16 | سأُلملِم شتات نفسي وأرحل.
مع دقّات الساعة التي بالكاد أصبحت الرابعة والنصف عصراً خرجَت بيلا من الحمّامِ بعجلة وهي تُجفِّف شعرها الأسوَد وقطرات المياه تتساقط من أطرافهُ علي أرضيّة غرفتها ، وهي لم تكترِث لأن نظرها مُثبَّت علي ساعة الحائط بينما تُزيدُ من سرعتها في تجفيف شعرها.
حين إنتهَت قامت بنزع المنشفة عن جسدها لِترتدي إحدي البيچامات الورديّة وتترُكُ شعرها المُبلل مُنسدِلاً لتخرج من غرفتها بخطواتٍ سريعة متجهة نحو حديقة المنزِل
وقفَت أمام أزهارها المُبهِجَة التي تزرعها بِحُب وإبتسمَت ، رائحتها الذكيّة جعلتها تُخرِجُ ما برأسها من همومٍ ، أخذت المياة لتسقيها ، ما إن إنتهت ووجدت ذراعانِ شخصٍ ما يحاوطانِها من الخلف فعقدَت حاجبيها مُبتسِمة
" أعرِفُ رائحة عِطرِك يا كآيلب " قالت مبتسِمة ليتنهَّد ويضع ذقنهُ فوق رأسها ليُضايقها فعقدت حاجبيها بإنزعاج بينما يقول بِهيام " وَمَن ينسي كآيلب ورائحة عِطرُه ؟ "
إبتعدَت لتلتفت إليهِ قائلة بعد أن قهقهت " إن كُنت آتٍ لأبي فهو في عمله ، وأمي في الداخل تُتابِع برنامجها المُفضَّل ، فرجاءً لتصعد معي إلي الغرفة و "
" اوه يا الهي بيلا ، سأسِدُّ أُذُناي " قال سريعاً مقاطعاً إياها وسدّ أُذُنيه فتنهَّدَت لتنظُر إليه بجديّة ثم تسحبهُ من أنفهُ بِعُنف قائلة بنبرة تحذيريّة " إن لم تكُف عن إزعاجي كآيلب سأُنادي أمي وأخبرها بأنك تريد التحدث معها " ثم تركت أنفهُ التي أصبحت ورديّة كَلَونِ بيچامتها وأردفت " وأنت تعرِفُها حين تُتابع برنامجها المفضّل .. ستخرُج لتصرُخ عليك وتعود للداخل لِتُكمِلهُ وستبقي طوال الوقت تتحصّرُ علي الثوانِي التي فاتتها "
" عليكِ مُعاملتي بطريقةٍ أفضَل ، لا تنسِ أنني أصبحتُ مُعلِّماً أيتُها الطفلة ، المعلمون يجنون الإحترام " قال بتفاخُر لتركُل ساقهُ وتلتفت لتدخُل المنزل ، بينما هو أمسَك بساقهُ وهو يقف علي قدمٍ واحِدة " أي نوعٍ مِنَ الإحترامِ هذا ؟ " تمتم بينما يكتِمُ أنينهُ ويُحاوِل مُلاحقتها للداخل ولكنها قد سبقتهُ بالفعل وظلّت تنظُر لهُ بِسُخرية من موهبتهُ في الدراما ، ثم رنّ هاتفها الذي بغُرفتها لتلتفت رأسها سريعاً ناحية السُلَّم
حين راودتها فِكرة أنهُ قد يكون هاري سارعت بالذهاب لغرفتها لتلتقطهُ بين يديها وإكتشفت أنهُ والدها ، فَوَضَعَت الهاتف علي اذنها قائلة بمرحها المُعتاد " مرحباً أبي ، إشتقتَ لي ؟ "
" مرحباً عزيزتي ، ما الأخبار ؟ "
" سأذهبُ إلي ذلك العَشاء في الثامنة مساءً كما أخبرتُك أمس ، سيقِلني هاري بسيارتُه ، تمنَّي لي القليل من الحَظ رجاءً " قالت دُفعةً واحدة حين ردّ والدها فإبتسَم بخفّة لتوتُرها الزائِد ودَعا لها كما طلبَت ، ثم نظرت بهاتفها لتجدها الخامسة والنصف مساءً فأغلقت الخَط علي والدها دون وعيٍ منها
