6| 𝗗𝗮𝗿𝗸 𝗥𝗲𝗳𝗹𝗲𝗰𝘁𝗶𝗼𝗻𝘀


°°

°°°

المؤثرة ميني..

تلفظت بها ناشا وعدلت أحمر شفاهها الدموي، أصابعها المرتعشة مالت وأحدثت بذقنها خطًا مخمليا متعرجًا. أسقطته بينما يدها المتقفقفة ظلّت متعلقة بالهواء، وصورتها الجافة المنعكسة بالمرآة، كانت تبوح بما أقسمت ميني على كتمانه.

إن جوارحها تتعفن شوقّا إليه، لا مجال لإنكار أنه قد مزق قلبها حينما وقع أوراق طلاقهما دون تردد.

لقد توقعت رفضّا..

لكنها من آتت بهنّ لكي تختم رباطهما، ما كان ليفكر بإزاحتها من اِسمه، والآن لا تلوم أحدًا سواه.

«أيها الوغد..المقعد، ماذا تظنّ نفسك؟»

هسهست من بين أسنانها وجففت دمعة باغتت خذها براحة كفها. حاولت رسم اِبتسامة بثغرها المرتعش وأصدرت قهقهة صغيرة.

«إنه يرى الآن..، سأجعله يبصر خيالي بكل مكان.»

صوتها المتغنّج فحت به ورتبت غرتها، صنعت بعد ذلك زفرة صاخبة ثم تعانقت أصابعها فيما بينهن.

اِستعدت لتقذف ناشا جانبًا كي تخرج ميني إلى الحياة وتتوجه بها صوب مكتب الرئيس كانغ. لم تتخلف عن الموعد الذي حددته لمناقشة شروط عقد ستأخذ بفضله دور بطولة بجوار ممثليّ الأعلى أجرًا بكوريا الجنوبية. إنها لم تكن جاهلة بأنّ هناك غموض سام بنظراته تلك، رغم ذلك قبلت مصافحة يده الماجنة؛ فتحسس بكل وقاحة رسغها بإبهامه.

تجاهلت تصرفه ثم اِزدردت شعورها بالقرف كي ترى العروض التي سيقدمها.

«يسعدني قبولكِ هذه الصفقة.»

لوت فمها ودفعت جذها إلى الأمام حتى اِلتصق بطولة المكتب.

«إنني هنا لأجد سببًا كي لا أغير رأيي.»

بسط فكه بخبث ووجه الملف إليها؛ فمررت مقلتيها بينهما ثم اِستلمته وأسدلت ظهرها فوق فسيح الكرسي لتقرأ تفاصيل ستربطها بهذا الرجل، ربما ليس في هذا المشروع فقط، وجودها بجناح مكتبه لأنه يود ضمها إلى شركته.

اِستقام ومضى إلى خزانة النبيذ ليسكب لكليهما كأس شامبانيا، ثم عاد إليها ومدّ أحدهما نحوها قائلا:

«قد يستدعي الأمر للإحتفال.»

ببطء أعلت بصيرتها إليه ثم تلفظت بسخرية:

«عقد عبودية.»

دنا وجلس بطرف مكتبه إزائها ثم اِنحنى ونبس:

«إنها الصناعة الكورية..، ثمن النجاح.»

ألقته على الطاولة بلا مبالاة وأخرجت ضحكة تابثة:

«إنني أمتلك نجوميتي الخاصة..، أنتم بحاجتي.»

اِبتسامته الواسعة كانت هادئة، لم يبدي ردة فعل وإنه معتاد على التفاوض. وجه الكأس مجددًا إليها لكنها اِمتنعت عن أخذه وأفصحت عن اِقتراحها.

«سأكون طرفًا بهذا العمل..، إن حقق غايتي..، حينها قد أفكر في عقد كهذا.»

بخفة نهضت ورفعت حقيبتها لوي ڤيتون اليدوية.

«دمت بخير..، سيد كانغ.»

أغلقت البوابة واِندثرت في حين تمتم من بين أنفاسه بكمد:

«فاسقة.»

سار إلى جداره الزجاجي وبلل حلقه بالكأس الذي بين أصابعه، سيؤول المرتفعة كانت بشموليتها أمام مرأهُ لكنه كان يفكر بعش العنكبوت الذي قد بترت خيوطه. ما فعلته كان اِستدراجًا لتصنع العقد الذي تبتغيه.

