22

Start

الصغير جي هون حرّك عينيه بحذر نحو أفراد عائلته المُجتمعين حول طاولة الطعام يتناولون وجبة الإفطار و هذا ما لم يحدث منذ فترة

لكن اليوم  كان هناك خطب ما كذلك، فالجميع يسترق النظرات نحو والده

و أبيه اللطيف ليس كذلك الآن فعُقدة حاجبيه وحدها كانت مُخيفة و هذا ما يجعله يمتنع عن التساؤل حول ما يجري

رفع جي هون حاجبيه بتساؤل نحو ييدام فجفل الآخر لكنه سرعان ما ابتسم نحوه و هز رأسه إلى الجانبين - بمعني لا شيئ - كي لا يُقلق الأصغر هنا

وقف سيهون من مكانه و رؤوسهم جميعاً ارتفعت معه تُراقبه إلى أن غادر المنزل في صمت فتنهدت ماريا و أخفضت رأسها بينما تبادل الثلاثة الآخرين النظرات بتوتر

" تحدثي معها"

ييدام همس بجانب أذن سورين قاصداً بذلك والدته فاتسعت أعين الأخرى و هزت رأسها إلى الجانبين ترفض ذلك

" جي هون، هل عبـ ـثت بأغراضي؟ لم أجـ ـد بعض الملفات التي أحضـ ـرتها معي البارحة"

تحدث ييدام جاذباً انتباه الأصغر و المقصود رفع يديه سريعاً ينفي هذه التُهمة عنه ببراءة فهمهم إليه ييدام بتفهم ثم وقف من مكانه و سار نحو جي هون ليمد كفه نحوه

" إذاً هل يُمكنـ ـك أن تبحث.. معي؟ "

" بالطبع "

هتف جي هون بحماس ليترك الطاولة مُمسكاً بكف ييدام و سار معه نحو الداخل، و أثناء ابتعادهما عن الطاولة حرّك ييدام شفتيه بصوتٍ غير مسموع و هو ينظر إلى سورين

"تحدثي معها"

و غادر تاركاً سورين تتحرك بعدم راحة في مكانها، أن تبدأ هي التحدث كان صعباً عليها

شعرت و كأنها نسيت كيف تتحدث حتى

" لم..."

همست ماريا لتنظر إليها سورين سريعاً و استقامت بجذعها بتفاجؤ، و أعين الأخري كانت مُنخفضة تنظر إلى طعامها بعبوس

" لم أقصد أن تصل الأمور إلى هذه النُقطة، و لم أتوقع يوماً أن ما حدث في الماضي قد ينفضح و يجعلكم تخجلون مني"

"لم أقل أنني أخجل منكِ"

سورين قاطعتها بإندفاع ثم تحمحمت بتوتر قبل أن تُكمل

" ذاك...المدعو شياو فنغ تحدث بأمور سيئة عنكِ لكن كل ما قاله لم أعرف عنه شيئاً من قبل ، لم أتمكن من الدفاع عنكِ أمامه أو حتى أمام نفسي لأن من يتحدث عنها كان شخصاً آخر غير الذي أعرفه...لم أكن يوماً ضد خالتي كاثرين أو ضد ماضيها فهذا من الماضي و ما يهم هو الحاضر، لذا لو عرفت بأمركِ أيضاً ربما كنت سأتردد و يتشوش تفكيري ولو قليلاً لكنني سأتقبل الأمر لأنكِ والدتي و لأنني... "

ضمت سورين شفتيها لوهلة لتُغلق عينيها بقوة و همست

" لأنني أحبكِ كثيراً أمي "

رفعت ماريا عينيها نحو سورين و الأخري فرّقت بين جفونها حتى تلاقت نظراتهما، و بالرغم من خجلها هي لم تنظر بعيداً عنها

" أنا حقاً لا أخجل منكِ لكنني كنت غاضبة كونكِ لم تُخبريني بالحقيقة من قبل...الآن أتفهمكِ فبالطبع لم ترغبي بإخبارنا أن أبي هو من أفسد حياة خالتي كاثرين"

رفعت كتفيها نهاية حديثها و هي تشعر بالضيق

الشخص الذي أفسد حياة كاثرين لطالما لُعن من أبناء العائلة و أبناء كاثرين و ييشينغ

سيهون دائماً ما كان يلتزم الصمت حين ذكر الأمر، و الأجواء تُصبح متوترة بين الأكبر سناً بينما يُخبرونهم بأن ينسوا هذا الأمر

لكنهم لم يلحظوا هذا من قبل

لذا هذا يجعلها مشوشة ربما أكثر من أمر ماضي ماريا...فالشخص الذي لطالما كرهته لم يكن سوى والدها اللطيف و الدافئ

لا تعرف الآن هل هي غاضبة منه أم هي حزينة لأجله فبالطبع لن يكن الأمر مُريحاً حين تتلقى السّب و الكراهية من الجميع في جلسة لا يُمكنك فيها الدفاع عن نفسك

"سيهون فعل هذا سابقاً لأنه ظن أن هذا من مصلحة صديقه و بالرغم من ذلك لم يكن هو من أفسد حياتهما تماماً، هو فقط التزم الصمت ولم يُخبر ييشينغ عما حدث حينها فمن أفسد علاقة ييشينغ و كاثرين كانت والدة ييشينغ و صديقة قديمة له هو و والدكِ...لا أعرف لماذا ذكر سيهون هذا الأمر، لقد كان من الماضي و إن كان هناك أسباب لتواجد ييشينغ و كاثرين معاً الآن فوالدكِ هو السبب الأول و الأهم...هل تعرفين؟ "

ماريا تحدثت بغضب طفيف ثم استقامت بظهرها نهاية حديثها لتستند بمرفقيها فوق الطاولة فارتفع حاجبي سورين تُنصت إليها

" سيهون حين التقيت به في المرة الأولى كان وغداً بما تحمله الكلمة من معاني ...كان قاسياً بحديثه و وقحاً بتصرفاته تجاه الجميع عدا أمي هيونا، بيكهيون و ييشينغ...كان يمتلك طريقة تفكير تجاه النساء تجعلكِ ترغبين بصفعه"

