xxiii.

قبل خَمسِ سنينْ.


يومٌ صيفيٌ آخر، ذو شمسٍ حارقة تشع من تِلكَ النوافذ مسترخية على تلكَ الخُصلاتِ السوداء القاتمة الفحمية التي تنسدل كالحريرِ على جبهة ذلكَ الذي يُغلِقُ كِلا عينيه مريحاً رأسهُ على يديهِ الموضوعة على تِلكً الطاولة المتوسطة لهاذا الفصلِ الفارغ

وعلى جسدهِ النحيف ذلِكَ الزيُ المدرسي الأبيض ذا الأكمام القصيرة، إنهُ تشوي بومقيو بعمرِ السابعة عشَر عاماً، تَنكمش اعينهُ قَليلاً قَبلَ أن تُفتح مُظهرةً زوجْ الأعيُنِ هذه التي ذهبت على الفور ناظِرة إلى ذلكَ الجالس أمامها، ذلك الفتى ذو الفك الحاد والوجه الصغير الوسيم بتِلكَ الأعين التي تنظر إلى كتابهِ بتركيز شديد

ينهض الفحمي فاركاً عينيه قبل ان ينظر حوله، ليرى كُل تِلكَ الطاولات الفارغة والمتروكة مِن قِبلِ هؤلاء الطلاب الخارجين لتناول الغداء "اوه استيقظت؟" ينظر بومقيو لهُ قبلَ ان يومئ

"لما لم توقضني؟" يُغلق فيلكس كتابه واضعه على طاولته لترتفع يديه إلى الأعلى ممدداً جسدهُ الذي تَصلب من الجلوس بذات الوضعيةِ لفترة "كنت غاطاً بالنوم لم أُرد ايقاظك، كانَ مِحياكَ مُتعباً"

"فهمت" قال بومقيو مديراً رأسه يساراً لتقابلهُ تِلكَ الأشجار ذات اللون الاخضر الفاقِع، "لنذهب لتناول الغداء، اراهن إنكَ لم تأكل فطورَك" افرغ فيلكس ما عِنده بعد ان ينهضَ واقِفاً على قدميه محدقاً بِبومقيو الذي تَنعكس عليه ظِلال الأشجار التي تتحرك ببطئٍ

تِلكً الأعينُ المحدقة بتِلكَ الأشعة التي تتوسط تِلكَ الأوراق النابتة مِن تِلكَ الأشجر الجالسة خارج الفصل مُتحركة بِفعلِ الريحِ، يُحرك عينيهِ من هذا المنظر الجميل ناهظاً ليذهب خَلف فيلكس الذي يَبعد عَنهُ عِدَةَ خطوات، يبدأ بالمشي بينما يحدق بظَهر فيلكس بتِلكَ النظرة الشاردة الشِبه ميتة والخالية من مشاعرٍ تُشرح....

وَقت المَدرسة قَد أنتهى الآن بعد مرورِ ساعتانِ ونِصف تَقريباً، ها هو يرى مَنزلهُ من أمتار ليست بِكثيرة، ليبدأ بالتوجه له واضِعاً كِلا مِن كفيهِ بداخل جيوبِ بنطالِهِ، يقف أمام بابِ مَنزله رافعاً أحدى يديه، لتوضع على المقبض مديراً إياه

"لقد عدت" قال بينما يَنتزع أحذيته ليتنهي داخِلاً إلى غُرفة المَعيشة، يستغربُ قَليلاً لِعدمِ وجود وَجه والده الذي يرحبُ بِه بكُلِ إشراق جاعلاً من إبنه هذا يبتسمُ حتى وان كانت إبتسامة مُزيفة

يُبعد حقيبته عن كتفيه واضعها على الأرض مُتجهاً إلى المطبخ، يذهب قاصداً مقبض الباب، ليلتقي شيء سائل بجوارِبه، ينظر إلى الأسفل ليرى ذلِكَ السائل القرمزي الذي بدأ بالأنتشار على جارِبهُ الأبيض مفسداً هذا اللون النقي مبدلهُ بذلِكَ اللون المُدميَ الغامق