أخذت تتحرك بالغرفة بعشوائية وهي تدورُ حول نفسها باحثةً عن مُجفِف شعرها .. حتي وجدتهُ أخيراً لتجلس علي المقعد أمام المِرآة وتبدأ بإستخدامُه
حين جفَفَتهُ نهائياً نهضَت لتسحب فُستانها الذي حضَّرتهُ مُسبقاً من الخزانة لترتديه اليوم ، إرتدتهُ ثم وقفت تنظُرُ لإنعكاسها أمام المِرآة
فُستاناً أحمر اللون، بسيط الشكل ، أنيق الطلّة ، وبدون أكمام .. منسدل إلي أقدامها ذو فتحةٍ رقيقة عند منطقة الصدر ويُظهِر مفاتنها وقوامها الممشوق ، وإكتمَل جمالها بذلك الخَط الرفيع الأسوَد الذي حَدَدَت بِهِ عَينيها الزُمُردتين والأحمَر القاتِم الذي لَوَّنَت بِه شَفتيها المُمتلئتَين والسِلسلةِ الرقيقة التي زَيَنَت رقبتها
قامت بالجلوس أمام المرآة بعد ان رفعت شعرها في كعكةٍ ضخمة بها خصل هاربة من كل إتجاه ، ثم بدأت تُعطي لمساتٍ بسيطة لوجهها من مستحضرات التجميل
قامت بفكِّ كعكتها لينسدِل شعرها الذي يتميّز بطولهُ ويُغطِّي ظهرها ، فأخذَت بيدها جزءاً من شعرها لتطرحهُ جانباً علي كتفيها ثم تبتسِم علي أناقةِ مظهرها
قاطع شرودها صوتُ والدتها العالي القادِم من خلف الباب " عزيزتي ، كآيلب أعطاني البيتزا التي إشتراها لنا وهو قادِم إلينا ، لقد ثُبِّت في وظيفتهُ فقرر إحضار الهدايا لنا ورَحَل حيثُ كان مُتأخِراً علي عمله ، ألن تأكُلين منها قبل أن تذهبي ؟ "
" كآيلب لطيفٌ جداً ! " تمتمت بيلا ثم أردفت صائِحة " أُريدُ أن أبقي جائعة حتي أذهب "
فتحت والدتها الباب لتجدها بهذا التأنُّق فإعتلَت الدهشة وجهها لثوانٍ ثم إبتسمَت لتتجه نحوها وتُحيط وجهها بيديها الدافِئتين قائلة " أعطاكِ الرَب حِصَةً كَبيرة مِن الجمالِ بيل ، فليُبارك لكِ "
إبتسمت بيلا لتأخُذ يدين والدتها وتقبلهما معاً قائلة " أُحِبُكِ كثيراً "
" أنا أيضاً عزيزتي .. " تحدثت والدتها مبتسمة بشرودٍ في ملامِحها التي تُشبِهُ خاصتها كثيراً ثم إنتفضَت قائلة بتوتُر " إنها السابعةُ يا بيلا فلتُكملي ما كُنتِ تفعلينهُ قبل أن أدخُل غرفتكِ "
خرجت سريعاً فعادَت بيلا لتفحُّص وجهها في المرآة وحين شعرَت بالرِضا عن مظهرها الكامِل جلست لتأخُذ حذائها ذو الكعبِ العالي وترتديهِ ، خرجت من غرفتها وهي ترتدي أقراطها بعجلة ونزلت علي الدرج بخطواتٍ سريعة حتّي أنها تجهَل كيف لم تقع حتي الآن ، نظرت أمامها لِتُقابِل عينيها مَن خَطَفَ قلبها وجعلهُ ينبُض سريعاً ليختَلّ توازنها وكادت تنكَفيء علي وجهها ولكنها سارعت بالإمساك بمِقبض السلّم وتمتمت من تحت أنفاسها " تباً "
