رصاصة طائشة <٨>

_بسم اللّٰه الرحمن الرحيم.
تحذير: يحتوي الفصل على مشاهد عنيفة.
الفصل الثامن: رصاصة طائشة.
{ليلةٌ لا تَنتهِي ج٢.}

تسطح على الفراش واضعًا ظهر كفه على عينيه ونفسه كان بطىء، هادئ، سقيم، ورائحة الدم والكحول التي فاحت منه كانت كالموت المُنتشر بكل الجو مهددًا سلامتها، فإرتعشت أنفاسها حينما أنزل يده فجأة ناظرًا إليها وكأنها طعنته، قتلته، حققت إنتقامها في لحظة، أنتصرت بالمعركة وغادرت بقية الحرب بلا إهتمام. نظراته تلكَ كانت كالسكاكين التي قطعتها، فبكت بطريقة مثيرة للشفقة لكنها لم تثر الرحمة بداخله على النقيض تمامًا، سحبها ببطىء منهضًا إياها من فوق الفراش وتفاعل جسدها معه تلقائيًا يتبعه بمنتهى الخضوع مُدركًا من هو سيده.

سحبها لمنتصف الغرفة ثم ألتفت وشغل موسيقى كلاسيكية وعاد إليها ببطىءٍ وعيناه تتأملانها من شعرها حتى أخمص قدماها المرتعشان، وكأنمَا كانت ذبيحة سيُقدم على أكلها. نظراته لم تكن موزونة أبدًا، حالته تلكَ لم تكن طبيعية، ورائحة الدم الذي غرقته كانت مثيرة للغثيان والرعب، فسألت بنبرة مُرتعشة:

"دم من هذا؟"

بالنسبةِ له لم تكن في حالة تسمح لها بالسؤال، فتجاهلها وسحبها لحضنه، متعمدًا غمس جسدها في الدمِ، مما زاد رعبها وجعلها ترتعش بينما يرقص بها كالدمية وعيناه تتبعانها بغموضٍ غريب، بنظرة مُشمئزة كارهه عكس يديه اللينتين، وتبًا لي كم كرهت نظراته التي جردتها من ثيابها كما لو كانت لحمه نيئة له وحده، عيناه التي ناظرتها وكأنما لا يتمنى سوى موتها عكس كفوفه الرقيقة معها. أجبرها على الرقص وكأنما كانت دمية الحلوى ثم فعل ما لم تتوقعه، رفعها فجأة من خصرها مُقبلًا شفتيها ببطىءٍ كالعشاق، قبلة عميقة، ناعمة، خالية من العنف، أقتحم بها جوفها كأي حلمٍ أقتحمه من قبلٍ، ثم راح يقبل وجنتاها، فكها، عيناها، جبهتها، وعاد مُجددًا لشفتيها بمنتهى التريث، عقلها أمرها بأن تستسلم له، تترك له نفسها، هكذا كانت ستستمر لعبتها، علمت بأنه لن يكون راقيًا، ولا حتى ناعمًا بعدما تتسطح أسفله، جوعه وغضبه وإشمئزازه ووحشتيه وتوحشه إليها كله سيخرجه عليها، وهذا ما فعله حينما بدأ يشتم نفسه ونسله ممتصًا رقبتها بعنفٍ شديد:

"تبًا لي بيبي، أنا عاهر إبن قذر، أنا سافل لعين، تبًا لي."

شخر عندما تحسست يديه خلفيتها، وحينها فقط فهمت سبب حالته الغير موزونة:

"أنتَ مُنتشي."

جمد فمه حول عنقها بدلالة صدقها، ثم سحب بأسنانه جلدها، فتآوهت بألمٍ بينما رفع هو عيناه بلا إهتمام حينما ترجت ببكاءٍ:

"ستندم بالصباح، بل ستندم الليلة بعدما تنتهي، ستكره نفسك لاحقًا، لا تفعل شيء الآن، حتى لو أردت إرسالي إلى جحيمكَ، فأفعلها وأنتَ واعٍ يا چون."

لم يهتم، على النقيض سحبها لطاولة الشرب بالقرب من الشرفة مُخرجًا كأسان، وبسبب ضوء القمر وأعتياد عيناها على الظلام فإنها لاحظت جسده المُرتعد، ويديه المرتجفين، عيناه الملتهبتان والسوداويتان، فكه المنقبض، شعره المبعثر، وجهه المتناثر عليه الدم وكأنمَا مزق أحدًا بيديه المجردتين بدلالة قميصه الأبيض الملطخ بالكثير من الدماء.

"أشربي."

أمرها شاربًا كأسه دفعة واحدة بلا أهتمام، لكنها لم تمتثل، ظلت ترتجف وعيناها تناظران الأرض برعبٍ تام فصفعها فجأة بظهر كفه على وجهها. سقطت من فوق كرسي البار على جانبها وبدأت تبكي، لكنهُ لمْ يهتم، إنحنى ساحبًا إياها بعنفٍ ودس فوهة الزجاجة رغمًا عنها في فمها، يجبرها على الشرب وحينما تحشرج نفسها وراحت تبكي بينما يختلط الكحول في فمها مع الدم الذي سببه بصفعته العنيفة ترك الزجاجة فسعلت بشدة باكية.

لم يرأف بحالها وسحبها أسفله ساكبًا باقي الشراب على جسدها، مما جعل منامتها الواسعة شفافة، وأظهر صدريتها تحتها وحينها فقط ظهر جوع مريض على أبصاره وما كادت تمر لحظة واحدة حتى صفعته بكل قوتها على وجهه.

لوهلة أستمر الصمت السقيم في الغرفة، ولمْ يتبقى سوى أنفاسها المُمزقة ووجهه الجامد، لكن لم تمر الثانية التالية عليها إلا وقد جمد فمه وإنقبض فكه، ثم صفعها بشدة جعلتها تصرخ رغمًا عنها وكأنها رجل سيحتمل عنفه ومرضه، وحينها فقط دخلت في إنهيار تام بينما تخدشه وتسبه وتضربه بعشوائية لكنه كبل يديها ونام عليها مانعًا إياها من الحراك أمام نبرتها الصارخة:

"تبًا لكَ، اللعنة عليكَ، سأموت الليلة ولن أتركك تضاجعني أيها الوغد المريض، تتصرف وكأنني خنتك، وأنت هو الخائن الذي أدخل فراشه النساء، لا تتصرف وكأنك راهب لعين، تبا لك يا چون، اللعنة عليكَ، حينما تعود لوعيك في الصباح.."

"كلمة أخرى وسأفجر رأسكِ اللعين."

زمجر داسًا مسدسه في فمها بعنفٍ، فصمتت برعب تام، الوغد لم يمزح، لم يرمش ولم يتردد لثانية واحدة حتى، فشعرت بالدوار، الغثيان، ومرارة الصدأ الصادرة من فوهة المسدس تختلط بطعم الدم والحكول المُر في ثغرها.

