الخـطـوة العـاشـرة
______
غيوم تتشكل و تتجمع في السماء لتحجب النور، غيوم تثقل و تهطل ما بها من محمول،غيوم تخجل الظهور حين ترى الشمس ساطعة بقوتها وسط الصيف و نهار الربيع
كل ما يحدث داخلنا من عمليات نراه سابقا على الطبيعة
الغيوم التي تتشكل فوق قلوبنا تحجب ضوء السعادة عنه وقت الحاجة لها،غيوم تهطل بقوة حين تثقل من ما تحمله من هموم،غيوم تخشى الظهور حين يتواجد سبب سعادتنا بالقرب منا تحديداً لقلبنا
إلا أن غيوم قلبي هذه الأيام في حالة عدم إستقرار،إتصل صديقي تشين و أخبرني بكل آسف أنه سيغيب عن الشقة لوقت " غير محدد "
و أنهى مكالمته بنصائحه و التي كان أغلبها بأن علي الحصول على حبيبة تشاركني أوقات وحدتي بل تقضي عليها بتواجدها
لم أستطع منع صوتي من إلقاء الشتائم عليه بالرغم من أنه بحاجة لمن يخفف الحمل عنه،فهو مضطر الآن للسفر فجأة لحضور مراسم وفاة والد خطيبته اليابانية
بقيت شاردًا أناظر السيارات المنطلقة بسرعة على الشارع المقابل للصيدلية بعد أن أغلقتها أنتظر من تأخرت عن موعدنا
" سأغيب عن المنزل لفترة غير محددة "
كانت جملة بسيطة تحمل تفسيرات كبيرة في عقلي تاركًا باب الخيال مفتوحًا لعقلي
تواجدي بالمنزل لوحدي، شبيه بتركي داخل غرفة مليئة بالنحل،كل ما تسمعه هو صوت طنين مزعج مع بعض القرصات الموجعة التي ستحصدها من ثورات إحدى النحلات عليك
إلا أن تكتشف أن ذلك النّحل جزءٌ من أجزائك، أفكارك الداخلية و الباطنية التي تتناوب على التّقافز بين ثنايا دماغك مزعجًا إياك في كل أوقات وحدتك
إنسوا الأمر لن يفهمني سوى من يعاني مثلي
لفت إنتباهي حركة من جهتي اليسار لألتفت أناظر من تأخرت عن موعدنا بنصف ساعة!!
كانت تتقدم نحوي بخطوات بطيئة تفوح بالوقار من حولها، بالرغم من فقرها المادي إلا أن هالتها تعيش حالة رفاهية إذ تشع بالقوة و الهيبة و العز بكل خطوة تخطوها
كانت كالموت في نظري مع كل خطوة تتقدم بها إلي تتوتر ضربات قلبي تتبعثر أنفاسي أفكر في كلماتي التي ستهدأ من موجات غضبها المصاحبة لأعراض إدمانها
الظّلام الذي يغزو ملامحها يذكرني بالظلام المؤبد بعد الموت، و البؤس المتعلق بنظراتها يلفني بخيط ذكرياتٍ حاربتُ طويلًا لإفلاته و فكه عني
وقفت أمامي بعد أن أشرت بيدي لها بالرغم من رؤيتها الواضحه لي أقف بجانب الصيدلية المغلقة
« لم أتوقع قدومك كدت أفقد الأمل بسبب تأخرك »
تجاهلت كلامي تطرق على واجهة الصيدلية
« زجاج إذًا »
تمتمت بخفة كنت قادر على سماعها لأتنهد هازًا رأسي ييأس هي بالتأكيد لا تفكر بكسره للحصول على بعض الحبوب
« دعينا نسير لوجهتنا »
إلتفتت إلي لأنتبه للتو إلى مظهرها الرث المليء بالطين، إلهي هل كانت وسط عاصفة ما!!
أشك بذلك لأن ملامحها مبعثرة، الغضب و الإنزعاج مرسومين وسط عقدة حاجبيها،و الحزن ظاهر في عينيها العنبرية، أليس من المفترض أن يتخذ البرود عناوين ملامح وجهها؟ ألم تكن جنود الغضب لا تتنازل عن مكانها من أعينها؟
تستر جسدها من الأعلى بمعطف رياضي خفيف ذو قبعة تغطي رأسها باللون الأسود،في حين حافظت تنورتها المدرسية على مكانتها عند سيقانها
لم تعد إلى منزلي إذًا
هي لم تعد للمنزل و البرود لم يصل لعينيها للآن غريب!!
