت إلى سيهون الذي يقف على جانبه الآخر
" هارين..."
تمتم و استقام لينظر نحو السماء بضيق
" لقد كذبت بشأن هيبا"
تبادل سيهون و تشانيول النظرات فأكمل بيكهيون بضيق
"عينيها كانتا ترتجفان بكذبات واضحة، و حديثها كان يدور حول محاولة هيبا لإفساد علاقتي بهارين و ستحل هي محلها و هذا غير منطقي...هارين كانت تتحدث عن مخاوفها بصوتٍ عالٍ فحسب ولم يكن هذا شجاراً قد وقع بينهما بالفعل "
زفر بثقل فربت تشانيول على كتفه
" أنا غاضب لأنها كذبت عليّ، و حزين لأن هارين تعتقد أنني قد أستبدلها بشخص آخر...من سبب لها تلك الكدمات؟ هل أذاها شخص ما أو هي فعلت ذلك بنفسها؟ "
" هل حاولت التحدث معها؟ "
سأله سيهون بهدوء لينظر إليه بيكهيون ثم نفى برأسه
" لم أعرف ماذا أقول، و لا أعرف كيف أعاقبها لذا ظننت أن الإنضمام إلى هذه الرحلة ستكون عقاباً لها لأنها كذبت...يجب أن تعرف بأن الكذب لن يحقق مرادها دائماً "
أغلق عينيه بقوة ثم أعاد فتحهما
" لكنني لا أشعر بالراحة...هل كان يجب أن أتحدث معها أو أن أتخذ موقفاً صارماً معها؟ "
حل الصمت لبضعة لحظات ليلوي تشانيول شفتيه ثم همس بحذر
" أعتقد أن هذا طبيعي "
التفت إليه بيكهيون و رفع سيهون عينيه نحوه فوضّح
" لطالما كانت حياتك تدور حول هارين و حياتها تدور حولك، بالإضافة إلى أنك تلجأ إلى الكذب لحل مشاكلك و الذي يُعد هروباً سهلاً بيكهيون فمن الطبيعي أن تتبع هارين خطاك "
عقد بيكهيون حاجبيه بخفة فقهقه تشانيول ليلتفت الآخرين حيث ينظر هو ،ابتسامة دافئة علت شفتي سيهون حين تلاقت نظراته مع سوشيل مما زاد من خجلها بينما بيكهيون تنهد بعمق وهو يُلاحق هيبا بنظراته بضيق
" أين ذهب أولئك الحمقى؟ هل سنعمل وحدنا؟ "
هتف جونغ إن بتوتر حاول اخفاؤه فضحك كيونغسو و اقترب ليساعده بحمل الخيام
"اهدأ...نحن هنا معك"
"هل سيكون الظلام دامساً في الليل؟"
"لا تقلق لن يكون كذلك"
أشار له بعينيه كي يسير في الأمام فتنفس جونغ إن بعمق قبل أن يسبقه بخطواته
في المنتصف وضعوا أغراض التخييم ليقفوا جميعاً يتبادلون النظرات فهتفت هيبا بعبث
"بيكهيون لم يكن يفعل شيئاً لذا لينصب هو الخيام "
التفت بيكهيون لينظر إليها فابتسمت بوسع ثم قفزت في خطواتها وهي تقترب من سوشيل لتعانق ذراعها
" تبدو فكرة رائعة ،انضمي إلى زوجكِ في نصب الخيام"
كيونغسو تحدث بهدوء فرمقته هيبا بنظرة جانبية ثم أدارت عينيها بملل
" و لم أتى الرجال إذاً؟! "
رفع كتفيه بلا مُبالاة فصفّق تشانيول يجذب انتباههم
"ليتعاون الجميع، سيهون و سوشيل فلتذهبا للبحث عن حطب يمكن إشعاله، سأقوم أنا وتشانسوك بتجهيز المكان لنجلس هنا ،يمكن للآخرين التعاون في نصب الخيام"
قهقهت هيبا بسخرية ثم أشارت له
" كان بإمكاننا شراء الحطب فلماذا لنجمعه؟"
"و كان بإمكاننا شراء الطعام جاهزاً أيضاً لكن أين المتعة بذلك؟ "
تشانيول أجابها ببساطة ثم سار مبتعداً عنهم فدفعت هيبا ذراع سوشيل و ركضت نحو بيكهيون فأخفض نظراته نحوها بعقدة خفيفة تشكلت بين حاجبيه
"لنتعاون"
و بيكهيون كان مُدركاً أن 'نتعاون' تلك كانت تعني قم بالعمل وحدك، و هذا ما فعلته حين تركته ينصب الخيمة وحده
" ضع العصا هناك"
اقتربت هانييل من جونغ إن فالتفت برأسه لينظر إليها ثم أعاد نظراته حيث أشارت له ليفعل ذلك، و دون أن يطلب منها اقتربت لمُساعدته
" ألم تذهب في رحلة تخييم من قبل؟"
تساءلت وهي تصب تركيزها على ما تفعله فاسترق نظرة إلى وجهها ثم همهم بخفوت
"مرة واحدة...لا أذكرها جيداً"
همهمت بتفهم ثم وقفت باعتدال بعدما انتهت فمرر جونغ إن عينيه على وجهها الذي اكتسب بعض الحُمرة ،و ما إن وعى على نفسه تحمحم و اتخذ خطوة إلى الخلف
" ليست مرتكِ الأولى؟"
سارت إلى الجانب الآخر من الخيمة ليلحق بها
" مؤخراً أنا مشغولة لكنني في العادة أذهب إلى العديد من الرحلات..."
