الخطوة التاسعة والعشرون

___

الخيبة كابوس يلاحقنا في الواقع نحاول جاهدين الهرب منه إلا أنه مرض يصيب الجميع والمؤلم في الأمر أنك لا تستطيع تذوق طعم النضج إن لم تمسك نار الخيبة.

لقد تفحم قلبه من الخيبه بعد أن طارد فتاةً جاهلة في لغة الحب بخيلة في العطاء، سرقت النَّوم من لياليه جاعلًا منه يسهر عشقًا من أجلها.

لقد كانت تستحق كل الحب ولكنها لم تكن من نصيبه عادةً ما نجد أنفسنا نسكب حبًا في الكأس الخطأ كأسٍ خُصِصَ لشخصٍ آخر لا يمكنك الإرتشاف منه مهما سكبت فيه.

قد كشف عن نفسه لتلك الملاك الهادىء إلتزم بزيارتها مدة أسبوعين كاملين وبالرغم من إقترابها إلى مصيرٍ مجهول لا تزال باردة.

يعتقد أنهُ لهيبٌ حارق قادر على صهر برودها كي تعتاد عليه فيتملكها، ولكن حين رأى جمود تصرفاتها معه وقلة حديثها معه علم أنه الجاهل الوحيد هنا.

هو الوحيد الذي كان يجهل إن قُدِرَ شخصٌ لآخر لا أحد يمكنه تغيير الأمر مهما بلغت قوته تمامًا كما عجز عن إقتلاع زهور الشوق وسط صحراء أعينها العنبرية التي لا تنسحب عن النظر إلى تلك النافذة المفتوحة تتأرجح بحرية وسط الهواء.

عَلِمَ أنها تنتظر قدوم أحدهم قُطِعَت أحبال الأمل من حوله فما وجدت شيئًا تتمسك به سوى مخيلتها الرمادية.

«أفروديت».

نطق وهو يتمسك بحافة الباب قبل خروجه، لم تكلف نفسها عناء النظر إليه وأكتفت بالهمهمه له.

  «أنا مغادر ألا تنوين قول كلمة واحدة على الأقل لي!».

سألها بغضب حاول إخفاؤه ولكنه فاشل في حرب الأعصاب، إلتفتت نحوه تناظر مُحياه ونطقت بجملة أول مرة يسمعها من ثغرها طوال زياراته لها السابقة.

«إعتني بنفسك».
نطقت بوجهٍ خالي من التعابير وكأنها تعلم أن هذه هي لحظة الوداع.

حاول نطق كلمة ما إلا أن لسانه عجز عن ذلك، ربما ليقينه التام أن تلك الكلمة يتيمة ما أن تخرج من ثغره لن تجد من يتبناها أو يحتضنها.

أخفى كلمة ”أحبك“ داخل قلبه المنقبض من شدة إختناقه ولآخر مرة ولاها ظهره وأغلق الباب من خلفه.

كان يجب عليه تفريغ غضبه في مكانٍ ما والإنتقام من مفسد سعادته الوهمية التي لم تكتمل بسببه.

تسارعت خطواتُه وهو يضرب الأرض من أسفله بقهر يحاول أن يضرب الأرض لترد عليه فمن يعلم قد تنشق وتبتلعه و يجد من يصرف عليه الحب المكتوم في داخله.

وصل إلى تلك الصيدلية التي توزع اللعنات على الناس فمنذ أن عرف عن تواجدها لم يجد الخير من بعدها هو وحبه البائس.

رأى صندوقًا بني اللَّون يضم أدوات وأغراض الذي يلملم آخر ما تبقى لهُ هنا مع قلبٍ ينزف الدَّم حزنًا وقهرًا.

كان بيكهيون يعرض ظهره لكيونغسو يغريه إلى التقدم وضربه والتخلص منه لذا لم يتردد بسحب الصندوق وضربه على رأس الآخر.

«سحقًا!».

صرخ الآخر وهو يترنح لم يعطيه كيونغسو مجالًا للحديث إذ سحبه من ياقته وضرب رأسه برأس الآخر.