يَرفع ناظرهُ قَليلاً ليرى هذا السائِل مصدرهُ آتٍ من تِلكَ الفَتحة الصغيرة بنهاية بابِ المطبخ، يرمش بعدم فهم، تَلتَف يده فاتحة الباب، لتتوقف يده عن الدفع بعد الشعور بذلِكَ الشيء المُستلقي على الأرض أمامَ الباب

تتجمد يده مع عينه التي لم تَجرئ النَظر إلى الأسفل، ليسمع صَوت تَحركٌ خلف الباب جاعلً مِنه يَجمع نفسه دافعاً ذلِكَ الشيءَ ليُفتح، لتنزل مقلتيهِ على الفور، ليقابلهما ذلِكَ صاحب ذلِكَ الشَعر القهوي ومع تِلكَ النظارات المُستريحة على ذلِكَ الأنف والمُغطية لتِلكَ الأعين المُغلقة بهدوءٍ، يبدو هادِئاً أكثر من الطبيعي

تَسقط يَده محدقاً بتِلكً الجثة بمشاعر لا يعرفها مطلقاً، إن أبيه لا يجعله يَشعر بشيء من هذهِ المشاعر التي تراودهُ الآن، إنها.. تَنغز داخلهُ بطريقة لا يحبها "متى عُدت؟" صوتٌ أتى مِن يسارِه جاعلاً منه ينظر له، إنه ذلك الصوت الثَخين العائد لتِلكَ التي تقف هناكَ بوجهٍ مُلطخ بقطراتِ الدماء ويَدٌ حامِلة لذلِكَ السكين بيدها

يرمش بومقيو اكثر من مرتين ظاناً إنهُ يَحظى بحُلمٍ غريب، ليمتلئ جسدهُ بتِلكَ الرجفة الصغيرة بكِلا من قدميه ويديهِ ساقطاً على ركبتيه فقدميه هاتين لا يمكنها حملهُ الآن، تساؤلات عديدة تشغل بال هذا الجالس أمام جثة والده المحاطة بالدماء وأمام والدته الحاملة لذلِكَ السكين الذي لا يزال يُقطر دمائاً

تَنظر له الأخرى بِسُقطٍ رافعة أحدى حواف شفتيها صانِعة ذلِكَ الوجه المُستهزئ قبل أن تَخرج مِن المطبخ تاركة خلفها ذلِكَ الذي تحكم بقوى قدميهِ ذاهباً بسرعة للحاق بها، يمسك بذلِكَ القميص الأسود الحريري بقوة جاعلاً مِن الأخرى تَلتف

يمسك ياقة ذلك القميص شادها إليهِ أكثر "ياه تشوي يونغ تشول!" قال واعينه مفتوحة على مصاريعها شاداً قبضته أكثر، يتجمد بعد الشعور بذلِك الشيء الحاد على الجزء الخلفي من رقبته بينما ينظر إلى تِلك الاعين التي تُحدق بخاصته بعدم أهتمام مرعِب "مَن سَمح لَك بمناداه أسمي بنبرة كهذه أيها الأبن العاق"

يتنهد بومقيو مغلقاً عينه "لكن لما" كلماته خرجت من شفتيه بصوتٍ مُنخفض "لقد كان دائِماً ما يَفعلُ كُل شيء لأرضاء نَفسك المُتطلِبة، وألم... ألم تقولي إنه الوحيد من يجعلك تَبتسمين بصِدق..؟" قال بينما رأسه يستريح على قبضتيه التي لا تزالتاه متشبثة بياقة الأخرى

يشعر بجِلد عنقه يُفتح مخرجاً قطرات تلطخ قَميصه "لتبتعد ليس علي أخبارك بشي، اذا لم تَبتعد سأجعل مِن هذا الجَرح أعمق بكثير" يفتح قبضته مطلقاً سراح تِلكَ الياقة التي تَجعدت بفعله هذا، تَستدير الأخرى ليقطب بومقيو حاجبيه بجديه

يمدد يده إلى الأمام ممسكاً بكتف والدته جاعلاً منها تستدير مرة أخرى، لكنه لم يعيد فعلته منذ دقيقة بل هو رفع قبضته موجهها بمنتصف ذلِكَ الوجه الذي بدأ بومقيو برؤيته كَقبيحٍ للغاية، تتراجع الأخرى محيطة أنفها الذي بدأ بالنزيف بكف يدها

