3.1. اللفافة

أكتوبر – ست وعشرون عامًا قبل تأسيس قرية كونوها المخفية

أرض الدوامات

1.

خرج هيدياكي من كوخٍ حجري محاط بأشجار برية.

— أواثقة أنتِ من أنّنا في المكان الصحيح يا هاناكو؟

— أجل! كاتانا من بنى هذا البيت، أمّا الموقع المشار إليه في الخريطة فهو فخٌ نصبه في حال وقعت اللفافة في أيدي الأعداء.

تذمّرت نوبارا:

— يا لغبائه! لو لم تكن هاناكو ني-تشان معنا، لوقعنا في فخه. حري بكَ أن توَبِّخه على ذلك، نيي-سان!

— أتفهّم حذره، ولكن أين هو؟ أخشى أن يكون في ورطة... أما زلت لا تستطيعين استشعار التشاكرا خاصته؟

أغلقت نوبارا جفنيها وشكّلت ختمًا بيديها.

— أتُراه تمكّن من التسلل؟

— لا أظن... لو كان الأمر كذلك لراسلنا.

— معكَ حق...

فتحت المقاتلة عينيها على مصراعيها، وفي رمشة عين، تسلّقت شجرةً عملاقة. سأل شقيقها:

— ما الأمر يا نوبارا؟ أشعرتِ بـ تشاكرا أحدهم؟

لفت حفيف أوراقٍ انتباه هاناكو فأدارت رأسها ناحيته، وإذا بشابٍ بشوش ذي شعر أسود مجعّد يتطاير مع نسيم الصباح يقترب منهما بخطواتٍ سريعة. صاحت فرحة:

— آه! إنه كاتانا!

— لا يبدو مصابًا، هذا مُطَمئِن.

بسرعة البرق، قفزت نوبارا من أعلى فرع الشجرة وهبطت كالقطة على ظهره. أطلق كاتانا صرخة حادة، ودفع رفيقته جانبًا. دلّك كتفه متذمِّرًا:

— هل جُننتِ؟ أي طريقة لقول «مرحبا! اشتقت لك» هي هذه؟

أمسكت بياقته وأعينها تشتعل غضبًا:

— نحن ننتظرك منذ ساعة، أيها الأبله! أنت من تصيبني بالجنون بلامبالاتك هذه!

قال هيدياكي بهدوء:

— نوبارا، يكفي. كان من الممكن أن تلحقي ضررًا برفيقك.

— ولكن... نيي-سان!

— لا بد من سببٍ وجيهٍ لهذا التأخّر، أليس كذلك يا كاتانا؟

فرك الشاب مؤخِّرة رقبته.

— بلى... لقد قمت بدورية في المنطقة اللّيلة الماضية وانتهى بي الأمر نائمًا على شجرة. لم أشعر بمرور الوقت، آسف.

ربّتت هاناكو على ظهره.

— هذا هو أخي!

رمق كاتانا شقيقته الكبرى بابتسامة مشرقة وعانقها برفق.

— سعيد برؤيتك، ني-تشان!

قالت نوبارا بنبرةٍ ساخرة وهي تنفض بقايا الأوراق الجافّة عن أكمامها وسروالها النيلي:

— بل ويستغل الموقف لتلميع صورته!

استفسر هيدياكي متجاهلًا ملاحظتها:

— هل علينا توخي الحذر من شيء معين؟

مدّ الشاب يده إلى حقيبته وأخرج كومة أوراق سلّمها إلى القائد، الذي تمعّن في الوجوه المرسومة عليها.

— عصابةٌ من قطاع الطّرق تجوب المنطقة مؤخرًا، ويعتدون على الأغنياء والتجار. أولاء هم الأعضاء الذين التقيت بهم، لكن لا شك في أنّ هنالك آخرين. لقد رسمت أيضًا المسار الأكثر أمنًا إلى منطقة الأوزوماكي؛ لا يستخدم المسافرون والتجار هذا الطريق عادة، ولا يوجد سكان في ضواحيه.

— أحسنت صنعًا، شكرًا يا كاتانا. ماذا عن المدعوين؟

— وجدتُ اثنين. زوجان يعيشان بالقرب من هنا.

صاحت نوبارا مستاءة:

— اثنان فقط؟

— هذا كثير أساسًا! ماذا توقّعتِ؟

قاطع صوت القائد الخشن جدالهما:

— ممتاز. أنا وهاناكو سنأخذ رخصتيهما. أنتما الاثنان سوف تراقبانهما حتى نعود. دعونا لا نضيع المزيد من الوقت، فلنذهب!