ابتسمت ثم غمزته بعبث
"يمكنني أن أكون مرشدتك حين تقرر الذهاب في رحلات أخرى"
قهقه بخفوت و هز رأسه إلى الجانبين
" لا أدري هل الخروج في رحلة مخيف أكثر أم فكرة تواجدكِ"
"لماذا ؟"
رفعت حاجبيها ببراءة زائفة و تركت ما بيدها لينظر إليها وهي تقترب منه حتى وضعت كفها على صدره
"هل تخشى أن تفقد السيطرة أمامي؟ "
رمق جونغ إن كفها لعدة لحظات يحاول تهدئة أنفاسه فجذبت هانييل كفها حين لاحظت ذلك
" كنت أمزح"
" و هذا وقت مناسب للمزاح "
سخر ليتنفس بعمق ثم نفخ وجنتيه ليرمقها بجانبية
"ساعديني في صمت فهذا أفضل"
"كيونغسو"
سويون همست بتحذير فأشاح كيونغسو بنظراته بعيداً عن بيكهيون و جونغ إن ليدّعي انشغاله بنصب الخيمة
" أنت غير معقول"
هزت رأسها إلى الجانبين و اقتربت منه لتحيط وجنتيه بكفيها ثم حركت رأسه نحوها كي ينظر إليها
" توقف عن القلق بشأن الآخرين ،ليسا طفلين و يمكنهما تدبر أمورهما"
لوى شفتيه و أمال برأسه من خلف الخيمة لينظر نحو جونغ إن
"لكن..."
"لا يوجد لكن...إنه بخير ،و بيكهيون أيضاً يمكنه التعامل مع هيبا لذا لا تتدخل"
تنهد بعمق ليومئ باستسلام فربتت على وجنته بلطف و حين أوشكت على سحب يديها بعيداً عن وجنتيه أمسك بهما يمنعها عن ذلك
"هل تشعرين أنكِ بخير؟"
"أنا بأفضل حال"
ابتسمت بوسع و اقتربت منه ثم نقرت شفتيه بقبلة سريعة
" لكنني جائعة لذا دعنا ننتهي بسرعة "
همهم بابتسامة بسيطة و ترك قبلة على ظاهر كفيها قبل أن يتركها ليستكمل عمله
مالت تشانسوك برأسها لترفع نظارتها بسبابتها وهي تراقب تشانيول وهو يحمل جذع الشجر يقوم بنقله لوضعه في المسافة الفارغة بين الخيام التي نُصبت
ترك تشانيول سترته معها، و قميصه ذو الأكمام القصيرة كان يكشف عن عضلات ذراعه التي لا تبدو واضحة من ثيابه في العادة
بشرته السمراء اللامعة، خصلاته المتمردة على جبينه أطرافها التصقت بوجهه المتعرق و صدره كان يعلو و يهبط بوتيرة سريعة وهو يلتقط أنفاسه بعدما انحنى ليضع جذع الشجرة الأخير على الأرض
ضمت شفتيها و التفتت لتنظر بعيداً عنه حين استقام لينظر إليها و أشار لها
" نضعها هنا أم نضعها في مكان آخر بعيد عن الخيام ؟"
"هـ هنا جيد"
أجابته بتلعثم لترفع نظارتها ثم أعادت نظراتها إليه
"سأُساعدك"
"يمكنني حملها وحدي، إنها ثقيلة عليكِ"
" وسيم"
هتفت هيبا وهي تُصفّق مشجعة إياه فقهقه تشانيول بإحراج بينما تشانسوك زمت شفتيها ثم اقتربت لتساعده حين انحنى ليحمل جذعاً كي يحركه قليلاً
" لا بأس يُمكنني..."
أشار لها بأن تتوقف لكنه ابتلع كلماته حين لمح شيئاً لامعاً على عنقها، بالكاد التقطته عينيه من ياقة الهودي الواسع الذي ترتديه فأخفضت تشانسوك عينيها تنظر حيث يفعل ثم استقامت سريعاً لتضع يدها حول عنقها بخجل
"هذا..."
تمتمت لتنظر حولها بتوتر حتى وقعت عينيها على هيبا فضمت شفتيها ثم اقتربت من تشانيول ليميل نحوها قليلاً حين وضعت كفها بجانب شفتيها كي تهمس
" فكرت أن ارتدائها قد يجعل هيبا و هانييل يُصدقان أننا...نتواعد"
حكّت جبينها وهي تدير عينيها بينما تسترق نظرة سريعة إلى وجه تشانيول الذي نجح في إخفاء مشاعره...لكن كانت هناك احتفالات تقام بداخل رأسه، و ربما قلبه يطلق ألعاباً نارية الآن فهذا الصخب ليس مجرد اضطراب بنبضه
كانت هدية من الطبيعي أن ترتديها لكن لم الأمر يجعله متحمساً هكذا ؟! و لصالحه أنه لا يعرف الحقيقة...أنها ارتدتها كي يراها هو وليس كما قالت
همهم بارتجاف لينفخ وجنتيه يحاول السيطرة أكثر على صراخه الداخلي لكنه دون قصد انفلتت منه قهقهة خافتة فضم شفتيه سريعاً و ابتعد عنها ليسير نحو جونغ إن
أمسك بوجنتي صديقه بقوة ليعقد جونغ إن حاجبيه فمالت هانييل من خلفه تنظر إلى تشانيول بعدم فهم، و جونغ إن سرعان ما فهم ما يعاني منه صديقه
"ألا توجد ضحية أخرى غيري ؟"
تذمر بكلمات لم تكن مفهومة بسبب قبضتي تشانيول اللتان تحيطان بوجهه فضحك كيونغسو وهو ينظر إليهما من خلف خيمته ثم أمال بجذعه لينظر إلى داخل الخيمة حيث تضع سويون أغراضها
دخل إلى الخيمة فرفعت عينيها نحوه و ابتسمت بينما تتابعه بعينيها حتى جلس على رُكبتيه أمامها
"هل ترغبين بالنوم قليلاً؟"
همهمت لتنفي برأسه ثم اقتربت منه
"أرغب بالاستمتاع بكل لحظة"
ابتسم ليُلاطف وجنتها بإبهامه فضمت شفتيها لوهلة قبل أن تسأل
"لم أتيت؟ هل انتهيتم في الخارج؟"
رفع كيونغسو حاجبه كما لو كان يفكر، ثم مد يده وأمسك بمعصمها بلطف ساحِبًا إياها إلى حضنه فجأة
"ماذا تفعل؟!"