صعدت سيارتها واِنطلقت منعطفة إلى الشارع الرئيسي، لقد أنهت الاجتماع الأخير لهذا اليوم. علقت الهاتف في مكانه وضغطت زرّ المباشر بحسابها على التيك توك.

«هل كنتم بإنتظاري؟»

فاهت بتلاعب بعدما اِقتحم خمس مئة ألف مشاهد مباشرها.

«لقد دعيت إلى حفلة ضخمة مجددًا..، كالعادة..، سأرتدي فستانًا من بين إختياراتكم الرائعة!..، أميرتكم ميني ستفوز بلقب سيدة الجمال لهذه السنة..، أعدكم بذلك!»

إنّ أشد ما تجيد القيام به هو تحفيز هوسهم بها؛ فنتائجه دائما تكون هدايا نقذية دون تعب. من بين تلك التعاليق الجيدة هناك أخرى تحتوي شتائم تعج بالفاشحة. لم تكن تمنح لذاتها وقتا لقراءتهم، حتى الجميلة منها.

إنها تهتم بالأموال التي تبتلعها من الفعاليات كهذا المباشر، ماداموا يدرون أرباحًا عليها ستكون حاضرة بهم.

تزينت بفستان قد بعثه أحد متتبعيها الأوفياء؛ فقط لأنّه آخر إصدارٍ لبرادَا.  عانق ذلك الثوب الحريري عاريّ الظهر منحنياتها، إنه أدهم به نقط متلألئة وقد اِستند بكتفيها بينما صنع شقًا مثلثيا بصدرها. اِرتدت كعبها الألماسي ولفت خصلاتها بضفيرتين ربطتهما بعقد زمردي ليظلّ المتبقي سابحًا فوق ظهرها.

تبرجها الخفيف كان حاضرًا وأنهت حلتها بملون شفاه فستقي. تفحصت فروهتها بغطرفة، إنها راضية على ما قد اِستبدلت به ناشا الفقيرة تلك. اِنفصالها عن الأعمى المقعد أضحى واقعا؛ فمعاملات الطلاق كانت سلسلة، مجرد اِتفاق تم نسجه ولم يكن بحاضر أثناء مواعيد المحكمة. كان بالمستشفى؛ فلم يبرر غيابه، لقد آعتبروا ذلك موافقة على قرار الطلاق ثم غدت بفضله أنثى حرة من قيود ماضيهما البائس.

«بهذه الثانية أعلن ولادتك..، ميني.»

نطقت في حين ترجلت من سيارة الليموزين الفارهة التي قامت بإستأجارها وسائقها؛ فاِنهالت عليها أضواء الكاميرات. أعلت ذقنها بشموخ، خيلائها تقدمت بسعة البساط الأحمر لقصر آل كيم. إنهم ينضمون هذا الحفل الخيري بهذا الموعد من كل سنة كإحياء لذكرى ولادة إبنهم كيم مينسوك، وقد تم دعوتها كغالبية المشاهير حتى تجلب الأنظار والمتبرعين لهذا الحدث.

الصورة المعلقة بالإعلان أمام مدخل القصر جمدت ساقيها، لن تخطئ بشيء كهذا، وإنها لصورة لذلك الرجل. لقد كانت تكتسح الهاتف الذي كانت تستعمل بشقة المقعد.

رمشت ببطء واِنتفضت عندما أرقد أحدهم أصابعه على كتفها الأيسر. كانت اِمرأة ذات فتنة خلابة، صنعت صوبها اِبتسامة مبتهجة؛ فأخرجت ميني تأوه وأردفت برقة.

«مرحبًا

لم يكن صعبّا عليها أن تعلم هويتها، إن صيطها له صدى شاسع؛ فكونها قد حققت قفزة نوعية بإدارتها لأشهر دور الأزياء الكورية جوي، جعلت من الجميع يتمنى فرصة لمقابلتها.

«لقد أسعدني رؤيتك سيدة كيم.»

هزّت جوي رأسها وتلفظت:

«إنه شرف لي أيضًا.»

وجهت كفها مشيرة إلى الأمام وأضافت:

«تفضلي.»

سارت ميني بجوارها بينما أخذت تمسح بأنظارها كل ما حولها، إنّها لم تتمكن من كبح ذهولها، حياتهم منقعة بالثراء الفاحش حقًا كما قد سمعت عنهم. 