كَتَمَ ضحكتهُ وحين نظرَت إليهِ إنفجر ضاحكاً ويُحاوِل التحكُّم بضحكتهُ العاليه وهي وقفت لتضع يديها علي خصرها بغضب منتظرةً منهُ أن ينتهي ، أخذت تتففحّصُ تفاصيلهُ الصغيرة بينما هو منشغلٌ في الضَحِك مما جعلها تبتسِم بِحُب ، شعرهُ الناعم مُصفف لأعلي ويرتدي بدلة سوداء وقميص أبيض أسفلها ورائحة عطرهُ إكتسحت غرفة المعيشة بأكملها لتُداعِب انفها ، نهض من علي الأريكة ليقِف أمامها مباشرةً بعد أن حَمحَم ، وأمسك بيدها لينحنِي بلباقة ويُقبّلُها قائلاً بنبرةٍ رسميّة " مساءُ الخير يا آنِسة "
" مساءُ الخير هاز " ردّت محاربة لضحكتها التي تريد الخروج فعقد حاجبيه قائلاً " لما تضحكين ؟ "
" لا تليقُ بذلك الدَور المُهذّب " قالت بنبرةٍ لعوبة فتنهّد وعضً علي شفّتهُ السُفلية كاتماً لغيظهُ مما جعلها تقهقه ، ترك شفّتهُ لينظر إليها من أسفلها إلي أعلاها صعوداً لعينيها ليقُل بعد صمتٍ دام لثوانٍ " أنتِ كُتلةٌ مِن الجمال الذي لا يُقاوَم ، توقّفي عن جعلِ قلبي يرقُصُ كالطِفلِ كُلّما رآكِ يا حسناء "
كادت شفتيها أن تنفجِر لكثرة إبتسامها وردّت " رغم أنك جعلتني خرساء للتو ، ولكن .. نعم ذلك الدورُ اللعوب الرومانسي يليقُ بِك "
رقَّص حاجبيه بتفاخُر لينحني فقهقهت وأخرج عُلبة من جيب سترتهُ زرقاء اللون وقام بفتحها أمامها لتظهَر سلسلة لامِعة ذات بريقٍ هادئ مِن الفضّة علي شكلِ فراشة صغيرة ، رفعت حاجبيها بدهشة لتضع يديها علي فمها وتبتسم بعدم تصديق ، إستقام ليسألها برسميّة " أتسمحين لي ؟ "
أومأت سريعاً وإلتفّ ليقف خلفها وجمَّعَت شعرها بقبضتِها لترفعهُ كي يستطيع مساعدتها في إرتدائها ، ألبسَها إياها وكانت تشعُرُ بأصابِعهُ علي بشرتها طوال الوقت مما دغدغها وحين إنتهي تركت شعرها ليُغطي ظهرها مجدداً فسَرَقَ قُبلةً من وجنتها قبل أن يبتعِد عنها ، جعلتها تجفَل لسُرعة حركتهُ
" تفضَل هاري .. " تحدثت السيدة أنجيلي بينما تناولهُ كأساً من عصير المانجا كنوعٍ مِن الضيافة فإبتسم إليها ليتجه نحوها ويأخذ منها الصينيّة ليضعها علي الطاولة الصغيرة ويُقبِّل يدها قائلاً " شكراً لكِ خالتي " ثم إعتدل ليقُل بمرح " لكن يجب أن أخُذ بيلا الآن لنذهب ، سأشربهُ لاحقاً ، إحتفِظي به في الثلّاجة سأحزن إن شَرِبهُ أحداً آخر "
" لا تقلق عزيزي " قهقهت أنجيلي لِتُعانِقها بيلا هامِسة " تمنّي لي الحظ الطيِّب ، وداعاً "
أومأت والدتها بينما تبادلها العناق وإبتعدت أنجيلي ليخرُجا من المنزل مبتسمَين
" إذاً ما رأيُك ؟ إرتديت شيئاً أنيقاً ها ؟ " سألتهُ بيلا مبتسمة ليرُد بالإبتسامةِ ذاتها " ما رأيي ؟ بيلي شهادتي بكِ مجروحة حبيبَتي ، أنتِ دوماً رائِعة "
" سأجعلُكَ فخوراً بي .. " إبتسمت بغرور وثوانٍ وتلاشت إبتسامتها لتحُل محلّها ملامحها القلِقة قائلة " هاري أنا أكذِبُ علي نفسي لازلت أشعُر بالتوتُر " سحبها إلي صدرهُ ليُعانِقها بقوّة فبادلتهُ سريعاً وبدأ نسق تنفُسها يتسارع وهو يُتمتم بكلماتٍ تُهدِئها ويُقبِّلُ رأسها لعدّة مرات