همست بدهشة بينما كانت يداها تستقران على صدره تلقائيًا
ابتسم كيونغسو وهو يميل برأسه قليلاً يراقب تعابير وجهها المرتبكة قبل أن يهمس بصوت منخفض قريب من أذنها
"أكافئ زوجتي لأنها جيدة في نصب الخيام"
ثم دون أن يمنحها فرصة للرد طبع قبلة خفيفة على خدها دافئة كوهج الشمس الأخيرة قبل الغروب
تجمدت سويون لثانية ثم أبعدته بخجل وهي تهمس بانزعاج مصطنع كأنها لم تُقبّله خارج الخيمة قبل دقائق
"يا إلهي، نحن لسنا وحدنا هنا"
ضحك كيونغسو وهو يتراجع خطوة للخلف رافعًا يديه كما لو كان يستسلم
"حسنًا، حسنًا. سأكون أكثر حذرًا… في المرة القادمة"
لكنه مال نحو شفتيها ليُقبلهما قبل أن ينسحب إلى خارج الخيمة حيث الآخرين
سارت سوشيل خلف سيهون تحمل الأغصان الصغيرة بينما هو كان يحمل الكبيرة أمامها و يتقدمها ببضعة خطوات
عينيه كانتا تميلان بابتسامة كلما تلاقت نظراتهما لكن ملامحه كانت مرتخية و هادئة كأن لا تأثير لها عليه
ابتسامته تلك لم تكن لمجرد رؤية وجهها الذي يفتنه
و لم يكن لتلاقي عينيه مع خاصتيها اللتان تأسرانه و إنما...كان معجباً باعجابها به الذي يراه بعينيها الخجولتين و سيهون لم يجد أن هناك أي داعٍ للتحدث عن ذلك
و لم يكن يرغب بدفعها للتفوه باعتراف صريح، فبإمكانه الاكتفاء باعتراف نظراتها
تنفس بعمق ليضع أغصان الشجر بين الحجارة التي تركها تشانيول وسط جذع الشجر حيث سيجلسون جميعاً
المساء حل و جميعهم كانوا يلتفون حول الشعلة للتدفئة
تشانيول جلس بجوار تشانسوك و قابلتهما هيبا التي تجاور بيكهيون، على يسار بيكهيون كان يجلس جونغ إن ثم هانييل
و على جذع آخر جلس سيهون بجوار سوشيل، يُقابلهما كيونغسو و سويون
"زوج رائع"
ربتت هيبا على كتف بيكهيون تثني عليه حين ناولها حبة البطاطا التي أنهى شويها للتو فرمقها بنظرة جانبية ثم تنهد
سيهون و تشانيول مررا أعينهما على هيبا التي تتصرف بأريحية مع بيكهيون و كأنه لم يطردها ظلماً من منزله
و كلما تصرفت بتلك الطريقة شعر بيكهيون بالذنب أكثر...لكن الفتيات كُن على معرفة كاملة بشخصية هيبا
هي لا تنسى بسهولة لكنها تعرف كيف تستمتع بوقتها
التفت تشانيول بقلق نحو تشانسوك حين تأوهت بخفوت وهي تمسك بالبطاطا الساخنة
"إنها ساخنة"
قهقهت وهي تنظر إلى تشانيول فابتسم و مد يده ليُمسك حبة البطاطا بدلاً منها ،قسمها إلى نصفين و قرّب أحدهما من فمها فمررت عينيها بين الآخرين بخجل قبل أن تميل برأسها لتقضم قطعة صغيرة منها ثم لوت شفتيها وهي تمضغها محاولة تجنب النظر إلى تشانيول الذي يُراقبها من الجانب بابتسامة دافئة و جسد يرتجف من الداخل
" هناك طاقة حب قوية ترتطم بوجهي من هذا الجانب"
هيبا لوّحت بيديها بدرامية وهي تُشير بكفيها نحو تشانيول و تشانسوك عدة مرات كأنها تستقبل تلك الطاقة فقهقه تشانيول بصوتٍ مكتوم في حين ارتبكت تشانسوك
" أنت تستغل الفرصة لتُظهر مشاعرك أمامها لكنها تعتقد أنك تتبع خطتكما الكاذبة بأنكما تتواعدان، أنت مسكين "
تأتأت بدرامية وهي تهز رأسها إلى الجانبين فضحك تشانيول بخفوت ثم قرّب قطعة البطاطا من تشانسوك مُجدداً
"لم تُصرين أن مشاعرنا مزيفة ؟هذا يجرح قلبي"
ضم شفتيه بحزن زائف فأطلقت 'ها' عالية ثم أمالت برأسها على كتف بيكهيون لينظر إليها الأخير لكنها و بكل راحة أكملت حديثها
" أنت ماكر...لم أذكر أمر المشاعر بل طبيعة العلاقة بينكما ،فبخصوص المشاعر أنت مفضوح"
رمشت عدة مرات نهاية حديثها ثم رفعت رأسها وهي توسع عينيها لتهتف بحماس
"هل أسرد لكم قصة ؟"
"أنتِ تؤلمين رأسي"
كيونغسو قلب عينيه فنكزته سويون بقهقهة خافتة بينما هيبا تجاهلته
"يقال إنه قبل سنوات، جاء مجموعة من الأصدقاء إلى هذا المكان تمامًا... كانوا مثلكم، يضحكون ويمرحون حول النار"
"لا أحد يضحك و يمرح هنا"