عندما اِلتقطتا مقلتاها كيان الوريث الوحيد..كيم مينيونغي، تبسمت! بدلته السوداء المثالية جعلت منه رجلا جذابا بينما قد أرجع شعره إلى الوراء. اِستطاعت رسم خياله الوسيم بذاكرتها بينما أراح عدستيه نحوها أيضا.

أليس برجل متزوج؟ ذلك السؤال طرق طبولًا بخلدها...فنظراته لم تكن بريئة.

لقد دحرج بؤبؤيه بعد ذلك وأسقطهما عند زوجته التي تظاهرت بأنها لم ترى شيءً وهتفت بخفة:

«سأقدمك إلى العائلة!»

شتت اِنتباه المؤثرة؛ فخضعت لتصرفها بينما أحاطت معصمها لتتوجه بها نحو والدة مينيونغي.

«سيدة جونغ..، إنها الفتاة التي ذكرتها سابقًا..، أفكر بجعلها سيدة العرض.»

تأتأت ميني واِسترجعت رسغها بهدوء، لم تعتاد على العمل هكذا، إنها بين أجنحة فرصة عظيمة لكنّ الارتياب قد اِكتسحها.

حاولت التكيف مع العرض وتمثيل الدور الذي اِعتادته. أخذت كأس نبيذ معتق من صينية الساقي حينما مرّ بجوارها ثم ساقت ساقيها إلى الشرفة لتشاهد الألعاب النارية وهي تحتسي لذاعته.

عندما رنت خلفها خطوات ثابتة، اِستدارت لهنّ، لقد كان كيم مينيونغي! توقف قربها ولم يضع عينيه عليها، بلع نصف كأسه في حين أدارت جسدها لتكمل ما كانت تفعله.

«أبارك لكِ.»

قطبت جبينها ثم أفردته قائلة بنبرة ناعمة؛

«أشكرك سيدي..، لكن على ماذا؟»

لوى فمه ثم سدد وجهه إليها؛

«طلاقكِ

اِهتزّ كأسها وهوى من بين أصابعها؛ فاِلتقطه بمهارة. لم يخفي اِستمتاعه بخسارتها لتماسكها وقد عصفت الصدمة بمحياها الفاتن.

ما صرح به لم يكن ضمن توقعاتها!

مد الكأس إليها في حين اِرتعشت بسبب تحديقاته المخيفة تلك، رغمًا عنها قامت باِستعادته ثم آلتفتت إلى منظر الألعاب النارية.

«قصتك مثيرة للإهتمام حقًا..، آنسة ناشا.»

زفرت غصتها واِعتصرت أعصابها لكيّ لا يستشعر جزعها؛ فأحدثت اِبتسامة ساخرة ثم أجابته.

«ربما أخطأت القول..، سيد كيم.»

أفرشت ثغره وهمهم بضحكة مستفزة.

«خطيئتك أنك اِستعملتي هاتف مينسوك كبداية لكِ..، فكل حساباتك أملك ولوجًا إليها.»

تخلت قبضتها المتقفقفة عن كأسها بحافة الشرفة، وتمنت أن تبتلعها الأرضية. لم تقوى على النظر إليه حينما قد أذن لبؤبؤيه الإبحار على جسدها.

قضمت لسانها وتجهزت للهروب، لكنه تشدق بنبرة أصابتها بالغثيان.

«من الغباء أن كل ما هو ضدك موثق.»

«ما الذي تريده؟»

أوصد ذراعها بقبضته وغرس أظافره بجلدها؛ فتسرب تأوه من فكها بينما قد سحبها لتقف قربه ثم أخرج هاتفه واِلتقط صورة لهما معا.

«سأرسلها له..، سمعت أنه قد اِسترجع بصيرته.»

جحظتا مقلتاها وتعتعت بمشقة.

«ماذا..»

أرقد إزائها تحديقات لطيفة مزيفة وأجاب:

«إبن عمتي!»

كانت ترتجف ولم يفك حصاره بل سدد شاشة الهاتف لتبصر صورة لبيكهيون وهو يحتضن جوي من الخلف في حوض السباحة. أوشكت أن تنحدر؛ فكبل خصرها بذراعه وفحّ بجوار أذنها برنة تفوح بالمكر.

