Chapter •24•


°°°

جونغ إن:

عندما كنتُ مشغولا بحبّ جاي إن، و غارِقاً للحد الذي جعل عيناي تصبح عمياء، و قلبي يشبه شجرة ضعيفة و خاوية، فقدت الأمل في هطولِ المطر، حدتث هزة بداخلي أسقطت الأوراق اليابسة.

و أصبحت الشجرة خالية تماما، و تعاني من الجفاف كفصل الصيف الحار الذي يزورنا...

لكن، و لأن بعد الصيف شتاء، هبّت رياحٌ هائجة بداخلي فجأة، إقتلعت الجذور الميتة و الضعيفة، و لكن االشجرة بداخل قلبي ظلّت متمسكة بشدة رُغم ضُعفِها...

بعد ذلك، شعرتُ أن قلبي أصبح أثقلَ مما كان عليه، فجذور الشجرة بدأت تكبُر و تصبح أسمكَ و أقوى، رغم كونِها خالية من الأوراق و يستحيلُ أن تُزهِر!

و اليوم، تساقطت  أول قطراتِ المطر، و بللت تُربتها الجافة و المُتحجّرة، و الآن، أستطيعُ الشعور أنها بدأت تستجمع هواء نقياً و جديداً.

فقدت هبّت رياح كالنسيم برائحة ملأت عروقَها بالحياة..

ما يحصل بداخلي من الصعب شرحه، لكن وصف قلبي بالشجرة كان أقرب، لا أعلم متى ستكتمل باقي المراحِل، لكنني تأكدتُ أنها متعلقة بشخصٍ واحد...

و هو أون مي!

لم تجرأ على رفعِ رأسها و النظر بعيناي، في حين إعتذرتُ منها لأنني سلبتُ منها شيئاٍ مُهما و خاصاً، فقد تعديت على مساحتها الشخصية و قمت بتقبيلها!

قد تكرهني بعد هذا التصرف، و قد تصبح صداقتنا على المِحك و علاقتنا متوترة بعد ما حصل لكنني لا أعلم كيف علي إصلاح ما فعلته معها، تلك كانت الطريقة الوحيدة حتى لا نُفضح، فهدوء المكان يجعلُ من أنفاسِنا و دقاتِ قلبِنا المُضطربة تُسمع و من السهلِ العثور علينا!

بدت هادئة و صامتة جداً، و يبدو عليها الرغبة في العودة للقصر و عدم رؤيتي مجدداً، فأنا أستطيعُ قراءة تعابير وجهها الآن و هي لم تُجِبني رغم إعتذاري.

كانت تفرك أصابع يديها ببعضها البعض و شفتيها ترتجفان، فالجو أصبح أبردَ و تصُرفي المُفاجئ جعلها تفقد تحكُّمها في تحركاتِها و هذا واضِحٌ جداً، هي تبدو متوترة للحد الذي يجعلني أشُك بها و بمشاعِرها...

«لِنذهب من هُنا»

أردفت أخيراً دون أن تنظر لي حتى و همّت بالمُغادرة فأمسكت يدها قبل أن تبتعِد أكثر

...

«لم يمضي على ذهابهم سوى لحظات، لننتظر قليلا بعد»

أردف جونغ إن ناظِراً نحو ظهرها لكنها أبعدت يدها و غطتها بأكمامِها لتُجيبه

«أعرف طريقاً مُختصرا سيُخرجنا من القرية»

ذهبت مُسرعة فتنهد و لحَقَ بها في حين كان بينهما مسافة مِترين، هي تمشي بسرعة و دقاتُ قلبها تتخبط بجنون، في حين عقله لا يكاد يتوقف عن التفكير.

أون مي:

لقد أخد قلبي، كُلّه!

لو علِمت أن هذا سيحصُل لما وضعت قدمي أرضا، من المُؤلم تواجدك مع الشخص الذي تحبُّه طوال الوقت، و حدوث الكثير من الأمور بينكما و التي تجعل قلبك يُرفرف مُتمنيا الحصول عليه لكن ذلك مُستحيل!

