xxviii.
"آبا.." جُمله لم تخرج من بين شفتيه منذ مدة، لقد خرجت الآن، يحدق بذلك القبر الذي يعود إلى والِده، معطيهُ إبتسامة وكأنه اثمن شيءٍ يملكه، إنها مُجرد صخرة كبيرة محفور عليها إسم والده لكنها آخر ما تبقت لَه مِنه
"آبا لقد مرت فترة، لَم ارك منذ الصيف والآن نحن بنهاية الشتاء!" قالَ رافِعاً ذراعه مؤشراً على السماء التي تُغلفها الغيوم الرمادية، غير عن ذلِك النسيم العالي الذي يُحرك خصلاتهُ مُبعدها عَن وجههِ
"أنظُر! إنني ارتدي سُترة، كما كنتَ تقولُ ليَ بوجه قَلق أن ارتدي واحِدة عند الخروج في ايام الشتاء وإلا سوف التقط زكاماً" بينما يديهِ لا تزال مرفوعة يبتسم بصغرٍ وحدقتيهِ هاتان لم تفارقا قبر والِده
"لَم أفهم ما كُنت تَقصدهُ في ذلِك الوقت، لكِن في يومِ رحيلكَ لقد كانَ عقلي مشوش ولم استطع التحكم بجسدي كالعادة، وفيلكس قالَ إنني اصبتُ بحمى قوية.. كان يوماً غريباً بالفعل" تنزل قدماه جالِسة على التراب ذلِك ليحدق بالسماء للحظة "اوه، لَم أحظر معيَ وروداً لكَ اليوم"
يبدأ بالبحث بجيوب سترته متذكراً شيئٍ ما، ليخرج مع كف يَده زهرة بيضاء صغيرة قَد بدأت بالذُبل لتنزل بتلاتِها ذات اللون النقي مستسلمه للجاذبية التي تَسحب هاتِه الاوراق نحو الأرض "إنها شِبه ذابِلة لقد وجدتها معَ تايهيون أمام بوابة السَكن، هل سوف تفي بالغرض؟"
تتقدم يده واضِعة هذهِ الزهرة الصغيرة على قبرِ والِده "صحيح، آبا هل تذكر ذلكَ الفتى الذي تَكلمت عنه لك في السنة الاولى لي في الجامِعة، كانغ تايهيون" تخرج من فاهِه تنهيدة طفيفة مبتسماً محدقاً بتِلكَ الزهرة البيضاء المستلقية
"إنه جعلني أجرب العديد مِن الاشياء، وهو لطيف للغاية، كسنجاب تُحدق بِه من نافذة منزلك الدافئ، وهو يبادلك النظرات هاته" تتكون أبتسامة أكبر شاقة وجهه متذكراً الاصغر "سأحرص على أن يأتي معي في المرة القادمة سأعرفك عليهِ بشكلٍ حقيقي"
تنزل حواف شفتيه لتتلاشى تِلكَ الأبتسامة المُبتَهجة من محياه، متذكراً شَكل والِده وهو مُستلقي على الأرض وحولهُ بِركة مِن دمائه، يرمش عدة مرات محاولاً عدم تَذكر ذلِك اليوم الآن، لِكنه يشعر بوغزات غريبة أسفل معدته
وعقدة في حلقِه، بالأضافة إلى تِلكَ الحكة الآتية مِن أنفهُ، يفركه محاولاً إبعاد هاته الحكة الغريبة، "سأعثر على هذهِ المرأة ولَن أجعلها تذهب بِفعلتها.." قال منزلاً رأسِه ضاغطاً على قبضةِ يَده "لِم أحببتها..؟" همس وخصلاته تُغطي كامِل عينيه التاه بدأتا بالحكة ايضاً "لو لَم تُحبها كانَ كُل هذا لَم يَحصُل ولكنتَ انت.."
