2
Start
"استيقظتي ؟"
سولار انتفضت بفزع بسبب صوت والدتها التي ظهرت من اللامكان فتنهدت و أومأت إليها بينما تقترب من المطبخ
"حضّرت حساء الثمالة من أجلك"
والدتها دخلت إلي المطبخ هي الأخري لترفع الغطاء عن صحن الحساء فجلست سولار تتناوله بهدوء
" لماذا شربتي إذا لن تتحملي هكذا؟"
مسحت علي شعر ابنتها بلطف لتضم سولار شفتيها بإحراج بينما تبتلع ما بفمها
"فقط... زملائنا أصروا علي ذلك و أنا لم أتمكن من الرفض"
"جونميون هو من أعادك إلي المنزل"
رفعت عينيها نحو والدتها لتُكمل الأخري
"كان قلقاً لأنكِ فقدتي الوعي لذا أعادك إلي هنا سريعاً و أراد أن يطلب طبيباً لأجلك لكنني منعته... أعتقد أن موقفك محرج"
أنهت حديثها بقهقهة خافته فتنهدت سولار و هزت رأسها إلي الجانبين
" و ما المُحرج في أنني لا أتحمل الكحول؟"
"أنكِ وافقتي علي شُربها منذ البداية؟ "
أجابتها بنبرة ساخره لتُغلق سولار عينيها بإحراج
" لا تنسي الإطمئنان علي هانييل "
" ما بها هانييل؟ "
تركت ما بيدها تنظر إلي والدتها بفزع فرفعت الأخري كتفيها بعدم معرفة
"لا أعلم... جونميون بدا قلقاً عليها و غادر البارحة سريعاً لأنه تركها هناك وحدها أو شيئ من هذا القبيل"
همهمت سولار بعبوس و أخفضت عينيها تنظر إلي الحساء بشرود
_____________
نائمة بهدوء و ابتسامة متسعة ترتسم علي شفتيها تدل علي ما تحصل عليه من حلم لطيف لكنها سرعان ما انتفضت من نومها مفزوعة حين شعرت بصفعة قوية تحط علي وجنتها لتستقيم علي السرير و هي تتلفت حولها بفزع
" تبدين غبية"
زوجة أخيها هزت رأسها ساخرة منها لتعقد سويون حاجبيها و أخفضت عينيها تنظر إلي ميني ابن أخيها و الذي كان يبتسم بسخرية يتخذ وضعية مشابهة إلي خاصة والدته حيث يضم ذراعيه إلي صدره و إحدي قدميه تضرب الأرض
" يجب أن تُعلمي طفلك كيف يحترم الكبار"
مسدت وجنتها بنعاس و لازالت تشعر بأنامل الصغير تلتصق بها فشخرت زوجة أخيها ساخرة
" طفلي محترم لكنه يكره المقرفين أمثالك"
تجاهلتها سويون و سحبت هاتفها من فوق الطاولة لتسير بخطوات ثقيلة متجهة إلي الحمام فاستوقفتها الأخري بصراخ غاضب
" فقط غادري هذا المنزل فرؤية وجهك تثير اشمئزازي"
و بقوة صفعت سويون باب الحمام كإجابة علي كلمات زوجة أخيها لتتكئ عليه من الخلف بعبوس بينما تمسح علي وجهها بعشوائية
" سوف أغادره يوماً ما و لن أعود"
تمتمت و تقدمت من الحوض كي تغتسل بينما هاتفها وضعته جانباً لتفتح الموسيقي بجانبها بصوتٍ عالٍ تتجاهل بها صراخ زوجة أخيها من الخارج
و بالطبع والدتها ليست بالمنزل لتري أنها هنا الضحية و ليس ابن أخيها أو زوجته
__________
حول طاولة الطعام كان سون هون يجلس مُترأساً الطاولة و علي يمينه كانت هانييل تجلس علي كُرسي تتناول الحساء بهدوء و عبوس يرتسم علي شفتيها
كلاهما كان هادئاً و بين فينة و أخري سيسترق أحدهما النظر نحو الآخر بخجل إلي أن تنهد سون هون
" أنا حقاً آسف... لم أعرف أن هناك من سيُزعجك هكذا"
