13 - الخالدة(عندما تمطر السماء زهورا)

‎انا ادعى هيرا فتاة خالدة لا اعلم كم من السنين مضت على وجودي ، حيث اندثرت حضارات وأستبدلت بغيرها وانا على هذا الكوكب الازرق ، اُمارس اعمالي برتيب ممل دون أي تغيير حيث الايام كلها متشابهة ، مع ذلك كنت راضية بما قسم علي الاله من دور في الطبيعة

‎وحتى انني لم اتجرأ على ان التقي بأحدهم سوى ان اراقبهم من بعيد والاحظ المباني كيف تستبدل مع مرور الايام .

‎إلى أن جاء يوم كعادته من ايام الصيف ولكنه كان مختلف بعض الشيء حيث تجرأ شخص على الاقتراب الى مكاني الخاص

‎مكان منعزل اتخذته ملجئ لي لأمارس طقوسي بهدوء دون مقاطعة من احدهم ،

‎حيث استيقظت على صوت ضحكات تعلو هنا وهناك كانت بالنسبة لي كزقزقة عصافير او الحان بلبل فتان

‎انجذبت إلى مصدر الصوت لأجدها فتاة ذات اربع سنوات بفستانها الابيض المنفوش مع شعر اشقر منسدل على كتفيها

‎وهي ترقص هنا وهناك بسعادة عارمة، شعرور غريب جذبني إليها لا شعورياً كشفت عن نفسي أمامها وانا ادنوا منها ، لم تبدي اي نظرات قلق

‎بل العكس كانت سعيدة بوجودي تكلمت بصوتها العذب الموسيقي

‎" مرحبا انا ادعى ٱن شيرلي وانتي ما أسمك "

" ‎اجبتها بتردد " انا أدعى هيرا

" ‎ٱن " ولما انتي وحدكِ هنا؟؟

" ‎اجبتها " انا احب العزلة

"‎هي بحزن " لابد أنكِ حزينة وتشعرين بالوحدة

‎أستغربت حديثها كونها اول شخص يشعر بالحزن لأجلي قطع تفكيري صوتها العذب المليئ بالبرائة

‎" ما رأيكِ بأن نصبح اصدقاء "

‎" ! ماذا ؟؟ .. انا أصبح صديقتك "

" ‎هي ببرائة تشع منها " نعم

.
.
.

‎ومن ذلك اليوم اصبحنا اصدقاء انا وهذه الصغيرة
‎لا اعلم لما احببتها حقاً وبدات أُريها قدراتي العجيبة من انزال المطر وهبوب نسمات الرياح الباردة ،

‎ومن شدة تعلقي بها بدات أحسد والدها لأمتلاكهُ فتاة بهذه الكتلة من اللطافة والجمال

‎حيث اخبرتني ان والدتها قد سافرت إلى مكان بعيد بعيد جدا لدرجة لا تستطيع زيارتهم وانها الان تعيش مع والدها وجدتها المسنة ، واخبرتني أن والدها يمنعها من الخروج لانه يخشى عليه وأنها تأتي سراً لزيارتي اثناء انشغال والدها مع جدتها بأمور الحقل

‎ثم اصبحت تصّر علي مراراً بأن ازور منزل أبيها لكنني خشيت من الامر وتحججت بحجج واهية
‎على الرغم من أخبارها لي بانها اخبرت والدها عني ولم يصدق كلامها وظنَ انها تتخيل كعادتها

‎مرت الايام وعلاقتي مع الصغيرة كبرت بشكل ملحوظ ، حيث اصبحت انتظر عودتها كل صباح حتى اسمع حكاياتها الجميلة والبريئة بأن واحد .

‎اشعر انها اصبحت جزء مني لا يمكنني ان افترق عنه .

.
.
.

‎جاء فصل الشتاء واصبحت ٱن تتردد علي قليلاً وبدات اشعر بالحزن في الايام التي لا تاتي لزيارتي لذلك بدات بخفض درجة الحرارة قليلا ولم اجعله كغيره من فصول الشتاء التي افعلها في العادة حيث خفضت الحرارة خمس درجات عن مستواها الطبيعي على أمل أن تاتي الصغيرة لي كل يوم ولكن للاسف لم تاتي ذلك اليوم

‎انتظرتها اليوم الذي يليه بأحر من الجمر ولكن دون جدوى الى ان مر اسبوع على غيابها

‎بدات اشعر بالحزن رغما عني ولم اعلم بهطول المطر نتيجة الدموع التي نزلت من مقلتي وانا ادعوا كل يوم بان تاتي لزيارتي

‎مر عشرين يوما وقلقي عليها يزداد كل يوم وبدا الطقس يتحول إلى صقيع دامس والبياض بدا يكسو الاراضي ليحتضنها ، حيث لم أستطع التحكم بعواطفي فٱن لم تزرني منذ مدة طويلة وقلبي بدا يعتصر عليها .

‎خرجت من مخبئي وتجولت بالأرجاء على امل ان اجد منزلها ، سرت ايام باحثةٌ عنها ولكنني لا اعلم اين يقع منزلها كون هذه أول مرة اخرج من مخبئي ولا اعلم اتجاه الطريق .

