1
Start
اليوم الرابع من شهر ديسمبر
بذلك الحي النائي المُظلم و الذي لم يُنيره سوي البرق الذي يضرب السماء من حين إلي آخر
طويل القامة كان يسير بحذر واضعاً يديه بجيوب معطفه الطويل و بين لحظة و أخري سيلتفت كي يتأكد أن لا أحد يراه
لكن من قد يراه أو يشعر به؟ بل من هذا الذي قد يخرج من منزله بهذه الليلة الماطرة إلا لو كان لأمر طارئ للغاية
توقف أمام منزل صغير ليرفع رأسه إلي الأعلي ينظر إليه يتفحصه بنظرة سريعه ثم تلفت في الأرجاء مرة أخيره يتأكد من عدم وجود أي شخص
الطُرقات فارغه و البُخار الناتج عن ارتطام المطر بالأرض بقوة كان كفيلاً بجعل الرؤية ضبابيه لأي شخص قد يمر من هناك
"هيا سيهون"
تمتم مُشجعاً نفسه يتذكر كلمات صديقه حول خطورة تلك الفتاة المتواجدة بهذا المنزل و كيف أنها تُهدد مستقبلهم جميعاً فسحب نفساً عميقاً ثم زفره ليسحب المُسدس من حزام بنطاله و اتخذ وضع الاستعداد بينما يصعد تلك السلالم المعدنية بحذر حتي وصل أمام الباب
مد يده نحو الباب الذي بدا غير موصد من الداخل و قد تأكد من ذلك حين أصدر الباب صريراً مُزعجاً مع حركة يده ضده إلي أن ارتطم بالحائط داخل المنزل
منزل صغير للغاية احتوي علي غُرفة واحده، حمام صغير و مطبخ يقع بإحدي زوايا غرفة المعيشه
ابتلع ريقه و هو يخطو نحو الداخل باحثاً عن تلك الفتاة و التي كانت تنكمش علي نفسها بزاوية غرفتها تلتصق بالحائط بخوف و جسد يرتجف بقوة كما دموعها التي لطخت وجنتيها
انتفضت من مكانها بفزع حين فُتح الباب فجأة، و عينيها اتسعتا بصدمة و هي تنظر نحو الباب غير قادرة علي رؤية تلك الملامح الحادة أو حتي المُسدس المُوجه نحوها
فقط ما تراه هو ظل طويل
"أ أبي؟!"
بصوتٍ ضعيف تسائلت ليعقد سيهون حاجبيه و اقترب منها بحذر و معه هي كانت تُحرك رأسها حتي وقف أمامها لتضم شفتيها بعبوس
ضرب الرعد مرة أخرى يسبقه ضوء قوي قد أضاء السماء جاعلاً من وجهها يُنير للحظات
حينها سيهون رأي وجهها، تلك النظرة البريئة بعينيها و عبوسها الطفولي جعلا من يده التي تحمل المُسدس تنخفض تدريجياً ليبتلع ريقه بصعوبة
"أبي... هذا أنت؟"
سألته مرة أخرى ليرتجف جسده من نبرة صوتها التي بدت و كأنها طفلة صغيره تتحدث
حرك رأسه في الأرجاء بـ تيهٍ و هو يتراجع عن ما أوشك علي فعله
و بذاك الظلام هو كان يتخبط بأي شيئ يُقابله حتي خرج من هُناك بوجه يتعرق بتوتر رغم برودة الجو
و بمنتصف الطريق وقف بمكانه ينظر حوله إلي الطُرقات التي تشابهت فجأة و رأسه أخذ يدور به حتي شعر بإهتزاز هاتفه بجيب بنطاله ليُخرجه بـ يدٍ ترتجف
"جونغداي"
همس بصعوبة لكن صوته غطي عليه صوت الرعد ليضم شفتيه بقوة
" بارك سوشيل..."