ضحكت ماريا و هي تمسح دموعها فابتسمت سورين بخفة

" أسلوبه في التعبير عن مشاعره كان غريباً كذلك، هو عكس هذا الشخص الذي تعيشون معه الآن... لكن مع مرور الوقت سيهون أصبح شخصاً ألطف، و بعدما وقع في حبي بدأ يتفهم ييشينغ و لماذا هو يتمسك بكاثرين بالرغم من كل ما حدث لذا ما أفسده سيهون بإلتزامه الصمت حاول تصحيحه بنفسه "

تنهدت بعمق و رفعت كفها تُعيد شعرها إلى الخلف 

" شياو فنغ كان المسؤول عن عملي أنا و كاثرين، يُخبرنا أين سنعمل اليوم أو ما هي مُهمتنا و هذا النوع من الأمور لكننا لم نعمل سوي في مجال مُعين...كان يمتلك عملاً آخر تابعاً لأخيه و قد كتبت الصُحف عن هذه القضية منذ سنوات طويلة فكان هذا مُنتشراً أكثر بين رجال الأعمال و السياسيين حيث تظهر امرأة فجأة تحمل طفل شخصية معروفة بالمُجتمع... "

تحركت سورين في مكانها بعدم راحة حين تذكرت حديث شياو فنغ عن اتفاقه مع لوهان و قد انقبض قلبها لذلك

" لم يكن يحدث هذا بسبب علاقات عابرة فأحياناً ذاك السياسي أو رجل الأعمال يكون هناك من حوله أشخاصاً قذرين مُقربين منه أو أعداء و هم من يُساهمون بهذا الأمر...لذا غالباً ما كان يتم هذا الأمر عن طريق العمليات لا أعرف ماذا تدعونها في مجالكم الطبي"

لوّحت ماريا بكفها بعدم معرفة لتُكمل

" رأيت زميلات لي بهذا المجال منهن من تُقتل كونها تورطت مع رجل لا يعرف الرحمة فلا يرغب بدفع المال كي تجهض الطفل ولا يرغب بالفضيحة...أخريات فقدن حياتهن أثناء عمليات الإجهاض، و أخريات حُرمن من طفل قُمن بالإهتمام به لتسعة أشهر كاملين بينما شياو فنغ و أخيه يغرقان ببحر الأموال...كنت أكره كل هذا لذا لم أكن لأقبل أن أكون جزءاً من كل ذلك و لا حتى كاثرين "

" لماذا يكرهكِ ذاك الرجل؟ "

همست سورين بإهتمام فتبدلت نظرات ماريا إلى أخرى حانقة

" ذاك السافل ليتني قتلته بدلاً من تسليمه إلى الشُرطة...هو و السيدة چانغ كذبا على كاثرين و تسببا في سوء فهم بينها و بين ييشينغ لذا أراد استغلال الموقف و أعاد كاثرين للعمل معه ثم أراد أن يفعل معها نفس الشيئ القذر الذي أراد فعله معكِ"

جفلت سورين حين ذكرت ماريا الأمر فمدت الأخري كفها نحوها حيث تجلس مُقابلة لها، و بتردد أمسكت سورين بكف والدتها

" لا تخافي أبداً سورين، شياو فنغ جبان و يخاف فقط من سماع اسمي لذا لن أسمح له بإيذائك أنتِ أو حتى ييدام و جي هون "

ابتلعت سورين ريقها بصعوبة ثم اومأت إلى ماريا التي ضحكت بخفوت

" كلما حدث شيئاً بيننا دعينا نتحدث هكذا، لا أحب رؤيتكِ تبتعدين عني"

" و ما رأيكِ أن تُخبريني بكل شيئ كي لا يقع سوء فهم بيننا مُجدداً؟ "

تمتمت سورين بخجل فضمت ماريا شفتيها لبعض الوقت قبل أن تومئ إليها

" لقد أخبرتكِ بكل شيئ بالفعل..."

همهمت بتفكير إلى أن اتسعت عينيها بحماس

" بعد أن تعودي من المشفى سأُخبركِ عن علاقتي بوالدكِ لكن لا تكوني خجولة فأنتِ ناضجة الآن "

وقفت ماريا من مكانها لتحمل الأطباق حيث المطبخ بينما سورين وقفت من مكانها تُساعدها بذلك و هي تُفكر إلى أي حد قد يكون الأمر مُحرجاً بالنسبة إليها فوالدتها لا تخجل ولا تضع الحدود في حديثها

و لأن ييدام لم يجد طريقة لمنع جي هون من الخروج من الغُرفة حتى تنتهي سورين من الحديث مع والدتها، ورّط نفسه دون قصد و اضطر إلى إصطحابه معه إلى العمل

ما إن لمح جي هون باب الشركة صرخ بحماس و ترك يده راكضاً نحو الداخل ليتنفس ييدام بعمق ثم تقدم من الحُراس أمام الباب

" احذروا أن يخـ ـرج من هُنا بـ..بدوني"

حذّرهم بجدية فانحني إليه الحارسين أمام الباب بإحترام ليدخل بعدها يلحق بالصغير الذي يعبث بأزرار المصعد

" جي هون"

أمسك بيده يوقفه عن فعل ذلك ثم انحني إلى مستوى الصغير و أمسك كتفيه بلطف قائلاً

" أنا أرتـ ـدي السماعات هنا لذا... هل يُمكنك أن تكون أكثـ ـر هدوءاً"

شهق جي هون بتفاجؤ ليحتضن وجنتي ييدام بعبوس هامساً

" أنا آسف، هل أنت بخير؟"

ابتسم ييدام بوسع ثم قبّل وجنته بقوة دون مقاومة للطافته فقهقه جي هون و هو يُحيط عنق أخيه

"أحسده"

ابتعد ييدام عن جي هون و استقام بوقفته سريعاً ليلتفت إلى مصدر الصوت، و لم تكن تلك سوى مُتدربته

