18 | أنتِ أكبرُ كَذِبة صدَّقتها.

السماءُ زرقاءُ تَنبِضُ باللهفةِ والحَنين ، والشمسُ تَشرقُ غَير مُبالية بِمَا حَدثَ هُنا

فعندما تَطُل الشمس علينا بازغة تُضيء الكَون نوراً..
نستَرسِلُ وقود يَومنا .. ونَتوقُ لِبِدء يومَنا ..

حزمةُ نور ..
وخيوطٌ ذهبية ..
تُلهِمُنا لِنُبدِع ..
تَدفَعُنا لِنَسعَد .. ولكن هل يستطيع ضوء الشَمس أن يُنير عتمة القلوب ؟

تجلِسُ علي كُرسيها في المتجَر نظراً لأنها لم تذهب للمدرسة ، وتُسجِّلُ الأنواع الناقِصة في متجرها من الازهار بملل ، حتي دخل صديقُها يُلقي التحيّة فإبتسمَت بخفّة لتترُك القلم قائلة " لوي ! "

" أجل لوي ، الذي ذهب أمام المدرسة اليوم وحين رأي كيلي وبّخها ونعتها بأقذرِ الألفاظ لأنتظرها تشتكي للمُديرة وأحصُل علي رفدٍ مِثلَكِ .. معاً في كل شئ أتتذكرين ؟ " رقَّص حاجبيه فذهبَت نحوهُ تُعانِقهُ قائلة " أُقسِمُ إن حَصَلت علي أخٍ في يومٍ ما لن أُحِبهُ بِقدرما أُحِبُك لُو .. "

أحاط جسدها بذراعيهِ ليُبادلها العِناقَ مؤكِداً علي كلامها " أعلم بيل فَمِن دوني ستموتين حتماً .. "

إبتعدت عنهُ لتقهقه قائلة " مِنَ السعادة بالتأكيد "

عَبَسَ كالجرو فقرصَت أنفهُ تقول " تباً لوي لا أستطيع تخيُّل حياتي من دونَكَ أصلاً "

مَسَحَ علي شعرها كالقطط وقبّل رأسها لينظُر إليها ويقول بفضولٍ لم يتمكَّن من كَبحِه " فلتُخبرينني هيا بما حدثَ مع والدتكِ ، هل تحدثتُما كما أخبرتِني أنكُما ستفعلان ؟ "

" أجل وأخبرتني ألّا أُحدِّثَ هاري ثانيةً وأنساه " نظرت بعينيه لتتوتّر قائلة " الأمرُ أشبهُ بأنها تطلُبُ مِنّي أن أقتلِعَ قلبي وأبقَي علي قيدِ الحياة ! "

أردفت " أو بأنها تظُن أن نسياني لهاري سهلٌ للغاية كَنسيان درجةٍ سيّئة حصلتُ عليها في الإمتحان ، أو بأنها تطلُبُ مِني أن أحترِق ولا أبكي .. أن أقِف أمام قِطار ولا أصرُخ .. أن ... " قاطعها لوي " حسناً بيل لقد فَهِمت ، تقصدين أن نسيانكِ لهاري مستحيلاً أليس كذلك ؟ يا لكِ مِن ثرثارة "

" أنت يا أحمق لا تُقاطِعني حين أنفعِل قَدِّر حالتي قليلاً ! " صرخت بِه فقهقه بينما يومئ برأسهُ بالإيجاب مع دخولِ شخصٍ ما الي المتجر لتلتفت الأنظار نحوهُ

تبادل ثلاثتهُم النظرات الصامتة حتي حمحم لوي وتحدّث سريعاً " مرحباً هاري ! أ- أوه بيل نسيتُ أن أُحضِر لنا الفطور .. سأعودُ علي الفور " خرَج بعد أن إبتَسَم هاري بخفّة ، وهي تنهّدت متجنبة النظر إليه وتظاهرت بإنشغالها بترتيب الأزهار مما أحبطهُ كثيراً وصَعَّب عليهِ مُهِمتُه