***

أضاءت أشعّة الشمس عابرةً أوراق الشّجر المُصفَرَّة وجوه الأوتشيها الأربعة وهم يعبرون الغابة الكثيفة؛ هاناكو وهيدياكي في المقدمة، كاتانا ونوبارا خلفهما. تذمّرت نوبارا:

— هذا ليس عدلًا! قطعتُ كلّ تلك المسافة إلى هنا، وفي نهاية المطاف، لن أحضر المهرجان أو أتذوق الأطباق اللّذيذة...

ردّ عليها كاتانا ساخرًا:

— مرحبًا بكِ في أرض الواقع، نوبارا-تشان!

رمقته بوجه عبوس فابتسم لها كاشفًا أسنانه العاجية. قال هيدياكي:

— هذه مهمّة وليست مأدُبة!

أطلقت نوبارا تنهيدة صغيرة وعقدت ذراعيها.

— ولا هي بموعدٍ غرامي!

أضاف كاتانا بحماس:

— أجل! لِمَ لا؟ فلنتظاهر بأنّنا في موعد!

— أنا لا أتحدث عنك أيها الأحمق!

كما لو أنّه اكتشف سرًّا عظيمًا، وضع كاتانا يده على فمه كابحًا ضحكته.

— يا إلهي! أيعقل أنّهما يتواعدان؟

أدار هيدياكي وجهه الخال من التعابير نحوهما:

— ماذا لو توقّفت عن الثرثرة وأطلعتنا بمزيدٍ من التّفاصيل؟

— أمرك تايتشو!

غمز كاتانا لـ نوبارا، فأومأت برأسها بعد أن فهمت أنه يقصد «أطلعيني على كلّ شيء لاحقًا».

— كلاهما من عشيرة أوزوماكي، لكنّهما يعيشان خارج النطاق الرئيسي لسببٍ أجهله...

— ألديك فكرة عن مهاراتهما؟

— السيّدة عازفة شامِيسَنْ، وزوجها مُمَثِّل كابوكي. سيقدّمان عرضًا في المهرجان. حياتهما اليومية هادئة. لم يتدخّلا في قتالٍ أو صراعٍ في الآونة الأخيرة، لكن لا يمكنني استبعاد احتمال أن يكونا قويّين.

— ما مدى شهرتهما؟ طبيعة عملهما ستلفت الانتباه إلينا، ألا تظنّ ذلك يا هيدياكي؟

— بلى، أنتِ محقّة، وعلى عكسكِ، لستُ مُمثِّلًا بارعًا، ولكن ليس لدينا خِيار.

2.

مختبئين بين شجيراتٍ كثيفةٍ عند مَخرجِ الغابة، راقب الشينوبي الأربعة منزلًا حجريًا على بعد أمتار قليلةٍ منهم، يتسرّب الدُّخَان من مدخنته ليتبدّد في الهواء. أشارت هاناكو إليه:

— دخان... يبدو أنهما في الداخل.

استأنف القائد الحديث:

— إذن، ها هي ذي الخُطَّة: أنا وهاناكو بحاجة إلى قراءة ذكرياتهما ونسخ مهاراتهما الفنّية باستخدام الشارينغان. ستتخذان الخطوة الأولى، ألقيا القبض عليهما مع تجنّب إيذائهما قدر المستطاع. بمجرد أن تتمكّنا من ذلك، أرسِلا إشارة. ريثما نقرأ ذكرياتهما، سوف تبحثان عن رخصتيّ العبور.

أومأ أعضاء فريقه في آن واحد.

— هاي!

شكّلت نوبارا ختم الخروف، وما أن نطقت بعبارة «هينغي نو جوتسو!»، تحوّلت إلى طفلة ترتدي يوكاتا أخضر وشعرها مصفّف في ضفيرتين.

— سأرسل إليكما سهمًا. فلنذهب، أيها الجد كاتانا!

صرخ الشاب في وجهها:

— ماذا قلتِ؟ أعيدي ذلك وسترين!

أطلق هيدياكي تنهيدة.

— نوبارا على حق. مظهر الرجل العجوز سيجعلك موثوقًا أكثر.

ضمّ كاتانا شفتيه عابسًا.

— لا شيء يجعلني جديرًا بالثقة أكثر من ابتسامتي الساحرة!

قلبت نوبارا عينيها، فكشف الجاسوس اليافع لها عن أسنانه البيضاء مثالية الاصطفاف، لكنها تجاهلته، فنفخ خدّيه وشكل نفس ختم التقنية التي حوّلته إلى رجل عجوز.