جونغداي تحدث يلفت انتباه سيهون بينما يُقلّب الأوراق بين يديه قائلاً
"أعتقد أن شكوكك نحو تلك الفتاة كانت خاطئه، هي لم تكن مثل عائلتها فهي تُعاني من اضطرابات نفسيه جعلت من عقلها يعود إلي مرحلة الطفوله و كذلك كانت تتعالج من السرطان..علاجها بدأ منذ أربعة أعوام تقريباً أي قبل أن يبدأ والدها بالعمل مع عصابة تايلند السوداء "
بنهاية حديثه أمال برأسه قليلاً و هو يرمق تلك الأوراق بنظرة أخيره قبل أن يضعها فوق المكتب أمامه
" تركت ملف معلوماتها فوق مكتبك لذا اطلع عليه غداً لأن اجازتي تمت الموافقة عليها و لا أريد اتصال يخص العمل طوال فترة اجازتي هل تفهم؟.. و بالمناسبه لا تدع ميونغ داي يخدعك بأنه أنا لأنني سمعته يُخبر جميع من بالمركز بأنه سيفعل ذلك و قد تراهن معهم علي مبلغ ليس بمزحة أنك سوف تُصدقه"
ضحك بصخب نهاية حديثه ليُغلق الخط بعدها كي يُغادر المكتب قبل أن يزداد الجو سوءاً... و سيهون فقط بقي بمكانه تضطرب أنفاسه كلما تذكر نظرات تلك الفتاة نحوه
بداخل ذاك المنزل هي كانت لاتزال تجلس بمكانها و رأسها مُنخفض تُغطيه تلك القلنسوة الكبيرة فوق رأسها غارقة بثيابها التي تمتلك ضعف حجمها الضئيل
صوت شهقاتها كان عالياً و ارتجاف جسدها لم يتوقف إلي أن لمحت حذاء يتوقف أمامها لترفع رأسها ببطئ معه حتي رأت ذاك الطويل منذ قليل يقف أمامها و هو يلتقط أنفاسه بوتيرة سريعه
"أنت.. لست أبي"
همست بخوف و هي تعود بجسدها إلي الخلف تلتصق بالحائط فـ انحني إلي مستواها ليمسح علي رأسها بكف ارتجف بتوتر
"والدك مشغول"
كذبته ضاق معها صدره ليبتسم بتصنع
"هو من أرسلني لحمايتك"
"حقاً؟!"
أمالت برأسها تتسائل بشك فأومأ إليها و مد كفه نحوها هامساً
" "لنُغادر هذا المكان "
هزت رأسها موافقة إياه سريعاً لتُمسك يده لكنها سرعان ما سحبتها إلي صدرها بتأوهٍ خافت
"إنها باردة "
ارتفع حاجبيها بخوف لتقف علي رُكبتيها و هي تقترب منه لتحتضن وجنتيه بلطف
" أووه"
همست بصدمة حين شعرت ببرودة وجنتيه لتسحب يديها أمام فمها تنفخ عليهما بقلق ثم احتضنت وجنتيه محاولة تدفئته و هو اكتفي بمراقبة تصرفاتها بشرود غير مُصدق لما كان يُفكر به
كيف له أن يقتل شخصاً بريئاً؟!
كيف يُحاول قتل هذه الطفلة البريئه و التي رغم عدم معرفتها به هي تحاول تدفئته قلقة عليه؟
بنظره هو لم يكن سوي شخص حقير أناني
بداية تسبب في موت عائلتها و الآن يريد قتلها ببرود كي لا تُكتشف حقيقة ما حدث
"لا.. لا يُمكنني فعل ذلك"
شهقت باكية حين فشلت بتدفئته ليستفيق من شروده مع صوت نحيبها
"لا تقلقي، سوف أشعر بالدفئ حين أعود.."
ابتلع ريقه ليهز رأسه بالنفي و هو يُحيط كتفيها بذراعه
"أقصد حين يعود كلينا إلي منزلي"
"هل هناك مدفأة؟"
همست بتساؤل ليومئ إليها فمسحت علي وجنتيها بعشوائية و هي تضحك بخفوت
"إذاً هيا، لنذهب قبل أن تتجمد "
أمسكت يده لتتركها سريعاً بسبب برودتها و اكتفت بالتشبث بمعطفه بأطراف أناملها و هي تُحرك قدميها كطفلة صغيرة مُتحمسه لتدفئة هذا الضخم
تدفئة الشخص الذي تحول فجأة من شخص يحاول قتلها إلي شخص يُريد حمايتها
____________
بعد أسبوعين ... سيهون كان يتقدم من مكتبه بثيابه الرسمية و خلفه شخصين آخرين
حاجبيه كانا معقودين بحدة و فقط اماءة صغيرة كان يُقدمها لكل من ينحني إليه و هو يتقدم من مكتبه حتي دخل ليدخل معه ذاك الرجلين اللذان لحقا به
" البارحة تعرض ليو إلي طلق ناري أثناء مُهمته، حتي الآن لا نعرف من الجاسوس بيننا بالقسم لكن الشك يحوم حول خمسة أفراد فقط كونهم هم الوحيدين الذين كانوا علي دراية بتفاصيل المُهمة و..."