يتوقف ضاغِطاً على شفتيهِ "ولكنتَ أنت موجوداً مَعيَ الآن، وكنتَ لتَرى تايهيون، الفتى الذي جعلني أشعر كشخصٍ عاديٍ" يتشوش ناظِره مُمتلئاً بمياهٍ دافِئة، تبدأ شفتيه بالأرتجافِ، ليشعر بحرارة غير اعتيادية تصعد الى وجنتاهِ، "أوه..؟"
تزحلقت دَمعة مِن حدقته، لتبدأ بالسير حول وجنتهِ إلى فكه ساقطة على الأرض، ليتوضح ناظِره الآن، تساؤلات عديدة تشغل بال هذا الفحميِ الآن، لا يعلم ما يحصل، لكنه لا يُمكنه التوقف، المزيد مِن القطرات بدأت بالتساقط لِتتبعها أخريات خارجة مِن هذه الأعين المُتعجبة
ليشهد ناظِره في ذات اللحظة قطرة تزل على قَبر والِده، لتأتي بعدها قطرات عديدة، يرفع رأسه لتقابله قطرات الندى الآتية مِن تِلك الغيوم الرمادية المحملة بمياه عديدة
يبدوا إنها لَم تتحمل حمل مياهٍ بداخِلها بعدَ الآن فقد أسقطت كُل هذه القطراتِ...
....
يَفتح تايهيون بابَ السكن منتزعاً حذائه، يدخل ليلقي نظرة على هاذان الأثنان الجالسان على الكنبة فقد كانا هادئين اكثر من العادة، ليرى يونجون النائِم بأحظانِ سوبين الذي لاحظ تايهيون، لترتفع سبابتة نحو شفتيهِ مؤشراً للأصغر عدمَ إصدار صوتِ
يَرمش الأشقر عِدة مراتٍ قبل أن يبتسم بعرض ليومئ للأكبر داخِلاُ إلى غرفته مخرجاً ذراعيه من أكمام سترته، يرمي نفسه على سريره محدقاً بالسقف للحظة قبل أن يغطي وجهه بكف يده بإحراجٍ متذكراً بومقيو
إن كامل تَفكيره متعلقاً بهذا الفحمي، إنه يقع بحفرته اكثر واكثر، ينهض من مكانه متذكرا إن غدا لديه تقرير عليه تقديمه، يذهب إلى مكتبهِ مخرجاً أوراقاً عديدة
محاولاً إيجادَ عن ما يبحث بين كُل هذهِ الفوضى، ذهب إنتباهه إلى هاتفه الذي اهتز للحظة معلنه إن رسالة قَد رُسلت لَه، ترتفع حواف شفتيه محدقاً بهاتفه ' لنخرج معاً غداً لنتاول الغداءِ بعد أن تَنتهي مِن محاظرتكَ'
وفي ذاتِ اللحظة بَعد أن أرسل بومقيو هاته الرسالة لقد دخل إلى غرفته ليقابله فيلكس الذي عقدَ حاجبيه بينما خذيهِ مليئة بالطعام "ماذا حصل؟" قال ليميل بومقيو رأسه له غير فاهم قصد الفضي
"أقصد شكلك لما أنو مبتل هكذا ،وعينك لِما حوافها حمراء وتبدو منتفخة قليلاً، هَل بكيت او شيء ما؟" يومئ لَه الفحمي بينما يعلق سترته المبتلة منتزعاً حذائه، يبدأ الفضي بالسعال بقوة واضعاً يده على فمه لكي لا يبصق طعامه
"م-مالذي تقصد!؟" ينظر له بومقيو بأعين ليست مختلفة جداً عن خاصته، لا تعلم ما يجري أيضاً "لَقد زرتُ قبر والدي اليوم وتذكرتُ بِضع اشياءٍ سيئة ولا اعلم كيف لكِنني اذرفتُ دموعا عديدة" يرمش فيلكس عدة مرات مبتلعاً لقمته
"هل كان تايهيون مَعك او برأسِك؟" يومئ له بومقيو بصغرٍ جالساً امامه ليأخذ بعض من طعام الفضي، "مهلاً لَقد مَطرت اليومِ هل اشتمتت رائحة المطر؟ او هل يمكنك الشعور بحرارة الدجاج هذا؟" يهز رأسه يميناً ويساراً بينما يمضغ
يطلق فيلكس تنهيدة بينما يعقد حاجبيه بغرابة محدقاً بالفحمي الذي يأكل بكل هدوء "أنتَ حقاً شيئٌ ما"...