تنهدت هايلي بإحباط و هي تنظر إلى الصغير جي هون ثم رفعت عينيها نحو ييدام و انحنت إليه بتكاسل قبل أن تسبقه إلى داخل المصعد فأخفض عينيه نحو أخيه يسترق نظرة إليه ليُمسك بيده ثم لحقا بها إلى المصعد

وقف أمامها مع أخيه الأصغر و حاجبيه انعقدا بإنزعاج حين تذكر وضعيتها مع يون سوك باليوم السابق

حتى أن يون سوك كان يرفض شرط السيد ايم لأنها لن تُشاركه المشروع و هذا كان يُزعج ييدام بحق

بينما تلك التي تقف خلفه كانت تتفحص ظهره بعبوس

البذلة الرسمية كانت تجعله مُثيراً بنظرها رغم قامته المتوسطة...يكاد يُحسب على قِصار القامة من الرجال

اليوم على وجه التحديد جعل خصلات شعره الطويلة مُموجة قليلاً و هذا كان جذاباً للغاية

تنهدت بصوتٍ عالٍ دون قصد منها فما إن وقعت عينيها على كفه المُنعقدة مع كف أخيه الأصغر حتى تذكرت عناقه لها

بينما الآخر ارتجف داخلياً حين سماعه تنهيدتها تلك، و ما إن تباعدت أبواب المصعد حتى سار بخطوات واسعة يجر أخيه معه حيث مكتبه

فتنهدت هايلي من جديد، هو لم يُلقي عليها التحية، و هي لم تُلقي التحية على شامة وجنته اليُمني

هايلي قد حظت بحلم سيئ يجعل منها مُحبطة بالفعل و إلى جانب تجاهل ييدام لها هي شعرت بالإحباط أكثر و التكاسل كذلك لذا قضت وقتاً طويلاً لا تفعل شيئ عدا التنهد و رسم دوائر وهمية فوق طاولة المكتب المشترك بينها و بين باقي المُتدربين

_________________

" هل سنبقى هنا لوقت مُتأخر كما البارحة؟"

سألت آيونغ بإهتمام و هي تتجول أمام المكتبة الخاصة بمينسوك في مكتبه الخاص بالمشفى فرفع عينيه عن ملف المريض أمامه لينظر إليها ثم همهم بالإيجاب

"تشعرين بالملل؟"

التفتت تنظر إليه و ضمت شفتيها بهمهمة خافتة

" قليلاً "

" سيكون هذا لفترة مؤقته "

برر بنبرة آسفة لينظر إلى الملف أمامه مُجدداً بينما يرفع كفه لها يدعوها إلى الإقتراب منه ففعلت ذلك سريعاً

"أعدكِ سأحصل على إجازة طويلة ما إن نتزوج لذا تحمليني هذه الفترة"

ترك قُبلة طويلة على كفها بنهاية حديثه و هي اكتفت بهمهمة كإجابة عليه ثم انحنت قليلاً و هي تُشابك أناملها مع خاصته تحاول قراءة ذاك الملف لكنها لم تفهم الكثير إلا أن ذلك كان مُمتعاً بالنسبة إليها

________________

" لا بـُد أنه..أزعجكِ"

ييدام همس بإحراج إلى يونا بعدما جذب جي هون بعيداً عنها كي يُغادرا فهزت هي رأسها بالنفي

على الرغم من مُشاغبة جي هون لكنه كان لطيفاً و هادئاً معها بعدما تركه ييدام لها كي تهتم به لعله يتمكن من إنهاء عمله بعيداً عن عبث الصغير

" أين يون سوك؟ ألا يعمل معك؟ "

رفع عينيه نحو ييدام يتساءل بإهتمام فإبتسم إليه ييدام بزيف و هو يُفكر في أن هذا كان ليكون أسوأ يوم في حياته إن علم يون سوك بوجود الصغير في الشركة

سيترك عمله و يلتصق بجي هون، و شركته حينها كانت لتتحول إلى قفص قرود

" حبيبتك هناك "

هتف يُشير حيث تقف هايلي أمام سيارتها فاتسعت أعين ييدام و بحركة سريعة وضع كفه على فم جي هون كي يصمت

لكن المقصودة كانت قد سمعته بالفعل و ابتسمت بجانبية لتتقدم منهما

"تأخرت، أنتظرك منذ دقائق طويلة"

"هايلي"

هسهس بتحذير كي لا تتصرف بحميمية في تواجد الصغير فقهقهت و تبدلت ملامحها الخبيثة إلى أخري لطيفة لتنحني نحو جي هون تمد كفها نحوه بغرض مصافحته

" أنا دو هايلي، و أنت؟"

ضيّق الصغير عينيه يشعر بأن الإسم مألوف لكنه أومأ إليها ثم صافحها بإبتسامة واسعة

" أنتِ أتيتِ إلى منزلنا من قبل،حبيبة ييدام"

"جي هون"

ييدام صاح بعدم تصديق فرفع الصغير عينيه نحوه ببراءة بينما هايلي قد استقامت بوقفتها و هي تضحك بخفة

" ذاكرة هذا الصغير رائعة"

احتضن جي هون ذراع أخيه و هو يتحرك في مكانه بدلال سعيداً بهذا الإطراء فتنهد ييدام بعمق لينظر إلى هايلي رافعاً حاجبيه بتساؤل

" لنتناول العشاء سوياً"

شابكت كفيها معاً خلف ظهرها لينظر إليها ييدام من الأعلى إلى الأسفل بتفكير

" و لمـ ـاذا أوافق؟ "

ارتفع طرف شفتيها بإنزعاج من رده لتنظر إلى جي هون

" أنت موافق؟"

أومأ جي هون بحماس فابتسمت هايلي بوسع حتى كشفت عن أسنانها بالكامل لتُشير إلى ييدام نحو السيارة خلفه

"هيا افتحها"

و ركضت بعدها حيث الباب الخاص بالمقعد الأمامي تُمسك به فقلّدها جي هون يُمسك بالباب الخلفي

أغلق ييدام عينيه بتنهيدة عميقة غادرت ثُغره يدّعي عدم رضاه لما يحدث لكن ابتسامته التي نمت فوق شفتيه قد فضحت رضاه الكامل عن ذلك