ثواني حتى أقتنى بيكهيون أشرس رداء له وباشر بخوض الشجار ليصبح الوضع متعادلًا بينهما كل لكمة تقابلها أخرى.

«أيها الوغد لقد تخليت عنها!».
تحدث كيونغسو بقهر وهو يحاول إزالة بيكهيون عنه.

«لا أعلم عما تتحدث ولكني لن أخرج قبل أن أحطم وجهك».

إمتلك بيكهيون رغبة كبيرة في تحطيم ملامح الآخر خاصة كلما خطر على باله أنه قد أزعج حوريته مسبقًا.

قلب كيونغسو الموازين وصار يعلوا بيكهيون، وجه لكمة إلى منتصف وجهه وهو يصرخ.

«لا أعلم ما رأتهُ فيك ولكني سوف أجعلها تعيد النظر بعد أن أبعثر ملامحك!».

غضب بيكهيون بشدة حين شعر أن هناك للأمر علاقة بالتي إختفت فجأة بلا صوتٍ أو ظل.

«دعكَ من الألغاز وإلا عوجت لك فكك لتصير بارعًا أكثر في إلقائها!».

«هل أفهم أنكَ لا تعلم عنها إذن!».

صرخ كيونغسو وهو يحمل بيكهيون بشراسه يضرب ظهره بزجاج الخزانة من الخلف.

«أعلم عن ماذا!».

زمجر الأخر بقوة قبل أن يمسك خصر كيونغسو ويقلبه ويلقي به بعيدًا.

«لقد أخطأت حين ائتمنت قلبها عند مسخٍ مثلك!».

«سأريك من هو المسخ!».

سحب بيكهيون زجاجة دواء وألقاها على رأس الآخر الذي شخر بسخرية.

ملامح كلاهما مبعثرة والدماء تتسابق عليها تراجع بيكهيون بغرابة حين بدأ الآخر بالضحك بشكل هستيري.

«في حين أنها وسط معركة مرضية خطيرة أنت تتمتع كل ليلة بلقاء أختي، أنت لا تستحق سوى الحرق».

تعاقد حاجبي بيكهيون بإستنكار متجاهلًا سوء الفهم الذي يحتل عقل كيونغسو الذي يعتقد أن جلسات بيكهيون مع أخته يملؤها الحب و لرومنسية إلا أن الحقيقة أنها جلسة تفريغ هموم كل منهما يشتكي للآخر عن الحب وغاراته وآثاره.

«عن من تتحدث؟».

«من غيرها حورية الجنة!».

«أين هي؟».
صرخ وهو يمسك ياقه كيونغسو الذي إبتسم بسخرية مستفزًا الآخر.

«لن يتغير مصيري إن أخبرتك ولكن سأجرح كبريائي إذ رأيتك تعانقها وأنا أقف بعيدًا وحدي».

«كيفَ لك الإستهزاء بشخصٍ إرتشف من نفس كأس الغرام المرير الذي ذقته أنتَ أيضًا!».

«الغرام مؤلم والفراق مؤلم أكثر».

إنفلتت أعصاب بيكهيون حتى صارت أعينه محمرة من شدة الغضب وفكه يرتجف بنفاذ صبر، رفع قبضته أمام وجه الآخر يهدده.

«إن لم تخبرني حالًا أقسم أني قاتل لك!».

إبتسم الآخر بألم قبل أن يغمض عيناه يتدارك عبراته أنها نهاية الطريق، هنا توضع نقطة لقصة غرامه الفاشلة.

«مستشفى جونغهام للأورام السرطانية».

أفلت بيكهيون الآخر بصدمة يحاول تصديق ماسمعه كلام كيونغسو السام الذي مُسح على خنجر الحقيقة المؤلم قطع دواخله وأوجع قلبه الذي يحتضر مسبقًا.

بدأ الجنون يصيبه فصار يمشي يمينًا ويسارًا يضع يديه أعلى رأسه بين خصلات شعره يحاول تدارك الأمر.

بدأت الأفكار بالتدفق إلى دماغه، وبدأ يربط الأحداث سويًا.