"هل تعرفين من ينتظركِ بالأسفل؟ هل تعرفين كم رجلًا قتلت؟ قتلت جميع من حضر حفلاتك، عشرون عجوز هريء، ورجلان، كلهم ماتوا، أرسلتهم إلى الجحيم بيديّ المُجردتين، لم أترك وغدًا واحدًا، ولا واحد، كيف حصلت على شهرتكِ وهؤلاء فقط من شاهدوكِ؟ لمن تعملين هذه المرة؟"

بدى وكأنه يحدث نفسه بينما يتحسس دواخل فمها بالمسدس أمام نظراتها المصدومة.

"قتل إيغور كان خسارة فادحة، لكن لا بأس، ست رصاصات لن تقضيّ عليه.."

صر أسنانه وعيناه تلتهمان ثغرها وكأنما يموت لتقبيلها، لكنه أخرج مسدسه من فمها، ووضعه على منطقتها الخاصة من فوق الملابس أمام عيناها المصدومتان برعبٍ تام بقبالة بسمته الشيطانية:

"لمن هذه النعمة؟ لمن تنتمين؟"

أرتعشت شفتيها ولم تستطع إبعاد عينيها عن مسدسه ولو للحظة واحدة.

"ستندم.. سـ.. تندم بالصباح."

نهض من فوق الأرض ساحبًا إياها بعنفٍ يجبرها على الركوع عند قدميه وغمغم بسوداوية:

"إلعقي مسدسي."

تثاقلت أنفاسه من فرط الشهوة البدائية وعيناه تتلذذان بوجهها الذي ناظره بخوف، فكم كانت مغرية في دم الرجال الذي أختلط مع الحكول، كانت مثيرة جدًا ووجهها متورم من مجرد صفعتين، تبًا لي، رؤيتها تنزف من فمها أيضًا كان آية بالجمال، كم أحبها هكذا، يا إلهي ستكون تلكَ العاهرة موته لا محال.

"ضاجع نفسكَ."

هذا ما قالته ببكاءٍ تام، فتنهد بملل صافعًا إياها بظهر كفه مُجددًا وتركها ترتطم بالأرض غير عابئًا بإن ماتت أو لا، لمْ يعاملها كإمراته ككل مرة، لمْ يصفعها محاولا السيطرة على نفسه، بل ضربها وكأنها مجرد عاهرة لا تعنيه بربع قرش، فبكت، وارتفعت شهقاتها المريرة وهو يسحبها مُجبرًا إياها على الوقوف، قائلًا:

"لنحاول مجددًا.. إركعي والعقي مسدسي."

"چون أرجوك."

توسلته وأرتمت على صدره تحتمي فيه من نفسهِ، وراحت تقول ببكاءٍ ويداها تحتضناه بكل قوة وكأن هذا سيمنعه عن إنتزاعها من صدره مُجبرًا إياها على ما يريد.

"لم أعد أشعر بوجهي، أتركني وسأفعل كل ما تريد غدًا، مهما كان ما ترغبه، مهما كان ما تشتهيه، سأفعله ولكن بالصباح، أرجوك چون."

سحبها من شعرها بعنفٍ مُجبرًا إياها على مناظرة وجهه فتآوهت بألمٍ ويدها تمسك كفه على فروتها لكن ما زاد رعبها كانت عيناه المُلتهبة بدلالة إنعدام وعيه:

"ستفعلين ما أريده من الآن فصاعدًا يا لذة، الليلة، وغدًا، وبعد غد، وكل ثانية لعينة في حياتكِ، لذا كوني فتاة مطيعة وإركعي على ركبتكِ أمام سيدكِ."

"تبًا لكَ يا إبن المرأة الزانية، ضاجع نفسكَ."

صرخت بحرقة باكية وكادت تنهار على الأرض لولا يده التي إشتدت حول شعرها يحركها كالدمية، وهديره المرعب.

"زانية ها؟ سأريكِ من هي الزانية وأنا أخذكِ مرة تلو الآخرى حتى تتلف أعضائكِ يا سيڤار، لن تصلحين بعدها لليلة آخرى لعينة، اليوم سأريكِ ما هو الإغتصاب، ما فعلته بكِ قديما لا شيء مما سأفعله الآن، سأمزقكِ، تبًا لي.."

صر أسنانه بشهوة وإشمئزاز في آنٍ واحد، منها ومن نفسه، وعزم على فعل ما قاله بالحرف الواحد وعلمت بأنه سيفعل الأسوء أيضًا، كان منتشي بالمخدرات والكحول، سيفعل ما يريد بلا تفكير ولا إهتمام لها، يجب أن تفعل شيئًا، ستكون عاهرة بحقٍ إن تركت نفسها أسفله الليلة، لا.. لن يفوز.. لن يفوز بجسدها ولو بالإغتصاب، هذه المرة ستموت قبل أن يلمسها وتبًا لي سيكون هذا شرف عظيم لبقايا كبريائها كأنسان.

"على جثتي اللعينة أن تمسسني يا إبن العاهرة."

ظلت نظراته جامدة غير مكترثة بأي شيء سوى الحصول عليها والتمتع بها، ثم الرب وحده يعرف ماذا سيفعل الوغد بعدها، لكنه لن يتركها، سيلعب بها حتى يستعيد عقليته اللعينة وهذا جعلها تبكي لأنها عرفت جيدًا بأنها لن تستطيع الصمود أمامه ولو للحظة واحدة. فأبتلعت لعابها وقالت ببكاء، تحاول تمالك بقايا نفسها:

"چون، إفعل ما تريد غدًا، إقتلني، أضربني، واجهني، وأفعل ما تريد بي... بيبي أنتَ، أنتَ لن تؤذيني."

كانت كذبة لأنه أذاها بالفعل، وبرغم ذلكَ حاوطت وجهه بكفيها، وتمتمت رغم ألم يده على شعرها:

"بيبي أنتَ تحبني، تعاملني كملكة فاخرة هل نسيتَ؟ أميرة مُدللة لأنني معك، لكَ، لأنك كريم وسخيّ.."

تآوهت من خشونة يده على شعرها وقالت بنبرة موجوعة باكية:

"أنتَ تؤلمني."

خفف قبضته على شعرها فظنت بأن سحرها عمل، بأنها ألجمت شياطينه أخيرًا خلال نوبة إنتشاءه، لكنها شعرت فجأة بشيءٍ على بطنها تلاه إنفجارٍ ثقيل، قويّ.. أخذ كل صوت بل نفس في المكان.

ترك شعرها أخيرًا فأرادت الهروب بعيدًا مادامت تستطيع، لكن جسدها لم يستجيب، حاولت التحرك ولو خطوة واحدة لكنها لم تستطع، فظهر التفاجؤ على وجهها بعدما شعرت أيضًا بألمٍ رهيب مزق معدتها، فوضعت يديها بموضع وجعها بذهول وعيناها تناظرانه بتساؤل زال بعدما شعرت بلزوجة على كفها الذي أحاط موضع ألمها.

چون سانتيغو أطلق عليها النار.. ثم قال صارًا أسنانه.

"لم اعد أحبكِ يا سيڤار، أنتِ ميتة بالنسبة لي، والدليل، رصاصتي التي اخترقتك الآن، انتِ آلة، مجرد لعبة سأمت منها، لن تغادري لأي مكان، لن تذهبي لأي مكان، ستظلي هنا، عاهرتي التي سأمت منها مجرد لعبة غبية لم تعد تعنيني لكنها لا تزال ملكي.. وبرغم ذلكَ لا تحلمي بان ألمسك، انتِ قذرة جدا لالمسك."