كيونغسو قاطعها باستفزاز فضحك الآخرين بخفوت لترمقه هيبا بجانبية ثم أكملت
"... لكن في منتصف الليل، بدأ أحدهم يلاحظ شيئًا غريباً، ظلًا يقف بعيدًا بين الأشجار يراقبهم بصمت"
"هذا مرعب"
تشانيول مازحها فأومأت و بنبرة كفحيح الأفعى استكملت قصتها
"في البداية ظنوا أنه مجرد وهم، ولكن كلما أشاحوا بنظرهم وعادوا للنظر مرة أخرى، كان الظل أقرب... وأقرب... أحدهم قرر التحقق، فحمل مصباحه واتجه نحو المكان الذي رأى فيه الظل آخر مرة... لكنه اختفى، عاد إلى المخيم مطمئنًا لكنه لم يكن يعلم أن تلك كانت آخر ليلة له"
مررت عينيها بينهم
"في الصباح، استيقظ الجميع ليجدوا خيمته مفتوحة... وهو لم يكن هناك فبحثوا في كل مكان، لكن لم يجدوا له أثرًا سوى آثار أقدامه التي توقفت فجأة وسط الغابة، وكأن شيئًا ما سحبه إلى العدم، منذ ذلك الحين، يقول الناس أن من يخيم هنا قد يرى نفس الظل، يراقبه بصمت، ينتظر اللحظة المناسبة ليقترب أكثر... وربما يأخذه أيضًا"
قهقهت بشرٍ و تشانيول كان يُزيف خوفه بوضوح ليضحكوا جميعاً
كانت قصة من وحي خيالها، سخيفة وغير مخيفة...الجميع كان يُدرك ذلك وهي أيضاً
لكن الأمر كان لايزال مُمتعاً
" هل تعتقدين أن هذا مخيف ؟"
كيونغسو تساءل بسخرية و ابتسامته كانت تفشي ما هو مُقبل عليه فرفعت هيبا كتفيها بلا مُبالاة و أخرجت لسانها تستفزه
"هل أُخبركم بقصة مرعبة حقيقية؟"
أدار عينيه نحو هيبا التي ظنت أنه سيدخل معها في حرب الآن تدور حول من يقدم أكثر القصص رعباً و تشويقاً لكنها تجمدت حين أكمل بعبث
"ذهبت في موعد مع فتاة لا ترغب بالزواج..."
قهقهت بارتجاف لتتبادل النظرات بين الآخرين، و من ابتساماتهم جميعاً تأكدت أنها لم تفهم تلميحه بشكل خاطئ
"أنت! لا يمكنك التحدث عن فتاة أخرى في وجود زوجتك"
هتفت وهي تُشير إليه بسبابتها فرفع حاجبيه و أخفضهما بحركة سريعة
" كانت وقحة للغاية، لا يمكنكم تخيل الأمر"
"سأقتلك إن تفوهت بالمزيد"
أشارت إليه بتهديد فقهقه ثم أكمل
"أتعرفون ماذا قالت؟..."
"سأقتلك اليوم أيها القصير "
صرخت بفزع وهي تركض نحوه فأسرع كيونغسو بترك مكانه ليبتعد عنها
" من يرغب بمعرفة ما قالته فليرفع يده "
هتف وهو يدور حولهم هارباً منها فصرخت هيبا لتركض نحوه لتتعالى قهقهاته وهو يبتعد عنها مما أرغم الآخرين على الضحك
و جونغ إن بدأ تدريجياً يتناسى حقيقة أن المكان مظلم و سيكون أكثر ظلمة ما ان تُطفأ هذه الشعلة أمامهم
التفت جونغ إن ينظر نحو الخيمة بتردد حين رأى أن الجميع بدأ يستعد للنوم، قلبه كان ينبض بوتيرة سريعة غير طبيعية و جسده سارت البرودة إلى أطرافه في شعور غير مريح البتة، و كأنه إن أغلق عينيه بهذا الظلام فلن يستيقظ بنفس المكان
ربما سيكون في غرفة مظلمة وحده
جفل حين أحاطه تشانيول بذراعه وهو يقول بهمس
"مضطر إلى البقاء معك لذا سأعانقك طوال الليل وكأنك تشانسوك"
"تشانيول هذا مقرف"
دفعه بتقزز فقهقه تشانيول و اقترب منه كي يعانقه مُجدداً لكن جونغ إن سبقه نحو الخيمة التي كانت أكبرهم من حيث الحجم
سبقهما سيهون إلى الداخل حيث سيبقى كلاهما مع جونغ إن، و بخيمة أخرى كانت سوشيل نائمة، تعانقها تشانسوك من جانب وعلى جانبها الآخر كانت هانييل نائمة
الخيمة الثالثة كانت تخص الزوجين دو...و بينما الجميع كان يستعد بعضهم للنوم و آخرين قد غطوا بالنوم بالفعل
كان بيكهيون يجلس في خيمته يعانق ساقيه إلى صدره بينما هيبا تفترش الخيمة بأكملها دون أن تترك له مجالاً للإستلقاء
و الآن بات الأمر واضحاً لماذا أصرت على البقاء معه بذات الخيمة لكنه لم يكن غاضباً منها
استدارت هيبا كي تنم على جانبها لكنها تذكرت أمر بيكهيون ففردت ذراعها مُجدداً لتنظر نحوه
"ماذا ؟أحب النوم هكذا"
رفعت حاجبيها تُبرر فهمهم بخفوت كأنه لا يعرف أنها كاذبة...ألا تنام بجواره كل ليلة؟!
