- 14 -
-
جمعتُ أغراضي التي تُذكِّرُني بِـالفترة التي قضيتُها مِن حياتي في مرضي، و وضعتُها على سريري، بينما كُلّ شيء آخر كان في مكانه المُعتاد.
هُناك إحتِمالان، إمّا نجاح العمليّة و نجاتي، إمَّا فشلُها و وفاتي.
إن نجوت؟ سوف أرمي جميع هذهِ الأغراض و أحرقُها بِدءًا مِن ثِيابي الطويلة و الخانِقة حتّى أدويتي.
و إن فشلت العملية فَـسوف تبقى مكانُها، لكِنَّني سَـيكون من سوف يرحل.
لوي قادِمٌ مع والِدتُه لِيقلّني و والِدتي إلى المُستشفى، أخبرتُه في الأمس و قد ارتعب و أراد القدوم لِـرؤيتي لكِن الوقت كان مُتأخر و قد منعته لِأنَّني كُنت في حالة مُزرية.
لكِنَّهُ بقي يُحادِثُني حتّى سقطتُ نائِمًا و قد استيقظتُ على اتِّصالٍ مِنه.
جلستُ في المطبخ مُراقِبًا والِدتي تطبخ الإفطار "تعلم أنّ لوي سوف يفطرُ معنا اليوم، صحيح؟" هي قالت عِندما استدارت و وجدتني، لِأبتسم "جميل، أول إفطار لي مع حبيبي مُنذ فترة طويلة."
بعد دقائق انضمّت إلينا كلوي مع والِدي الذي يحملها على ظهره "صباحُ الخير!" تمتمت لهُما لِيُجِيباني "صباح الخير!"
"لوي قادِم مع جُوانا لِلإفطار قبل أن يقلُّونا إلى المُستشفى." قالت والِدتي، و أبي وضع كلوي على الكُرسيّ إلى جانِبي "متى سوف تبدأ العملية؟" سأل.
"بِحلول التَّاسِعة، رُبّما." هي أجابت "جيّد، سوف أحرص على الخروج مِن عملي قبل التاسعة والنصف!"
كلوي إلى جانِبي وكزت خصري بِخفّة "ماذا؟" أجبتُها، كانت عابِسة "هل سوف تكون بِخير؟" تسائلت، أستطيع رؤية عينيها تدمعُ بِالفعل.
"سوف أكون بِخير، لا أعِدُكِ، لكِنَّني سوف أُحاوِل جاهِدًا." همست مُقبِّلًا رأسُها.
هي تركت كُرسيها و قفزت فوق حضني لِتحتضنني و تبكي، لِذا بدأت بِالبُكاء معها؛ لا أعلم ماذا سوف يحدث لي فِعلًا، قد لا أكون بِخير!
في الدقَّائِق الأُخرى كان لوي و والِدتُه في المطبخ معنا، و أوّل شيء فعله كان التقدُّم إليّ و احتِضاني.
شعرتُ بِالخدر فورًا بين أحضانه، شعرتُ بِـالحُبّ و السَّكِينة كأنّ روحي باتت في المكان الذي يجدُر بِها أن تكون فيه.
"انظُر إليّ." همس لِأرفع رأسي عن صدره و أُحدِّق في عينيه القَلِقة "لا تبكي، سوف تكون بِخير و سوف نُكمِل بني أحلامُنا معًا لِـمُستقبلنا." تبسّم ماسِحًا قطرات الدّموع التي انزلقت على وجهي.
"أُحِبُّك." همستُ له، لِيُجيبني "أُحِبُّك أيضًا، عزيزي، أُحِبُّك لِلأبد."
كدت أرتفع و أقبله، لكِن الجميع هُنا معنا لسنا وحدنا؛ لِذا جلستُ مكاني و جلس هو إلى جانِبي الأيسر مُمسِكًا بِقبضتي بين خاصّته.
لقد أفطرنا معًا، كانو يتحدّثون و يضحكون كثيرًا و حاولت الإستمتاع بِاللحظة لكِن جميع تِلك الأفكار و المشاعر السلبية تُحاوِل إحباطي.
لوي أطعمني بِملعقته أيضًا، و أطعمتُه كذلِك رُغم خجلي مِنهُم و ضحكاتهُم الصَّاخِبة "أنا الطفلة هُنا، يجدر أن يطعمني أحدكم!" كُلوي قررت إفساد تِلك اللحظة بِقولها.