ترك ملعقته جانباً فالتفتت إليه هانييل ثم أعادت نظراتها إلي الحساء لتترك ملعقتها هي الأخري
" ليس و كأنك من أجبرتني علي الشُرب، أيضاً أنت أتيت في الوقت المُناسب للبحث عني"
استندت بمرفقها فوق الطاولة لتميل برأسها فوق كفها بينما تنظر إلي والدها فابتسم سون هون
"أعتقد أن الملاهي الليلية لا تليق بكِ حقاً"
أومأت بحركة سريعه لتتوقف فجأة عن هز رأسها حين داهمتها ذكري لشاب وسيم يُقبّلها بحمامات النساء فتجعدت ملامحها ببكاء مُزيف
"لقد كانت مرتي الأولي"
ألقت برأسها فوق الطاولة تُصدر صوتاً عالياً ببكاء كاذب فرفع سون هون كفه يمسح علي شعرها بلطف
" لا بأس صغيرتي، صدقيني لن أدفعك مرة أخرى للذهاب إلي مكان لا تُريدينه"
رفعت رأسها تنظر إليه بأعين لامعة و فرقت بين شفتيها رغبة في إخباره عن تلك القُبلة لكنها عادت تُلقي برأسها فوق الطاولة حين فشلت بنطق أي حرف فهذا مُحرج بالنسبة إليها
____________
" كاي "
انتحبت بعبوس و هو همهم يستمع إلي صوتها علي الجانب الآخر من الهاتف بينما يده امتدت تُشير إلي زوجته علي الماء فاستقامت بجذعها قليلاً تملأ كوب الماء لأجله و من ثم ناولته إياه
" أنا حقاً لم أقصد فعل ذلك.. فقط أردت الحصول علي طفل منك حبيبي و أعرف أنك لن تقبل بهذا و أنت بوعيك"
همهم و وضع الكوب جانباً بينما نظرات زوجته الهادئة كانت تُراقبه و لم يخفي عنها الموضوع الأساسي لهذا الحديث فصوت هايون كان عالياً بالفعل
"لنتحدث عن هذا لاحقاً "
" أنت لست غاضباً مني، أليس كذلك؟ هل ستتركني بسبب ما فعلته؟ "
شهقت باكية ليتنهد
"بالطبع لا حبيبتي... لكن أتمني أن لا يتكرر هذا مرة أخرى"
"حسناً... هل سنلتقي اليوم؟"
"لا أعرف، إذا انتهي عملي باكراً سأتصل بكِ"
"إلي اللقاء إذاً حبيبي "
" إلي اللقاء"
ختم حديثه بقبلة ليُغلق الهاتف بإبتسامة بينما زوجته رفعت حاجبيها بتفاجؤ
"لم هايون ترغب بإنجاب طفل منك فجأة؟ "
رفع المنديل يمسح علي شفتيه بلطف ثم وقف من مكانه ليميل نحوها مُقبّلاً جبينها بينما يهمس بخفوت
" ربما لأنها تُحبني "
رفعت طرف شفتيها ساخرة حين غادر المنزل دون إضافة حرف آخر لتهز رأسها إلي الجانبين
"أحمق"
قاد جونغ إن سيارته نحو الشركة و بإستمتاع أنامله كانت تضرب المقود بينما يهز رأسه مع النغمة التي تتسبب بها تلك الحركة حتي توقف أمام الشركة لينظر إلي ساعته بإبتسامة مُتسعة
"في الموعد"
و نعم هو كان فخوراً لأنه بالرغم من سهره الليلة الماضيه و ثمالته القوية إلا أنه حضر إلى الشركة اليوم في الموعد المُحدد
استقل المصعد ليضغط الزر حيث الطابق المتواجد به مكتبه و حين دلف إلي هناك اندفع نحوه رافي بإنزعاج ليسحبه بعيداً عن الآخرين حيث كان المكتب مُشترك لذا لا يُمكنه التحدث علي راحته
" أعطني سبباً واحداً لا يجعلني أقتلك"
"لقد أتيت في موعدي"
رفع كتفيه بلا مُبالاة يُجيبه ببرود فصرخ الآخر بصوتٍ مكتوم و هو يسحب شعره بغيظ تحت نظرات جونغ إن الهادئه
" أنت لم تتحدث مع ابنة جدك المُتبناة"
"تقصد عشيقته"