"هل أنت غاضب؟"
سألت بحذر فنفى برأسه بحركة بسيطة لتستقيم بسرعة و تربعت
"لماذا؟ لم لست غاضباً ؟لن أفسح لك المكان فقط لتعرف هذا"
أشارت إليه بسبابتها فتنهد بعمق و أومأ بتفهم
" أعتقد...ربما أستحق ذلك"
تمتم بخفوت فمالت هيبا برأسها لتنظر إلى شفتيه حين تنهد بثقل
" مهلاً...أنا أفعل هذا لتغضب، يجب أن تغضب"
رفعت عينيها نحو خاصتيه لتعقد حاجبيها
" هل أطردك إلى خارج الخيمة؟"
أخفض بيكهيون عينيه عنها و تحرك ليخرج فأسرعت نحوه لتُمسك بيده
" يُمكنك... البقاء هنا"
بتلعثم تحدثت ثم عادت لتستلقي مُجدداً
"الجو بارد في الخارج لست قاسية كأحدهم "
عاد بيكهيون إلى مكانه لينظر إليها حين فردت كلتا ذراعيها و ساقيها مرة أخرى
" فلتنم بذات وضعيتك الغير مريحة هذه و إن راودك كابوساً رجاءً أخبرني لأنني سأكون سعيدة للغاية بمعرفة ذلك"
أغلقت عينيها أثناء حديثها فمرر بيكهيون عينيه على وجهها و ابتسامة بالكاد تلاحظ نمت على شفتيه
لكن مُجدداً غادرته تنهيدة ثقيلة، و أمنية هيبا الغير صادقة قد تحققت بالفعل فلم يجد بيكهيون الراحة طوال الليل
وضعيته وكذلك أفكاره لم يساعده أي منهما
في الصباح جلسوا جميعاً أمام الخيام يتناولون الإفطار في صمت حتى تثاءبت هيبا و سألت
"ماذا سنفعل ؟"
رفعوا أعينهم نحوها ثم التفتوا إلى تشانيول الذي تنظر إليه موجهة إليه السؤال
" سنلعب لقد أحضرت المسدسات و الألوان بالفعل"
"دعني أخمن...سنلعب في ثنائيات"
همهم تشانيول يؤكد حديثها فقهقهت هيبا لتحيط خصرها بذراع بينما رفعت الأخرى تلوّح بها في الهواء
" كان الأمر ليصبح أسهل لو لعبنا لعب الصراحة و التحدي لنفرض عليهما التقبيل أو نجعلهما يثملان و حينها سيكون كلاهما صريحاً بشأن مشاعره...لم يجب أن نركض ؟هذا سيضع كامل التركيز على الفوز و ليس التقرب من بعضهما"
ضيّق كيونغسو عينيه بعدم فهم وهو يتبادل النظرات مع بيكهيون و سويون، ابتسمت هانييل بجانبية بينما جونغ إن، تشانسوك و تشانيول تبادلوا النظرات معاً قبل أن يسأل تشانيول يدّعي الجهل
" ماذا تقصدين؟ "
" هيا يا رفاق ،جميعنا نعرف أننا هنا من أجل سيهون و سوشيل "
التفتت سوشيل لتنظر إليها ثم حركت عينيها نحو سيهون الذي ينظر بعيداً عنهم بهدوء كأنه لا يسمع ما يدور من حديث بينهم
"ألا تعرفين متى يجب أن تلتزمي الصمت ؟"
بيكهيون همس إليها فهتفت بعدم تصديق
" جميعنا نعرف الحقيقة فلماذا قد يدعونا جونغ إن إلى رحلته الأولى وهو لم يتعافى بالكامل؟...هذا كي تأتي سوشيل معنا، أيضاً كان بإمكان أي شخص آخر أن يذهب لجمع الأغصان لكن ذهب سيهون و سوشيل فقط بينما تعاون الآخرين هنا "
أشارت إليهم فهز كيونغسو رأسه إلى الجانبين، هو حقاً يرغب بضرب رأسها الآن لتفقد الوعي
" و تشانسوك كانت متحمسة و ظلت تتساءل إن كانت سوشيل ستأتي... من المستحيل أن تتحمس تشانسوك إلى رحلة بها هذا العدد من الرجال "
ختمت حديثها بثقة ثم ابتسمت بوسع و التفتت إلى بيكهيون
"ألست ذكية ؟"
"يا إلهي"
تمتم بعدم تصديق وهو يتبادل النظرات معها بينما تشانسوك شعرت بالتوتر...أكانت واضحة حقاً ؟
" هذه الفتاة مزعجة "
همس جونغ إن إلى تشانيول فضحك الأخير ليومئ موافقاً إياه
" استعدوا يا رفاق، لا يوجد صديق سوى من بفريقك، أما الآخرين أعداء...احرصوا على القتال بكل ما لديكم"
هتف تشانيول وهو يسلم الأسلحة إلى الفرق التي قُسّمت إلى ثنائيات يرتدي كل منهم عصبة بلون كما عضو فريقه الآخر
و تشانيول كان حريصاً على اتباع تقسيمته التي وضعها مسبقاً متجاهلاً أن ذلك يُثبت حقيقة ما قالته هيبا
وقف مع تشانسوك بين الخيام حيث كانا هما الحكام باللعبة، و من بعد هيبا كان تشانيول الشخص الآخر الذي يزعج جونغ إن
فلماذا يضعه مع هانييل بكل فرصة تسنح له ؟!