فتح ييدام السيارة لهما و كلاهما صعد إلى مقعده سريعاً فقلب ييدام عينيه و مازال يدّعي الإنزعاج، ثم صعد إلى مقعده

"أرى أن لا...داعي لسيارتك آنسة هايـ ـلي فسيارتي تفـ ـي بالغرض"

و المقصودة تجاهلت السخرية بنبرته و شهقت بتفاجؤ مُزيف لتقترب منه بحركة سريعة

"هل ستقوم بإعادتي إلى المنزل كل يوم؟ يا لك من مُدير لطيف"

أمسكت بوجنته ليتملص منها بفزع و رمقها بنظرة سريعة قبل أن يُعيد نظراته إلى الطريق أمامه

" ماذا تفعلـ ـين؟ هل فقدتي عقلك؟"

زمت شفتيها في عبوس طفولي و عادت بجذعها حيث مسند مقعدها بينما الصغير في الخلف ادّعي أنه بعالم آخر تطير فيه الأسماك أمام عينيه فما يحدث هنا يبدو كمُغازلة بين الكبار و هذا يُحرجه

حول طاولة طعام مُربعة الشكل جلس ييدام يجاوره أخيه بينما هايلي اتخذت من الكُرسي المُقابل إلى ييدام مقعداً لها

" هل هذا المطعم تابع لكم أو شيئ من هذا القبيل؟ تبدون معروفين هنا"

عقدت هايلي ذراعيها فوق الطاولة و هي تتفحص المكان بعينيها فرفع ييدام نظراته نحوها يتأملها بإبتسامة بسيطة مُستغلاً فرصة انشغالها بتفقد المكان لكن ما إن وقعت عينيها على خاصتيه ارتبك و كاد يقع من مكانه

فأشاح بنظراته بعيداً عنها و تحمحم يُجيبها

" يقـ ـول أبي أن هذا المطعم كان...المُـ ـفضل لدى أمي لذا هو... مُفضل بالنسبة إلى عائـ ـلتنا و نتـ ـردد عليه كـ كثيراً فهذا ما يجعلنا معروفـ ـين هنا"

همهمت هايلي بتفهم و زمت شفتيها بإبتسامة سعيدة فما قاله يعني أنها شخص مهم كي يأتي بها إلى هذا المطعم

و هذه الفكرة احتفظت بها في رأسها تخشى أن تُمازحه بهذا الشأن فيمنحها إجابة تُحبطها

تُعجبها فكرة أنه يهتم لأمرها حتى و إن كان هذا من وحي خيالها فقط

" سنقوم بتوقيع العقـ ـد غداً مع السيد...ايم، هل أنتِ واثقة من قـ ـراركِ؟ مازال هناك وقت للـ ـتراجع"

تحدث ييدام بهدوء و هو يضع الطعام بصحن جي هون فرفعت هايلي كتفيها

"لا أريد أن أتراجع عن قراري...شعرت بالراحة أكثر حين أخبرت أبي و سويون عن هذا، فإن كان بداخلي بعض التردد فقد اختفى تماماً بعد أن تحدثت معهما...أعرف أن أمي و جدي سيُزعجانني بهذا الشأن لذا سأضع كلماتك أنت و أبي و سويون بعقلي كي لا أنزعج "

ابتسم ييدام لينظر إلى طبق طعامه لوهلة ثم رفع عينيه نحوها مُجدداً حين رفعت يديها أمامه تُظهر ثلاثة أصابع من يد و الأخري اصبعين

" ثلاثة يفتخرون بي ضد اثنين لا يفعلان لذا لن أشعر بالحزن "

تنهدت بصوتٍ عالٍ لتنظر بعدها إلى الطعام أمامها قبل أن تبدأ بتناوله غافلة عن أعين ييدام التي تُراقبها ببسمة لطيفة بها مشاعر دافئة يحملها نحوها

و هناك شخص ثالث معهما غارق بالتفكير يمضغ الطعام و هو يُحرك عينيه بصورة دائرية يحاول تذكر اسم دو هايلي

لماذا يبدو مألوفاً بالنسبة إليه؟!

__________________

"إذا تجرأ أحدكما علي التقدم خطوة أخري من هذه الغُرفة فلن يخرج من هنا سوي جثة "

ماريا تحدثت بنبرة جدية عاقدة حاجبيها بينما تحاول تقليد زوجها، و معها أعين سورين اتسعت بعدم تصديق

"جذب بعدها المسدس من مُساعد ييشينغ و هدد به السيدة چانغ ورجالها...يا إلهي كان مُثيراً "

تنهدت ماريا بهيام و هي تتذكر ذاك اليوم قبل سنوات طويلة حين دافع زوجها عن كاثرين و منع والدة ييشينغ من إيذائها

و ربما كان يجب أن تخجل سورين من تعليق والدتها عن والدها و تلقيبها له بالمُثير

لكنه كان أقل تعليق مُخجل سمعته منذ بداية حديث والدتها

ما اكتشفته هو أن والديها كانا بلا حياء و علاقتهما لم يكن بها أي حدود

لذا هي فكرت أنه من الجيد أن والدها تغير و إلا لكانت فقدت وعيها مئات المرات باليوم الواحد من شدة الخجل

" لم أعتقد يوماً أنني بحاجة إلى الحماية لكن بسبب هذا الموقف أردت أن أكون تحت حماية رجل، و هذا الرجل ليس سوى أوه سيهون لذا مهما تقدمت بالعمر لم أنسى حديثه هذا يوماً كما لم أنسى إعترافه لي"

أمالت سورين نحوها فاستقبلتها ماريا بين ذراعيها تحتضنها

" الآن فهمت لماذا الجميع يتفاجأ أنني ابنتكما "