جونغ إن صحح له بما مُقتنع به هو فضغط الآخر جفنيه سوياً بقوة يحاول تمالك أعصابه
" أياً يكن كاي... أنت لم تتحدث معها و فوق ذلك كنت تتحرش بإمرأة لا نعرفها... ماذا لو كانت تحمل الأمراض؟ هل سيكون هذا جيداً لك؟ هايون إذا علمت بأنك كنت مع امرأة أخري صدقني هي ستقتلك و تقتل تلك المرأة حتي و إن كانت مجرد عاهرة و هذا عملها الطبيعي، بالطبع أنا لست قلقاً علي مشاعر هايون أنا فقط قلق أن تقتلك أنت و تلك المرأة لكنني حقاً لا أهتم لها.. هل تعلم أنها تضع لك شيئاً مؤخراً كي تجعلك تفقد وعيك و تقوم معها بعلاقة دون أخذ احتياطاتك، هي تريد الحصول علي طفل منك رغم أنك حذرتها سابقاً من أنك لا تُريد ذلك علي الأقل في الوقت الحالي ... و جدك؟ جدك كان بالملهي و ربما أتي لأنه علم سبب ذهابك إلي الملهي و تعرف انه لن يُعجبه كونك أردت الضغط عليه عن طريق ابنـ... أقصد عشيقته أو أياً كانت تلك الفتاة، اصفعني أو افعل شيئاً ما فمي لا يتوقف عن الحديث و... "
جونغ إن صفعه بقوة ليتوقف عن الحديث يلتقط أنفاسه بينما يُحرك عينيه في الأرجاء
" المُدير طلب رؤية كلينا و هذا سيئ"
جونغ إن همهم و أدرك للتو سبب توتر صديقه فأشار إليه بالخروج ليخرج كلاهما من هناك
" بخصوص هايون أنا لم أكن سأتحدث عنها لكن بما أنني فقدت السيطرة علي لساني فيجب أن تأخذ حذرك لأنها..."
"أعلم ،لقد أخبرتني بالأمر هذا الصباح و أعتقد أن هذا حقها "
جونغ إن قاطعه بهدوء ليتوقف كلاهما أمام سكرتيرة المُدير و انتظرا حتي أذنت لهما بالدخول بينما رافي ضم شفتيه بغيظ من هايون
_____________
الأصدقاء الأربعة التفوا حول طاولة بالمقهي الذي اعتادوا ارتياده سوياً خاصة أيام اجازتهم
هانييل كانت تتناول عصيرها بتوتر من نظرات أصدقائها و بإمكانها رؤية ابتسامة سولار المُتسعة و صراخ سويون المكتوم و التي تكبح نفسها عن الصراخ بصوت عالٍ الآن
" لطيف"
"مُثير"
كلتيهما علقتا علي ما سردته هانييل للتو فابتلعت ريقها بخجل ليضرب جونميون الطاولة بحنق
"لا ليس كذلك"
سولار تلاشت ابتسامتها و هي ترمقه بنظرة جانبية لتتنهد بينما تعود بظهرها إلي الخلف في حين قلبت سويون عينيها بملل
" هانييل إنه شخص قام بتقبيلك بملهي ليلي و في حمام النساء لذا بالطبع هو ليس سوي منحرف لذا لا تُفكري به كثيراً"
"إذا كانت مُعجبة به فلتتركها و شأنها... أنت فقط غيور"
سويون نبست بحنق و ألقت حقيبتها نحو جونميون بإنزعاج فالتقطها سريعاً ليُكشر ملامحه بوجهها مُغيظاً إياها
" لدي موعد مع هيونسوك لذا سأغادر "
وقفت من مكانها لتميل نحو جونميون تحمل حقيبتها منه فلوح لها بسخرية لتُخرج له لسانها بينما تلتفت لتُغادر
" لدي موعد أنا أيضاً"
سولار همست بهدوء و وقفت من مكانها ليستقيم جونميون بجذعه و هو يُراقبها بينما هانييل رفعت حاحبيها بتفاجؤ
" مع من؟ "
" اااه، إنها ابنة صديقة والدتي سوف أساعدها بشراء بعض الروايات"
همهمت هانييل بتفهم فغادرت سولار بينما جونميون استدار نحو هانييل بمجرد أن غادرت سولار المقهي