بكت، ونظرت له وكأنه طعنها بسكين بارد، وكادت تسقط على الأرض لكنهُ التقط جسدها بعينين متألمتين وكفه يرتجف، ماسحًا وجهها يزيح شعرها المتناثر من أمام عينيها، لماذا يا سيڤار، لماذا تفعلين هذا بنا، لماذا.. لهثت بألم تام وعيناها تنطفىء تدريجيًا، وآخر ما سمعته، كان صراخه بأن يحضر أحدًا الطبيب، لاعنا نسله وعالمه كله.. وهكذا، زالت الرؤية في عينيها.. على الأقل لم يلمسني، على الأقل فاق من غيابه.. على الأقل خرجت ببقايا كرامتي.

مسح على وجهها بكفه المرتعد بنظرة مرعوبة وكأنما لا يصدق ما استطاعت أن تفعله شياطينه هذه المرة:

"بيبي، أستيقظي بيبي لما تتظاهرين بالموت؟ لماذا لا تقاوميني، لماذا لا تجيبي، هل تعاقبيني؟ تعرفين أني لم أكن بوعيي اللعين، افيقي عليكِ اللعنة.."

لكنها ظلت مغلقة العينان وراحت تتعرق بين ذراعيه وكأنما تنازع الموت، فأحتضنها برعب تام وكأن احدًا ما سيخذها من بين يديه في أي لحظة صارخًا بكل قوته بأن يحضر أحد الطبيب.. وهكذا مرت الليلة التي ظنت بأنها لن تمر.

____________
______

سبعة أيام..

سبعة أيام، وثلاثة عشر ساعة، وأربعون دقيقة، بدونها، ورائحتها التي لطالما أحبها أختلط عليها المُعقمات والبنج، أثار كل شيء حيالها غضبه، ورؤية وجهها المستكين في سلامٍ وكأنها في الجنةِ بعيدًا عنه بينما يتغذي جسدها على المحاليل الطبية أثار شيء بداخله لم يفهمه أبدًا، أراد أن يقتحم أحلامها، تمنى لو يفعل أي شيء لتخرج عن صمتها وكأنها جثة هامدة، لم يتقبل فكرة هروبها منه حتى ولو بالمرض، فبالنسبة له رصاصة لن تقتله، لكنها رصاصة قتلته بعدما أصابت جسمها الهش، الضعيف، لطالما شعر بأنها ستتحطم إن ضمها بقسوة، عرف بأنها كانت ضئيلة جدًا لتستطيع الصمود أمام شياطينه وبرغمِ ذلكَ أطلق عليها في لحظة من غياهب ظلماته.

نهض وسار ناحيتها بكفٍ مُرتجف، الغضب، الإشمئزاز، الكراهية، الهوس، والمرض، كلها مشاعر غريبة، فبالأمس كرهها حد اللعنة وظن بأن مشاعره ناحيتها أنتهت، لكن ها هو اليوم يُصدم بتحول شعوره إلى شيء بشع جدًا، دميم، أكثر ظلامًا وإسودادًا، لدرجة جعلته ينحط بمنع أي شخص بتغيير ثيابها أثناء ثباتها ولو كانت خادمة، وامرأته في العادة نظيفة جدًا مما يجبره كل مساء على مسح جسدها بالمياة والصابون المُعطر لتظل نظيفة وطاهرة، مُعذبًا نفسه برؤيتها عارية تمامًا ولا يقدر على لمسها، وفي النهاية إنتقامها منه كان بشع، رهيب، أرادها أن تستيقظ لينتزع منها ثمن عذابه وكربه.

إنحنى على وجهها يتأمل وجنتها التي خف تورمها مؤخرًا، ثلاث صفعات سببت تلكَ الأضرار في شفتيها ووجنتيها مما أثار بداخله هوس جديد، كان ألعن وغد في الوجود، رجلًا أشمئز من نفسه بسببها بينما تخرج أسوء وألعن ما فيه، لكنها لن تهرب هذه المرة، ستتقبل حقيقته اللعينة رغمًا عن أنف أبيها، ناظرها بظلامٍ ثم قبلها على جبهتها قائلًا بجمود:

"لا تفيقي بيبي، ظلي هكذا، هذا أفضل لكِ، لكن لا تموتي، لا تتركيني أبدًا."

أبتلع لعابه بمنتهى الوجع متلمسًا بطنها من فوقِ الغطاء، هي لا تعرف ماذا فعلت تلك الرصاصة به، لا تعرف مقدار الوجع الذي سببته له، لا تدرك أبدًا الوحش الذي خلقته منذ سبع أيام، وما يثير جنونه بأنه حقًا لم يفعل شيء، كل الأفكار السوداوية التي سيطرت عليه لم يقدم على فعل منها ولو واحدة، وبرغم ذلك كادت تموت..

كاد يخسرها..

وبفعل يديه!

سحب الطاولة المعدنية التي حملت أدوات طبية مُعقمة مُسبقًا، ثم رفع عنها الغطاء وملابسها ببطىء ليكشف عن بطنها المُصاب، ثم بدأ يفك الشاش رافعًا ظهرها وسطحها مُجددًا على الفراش بعدما إنكشفت خياطة جرحها وبدأ يعقمه بالقطن، وحينها إنكمش حاجباها وأصدر فمها تآوهة ضعيف خلال غيبوبتها، فجمدت عيناه حول وجهها مُنتظرًا إياها بأن تفيق، كرهها حد الجحيم وتمنى أن تظل نائمة للأبد، لكن أيضًا جن جنونه بها وتمنى لو تمنحه نظرة لعينة تنم على صحتها المُتعافية، لكنها لم تفعل، ظلت كالجثة الهامدة مما جعله يصر أسنانه بغضبٍ والنيران أكلت لحمه، ودواخله.

لف جرحها وأبتعد عنها كما لو كانت مُصابة بمرضٍ معديّ، ثم غادر الغرفة صافقًا الباب خلفه وحينها فتحت عيناها ببطىءٍ، أستعادت وعيها بالصباح الباكر، لكنها كانت مرهقة جدًا لتتعامل مع طبيعته المريضة وهوسه بها، كانت حقًا مُتعبة وربما على مشارف الموت، لذا تسطحت كالجثة المطيعة وتركته يفعل ما يريد طوال اليوم، سواء من تأملها كالمسوخ المجانين، أو حتى تلمسه لوجهها وشعرها وبطنها ويديها بتملكٍ تام لها وحدها.

أعتصرت عيناها بمرارة وما كادت تحاول الحركة، حتى فـُتح الباب مُجددًا فعادت تخادعه بالنوم من جديد، لكن الفضول أصابها جراء صوت العربة الثقيلة التي كانت تـُجر على الأرض مُجددًا، لا بأس، تظاهري بالنوم، أنتِ جثة مُصابة لا تنسي ذلكَ، سيقتلكِ الوغد المجنون إن حركتي إصبع لعين، أعني تمثيل الموت لن يكون بهذه الصعوبة.. أو هذا ما ظنته قبل أن تشعر به يسحب عنها الغطاء ببطىءٍ للمرة الثانية، ثم به يفتح أزرار قميصها بمنتهى التريث عوضًا عن رفعه وكأن وقت الكون له، ثم إزاحته له والتي تلتها شخره طويلة وثقيلة من صدره.