أُحاول قدر الإمكان إخفاء مشاعري التي تحاول فضحي بكُل الطُرقِ في المُقابل، و مع كل محاولة أجد نفسي الشخص الوحيد الذي يتأذى هُنا.

تقبيلي له في المرة الماضية و هو مريض كان حركة مُتسرعة مني، شعرتُ و كأنني جشعة و أنانية و لم أفكر أن قلبه مُتعلِقٌ بأُخرى.

لكن تقبيله هذه المرة جعلني أتمنى أن يكون قلبهُ ملكاً لي، صحيح أنه لم يفعلها لأنه يكن لي بعض المشاعِر و لا لأنه ينظر لي كشخصٍ من الممكن أن يُصبِح مهما في حياتِه، لكن إهتمامهُ بي يُشوشني و يجعلني حائرة.

أتمنى لو بإستطاعتي الصراخ بوجهه و البوح له بكل ما بداخلي حتى أرتاح، لكنني قلقة مِما قد يحصُل بعدها..

قد لا أراهُ للأبد و قد أبتعد لأنني من النوع الذي لا يرضى الإعتراف بضُعفِه و إن حصل ذلك فقد أتركُ كل شيء و أرحل دون عودة محاولة نسيان كل ما حصل و محوه بكل الطرُقِ من ذاكِرتي.

ما حصل اليوم ليس من السهل علي تفاديه، لكنني أجد نفسي أحاول ذلك بكل الطُرق و هذا صعبٌ جداً لأنه يأتي لمُخيّلتي في كل مرة أُغلق عيناي بها!

...

توقفتْ مكانها عندما ضغطت على قدمِها المُصابة بما فيه الكفاية و لم تعد تستطيعُ المشي عليها أكثر، هي جلست بين الأشجار على الأرض فمشى راكِضاً فور لمحه لها تتفحصُ قدمها.

«لقد كنت أحاول إخباركِ أن تتمهلي بالمشي لأن قدمكِ مُصابة لكنك لم تتوقفي عن المشي بسرعة»

جلس أمامها و كشف عن كاحِلها فوجده مُحمراً بعض الشيء لذا قطّب حاجبيه مستديرا للأمام فحدّقت بظهره.

«هيا إصعدي سأحملُكِ حتى نعود بسرعة، و أريني الطريق»

«لا جلالتك، سأرتاح قليلا و ح-»

«لا تكوني عنيدة أون مي هيا الآن!»

قاطع كلامها بعصبية فعقدت حاجبيها بإنزعاج و ظلت جالِسة مكانها، لمَ عليه أن يصرُخ بتِلك الطريقة في حين هي مصابة و مشاعرها مبعثرة بسبب فِعلته، ليس من العادل أن تكون الطرف الوحيد الذي يصبرُ هنا أليس كذلك؟

زفر الهواء بسخطٍ و نظر لها ليُجيب

«هل يمكنني أن أعرِف سبب إنزعاجِك؟ أنا مستعدٌ للجلوس بإنتظار ما ستقولينه هنا طوال اليوم أو يمكنكِ الصعود على ظهري و الذهاب من هذا المكان بسرعة، لديكِ خيارين!»

وقفَ بإنتظار ردّها فوضعت يدها على الشجرة و وقفت ليستدير و ينحني قليلا حتى تصعد على ظهره، أحاطت يديها حول رقبته في حين أمسك بقدميها و أكمل الطريق في صمت.

...

القصر في مملكة جوسون كان في حالة فوضى، فجميع الخدم يركضون هنا و هناك في حين خرجت الملكة و الملك من غُرفتِهما بإتجاه غرفة جاي إن.

تم إستدعاء طبيب القصر أيضا فدخل أولا و بدأ يتفحصها، هي نظرت للطبيب الذي سألها ما إن كانت تسمعه فهزت رأسها لذا طلب منها التحدث

«أسمعُك!»

تنهد الطبيب براحة و أمرها بتحريك أصابع يديها و قدميها ففعلت، لكنها كانت تشعر بالدوار كلما وقفت لذا طلب منها الراحة.