" سوهو"
همهم لها فتنهدت
"سولار تري هذا لطيف لأنه يُشبه الروايات، و سويون تري هذا مُثيراً لأنني فقدت قُبلتي الأولي مع شاب وسيم و بملهي ليلي أيضاً "
أنهت حديثها بإحراج لتبتلع ريقها بخجل
"أنا لا أعرف... أعني أنا لا أري ذلك لطيفاً أو مُثيراً بأي شكل لكن بالوقت ذاته لا يُمكنني التوقف عن التفكير بالأمر و كلما فعلت أشعر بقلبي ينبض بطريقة غير مألوفة و كأنني... "
توقفت عن الحديث تُعيد شعرها خلف أذنها فرفع حاجبيه بينما يُكمل حديثها بنبرة مُتسائلة
" و كأنكِ مُعجبة به؟ "
عينيها اتسعتا بتفاجؤ لكنها سرعان ما أومأت و هي تعض علي شفتها السُفلي بخجل
" كانت قُبلتك الأولي و هو كان وسيماً كما تقولين، كذلك حين تقبيله لكِ هو لم يفعل ذلك دون إرادتك لذا بالطبع لن تنفري عنه و ربما هذا سبب إعجابك به..."
مد يده نحو يدها يُربت عليها بلطف هامساً
"هذه قد تكون مشاعر طبيعية ناتجة عن قُبلتك الأولي و ربما يكون إعجاب حقيقي لكن ما يهم هو أن لا تثقي بهكذا شخص و لا تنجرفي خلف أمور الرجال و المواعدات هذه كي لا تُصبحي مدمنة مثل سويون "
قهقه نهاية حديثه و هو يُبعثر شعرها لتبتسم هي الأخري لكنها سرعان ما كشرت ملامحها حين فعل هو الآخر
" و ذاك الفتي صديق هيونسوك إذا فكر بمضايقتك مرة أخرى لا تترددي هذه المرة بتقديمه للشرطة.. إنه متحرش و ربما يفتعل بك شيئاً، لا أعلم لو لم أكن متواجد البارحة فماذا كان سيفعل بسولار و بكِ"
"لا أشعر بالراحة لهيونسوك و رفاقه جميعاً سواء كانوا فتيات أو شباب في الواقع لذا أنا قلقة حقاً علي سويون "
قهقه جونميون بصوت مكتوم ليهز رأسه
" سويون ستتخلص منه اليوم أو غداً لذا لا تقلقي بشأنها كما أنها تعرف كيف تتعامل مع هكذا أشخاص لكن أنتِ و سولار بريئتان كفاية ليتم استغلالكما "
أومأت إليه بتفهم ليقف كلاهما بعدها كي يُغادرا المقهي
" أوصلك؟ "
هتفت بتساؤل فهز رأسه بالنفي لتصعد إلي سيارتها بينما هو وضع يديه بجيوب بنطاله ليتنهد يسير بخطوات بطيئة بأعين تنظر إلي السماء بإبتسامة
" سولار؟ "
رفع حاجبيه بتفاجؤ حين لمحها من بعيد تقف أمام السور المُطل علي النهر فأخرج يديه من جيوب بنطاله بينما ينظر يميناً و يساراً يتأكد من خلو الطريق من السيارات قبل أن يعبر الطريق مُتجهاً إليها
"ألم تقولي أن لديكِ موعد؟"
انتفضت بفزع و التفتت إليه لتتنهد براحة حين رؤيته ثم عقدت يديها خلف ظهرها بإحراج
"لم يكن هناك موعد؟"
هزت رأسها بالنفي و تقدم ليقف بجانبها مُستنداً بيديه علي السور لتلتفت هي الأخري تفعل المثل
"ظننت أنه ربما أنت و هانييل ترغبان ببعض الوقت وحدكما "
حرك عينيه نحوها ينظر إليها للحظات بعدم فهم بينما يرفع كتفيه و يُخفضهما بحركة سريعه
"لم يكن هناك ما نتحدث عنه سوي ذاك المدعو كاي"
"لم أنت مُنزعج منه؟"
ضم شفتيه بتفكير فأمالت برأسها نحوه بفضول
"لست منزعجاً منه لكنني قلق علي هانييل... بعد كل شيئ إنه شخص تعرفت عليه بمكان غير مناسب"
"هل بالصدفة أنت..."