"خمستهم يتم احتجازهم و يخضعوا للتحقيق"
سيهون قاطعه بجدية ليبتلع الآخر ريقه و تبادل الرجلين أمامه النظرات قبل أن يُكمل
" لكن سيدي، من ضمنهم ك... "
" لا أهتم من يكون من ضمنهم، المُجرم مُجرم مهما كان منصبه لذا الجميع يجب أن يخضع للتحقيق، لا أعتقد أنهم يُمانعون أن نقوم بعملنا بصورة صحيحة"
نقر بسبابته فوق الطاولة بينما يرفع حاجبيه مُتسائلاً بحدة فانحني إليه الآخر بإحترام و ركض بعدها خارج المكتب لتنفيذ أوامره بينما سيهون حوّل نظره إلي الرجل التالي يسأله بنفاذ صبر
" ماذا هُناك؟ "
فأخفض المُقابل له عينيه قبل أن ينحني بأسف
" زوجة القائد هيون قُتلت البارحة مع أبنائه و..."
سيهون وقف من مكانه بسرعة ليركض إلي الخارج فلحق به ذاك الرجل محاولاً اللحاق به لكنه بالنهاية فشل بذلك
سيهون انطلق بسيارته مُتجهاً إلي منزل صديقه هيون و بضيق حاول تحرير عنقه من تلك الربطة التي تلتف حوله تخنقه
عينيه احمرتا و أصبحتا أكثر حدة، حاجبيه عُقدا بشدة بينما عروق يده برزت و هو يضغط علي المقود بقوة محاولاً تمالك أعصابه
أوقف السيارة أمام منزل هيون صديقه و حينها أنفاسه أصبحت أثقل من قبل حين رأي شرائط صفراء تُحيط بمنزل صديقه ثم هناك بداخل منزله أمام الباب المفتوح كان يقف ميونغ داي صديقهما
تقدم من المنزل بأقدام ترتجف فـ سيهون يعرف هذه البداية
"ميونغ داي"
همس بصوتٍ مُختنق ليُحرك المقصود رأسه نحوه.. الفارق بينهما أن سيهون بهكذا مواقف يستسلم لضعفه بينما ميونغ داي لطالما كان هادئاً و بارداً
"لا تقترب منه"
ميونغ داي همس بهدوء و هو يُراقب صديقه الجالس أرضاً أمام إطار لصورة زوجته و أبنائه
لم يبدو بخير أو حتي قريباً من ذلك
"هيون "
سيهون تجاهل ما قاله ميونغ داي و اقترب من صديقه بخطوات حذره حتي وقف خلفه لينحني جالساً علي رُكبتيه بجانبه
"هيون "
همس مُجدداً ليضع يده فوق كتف صديقه ثم ضغط عليه بخفة فالتفت إليه الآخر بوجه بلا حياة
ذابل، مُرهق و شاحب
"أنا آسف"
هيون نطق بصوتٍ خافت يكاد يُسمع ثم انفجر باكياً ليُلقي بجسده نحو سيهون بينما ميونغ داي تنهد بضيق ليعقد ذراعيه إلي صدره حين استسلم سيهون كذلك إلي بكائه
بهدوء ميونغ داي انسحب من هناك ليقف بجانب سيارته ثم أخرج سيجارته و بدأ بالتدخين بينما ينظر إلي الأرض بعيداً بشرود
سيجارة تليها الأخري ثم أخري و لولا خروج سيهون من منزل هيون لما أنقذ أحدهم رئتيه
" إنه يرفض ترك المنزل"
همهم بلا مُبالاة دون أن يلتفت نحو سيهون الذي تقدم منه و هو يمسح دموعه بخشونة ثم ضرب علي إطار السيارة ليُحرك ميونغ داي عينيه نحوه ثم نحو السيارة حيث ضربها سيهون
"لا يُمكنني تركه هنا.. لا أستطيع فعل ذلك"
" عُد إلي عملك و أنا سأتصرف "
ميونغ داي ربت علي كتفه ليلتفت إليه سيهون بأعين غاضبة
"سوف أُمسك به، أقسم حين يقع بين يداي سأُعذبه ببطئ حتي يتمني الموت و لن يناله"
هسهس من بين أسنانه ليزفر بعدها مُمسداً جبينه بحركة عنيفة فحرك ميونغ داي عينيه مع كف سيهون ينظر إليه بهدوء
" سأطلب تشديد الحراسة عليه في الأيام القادمة... لا تقلق"
"هذا ما سمعته قبل مقتل دويونغ "
سيهون صرخ به بنفاذ صبر ليعقد ميونغ داي حاجبيه