انقسموا ليدخلوا بين الأشجار التي لم تكن كثيفة لذا ساروا لبعض الوقت كي يختبئ كل فريق إلى حين انطلاق صافرة البدء
____________
~~~سوشيل~~~
مازلت أذكر ذلك اليوم كأنه البارحة، مازلت أشعر بذات الضيق و الحزن
كان عيد مولد شين هاي صديقتي المقربة والتي قضيت معها طفولتي و مراهقتي كما قضيتهما مع جونغمين
كنت حلقة الوصل بينهما و لم يتعرف كلاهما سوى في الأعوام الأخيرة قبل أن تنتهي علاقتنا...علاقة الصداقة التي دامت لأكثر من سبعة عشر عاماً، من بينهم تسعة أعوام تواعدنا بهم أنا و جونغمين
بذلك اليوم طالبتني شين هاي بأن أكون مستعدة ليطلب مني جونغمين اتخاذ خطوة رسمية بعلاقتنا
لم أكن مستعدة لهذا الأمر لكن جميع من حولي شجعني على الموافقة على ذلك، هيبا صممت لي فستاناً كي أكون بكامل أناقتي و الجميع كان ينتظر لمعرفة التفاصيل لكن...
حين قدم الجميع الهدايا إلى شين هاي تقدم جونغمين و عرض مقاطع الرقص الخاصة بي، تخيلت أن هذا العرض رومانسي لوهلة إلا أن المقاطع كانت غريبة
لم تكن كما كنت أعرضها بثقة...رأيتهم يضعون التركيز على أجزاء بارزة من جسدي لم أكن مهتمة لها من قبل
ضحكاتهم الساخرة، تعليقاتهم الجارحة، وجه جونغمين الحاقد وهو يلومني على الضغط الذي عايشه بسببي
مازال صوته يتردد برأسي وهو يخبرني أنه قضى سنوات مع دمية باردة لا تشاركه الحزن أو السعادة ولا تمنحه أي شعور بالاهتمام
قال أنني لا أصلح للدخول في أي علاقة لأنني سأدمر أي شخص كما دمرته هو و شين هاي
لم أعي أنني كنت باردة إلى ذاك الحد الذي دفعه للتفكير في الانتحار ذات مرة، و لم أدرك أنه عانى من الاكتئاب بسببي
لا أدري أي جزء آلمني أكثر حينها...اهانتي أمام الجميع؟ اكتشافي أنه اختار خيانتي مع صديقتي والتي ساهمت معه في تحطيمي؟
أو ربما تقليله من شأني و من شأن ما أحبه...أخبرني بكل ثقة أمام الجميع أن لا اوه سيهون أو غيره قد يقبل بانضمام فتاة بجسد مقزز كجسدي إلى فريقه إلا إذا كان يسعى لاثارة الشفقة
هل كنت سيئة إلى هذا الحد الذي أفقده أعصابه ؟كنت سيئة لذاك الحد الذي جعله يلقي كل كلمة لاذعة تأتي برأسه كي يخفف شعور الضيق و الألم الذي سببته إليه؟
في كل مرة اعترف إليّ سيهون بمشاعره أرى ذكرى سريعة لذاك اليوم و لما حدث حينها
يتملكني الخوف ولا أعرف كيف أتحكم به و بأفكاري...هل جونغمين كان محقاً؟ هل سأؤذي أي رجل أدخل في علاقة معه؟
يظل يراودني مجموعة من الأسئلة التي أخشى إجابتها
هل سيمل سيهون مني بمرور الوقت؟ ربما أجرحه دون قصد ببرودي كما جرحت جونغمين و شين هاي
أو ربما يميل إلى خيانتي هو الآخر و أنا... أكره شعور التعرض للخيانة فهو مؤلم أكثر من تلك الكلمات السامة و السخرية التي تعرضت إليها
كان يتقدمني ببضعة بخطوات ،هادئ لا يتحدث عن شيئ
توقعته أن يكون صريحاً بالتعبير عن مشاعره أمام الجميع حين قالت هيبا سبب وجودنا هنا إلا أنه ادّعى عدم سماعه لأي شيئ و كأنه قرر الاستسلام
هل أنا أنانية لأنني لا أريده أن يتخطى مشاعره نحوي؟ أم أنني سيئة لأنني أريده أن يعترف لي طوال الوقت بصراحة ولا يتوقف عن ذلك؟
هل...هل أستحق فرصة أخرى لأقع بالحب أم أن شخص مثلي لا يستحق ذلك؟!
