20.2. الوجه الآخر لـ آرايا

أرض النار – نطاق عشيرة أوتشيها

3.

في الصباح، وصل كاتانا إلى عشيرته بقلبٍ مثقل، بعد أن ترك زميليه خلفه ومضى قدمًا لتبليغ آكيرا بتقرير مهمتهم. راوده ذاك التساؤل ثانية... لماذا قد يضحّي شخص بنفسه من أجل الآخرين؟ هل حياة فردٍ واحد أقل قيمة من حياة الجماعة؟

«إن اتّبعتني، فسيذهب العناء الذي تكبّدناه لجمع المعلومات هباءً. أنا وآرايا أقوى منك بكثير، ستكون عبئًا علينا إذا ما قاتلنا نحن الثلاثة!» تردّدت كلمات ابنة عمّه في رأسه وهو يحدّق في والده في غرفة الاجتماعات. ترأس الزعيم وعلى وجهه ابتسامة متكلفة ستة قادة بالإضافة إلى تاجيما وهاناكو وهيدياكي، جالسين على صفّين أحدهما يقابل الآخر.

— استمر!

— أمّا فيمَا يتعلّق بعشيرة أبورامي، فبالإضافة إلى سمون حشراتهم وطفيلياتهم، لاحظنا أنهم يستطيعون استخدامها في المطاردة. لا نعرف ما هي الآلية التي تجعل هذا الأمر ممكنًا، لكن آرايا قدّم بعض الفرضيات بناءً على الملاحظات التي قام بها باستخدام الشارينغان...

فتح كاتانا لفافة رفيقه وقرأ:

— تبعث الإناث إشارات تجذب الذكور. الأبورامي الذين يقدّمون أجسادهم لهذه الحشرات ويتركونها تتغذى على التشاكرا الخاصة بهم يكتسبون القدرة على التواصل معها وفهم لغتها، مما يمنحهم قدرات مثيرة للاهتمام وغير متوقعة. إنها علاقة مشابهة، ولكنها أكثر تطورًا من تلك التي تنشأ بين الإنسان والجراثيم النافعة التي تحتل جسده.

حرك آكيرا شفتيه باشمئزاز.

— همم... عشيرة قذرة أخرى.

— جمع آرايا أيضًا عينات من هذه الحشرات حتى نتمكن من دراستها بعمق. لسوء الحظ، أثار هذا الشكوك حوله وطاردنا الأبورامي. واجههم نوبارا وآرايا على أمل الحصول على مزيد من المعلومات والسماح لي بتبليغك هذا التقرير.

— طبعًا... لست قادرًا على إتمام مهمّة دون إحداث جلبة. على أي حال، مهما كان عددهم، آمل أن يكونا قد تخلّصا منهم جميعًا. يجب ألّا نترك لهم الفرصة للاستعداد لقتالنا. هذا الغزو سيكون مشروعنا بعد معركة الشمال ضد السنجو، أليس كذلك يا هيدياكي؟

التوت معدة كاتانا تحت وطأة الشعور بالذنب. أدار نظره إلى ابن عمه. وجد هيدياكي طريقة لإنقاذه في مهمتهم السابقة، في حين أنه ترك نوبارا خلفه. كيف له أن يعتبر نفسه قائدًا؟

قال أحد القادة ذي جبهة موشومة:

— أستميحك عذرًا يا آكيرا-ساما. أخشى أنّ هذا غير ممكن في الوقت الحالي. العشائر الغربية قد شنّت تمرّدًا استعصى على جيشنا التعامل معه. لقد تلقيت للتو تقريرًا مفصّلًا من كونويتشي عادت للتو من مهمتها، تقول فيه أنّ الياماناكا استخدموا تقنية سرية للتسلل إلى صفوفنا وتمكنوا من قتل عدد كبير من جنودنا. قواتنا في فوضى عارمة، لا يمكن لأحد أن يثق بالآخر.

— وماذا تفعل أنت يا ساتوشي-دونو؟ دورك هو التعامل مع هذه المشاكل، وليس إخباري بها! لا أحد يقوم بعمله بشكل صحيح في هذه العشيرة، لا أحد! أنا هنا دائمًا لإصلاح الأضرار التي الناجمة عن قلة كفاءتكم.

تبادل هاناكو وهيدياكي نظرات أثارت فضول الجاسوس الشاب.

— آكيرا-ساما، لو سمحت...

— نعم يا هيدياكي، أنا منصت، هل لديك حل؟

— لديّ اقتراح... ما رأيك أن نتفاوض معهم ونبحث عن سبيل للاتفاق يرضي الطرفين؟

ثار صخب في الغرفة، تبادل القادة الهمسات.

— هذا غير وارد! الأوتشيها لا ينحدر إلى مستوى هذه العشائر النكرة، بل يجب أن نضعهم عند حدّهم. ساتوشي دونو، أنا أعتمد عليك لحل هذه المشكلة. انتهى الاجتماع، يمكنكم الانصراف!

4.

اغتسل كاتانا ثم اختبر بسبابته درجة حرارة ماء حوض الاستحمام. مثالي، لا ساخن جدًا ولا فاتر. فتح باب الخزانة وأخذ زجاجة صغيرة، سكب قطرة الزيت الوحيدة التي تحتويها في الماء.