أمسك هاري بيدها ليأخُذها نحو سيارتهُ ولكنها شدّت يدهُ رافِضة التحرُّك ، إلتفت لها مبتسماً علي أفعاله الطفولية فسُرعان ما قالت بتوتُر " حسناً أُقسِمُ سأتوقَّف .. أنا آسِفة ، لنذهب "
" لا تتوتري بيلي أهلي طيّبون للغاية " قال هاري ممازحاً فنظرت لهُ قائلة " لقد نسيت التوتُر هاري توقّف عن تذكيري بالأمر ، قُلتُ لنذهب ! " قهقه علي سِتار الغضب الذي تختبئ خلفهُ وفتح لها باب مقعدها لتجلس ويجلس بعدها ويُشغِّل بعض الأغاني ليُساعدها علي فكٍّ أعصابها المشدودة قليلاً ، وبدأ يقود وهو يُغني مع الأغنية .. ودقائق وشاركتهُ بيلا في الغناء ليندمِج صوتيهما سوياً مُعطياً إيقاعاً مُتناغِم
-
" هل تظُن أنهُم سيُحبونني ؟ "
توقفت لتسألهُ للمرةِ الخامسة عشر لليوم فأمسك بيدها قائلاً بإبتسامةٍ بشوشة " أكثر منّي حتّي "
إبتسمت لهُ وضبطَت شعرها بينما يقرعُ الجَرَس ، بدأت بأخذِ شهيقاً كبيراً لِتُطلِقهُ وقد فُتِح الباب لتظهر من خلفهُ إمرأة في اواخِر الأربعينات والتي خمَّنَت بيلا سريعاً أنها والدتهُ .. السيدة آن
إبتسمت آن لِتُبادلها بيلا وأفسحت لهُما الطريق قائلة " مرحباً بكُما "
دخلا لِتُغلِق الباب وينظُر لها هاري مشيراً علي بيلا بينما يقول " أُمي إنها بيلا مارين كما أخبرتكِ "
مدّت بيلا يدها لِتُصافحها السيدة وتقول بيلا " سُرِرتُ برؤيتكِ سيدة آن "
" أنا أيضاً يا سَبَبَ صُداع رأسي " صافحتها آن مبتسِمة فإبتسمت بيلا بخفّة ثم نظرت لهاري بعدمِ فِهم وإبتسامتها تتلاشي ، فسُرعان ما وضّح لها الأمر قائلاً " لقد جعلت تلك السيدة تضجر من كثرة حديثي عنكِ بالأمس "
قهقهت وأشارت لها آن ناحية غرفة المعيشة قائلة " تفضّلي بيلا ! "
ذهبا للغرفة حيثُ وجدَت شابة جميلة تبتسمُ بوجهها إبتسامةً مُشرِقة فإستعانَت بذاكرتها لتتذكّر أنها أختُ هاري التي أخبرها عنها
نهضت الشابة لتقول " يا إلهي ، تحدّث هاري عنكِ كثيراً وقام بِوَصفكِ كثيراً ولكنني لم أتخيلكِ يوماً بهذا الجمال "
إبتسمت بيلا شاكرة لها فتحدّثت الشابة بينما تمد يدها " جيما ستايلز "
صافحتها بيلا وتفاجئت بمعانقة الاخري لها فإبتسمت بينما تبادلها برحابة صدر ، أزاحت عنها همّاً كبيراً وجعلتها مُرتاحة وجعلت جُزءاً من توتُرها يتبخَّر
وقفت جيما بجانب هاري لتضرِبهُ بكوعها لتجذب إنتباههُ وهمست مما جعلهُ يبتسِم بسرور " أحسنت الإختيار هاري "
ظهر أمامها رجُل خمسيني إبتسم حين رآها وعَرِفَت أنهُ والد هاري .. وقال مبتسماً " أوه مرحباً بُنيَّتي " لم يترُك لها مجالاً لترُد حيثُ عانقها بخفّة ليغمِز لهاري ويُشير لهُ بسبابتهُ ، فقهقه إبنهُ علي والدهُ المُراهِق