أبتلعت لعابها تسحق أسنانها تجبر نفسها على التظاهر بالنوم، لكن الوغد بدأ يتلمس قمة صدرها المُنتفخ وأنامله تمر على إسمه المحفور على جلدها بعمقٍ، تبًا لي هي لا تعرف كم هي له، صر أسنانه مُمرًا شيء مبلل ودافىء على بشرتها، وبرغم كونها مغلقة العينان إلا أنها شعرت بعينيه تغوصان فيها وهذا جعل غضبها وكرهها له يتزايد، الوغد ماذا فعل بجسدها وهي مُغيبة؟

نزع بنطالها مُمرًا تلك القماشة على قدميها ببطىء، وكفه يرتجف، وما كاد ينزع سروالها، حتى أنتفضت شاهقة بفزعٍ وجسدها يتحرك لا إراديًا تبعده عنها، مما سبب نظرة لن تنساها أبدًا على وجهه.

كُره، وغضب، وإشمئزاز، وألم، بينما يصفع القماشة القطنية على وجهها مُنتفضًا يواليها ظهره وجسده المُرتعد خير دليل على حالته الخطيرة والغير موزونة أبدًا.. أرتعشت شفتاها من فرطِ البرد الغير مُبرر، وحاولت تغطية نفسها عنه بكفيها وعقلها المرهق لمْ يستطع إستيعاب الموقف برمته، لكن فجأة، هجم عليها الشعور ببطنها يتمزق فدمعت عيناها تحاوط جرحها بوجعٍ وعضت على شفتيها تمنع إحساسها بالألم.

كان يكرهها، يتوق لضربها، لتعنيفها، أخذها حتى يتدمر رحمها أمام كل جثة سحقها قبل بضع أيام، أراد فعل الكثير والكثير، لكنه وجد نفسه يتنهد ببطىءٍ ملتقطًا من الطاولة حبوب مسكن ألم كان سيعطيه لها على أي حال، وبدأ يخرج الحبات أمام نظراتها المُتفحصة.

ألتفت لها فجأة فهربت عيناها من مواجهته بينما مد لها يده بالحبوب، فأخذتها ووضعتها في فمها، ولم تطلب منه كأس ماء، وبدى في أنتظار سماع صوتها لأن الوغد ظل واقفًا كالسد أمامها ينتظر منها كلمة، لكنها لم تفعل، فصر أسنانه ملتقطًا كأسًا من الماء ثم ناوله إياه وبداخله تمنى لو يحطمه فوق رأسها.. فأخذته وشربت دوائها، ثم وضعته على الطاولة بجانب الفراش، ولم تناظره ولم تتكلم معه وكأنه عبد لعين تحت أمرة سيادتها مما سبب هياج في نفسه، وما أغضبه أكثر، أنه لم يعد يعرف مما يجب أن يكون مستاءًا بالتحديد.

ظل واقفًا مُناظرًا إياها بصمتٍ تام، وظلت تناظر قدميها بسكوتٍ تهرب من مواجهته، لم يعد يحبها، هذا ما قاله مصوبًا سلاحه عليها مطلقًا النار بلا تردد، لم يرمش وهو يفعل ذلك، چون الذي تعرفه كان ليأخذ تلك الرصاصة بدلًا عنها، أبتلعت مرارة لعابها بخسارة فادحة ثم ظلت جالسة هكذا تنتظر منه أي شيء.. لم يعد يحبني، لقد سأم مني، إبن العاهرة يكرهني، لم يعد يريدني، قال بأنه مسخ مجنون بي، وعدني ألا يسأم مني، ألا يمل، لكنه.. أعتصرت عيناها بمرارة ثم أدارت وجهها من أمامه، فبات الأن لا يُبصر سوى شعرها القصير.

جلس على طرف الفراش مُتمسكًا بصمته، أرجوك لا تفعل هذا بي، اتركني وشئني، حضرت نفسها لسماع كلمات سخيفة عن كم هي عاهرة ميتة بالنسبة له، مجرد كلبة أسفل قدميه، بأنه يكرهها، يشمئز منها، أهلت نفسها لسماع الكثير من الجمل الجارحة لكنه ظل صامتًا يناظرها بهذا السكوت والغموض، فصرت أسنانها وأنسدلت دموعها رغمًا عنها، لا يا سيڤار، أنتِ لست ضعيفة، سأصدمه بكلمات جارحة قبل أن يفعل، سأحاربه قبل أن يعلن عليّ القتال، هكذا عزمت على جرحه لكنها صمتت ولم تجد ما تقوله في النهاية.

ظلا كلاهما صامتين، وكان من الذكاء أن تتمسك بالسكوت، لكنها قالت بنبرة مبحوحة في النهاية:

"لم تتردد ولو لثانية."

صر أسنانه وعيناه تلوحان للكراهية المُطلقة، عاهرة غبية هذا ما هي عليه، وضع كفه المرتجف على فمه ممزقًا إياها بأبصاره، ولو كانت النظرات تقتل لكانت ميتة الآن، لم يجيبها، تجاهلها تمامًا، أرادها أن تصمت، خاف عليها حقًا من شياطينه هذه المرة، خاف عليها من نفسه إن لم يستطع التمالك حتى تشافيها ولو بنسبة ضئيلة، تذكر يا چون، جرحها لا يزال مفتوحًا، سيتمزق لو وضعت إصبعكَ عليها في غيابٍ، لن تتحمل غضبك ولو لثانية، ستموت، حقًا ستموت هذه المرة.

إصمتي، أسكتي، لا تفتحي فمكِ بكلمة أخرى، سيؤذيك، المسخ يحارب شياطينه هذه المرة، لذا كوني فتاة ذكية وأخرسي، هذا ما قاله عقلها لكنها كانت سيڤار في النهاية:

"قلتَ بأنني ميتة بالنسبةِ لكَ، لكنني مُت بين يديك، وحينما أفقت، كنتُ بين يديك أيضًا، قلت بأنك لم تعد تحبني، بأنني مجرد لعبة سأمت منها.. لكنك لا تزال هنا.."

رفعت فجأة عيناها بقوة ومكرٍ أختلط عليه الألم، فصر أسنانه وكفه على فمه يرتعد لصفعها، عاهرة مجنونة هذه ما هي عليها، كانت ممزقة، حرفيًا بثقبٍ في بطنها لكن ها هي تسمم حياته بحروفها الموبوئة!

"لما جسدكَ يرتعد لي؟ لضربي؟ لأخذي وأنا في حالتي تلكَ؟ لما تريدني لهذه الدرجة بيبي؟ حتى وأنا أغري رجالك في ملهى وشم الشيطـ.."

صفعة على فمها بظهر يده جعلتها تبتلع كلماتها التالية بينما يسحبها أسفله مُحاوطًا فكها بعنفٍ مُجبرًا ثغرها على الإنفراج. الألم، الألم فقط بتعاريفه هو ما هجم عليها بشدة في أماكن متفرقة، ظهرها، بطنها، وجهها، أوه شفتيها، شفتيها المسكينة، لكنها أيضًا كانت ترتعد، تنتفض أسفله لأنها كانت في حاجة مسيسة لجرعة زائدة، جسدها الطماع أراد المزيد بعدما بدأ يزول مفعول البنج تاركًا إياها في جوعٍ شديد.