"أيها اللعين!" صرخت بنبرة غاضِبة للغاية لتجري ناحية الفحمي ورافعة يدها الحاملة للسكين بنيه الهجوم على الأصغر الذي أمسك كلا يديها مانعهما مِنَ التقدم أكثر

لكِن للأسف قوة ذراعيه النحيفتان ليستا كخاصة هذا الوحش أمامه ليفلت يدها بأستسلام مديراً رأسه على الجهة اليُسرى متمنياً تفادي ذلك السكين الذي كان يريد الوصول إلى فمهِ، ليشعر بذلِكَ السكين الحديدي يضغط على عظم فكهٍ بقوة

يتراجع بسرعة لاهثاُ، ليلاحظ أن الأخرى تنظر إلى تِلكَ النافذة المفتوحة أمامهما وفي الجهة الأخرى منها تقف تِلكَ المرأة التي تنظر إلى كلاهما بأرتعاب، يستغل بومقيو هذهِ الفرصة جارياً غرفة المعيشة حيت بها حقيبته الحاملة لهاتفه

يغلق الباب خلفة بينما صدره يرتفع إلى الأعلى والأسفل بسرعة، ينزلق من أعلى الباب جالساً على الأرض ضاماً قدميهِ إلى صدره، حاشراً وجهه بين ركبتيه مغطياُ كلا أُذنيه متمنياً الحصول على بَعض الهدوء بدل مِن صوت صراخ تِلكَ المرأة

مرت دقيقتان وهو على هذهِ الحالة، ينزل يديه آخذاً نَفس عميق، ذاهباً للأمساك بحقيبته التي تَبعد عنه قَدمً واحد، يَحمل هاتفه متصلاً بالشرطة مستمعاً إلى تِلكَ الرنات بينما يريح رأسه على الباب "إنها محطة *** ما هي حالتك الطارئة؟"...

يجري فيلكس بتِلكَ المشفى الكبيرة وأعينه القلقة والمفزوعة تنظر على كل شَخص أمامهما تقريباً، ليجدهُ أخيراً، جالس على احد الكراسي أمام غرفة العمليات ورأسه يواجه الأرض، بملابسة المغطاه بالدماء خاصته بأماكن ولأبيه بأماكن أخرى

يَشعر بأعينه تَحرقه وبغصة بداخل حَلقهِ، فرؤية بومقيو هكذا أسوء مِن سماع صوته الهزيل والمبحوح الذي قال له مِن الهاتف بما حدث، يمسك دموعه التي نزلت بدون إذنه.

يرفع بومقيو رأسه بعد الشعور الآخر يجلس بجانبه، ليقابل وجهه الشاحب المصاب ونظرته التي تبدو مختلفة عن كُل الأخريات الاتي رآهن فيلكس مِن قَبل، "أنت بخير؟.." يقطع اتصال الأعين هذا غير مُتحمل مَنظر صديقه هذا شاعرا بأعينه تحرقه مرة أخرى

"سأذهب لأحظار مشروب بارد لَكَ، سأعود في الحال" قال بسرعة ناهظاً بسرعة ماسحا دموعه، يرمش بومقيو مرتان قبل ان يأخذ نفساً عميق متأكاً على ظهر الكرسي مغلقاً عينيه

لكِن أصواتُ تِلكَ الشهقات العائِدة إلى تِلكَ الطفلةِ الصغيرة الباكية قد جَعلت من أجفانه تَبتعد عن مقلتيهِ اللتاه ذهبتان للنظر إلى تِلكَ الطِفلة بِعمر الخامسة تَشهق مغطية أحد أعينها المُدمعة بأناملها الصغيرة، ماسحة أنفها المحمر بيد أخرى

"لا داعي للبكاءِ حقاً!" تنتقل أعين بومقيو إلى ذلِكَ الفتى الذي يَبدو بعمرِه صاحب تِلكَ الأبتسامة التي لم يجرء هذا الفحمي نسيانها "ماما بخير! لديها جُرح بسيط على يدها ستأتي قريباً وتعطيكِ عِناق كبيراً!"