«هذا جيد، يا لها من مُعجِزة، والديكِ سيكونان سعيدانِ جداً بعد سماع هذا الخبر!»

أردف الطبيب بإبتسامة فرمقته بنظرة حادة بينما تجلِسُ مكانها

«من سيكون سعيداً؟»

توقف الطبيب عن جمع أغراضه و نظر لها بإبتسامة فهز رأسه و أجاب

«والديكِ..»

ضمّت يدها و قد حدقت به بإحتقار لتُردف بنبرة مرتفعة قليلا

«والِداي؟ هل هذه هي الطريقة التي تذكُر بها الحاكم و الحاكمة في غيابِهما؟ من تظن نفسك؟»

تلاشت إبتسامة الطبيب فوقف و إنحنى لها قائلا

«أعتذِرُ منكِ لم-»

«تعتذِرُ مِن مَن؟»

قاطعتهُ مُقطَبة حاجبيها فإنحنى مجددا و أجاب

«أعتذِرُ جلالتك، الحاكم و الحاكمة بالتأكيد سيكونانِ سعيدان بعد سماعهما لأخبار إستيقاظَك، أتمنى لكِ الصّحة الدائمة، أستأذنُكِ الآن»

غادر الغُرفة و أُغلِق عليها الباب فوجد الملك و الملكة بإنتظارِه ينظران نحوه بقلق، ملامِحُ وجهه كانت مُتغيرة و بدا مُحبطا و حزينا بعض الشيء بسبب تعاملُها القاسِ معه، فهو يعرفها منذ الطفولة حتى أصبح رجلا كبيراً في السنّ الآن، و من المحزن رؤيتها تتصرفُ معه بتلك الطريقة.

«ماذا هناك؟ هل هي بخير؟»

سأله الملكُ بفضول فهز الطبيب رأسه و أجاب

«هي بخير، تفضلا بالدخول»

غادر بعد أن إنحنى لهما فنظرت لهُ الملكة بإستغراب في حين دخل الملك حتى يطمئن على إبنة أخيه و لحقت به الملكة...

...

كانت تجلسُ بغرفة جاي إن و تحدق بالفراغ، فهُما لم يتحدثا منذ وصولهما، هي لا تعلم أين ذهب، لكن أخبار قبول بعض الأمراء بها و البعض الآخر رفض جعلها في حيرة.

تريد العودة للمملكة بسرعة و رؤية والديها و يي سو، لكن قرار إعادة النظر و التصويت هذا يُخيفُها، لا تريد تحمل المزيد من المسؤولية في شيء لا يخصُها بعد الآن!

أخبرها حاكُم الصين أنه إن أعطاها الإشارة بالرحيل فهي عليها القيام بذلك دون أن تسأل أو تعرف السبب، و كلامه ذلك أخافها قليلا.

وقفت و بدأت بالمشي يمينا و يسارا تفكر في حلّ ما ينهي كل شيء، لا تفهم كثيرا في أمورِ الحُكمِ و لم تتعلم عنه لكنها كان تحاول إيجاد طريقة تجعل أوضاع البلاد تهدأ، ظلت محبوسة بالغرفة إلى أن حلّ المساء و طلبت رؤية الحاكم.

و بعد أن وفروا لها طريق الأمان دخل الحاكم و زوجته لغرفتها فوقفت و إنحنت لهما فجلسا لتُردف الحاكمة

«ماذا هناك أون مي؟ سمعنا أنكِ تريدين إخبارنا بأمر مُهمٍ جداً!»

هزّت رأسها ثم أخرجت ما كتبتهُ على الورقة

«جلالتك، قد لا توافقان على إقتراحي هذا، و أعلم جيداً أنني لا أفهمِ بأمور الحكم، لكن إسمحا لي بعرض حلٍ يساعدكما على تجاوز هذه الأزمة»

نظر الحاكم و الحاكمة لبعضهما البعض فأومأ الحاكم و أشار لها بالتحدث لذا هي بدأت تشرح ما خططت له على الورقة.