"حذاري غضبي يا سيڤار ولا تذكري إسم ذلك المكان أمامي إذ أردتِ النجاة، سأقتلكِ، أقسم بالرب أني سأقتلكِ يا بنت العاهرة."

كانت خائفة وأردات الإعتذار، لكنها وجدت نفسها تضحك كالمهابيل أمام نظراته الغير مقروئة:

"أسفة، أسفة بيبي أعني حياتي مضحكة جدًا، بالأمس كنت أموت وها أنا اليوم بين ذراعيك مُجددًا، أسفلكَ وذكرني بأنكَ أطلقتَ عليّ وكدت تقتلني لأنني منعت نفسي عنكَ، هيا چون، إكشف وجهك الحقيقي، ما يغضبك ليس أنني كنت أرقص في الملهى، تعرف بأني لم أفعل ذلك أمام الكثير، تعليمات دانيال كانت واضحة، أرادك أن تلتقي بي وأنا لا أزال أحمل رائحة جسدك، لم يمسسني رجل لعين بعدك، حتى ديفيد زوجي أمام القانون عاجز جنسيًا ليفعل شيئً كهذا، كنت لتقتله لو نظر إليّ بشهوة كما تفعل أنتَ لي، كنت لتقتل أي رجل سيناظرني كما تنظر أنتَ لي.."

أسودت عيناه بالكامل بعدما تابعت بلا تفكير:

"ما يغضبكَ حقًا أنني منعت نفسي عنكَ، وبأنني أغريك حتى عندما لا أفعل، بأنك تشعر بالنار تأكل لحمك وأنتَ تريدني، بأنني عدت بعد كل هذه المدة ولم أرتمي بين ذراعيك، لم أقل لماذا فعلت هذا بي.. اوه چون كم أشتقت لكَ يا زوجي العزيز لا تتركني مرة أخرى، لم أعاتبك على الماضي، لم أقل اوه لماذا تركتني ولم تستطع إعطائي مبرراتك التي جهزت لها بينما تقبلني وتأخذني بعنفٍ وتملكَ، لم تعد لتجدني كما تركتني في موضعي، عندما عدتَ.. أنا من رحل، بأنني من تركك هذه المرة، نرجسيتك لم تستطع تحمل فكرة تركي إياكَ و..."

كادت تكمل سخافتها لولا ضحكاته التي علت، اوه تبًا لي، كم أنتِ عاهرة ميتة.

"لماذا توقفتِ، أكملي يا سيڤار، أنبحي لي أكثر، أرني لونكِ الحقيقي، غضبك، سـُقمكِ، أخرجي العاهرة التي سممت حياتي."

توقفت عن الكلام وهي تراقب عيناه المُرعبتين، ويده التي تركت فكها وباتت تربت على شعرها بمنتهى اللين كانت آيه خالصة من الرعب التام:

"لا تتوقفي عن النباح، لست غاضبًا في الحقيقة، أنتِ بالنهاية كلبي المطيع، سيُجن حينما يتوقف سيده عن إعطائه العقاب الذي لا يستحق سواه، اتعرفين ماذا، ليتني لم أطلق عليكِ الرصاصة، ليتني تركت نفسي عليك هذه المرة، فأنتِ مجرد امرأة متدنية المُستوى مهما حاولت بأن أرتقي بكِ ستعودين مجددًا أسفل أقدامي أليس كذلك بيبي."

سحقت أسنانها حينما بدأ يحك نفسه فيها متابعًا بجوعٍ:

"هذا ما أردتيه أنتِ، ما قلته منذ قليل ما هو إلا نظرتكِ أنتِ للأمور، أردتِ أن ترتمين بين يداي، تعاتبينني، وتمنيتِ بأن أعطف عليك بالمبررات، حتى عودتك إلى هنا لم تكن لأنكِ أردتِ الرحيل بل لأنكِ ظننتِ بأنني لن أعود.. أردتني أن أقبلكِ، أخذكِ بعنفٍ، هيا بيبي لا تخجلي، يمكنكِ إخباري برغباتكِ، لكن للآسف، لا أستطيع أن ألمس عاهرة قذرة مثلكِ."

ناظرت جانبها الآخر تمنعه عن رؤية وجهها وتبًا كم أثارت غضبه بفعلتها تلكَ، حذرها مرارًا في الماضي بأن تفعلها، مرر معيشتها لأنها فعلتها منذ زمن وها هي تعيد الكرة من جديد.

"إفعل ما تريد يا چون، أنا حقًا سأمت منكَ هذه المرة."

"أفعل ما أريد ها؟ تريديني أن أفعل ما أريد."

وضع كفه على فمه متأملًا وجهها الذي يناظر الجانب الآخر بمنتهى الظلام، ثم أمسك مقدمة صدريتها عازمًا على تقطيعها، فأتسعت عيناها ونظرت له بصدمة، فجمدت يده حول تلك القطعة بعدما راحت تدفعه بكل عنفٍ وإنهيار، خدشته، صفعته، ولكمته، وفمها لا يتوقف عن الصراخ:

"إبن عاهرة ميتة هذا ما أنتَ عليه، مُجرد مختل مجنون، اتمنى أن تموت، مت يا إبن الساقطة، ماذا تريد مني؟ إلى أي مدى تريدني أن أفقد عقلي يا إلهي، أنا، أنا سأجن، سأصاب بكل الأمراض العقلية، لكنك لن تلمسني، لن أسمح لك بمضاجعتي ولو على جثتي اللعينة سأكون بين أناملكَ كالزئبق، تشعر بي وأنا أتسرب من بين أصابعكَ بخفة، لتلعنني السماء إذا سمحتُ لكَ بالنوم معي، تلكَ الرصاصة في بطني ليست دليل إنعدام مشاعركَ نحويّ، بل هي دليلٌ قاطع على أنكَ لن تحصل عليّ، لن أكون تحتك هذه المرة يا إبن سانتيغو، أقسم بألا أكون."

أسودت عيناه وفقد عقله بالكامل عندما سحبها من شعرها رافعًا رأسها من فوق الوسادة يجبرها على أستنشاق أنفاسه، ويده الأخرى كادت تكسر فكها من فرط عنفه عليها، بينما شفتيه سحقت خاصتها دون أن يقبلها، فقط ظل يشتنشق أنفاسها يحاول السيطرة على نفسه، إهدأ يا چون، ستموت، العاهرة لن تحتمل إن تركت ذاتكَ عليها، في كل الأحوال هي لك، إن عزمت فعلًا على أخذها لن تمنعك سوى معجزة من السماء، إحتملها، لا تجن، صر أسنانه وبدأ يخفف قبضته على شعرها وفكها ثم جلس فوقها واضعًا ثقله كله على ركبتيه مُحاوطًا جسدها بين فخذيه، وبدأ يمسح على وجهه مرة تلو الآخرى، ينفض غضبه وحمئته، كانت في غيبوبة منذ قليل وعندما أفاقت بدت وكأنها تحاول الإنتحار، لكن لا، السماء أقرب إلى راحة كفها من الموت، لن يتركها تموت، هي له، له وحده، سيكسر رأسها لو لزم الأمر وسيعيد أمجاده القديمة بكل سرور لكن بداخله، بأعماقه حقًا كان يحارب شياطينه كيلا يفعل ذلك، لأنه لو ترك ذاته عليها، لن يكون كالماضي.. سيكون ألعن وأدل.