" جيد ، هل إنتهيتُم من الرسميّات ؟ لأنني جائِعة ! " تحدثت جيما كاسِرة للأجواء المملة ليضحك الجميع ويذهبوا ناحية الطاولة الكبيرة ذات كراسٍ أكثر من عددهم ، تمسكت بيلا بذراع هاري بطريقةٍ طفولية فإبتسم لها قائلاً " أنتِ تُبلين بلاءً حسناً "
إبتسمت وسحب لها المقعد لتجلس ثم جلس بجانبها وأخذ الجميع أماكنهم علي الطاولة حيثُ كان الطعام موضوعاً مُسبقاً وبدأوا بالأكل
" إذاً بيلا مارتين - " تحدثت والدة هاري فقاطعتها بيلا بأدب " بيلا مارين سيدتي "
أردفت آن وهي تتناول طعامها " حسناً بيلا مارين ، ماذا يعمل والدكِ ؟ "
إسترقت بيلا النظر إلي هاري الذي كان يُحدِّق بها ثم نظرت لـ آن قائلة " يعملُ في مكتب لصنع بطاقات المُعايدة "
" اممم ، أهو مكتبٌ مشهور ؟ "
" لا " ردّت بيلا سريعاً وأمسكت بالشوكة لتضعها بِقطعة الدجاج المقليّ وتتناول قطعةً صغيرةً منهُ والسيدة آن تُحدِقُ بها بإهتمام
" يُعجِبني فستانكِ " تحدثت جيما هامسة لتبتسم بيلا قائلة " شكراً لكِ جيما "
" بيلا ، ماذا تريدين أن تعملي حين تتخرجين ؟ " عاودت آن سؤالها لتنظُر لها وتفكّر قليلاً ثم أجابت " أُريدُ أن أكون رسّامة ناجِحة في عملي "
" ماذا تفعلين في وقت فراغكِ ؟ " لحقتها بسؤالٍ آخر قبل أن تتناول بيلا ملعقةً أخري فتركت الملعقة علي الطبق لتتفرّغ للإجابة علي اسئلتها قائلة " أذهبُ إلي المتجر "
" متجر ؟ "
" أجل ، لديّ متجر صغير للأزهار أبيعُ به الأزهار التي أزرعها في حديقة منزلي " قالت بتوتُر فأومأت آن بصمت
" حدثيني عن عائلتكِ " تركت آن طعامها لتنتظر ردّها بإهتمام ، وهاري أيضاً نظر لبيلا وترك ما كان يفعلهُ يتفحّصُ تعبيرات وجهها المتوترة
" عائلتي صغيرة للغاية ، والدتي إعتادت علي العمل كسكرتيرة سابقاً ولكنها الآن تمارس موهبتها وترسم ، اما أبي فقد كان يعمل في إحدي الشركات الشهيرة ، لا أملِكُ إخوة ولا أقارِب سوي عمّي وإبنهُ الذي أعتبِرهُ بمثابةِ أخي " ردّت بنبرةٍ خالية من التوتُر فأومأت آن برأسها متمتمة " حسناً "
" وهل راتِب والدكِ يكفي لتلبية إحتياجات المنزل أم أنكِ تعملين في المتجر بسبب تلك المشكلة ؟ " فاجئها السؤال لينظُر هاري سريعاً إلي والدتهُ التي تُصوِّب أنظارها ناحية بيلا وتهزّ قدميها بإنزعاج أسفل الطاولة حدّق هاري بها بغضب وقال " أمي فلتترُكيها تأكُل ! "
إلتفت لبيلا قائلاً بإبتسامةٍ خفيفة " ليس عليكِ أن تُجيبي علي هذا السؤال "
" إصمُت هاري من حقّي أن أسألها ! " وجهت آن كلامها لهاري ثم عاودت التحديق ببيلا التي إحمرّت وجنتيها لشعورها بالإهانة
" أجل راتبهُ يكفي ، انا اعملُ في المتجر لأنني أُحِبُ بيع الازهار وللإستفادة من وقت فراغي .. فقط " ردّت بعد كثيرٍ من الصمت فعاد الجميع ليأكُل وأمسك هاري بيدها من تحت الطاولة ليُخفِف عنها