«هل أخفى عنك ذلك؟»

إعصار ما جاء به أفقدها القدرة على المشي؛ فأصبح من ترتكز عليه. لم تصدق ما تبصره أيضا، لم تكن تلك الصورة الوحيدة، لقد مرر قبالتها ملفًا بألفين صورة لبيكهيون وجوي..وكأنهما كانا عاشقين.

«الثنائي الذي كان يؤجح الغيرة بالأنفس.»

طنز في حين شدّد حبل عناقه عليها ويده تحرشت بخصرها. ما إن شعرت أنها ستفقد صوابها، كدحت لتواجهه.

اِقتلعت كفه منها وتراجعت مترنحة بخطوتين، مقلتاها الحمراء تزعزعتا وقد زمجرت بحدة.

«إياك ولمسي..، سأقطعها.»

رمقها باِستصغار نحر به الوريد الذي حنجرتها. إنها تدرك خطورة أن يتخذها أمثاله عداوة ضدها. اِستهلكت كل ما بمقدرتها لترحل، خشيت أن تسقط إزائهم وتخلق فضيحة ستؤثر عليها. تمالكت أنفاسها وبدأت تزدرد خوفها. الحفلة لم تنتهي لكنّها مرغمة على التلاشي؛ فمن المحال أن تبقى بجحر الأفعى طواعية.

تصلبتا قدماها حينما لمحت طفلة صغيرة بين أحضان كيم جوي، كانتا تتبادلان القهقهات حتى آتى أحد الخدم وطلب من السيدة مرافقته.

نبهت الطفلة كي تنتظرها ثم طبعت قبلة على وجنتها. عندما اِندثرت، اِستدارت تلك الصغيرة حولها؛ فوقع نظرها صوب ميني التي كانت تحدق بها.

لقد اِنتاب ناشا شعور سيء عندئذ. خصلاتها البنية وملامحها البهية لا ترى منها سوى اِبتسامة ذكرتها به.

تقدمت إليها بحذر ثم اِنحدرت بينما لم تتمكن من إبعاد ظنون قد تهافتت بداخل جمجمتها.

«أعرفكِ..، أنتِ الأميرة ميني.»

نطقت برنة لطيفة وبسطت شفتاها المألوفتان ببسمة أصابتها بالانهيار.

«أجل..، أنا ميني..، ما اِسمكِ أيتها الجميلة؟»

وضعت يدها على صدرها وقدمت نفسها ببشاشة:

«كيم جيا..، عمري سبع سنوات!»

لم يكن بجوف ناشا أي جزء عن ذلك المقعد، إنها لم تسأله عن الحادث أو عن خلفيته. لمرة واحدة فقط تساءلت عن عمله السابق وأجاب بينما لم تقم بتصديقه.

«أنتِ جميلة جدًا..، مثل أمي.»

تحدثت جيا باِنغماس؛ فمددت ناشا ثغرها وردت بهدوء مصطنع.

«حقًا؟..، من هي والدتك؟»

بحثت الطفلة عن غايتها ثم أشارت إلى جوي التي كانت تناقش متعهد الحفل وهما متقدمان نحو طاولة الطعام الفسيحة.

فجأة! اِنكمشت واِلتصقت بصدر ميني؛ فاِلتفتت ناشا إلى حيث قد سُلب ثباتها..كان كيم مينيونغي واقفا بينما قد ألصق ببصيرته بهما. تقفقفت جيا وقد حاولت الغوص بين ذراعيّ ميني وكأنه حاضر ليلتهمها.

ضمتها ناشا واِرتفعت برفقتها مردفة بهمس:

«لنذهب إلى والدتك.»

لم تقدم جيا ردًا، اِمتثلت بينما اِصطحبتها إلى جوي التي ما إن لمحتهما حتى تركت المتعهد يتحدث إلى نفسه وأسرعت لتنتشل طفلتها من ضيفة حفلتهم.

لم تتوقف جيا عن الارتجاف إلى أن أضحت بحنو أمها؛ فاِنكفأت ميني مبتعدة دون أن تشهر تبريراتها. حينما أدبرت بقربه رفع كأسه لتحيتها.

لعنته بلوثة بين جدران أعماق خلدها وأسرعت إلى ساحة الحديقة لتستنشق هواء ستسترد به رشدها.

«سيدتي.»