"صحيح، لكِن ذلِك يُسمّى 'رومنسيّة' و هذا ما يفعله الأحبّاء غالِبًا." أجابتها والِدتي، لِـتتكتّف "كيف لَم أرَكِ تفعلين ذلِك مع أبي؟ لأنه مقرف!"
شهقت، و نظرت إليها بِغضب "إن كان ذلِك مقرف لِماذا تغارين و تطلبين من أحد إطعامُك؟!" هي قهقهت بِتوتر "حسنًا، أكمِلا قرفكُما."
نظرت إلى لوي الذي كتم قهقهته و قرصت فخذه بخفّة ليجفل، بعد ذلِك أكملنا إفطارُنا بِشكلٍ لطيف؛ هو استمر بِـإطعامي و ابتسمت لِـكلوي كل مرة ناداني لِيضع الطعام في فمي.
"حسنًا، يجدر بِي الرحيل لِلعمل الآن." تحدّث والِدي و استقام، أتى إليّ و احتضنني ثُمّ قبّل رأسي "أُحِبُّك، سوف أحرص على أن أكون هُناك!" و رحل.
أنهيت إفطاري و وضعتُ طبقي جانِبًا صاعِدًا إلى غُرفتي لِمرّةٍ أخيرة بعد، راقبتُ لوحات لوي التي رسمها و جلستُ على الأرض في وسط الغُرفة مُحدِّقًا في كُلّ شيء.
طرقٌ على الباب ثُمّ بعدها دخل لوي الذي راقبني كما تقدّم إليّ "ماذا تفعل؟" سأل، جلس إلى جانِبي "هُنا أفنيتُ عُمرًا طويلًا مِن حياتي، أُراقِب السقف، أعبث بِهاتفي، أرقص، هُنا لِوحدي."
استلقيت على الأرض، و تنهّدت "اليوم، قد أعود و ترحل جميع تِلك الأغراض على سريري، أو أرحل و تبقى جميعُها." هو نظر إلى سريري و عبس.
أتى فوقي و نقر أنفي "أعلم أنّ الإيجابيّة لا تنفع في موقف كهذا ولكِن كُن مُتفائِلًا، ألا ترغب بِالعودة بين أحضاني؟ ألا ترغب بِـالزواج مني؟!" همس مُبتسِمًا.
احتضنتُه ليندفن رأسه في عُنقي البارِد "أكمِل." همستُ له، فَـفعل "سوف يكون هُناك 'منزلنا'، نعيشُ معًا، أنت تُكمِل دِراستُك بِالجامعة و أنا سوف أحصل على وظيفة، سوف أعود كُلّ يوم بِـهديّة لِمُفاجئتُك و حتّى لا تفقد حُبّك لي."
"لا أظنُّ أنّ هذا شيء مُحتمل الحدوث حتّى، لن أخسر حُبي لك." أجبتُه "رُغم ذلِك، أخبرتُك أنَّني سوف أُدلِّلُك، سوف تكون أميرتي، زوجي و حبيبي و صغيري اللطيف."
"سوف أتأمَّلُ عينيك الخلّابة و أُقبِّل شفتيك اللذيذة، أحتضنك و أُغنِّي لك حتّى تغفو بين ذِراعيّ."
"سوف أُحبُّك بِكُلّ ذرّة مُتبقيّة فيَّ، حتَّى يفنى العالم و تزهق الأرواح، حتَّى يتقابلان الشَّمس و القمر في سماءٍ واحِدة و حتَّى أتحوّل إلى فُتاتٍ مُشتَّت؛ سوف أُحِبُّك بِـكُلّ تركيبةٍ فيَّ، أُحِبُّك دائِمًا قبل أبدًا."
كان يجدر بي الإبتسام، كان ذلِك لطيفًا، لكِنَّني بكيت "ماذا لو لم أعُد.. أبدًا؟" سألت، ارتفع عنّي و حدّق فيّ بِـعدم رِضا "لا تقُل-"
قاطعتُه فورًا "أعلم، أعلم؛ لكِن لا تُفكِّر بِالأمر وكأنَّ إحتمال حدوثه مائة بالمائة، ماذا لو لم أعُد؟ هل سوف تكون بِخير؟" نظرتُ في عينيه، أبعد حزقتيه الفاتِنتين عنّي و تبسّم بِخفة، بِانكسار.