علّقت سورين بمزاح فضحكت ماريا بصخب جعل من حاجبي سيهون ينعقدان

أغلق باب المنزل و سار حيث يسمع صوت ضحكات تأتي من غُرفة المعيشة

انكمشت معدته بشعور مُحبب حين رؤيته سورين و ماريا بتلك الوضعية لكن بمجرد أن التفتت سورين نحوه بعدما كانت تعطيه ظهرها، و ماريا رفعت عينيها إليه استعاد ملامحه الباردة يُذكّر نفسه أنه كان غاضباً من الجميع

الجميع خاصة تلك التي ترمقه بعبوس تحاول تملقه

تجاهلهما و لم يُلقي التحية عليهما ليسير نحو غُرفة نومه كي يُبدّل ثيابه فحركت سورين عينيها نحو والدتها التي لا تزال تحتضنها و همست

"تعرفين! التحدث أفضل حل للمشاكل"

"مع أوه سيهون هناك حلول أخرى"

أجابتها ماريا بنفس نبرتها ثم ابتسمت بخبث لتتورد وجنتي الأخرى مُتذمرة بخجل

"أمي"

فقهقهت ماريا لتُقبّل جبينها ثم ابتعدت عنها لتسير بخطوات واسعة أشبه بالركض كي تلحق بزوجها

أطلّت برأسها من خلف الباب تنظر نحوه و هي ترمش ببراءة مُزيفة فرمقها بنظرة جانبية ثم أشاح بنظراته عنها و هو يرتدي قميصه المنزلي قبل أن يُغلق الخزانة ببعض القوة

" سيهوني"

قلب عينيه و التفت يُعطيها ظهره...هو مازال غاضباً ،و الأمر ليس سهلاً هذه المرة كي يُسامحها ببساطة

" لا يجب أن تغضب مني دون أن تستمع إليّ"

دخلت الغُرفة و أغلقت الباب خلفها ثم سارت نحوه فتجاهلها و جلس خلف مكتبه ليقوم بفتح حاسوبه كي يستكمل عمله

" أنا لم أقل أنني ذاهبة إلى الصين من أجل شياو فنغ فأنا كنت ذاهبة للبحث عن شياو تشو...لم أتمكن من البقاء بمكاني دون فعل شيئ "

رفعت كتفيها نهاية حديثها و هي تسير نحوه حتى وقفت خلفه و انحنت نحوه في محاولة لإحتضانه من الخلف لكنه وقف من مكانه و أغلق شاشة حاسوبه ثم خرج من الغُرفة يتجاهلها

" سيهون، لا تتجاهلني "

شهق جي هون بفزع و قفز في مكانه بينما يتعلق بقدم ييدام حيث كانا يقفان أمام سورين يتحدثان معها

و ثلاثتهم حركوا أعينهم حيث والدهم الذي خرج من الغُرفة للتو، و من صوت ماريا العالي كان بإمكانهم إدراك ذلك...أن الزوجين هنا يتشاجران

"أوه سيهون، أنا أتحدث معك"

صاحت بإنفعال تستوقفه فالتفت إليها بغضب لم يشهده أبنائه من قبل و صاح بها هو الآخر

"صوتكِ أخفضيه، و إياكِ أن يعلو عليّ مُجدداً ماريا"

حرّك جي هون عينيه بحركة دائرية و تدريجياً هو انسحب إلى الأسفل حتى اختبأ أسفل الطاولة

والده كان مُخيفاً لدرجة جعلته يشعر أنه هو الآخر مُخطئ لذا هرب قبل أن يلمحه، بينما سورين وقفت من مكانها تنظر إلى ييدام بقلق، و بتلقائية تحركت عينيها نحو أذنيه تتأكد من كونه قد خلع سماعاته فهو لن يتحمل تلك الأصوات

" إن أجبتني منذ البداية فلم يكن ليعلو صوتي"

هسهست ماريا بحدة و هي تقترب منه فارتفع حاجبيه بسخرية

"و لماذا أستمع إليكِ بينما أنتِ تُلقين بحديثي في سلة المُهملات و كأن لا قيمة لي و لما أقوله"

"لا تُفسّر الأمور بشكل خاطئ ثم تتشاجر معي"

رفعت حاجبيها بتحذير فأشار إليها بسبابته

" لا تتحدثي معي بهذه اللهجة"

انعقد حاجبي ماريا و كادت تتواقح إلا أن نظرات سيهون لا تبدو بأنها سوف تلين بسهولة و إن أجابته الآن قد يقتلها

هذا يبدو مثل أوه سيهون القديم و الذي ظهر بالوقت الخاطئ

" لقد حذرتكِ من التفكير في الأمر لكنكِ و بعدم احترام لي و لكوني زوجكِ قررتي السفر لتبحثي عن رجل لم يكن ليترككِ دون إيذائكِ هذه المرة، و الآن بدلاً من الإعتذار أتيتِ لتكذبي في وجهي و كأنني أحمق....بجدية هل أبدو كطفل أحمق بنظركِ كي تكذبي هذه الكذبة؟"

صرخ بها نهاية حديثه وعروق عنقه قد برزت لشدة غضبه فاستنشقت ماريا ماء أنفها و حركت عينيها بعيداً عنه بينما تُتمتم

" لم أقصد هذا "

" ماذا يحـ ـدث؟ "

ييدام همس بتساؤل فرفعت سورين كتفيها بعدم معرفة لتُمسك يده بقلق خشية أن ينتهي هذا الشجار بالإنفصال

" لم تقصدي هذا؟ هل تتصرفين مُجدداً و كأنني أحمق أمامكِ؟"

رفع سيهون حاجبيه بعدم تصديق لتتسع أعين ماريا و هي تتخصر

"ما خطبك اليوم؟ "

"ماذا؟ ما خطبي؟ هذا أنا و منذ الآن فصاعداً سأكون هكذا فإن لم يُعجبكِ ذلك هيا تفضلي أمامكِ الباب، غادري ليس و كأنكِ تنتظرين الإذن مني أو تحترمين ما أقوله "

عقد ذراعيه إلى صدره بغضب و حرّك رأسه إلى الجانب ينظر بعيداً عنها فضمت ماريا شفتيها لتُشابك كفيها خلف ظهرها بينما تتقدم منه بخطوات مُتلكئة حتى وقفت أمامه تاركة بينهما خطوة واحدة صغيرة