" أري أن أحلامكِ صعبة المنال يا صغيرة .. أي جامعة للفنون تتطلبُ مبالغ باهظة لن يقدِر أهلكِ علي دفعها مطلقاً " تنظُرُ آن بوجه بيلا بقساوة ولا تَحوِّل عينيها عنها ، بينما الاخري تصاعد غضبها لوجنتيها وضغطت بقوّة علي يدِ الهاري المممسكة بها .. فشَعَر بأنها علي وشك البُكاء لينهض قائلاً بصرامة " أُريدُ أن أتحدث مع بيلا "
إبتسمت لهُ آن بسُخريه فبالدَلها بغضب ليأخُذ بيلا إلي شُرفة المنزل وأغلق الباب لتنفجِر بالبُكاء أمامهُ
" أنا آسفٌ بيلي لا أعلم لما تتصرفُ هكذا ، أتعجّبُ من طريقة حديثها حقاً ، متأكدٌ من أن أمي لن تقصد هذا أبداً ! تبدو غريبة ! أنا آسِف عزيزتي .. " عانقها بينما يمسحُ علي ظهرها وهي تبكي بصمت ، حتي دفعتهُ عنها لتمسح دموعها بِعُنف قائلة " هذا يكفي ، سأُلملِم شتات نفسي وأرحل "
" بيلا رجاءً ! فلتبقي من أجلي .. لن أدعها تضايقكِ مجدداً أقسمُ لكِ " امسك بمعصمها ليسحبها لعناقهُ مجدداً فحركت رأسها قائلة " لا استطيع هاري ، أستقبِلُ كلامها وأسئِلَتَها كسكاكينٍ في قلبي ، لا أتحمّل "
" إهدأي فقط .. لقد تأخرنا عليهم سيظنّون بأن ثمّة أمرٍ يحدُث .. فلتمسحي دموعكِ وكوني قويّة ، هيا لنخرُج سوياً بيل .. فلتُعطيها فرصةً أخري أنا واثقٌ بأنها لا تقصد ما تظنينهُ " قبّل مقدمة رأسها وأعطاها منديلاً فمسحَت به دموعها لتقول لهُ " إن تفوَّهَت بشيئاً أغضبني أنا غير مسؤلة عن ردود أفعالي هاري "
إبتسم لها وأومأ فخرجا معاً بعد أن أخفَت آثار البُكاء عن وجهها وعادا للطاولة مجدداً ، عاد هاري يأكُل بينما هي كانت شاردة
" هل كُنتِ تبكين ؟ " سألتها جيما هامِسة فحركت بيلا رأسها بالنفي سريعاً لتُكمِل جيما " إذاً فلتأكُلي هيا ! "
أومأت لها مبتسِمة لتلتقط الشوكة والسكينة وتُكمِل طعامها وشَعَرَت بوالدة هاري تقترب منهُ لتهمِس بشئٍ ما ، فركَّزَت جميع حواسَها علي أُذُنيها بينما تتظاهرُ بأنها منشغلة في تناول المتبقّي من طعامها
" لا أعلمُ ما الذي جعلك تُحبها هاري ، ما الذي يُجبِرُك علي مواعدتها !! هل هي حاملٌ مِنك ؟ " وقف الطعام في حلقِ بيلا حين سمعت ذلك الكلام الذي تفوهَت به آن والدة هاري ، نظر هو لوالدتهُ بغضب بينما بيلا صارت لا تسمع ولا تري شيئاً علي الإطلاق ، لا تشعُرُ سوي بالإهانة الموّجهة نحوها وبغضبها الذي زاد أضعافاً مُضاعفة ، نهضت لِتُفاجئ الجميع وتتجه أنظارهُم نحوها ، قالت بجمود " يجبُ أن أرحل "
" لا بيلا ! " تحدثت جيما وهاري بنفس الوقت بينما آن قالت " أوه فلتجلسي وتنهي طعامكِ ، طبقكِ مثلما كان لم ينقُص منهُ شيئاً ! "