« أين حقيبتك المدرسية؟ »
سألت بعد أن لاحظت إختفائها عن فضائها، تفصيل ثقيل كهذا لا يُنسى بسهولة
« تأخذ قسطًا من الراحة »
« أليست مرتاحة دائمًا و نحن نحملها على ظهورنا المقوسة بسبب ثقلها!! »
« لا »
إعتقدت بأنها لن تكمل لذا كُنت أنوي الإستفسار أكثر إلا أنها ضربت تصرفي بالحائط قبل أن يولد حتى بإكمالها الحديث
« كانت مجبرة على التواجد أعلى ظهور ناس لا تطيقها سرعان ما يرموها بتذمر حين يصلون وجهتهم، عكس المكان الذي تركته فيها أنا »
« أين تركتيها؟ »
تسألت بنفاذ صبر لتجيب ببرود حديثها
أعتقد بأن البرود عاد إليها بعد أن كان مفارقًا إياها، ينتابني بعض الفضول حيال أوقات وصوله و مغادرته
هل يغادرها البرود للحظات معينة أم أنها مجرد غفوات يتخذها عن غير قصد؟
« "ضع القمامة في سطل الزبالة"، تمامًا كرمي الحقيبة الكريهة في المدرسة اللعينة »
« أعتقد بأن من باعك الحكمة هذه خدعك لم يعطيكِ إياها كاملة…لحظة بكم إبتعتي حكمتك هذه؟ »
« برصيد خيباتك و أكثر »
إرتجفت من برودة ردها كأرتجاف الأبدان حين يُفرقع بالون بجانبهم فجأة، لأتجاهل ما سمعته و أكمل الطريق بهدوء على أي حال بعض الخطوات و نصل
كنتُ آمل بأن نصل إلى هنا قبل وصول البرود إلى أفعالها و ردودها إلا أني أخفقت فها أنا الآن أرافق جسد خالي من الروح مُجَهز بأسهم ردود باردة تنافس الجليد و حصون عالية تنهر من يحاول تجاوز حدودها بحدة
تذكرت عدم تواجد حقيبتها الأخرى لأسألها مرة أخرى لكن هذه المرة بتفاجىء« حقيبتك الأخرى التي تحوي على ملابسك أين هي؟! »
« في حديقة منزلك الخلفية »
دغدغت إجابتها أطراف بسمتي لتنطلق بخبث و نصر من على صفحات وجهي متمتمًا « هكذا إذًا »
وصلنا وجهتنا لأتنهد براحة في حين صاحت الأخرى بإستغراب زاد من إبتسامتي بالتمدد
« ملهى ؟!! »
« لما لا؟ »
« هل تسخر مني! »
« عقلك ينافس الفستق بصغر حجمه »
سخرت منها و أنا أحاول التمرد لضرب رأسها بأناملي إلا أن أمسكتهم تعيقني عن فعلتي
« يــا! ساعة تمنعني عن إبتياع الحبوب، ثم تعود و تحرمني من النوم خارجًا بحجة الخوف من سرقة أحد الحيوانات المقرفة شرفي، و الآن تأتي بي إلى الملهى إلى أين تود الوصول بالضبط سيد بيون!!»
صرخت و كأنها تقف أعلى جبل وسط مدينة خالية ، إلا أن صدى صوتها لم يصلها كما لو أنها صُمَت للحظة لتكمل حديثها و هي تصرخ بأعلى و أعلى ما لديها محاولًا إيجاد صدى صوتها
و قد قررت أن أوصل صدى صوتها لها بإجابة تدل على سماعي الجيد لها
« أريد الوصول إلى إتفاق ما في مكان يهدأ من روعة أعصابك قليلًا، رُبــمـا »
أنهيت حديثي بعد أن وقعت عيناي وثيقة تبني نظرة بريئة لإقناع رأس الصخر هذه
تنهدت تقلب عيناها بضجر متمتمة
« كنتُ أرغب بالقدوم حقًا لكن دون متطفلين »
لاحظت توًا بأنها تتمتم كثيرًا بينها و بين نفسها متناسيًة بأن هناك من يسمعها، كأنها تقوم بعمل نقاشات داخلها و هذه التمتمات الضائعة هي جمل هاربة من النقاش الداخلي لإستنشاق الهواء خارجًا
« هل تشربين بالعادة »
« أحيانًا »
إجابتها أثارت إستفزازي لأتهجم عليها بالكلام
« هل هناك فعل سيء لم تجربيه بعد! »
« قتلك ،
بالرغم من تأكدي بأنه ليس سيئًا فهو سيخلص البشرية من شخص ثرثار مثلك »