«تنقسم جمهورية الصين إلى عدة مقاطعات، و جميعها محتلة من قِبل الدخلاء اليابانيين، بحيث لم يتبقى لهم سوى القصر و المقاطعتين اللتان تحيطانِ به، و بما أن نصف التصويت بصفّنا و النصف الآخر مُعارض، فجلالتك ستقوم بتولي العرش أنت و جاي إن معاً، هكذا صنُنصِفُ التصويت الذي بجانبنا، و سنكونُ عادلين بحق الإعتراض، لكن بشرطِ أن يتم توقيعُ عقدٍ على كل ذلك، الأميرة جاي إن ستأخد الشمال و الجنوب من الجمهورية، و جلالتك ستتحكمُ في الجزء الشرقي و الغربي للبلاد، في محاولة لإيقاف المجموعات المُتحكّمة في الدخلاء، و لكي لا تكون تحرّكاتنا مكشوفة سنستعين بالجيوش الكورية من المملكة، و الذين سيدخلون كتُجارٍ  لشراء الأسلعة، لكن قبل ذلك علينا عدم الكشف عن كل هذه الخطط أمام الحكومة عدا قرار توليكَ للعرش أنتَ و الأميرة جاي إن-»

قاطعَ كلامها طرقٌ على الباب مع أخبارٍ مُهمة فسمح الحاكم للخادمة بالدخول، إنحنت و قدمت الصينية الموضوع عليها ورقة ملفوفة و مغلقة بشريط أخضر دليلا على قدوم أخبارٍ جيدة.

هو أشار لها بالرحيل و بدأ يفتحها بسرعة و فور لمحه للأخبار إستيقاظ إبنته و تحسُّن صِحّتِها إحتضن زوجته التي بدأت بالبكاء بسعادة.

في حين ضمّت أون مي يديها لصدرِها و إبتسمت بهدوء فأردف الملك

«عودة جاي إن سيساعدنا بتنفيد هذه الخطة بسرعة!»

حدقت به أون مي بصدمة و قد رمشت مرتين فحكّت أرنبة أنفها و سألته بتردد

«هل يعني أن ما قُلتُه سيتم تطبيقهُ جلالتك؟»

نظرَ لها و هز رأسه بعد أن ضرب الطاولة التي تفصل بينهما بالرسالة قائلاً

«بكل تأكيد! هل تظنين أن لدينا خياراً آخر غير هذا الذي إقترحتيه؟ فلتبارك الآلهة والداكِ على إنجابهِما لفتاة مِثلك!»

نظرت لها الحاكمة بإبتسامة و أشارت لها بالتقدم أكثر فوضعت يدها على رأسها قائلة

«والِدتك محظوظة لأنها حضِيت بنعمة مثلك!»

إبتسمت أون مي و قد شكرتهُما على كلامهما فأخبرها الحاكم أن تستعد للعودة إلى مملكة جوسون في الفجر و تظل متيقظة.

خرجا من غُرفتها بعد أن أكملت لهما فتنهدت براحة و تمددت على الفراش، هي تشعر بالراحة لأنها إستطاعت المساعدة، و ستعود إلى بيتها في الغد أيضاً.

أغمضت عينيها فظهرت لحظة تقبيل جونغ إن لها لذا فتحتهما بسرعة فوجدته يحدق بها من الأعلى حيث يقف عِندَ رأسِها و شهقت واضعة يدها على قلبِها فعادت لإغماض عينيها مجدداً

«كيفَ حالُ قدمِك؟»

جلست مُعيدة خصلات شعرها خلف أذنيها فأجابت

«بخير جلالتك.»

جلس إلى جانبها، لكنها لم تتحرك، فهي حتى لا تعلم منذ متى و هو هنا و لا حتى كيف دخل أيضاً

«سمعتُ إقتراحكِ الذي طرحتيهِ على عمّي قبل قليل، لقد بدا سعيداً جدا و هذا بفضلِك»

مهلا لحظة، هو لم يسمع عن أخبارِ جاي إن بعد أم ماذا؟ فهي ستكون أول ما يتحدث عنه فور خروج عمه و زوجته!!