أحد الحراس آتى إليها وأضاف:

«هل أعلم السائق بقدومك؟»

إزدرمت ريقها ونفت ذلك.

«أخبره..، أن يرحل..، أريد سيارة أجرة.»

بتلك الليلة، كان الفتى المقنع بسطح منزله وبين شفتيه فوهة جعة عسى أن تسكت صراخ مهجته. لم يلبي دعوة آل كيم بل جلس بحافته أمام مكان سقوط حبه الأول ببرود. ذلك الوغد هيوجونغ قام بعرض منزله للبيع واِنتقل ليكمل مسرحية الأب الحنون.

اِستغل اِنتحارها بخبث شديد؛ فقد شيد جمعية لمكافحة الاكتئاب والمساعدة على تقليص هذه الظاهرة تحت إسمها ثم أخذ يستولي على التبرعات التي تدفع إليها.

كان بارعًا بخطته، وكأنه قد أعد لموتها مسبقا، لم يبقي أي دليل واحد ضده؛ فحينما عاد سيونغ إلى منزله كان فارغّا مثل قلبه، لقد تعرض للسرقة وعبثوا بكاميرات المراقبة أيضا.

اِستقام وقذف قنينته إلى الأسفل لتتحطم قبله، كان يتجهز ليثوي جسده إلى الهاوية. لم يستشعر متى اِندس خيال قد استند بجواره على الجدار القصير الذي يعتليه.

«لا أعتقد أنّ أنها سترحب بكَ.»

تعثر من صدمته وأسقط ظهره على أرضية السقيفة؛ إن صوتها كان ظاهرًا، عيونه الواسعة أوشكتا أن تبرحا مخزنهما، في حين قد اِستدارت إليه وأراحت مرفقيها فوق سطح الحائط. 

كذب بصره رغم أنّ ما يفصل بينهما سوى ثلاث خطوات، عادت بشكل مختلف، شعرها السماوي صار أفحمًا بقصة قصيرة وأرفقته بقبعة سوداء كحال سترتها الرياضية القطنية.

«هاي..ريم.»

تأتأ؛ فرسمت بثغرها بسمة واسعة.

«إننا بالعالم الواقعي أيها المقنع.»

قلصت المسافة بينهما ثم ركعت إليه ونبست بنغمة جافة؛

«لقد تيقنت من وفاتها..، هل أصابك الذهول الآن؟..، سيد بارك سيونغ؟»

صنع بكفيه قبضتين ثم رفع جذعه حتى أصبح بين وجهيهما بضع سنتيمترات.

«من أنتِ؟»

جعدت ثغرها واِنغمست بحدقتيه.

«ليس بهذه السهولة أيها المقنع..، أحتاج ضمانة أنك ستحتفظ بهذا السر.»

جذب ياقتها بعنف ثم صرّ من بين أسنانه بشحناء مشتعلة.

«لا تخدشي ألغامي..، فليس لديّ ما أخسره الآن.»

سعلت بوجهه ثم أغلقت أنفها بإشمئزاز.

«تفوح منك..، رائحة كحول رخيصة.»

أزاحها لتنهض؛ فنفضت الغبار عنها ثم سددت يدها إليه.

«إيلي مون..، سعدت بلقائك.»

عندما لم يبدي بردة فعل، اِسترجعتها وحمحمت.

«سأعذرك كونك تحت الصدمة..، لكنني لست هايريم.»

إنها نسخة مطابقة! اِعترف فؤاده أنّ من المستحيلات أن تكون هي؛ فلقد غادرت روحها بينما كانت بين أحضانه.

تشبث بأوجاعه واِنتصب بقامته ليتفحص تفاصيلها جيدًا. لم تكن تعابيرها وهايريم متشابهة. هيئتها بها بعد التعديلات، لكنّ نظراتها الصلبة لم يهتزنّ ولو للحظة واحدة حتى.

«بعد وفاتها وصلت رسالة إلى منزلي بنيويورك..، كانت مرسلة إلى أبي..، من الغريب أن بعد كل هذه السنوات..، أكتشف شيء كهذا..، أنّ لي أختًا توأم..، لم يخبرني أحد عنها من قبل أو عن والدتي..، وأيضا لم تعرف أنه قد رحل منذ خمس سنوات.»

قلبت قبعتها إلى الخلف ثم زفرت تنهيدتها المتعبة.