" هذا هو عملنا إذا كنت لا تتحمل فلتتركه، الجميع بهذه المهنة مُعرض للخطر دائماً إما أثناء أداء مُهتمه أو انتقام أحد المُجرمين المهووسين فلم التحقت بالشرطة إذا كنت ضعيفاً؟ "
و ميونغ داي فقد أعصابه بالمُقابل ليصرخ بوجهه نهاية حديثه ليبتلع سيهون ريقه ثم هسهس ببرود
" تأكد من تشديد الحراسة عليه "
سيهون صعد إلي سيارته ليعود إلي عمله الذي تركه دون إذن و بصعوبة حاول التفكير بالقضايا التي يمتلكها حتي قاطعه دخول جونغداي يهتف بصخب
"مرحباً"
سيهون رفع عينيه نحوه ليومئ برأسه ثم أعاد عينيه إلي الأوراق المتواجدة أمامه
هو ليس مُقرباً كثيراً من جونغداي، ربما علاقة سيهون بميونغ داي أخيه التوأم كانت أكثر عُمقاً لكن بالرغم من ذلك جونغداي كان مُريحاً أكثر
جونغداي و ميونغداي كان التشبيه المثالي لهما كوكب زُمردة الوردي و كوكب الأكشن القاتم
جونغداي صاخب، مُتحمس طوال الوقت و الأهم من ذلك هو طيب القلب وحساس دائماً ما ينشر البهجة في أي مكان يذهب إليه و لطالما اقتنع الجميع أن عمل التحقيق لا يليق به بالرغم من كونه بارع بهذا الأمر.. علي عكس ميونغ داي البارد و الصارم
و بالرغم من أن ميونغ داي جيد في تقليد جونغداي و التصرف مثله حتي يُقنعك بأنه جونغداي إلا أن هذا لم يطبع علي شخصيته يوماً أو يجعله أكثر لُطفاً
" أعرف أنك حزين لما حدث، آسف لذلك و لكن ألن يكون من الأفضل أن تحتفظ بمجهودك للبحث عن القاتل... أثق بك و أعلم أنك ستُمسك به قريباً"
جونغداي تحدث بلطف بينما يجلس مُقابلاً إليه لينظر إليه سيهون لبضعة لحظات قبل أن يتنهد
" دويونغ و عائلته و الآن عائلة هيون ... الأمر ليس بتلك السهولة، الشهر الماضي قُتلت عائلة دويونغ أولاً ثم قُتل بعدهم بيومين و الآن عائلة هيون قُتلو بنفس الطريقة ... "
سيهون توقف قليلاً بينما يبتلع غُصته بصعوبة ليضم جونغداي شفتيه بعبوس طفيف
" لا يُمكنني خسارة شخص آخر، ليس هيون الذي يكون بمثابة أخي الأكبر... مع كل دقيقة تمر الخطر يقترب لذا أنا خائف كما لم أكن من قبل... الكثير من الضحايا يقعون من حولي و أنا عاجز عن حل هذه القضية... بينما القاتل بالوقت الذي يُريد سيتصل بي لإستفزازي "
أغلق عينيه ليستند بمرفقيه فوق طاولة المكتب ثم وضع جبينه علي كفيه المُتشابكين
" يا إلهي لقد نسيت أمراً هاماً "
جونغداي تحدث علي عجل و هو يخرج من المكتب دون أن يترك فرصة لسيهون بأن يتحدث فتنهد الأطول و عاد يستكمل عمله
بعد بضعة ساعات سيهون عاد إلي منزله.. كان مُرهقاً و بالكاد يجر قدميه خلفه لكنه و علي حين غُرة رأي جسداً يركض نحو الباب لتتسع عينيه و احتضن خصرها بأحد ذراعيه كي يمنعها من الخروج
"اتركني"
صرخت ببكاء محاولة الهروب منه فقيدها بذراعيه ليُغلق الباب بقدمه صارخاً بحدة
"ماذا تحاولين أن تفعلي؟"
"اتركني، أنت سيئ، أريد أبي"
انفجرت باكية بينما تقفز بين ذراعيه محاولة التحرر منه فدفعها بخشونة حتي وقعت أرضاً ثم عاد خطواته إلي الباب ليُغلقه بالمُفتاح و أشار إليها بتحذير قائلاً
"إياكي و التفكير بالخروج من هنا هل تفهمين؟"
"أنت لست صديق أبي، أنت شخص سيئ، أكرهك "
صرخت بوجهه ببكاء لتمسح علي عينيها بعشوائية و وقفت من مكانها لتتكتف بطفولية ثم سارت نحو أحد الجوانب لتجلس أرضاً تُعطي وجهها إلي الحائط تحت نظرات سيهون الغاضبة