همست بتردد ليلتفت إليها بإبتسامة خفيفه فابتسمت بالمُقابل لتهز رأسها بالنفي
"انسي الأمر، لا شيئ مهم "
رفع كتفيه بلا مبالاة يومئ موافقاً إياها ثم أعاد نظره إلي النهر أمامه بإبتسامة
النظر إلي السماء، المياه أو أي رمز من رموز الطبيعة يكون مُريحاً بالنسبة لي "
هتف و ابتسامته اتسعت أكثر لترمقه سولار بنظرة جانبيه
" مريحة مثلك تماماً"
همسه الخافت كان أشبه بعدم الحديث لذا سولار لم تكن واثقة مما سمعته مما جعلها تلتزم الصمت و اكتفت بتحريك نظراتها بعيداً عنه كي لا يُلاحظ توترها
__________
مساءً بمنزل جونغ إن حيث كان يجلس خلف مكتبه يعمل علي بعض الأوراق إلي أن قاطعه دخول زوجته
" لدي عشاء عمل لذا يمكنك أن تتناول العشاء بمفردك اليوم"
همهم دون أن يرفع رأسه نحوها فزفرت بحنق و اقتربت منه تخلع نظارات القراءة خاصته فعقد حاجبيه و رفع نظراته إليها
"ما الأمر يونا ؟"
"سوف أغادر الآن سأتركك و أنت تعمل و أعود لأجدك تعمل أو حتي نائم بمفردك.. تفهمني صحيح؟ "
رفعت حاجبيها بصرامة فهمهم إليها بلا مُبالاة و هو يسحب النظارة منها ليرتديها مرة أخرى
" لست مُتفرغاً بأي شكل لذا لن أجلب هايون لتقوم بتعطيلي"
"لا يهم، فقط أردت تحذيرك لربما فكرت في جلبها إلي هنا أثناء غيابي و يبدأ الجيران بالثرثرة حول الأمر "
" حسناً فهمت، يُمكنك المغادرة"
أشار نحو الباب بعدم اهتمام ليضع الملف الذي بين يديه جانباً و سحب ملفاً آخر فغادرت يونا ليرفع عينيه نحوها يراها و هي تُغلق الباب ثم أعاد عينيه نحو الأوراق أمامه ليتنهد
" من أين سيأتي الوقت لهايون بجانب هذه الملفات "
تمتم بحنق ليرفع كفه يُمسد جبينه بإنزعاج ثم أمال بجذعه نحو طاولة المكتب يستأنف عمله
______________
"يوم الإثنين، إنه يوم الموسيقي"
الشاب متوسط القامة ابتسم و هو يقترب من الصف حين سمع صراخ الأطفال و حماسهم نحو الموسيقي و التي يُحبونها فقط بسبب المعلم اللطيف خاصتهم
دلف إلي الصف ليتوقفوا عن الصراخ و بإحترام انحنوا إليه ليُلاحظ ابتسامتهم التي يكبحونها بصعوبة فابتسم و أشار إليهم بالجلوس ليركض كل منهم خلف آلته الخاصة
"هل قضيتم وقتاً مُمتعاً بنهاية الأسبوع؟"
"نعم"
أجابوه بحماس ليضحك بخفه ثم أومأ بتفهم و اقترب ليجلس علي أحد المقاعد ساحباً القيثارة نحوه ليضعها فوق فخذه بينما يتخذ وضعية مناسبه
"معلم كيونغ... ألن تعزف البيانو اليوم؟"
أحد الطُلاب سأله بإستغراب فهز رأسه بالنفي
"ميني أراد رؤيتي و أنا أعزف علي القيثارة لذا سوف... "
توقف عن الحديث و هو يبحث بعينيه عن المقصود ليعقد حاجبيه
"ألم يأتي اليوم؟"
و هذا كان غريباً لأن حصة الموسيقي لا يتغيب عنها أي طفل لأنه اليوم الوحيد الذي يدرسهم به المعلم كيونغسو
" أنا هنا"
قفز بحماس أمام باب الصف فتنهد كيونغسو و هو ينظر إلي ساعته ثم أشار إلي الصغير علي الساعة