" لقد أرسلتُ لكِ مِئات الرسائل .. لم أتفاجئ كثيراً بِعَدَم ردّكِ علي أيٍ مِنهُم ولكن ماذا فعلت لكِ بيلي لتبتعدين عني بهذا الشكل المفاجئ ؟ " بدأ كلامهُ بنبرةٍ مليئة بالمشاعر ، فنظرَت لهُ لِتُجيب ببرود وبملامحٍ جامِدة بعد أن وقفت بإعتدال " أنت لم تفعل شيئاً هاري "

رفع لها إحدي حاجبيه مُنتظِر تفسيراً لتجاهُلها لهُ فتنهَّدَت قائلة " لكنهُ ليس مُقدّر لنا أن نكون سوياً ، والدتُك تكرهُني وأنا مُتأكدة أنها بتلك الفترة ستملأُ رأسك بكلامٍ يُبعِدُك عنّي وستحاول بأقصي ما عِندها لتجعل علاقتنا تفشل ، بينما أنا لا أستطيع مواجهتها .. أتعرِفُ لِما ؟ لأنها مُحِقّة .. هي في النهاية أُمُك وتُحاوِل حمايتَك ، وحتي وإن وافقت هي علي إستمرار علاقتنا بشكلٍ طبيعيّ فلن أوافِق أنا لأنها لفتت نظري لأمرٍ هام ، أنا مُجرد فتاة في الثانوية تبيعُ الازهار وانت رسّام ومُستقبليّاً سَتُصبِحُ رجُل أعمال .. لا أفهم علاقتنا "

" لا تفهمين ماذا ؟ " تسائل خافياً غضبُه فردّت " لا أفهمُ كيف لشابٍ مِثلَك أن يُحِب فتاةٍ مِثلي ! "

" حقاً ؟ أنتِ أيضاً تنظُرين للأشياءِ بهذا المنظورِ والفِكر المريض ؟ " نظر لها بعدم تصديق فنظرت بعينيه قائلة بإنفعال " لستُ أنا من يفعَل بل العالم بأكملهُ ! ظننتُ أن إختلاف الطبقات لم يعُد مُشكلة في القرن الواحِد والعشرون وظننت أن الجميع قد نَضَجَ فِكريّاً ، ولكن لا شئ يتغيّر .. "

" هُناك حلّ ، هُناك أكثر مِن حلّ لتنجح علاقتنا رغم أنف الحاقدين ، عليكِ أن تستمعي إليّ وتحاولي معي ! " أدار وجهها إليه فرأي الدموعَ بعينيها لتقُم بمسحهم سريعاً ، صمت ثوانٍ وقال " سأُساعِدُكِ ليَكبُر ذلك المَتجَر حتي يُصبِحُ من أهم متاجر الزهور بفلوريدا "

نظرَت لهُ بذهول فَوَضَّحَ سريعاً " حينها ستُغيِّر والدتي فِكرها عنكِ ، ماذا تتوقعين مني ؟ أن أستسلِم مع أول مُشكلةٍ تواجهنا ؟ إن الحُب ليس سهلاً ، إنما تمييز الحُب الحقيقيّ والزائف هو الأمر السَهل ، أليس هذا كلامكِ ؟ وانا حُبي ليس زائِفاً بيلا .. لن أترُككِ أبداً مهما عصفَت بِعلاقتنا الرياح "

" أتنتظِرُ موافقتي علي مُساعدتك لي ؟ أحقاً تنتظِرُها ؟ " سألتهُ بغضب بعد أن سقطَت دِمعتها فعقد حاجبيه بعدم فهم وهو يُراجِع نفسهُ إن كان قد قال شيئاً أغضبها

" أخبِرني هاري .. أنا لا أُشرِّفُك أليس كذلك ؟ ألِهذه الدرجة تَستَعرّ مِني ومن متجري ؟ " سألتهُ بضعفٍ واضِح بينما شفتيها ترتعشان كابِحة لسقوط دموعها فإندهش وتحدث سريعاً " م- ماذا !؟  بيلا كيف لكِ أن تفهمين كلامي علي هذا النَحو ؟ "

" توقَّف هاري أنت لست مُضطرّاً لِتوضِّح كلامك ، فأنا أفهمُ أنني أُمثِلُ عِبئاً كبيراً علي كُلِ من يعرِفُني ، وأنا أكرهُ أن أشعُر بذلك .. " حاولَت أن تصيح في النهاية ولكن البحّة في صوتها خذلتها لتنهمر المزيد من دموعها فنَفَخَ الهواء بغضب لينظُر إليها وهو علي حافةِ الجنون من حساسيتها الزائِدة من وجهة نظرُه