" آسفة لقد تماديت هذه المرة "

همست بعبوس فقلب سيهون عينيه بسخرية

" جيد أنكِ تعرفين هذا"

أحاطت ماريا عُنقه بذراع و رفعت الأخري تعبث بها بالأزرار العلوية لقميصه مما جعله يخفض عينيه نحوها

" أعترف أنني أردت اللحاق بشياو فنغ و أنا مُخطئة بذلك و أخطأت لأنني حاولت الكذب منذ قليل...آسفة و أعدك لن يتكرر هذا"

ضيّق سيهون عينيه بشك فابتسمت ماريا لتُقبّل شفتيه بسطحية

" أنا حقاً آسفة، هيا لا تبقى غاضباً مني"

" كان يجب أن تُفكري في غضبي قبل أن تفعلي ذلك "

سيهون حاول للمرة الأخيرة أن يكون صارماً لكن ذراعيه قاما بخيانته و أحاطا بخصر زوجته لتتجعد ملامح ييدام و التفت بجسده يمتنع عن رؤية المزيد بينما فك سورين يكاد يُلامس الأرض

" لن أفعل شيئاً مُجدداً دون إخبارك"

تمتمت و هي تقترب برأسها من يدها التي تعبث بقميصه فأمال برأسه نحوها

"و لا يعلو صوتكِ عليّ مُجدداً"

ضمت ماريا شفتيها بإبتسامة كونها تعرف أن هذا سيحدث كثيراً لكنها فقط أومأت إليه تُجاريه

" عمي بيكهيون اهتم بك في طفولتك ثم تربيت بين هذين فكيف تمتلك هذه الشخصية؟"

سورين بعدم تصديق همست إلى ييدام فهمهم بعدم فهم و أمال برأسه نحوها مُنتظراً تفسيراً لما قالته لكن ما فعلته سورين هو أنها ركضت حيث غُرفتها حين أصبحت المسافة أقصر بين والديها

بعد الآن لن تثق بأفعالهما إن لم تكن المسافة بينهما عشرة أمتار على الأقل

تحمحم ييدام و دار حول نفسه هو الآخر قبل أن يجذب جي هون من أسفل الطاولة و سحبه معه إلى غُرفة النوم، و لو أنه لم يجرّ الصغير معه لبقي مُختبئاً أسفل الطاولة يُذكّر نفسه بأفعاله كي يتأكد إن كان سيتم توبيخه

تقلّبت سورين فوق سريرها بعدم راحة لتفتح عينيها و زفرت بعمق قبل أن تستقيم بجذعها و اتكأت به ضد مسند السرير

كلما أغلقت عينيها تُقابلها ابتسامة لوهان و أحاديثه معها

"أنا صادق بمشاعري هذه لذا أتمني أن يكون هذا كافياً كي تتشبثي بي و لا تتخلي عني أبداً"

جُملته تلك ربما قصد بها ما يحدث الآن، و ربما لهذا السبب لوهان كان غريباً منذ عاد من الصين

بعد حديث والديها و إخبار ماريا الحقيقة لها بتفاصيلها هي فكرت في أفعاله من جديد

لكن بالرغم من ذلك ثقتها بنفسها مُهتزة كما ثقتها بالمُحيطين بها

إن احتفظت بهذه الفكرة لنفسها...أن لوهان لم يرغب بأذيتها حقاً و لم يعلم بنوايا عمه الحقيقية فقد تُسامحه بينها و بين نفسها

هذا أفضل من التحدث معه فإن منحته فرصة أخرى و اكتشفت بعدها أن هذه ليست الحقيقه أو استغلها حينها حقاً...فلن تتحمل سورين الأمر

زفرت بضيق لتحمل هاتفها تنظر إلى مُحادثته

ولوقت طويل ظلت تقرأ تلك الرسائل التي حاول من خلالها الإعتذار منها قبل أن تقوم بحظره

قرأت الرسائل لمرات عديدة حتى ذهبت بنوم عميق

و أول شيء فعلته بعد أن استيقظت صباح اليوم التالي هو أنها تفقدت مُحادثته بلهفة لكنها قامت بحظره بالفعل فكيف تنتظر منه رسالة؟

زمت شفتيها و هي تُحرك إبهامها فوق جُملة إلغاء حظر هذا الرقم

و بتردد هي ضغطت عليها ثم أغلقت الهاتف لتسير نحو الحمام كي تغتسل

مر ما يُقارب الخمسة أشهر و خلال تلك المُدة لوهان لم يحاول أن يتحدث معها

في كل ليلة سينظر كلاهما إلى هاتفه و بتردد يكتبان الرسائل لكن لا يضغطان على زر الإرسال

" إلهي ألهمني الصبر، من أين يفهم هذا الكائن؟"

صاحت هايلي بإنفعال و هي تقتحم مكتب ييدام بينما يون سوك يلحق بها فأغلق ييدام عينيه بإنزعاج، و خلع سماعاته يضعها فوق المكتب

في حين تجاهلهم بقية الموظفين فالأمر أصبح عادة لديهم

منذ أن سمح ييدام لهما بالعمل معاً على مشروع السيد ايم الثاني و هما يتشاجران كل يوم تقريباً

لكنه يُذكّر نفسه يومياً أن هذا عقاب غبائه فما كان عليه الوثوق بهما و السماح لهما بالعمل معاً كما أرادا ذلك

" انظر إلى ما..."

بعد سلسلة من الشتائم المُتبادلة بينهما أرادت هايلي تحكيم ييدام بينهما لكنه ضرب على المكتب بقوة يُقاطع حديثها ثم فتح عينيه ينظر إليهما بغضب و هسهس من بين أسنانه

" أقسم إن لـ.. لم تُنهيا هذا المشـ ـروع بصمت فسوف..أطردكما"

فرّق يون سوك بين شفتيه و أراد أن يعترض فأشار إليه ييدام بتحذير مما جعله يضم شفتيه لتتحدث هايلي

"لكن سيد ييدام هو..."