"مُتأخر جداً أستاذ ميني"
زم الصغير شفتيه و حرك عينيه في الأرجاء بعشوائية باحثاً عن كذبة ما فهو لن يُخبر معلمه أنه استيقظ بوقت متأخر لأنه كان يشاهد التلفاز طوال الليل مُستغلاً نوم الكبار
" كنت قادم بوقت باكر لكن عمتي لم تجد هاتفها و ظنت أنه كان معي لذا قامت بضربي و حبسي في غرفتي حتي وجدته... هو كان أسفل سريرها، أقسم أنني لم ألمسه"
بدأ يمسح علي عينيه بعشوائية و هو يبكي بعبوس طفولي لطيف يجعل من أمامه يلين كما حدث مع كيونغسو و لا أحد يُدرك كم هذا الصغير شيطاني فلا أي من ذلك قد حدث
" اووه لا، لا تبكي "
كيونغسو همس بلطف و هو يقترب من الصغير يسحبه إلي حضنه ليربت علي ظهره محاولاً تهدئته فتشبث به الصغير
" لكن من أوصلك إلي المدرسة؟"
دفع الصغير قليلاً كي ينظر إليه ليعبس الآخر هامساً
"إنها عمتي"
"و أين والديك؟ هم يجب أن يعرفوا بما تفعله إليك فهذه ليست المرة الأولي"
ببراءة مُصطنعه الصغير نفي برأسه ليميل كيونغسو برأسه بعدم فهم
"لماذا؟"
"أعرف أن عمتي سيئة لكنني أحبها و أبي إذا علم أنها تضربني بكل يوم و تظل تشتمني أثناء توصيلها لي إلي المدرسة هو سيطردها من المنزل و لن تجد مكاناً لتبقي به "
" أنت لطيف "
بعبوس كيونغسو عاد يحتضن الصغير الذي لم يتوقف عن بكائه المزيف غافلاً عن ابتسامة ذاك الشيطان الجانبية... هو حتماً ليس بطفل
كيونغسو استقام يُمسك بيد الصغير و اقترب من القيثارة يجلس علي المقعد و سحب ميني يجعله يجلس بجانبه بينما يُعطيهم الدرس يجعل من الصغير يُشاهد عزف مُعلمه المُفضّل عن قُرب لعل ذلك يجعله يهدأ.. و ميني كان يستغل ملامحه البريئة ببراعة حتي لم يشك المعلم أو زملائه بأنه قد يكون كاذباً
" المسابقة الوطنيه للموسيقي يبدأ التدريب لها بعد انتهاء الامتحانات مباشرة لذا سيتم اختيار الطلاب لسببين أحدهما مهاراته و الآخر أخلاقه و مستواه الدراسي لذا كونوا جيدين و اهتموا بدراستكم "
كيونغسو كان يتحدث بإبتسامة مُتسعة و هو يُشير إليهم بكلماته بين فينة و أخري يحثهم علي أن يُحسنوا السلوك بينما بعض الأطفال قد لمعت أعينهم منذ ذكر أمر الحفل فهو حلم الكثيرين و علي رأسهم ميني الذي يرغب بجعل مُعلمه فخوراً به
" ميني تعال إلي هنا "
أشار للصغير بالاقتراب ففعل ليميل كيونغسو نحوه يُقبّل رأسه هامساً
" أخبر والديك أنني أريد أن أتحدث مع أحدهما"
"لا بأس بذلك مُعلمي... هم سيضطرون إلي ترك عملهم و تولي أمر توصيلي و أخذي من المدرسة إذا علموا بما تفعله عمتي و أنا لا أريد أن يخسر أي منهما عمله بسببي"
بهدوء مُبالغ الصغير همس بعبوس فتنهد كيونغسو بضيق حزيناً علي ما يحدث للصغير البريئ بنظره و بإحباط هو غادر الصف يتجه إلي صف آخر بعقل شارد كارهاً فكرة أن صغير مثل ميني يتعرض لهذا الكم من الضغط