"أنت تُعامِلُني كأنَّني لن أفنى أبدًا، كَـالآلهة، لكِنَّك تنسى أنَّني مُجرّد بشريّ و الربُّ قادِرٌ على إزالتي في لمح البصر." تحدّثت مُجدّدًا، و شعرتُ بِـنبضات قلبه الثقيلة و المؤلمة.
عينيه إغرورقت دمعًا و أنفاسُه ثَقِلَت "أنا أعتذر، لَكِنَّك يجب أن تكون مُستعِدًّا لِـكُلّ شيء." قبّلتُ وجنته، عضّ شفته السُّفلى التي بدأت بالإرتعاش و تبسّم "سوف أتحطّم و سوف يتلاشى المُستقبل مِن أمام عينيّ، لكِنَّك سوف تكون في قلبي دائِمًا."
"و لِأنَّك تملأ قلبي قبل ذِراعيّ، و تحتضن روحي قبل جسدي؛ فَـسوف أكون بِخير." ابتسم، و خانته دموعه التي حبسها لِـتسقط على عُنقي و أُقهقه "أُحِبُّك!" أخبرتُه.
-
ها أنا في رداء المُستشفى مُستلقٍ على سرير في غُرفة واسِعة، في مُنتصفها تمامًا، المُمرضون و المُمرضات يُجهِّزون الأدوات و أنا مُغلِقٌ عينيّ.
سَمِعتُ والِدتي تتحدّث "هل هو مُخدّر؟" لِأفتح عينيّ و أبتسم لها "ليس بعد، أُمّي." تحدّثت، فَـتقدّمت إليّ و احتضنتني.
"هارولد.." دخل لوي الغُرفة "لو!" هتفت و فتحت ذِراعي الأُخرى ليتقدّم و يحتضنني مع والِدتي "هل أتى أبي؟" سألت، لكِنّ والِدتي ابتعدت و عبست "كلّا، لكِنَّهُ سوف يكون هُنا قريبًا."
كُلوي هرولت لِلداخل مع جُوانا التي تُمسك بِقبضتها و ركبت فوق السرير لِتجلس فوق حضني "هاري هُناك مطعم في الشارع المُقابِل و فتى يبيع مُثلّجات في عربة!"
احتضنتها و قبّلت رأسها "حسنًا، اذهبي و خُذي النكهة التي تُريدينها من الفتى، حينما أنتهي سوف آخُذ المُثلجات معكِ مُجددًا!" أشعُر بِالسوء لأنني أرفع آمالها و أنا لا أعلم ما قد يحصل.
انحنت جُوانا لِاحتضاني مُتمتِمةً "سوف تكون بِخير، حارِب بِقوّة مِن أجل نفسك... و أظن من أجل لوي!" هي قهقهت و شعرتُ بِـحرارةٍ تنتشر في وجنتيّ "سوف أفعل ما بِوسعي.".
جلس لوي إلى جانِبي و ربط قبضتينا معًا "أنت أقوى مِن ذلِك، حبيبي!" همس و رفع يدي لِـيُقبِّلها.
نظرتُ إلى أُمّي "أخبري أبي أنَّني أُحِبُّه." هي ابتسمت، و دموعها تنزلق عبر وجنتيها لِتمسحها و تومئ "سوف أفعل!"
هي حملت كلوي التي لوّحت لي بِـعبوس و خرجت مع أُمّي و جُوانا، لِأبقى مع لوي وحدنا.
"أعلم أنّ كُلّ شيء مُحتمل الحدوث، لكِن سوف أدعو الربّ لِتكون بِخير." قبّل رأسي و قهقهت "أتمنّى."
"حسنًا، الطبيب طلب تخديرك الآن." أحد المُمرضين تحدّث، حامِلًا طبقًا معدنيًا بِـحُقنةً فيه لِأومئ له "حسنًا.."
دفنتُ رأسي في عُنق لوي لِيُحيطني بِذراعيه، شعرت بِالممرض يرفع الرِّداء حتّى خصري لِـيحدد مكان الحقنة بِـمسحته الطبيّة ثُمّ حقنني لِأعضّ شفتي.