«ما الذي سمعته أيضاً جلالتك؟»

نظر لها بإستغرابٍ فإبتسمت و إعتدلت بجلوسها

«جاي إن إستيقظت و تحسنت حالتُها!»

هي لم تمنع نفسها من إخباره حتى يبتهج قليلا، لكنه لم يصدر أي رد فعل و قال بهدوء

«حقا؟»

تلاشت إبتسامتها و حدقت به بإستغراب فسألته بتردد

«هل علِمتَ بالأمر بالفِعل جلالتك؟ لقد وصلت الأخبار للتو...»

«لقد قرأتُ الرسالة قبل وصولِها إلى هنا بالفعل!»

أجاب و هو لا يزالُ محافِظاً على هدوءه لذا سألته مُجددا

«أليست هذه أخباراً جيدة بالنسبة لك؟»

همّ بالوقوفِ و أشار نحو صندوق الملابس ليُجيب

«من الأفضل لكِ البدأ في تجهيز نفسكِ لأننا سنرحلُ من هنا قبل حلول الفجر، و لم يتبقى على ذلك إلاّ القليل، هيا!»

غادر من النافدة فإستدارت تلحقهُ بنظراتِها، هي لا تفهم ما خطبه، عليه أن يكون سعيدا و يأتي لإخبارها أن جاي إن إستيقظت أولا، لكنه بدا لها بارداً و لم يظهر أي رد فِعلٍ بخصوص الأمر مما زادها الكثير من الشكوك و جعلها في حيرة من أمرِها.











...

مرّ الوقتُ بسرعة و لكن الخروج من القصر كان صعباً جدا، فهي و جونغ إن و الخدم الكوريون وحدهم من كانوا سيُغادِرون، لكن الحاكم و الحاكمة سيظلون في القصر بإنتظار قدوم جاي إن.

دخلت للعربة و جلست، كانت كبيرة لحمل شخصين و مجهزة بحصانين، هي كانت بإنتظار جونغ إن حتى يأتي و يركب معها لكنه تأخر قليلا و هذا زاد قلقها لأن الحراس أيضاً لم يعلموا سبب إختفاءه...

خرجت من العربة بإنتظاره، الجو كان بارداً جداً و شعرت أن أصابعها متجمدة، الثلوج تُغطي المكان و كل شيء أصبح أبيض اللون و لأنها كانت تهطل بغزارة شعرها و ملابسها أصبحت أيضا مغطاة بالثلوج.

و ها هو ظهر أخيراً، يحمل بعض الأغطية الإضافية، فور لمحه لها في الخارج بإنتظاره أشار لها بالعودة و الدخول بسرعة.

«ما الذي كنتِ تفعلينه في الخارج؟»

جلس أمامها و قد تحركت العربة فمد لها غطائين في حين أخد هو غطائين واحد وضعهُ على كتفيه و الآخر على قدميه.

فكّها كان يهتز قليلا فأسرعت بتغطية رأسها قائلة

«شعرتُ بالإختناق قليلا جلالتك»

«كان عليك فتحُ النافدة و حسب إذن»

همّ بفتح النافدة التي بجانبهما فعصفت الرياح حتى جعلتها تُغمض عينيها لذا أجابت بسرعة

«أنا بخير الآن!»

أعاد إغلاق النافدة فوجدها تُدفئ أصابع يدها يدها و تُخفيهما أسفل الغطاء، في المقابل هو لم يكن يشعر بالبرد كثيراً لأنه تعود على الخروج بملابس خفيفة في تدريباته الحربية في فصول الشتاء...

ساد الصمت بينهما و لم يكن يسمع سوى صوت نفخها على يديها في محاولة للنوم ريتما يصِلون.

أغمض عيناه كذلك حتى ينام قليلا لأنه لم يكن ينام جيداً مؤخرا لكن تحركها الكثير لم يمنحه السكينة التي يُريدُها...

وقف فجأة من مكانه فنظرت له بإستغراب حتى تقدم و جلس بجانبها، فتح أغطيته و أضافها لأغطيتها حتى أصبحا يتشاركانِها معاً ثم أفسح لها المجال رافعاً يده

«إقتربي..»