وقفت سويون أمام المدرسة من الخارج و قدمها تضرب الأرضية بإنزعاج فهي لازالت تمتلك محاضرة و ربما تتأخر بسبب الصغير الذي يُضيع وقتها و كأنه يتقصد ذلك... في الواقع ليس كأنه بل هو يتقصد تضييع وقتها
"اركض قليلاً ميني، سوف أتأخر"
صاحت بعبوس تُشير إلي قدميه لكن الصغير تجاهلها و هو يتحدث مع صديقه الذي شعر بالاحراج من الموقف و انسحب يودع ابن أخيها بينما ينحني إلي سويون بخفه
"اااه صديقك لطيف، انظر كيف ينحني بإحترام "
انتحبت و هي تُراقب ذاك الصغير يركض إلي والدته و بنهاية حديثها هي التفتت نحو ميني لتتلاشي ابتسامتها و هي تري نظراته الباردة التي يرمقها بها
"مسكين لا يعرف بحقيقتكِ القذرة"
تخطاها واضعاً يديه بجيوب بنطاله فعقدت حاجبيها و حركت قدميها سريعاً تلحق به لتسحبه من ياقته كي يعود إلي الخلف
"حقيقتي القذرة؟ هل هذا لفظ حتي تستخدمه مع عمتك؟"
صاحت به بغضب طفيف ليُحرك كيونغسو عينيه نحو تلك الفتاة التي رأها تمسك بطفل صغير من ياقته بتلك الطريقة و حين تعرف علي ذاك الصغير اتسعت عينيه بخفة ليستأذن من المُعلمة زميلته التي تتحدث معه و سار بخطوات واسعه نحو تلك الفتاة و التي خمن أنها عمة ميني لكن حين اقترب منهما هو توقف بمكانه يلتقط أنفاسه بسبب صعودهما إلي سيارة أجرة و مُغادرتهما المكان
"يا إلهي، إنها سيئة"
تمتم بعبوس ليتنهد بعمق ثم عدل نظارته ليسير نحو سيارته بخطوات بطيئة و كأنه لا يرغب بالعودة إلي منزله أبداً
____________
"آنسة سويون"
أغلقت عينيها بقوة تسمع صوت المحاضر الذي التفت نحوها فجأة بعدما كانت تحاول الدخول دون أن يشعر بها فسحبت نفساً عميقاً و اعتدلت تنظر إليه ببراءة
" إلي الخارج"
"لكن أنا..."
قاطعها يُشير نحو الخارج بصرامة فترهلت أكتافها لتستدير بإحباط مُغادرة القاعة
"حبيبتي، سنلتقي اليوم؟"
لم تلتفت نحو هيونسوك الذي اقترب منها حين لمحها من بعيد تخرج من الجامعة و قبل أن يحتضن كتفيها هي ابتعدت عنه بنفور
" لن نلتقي مجدداً، نحن انفصلنا "
"عذراً؟ متي حدث ذلك؟"
قهقه بعدم استيعاب فرفعت معصمها تُشير إلي الساعة
"منذ دقيقة من الآن "
" لكن لماذا؟"
صاح بعدم تصديق فرفعت كتفيها و أخفضتهما بعدم اهتمام قبل أن ترفع أصابعها أمامه الواحد تلو الآخر
"أنت تلتصق بي كالعلكه و هذا مزعج، صديقك كاد يتحرش بصديقتي رغم تحذيري لك من حدوث ذلك، أنت سيئ بالتقبيل و أخيراً أنا بمزاج سيئ "
تركته فاغر الفاه لتُشير إلي سيارة أجرة و غادرت بعدها مُتجهة إلي المنزل بأعين غاضبة و لم تكن أبداً مُستعدة لسخرية الصغير ميني الذي ظهر بوجهها فجأة
" يا إلهي، ليس هذا الوجه الذي أرغب برؤيته الآن "
قلب عينيه بملل بينما يصنع تعابير مُتقززة فانحنت تحمله من ياقة ثيابه و استقامت بعدها تجعل من قدميه لا تُلامسان الأرض