....
"يا لَه مِن يومٍ مُتعب.." قالَ تايهيون جالِساً للمرة الاولى منذ ان استيقظ، فقد ذهب متأخراً واكمل مشروعه بشكل غيره كامل، وعندما قدمه قَد توتر متناسياً ما عليهِ قولهُ لكِن تَم اعطائه درجة متوسطة
ينظر إلى هاتفه، لقد أتى مبكراً الى الكافتيريا، فالفَحمي ليس هنا، يأخذ نفساً عَميقً مريحاً رأسهُ على الطاوِلة مُغلفاً جفنيه على اعينه، هي ثانيتين او ثلاث حتى شعر بأنامِل بارِدة تُبعد خُصله الشقراء التي كانَت تَستند على عينيهِ
يُبعد جفونه مُظهراً مقلتيه التي ذهبت إلى وجه الفحمي المبتسم محدقاً بِه "أوه أسف ايقظتُك" يَنهض ممدداً ذراعيهِ "لا بأس لَم أكن نائماً" يرى تِلكَ الأيمائة الصغيرة مِن الفحمي الذي نهض مرة أخرى
"دعني احظر لنا الطعام لتبقى هنا" قالَ مربتاً على فروة رأس الأصغر ذاهِباً، يتلمس الأشقر خصلاته بخَجل مُنزلا محياه، بعد دقيقه او شيء كهذا عاد الفحمي واضِعاً الطعام أمام هذا الذي ابتسم له قائلاً "شُكراً" صغيرة
"أوه صحيح أين الآخرون؟" سأل بومقيو حامِلاً بَعض من الدجاج الخاص بِه على صحن الأصغر "تشان هيونغ ليس لديه محاظرة اليوم وسوبين ويونجون هيونغ فهما الأن في محاظرة ما" اجابهُ واعينه تتبع يد الفحمي التي لا تزال تضع الطعام على صحنه
"هذا يكفي سوف تجعلني اكتسب وزناً" يتوقف بومقيو محدقاُ بهِ دون قول شيءٍ ليعقد حاجبيه لبضع ثواني، ليتوتر الأشقر مِن هذهِ النظرات الغريبة "م-اذا"
"سوف تبدو أكثر ظرافةٍ بخدود ممتلئة! لتأكل أكثر" أردف قارصً خد الأصغر الذي قهقه ممسكاً بيد الآخر "حسناً حسناً يكفي أنت تؤلِمني" يُنزل يده ليراقب الأشقر بينما يفرك خده محدقاً بصحنه الذي امتلئ بالكامِل "كيف يمكنني تناول كل هذا انا لست يونجون هيونغ.." همس لنفسه مقلباً بكل هذا الطعام
"صحيح بذكر يونجون، هل هنالك شيءُ ما بين سوبين ويونجون؟" أردف بينما يَمضغ طعامه ليميل الأشقر برأسه بعدم فِهم سؤال الأكبر "لقد قالَ لي شخص ما مرة، عِندما تُحب شخصاً ما، سوف تنظر له بأعين مهتمة مائلاً برأسك قليلاً دون علم الشخص الذي تنظر لَه، ولاحظت يونجون قامَ بشيء كهذا لسوبين"
"مَن هذا الشخص، فهذه الجُمل تبدو مألوفة؟" قال تايهيون مكوناً عقدة صغيرة ما بين حاجبيهِ "لا أعلم، فتى ما في أيام الثانوية لم يقل لي أسمه، لكنه كان جذاباً في ذاكرتي" نظر إلى تايهيون الذي عقد حاجبيهِ اكثر
"أنتَ أوسم وأللطفُ مِنه لا تَقلق" اكمل مربتاً على رأسه بخفةٍ ليطلق الأصغر تنهيدة صغيرة، قبل أن يشرد محاولاً تذكر هذه الجُملة من أين اتت، يرمش موسعاً عينه بصغر "هذهِ جُملة في كتابٍ كنت أحبُه" ليلقي بعدها نظرة على الفحمي الذي يمضغ طعامه بهدوء "غريب"..