جذب ييدام قلماً من فوق الطاولة ليبحث بين ملفاته عن ورقة ما فشهقت هايلي و التفتت سريعاً نحو يون سوك تدفعه من الخلف كي يُغادرا

تنفس ييدام بعمق ما إن عاد الهدوء يعم المكتب و ما إن تلاقت نظراته مع يونا ضمت شفتيها بقهقهة مكتومة ليهز رأسه إلى الجانبين بإبتسامة

"أحمق"

هسهست هايلي من بين أسنانها و دفعت يون سوك من كتفه أثناء مرورها من جانبه فجذبها من ياقتها يمنعها من دخول غُرفة المُتدربين و وقف أمامها مُتكتفاً

" إن كُنتِ مُعجبة به فلتُخبريه بدلاً من خلق مشكلة معي كل يوم كي تتمكني من رؤيته"

رفعت طرف شفتيها و هي تُصدر صوتاً قصيراً ساخراً مما قاله فابتسم يون سوك و أمال برأسه نحوها

" إن اعترفتي أنكِ مُعجبة به فسأُساعدكِ بالتقرب منه"

"و كيف ستفعل ذلك و هو يتجنبني؟ "

رفع أحد حاجبيه بسخرية فتحمحمت لتومئ إليه

" حسناً، أنا مُعجبة به "

" أعرف هذا"

أومأ بإبتسامة و التفت كي يدخل الغُرفة فوضعت ذراعها أمامه حاجزاً

"إلى أين؟ ألن تُساعدني؟ "

" لا، أردت فقط أن اتأكد مما أفكر به و تأكدت"

رفع كتفيه بعدم إهتمام ليدخل الغُرفة أولاً فأغلقت عينيها بقوة و هي تضم قبضتيها محاولة السيطرة على نفسها كي لا ترتكب جريمة قتل الآن

___________________

ضم لوهان كُتبه إلى صدره و هو يسير بخطوات ثقيلة بينما يُقابل طُلابه بوجهه العابس

الطُلاب الأكبر سناً قد لاحظوا ذلك...بروفيسور اللغة الصينية ومنذ أن بدأت الدراسة بهذا العام و هو يتصرف بغرابة

يبدو أكثر هدوءاً، حزيناً و تلك الهالة الإيجابية التي أحاطت به سابقاً قد اختفت

مينسوك كذلك رأى أن صديقه قد فقد حيويته و نشاطه كما ازداد وزنه عن السابق فلم يعد يلعب كرة السلة رغم قُرب الملعب من منزله الجديد

و لم يعد يفعل شيئ بوقت فراغه سوى تناول الأطعمة الغير صحية و كأنه سينسي كل شيئ

لكن حتى و إن نسي أمر قصة حبه الفاشلة فكيف ينسى أمر أخته التي لا يعرف عنها شيئاً بعد؟!

وقف أمام مبنى طُلاب الطب ينتظر خروج صديقه فداهمته ذكريات قديمة

حين أتى للسؤال عن مينسوك و قابلها هنا و قد كانت المرة التي تجدد بها اهتمامه نحوها

و من ثم تردده إلى هنا لرؤيتها بفترة إمتحاناتها النهائية

لولا وصول مينسوك مع آيونغ لغرق بذكرياته أكثر و ما كان لوهان قادراً على تحمل ذلك

يشعر أنه سينهار بأي وقت

"هيا بنا"

مينسوك عقد ذراعه مع خاصة صديقه و هو يجذبه معه نحو الطريق بينما كفه الأخري تشابكت أناملها مع خاصة حبيبته

ثلاثتهم وقفوا أمام تلك الخزانة الزجاجية حيث تظهر خواتم الزواج خلفها

و بملل تكتف لوهان مُنزعجاً أن صديقه سيتزوج بهذه الطريقة، دون عرض زواج رومانسي و مُفاجئ لحبيبته

لكن بالنسبة إلى آيونغ هذا لم يكن مُهماً كما أنهما يتواجدان معاً أربعة وعشرون ساعة باليوم تقريباً لذا أن يُخطط مينسوك إلى مُفاجأة كهذه دون أن تعرف كان أمراً مُستحيلاً

" لوّفرت أموال الخاتمين و قمت بشراء اللحم كي نحتفل بهذا الزواج أفضل"

لوهان تذمر و هو ينظر إلى طبق الراميون أمامه  فمينسوك قد دعاه لتناول العشاء بمنزله هو و آيونغ حيث كان يعيش لوهان معه سابقاً

" ألا تخجل من آيونغ على الأقل؟"

مينسوك صفعه على مؤخرة رأسه فتأوه لوهان بألم في حين ضحكت آيونغ بخفوت و هي تصب السوجو بكوب صغير من أجل لوهان ثم فعلت المثل مع مينسوك

" سأتناول كوباً واحداً كي أتمكن من العودة إلى المنزل"

لوهان تمتم قبل أن يشرب ذاك الكوب دفعة واحدة

" ابقي هنا اليوم "

"و لماذا قد أبقي على الأريكة هنا بينما أمتلك منزلاً لي وحدي و سريراً واسعاً و مُريحاً"

رقّص لوهان حاجبيه و ابتسم بإستفزاز نهاية حديثه قبل أن يخفض رأسه يدّعي انشغاله بتناول ما بطبقه فتنهد مينسوك بعمق

لوهان مهما حاول تصنع أنه بخير فمازال واضحاً أنه ليس كذلك

و كشيئ اعتاده لوهان في الأشهر الأخيرة بقضاء الوقت وحيداً ، هرب بمجرد أن تناول الطعام كى لا يبقي معهما

و لكي يبقي وحده مع أفكاره الحزينة منها و المُحبطة

" ألا يُمكنك أن تتحدث مع الفتاة التي يُحبها تلك؟ ألا تعمل معك بنفس المشفى؟"

تساءلت آيونغ بعدما انتهى مينسوك من غسل الصحون و انضم إليها بغرفة المعيشة فرفع مينسوك كتفيه ليجلس مجاوراً لها

" لمّحت لها برغبتي في التحدث عن الأمر و بدت غير مُتقبلة لذلك لذا لم أتحدث فبالنهاية هي كانت طالبة لدي و الوضع قد يكون غير مريح بالنسبة إليها "