حدقت به و بالمكان الذي أفسحهُ لها أسفل ذِراعه فتقدمت و ضمت ركبتيها لصدرها في حين ضمّ ذراعه الأيمن حولها و هذا جعلها تغمض عينيها بقوة غير قادرة على التحدث و لا حتى النظر له لأنه وضع ذقنه فوق رأسها.

لقد كان دافِئاً جدا، و كأنه إحتفظ بالكثير من الحرارة لوقتٍ كهذا!

«لازلتِ تشعرين بالبرد؟»

أردف بنبرة منخفضة فهمهمت بِ-لا- لذا همهمَ أيضاً عندما لاحظ أنها بدأت تغرقُ في النوم...

نامت أون مي بالفعل لأنها ظلت مستيقظة كما أخبرها الحاكم حتى تستعد للذهاب، و شعورها بالبرد إختفى بالفِعل بسبب إحتضانه لها.

ذلك الجو داخل العربة جعله يشعر برغبة في النوم أيضاً فوضع رأسه على رأسها و أغمض عيناه مستسلما للنوم بعد أن إحتضنا بعضهما البعض دون أن يترُكَ أحدُهما الآخر!

فتحت عينيها بعد فترة طويلة فوجدته يضع رأسهُ على كتفها و ينام و قد غطّت خصلات شعره الطويلة عيناه بالكامل، أنفه و شفتيه الوحيدان اللذان كانا مكشوفان و هذا جعله يبدو لطيفاً جداً.

إبتسمت فشعرت بحكّة في أنفها و أدارت وجهها لتعطس فإستيقظ و رفع رأسه ناظراً حوله.

«هل وصلنا؟»

رفع شعره نحو الأعلى مُعيداً إياه للخلف فهزت رأسها نافية و فتحت النافدة

«لا أعلم جلالتك، أعتقد أننا أوشكنا على الوصول لقد حلّ الصباحُ بالفِعل»

«هل أنتِ جائعة؟»

حدقت به و هزت رأسها بِنعم فطرق على الباب قليلا حتى يأتي الخدمُ بالطعامِ كما أوصاهُم.

بعد لحظات، توقفوا و فُتح الباب ثم أدخلوا لهما الطعام، الخادمات الثلاثة كُن يبتسمن بينما يتهامسن و ينظرن لجونغ إن و أون مي، في حين هما لم يفهما شيئاً مِما يحصل!

عادوا لإغلاق الباب من البرد و تحركوا لإكمال الطريق فبدآ بتناول الطعام في صمت.

«لقد نمت بعمق... لم أستيقظ طوال الطريق»

أردفت أون مي كاسِرةً حاجز الصمتِ كالعادة فرفع رأسه عن طبق الأرز و هز رأسه ليُردف

«أنا أيضاً»

عاد لإكمال طعامه فحدقت به بتردد و حشرت البيض داخل فمها ثم عادت للصمت.

...

وصلوا لمملكة جوسون بعد فترة من الوقت فإستأذنت منه الذهاب لرؤية عائلتها لذا سمح لها بذلك شرط أن تعود للقصر من أجل مقابلة الملك و الملكة.

دخل جونغ إن للقصر متجِهاً نحو غُرفة جاي إن في حين تعابير وجهه باردة و لا تحمل أي رسائل.

«ولي العهد سيدخُل الآن!»

أردف حارِسُ الباب بنبرة مرتفعة فإعتدلت جاي إن بجلوسها و فُتِح الباب ليدخل بهدوء، حدق بها لفترة فنظرت له بإبتسامة.

هو إقترب و جلسَ أمامها لتُردف

«جونغ إن، إشتقتُ لكَ كثيراً»

قامت بإحتضانِه بقوة و يديها ترتجفان لكنه ظل جالِساً مكانه و لم يُبادِلها الحضن لذا إبتعدت و بدأت بمسحِ دموعِها.