توقف عن مسح وجهه بعشوائية وأكتفى بتمرير يده على شعره لمرة أخيرة، قبل أن ينزل كلا يديه بجانبه مانعًا نفسه عنها، وناظرها بظلام لا حدود له بينما سألها بنبرة مخمورة:

"عنادكِ لا فائدة منه وكلانا يعرف هذا، أنتِ تلعبين على حبل صبري الأخير وهو حقًا رفيع، ضئيل جدًا ليستطيع إحتمال تفاهتكِ يا سيڤار، تحدثت كثيرًا بلساني معكِ، منعت عنكِ شياطيني، تركتك تفلتين من تحتي وهذا تغير جذري في شخصي، أردت أن أكون معكِ وحدك شخص آخر، ربما ظللت وغد، لكني لم أضربكِ قبل الأمس، ربما أردت أكلكِ وتمزيق لحمكِ أسفلي، لكنني تركتكِ تنفدين مني، مرة وراء الآخرى، كبلت شيطاني وظلامي في أعمق نقطة في مؤخرة عقلي اللعين.."

لكم رأسه بقوة وتابع:

"وبرغم ذلك لم يكن هذا كافيًا، عندما عدتِ، لم أغلق بابي أمام وجهكِ وأستقبلتكِ بكرمٍ بلا اسئلة بلا شروط، عاملتك كملكة فاخرة، تلك الرصاصة في بطنكِ تحميكِ مني الآن، الرب وحده يعلم ماذا أريد أن أفعل فيكِ.."

أرتجف كفه واضعًا إياه على فمه فوق أسنانه المتراصة:

"لا تعرفين ما يدور هنا، ما أريد فعله بكِ هذه المرة، الجحيم ستبكي عليكِ، أظن أن الموت سيركض ورائكِ ليحميكِ مني، شياطيني نفسها ستتبرأ مني بسبب ما أريده.."

صر أسنانه وكأنه يتعذب، رأت في عينيه كم يموت ليراها مُذللة أسفل قدميه، عارية مكبلة، أقل شئنًا من حيوانٍ يرعاه، كرهت كل ثانية مرت عليها وهي مُجبرة على رؤية رغباته المريضة مُنحصرة في عينيه وعلمت بأنها ستكره نفسها في النهاية لأنه سيفعلها حقًا.

"هذه مُجرد حجة، كلانا يعلم بأنك ستفعل ما تريد بمجرد شفاء جرحي ولو بنسبة سبعين بالمئة."

ظلام عيناه وصمته بعد قولها كان دليل قاطع بأنه سيفعل ذلك، لكن قوله التالي صدمها:

"لن أنتظر حتى تشفين، أظنني سأفعل ما أريده ولم أعد أهتم إن مُتِ تحتي، سأقتل نفسي بعدكِ وسأكمل ما أفعله، تبًا للجميع، أنتِ تُفسدين الهدية التي حضرتها لكِ."

ظهر التساؤل على وجهها حينما نهض ساحبًا إياها يجبرها على الوقوف، فأطلقت شهقة موجوعة بعدما شعرت بجرحها ينبض بسبب نهوضها المفاجىء، لكنها كانت أعند من أن تعتذر، ظنت وقتها بأنه لن يستطيع الإنحدار بأذيتها أكثر من ذلكَ لكنها جهلت، حيثُ بدأ يفتح غرفة ما بأخر دور بالقصر عند ممر بدى مهجور، ثم أجبرها على الدخول وحينها، جف حلقها من هول ما رأت.

ليس لأن الجدران كلها من المرايا، ولا بسبب الأدوات السادية والتي بدت غير مستخدمة وكأن الوغد جهزها خصيصًا لغرضٍ ما، ليس بسبب الفراش الأحمر الدائري والذي شابه السرير الذي أعجبها يوم الحفل، بل بسبب الشخص المربوط المُلقى بأقصى جانب بالغرفة الواسعة.. بسبب سراج! سي-چي، رفيق رحلتها السابقة، الشخص الوحيد الذي دعمها ولم يتركها تفقد عقلها اللعين، الرجل الذي منعها مرارًا من الإنتحار، روحٌ جميلة جدًا لتزهق على يديّ شيطان، كان ينزف من وجهه لدرجة جعلت ملامحه مطموسة تمامًا، وجسده كان مُرهق وكأنما تعرض للتعذيب لأيام، حتى عيناه التي نظرت إليها كانت متألمة، ساهية، مُعتذِرة، لم تفهم لماذا يتأسف منها، كانت وحدها سبب ما هو فيه.

حالة سي-چي المثيرة للشفقة أوحت بأن وحشها عذبه في مكانٍ آخر، لكنه جلبه إلى هُنا لسبب ما، لكنها لم تستطع الكلام، التفكير، التنفس حتى، عقلها توقف تمامًا وعيناها بدأت تدمع وهي تراقب دم سراج ينسكب ببطىء من جبهته، وبدى أن وقوفها كالتمثال تتأمل حالته ثم ركوضها إليه بتهور تمسح وجهه لم يعجب المسخ الذي وضع كفه على فمه سامعًا حروفها التالية:

"يا إلهي، حذرتكَ بأن تكونَ معي، نبهتكَ مرارًا في الأنحياز وراء مشاعركَ ناحيتي، لماذا عدتَ يا سي-چي؟ أخبرتكَ بألا تعود، أمرتكَ بأن تهرب بعيدًا عني وعن المكان كله، قلت لكَ بأنني مع رجلٍ خطير، لماذا تغابيتَ؟ لما أخترتني؟"

لهث سي-چي بإرهاق، ثم بصق دم على جانبه الأيسر قائًلا بأعين مُتعبة:

"لم.. لم أستطع ترككِ."

صرت أسنانها وبدأت تبكي وكأنها من تعرض للتعذيب، كان الشخص الوحيد الذي لم يؤذيها، رجل لن يفديها بحياته لكنه وفيّ جدًا لها، شابًا لن يضربها، ولن يجبرها على إقامة علاقة جسدية معه، لا يملك المال ولا النفوذ ولا السلطة، مُجرد تابع لراقصة متعرية لا أكثر، وبرغم ذلك أستحق أن تحزن على حاله، أرادت قول المزيد، شتمه، طرده من المكان وحتى التوسل إلى چون سانتيغو كيلا يؤذيه.. وهنا تذكرت وغدها بعدما طرق ناقوس الخطر في مؤخرة عقلها تحلل الموقف الذي كانت فيه، وتمنت أن تنشق الأرض مُبتلعة إياها أو أن تستيقظ لتجد نفسها في كابوس مرير، لكن ليس كل ما يتمناه المرء يجده، فدارت رأسها ببطىءٍ ناحيته، وهنا وأنتهت اللعبة.