حسنًا هذا جارح بعض الشيء
جلسنا على الكراسي المقابلة للبار بعد أن دخلنا لا أعتقد بأن هناك حاجة لشرح شكل الملهى و ما يعرضه من مظاهر و لقطات إباحية
لكل منا فن في الخيال لذا لن ألوث خيالكم الواسع بشرح ما يتواجد هنا، آسف
« إذًا سأدخل صلب الموضوع دون اللف و الدوران، أملك تقريبًا طابقًا شاغرًا في شقتي يمكنك الحصول عليه و على كل خدماته مجانًا »
صمت لبرهة أناظرها لتسخر مني
« ألست من كارهي اللف و الدوران؟! »
« أوه أجل »
أردفت بتوتر أراقب أعصابها من خلال تجعدات وجهها صعبة القراءة
« آه طبعًا لهذا أردفت بإتفاقك كاملًا »
أكملت سخريتها لأناظرها بجدية ناثرًا حروفي العالقة على شكل جمل سلسة
« إضافة إلى تخليصك من إدمانك هذا »
« من أخبرك أني أود ذلك حتى »
« رائحة الكره تفوح من عيناكِ، عيناكِ الرافضة للذل الذي تتعرضي له مقابل كل حبه تحصلين عليها لتفتح باب جشع عقلك لحبات أخرى تكلفك المزيد من الذل »
ناظرتني بنفاذ أعصاب لتثبت لي أن ما قلته حقيقي لتعيدني إلى أرض الواقع عوضاً عن أرض الأفكار بحديثها « أنطق بما لديك كاملًا! »
« ستلتصقين بي كاللُّبان منذ دخولي المنزل بعد العمل إلى نهاية اليوم، و لن تنتهي مهمتك هنا عليكِ التواجد كل ليلة في غرفتي عند سريري…»
لم أكمل جملتي لأراها تنتفض تود الإنقضاض علي كالأسد حين يهجم على فريسته لأصرخ بسرعة مثبتًا إياها موضحًا سوء الفهم
« لإحتضانك، لإحتضانك فقط
لن نتجاوز الحدود أبدًا فقط ستحتضينيني و أحتضنك فقط لا أكثر، هي إحدى طرق علاجك و و …»
رفعت حاجبها بنفاذ صبر تنتظر مني إكمال الجملة لأتعذر عن ذلك بسحبي كؤوس الفوديكا نحونا مغلقًا فمي كحجة إعطائها الوقت للتفكير
إلا أنها فجأة تغيرت تعابيرها إلى تعابير
خامدة ، شاردة ، غاضبة
أفروديت هي المثال لجملة
" بركان خامد لكن لا يزال مشتعل "
أخرجت محفظتي لأدفع ثمن الكؤوس إلا أن أوقفني النادل « المشروبات مدفوعة للجميع هذه الليلة »
« حقاً!! من صاحب مناجم الذهب هذا؟ »
« ذلك الرجل ، إحتفالًا بحمل زوجته »
أردف يشير إلى مجموعة ناس تحتفل خلفنا، كان رجل بالأربعينيات تقريبًا من عمره برفقة إمرأة مثيرة أعتقد هي المقصودة بالحمل لأنه يحتضنها بقوة من خاصرتها نحوه
« غريب…»
تمتمت بتعجب نظرًا للطريقة المختارة للإحتفال بمناسبة كهذه، كحول و حمل!!
يا إلهي إحمني مِن غباء عبادك و شرهم
إلتفت لرفيقتي لهذه الليلة التي كدت أنساها و انا أفكر بثنائي الخمر ذاك، إلا أنها كانت شاردة تنظر لي أو لورائي كوصف أكثر دقة، بنظرات غريبة
نظرات تحمل من البؤس علبًا موضوعة على طاولة الإنكسار تزحف إليهم نار الغضب سريعًا، رماد تلك المشاعر المشتعل كان الإشارة الوحيدة لتواجدها هنا على أرصفة عيناها قبل أن تُحرق
لحظات من تتبع جسدها بعيناي ألا إن غدى جسدي يتبعها و يداي تُحرق بمقاومتها الناتجة من غضبها
المنطق يحكم أراضي عقلي يصرخ علي بإكمال فعلتي لردع المجنونة التي يحكم أرض عقلها الغضب عن فعلتها الهمجية
مين أفروديت حاصدة الأرواح و مفسدة اللحظات
أمامنا الكثير
____
🤡🤡🤡🤡
شو تتوقعوا صار؟؟ 🤡
رأيكم بالبارت؟؟
و توقعاتكم ؟؟
دمتم بألف خير ✨
Bạn đang đọc truyện trên: AzTruyen.Top