***

فُتح الباب فظهرت من ورائه امرأة ذات شعرٍ أحمر، وبعد محادثة وجيزة مع كاتانا، سَمحت لهما بالدخول. راقبت هاناكو المشهد خلف أوراق الشّجر وذراعيها ملفوفين حول ساقيها، ما خفّف من ارتعاش جسدها. وضع رفيقها يده على كتفها قائلًا:

— لا تقلقي، سوف ننجح هذه المرة.

— هيدياكي؟

— نعم؟

— ما حافزك؟ أنت... تشرب الساكي حد الثّمالة بعد كل معركة...

ابتلع هيدياكي ريقه. سحب يده وأخفض رأسه. عادت إليه ذكرى مخجلة له وهو ثمل يغازل هاناكو. ذكرى تمنّى لو استطاع محوها من ذاكرته وذاكرة ابنة عمّه، فحتّى بعد أن اعتذر لها، لم يستطع أن يسامح نفسه.

— كيف تستطيع أن تبقى مُصمِّمًا على إنجاز هذه المهمّة وأنتَ تعلم أنّ أبرياء سيموتون لا محال؟

— هاناكو، أما زلتِ متردّدة؟

— أعلم أنّ القوة ستجلب لنا السّلام. إن سيطرنا على أرض النّار وهزمنا السنجو، فلن يكون هنالك المزيد من الحروب... لكنّني ما زلت أجد صعوبةً في تقبّل حقيقة أن يصبح أشخاصٌ لا ذنب لهم في هذه الحرب ضحايا لها... لا ذنب آخر غير أنّهم أعداؤنا! صراحةً، كلمات شينيا أزعجتني كثيرًا. لقد رأيتَ ذكرياته... وبلا شكّ، أفكاره قد انتابتك وروحه في جسدك. أنا أتساءل عمّا إذا... انس الأمر.

— أنتِ على حقّ. القوّة وسيلةٌ لتحقيق السّلام، لكن القوّة ليست كلّ شيء. نحن مضطرون على أن نبدو خطيرين من أجل الدّفاع عن عشيرتنا وحماية أحبّائنا... لكن هذا لا يعني أنّه علينا أن نكون عديمي الرّحمة.

رفع هيدياكي رأسه ونظر في عيني هاناكو ثم تابع:

— لي هدف. لا، بل قناعة. لكن لا أستطيع أن أخبرك عن هذا الآن، سأطلِعُك بكل شيء عندما نعود إلى الديار.

— ولِمَ لا الآن؟

أخذ هيدياكي نفسًا عميقًا.

— لا أريد تشتيت انتباهكِ. ركّزي على دوافعك الخاصّة، أنا أثق في حكمكِ.

«يثق في حكمي؟»، توقف ارتجاف هاناكو وعلت ابتسامةٌ محيّاها. انسدلت خصلة شعر فوق عينها، فمدّ هيدياكي يده ليبعدها، لكنّ سهمًا اخترق الشجيرة، فقفز كلٌّ منهما إلى جانبٍ، متجنبين إيّاه.

— يا لهذه الأخت الصغرى!

ركض الثنائي نحو البيت الحجري. فتح هيدياكي الباب، فانبثقت من الداخل سلسلة سميكة محاطةٌ بهالةٍ ذهبية كنسرٍ مُشتعِل. بسرعة البرق، أمسك بذراع زميلته وسحبها إلى الجانب، حيث سقطا على العشب. فعّلت هاناكو الشارينغان وحدّقت في السّلسلة بذهول.

— هذا الشيء مصنوع من التشاكرا الخام!

— أجل... قرأتُ عن أمر كهذا في مذكّرات والدي.

— ماذا يقول؟

— هذه هي التقنية التي استخدمها الأوزوماكي لشلِّ حركة كيوبي قبل ختمه.

— هذا لا يُبَشِّر بالخير...

فور أن اختفت السلسلة، دخل الشينوبي المنزل، حيث تردّد صدى صوت نوبارا المرح والغاضب.

— لم يكن تصرّفك لطيفًا يا شيزوكا-سان!

جلست المرأة المدعوة شيزوكا وزوجها على الأرض والحبال تكبّل ذراعيهما ومعصميهما وكاحليهما. واجهتهما نوبارا وقوسها في وضعية الاطلاق. أمّا كاتانا، فوقف متكئًا على الدرج، مُمسِكًا بقبضة سيفه.

صاح الرجل ذو الشَّعر الأحمر مذعورًا:

— ماذا تريدون منّا؟ إن أتيتم من أجل المال، فخذوه واتركونا وشأننا!