«عمتي أوضحت لي بعض الأمور..، أنّ والداي لم يتزوجا..، لقد نتج عن علاقتهما الطائشة حمل وآنفصلا بالتراضي..، ثم تقاسما الرضيعتين..، هي عادت إلى كوريا وتزوجت رجلا آخر..، أما أبي فقد ظلّ بأمريكا معي.»

أصدرت تأوهً صاخبًا ولم تردف دمعة واحدة، حافظت على اِبتسامتها ثم أتممت سرد روايتها.

«ظننت أن المرأة التي أنجبتني قد غدت تحت التراب أيضا..، لكنّ ما علمته أقنعني بالقدوم..»

أخرجت هاتفها من جيب سروالها لتفتش عن صورة ما بين ملفاته.

«ذلك السافل أودعها بمصلحة للأمراض العقلية طوال هذه السنوات..، واِستغل إبنتها كي تجلب له المزيد من الأموال المجانية.»

حينما أبصر بشاشتها صورة لسيدة ضعيفة الجسد ومنكمشة بفراش سرير رث، بدأ يستوعب أنّ هناك سبيل قد يسلكه.

«ربما نمتلك هدفًا مشتركًا سيد بارك.»

بذلك الحين، رمش بيكهيون بجفنيه المخدرين وآستشعر الانهاك بأطرافه العلوية. أدرك من رائحة المعقم المألوفة أنه بأحد أجنحة المستشفى الذي كان به. كانت الممرضة يوجين تعدل قناع التنفس له، وعندما لمحت اِستيقاظه، تبسمت وحثته على عدم التحرك.

«سيد بيون..، اِبقى ساكنًا..، سأنادي البروفيسور.»

ذكريات حدثت بالساعات الماضية تدفقت إلى رأسه، شعر بالصداع مجددّا وأنّ بنبرة منخفضة. لم ينسى ما قد قرأه بمذكرات سرانغ، لن يفعل ذلك مادام قد غادر شقته كالمجنون وقطع الطريق في حين كادت سيارة نقل للبضائع أن ترتطم به.

حينما جاء الطبيب بارك لم يحادثه، بل أخذ مصباحه الصغير ليضيء مقلتيه ثم عاين تنفسه وضغط قلبه. فور ما اِطمأن على وضعه الذي قد رجحوا له الوقوع في غيبوبة، تنفس الصعداء ثم وعاتبه بحزم.

«وقعت ورقة مغادرتك لأنك وعدتني بالإعتناء بصحتك.»

«سورام.»


تعتع بيكهيون بتقطع؛ فربت الطبيب بارك على كتفه بلطف.

«لا تقلق..، لم تعرف بوجودك هنا بعد..، إنها تعتقد أنك سمحت لها بالمبيت مع حفيدة غونبو.»

زفر بيكهيون غصة صدره بمشقة ثم قلب بؤبؤيه قائلا:

«إنني ممتن لك.»

زمّ الطبيب بارك ثغره، لم يشاء أن يزيد من الحزن الذي تلون به بوجهه من جديد، ذكره ذلك بالأيام الأولى التي كان بها هنا بعد الحادث.

«سأدعك ترتاح.»

كاد أن ينعطف مغادرًا؛ فقبض بيكهيون على ذراعه.

«هل تريد شيء ما؟»

نزع بيكهيون قناع الأكسجين عن أنفه ثم تلفظ.

«هل مازال بحوزتي..، فرصة للخضوع..، لتلك العملية؟»

-
-
-

The Neighborhood- Reflections.

Where have you been?
Do you know when you're coming back?
'Cause since you've been gone
I've got along but I've been sad

I tried to put it out for you to get
Could've, should've but you never did
Wish you wanted it a little bit
More but it's a chore for you to give

Where have you been?
Do you know if you're coming back?

We were too close to the stars
I never knew somebody like you, somebody
Falling just as hard
I'd rather lose somebody than use somebody
Maybe it's a blessing in disguise (I sold my soul for you)
I see my reflection in your eyes

I know you're sick
Hoping you fix whatever's broken
Ignorant bliss
And a few sips might be the potion

I tried to put it out for you to get
Could've, should've but you never did
Wish you wanted it a little bit
More but it's a chore for you to give

Where have you been?
Do you know if you're coming back?

....

Bạn đang đọc truyện trên: AzTruyen.Top