"أنت سيئ"
صرخت مُجدداً دون أن تلتفت نحو سيهون لتبرز شفتيها بعبوس و جسدها من حين لآخر كان ينتفض بشهقات مكتومة لكن كل ما فعله سيهون هو أنه تجاهلها و سار حيث الحمام ليأخذ حماماً دافئاً يُخلّصه من إرهاقه
جلس بحوض الإستحمام يتنهد بتعب ثم أغلق عينيه ليزحف بجسده إلي الأسفل كاتماً أنفاسه حتي غطي الماء جسده كاملاً
كان يفتح عينيه أسفل الماء بينما ينظر إلي سقف الحمام
عينيه كانتا حمراوتين و دموعه اختلطت بالماء، الفترة الأخيرة كانت مُرهقة بالنسبة إليه سواء، الأشخاص الذين خسرهم أو حتي تلك المُكالمات المجهولة كل ذلك كان كثيراً علي أن يتحمله وحده
شخص ما أطل برأسه من فوق حوض الإستحمام لينظر إلي وجه سيهون فاتسعت أعين سيهون ليتخبط بالماء و هو يحاول أن يستقيم حتي نجح بإخراج رأسه من الماء ليشهق بفزع ثم التفت إليها بأعين غاضبة بينما يسعل بصدر يعلو و يهبط بوتيرة سريعة
" لم دخلتي إلي هنا؟"
هسهس بحدة و أمال بصدره فوق الحوض يُخفي جسده عنها فاعتدلت بوقفتها لتبرز شفتها السُفلي بعبوس
"أنا جائعة"
"كان بإمكانك الإنتظار حتي أنتهي"
انفعل بحديثه لينتفض جسدها بخوف ثم ركضت إلي خارج الحمام بسرعة فزفر سيهون يُتمتم بحنق
"ليتني قتلتها "
وقف من مكانه ليغسل جسده بالماء ثم سحب المنشفة يُحيط بها خصره و أخري وضعها حول عُنقه قبل أن يجر خطواته إلي خارج الحمام بإنزعاج
" و كأنني أحتاج إلي مُصيبة أخري في حياتي"
زفر بغضب و هو يبحث عنها بالأرجاء بعينيه لكنها لم تكن موجودة فتوقف بمكانه للحظات يستوعب اختفائها
" سوشيل؟"
صاح بصوتٍ عالٍ مُتردد لكنه لم يتلقي إجابة فركض إلي الغُرفة باحثاً عنها و حين وجد الغُرفة فارغة شعر بقلبه ينقبض بخوف ليركض نحو باب المنزل سريعاً كي يتأكد من كونها لم تهرب
و الباب كان موصداً كما تركه
"سوشيل تعالي إلي هنا حالاً"
صرخ بخوف باحثاً عنها و الكثير من الأفكار البشعة تدفقت إلي رأسه ثم فجأة هو أصبح نادماً علي أُمنيته السابقة
سيهون لم يرغب بقتلها أو حتي أن يقتلها شخص آخر فبعد كل شيئ هي طفلة بريئة
مهما كان سنها الحقيقي و جسدها فعقلها ليس سوي لطفلة لا تستحق أن يحدث بها ذلك
"سوشيل"
فتح باب الغُرفة مُجدداً و اقترب من السرير يبحث أسفله
و فجأة توقف عن البحث حين سمع شهقة مكتومة
" سوشيل؟"
سأل بحذر و أمال برأسه بينما يتقدم من صوت الشهقات ذاك حتي وقف أمام خزانة الملابس ليعقد حاجبيه
رفع يديه يُمسك بمقبضي الخزانة قبل أن يفتحها بحركة سريعة فانكمشت علي نفسها تُخفي وجهها عنه بينما تصرخ ببكاء
"سوشيل ليست هنا"
تنهد براحة ليُمسك بذراعها يجرّها إلي خارج الخزانة فتحركت معه بإستسلام إلي أن أصبحت خارجها
" هل تحاولين قتل نفسك؟"
سألها ببرود و هو يمسح بمنشفته قطرات العرق عن وجهها الأحمر فشهقت باكية ليزفر
"أنا أريد أبي"
"حسناً سوف أتصل به"
أجابها كاذباً و استدار يُخرج ثياباً لأجله من الخزانة فسحبتها منه
" ماذا تفعلين؟"
"لقد قُلت هذا لي يوم و يوم ويوم ويوم ويوم..."
نبست بعبوس و هي تعد علي أصابعها عدد الأيام التي رد بها عليها بنفس الإجابة ثم سحبت نفساً عميقاً لتُكمل
" و يوم ويوم ويوم و يوم و يوم و.."