قاطعته زوجته متذمّرة:

— ولكن يا عزيزي، لا يمكننا إعطاؤهم أموالنا! افعل شيئًا! قاتلهم!

تمتم الزوج بتوتّر:

— لكن يا عزيزتي شيزوكا، اُنظري إلى تلك العيون! يبدو أنّهم ينتمون إلى عشيرة أكلة لحوم البشر تلك.

ابتلعت شيزوكا ريقها؛ كادت مقلتاها أن تخرجا من مكانهما من هول الرعب وهي تحدّق في هيدياكي سائرًا نحوهما ومفعِّلًا الشارينغان.

— لا نية لنا في قتلكما؛ ولسنا هنا لسرقة أموالكما.

أضاف كاتانا عابسًا:

— ولسنا نأكل لحوم البشر! مجرّد التفكير في ذلك يصيبني بالغثيان!

— لقد استولت عشيرتكما على شيء يخصّنا في الأصل. نحن هنا لاسترجاعه.

أجاب الزوج:

— ما نحن إلّا فنّانَينِ بسيطين لا نتدخّل في صراعات عشائر النينجا.

هزّت شيزوكا رأسها وجسدها يرتجف. أردف هيدياكي:

— يسرّني أنّنا لن نضطرّ للقتال... ولكن، كما تعلمان، علينا الوُلوج إلى نطاق عشيرتكما للمطالبة بما هو ملكنا.

— لا يمكننا مساعدتكم في ذلك! حتّى لو هدّدتم بقتلنا، فلن نخون عشيرتنا أبدًا.

— أنا أُقدِّر ولاءكما، ولكن...

أدار هيدياكي رأسه نحو الدَّرَج. قال كاتانا وهو يلوّح بورقتين ملفوفتين:

— وجدتهما أيها القائد!

— ممتاز! يمكننا ألّا نعُدّ هذا خيانةً، صحيح؟

صرّ الأوزوماكي على أسنانه. شعرت نوبارا بكمية هائلة من التشاكرا تتركزّ في معدته، فاستحوذت بسرعة على سهمها، ولكن قبل أن تطلقه، انهار جسد خصمها على الحائط. تنفست الصعداء، «أحسنت، نيي-سان!».

صاحت الزوجة:

— عزيزي!

فردّت عليها هاناكو:

— أنتِ التالية!

حدّقت شيزوكا بذهول في قزحيتي الكونويتشي القرمزية؛ وما هي إلّا لحظاتٌ حتى حطّ رأسها على كتفِ زوجها.

— احبِسَاهما في غرفةٍ وأبقِياهما تحت أعينكُما. يجب أن نستعد أنا وهاناكو للعرض.

سأل كاتانا:

— ماذا ستفعلان لعبور نقطة التفتيش؟ أستجرّبان تقنية التحول؟

أجابت أخته:

— سوف نتنكّر ونخفي التشاكرا خاصتنا، في حال ما إذا...

دون مزيدٍ من التأخير، انضمّت الكونويتشي إلى هيدياكي في الطابق الأول.

قالت نوبارا موضّحة:

— يمكن للنينجا الحسّي عالي المستوى اكتشاف وجوه الاختلاف والتشابه في تشاكرا الآخرين والتمييز بين تشاكرا الغرباء وتشاكرا الأوزوماكي. في بحوثه عن عشيرة الأوزوماكي، لاحظ والدي أنّ لديهم نينجا ماهرين للغاية في استشعار التشاكرا. يتطلّب الأمر مهارةً كبيرة، بالطبع ليسوا جميعًا قادرين على ذلك... ولكن عندما قرأ نيي-سان رسالتك، رأى أنّه من يُستَحسن قمع التشاكرا للحفاظ على سرية هوياتنا. إن استخدما تقنية التحوّل، فسيتعيّن عليهما اللّجوء إلى التشاكرا الخاصة بهما باستمرار للحفاظ على هيأتهما... لذلك من الأفضل أن يتنكّرا.

قال كاتانا وهو يقرص وجنتها الممتلئة:

— يا! لديك عقلٌ فعلًا!

— ماذا قلت أيها الأحمق؟

صفعته نوبارا بقوّة فغطّى شعره الأسود المُمَوّج وجهه. انتحب ويده على خده:

— ما خطبكِ؟ إنّها مجاملة!

— أغلق فمك!

عضّ الشاب شفته بابتسامة ماكرة.

المعجم



Bạn đang đọc truyện trên: AzTruyen.Top