....
يجلسُ على كُرسيِ مَكتبه مُقلباً بينَ صَفحاتِ كتاب ما تَحت ضوء مصباحه المكتبي، مُعطياً إياه ضوئاً ينعكس إليهِ بلونٍ أصفر طفيف، يُريحُ رأسهُ على كَف يدهِ مائلاً برأسهِ قليلاً لتنسدل خُصلهُ الشقراء التي أصبحت ذَهبية بِعد أن تسلط عليها هذا الضوء عَلى حدقتاه
يَرمش رافِعاً تاظِره نحو تِلك النافذة الموضوعة أمامه، التي تَعرض له فيلماً حَي لمنظر هذهِ الليلة المُرصعة بالنجوم والغيوم السوداء التي تتمشى محيطةً بالبدر المُشع بضوئهِ الباعث للراحةِ
يَرفع رأسه محدقاً بالنافِذة وأفكارٌ عديدة تَمر في بالِه، مُفكراً كيف كان شكلُ بومقيو في أيام الثانوية، متمنياً لو كان بجانبهِ عندما حصلت كُل تِلكَ الفوضى، هل لأحدثَ فرقاً وقتها؟
إنه لا يعلم حقاً، لكنه جلس متخيلاً كيف ستكون أيامه في الثانوية إذا كانَ بومقيو مَعه ليبتسم على الفور متخيلاً كيف ليونجون والفحمي سيكونان عدوان، غير عن فيلكس الذي سوف يهتم له حتى بأصغر شيءٍ
وكيف سوف يعيش مراهقته بشكلٍ ممتع أكثر، يطلق تنهيدة طويلة بينما شفتيه لا تزالا مرفوعتان مشكلتان ابتسامة، لا يَهم التخيل الآن فالوقت قد مَر وها هو سوف يتخرج في نهاية هذه السنة
ينهض من مكانه ليضرب قدمه برف الكتب الخاص بِه ليقع على رأسه كتابٌ ما ليسقط على الأرض مغلقاً عينيه محيطاً رأسه بكف يديه شاعِراً بألم قدمه ورأسه وكأنهما رنين من الألم الذي سيذهب بعد قليل
يفتح عينيه ملقياً نظرة على الكتاب هذا الذي سقط، يعقد حاجبيه حامِلاً الكتاب هذا، "الحب وما قتل؟ كنت أقرأه في السنة الثالثة في الثانوية، إنه مألوفٌ بشكلِ.. غريب؟"...
"في حُظورِ عَينَيكَ تَتلاشى الوجُوهِ، وكأنَ حَدقتاكَ تَحمِل سماءٌ أخرى، يُمكن التَجولَ بينَ نِجومِها لِساعاتٍ"
[word: 1200]...
هلا هلا
انا اتسأل وش اسوي بريد واين، تبغون اكملها وي ذي لو اكمل الكسيثيميا وبعدها اكملها؟ انيواي.
كيف كان البارت؟
تجاهلوا الأخطاء الإملائية إن وجدت*.
لا تنسوا التعليق والسوالف زي كذا.
بباي😔.
Bạn đang đọc truyện trên: AzTruyen.Top