"أنا الآن حقاً غاضبة لذا إذا كنت ترغب بأن تعيش ما تبقي من حياتك في سلام فلتختفي من أمامي الآن "
هسهست من بين أسنانها بحنق غاضبة منه هو أكثر من أي شخص آخر كونه تسبب في تأخيرها عن قصد فعبس الصغير و لمعت عينيه لتلين ملامح سويون و تركته ينزل حين شعرت بأنها تمادت في التعامل معه فهو طفل صغير بعد كل شيئ
" جدتي، عمتي تحاول قتلي "
صرخ ببكاء و هو يركض نحو غرفة جدته فاتسعت أعين سويون حين رأت والدتها تخرج من غُرفتها بخطوات غاضبة و ركضت سريعاً نحو غُرفتها لتوصد الباب من الداخل و اتكأت عليه بظهرها مُتنهدة براحه و بتلقائية هي مسدت مؤخرتها التي نجحت في انقاذها من نعل والدتها... علي الأقل بالوقت الحالي
"مرحباً هانييل"
أجابت علي هاتفها بملل و اقتربت تُلقي بجسدها فوق السرير بإهمال فأتاها صوت هانييل القلق من الجانب الآخر
"سمعت أنه تم طردك من المُحاضرة... ماذا حدث؟"
اعتدلت سويون بجلستها عابسة بأعين لامعة توشك علي البكاء لتهمس
"هذا كان مُحرجاً بحق "
" لم تأخرتي؟ هل حدث شيئ؟"
شهقت سويون باكية و رفعت يدها الأخري تمسح علي وجهها بعشوائية بينما تهمس بعبوس
"إنه ذاك الشيطان الصغير... تسبب في تأخيري "
" و صوت الصراخ هذا يكون..."
نبست هانييل بتردد فرفعت سويون عينيها تنظر إلي الباب الموصد و الذي لم يمنع عنها صوت والدتها العالي فهمهمت
"أمي توبخني من أجله مجدداً... أكره حياتي"
صاحت بإنزعاج و هي تُلقي بجسدها إلي الخلف مرة أخرى فسمعت صوت قهقهة صادره من هانييل
" دعيني أُخمن، هيونسوك كان له نصيب من غضبك"
"لقد انفصلت عنه... إنه ممل و لا يُجيد التقبيل"
هانييل هزت رأسها بيأس من صديقتها و حجتها المُعتادة لكن سرعان ما تأوهت هانييل و وقع منها الغطاء فرفعت سويون حاجبيها بتفاجؤ
"أنتِ بالمنزل؟ هل تطبخين؟"
همهمت هانييل و انحنت تحمل الغطاء الساخن لتضعه جانباً ثم أمسكت الملعقة لتتذوق الطعام
" عدت باكراً لذا أردت تحضير وجبة أبي المُفضلة لعل هذا يُخفف من إرهاقه"
"هل يُمكنني أن أُصبح ابنتك؟ تبنيني رجاءً"
هتفت سويون بدرامية فقهقهت هانييل بخجل لتميل بجذعها قليلاً تنظر من نافذة المطبخ المُطلّة علي غرفة المعيشه
"أبي قد وصل، لنتحدث لاحقاً"
همهمت سويون بتفهم و أغلقت الخط لتتنهد بصوتٍ عالٍ بينما هانييل وضعت هاتفها جانباً لتخرج من المطبخ قائلة
" حضّرت طعاماً لذيذاً لأجلك لذا بدل ثيابك إلي أن..."
توقفت عن حديثها المُتحمس لتقترب من سون هون بقلق و أمسكت بيده تُساعده علي السير
" ما بك أبي؟"
سألته بنبرة ارتجفت فهز رأسه إلي الجانبين ليعض علي شفته السُفلي بألم لكنه قبل أن يصل إلي الأريكة وقع أرضاً فاقداً الوعي لتصرخ هي بفزع
" أبي! "
To be continued....
Bạn đang đọc truyện trên: AzTruyen.Top