«كيف تشعُرين؟»

أردف دون أن يبعد عيناه عنها فهزت رأسها بهدوء و أجابت

«بخير، أشعر بألمٍ في الجرح و بعض الدُوار، لكنهما ليس كألمِ قلبي، بعض تعرضي لتِلك الخيانة»

هز رأسهُ أيضا ثم أجاب

«لقد حذّرتُك سابِقاً بالفعل، لكنّك قُمتِ فقط بما يخبرك به ذلك الخائن»

رفعت رأسها مُقطبة حاجبيها و دموعها لا تزال على وجنتيها لتُردف

«إنه ليس الوقت المناسب لهذا الكلام الآن جونغ إن، حالتي هذه تكفي، أم أنك تُريدُ مُحاسبتي على كل ما أخطأتُ و جعلي أشعُر بالندمِ أكثر فأكثر؟»

حدق بها لفترة من الوقت قبل أن يُجيب، هو يبدو غاضباً لكنه كان يحاول السيطرة على نفسه و التأكد من الأخبار التي وصلتهُ حتى لا يقوم بشيء يندم عليه لاحِقاً.

«بلى إنه الوقت المُناسب للتحدث، لقد كنت أنتظر إستيقاظك طوال هذه الفترة حتى نتحدث جاي إن! و نعم أنا أريدُ محاسبتكِ على كُل كلمة تجاهلتيها مني عمداً و رغبة في اللحاق بذلك الوغد!»

أردف بنبرة مرتفعة أكثر بقليلا فحدقت به و صدرها قد بدأ يرتفع و ينزل بسبب شعورها بالغضب

«ذلك الشخصُ الذي تناديه بالوغد أحبّهُ قلبي و لم أستطع الإبتعاد عنه هل تفهم كلامي الآن؟ أم أنكَ لم تجرب الحُب من قبل و لا تعلمُ كيف يكون حتى..»

إستدار نحوها بغير تصديق مقطبا حاجبيه فأجاب

«أنت سمحتِ لنفسكِ بالوقوع بحب شخص ما رغم معرفتكِ التامة بأنه خطر عليك، صدقتِ شخصا رغم شكوكِك به، ذهبتِ معه و قد تعرفتِ عليه لبضع أيام و تركتِ علاقة طفولتنا التي إمتدت لسنواتٍ عديدة!»

وقف و قد زفر الهواء فوقفت كذلك بصعوبة

«و ما الخطأ بذلك؟ ما الخطأ الذي إرتكبته؟ من أنتَ لتمنعني من الذهاب مع شخصٍ ما أو إيجاد أي شريك لي؟ لطالما كنت تُحذرني من كل شاب يتقدمُ لي بحجة أن لا ثقة بهم ما مُشكِلتُك؟ حتى أبي لم يتدخل يوماً في أموري الخاصة لماذا عليك أن تمنعني أنت؟»

أردفت بنبرة مُرتفعة قريبة للصراخ فنظر لها قائلاً

«لقد كنت أحاول حمايتك طوال الوقت و هذا كل ما تخفينه بقلبكِ تجاهي؟»

«لا تُحاول حمايتي جونغ إن! أنظر لحمايتك تلك لم تنفعني بشيء و حصل ما حصل بالفعل، وقعتُ بحب شخص و منحته كل شيء و لم يعد لدي شيء لأخسر-»

حدق بها بعينين متوسعتين و توجه نحوها بسرعة ليُردف بنبرة أقل إرتفاعا مقاطِعاً لكلامها...

«ما الذي تقصدينه بمنحتهُ كل شيء..؟»

أنزلت رأسها تحاول منع نفسها من البكاء فأمسكها من كتفيها و هزها و قد صرخ بوجهها

«تحدثي جاي إن ما الذي يعنيه هذا الكلام؟»

هو كان على وشكِ الإنفجار، لا يكاد يصدق أن الأخبار التي وصلته عنها قد تكون صحيحة، لا يمكن أن تكون هذه هي نفسها جاي إن التي لطالما كانت أنقى شخص بالنسبة له.