رأت في عينيه الكثير من الأذى المُبرر والغير مُبرر لها، نظر لها بكراهية مُطلقة وإشمئزاز قبل أن يتجه لها ساحبًا إياها من شعرها يجبرها على الوقوف، ثم بدأ يُقبل عنقها بهوسٍ تام ويداه تتحسسانها يضمها لصدره وكأنه ستختفي بأي لحظة، كان رجل فاقدًا للعقلية، مجنون، غير متزن، وربما منتشي أيضًا، عرفت بأنه سيؤذيها، سيريها وجه جديد لم تراه سابقًا وهذا جعلها تبكي بين ذراعيه بقلة حيلة.

كان كثير لتستطيع إحتماله، حقًا كثير، ويده التي كانت تتحسسانها بمنتهى الهوس، وفمه الذي قبل عنقها أمام صرخات سي-چي كان يشعل بها مشاعر جديدة، نيران مُلتهبة من القهرة لم تصل إليها من قبل بينما يسحبها واضعًا إياها بمنتهى اللين على الفراشِ وعيناه تمران عليها يجردها من ثيابها في عقله، يده الرقيقة معها لم تتناسب أبدًا مع عينيه التي رغبت في رؤيتها ميتة، ففي النهاية چون سانتيغو رجلًا سيفديها بحياته، كان آية من الجمال المُطلق والنفوذ والسلطة والمال، عشقها بل هوس بها، جن جنونه فقط من مجرد إشتمام أنفاسها، لكنه كان خطيرًا، ألعن شيطانًا إنسيًا قابلته في حياتها وما أرهق عقلها بأنه حقًا يستطيع أن يكون أسوء.

جسده العريض حجب عن سي-چي رؤيتها بينما يدس سبابته في فمها يتحسس أسنانها بعينين مُظلمتين:

"هذه هي هديتكِ الآولى يا سيڤار، حيوانكِ الأليف والذي ظل ينبح ورائكِ.."

صر أسنانه ضاغطًا على أسنانها بقوة، فتآوهت أمام قوله التالي:

"بمجرد رؤيته لعاهرتي كلارا، نبح لها على الفور بأعمقِ أسراركِ.."

"أنتَ كاذب، تقول هذا لأكرهه."

لم يكن ليكذب أبدًا، چون سانتيغو رجل طالح مجد الحق غير عابئًا بأي توابع للسانه، لم يكذب عليها من قبلٍ سوى بإنكار مشاعره ناحيتها لذا أن تتهمه بالكذب لأجل جرذ لا يسوى بنس نكلة كان نقطة سوداء جدًا خُزنت في دفترها الأسود والذي سيحاسبها عليه لاحقًا.

"قالت بأنها ستساعدكِ على الهروب."

أمام إجابة سراج الخافتة أنزلت رأسها بمرارة، كان كثير، حقًا كثير لتستطيع إحتماله، وبرغم أن چون سبب ألمها في الدنيا، فإنها لم تجد أفضل منه للأستناد عليه، فوضعت رأسها على صدره الحجري مما سبب بداخله إنفجارات مُتتالية في مشاعرهِ لم يفهمها، كان غاضبًا حد الجحيم، مشمئز منها ومن نفسه معها، لكنهُ لم يستطع منع يديه من تلمس شعرها يسند رأسها يقربها منه، لم تكن لمسته لينة ولم تكن بنفس الوقت قاسية، لكنها كانت كافية، بل وأكثر من كافية.

إزداد ثقل رأسها مما جعله يجعد حاجبه محاولًا رؤية وجهها وحينما رآها فاقدة للوعي، صر أسنانه بغضبٍ، تبًا لي.

_______________
________

ضياعٌ تام هذا ما وصف حالها بينما تركض بإنقطاعٍ في شوارع ضيقة، تشابهت في ظلامها وهيئتها وبرغم ذلك ظلت تركض في العتمة وكأنها تهرب من وحشٍ كاسرٍ يطاردها، ظلت تهرب كثيرًا من الكيان الذي ظنته چون سانتيغو، حتى وصلت إلى ممرٍ ضيق، مُغلق، لا سبيل فيه سوى بمواجهة مسخها، لكنها حينما ألتفتت عازمة على محاربته، صدمت برؤية نفسها في المرأة التي سرعان ما تحطمت تزامنًا مع إنتفاضها على الفراش بهلعٍ.

تصاعدت أنفاسها وراحت تتحسس وجهها وشعرها، فإنعكاسها في الحلم حمل شعر طويل أمتلكته في الماضي وكأنما كانت تنظر إلى شخصها القديم، لم تفهم سبب ركوضها المستمر في كوابيسها، لكنها كانت مرهقة حقًا لتفكر في شيءٍ ما الآن، فراحت تتحسس الغرفة بأبصارها وهذه المرة كانت في غرفة جديدة، ليست ملكًا لديفيد ولا تنتمي لجناح چون، غرفتها حملت نفس الفراش الناعم الذي أُعجبت به بالسابق مما جعل جسدها مدفون وسط نعومة لم ترغب أبدًا في مغادرتها، وبرغم المحاليل الطبية والمعقمات التي ملئت الغرفة بسبب رائحة جسمها إلا أن هناك رائحة حلوة في المكان أيضًا وكأنها في مصنعِ حلوى، غرفة بسيطة وبنفس الوقت قيمة كانت تناسبها تمامًا وكأن الوغد جهزها لها مُسبقًا قبيل أكتشافه لحقيقتها، فحتى لو لم يكن ديفيد هنا، چون لم يكن ليتقبل نومها في مكانٍ أنتمى لرجلٍ آخر.

عاد عقلها يعمل مما أشعل بداخلها نكهة جديدة من الرعب، إختفاءه الآن ما هو إلا تصريح رسميّ بمنحها وقت للشفاء قبيل إرتكابه لذنبٍ لن تغفره له وتكاد تجزم بأنه أيضًا لن يغفره لنفسه، المنطق الوحيد كان هروبها، أرادت حقًا الرحيل ولم تعد تهتم لأي شيءٍ قد تتركه وراءها حتى ولو كان سي-چي نفسه، فلتقل عنها أنانية، أو سافلة، لمْ تعد تهتم، حقًا سأمت هذه المرة.

أنتزعت المحاليل الطبية من يدها بغير خبرة وصدمت من الدم الذي إنفجر من وريدها، لكنها سرعان ما تداركت الموقف وأغلقت موضع نزيفها لكن الأوان فات بالفعل لتهتم بالأغطية البيضاء الحريرية التي لوثتها، عقلها ردد كلمة واحدة، هروب، رحيل، إختفاء، كلها كانت تعاريف لرغبة واحدة لذا تحاملت خمول جسمها وراحت للباب وبعدما رفض المِقبض أن يُدير تراجعت بهلعٍ تام.

كانت خائفة مهما أدعت الصمود، صفعاته المُتكررة وحبسه وإطلاقه للنار عليها، قتله لكل من حضر حفلاتها وتعذيبه لمن لامس روحها، كلها أشياء لم ترضه بعد، لم تمتص نيران غضبه على النقيض تمامًا، لن يسامحها أبدًا على هذا، لن يتجاوز مُطلقًا فعلتها تلكَ، ستظل كالرقعة السوداء التي لطخت الكتاب كله.