خفة مشاعرها في الآونة الأخيرة التي كانت معه فيها يعترف أنه ارتاب حينها من أفعالها إلا أنه لم يعتقد أن أفعالها كانت قبلات وداع كي لا يشتاق لها ناثرةً بعدها غطاء الخيبة أعلاها مغادرة كي لا يلمح منها سوى الخيبة التي أحرقت فيها قلبه.

لطم رأسه عدة مرات حين ظن أنه فهم ما حدث، وأنها غادرت من أجله ولم ترد إخباره فيعاني معها.

«هل أساعدك بضرب رأسك!».
سخر كيونغسو يخرج الآخر من أرض الشرود.

توسعت أعين الآخر قبل أن ينبس
«لم أتوقع هذا يومًا ولكن شكرا لك يا فقمة».

حزم أمتعة الأفكار السلبية التي كانت تتمحور حولها وألقى بها خارج عقله، ومقتطفات آخر ليلة جمعتهما داهمت مخيلته فشعر بدفئها بين يديه رغم أنها بعيدة كل البعد عنها.

ليس جيدًا في الحب ولكنه بارع في الإخلاص مهما زيف مشاعر الحنين وطمس الحب الموسوم في قلبه هو لا يخون ولا يتخلى.

هو الرَّجل الذي وعد أن يسندها، غافلًا عن أنها من كانت تسنده وبغيابها تحطم داخله.

وإن كان وعده شعرة يمشي عليها أعلى هاوية الموت لن يتردد بالمشي عليه دون الحياد عنه وتنفيذه بالحرف الواحد. 

إنطلق من الصيدلية سريعًا إلى المشفى بدأ بالصعود نحو محبوبته، قلبه يتشوق لرؤيتها مهما كانت حالها تبقى في عيونه الأحلى وتغنيه عن جميع المناظر في الطبيعة.

يتلهف إلى إحتضان مُحياها الفاتن بين أنامله ووسم قبلات حب طاهرة على جدران أفاقها، بالرغم من أن الوداع الأخير بينهما لم يكن لائقًا ولكن من قد يكترث حين يسمع خيرًا صاعقًا كرفيق قلبكَ في المشفى يعاني!

لهث بتعب حين وصل إلى مكتب الإستقبال وسألها «هل لي معرفة أين تقع غرفة مين أفروديت!».

«بالتأكيد سيدي، ولكن ما صلة قرابتك بها!».

«رفيقها الأبدي».

إستغربت الآنسة إجابته إلا أن السعادة طغت على محياها أكثر، أخيرًا أتى أحدهم للسؤال عنها غير ذلك المراهق المتحذلق.

«الغرفة الثامنة والعشرون، ولكن للآسف قد إنتهى وقت الزيارات سيدي بإمكانك العودة غدًا».

إبتسمت الطبيبة بلطف تثير حنقه وهو لم يستطع التجاوز حين رأى حراس الأمن يملؤون المكان أو أن هناك فكرة أفضل في عقله.

الطُّرق التَّقليدية ليست صديقة له.
طَرق الباب قبل الدُّخول ليس من شيمه؛ هو يحب المفاجآت.

أومأ لها بتفهم مصطنع وقبل أن يخرج توقف قليلًا أمام مغسلة موجودة وغسل وجهه ويديه من آثار دماء كيونغسو.

دخل إحدى الغرف التي لا تعود إلى أي مريض وناظر رقمها وقارنها برقم غرفة محبوبته وبدأ بالحساب من أي زاوية من زوايا الحديقة قد تقابل نافذتها.

نزل إلى الحديقة الخاصة بالمشفى وألتف قليلًا حتى وصل إلى هدفه وباشر في مهمته.

أنه بيون بيكهيون الذي إن أراد شيئًا أخذه، واليوم قرر أن يرسم مسارً خاص بكليهما فقط.

حتى إن لم تفسح لهما الحياة طريقًا فيها سوف يشتق واحدًا لأجلها، ويزينه بما تُحب فيغرقها حبًا فتستنجد به ويحيطها.

___

البارت الي قبل الأخير ⁦ಥ‿ಥ⁩

رأيكم؟

توقعاتكم؟





دمتم سالمين 🐢🤍

Bạn đang đọc truyện trên: AzTruyen.Top