" شُكراً سيدة آن ، لقد شَبِعت " ردّت ببرود يُخفي براكينها الهائِجة بِروحِها وأخذت حقيبتها الصغيرة لتبدأ بمغادرة الغرفة ولحق هاري بها
" سأوصلكِ " قال ولكنها لم تعطهِ ردّاً يجعلهُ يطمأِن علي حالها ، أخذ سترتهُ ليلحق بها للخارج وأعطاها إياه فقامَت بإرتدائها سريعاً حين لفح الهواء صدرَها
مسحَت سيلان أنفها بينما تحبِسُ دموعها داخل مُقلتيها وتسيرُ بِسُرعة وهو يسيرُ بجانبها بصمت ، حيثُ لا يعلم ما الذي عليه قولهُ ، يشعُر بأنهُ عليه تهدئتها ويجهل كيف ، يكرهُ أن يراها هكذا ولا يستطيع معالجة الأمر
مدّ يدهُ وهدفهُ أن يُمسِك بيدها ولكنها وضعت يدها بجيب السُترة بحركةٍ سريعة ، فأدرك مدي غضبها وتنهّد بحُزن
عينيها تُحرِقها دون رحمة ودموعها أخذت تتمرّد وتخرج من عينيها واحدة تلو الأخري بينما تعضُ علي شفتيها كاتمة لشهقاتها فَزاد من سُرعتهُ ليقف أمامها ويُمسِك بكتفيها قائلاً بينما يصنعُ تواصل بصريّ معها " حبيبتي ، حبيبتي إنظُري إليّ .. لا تبكِ ، أشعُرُ بالألم حين أراكِ تبكين ، رجاءً لا تفعلي هذا بي ، لا تبكِ ، كل شئ سيكون بخير .. أنا هُنا " عانقها حيثُ أطلقت شهقاتها وخبأت وجهها بيديها لتجهش بالبكاء وهو يمسحُ علي شعرها ويتنهّد
" هيا سأوصلكِ إلي المنزل لأطمإن عليكِ .. " سحبها معهُ بينما يسيران بخطواتٍ بطيئة نحو سيارتهُ التي إبتعدا عنها كثيراً ، دخلت بصمتٍ قاتِل وهدوءٍ بارِد وجفّت دموعها علي وجنتيها ، دخل وبدأ يقود ويكادُ الصُداع أن يقتُلُها
ترجّلت دون كَلِمَة حين وصلت للمنزل ودخلت بواسطة المفتاح في حقيبتها ، بينما هو لم يتحرّك من مكانهُ .. ظل ينظُرُ لها ويشعُر بتغيُّرها الذي أزعجُه ، إسترجَع الأحداث حيثُ كان يكون هناك الكثير من الضحك قبل أن تترجل من سيارتُه ، وحين تُقبِّلهُ وتتمني لهُ ليلةً طيّبة ، وحين تُلوِّح لهُ قبل أن تدخُل المنزل ، أشياء حين تذكرها جعلتهُ يتنهّد لمعرفتهُ بأن غضبها جمّ .. وهو يُقدِّرُ ذلك ، حين لاحظ أنها قد دخلت المنزل حين كان شارِد بدأ يقود لأقرب حانة ، لشعورهُ بالغضب نحو كُلٍ مَن بالمنزِل خصيصاً والدتهُ
دخلت بيلا لتصفع الباب خلفها مما جعل والدتها تنتفِض من علي الاريكة حيثُ كانت نائمة لكثرة سهرها لإنتظار بيلا ، ركضت نحو إبنتها وتعجبت من بكائها الشديد لتسألها بِرُعب " بيلا ماذا حدث ؟ " تجاهلتها بيلا لتركُض لغرفتها سريعاً وتغلق الباب خلفها جيداً وتتمني لو تستطيع سدّ فيضانعينيها .. ولكنها لا تستطيع
-
عدد الكلمات: 2797
😂Hella is not over bitcheesss
رأيكوا في كلام آن ؟ وتفتكروا بتقول كده ليه ؟
رد فعل بيلا ؟
رد فعل هاري ؟
رأيكوا في الشابتر كَكُل ؟
بيلا وهاري هيبقوا عاملين ازاي سوا بعد كده ؟
سي يو♥♥
Bạn đang đọc truyện trên: AzTruyen.Top