‎بدات بسؤال الناس الذين التقيهم عنها

‎ أنقضى السبوع الرابع على غياب ٱن ولكنني لم أياس من البحث عنها

‎الى ان وصلت إلى حقل قد جرده الصقيع من كل خضار يحتويه ، سالت رجل الذي يقف فيه كان
شاحب الوجه من الهم الذي يحمله

انا ابحث عن فتاة تدعى ٱن شيرلي هل تعلم اين" اجدها "

‎الرجل بحزن " انا والدها من انتي؟؟ ماذا تريدين "منها؟

‎" انا صديقتها ادعى هيرا وابحث عنها منذ شهر ولكني لا اجد اثر لها "


‎نظر اباها نحوي بشك واضح ثم قال بحزن عميق


‎"اذن انتي المراة التي أخبرتني ٱن عنها ولكنني لم
اصدقها حينها .. انا اعتذر بشدة ان ابنتي ..ماتت قبل عشرة ايام حيث كانت مصابة بالتدرن منذ سنتين وكلما ياتي الشتاء تسوء حالها الى ان جاء اليوم الذي أختطفها الموت "

‎بقيت مدة من الزمن احاول استيعاب ما سمعتهُ إذناي ،

‎حيث ان الخبر نزل علي كالصاعقة

‎دقائق لم اشعر ان عاصف اجتاحت المكان وامطار غزيرة بدأت تهب في الارجاء ، حيث سقطتُ على الارض باكية لا استطيع ان اتحمل خبر موتها

‎فزع الرجل وبدا يصرخ " يالهي انتي حقيقية ..ٱن اخبرتني بانكي تتحكمين بالفصول ولكنني لم اصدقها "

‎لم اعد اشعر بنفسي وانا اتسبب بالفوضى من حولي ، حيث عدت الى مخبئي السري ابكي بحرقة على صديقتي ٱن لو انني كنت اعلم لجعلت الايام كلها ربيعا ولكنني قتلتها دون أن اعلم

‎اصبح الجو لا يحتمل حيث الثلج قد غطى كل شيء
‎لا يوجد شيء سوى البياض يجتاح المكان
‎مع نزول العواصف الرعدية بين حين وأخر .

‎وعلى الرغم من انتهاء الفترة المقررة للفصل الشتاء انا لم اتوقف عن انزال الضباب ولم استطع ان انتقل إلى الفصل الذي يليه حيث الحزن الذي بداخلي اعمق من كل شيء .

.
.
.
.
.

‎أحتج سكان المنطقة وبدأُو يتلون الصلوات على أمل ان ينتهي هذا الفصل ، بينما كان والد ٱن صامتا فهو يعلم السبب ولا يصدق ان حزن المراة على ابنته هو السبب

‎حيث اخبرته ٱن سابقا بأن صديقتها اذا حزنت سوف تنزل المطر واذا غضبت سوف تصنع العواصف وأذا فرحت سوف تنزل الربيع ، هو لم يصدقها حينها وظن ان ابنته تتخيل بسبب خيالها الخصب ولكن بعد أن راى قدرة هيرا العجيبة صدق الامر .

‎وفي الأخير شجعَ الوالد نفسهُ على زيارة صديقة ابنته على امل ان يعود الربيع ، ثم جهز نفسه لذهاب إليها

توجه نحو المكان الذي وصفته له ابنته سابقاً

‎بشق الانفس استطاع أن يصل إلى المكان المطلوب
‎وَجد هيرا تحتضن اقدامها واضعة رأسها على ركبتيها تبكي بصمت غير عالمة بما يحدث حولها .

تقرب نحوها ببطئ ثم ربت على ظهرها بهدوء لمدة من الزمن ، بعد أن استشعر سكون هيرا

تكلم بصوت هادئ " ابنتي ٱن احبتكِ بصدق .. واذا استمريتي بالبكاء ستشعر هي الاخرى بالحزن لاجلك
لذلك .. انا ارجوك ان تكفي على الحزن حتى لا تحزنيها .. اظنها الان تراقبكِ من السماء وهي تبكي لاجلك "

تكلمت هيرا بشهقات متقطعة " انا لا استطيع ..ان اتحكم بعواطفي لقد أحببتها بشدة ولا استطيع التخيل انها رحلت دون رجعة "

الوالد " ٱن تحب الربيع وستكون حزينة كونه لم ياتي .. لذلك انا اترجاكِ ان تسيطري على اعصابك "

قالها وهو يحتضن هيرا ، التي قد هدات قليلاً
ليرفعها وهو يقول " مارايكِ بزيارة منزلي "

أومت هيرا له بالموافقة وسارت معه حيث منزله .

بعد عدت ايام عاد الربيع الى سكان المنطقة بعدها عاشت هيرا مع الرجل ووالدته وعلمت خلال فترة اقامتها بان والدة الفتاة قد ماتت منذ زمن بنفس المرض ، ثم طلب والد ٱن من هيرا الزواج منها .

وافقت بعد مدة ، ليصنع سكان البلدة زفاف لهما من نوع مختلف حيث فقط الربيع يطغي عليه ،

رُزِقت بعد عام من زواجها بفتاة لتسميها ٱن على الفتاة الراحلة

كانت هيرا سعيدة جدا بصغيرتها لدرجة أنها امطرت زهورا على سكان القرية .

.
.
.
.
.
.

- النهاية -






Bạn đang đọc truyện trên: AzTruyen.Top