أبعدت يديه عن كتفيها و صاحت بوجهه باكية

«ما الذي لم تفهمه بكلامي بالضبط؟ لقد قلت أنني منحتهُ نفسي و قلبي و عقلي و جسدي و كل شيء! لقد كان أول شخصٍ أحبه بصدق و لم أتردد لحظة واحِدة ف-»

إبتعد عنها خطواتٍ للخلف و قد رفع يده حتى يطلب منها الصمت، عيناه بالفعل قد أصبحت لامِعة و هو رمى كل المزهريات التي على الأرضِ حتى تطايرت تلك الشضايا على الأرض الخشبية مصدرة صوتاً مرتفعا.

جميع الخدم كانو قلقين في الخارج و حتى الملك و الملك كانا يُريدان الدخول لإيقاف شجارهما لكن ولي العهد أخبر الخدم أنه سيقتل كل من يدخل  للداخِل.

حدقت به جاي إن بإتسامة جانبية دون أن تمسح دموعها بحيث يقف ناظراً نحو الفراغ دون أن يرمُش لوهلة واحدة، خصلات شعره كانت قد تبللت و إلتصقت على جبينه بسبب تعرُّقه.

«ماذا؟ هل ظننت أنني سأمنحُ نفسي لك؟ هل ظننت أنني لم أعلم بحبّك إتجاهي؟ كيف تسمحُ لنفسكَ بالوقوع بحبي أيضاً؟ إن كُنت أنا مُخطئة فأنت مُذنبٌ جونغ إن! تعلم جيدا أن ما تحلم به مُحرم لكنك إستمررت في منعي من إكمال حياتي! من الأنانيُّ منا الآن؟ أنا التي كنت أعيش حياتي باحثة عن شخص أحبه؟ أم أنت الذي تخدعني و تسمحُ لنفسِك في الوقوعِ بحُبي، منعي من لقاء أي رجُل و التمسك بي! لكنني كنت كالحمقاء أصدقك لأنني أعتبرك أخي الأصغر..آ-آه!»

وضعت يدها على بطنِها و قد تأوهت بألم لكنه لم يتحرك فكلامها ذلك ترك بقلبِه نذبة من الصعب أن تُشفى مُجدداً!

«إرحلي من هنا!»

أردف بثبات فنظرت للدماء التي تسربت من أسفلِها، فالجرح الذي ببطنها إنفتح مجدداً لكنها ظلّت واقفة مكانها لتردف

«لا يمكنك طردي!»

حدق بها ثم توجه نحوها ليدفعها للأمام و صرخ بوجهها

«قلتُ غادري مملكتي و لا تعودي لها إلى الأبد!»

فتح الملكُ الباب و صرخ بجونغ إن قائلا

«جونغ إن! لقد تماديت لما كل هذا الصراخ، كيف تضع يدك على إبنة عمّك!»

هرعت الخادمات لحمل جاي إن التي كانت تنزف فوجه جونغ إن إصبعه السبابة نحو الملك قائلاً

«أبي أنت لا تتدخل! لا أريد لهذه الإمرأة أن تظل بهذه المملكة لمزيد من الوقت! و لا تحاول إيقافي عن ذلك»

رمق والده الذي وقف منصدِما بحدة ثم تخطاهما ليخرُج من الغرفة متوجهاً نحو غُرفتِه.

وقفت أون مي بصدمة إلى جانب الخدم تحدق بما حصل للتو ثمّ لحقت بجونغ إن مُسرعة و دخلت قبل أن يُغلق الباب فإستدار بسرعة مستعداً للصراخ بوجه الشخصِ الذي تجرأ على اللحاقِ به و هو غاضِب..

«ما الذي تفعلينه هنا؟»

أردف ففركت أصابع يدها ببعضها، هو غاضب جداً و هي عليها التصرف بحكمة و لا تفسِد الأمر، لكنه أدار ظهره و أردف جاعِلا منها تتجمد مكانها..

«أخرجي!»

ظلـّت واقفة مكانها لكن صبره كان قد نفذ لذا صرخ بعصبية

«قُلتُ أخرجي من هنا أون مي لا أريد رؤية وجهكِ مُجدداً»

«لن أخرُج!»



يُتبع...🖤




Bạn đang đọc truyện trên: AzTruyen.Top