" بيلا ، أنا لم ولن أقصِد ما وَصَلَ إليكِ أبداً ، أنا أُفَكِرُ في طُرُق لإنقاذِ علاقتنا " تكلّم بهدوء فنظرَت إليه بعينيها الحمراوتين لترُد بجفاف " شُكراً لجهودك ومحاولاتك هاري "

" ما الذي تعنينهُ بما تقولين ؟ " سألها بغضب وقلبهُ يتصلّبُ في قفصهُ الصدريّ من كثرة الغيظ الذي يشعُرُ به حين قالت " أعني أنني لا أريد ان أُهين نفسي أكثر ، إن كُنت تُحبني بصدق فعليك أن تأخُذني كما أنا .. بفقرِ عائلتي وبسوء حالتنا الماديّة وبِكُل عيوبي ، ولكنك لا تريد أن تفعَل .. "

" حقاً ؟ " سألها بتعجُب وتدفق الدمّ إلي عروقهُ جاهزاً للإنفجار من شدّة الغضب فأومأت قائلة " حقاً هاري. "

" لا أُصدِّق " تمتم غير مصدّقاً ما يحدُثُ الآن واقترب منها ليُشيح بيديه بطريقةٍ أفزعتها بينما يصيحُ بكُل ما كان يُبطِنهُ من غضب " لا أُصدِّقُ أنكِ تقولين هذا الكلام ، أنتِ !! أنتِ من جعلتِني أؤمِنُ بالحُب بعد أن كان في نظري شيئاً يحدُثُ في الأفلام ؟ أنتِ من جعلتِني أُسلِّم نفسي للوقوع في حُبَّكِ دون أن أقلق حيال المستقبل لأنني علي ثقةٍ عمياء أنكِ لن تتخلي عنّي مهما حدث ؟ هل تؤمنين بما تقولينهُ يا بيلا ؟ "

قبل أن تستجمِعُ قواها لتُجيبهُ صاح مجدداً بنبرةٍ أعلي مليئةً بالغضب والخذلان " أتُدرِكين ما فعلتِهِ بي ؟ كان قلبي كالصحراء الجافة وجِئتِ لتزرعين وروداً بِهِ ثم في ليلةٍ وضحاها أتفاجئُ بكِ تقطفينها بِلا رحمة غير مُبالية بكَم أتألَّم .. "

" أنا أعلمُ أن الحُب ليس سهلاً وطريقهُ ملئ بالمتاعب ولكنني وثقتُ بكِ ووثقتُ بأنكِ تُقدِّرين الحُب كما جعلتِني أفعَل. جعلتِني أسيرُ في طريق الحُب المُظلِم مُمسِكٌ بيدكِ ثم سحبتيها منّي بعد أول مُشكلة تواجِهنا .. "

" قبل أن آتي إلي هُنا قد تشاجرتُ مع عائلتي بأكملها لأجلكِ وكدت أخسرهم ، بينما أنتِ الآن تُضحِّين بعلاقتنا بمنتهي البساطة .. "

كان ينظُرُ إليها بقساوة ويصرُخُ بخنق وإنفعالٍ شديد جعل دموعها تضاعف بصمت ، إقترب منها بعد أن إنتظمت دقّات قلبُه حتّي أصبحت المسافة بين أجسادهُما لا تُذكَر وهي تنظُرُ إليه بحزن ودموعها تأبي التوقُّف .. إقترابهُ منها لتلك الدرجة بالنظرات القاسية التي تملأُ عينيه يؤلِمُها حَد المَوت

نظر بعينيها مباشرةً وفاجئتها نبرتهُ الهادئة وهو يقول " لم أؤمن يوماً بالحُب ولم أكُن مُستعِدّاً للقِتالِ من أجلُه .. ولكن حين أنظُرُ لعينيكِ أُصبِحُ مُستعِدّاً للحَرب "

نبضاتها تسارعت مع أنفاسهُ الساخنة علي بشرتها وإنتفضت ثم حَمَت وجهها بيديها حين ضَرَبَ الحائِظ خلفها بغيظٍ شديدٍ مِن أفعالها التي جننتهُ كُلياً