"أُحِبُّك." همست لِلوي، و ارتفعت لِتقبيله لِمرّة أخيرة قبل أن أتخدّر. تأمَّلتُ عينيه الَّلامِعة و شفتيه المُتبسِّمة، أُغرِمتِ بِه لِمرّةٍ أخيرة بعد، تِهتُ في ملامِحه العَذِبة وكأنَّها جلبت الحياة لِـداخِلي لِلمرّة الأخيرة.
و تخدّرت بين ذِراعيه.
-
؛لوي توملينسون.
قلبي انقبض عِندما رأيتُه يتخدّر في أحضاني، كان أشبه بِـرؤيته يتركني لِلأبد مع كُلّ ما قاله لي بِـشأن فشل العمليّة، خرجت مِن هُناك بِـألم يعتصر دواخِلي.
والِدُه كان قد وصل بعدما دخل الأطِّباء الغُرفة بِـعشرون دقيقة و قد كان حزينًا لِأنَّهُ لم يستطِع التحدُّث مع هارولد قبل ذلِك.
جلستُ أمام الغُرفة مُنتظِرًا بينما جميعهُم رحلو لِـيُحضِرو الطعام، فَـقد مرّت ساعة بِالفعل "لوي، هل ترغب بِـأي شيء؟" سأل ديس، لكِنَّني نفيت "كلّا، سوف آكُل لاحِقًا مع هاري!" أخبرتُه، و ابتسم راحِلًا.
أتت مُمرِّضة تُهرول بِـجهاز إنعاش على العربة التي تدفعها، فتحت باب غُرفة هاري !
شعرتُ بِـقدميّ تتجمّد، أردتُ الوقوف و التأكُّد مِن صغيري، هل هو بِخير؟!
التنفُّس يُصبِح أصعب مع كُلّ ثانية، جسدي بدأ يرتعش و عينيّ تُراقِب الباب مُنتظِرًا أيّ شخص لِـيخرج، لكِنَّهُم لَم يفعلو!
بقيتُ مكاني في صدمة، الوقت أصبح وكأنَّهُ يمرُّ أبطأ مِن المُعتاد.
"سيّدي..؟" أحدهم تحدّث مِن أمامي، لِأخرج من شرودي و أعود لِلواقع، نظرتُ لِلطَّبيب أمامي و حاولت الوقوف لكِن قدميّ مُتصلِّبة في مكانها "هل هو بِخير؟!"
"أنا أعتذر، حاولنا جاهدين و بِجميع الطُّرق لكِن يبدو أنّ الورم تضاعف و أصابه بِنوبة قلبيّة."
و كان ذلِك كَفيلًا بِـتحطيمي.
أبعدتُ أبصاري عن الطبيب و نظرت لِلغُرفة و رأيتُ جسده على السرير، مُحاطًا بِـالآلات و الأدوات.
استقمت مُكرِهًا ذاتي لِلغُرفة و ساعدني الطبيب في التقدّم ناحيته، توقّعت رؤية عينيه مفتوحه، يضحك و يُخبِرني أنّ تِلك مُجرّد مزحة.
لكِن كُلّ ذلِك تلاشى عِندما رأيت عينيه المُغمضة، بدا خاليًا مِن الحياة، كأنَّهُ لم يتواجد قط.
"هارولد.." تمتمت بِـألم، حتّى الحديث أصبح صعبًا عليّ، كأنّ هُناك عُقدة في مُنتصف حنجرتي تمنعني مِن الحديث، وكأنّ هُناك عُقدة أُخرى تمنع قلبي مِن النبض.
"لقد سجّلنا وقت الوفاة ١٢:٢٨ ظُهرًا." تحدّث أحدهُم، مُضاعِفًا آلامي، إن كان ذلِك ليس كافيًا لِـقتلي داخِليًا فَـلا أعلم ماذا قد يحدث لاحِقًا.
في لمح البصر كان قد رحل، تركني هُنا أُعاني مِن قلبي المُتألِّم و الأذى الذي يعجُّ في داخِلي.
اندثر، غادر بِـبساطة، نِصف قلبي يتمنّى لو يرحل معه، و النِّصف الآخر يتمنّى عودته و أن تِلك مُزحة.
لقد رحل.
__
اوبس.
الكُره مسموح فيه ولكن بحدود 🥺.
انتبهو لأنفسكم، كل الحُب. ❤️
-
Bạn đang đọc truyện trên: AzTruyen.Top