أمسك بذراعها بلطف و جذبها إليه فتحركت معه حتى اتكأت بظهرها ضد صدره ليُحيط جسدها من الخلف بذراعيه بينما ذقنه حط فوق كتفها

" هل أعجبكِ؟ "

همس قاصداً الخاتم ببنصرها فابتسمت بإتساع و رفعت كفها إلى مستوى عينيها تنظر إلى الخاتم بسعادة

" لا أُصدق أننا و أخيراً سنتزوج"

ابتسم مينسوك ليُقبّل جانب عُنقها فاقشعر جسدها و تنهيدة خافتة غادرت ثُغرها

" هل تُريدين الذهاب إلى مكان مُعين بشهر العسل خاصتنا؟"

همهمت آيونغ بالنفي و التفتت كي تُقابله برأسها مما جعله يبتعد عنها قليلاً

" ما يهمني أننا معاً "

حرّكت عينيها مع كفها التي احتضنت وجنته بلطف ثم أكملت

" لذا دعنا نبقي بالمنزل و أموال السفر تلك لنحتفظ بها من أجل دينك "

" سأتولى أمر ديني هذا لذا لا تهتمي و أخبريني...أين تُريدين أن نذهب؟"

قبّل شفتيها بسطحية يختتم سؤاله فانعقد حاجبي آيونغ بخفة لتسترق نظرة سريعة نحو شفتيه ثم رفعت عينيها نحو خاصتيه

"لن أشعر بالراحة و أنا أعرف أنك غارق بالديون بسببي و كذلك تصرف ما معك من أموال على أمور لا داعي لها لذا لنبقي بالمنزل...أثق أنك سوف تعوضني لاحقاً"

كاد أن يعترض فقاطعته بتقبيل شفتيه بسطحية و ابتعدت عنه قليلاً هامسة

" لقد حصلت على أفضل و أثمن هدية بهذا العالم لذا لا يهمني أي شيء آخر فلن أكون سعيدة أكثر مما أنا الآن "

جعد مينسوك أنفه بإبتسامة و هو يحيط خصرها بذراعيه كي تقترب منه و هي سرعان ما استقامت تجلس على إحدى رُكبتيها و قدمها الأخرى تُلامس الأرض

" لماذا وجهك صغير هكذا؟ أشعر بالغيرة فلو تقدمت بالعمر قليلاً سأبدو كوالدتك "

تذمرت و هي تضغط على وجنتيه بكلتا كفيها فقهقه مينسوك رافعاً حاجبيه

" لا تُبالغي"

" صدقني لا أُبالغ"

نفت برأسها و هي تبرز شفتها السُفلى بعبوس طفيف

" كان من المُفترض أن تتوقفي عن مُرافقتي إلى العمل بمجرد أن نتزوج لكن هلا ألغينا هذا الإقتراح؟ لا أعتقد أنني قادر على البقاء بعيداً عنكِ لحظة"

عضّت على شفتها السُفلى بإبتسامة خجولة حين ختم حديثه بقُبلة رقيقة تركها بجانب شفتيها ثم تمتمت

" هكذا ستشعر بالملل مني "

أصدر صوتاً قصيراً يدل على النفي و بخفة ضغط على ظهرها من الخلف كي تميل نحوه بينما رأسه ارتفع قليلاً حتى تلامست شفاههما

ارتخت جفون آيونغ لتنزلق كفيها عن وجنتيه حتى استقرتا فوق كتفيه فأمال مينسوك برأسه يتعمق بقُبلته مُغلقاً عينيه هو الآخر

ابتعدت آيونغ عنه بعد ثوانٍ تلتقط أنفاسها ثم قهقهت بخفوت ليضحك هو الآخر قبل أن يُغلق عينيه حين أمالت بجبينها فوق خاصته

صوت أنفاسهما الغير مُنتظمة كان هو فقط ما يُسمع في الغُرفة

لمسة جبينهما كانت كالسحر نشرت الراحة و السكينة بجسديهما إلى أن شعر كلاهما بالخمول و النعاس

و بالرغم من أن وضعيتهما قد تبدو للعيان أنها غير مُريحة لكنها كانت كذلك بالنسبة إليهما

لكن هذا لم يطل كثيراً فقوطعت لحظاتهما الهادئة برنين الجرس لتنتفض آيونغ و شهقت بفزع مُتشبثة بكتفي مينسوك مما جعله يضحك

" اهدئي، إنه جرس الباب"

استقام من مكانه و ابتعد عنها كي يفتح الباب فتعلقت بذراعه سريعاً تقول بقلق

"قد يكون هيون، بالتأكيد عرف بأننا سنتزوج"

انعقد حاجبي مينسوك بخفة بسبب ملامحها التي انكمشت بخوف فربت على يدها برّقة و ابتسم يُطمئنها

"لا تقلقي، حتى و إن كان هيون فلن يفعل شيئاً يؤذيكِ"

اقترب يُقبّل جبينها ثم تركها و سار نحو الباب كي يفتحه فلحقت به بخوف حتى وقفت على بُعد خطوتين منه

فتح مينسوك الباب ليرمش مرتين بإستغراب حين رأى شخصاً غريباً يقف أمامه

ثياب ذاك الشخص و هيئته الضئيلة تبدو و كأنها لإمرأة إلا أنه لم يتعرف عليها بسبب النظارات السوداء التي ترتديها، قلنسوة تعلو رأسها و قناع وجه يُخفي ملامحها

رفع مينسوك حاجبيه بتساؤل كما أمال برأسه قليلاً فتقدمت منه تلك المرأة تحتضنه بقوة مما جعل من جسد آيونغ ينتفض و سارت بخطوات واسعة لتقف خلفها تنظر إلى مينسوك بنظرات مشوشة و أعين قد اغرورقت بالدموع

فبادلها نظراتها بأخرى جاهلة لما يجري هنا

To be continued.....






@مينسوك و آيونغ :


Bạn đang đọc truyện trên: AzTruyen.Top