تقوّس ليري عينيها من بينِ أصابعها التي تُخبّئُ وجهها وقال بِعِتاب " تستسلمين مع أولُ عقبة تقِفُ في طريقنا يا بيلا ؟ تباً .. أنا أبني جسوراً لنعبُر عليها ونظلّ سويّاً وأنتِ تبنين جُدراناً بيننا .. ! "

" هاري توقّف كَلامُكَ يقعُ علي مسامعي كالصاعِقة .. لا يُمكنني التحمُّل " همست بضعف لِتُغلِق عينيها سامحة للمزيد من الدموع بالنزول فإبتسَم بخفّة كنوعٍ من السُخرية ثم تلاشت إبتسامتهُ المُزيّفة وقال " لا يُمكنكِ تحمُّل الكلام الذي تستحقينهُ أما أنا فمطلوبٌ مني أن أتحمَّلَ تَخَلِيكِ عني ! "

" يكفي رجاءً " عاودت التحدُث بنبرة خافتة نظراً لتلك الغصّة التي تكونت بحلقها ، صارت تتنفّسُ بصعوبة وتقطّعت الكلمات علي شفتيها فعضَّ هو شفتيه بِعُنف حتي كاد يُقطعهُما وحين أفلتهُما قال بغضبٍ جَم " أنتِ أكبرُ كَذِبة صدّقتها يوماً "

ضَرَب الحائِظ خلفها مرةً أخري لتفزَع مجدداً وتراهُ يستدير ليخرُج من المتجر فصاحت بإسمهِ لعدّة مرات ولكنهُ تجاهلها تماماً ، وضعت يدها علي صدرها وبكَت بقوّة وهي لا تدري كيف سمحت لنفسها بجعله يرحل وهو غاضب ، أحسّت أن كُل شئ قد أفلت من زمام يدها وأنها بدلاً من أن تساعدهُ في معالجة الفجوة بينهُما قامت بتوسيعها ، جلست علي الارض لتنكمِش وتضُم ساقيها إلي صدرها وتعانقهما بذراعيها وكلامهُ يترددُ في عقلها بصورةٍ مؤلِمة

إعتراها اسفٌ شديد وتأسفَت بِخفوت ، ثم رفعت رأسها حين فُتِح الباب ليعود لوي .. كانت قد توقفت عينيها عن زرف الدموع لثوانٍ ولكن حين رأتهُ ينظُرُ إلي حالها المُذري بصدمة ويتجه نحوها فاضت عينيها مجدداً حين إنحني وجلس أمامها علي الارض يُهدِئُها

" لقد .. " ما كادت تفتحُ فمها حتي أومأ إليها بتفهُّم وأسكتها واضعاً سُبابتهُ علي فمها ثم جعل رأسها تستقرُّ علي صدره وقام بالعبث بشعرها حيثُ توقفت عينيها عن زرف الدموع تدريجيّاً ومسحت أثار البكاء من علي وجهها بواسطة اصابعها فإبتسم إليها

نهض وسحبها معهُ ثم قال ممازحاً " حين دخلتُ المتجر لم أراكِ وبعدها رأيتُ شيئاً ضئيلاً مُتكوِّر بإحدي الأركان كالفأر المُبتَل "

إبتسمت رغم محاربتها للتفاعُل مع محاولاتهُ في إضحاكها ثم قهقهت بخفّة وعانقها مُحتويّاً إياها بين ذراعيه

-

عدد الكلمات : 1530

كنت ناوية احط احداث تاني في نفس الشابتر بس قُلت كفاية لحد هنا احسن، نكدت عليكوا ؟ 😂😎

رأيكوا في موقف بيلا ؟

كلام هاري ؟

بيلا ولوي ؟

توقعاتكوا لعلاقة بيلا وهاري بعد اللي حصل ؟

انا مُتعاطفة مع بيلا وهاري الاتنين بصراحة:(😂كل واحد شايف الموضوع من وجهة نظره ووجهة نظر الاتنين مُقنعة

هبدأ أسرَّع في تنزيل الشابترز زي الاول تاني ان شاء الله♥

Bạn đang đọc truyện trên: AzTruyen.Top