"حسناً لقد فهمت، تقصدين أنني كاذب"
سحب منها القميص ليختل توازنها و شرع بإرتدائه بينما هي عضت علي شفتها و هي تنظر إلي بقعة ما علي القميص قريبة من صدره فأخفض عينيه ينظر حيث تنظر ثم أغلق عينيه بنفاذ صبر
"ما هذه البُقعة ؟ "
" آسفة "
ضمت شفتيه بأسف لتعقد كفيها خلف ظهرها فزفر بضيق
" أخبرتك الثياب المُتسخة تكون بـ سلة الثياب هناك"
أشار نحو تلك السلة المتواجدة بجانب الباب فالتفتت تنظر إليها ثم أعادت نظراتها نحوه
"أبي من كان يأخذ ثيابي المُتسخة، أنا لا أعرف كيف أفعل ذلك"
همست بعبوس ليبتلع سيهون ريقه ثم أومأ
" إذا كنتِ لا تعرفين أين تضعين الثياب المُتسخة فلتضعيها هنا فوق السرير و أنا سأضعها بمكانها الصحيح، حسناً؟"
أومأت بعنف ليتنهد سيهون ثم أمسك بكتفيها ليجعلها تستدير قائلاً بصرامة
" أغلقي عينيكِ "
وضعت كفيها فوق عينيها سريعاً ليُبدّل سيهون القميص ثم أخرج بنطالاً كي يرتديه
" و مرة أخري لا تدخلي الحمام و أنا بالداخل، أنا رجل لذا من السيئ أن تدخلي عليّ "
" لكنني كنت جائعة "
أجابته بعبوس و التفتت إليه ليعقد حاجبيه
"لم أطلب منكِ أن تفتحي عينيكِ"
شهقت بأعين مُتسعة لتضع يديها فوق عينيها مُجدداً فابتسم بجانبية و هو يبتعد عن الخزانة كي يُغلقها
" هيا ساُحضّر لكِ الطعام "
وضع يديه بجيوب بنطاله و هو يخرج من الغُرفة فلحقت به تنفخ صدرها و هي تسير علي أطراف أقدامها بينما تضع كفيها بجيوب بنطالها الواسع للغاية محاولة تقليده لكن البنطال أوشك أن يقع فتشبثت به سريعاً.. بالكاد ربطته حول خصرها بصورة فوضوية و طفولية فبنطال سيهون كان حجمه ضعف حجم خصرها
"التفاح هنا، و الأرز بأكمله، كما الدجاج"
سيهون تحدث و هو يُخرج الطعام الذي جهزه لأجلها صباحاً و التفت نحوها بإستغراب
"ماذا تناولتي طوال اليوم؟"
رفعت كتفيها ليرفع كتفيه مُقلّداً إياها بينما يتسائل
"و ماذا يعني هذا؟"
رفعت كتفيها مُجدداً مُمتنعة عن الإجابة و اقتربت لتجلس علي أحد الكراسي المُتواجدة حول طاولة الطعام
أمال برأسه بحركة بطيئة لينظر إلي الخزانة خلفه ثم أعاد نظراته نحو سوشيل بشك قبل أن يقترب من تلك الخزانة فحركت عينيها نحوه تري ما يفعله
" هل تناولتي الراميون؟"
هسهس بإنزعاج لتومئ بإبتسامة مُتسعة ثم صفقت قائلة
"إنه يُقرمش"
"تناولتيه دون طهوه؟"
صاح بعدم تصديق فرمشت ببراءة و أومأت إليه
" أنا أعرف ما يستحقه الأطفال المُشاغبين أمثالك"
أومأ بنفاذ صبر و هو يقترب من الثلاجة ليُخرج زجاجة الحليب فأصابت سوشيل الحازوقة و هي تنظر إلي الزجاجة بأعين مُتسعة
أخرج تُفاحة ليُقطّعها لأجلها و جسدها حينها انتفض مع الحازوقة فابتسم سيهون بجانبية بينما يضع كوباً من الحليب و طبق التُفاح أمامها ثم سحب الأرز و الدجاج ليضعهما بمكانهما
" أنا لا أريد هذا"
انتحبت بعبوس ليهز رأسه إلي الجانبين
"لن تتناولي سواه، الساعة الآن..."