"حقاً؟" خرج ذلِك الصوت الظريف من بين تِلك الشفائف الصغيرة، يومئ لها ذلِك الفتى بأبتسامة عريضة مطمئناً الأخرى بكلِ جهده، يَشرد بومقيو بهذا المنظر الذي وجده كما يقولون مُدفئٌ للقلوب

يشعر الآخر بأعين تحدق بِه لينظر على يمينه لتلتقي أعينه مع خاصة ذلِكَ ذو الخصلات الشبه مبعثرة و وجهٌ مصاب بملابس مليئة بالدماء، شَكله هذا جعل من الرعب يَتم بنائهُ بداخلهُ

لكِن تِلكَ الأعين التي تنظر لَه بكُل لُطفٍ وتركيز معاكسة إلى هيئته الفوضوية...

...

يَجلس الجَميع بصمتٍ بَعض يحدق بيده وآخرون شاردين بمشروباتهم بَعد سماع قُصة بومقيو الكامِلة "كيف لي نَسي أسم والدتك؟" قال فيلكس فاركاً جبهته بَعد تَذكر ذلكَ اليوم الشنيع، يرفع بومقيو لَه أكتافه بِعدم عِلم

يَنظر لَه تايهيون مركزاً بجانبهِ الأيسر ليلاحظ تِلكَ النُدبة المسترخية على نهاية فَكِ الأكبر، يُطلق تنهيدة ناظراً إلى مشروبة بينما يَتلمس ذلكَ الوشاح المُلتف حول عنقه متذكراً ذلِكَ الفتى الذي يَحمل ذات مكان النُدبة عندما كان مع ابنه خالتِه في المشفى

"دعوني أقطع هذا الصمت وأقول، يونغ تشول كانت دائماً ما تُحب جَعل من الأشخاص الضعفاء كِلاباً لها، وأظن إن سيهو احدَ كلابها، لا أعلم مالذي ارادته من سانا لأمرهِ بقتلها" افرغ بومقيو ما عنده مغيراً هذا الجو المكتئب

"تظن ان والدتكَ أمرت سيهو بقتل سانا؟" اردف بانغ تشان بأعين متسائلة مُفرغة تساؤلها على الفحمي الذي اومئ له بدون تردد "إنه يبدو شيء مِن فِعلها"

"ألم تَعرف أين ذهبت والدتك بعد ذلكَ اليوم؟ او ربما تعرف اين تسكُن الآن؟" قال كاي محاولاً التفكير بأي شيء حالياً قد يساعدهم على ايجاد أجوبة ما

"إن والدي لم يكن السبب الوحيد لهروبها، إنها قد افتعلت الكثير من الجرائم لكن لم يجدوها بأيِ مكان وهذا استمر لآخر خمس سنين، لكنني حقاً سئمتُ من الأمر بكاملهِ" رد عليه بومقيو بنبرة بَدت منزعجة للغاية مرجعاً خصلاتهُ إلى الوراءِ

"إذا يتوجب علينا إيجاد والدتك التي لم يتم إمساكها مِن قِبل الشرطة لخمس سنين؟ رائع" قالَ سوبين رادفاً، متلمساً أحد خُصلهِ جاعلاً مِن الآخرين بالنظر لَه بقلة حيلة "بالواقع لن يكون صعباً كثيراً بما إن تم رصدها بسيؤل عدة المرات الآن"

يومئ الآخرون لتايهيون بتفهم "بالأضافة، أظن إنني أعلم أين يَسكُن هذا الجُراذ القَذر"...






































































"أجِدهُ في روحِيَ كَأِنما لا شَيءَ بِيَ إلا هُوَ"






































































[word : 1470]...

اخيراً وصلت لنهاية الرواية تقريباً، بعد فيه اكثر من سبع بارتات او يمكن اكثر حسب الأحداث وتخلص.

كيف وجدتوا البارت؟

لا تنسوا التصويت والتعليق بين الفقرات.

معسلامة 3>.

Bạn đang đọc truyện trên: AzTruyen.Top