إن كنت أنا من رفضت مشاعره عدة مرات، و أنا من اتخذت قراري بأن لا أدخل في علاقة كي لا أجرح أي شخص آخر دون قصد فلماذا أشعر بغصة تخنقني لأنه لم يعلّق على ما قيل كما توقعت أن يفعل؟!
لم مازلت أنتظر منه اعترافاً آخر بالرغم من رفضي المتكرر له ؟
_____________
"أعتقد أننا ابتعدنا كثيراً"
توقف سيهون عن السير وهو يتحدث بهدوء ،ثم بعد مرور لحظات التفت إلى سوشيل حين لم يتلقى إجابة منها فوجدها تقف على بُعد خطوات منه بينما تنظر إليه بأعين لامعة تُنذر بالبكاء
"ما الخطب؟"
سار نحوها بخطوات حذرة حتى وقف أمامها و نظراته انزلقت حيث كفه التي وضعها على إحدى وجنتي سوشيل بينما ابهامه اخذ يُمسد وجنتها بلطف
" لماذا ؟"
همس بتساؤل قاصداً دموعها العالقة بمقلتيها، ليعانق وجنتها الأخرى فزفرت بارتجاف ثم فرّقت بين شفتيها لتسأل بنبرة مختنقة
" لم تُعلّق على...ما قالته هيبا"
مررت لسانها على شفتيها الجافتين و ابتلعت ريقها بثقل في حين كانت تتنقل مقلتيها بين خاصتيه باحثة عن إجابة
و سيهون لم يفهم هل هي تشعر بالاحراج مما قالته هيبا؟ أم انها ترغب بالتأكد من أنه لم يتراجع عن مشاعره؟
"مؤخراً..."
تمتم ليميل بجبينه على خاصتها ثم زفر بعمق
"كنت شخصاً آخر غير الذي أعرفه أنا لذا...أحاول السيطرة على مشاعري كي لا أزعجكِ"
قطب حاجبيه ليضغط جفونه بقوة حين سمع صوت صافرة البدء يأتي من بعيد و رفع رأسه لينظر إلى وجه سوشيل
"أعتقد...بدأت اللعبة "
أخفض ذراعيه إلى جانبيه و عاد خطوة إلى الخلف فأمسكت سوشيل بيده سريعاً
رفعت عينيها نحو خاصتيه ليتبادلا النظرات في صمت ،و مُجدداً عادت الأسئلة تملأ رأس سوشيل
ذاك التشوش و التردد برأسها كان واضحاً للغاية بأعين سيهون فأغلق عينيه و أعاد فتحهما
" يمكنني انتظاركِ إلى أن تكوني مستعدة"
مررت عينيها على وجهه فاتخذ خطوة نحوها وعينيها تحركتا مع وجهه القريب
" ليس بوسعي شيئ سوى الإنتظار فكلما حاولت التفكير في تخطي مشاعري أو السيطرة عليها أجدني..."
قضم سيهون باطن سُفليته باحثاً عن كلمة مناسبة تصف مشاعره دون تزييف أو مبالغة لكن لم يكن هناك كلمة كافية تصف ما يحدث معه عدا الحب...لعله في هذه اللحظة أدرك لم لا يمكنه السيطرة على تصرفاته حين يتعلق الأمر بسوشيل
و لماذا يعيد اعترافه مراراً و تكراراً رغم رفضها له في كل مرة يفعل
غادرته تنهيدة عميقة ثم باستسلام رفع كتفيه
"أجدني أقع في حبك أكثر"
جفلت سوشيل فقضم سيهون باطن سفليته لعدة لحظات ثم زفر بضيق
"لا أعرف ما يُزعجكِ أو ما الذي يجعلكِ مترددة نحوي لكنني صادق بمشاعري فالأمر ليس مجرد اهتمام أو إعجاب مؤقت"
ابتلع ريقه ليمرر عينيه على وجهها حتى وقعت عينيه على شفتيها
" سأتوقف..."