رفع يده حيث يرتدي ساعته ينظر إليها ليُكمل
"التاسعة و النصف إذا لم تنتهي قبل العاشرة فلن يكون هناك برامج الأطفال اليوم و ستذهبين للنوم مُباشرةً"
عينيها اتسعتا لتُخفض رأسها نحو التُفاح ثم بدأت بحشره بفمها فابتسم سيهون .. علي الأقل هو يعرف كيف يجعلها تتناول عشائها
سعلت لتضرب علي صدرها بينما تسحب كوب الحليب كي تشربه فاقترب سيهون ليسحبه منها ثم ناولها كوب ماء و مسح علي ظهرها بلطف
" تناولي ببطئ فهذا خطر"
"لكنك لن تجعلني أُشاهد برنامجي المُفضل"
برزت شفتيها بعبوس و سرعان ما تغلغلت الدموع إلي طرفي عينيها ليتنهد ثم سحب كُرسياً و جلس بجانبها بإرهاق قائلاً
"ستُشاهديه لكن تناولي عشائك أولاً"
_______________
"لقد عُدت"
جونغداي صاح بصخب و هو يدخل من باب المنزل لينظر إلي الأعلي حيث غُرف النوم فرأي الأضواء مُغلقة ليتنهد ثم سار حيث المطبخ كي يشرب الماء
" ما هذا؟"
رفع حاجبيه بتفاجؤ ليمد يده يسحب ذاك الجهاز الذي لمحه بالثلاجة و لم يكن سوي هاتف فضحك بخفة بينما يهمس
" جيون مُجدداً"
خرج من المطبخ و هو يُحرك عينيه بالأرجاء باحثاً عن الآخرين
منزل جونغداي كبير نوعاً ما كونه كان منزل عائلته قبل وفاة والديه لذا حالياً هو يعيش به مع أخيه التوأم، زوجته، طفلها و شقيقتها التوأم التي انتقلت للعيش معهم كون المنزل بنفس المدينة التي يقع بها مقر عملها في حين والديها كانا يعيشان بقرية بعيدة
ابتسم حين لمح شخصاً يجلس بغرفة المعيشة أمام التلفاز يُشاهد قناة الأخبار ثم اقترب منها بحذر ليضع هاتفها علي جانب وجهها ما جعلها تنتفض من مكانها و التفتت إليه بفزع فضحك بصخب
"ما خطب هذا الوجه؟"
سألها بإستغراب فابتلعت ريقها بتوتر و هزت كتفيها
"ظننتك ميونغ داي"
"هل أخي عاد؟"
أمال برأسه مُتسائلا ً فحركت عينيها تنظر إلي الأعلي ثم أعادت نظراتها إليه
"لا لكنه هو من يُزعجني عن طريق التلامس ، مهلاً أثبت لي أنك جونغداي.."
هسهست بوجهه بحدة نهاية حديثها و تراجعت خطوة فعقد جونغداي حاجبيه
"كيف أُثبت ذلك؟ "
" لا أعرف تصرف"
تكتفت بصرامة ليزفر جونغداي و اقترب منها قليلاً يهمس بصوتٍ غير مسموع
"لقد أخطأت بينكِ و بين روز حين كنت ثملاً و أوشكتي علي كسر اصبعي حين حاولت تقبيلك"
رفع اصبعه المقصود أمامها فتبادلت النظرات بين عينيه و اصبعه عدة مرات بشك حتي قهقهت
"إذاً أنت جونغداي"
تنهد براحة ليقلب عينيه ثم اقترب ليجلس علي الأريكة و هي بجانبه
"لماذا تخافين ميونغ داي إلي هذا الحد؟ "
سأل بإستغراب ليستند برأسه فوق مسند الأريكة فالتفتت إليه بجسدها قائلة بجدية
" إنه مُزعج، صارم و خبيث لا يُشبهك أبداً"
جونغداي حرك رأسه نحوها لينظر إليها قليلاً قبل أن يُعيد نظراته إلي السقف
"هاتفك"
مد الهاتف نحوها لتسحبه منه سريعاً و احتضنته إلي صدرها بضحكة بلهاء
"بحثت عنه كثيراً"
التفت إليها جونغداي بإبتسامة
"حين تفقدينه مُجدداً ابحثي بالثلاجة أولاً "
همهمت إليه ثم وقفت من مكانها لتحمل الأطباق المُبعثرة حولها قائلة
"سأذهب للنوم فلدي عمل صباحاً، هل تُريد شيئاً؟"
"هل روز نائمة؟"
بللت شفتيها لتهز رأسها نافية
" ميون كان مريضاً لذا اصطحبته إلي الطبيب و لم تعد بعد "
جونغداي انتفض بفزع فأشارت إليه سريعاً بأن يهدأ
" إهدأ إنها حساسية جسده مُجدداً"
"و هي لماذا لم تُخبرني بأنها ذاهبة إلي الطبيب؟ "
سأل بإنزعاج لترفع جيون كتفيها بعدم معرفة ثم همست
"تناولت عشائك؟ "
" لا، لست جائعاً.. سأنتظر روز حتي تأتي "
همهمت بتفهم قبل أن تنسحب نحو غُرفتها في حين عاد جونغداي ليجلس بمكانه و بملل أخذ يُقلّب بين قنوات التلفاز إلي أن نام بمكانه دون أن يشعر بذلك
بعد بعض الوقت... شعر جونغداي بشخص يهز كتفه ليجفل ثم فتح عينيه ببطئ لينظر إلي توأمه
" متي عُدت؟ "
" منذ نصف ساعة تقريباً"
ميونغ داي أجابه ببرود بينما يُشير نحو ثيابه التي بدّلها
"كم الساعة الآن؟"
جونغداي همس لينظر إلي ساعته و عينيه اتسعت تدريجياً حتي صرخ بغير قصد و هو يقف من مكانه
"الواحدة صباحاً!"