لوهلة فكرت في الإستسلام، أن تتوقف عن محاربته وتمنحه ما بين قدميها قبل أن يقتحمها هو بطريقته التي بدت بشعة جدًا لكبحهِ لنفسه كل هذه المدة، ما فائدة الحرب إن لم يكن لديها سلاح؟ خسرت بطاقتها الرابحة بعدما إنتهت عقدة ذنبها ولم يعد يهتم بأي شيءٍ سوى الحصول عليها، لكنهُ تناقض في عدم إكتراثه لموتها أسفله وبنفس الوقت عدم تحمله لرؤيتها راكدة هكذا.. هذا ما تأكدت منه ولم تفهمه أيضًا.

درات عيناها في الغرفة تبحث عن مهربٍ، مما تسبب في ملاحظتها لكاميرا المراقبة التي وضعها الوغد في زاوية كشفت الغرفة كلها، فرفعت إصبعها الأوسط، تبًا لكَ أيها المتوحش المريض، هل يعجبك هذه ها؟ تحب أن تراني ضائعة؟ إذًا أستمتع بإصبعي جيدًا.

وضعت كفها على بطنها بألمٍ فجأة، ثم سارت جالسة على الفراش تدفن وجهها بين كفيها، فكرت في تحريرِ سي-چي لكن كيف تفعل ذلك وهي نفسها في ذات القفص، ظلت هكذا غارقة في التفكير حتى سمعت المفتاح يدار بالخارج معلنًا عن حضوره، فأنكمشت على نفسها وظلت عيناها معلقة بالأرض، بينما سار ناحيتها ببطىءٍ وكأنه يملك الوقت كله، وبعدما وقف أمامها بأعين مُشمئزة وكارهه، تجعد حاجباه جراء رؤيته لبقعة الدم الكبيرة نسبيًا على الفراشِ، وسرعان ما فهم سببها بعدما لاحظ إلتهاب موضع المحاليل في كفها مما سيوحي بإمتلاكها كدمة كبيرة هناك.

لم يفهم لما ظل مهتمًا بها، ورؤيته للدم المتجلط على كفها ألهب شعور في صدره لم يعجبه، رغب في قتلها، سحقها، بات يشمئز من فكرة لمسها، وبنفس الوقت أثارته جدًا، منحته شعور متناقض رغب لو ينهيه بقتلها، لكن موتها كان موته أيضًا.

"أنظري لي."

أمرها بهدوء، لكنها لم تستطع رفع رأسها لمناظرته فأرتجف كفه يحاول منع شياطينه عنها، أراد تحطيم كل ذرة في جسدها، فكرة أنها رقصت لغيره بمثل هذه الثياب الفاضحة كانت تثير جنونه، أكثر بقعة مظلمة في حياته، زم شفتيه بعدما نال ما أراد من إنعدام تنفيذها لأمره، وكاد يتحرك بتعنيفها وسحقها لمئة قطعة، لكنها رفعت رأسها ببطىءٍ، وحينما وقعت عيناها في عينيه، ظهر الترقب على وجهها تنتظر منه فعلٍ مؤذي، الوغد ناظرها برغبة شديدة في الأذية، لا تظن أبدًا بأنها رأته يناظرها هكذا من قبلٍ.

كان يعريها بأبصاره وكأنها عاهرة رخيصة جاهزة لأستقباله، فضمت قدميها بشدة وإنكمش جسدها وكأنها تحمي نفسها منه، مما سبب إزدياد نظراته المشمئزة قائلًا:

"لا تخافي يا سيڤار، فإني أقرف من لمس عاهرة قذرة مثلكِ، كلارا، وكل امرأة دخلت فراشي كانت أشرف منكِ."

حسنًا هذا حطم قلبها، لولا نبرته المُغلظة بالقوة لسمع حقًا صوت عضلتها التي تحطمت وتناثرت أسفل قدميها، كانت بالنهاية شريفة، لم يمسسها سوى زوجها، حافظت على نفسها جيدًا حتى ولو رقصت لغيره، صرت أسنانها بنظراتٍ متألمة، فزاد إسوداد عيناه عليها، كرهها هذه المرة، لم يعد يحبها.

كرهت نفسها لأنها أرادت أن تبكي، علاقتها مع ذلكَ النرجسيّ الذي خرب حياتها ولامها لاحقًا على توابع أفعاله كانت مُثيرة للشفقة، حاولت منع نفسها من البكاء رغم دموعها المنسكبة على طولِ وجنتيها، وكلما حاولت كبح غصتها، فإن أنفاسها تهتاج أكثر معلنةً عن شهقة مثيرة لخيبة الأمل، واحدة تلو الآخرى، ظنت نفسها قوية ورسمت صورة مثالية لخطتها الإنتقامية، لكنها شعرت بالغباء المطلق وهي تفشل فشلًا ذريعًا، وما كانت خطتها تلك إلا خطوة كبيرة هرولت فيها فقط لتدخل قفصه.. وها هي تفشل مجددًا بخطوة صغيرة جدًا وهي منع بكاءها.

كان يراقب دموعها وشهقاتها ووجهها المُتعب بتتبع متلذذ لحالتها المثيرة للشفقة تلكَ، أستحقت أسوء مما هي فيه، علم بأن كلماته تلكَ بالنسبةِ لها أبشع من صفعة سينزل بها على وجهها وبرغم ذلك، عرف أيضًا بأن لطم بشرتها كان يثير جنونها ولذلك تعهد بينه وبين نفسه قديمًا بألا يفعلها.

هكذا ظلت تبكي بشهقات مكتومة كالطفل المُعنف، وظل يناظرها بأعين مُظلمة حتى سألها بنبرة من حنجرة الشيطان:

"لمن تعملين يا سيڤار؟"

لم تجيب سؤاله الذي بدى غبيًا، لأنه يعرف جيدًا أنها لن تخونه بمثل هذه الطريقة وبرغم ذلك صفعها على وجنتها متسببًا بسقوطها على جانبها الأيمن، فدفنت وجهها في الغطاء وصرخت صرخة مكتومة متمسكة بالفراش بأظافرها، تبًا لي كرهت ضربته، كرهت تلكَ الصفعة أكثر من الرصاصة في بطنها، وما كرهته أكثر معرفتها بأنه ضربها لأن رجل ميت رآى جزءًا منها.

شهقت حينما سحب قدميها بشدة مفرقهما، ثم دخل بينهما عنوة مما سبب إلتماسهما بشكلٍ حميميّ واقفًا أمام جانب الفراش، ثم رفعها من شعرها يتأمل وجهها المتورم بلا كلمة.. بمنتهى السادية والتملك والإنتقام بينما تناظره بكره، إشمئزاز، تقزز، تعب، خمول، سُكر.

"على جثتي أن تلمسني هذه المرة يابن العاهرة."

يتبع..

متقلقوش.. لكل فعل رد فعل مساوي له في المقدار ومعاكس له في الإتجاه... المهم بحبكم كتير ومهتمة أعرف رأيكم...
تصبحون على خير بلقاكم قريبًا..
دمتم سالمين وكل عام وانتوا بخير.♥️

Bạn đang đọc truyện trên: AzTruyen.Top