همس وهو يقترب منها بحذر ،تسلل كفه نحو عنقها و أكمل بذات نبرته الهادئة
"إن أردتِ ذلك"
أغلق عينيه مع حروفه الأخيرة ليضع شفتيه على خاصتيها بسطحية فأمسكت سوشيل بعضده
ابتعد عنها بضعة انشات ليتبادل النظرات بين عينيها الباكيتين فابتلعت ريقها بثقل و ضغطت بأناملها على عضده، بتردد أخفضت عينيها نحو عنقه ثم همست بنبرة مختنقة
"ماذا إن...شعرت بالملل أو ربما...قد أجرح مشاعرك دون قصد"
ارتجفت أحرفها لتغلق عينيها و استنشقت ماء أنفها فهمهم سيهون بخفوت
"لا أعرف ماذا سيحدث في المستقبل لكنني سأكون صادقاً معكِ دائماً، حين أشعر أن علاقتنا توترت يجب أن أخبرك لنصل إلى حل معاً"
"حتى و إن جرحت مشاعرك لا... "
أعادت فتح عينيها الدامعتين ثم رفعت نظراتها نحوه بتردد
"لا تقم بخيانتي ولا...تخبرني بذلك بقسوة"
مالت عينيه الهلاليتين بابتسامة بسيطة و اقترب ليترك قبلة طويلة على جبينها سحب خلالها نفساً عميقاً
" أعدكِ سأحرص على حماية قلبكِ مني قبل الآخرين "
ضمت شفتيها بعبوس حين تلاقت نظراتهما فجعّد سيهون أنفه بينما يحاول مقاومة أفكاره في تقبيلها مُجدداً لكنه فشل في ذلك
" هل يمكنني؟"
همس فبقت هادئة لبعض الوقت تتبادل النظرات معه حتى سحبت يدها إلى الأسفل لتترك عضده، أمسكت بطرف سترته ثم حركت عينيها نحو الأسفل تبتعد بنظراتها عن خاصته فمال إليها مرة أخرى يلتقط سُفليتها في قبلة رطبة
حرك كفه قليلاً على عنقها حتى أمسك بمؤخرة رأسها يدفعها نحوه بلطف وهو يميل برأسه إلى الجانب الآخر بي، نما خلف إحدى الأشجار كانت هيبا تُراقبهما بابتسامة واسعة حتى رأت مسدساً يرتفع من جانب رأسها فالتفتت إلى بيكهيون و دفعت مسدسه بأعين اتسعت بتفاجؤ
"هل فقدت عقلك ؟"
"لماذا ؟أليس الوقت مناسباً لقتلهما ؟"
سأل بغباء فعقدت هيبا حاجبيها ثم دفعت رأسه بسبابتها
" كيف حصلت على ابنة بهذا العقل الغبي؟"
قطب حاجبيه ليضع كفه على الشجرة خلفها وهو يميل نحوها
"و ما دخل ذلك الآن؟"
"أنت تفتقر إلى الرومانسية يا رجل...نحن جميعاً هنا من أجل ذلك و أنت تريد افساد الأمر، سأخبر سيهون أن يقطع علاقته بك فأنت أحمق"
أخفض بيكهيون نظراته نحو اصبعها الذي نكز صدره عدة مرات ثم رفع عينيه نحو خاصتيها ليتبادلا النظرات في صمت
ضمت هيبا شفتيها وهي تطوف بعينيها على عينيه الناعستين و المنطقة المحيطة بهما...هيبا صادقة مع نفسها لذا لا يمكنها إنكار حقيقة أن أعين زوجها جذابة
حتى وهي متورمة و مرهقة
"وقحة"
بيكهيون همس بعد بعض الوقت و أشاح بعينيه إلى جانب بعيد عن هيبا فرفعت طرف شفتيها بحنق و...بيكهيون شعر بعدها بثيابه باردة فأنزل عينيه ينظر إلى ثيابه
"أنتِ غبية ؟نحن فريق واحد"
سوشيل دفعت سيهون بخجل حين سمعت صوت بيكهيون في مكان قريب، بينما هيبا رفعت كتفيها بلا مبالاة...كانت راضية للغاية بعدما قتلت بيكهيون
راضية لدرجة أنها ابتسمت في وجه كيونغسو حين أصابها بمسدسه ثم قفزت في خطواتها وهي تعود إلى الخيام، وفي النهاية جميعهم كانوا ملطخين بالألوان عدا هانييل التي فازت بالفعل فأشار تشانيول إلى بيكهيون
"مازلت لا أفهم، لماذا تحمل سترتك لون فريقك؟"
رمق بيكهيون هيبا بحنق فأدارت عينيها ببراءة زائفة
بينما سيهون الذي يقف بجوار تشانيول كان ينظر إلى سوشيل المقابلة له فتحركت بخجل تختبئ خلف تشانسوك
____________
أوقفت هانييل سيارتها خلف سيارة بيكهيون داخل أسوار منزل كيم حيث ترك بيكهيون ابنته مع جده ، بينما هانييل كانت ستعيد جونغ إن إلى المنزل و تغادر بعدها مباشرةً
" يبدو أن جدتي أتت لزيارة صديقها"
قهقهت ساخرة وهي تنظر إلى سيارة جدتها التي تصف بجانب سيارة السيد كيم
"إن أتت لزيارته فحسب فلماذا تضع السيارة هناك و ليس بالقرب من البوابة؟"
مال رأس جونغ إن باستغراب فمن الطبيعي أن تكون السيارة قريبة من البوابة وليس داخل حدود الجراج
التفت لينظر إلى هانييل، تبادلا النظرات قليلاً ثم خرجا من السيارة و توجها إلى داخل المنزل بخطوات سريعة فحرك بيكهيون عينيه معهما وهو يغلق باب سيارته ثم لحق بهما هو الآخر بعدم فهم
و بتململ كانت تسير هيبا في الخلف غير مبالية لأي شيئ، كل ما كانت تريده في هذا الوقت هو الاستحمام للتخلص من تلك الألوان التي تغطيها ثم النوم لعشرة أيام على الأقل
ارتطمت بظهر بيكهيون فارتد جسدها إلى الخلف بضعة خطوات لترفع رأسها و كادت توبخ بيكهيون لكنها التزمت الصمت كما فعل الجميع
وقفت السيدة هيويون كما وقف السيد كيم ينظر إلى حفيديه
"ااه جدتي، ماذا تفعلين هنا ؟"
هتفت هيبا بتساؤل لتنظر إلى يدي العجوزين أمامهما فلم ينفك تشابكهما الحميمي بالرغم من دخول أحفادها
لكن ذلك كان أقل غرابة من رؤية السيدة هيويون بثياب منزلية في منزل السيد كيم
" هذا أصبح منزل هيويون"
السيد كيم هتف فقهقهت المقصودة لتصفع كتفه باستحياء ليتبادل بيكهيون و جونغ إن النظرات بعدم فهم
"لقد تزوجنا"
To be continued.....
Bạn đang đọc truyện trên: AzTruyen.Top