"ما الخطب بذلك؟"
ميونغ داي رفع عينيه نحوه بعدم فهم لينظر إليه الآخر بفزع
" روز و ميون لم يعودا بعد"
"عادا معي منذ قليل"
رفع كتفيه بحركة بسيطه ليُخرج هاتفه يعبث به بينما جونغداي عقد حاجبيه
" حقاً؟"
"هممم، روز اتصلت و قالت بأنها تأخرت بعيادة طبيب ميون لذا ذهبت لإصطحابها ثم تناولنا العشاء بالخارج فهي كانت جائعة"
وقف من مكانه مُتنهداً بصوتٍ عالٍ قبل أن يصعد إلي غُرفته تاركاً جونغداي يقف بمكانه ينظر إلي الفراغ و بحزن مكتوم امتزج بالغضب ضم قبضتيه بقوة قبل أن يتجه إلي غُرفته هو و زوجته
فتح الباب فرفعت رأسها نحوه سريعاً تُشير إليه بالصمت ثم أخفضت عينيها نحو الصغير النائم ليومئ جونغداي بخفة ثم اقترب من خزانة ثيابه ليُخرج بعض الملابس لأجله
بدّل ثيابه بحاجبين معقودين و اقترب بعدها من السرير ليستلقي عليه بجانب زوجته
جونغداي رمقها بنظرة جانبية قبل أن يتنهد هامساً بخفوت
"لماذا تركتني نائماً بغرفة المعيشة؟"
" ميون كان يبكي لذا أردت تبديل ثيابه"
أجابته بهدوء ثم استلقت علي الجانب الآخر واضعة الصغير بينهما لتُربت علي معدته بلطف كي لا يستيقظ بينما أعين جونغداي كانت تُراقبها بصمت إلي أن غفي
_____________
سيهون كان يتثاءب بنعاس و هو يُراقب ساعته من حين لآخر بينما ينظر إلي سوشيل من الخلف التي تُشاهد التلفاز بعبوس و هي تبكي بصمت
برنامج الأطفال الذي يُعرض كان تصنيفه كوميدياً و لا يوجد به ما يجعلها تبكي لكنها كل يوم ستتحمس لمشاهدته كي تبكي أمامه و هو لم يفهم سبب ذلك حتي
تنهد براحة حين انتهي برنامجها ليُغلق التلفاز و بهدوء سوشيل سبقته نحو غرفة النوم
هذا كان روتينياً طوال الأسبوعين الماضيين، محاولة هربها ثم تناول العشاء ثم برنامجها الذي تبكي أمامه و بعدها النوم
"أشعر بالبرد"
سوشيل همست بخفوت حين وضع سيهون يده فوق أزرار الإضاءة فتنهد ليقترب منها كي يضع الغطاء فوقها ثم أغلق الأضواء قبل أن يصعد علي السرير بجانبها
"هل تُريدين شيئاً قبل أن تنامي؟"
تحمحم يتسائل بإحراج فهزت رأسها تُهمهم بالنفي
أغلق عينيه و سرعان ما نام من شدة إرهاقه لكن روتينه الأخير الذي اعتاد عليه طوال الأسبوعين هو الاستيقاظ بمنتصف الليل علي صوت بكاء سوشيل النائمة
فتح عينيه بنعاس ليمد يديه نحوها إلي أن أمسك بكتفها فجذبها إليه مُحتضناً إياها ثم ربت علي رأسها من الخلف بلطف كي تهدأ بينما هو كان يحاول بصعوبة إبقاء عينيه مفتوحتين حتي اختفي صوت بكائها ليعود إلي النوم مُجدداً
To be continued.....
عيد مبارك وكل عام وانتم بخير 🖤🌨️
Bạn đang đọc truyện trên: AzTruyen.Top