»هذا لا يكفي...»

ارتدى اليوكاتا وتوجه إلى غرفة أخته، فهي تملك كل أنواع الزيوت العطرية التي تساعدها على التغلّب على القلق والاكتئاب الذي تسببه لها مهماتها، وهذا كل ما يحتاجه الآن لتهدئة شعوره بالذنب. لم يكن الزعيم ليتيح له الحصول على مثل هذه المواد، والتي – في رأيه – تعزّز ضعفه، ولكن هاناكو تصنعها بنفسها.

عندما كانا طفلين، أجبرهما آكيرا على أخذ دروس في علوم النبات والكيمياء تحت إشراف شينوبي مختص في السموم من عشيرتهما، بهدف وحيد هو تمكينهما من تسميم أعدائهما. لم يحرص كاتانا على تعلّمها، بل فضّل قضاء وقته في الرسم، في حين وجدت أخته ضالتها في هذه المعرفة: صنع الصابون والعطور والزيوت ومستحضرات التجميل. لم يسعد آكيرا باكتشاف ذلك. تمامًا مثل مهارات كاتانا في الرسم، لم يجدر بهذه المواهب أن تذهب هباءً، بل أن تُستغلَّ في مصالح العشيرة، أي إتمام المهمات.

أوشك أن يطرق باب أخته الكبرى عندما أوقفه صوت والدهما العنيف القادم من الداخل.

— ماذا كنت تفعلين طوال هذا الوقت بحق الجحيم؟ لا يمكنني حتى الاعتماد على ابنتي! لقد خيبتِ أملي يا هاناكو، أنتِ أفشل مشروع لي في حياتي!

— لكن يا أوتو-ساما، لقد أخبرتك بذلك!

— ما هذه الوقاحة؟ أنا لست صديقك لتجيبيني! جعلتني أضحوكة أمام القادة! لقد كلّفتكِ بمهمة وكل ما تفعلينه منذ ذلك الحين هو اللهو مع هيدياكي، هل أنت مدركة لخطورة الموقف؟

— أوتو-ساما، اسمعني أرجوك، أعتقد أنّ هيدياكي محق... لو أنك فقط...

— اخرسي! إياك أن تكوني مغرمة به!

— ماذا؟ لا! بالطبع لا.

— كفّي عن الدفاع عنه إذن وافتحي عينيك. كوني عقلانية! إن كانت مشاعركِ تعميكِ، فعليكِ أن تتخلصي منها.

استشعر كاتانا اقتراب خطوات آكيرا، فاختبأ خلف أحد الجدران وراح يراقبه وهو يبتعد. أطلق تنهيدة وتسلل إلى غرفة هاناكو. شهقت عند رؤيته ومسحت خديها المبتلين. عانقها ومسد على ظهرها.

— ما الأمر ني-تشان؟

أجهشت الكونويتشي بالبكاء.

— كم أتمنى أن أموت وأستريح من هذا العذاب. لطالما كنتُ غاضبة من أوكا-ساما، لكنني بتُّ أفهمها الآن... فهمت لماذا قتلت نفسها. كيف يمكن لامرئٍ أن يعاشر شخصًا متناقضًا مثله؟

اقشعر كاتانا عند التفكير في فقدان أخته. ضمها إليه بقوة و قبّل جبينها.

— لا تقولي هذا، أنت لست وحيدة، جميعنا إلى جانبك... هيدياكي نيي-تشان، ونوبارا، وماكي سنسي، وتاجيما آني ساما. إن شعرت بالحاجة إلى التحدث معي عن أي أمر يزعجك، فلا تترددي في ذلك. دائمًا ما أفتح قلبي لكِ، دعيني أكون أخًا مساندًا لك أيضًا!

مسحت عينيها وابتسمت.

— مهما حدث ومهما فعلتُ في نفسي، سأظل أحبك يا كاتانا. إياك أن تنسى ذلك!

— وأنا أيضًا، ني-تشان

فتحت هاناكو درج طاولتها بجانب السرير وأخرجت علبة شوغي. قالت بنبرة نصف حزينة ونصف مبتهجة:

— لم نلعب منذ زمن طويل! ما قولك؟

اجتمع الأخ وشقيقته في الإنغاوا حول لوح الشوغي، لعبة جمعتهما منذ نعومة أظافرهما.

— كيف تجري الأمور... مع هيدياكي ني-تشان؟

مرت مدة من الوقت دون إجابة، لم يستمع فيها كاتانا سوى صوت انزلاق القطع على رقعة الشوغي.

— آسف.

— هيدياكي إنسان طيب... لكنني جاحدة في حقّه.

سأل بتردد:

— لماذا؟

— أوتو-ساما يشتبه به في التآمر ضده للاستيلاء على السلطة، لذا أمرني بالتجسس عليه. أشعر بالسوء حيال خداعه، لطالما كان طيبًا معي.

حدّق كاتانا في أخته بشفة متدلية. لماذا يفسد والدهما كل ما هو جميل في حياتهما؟ حتى وإن فاجأه الإعلان عن زواجهما، فقد سُرّ به من أعماق قلبه. فلطالما ظنّ أنهما يحبان بعضهما البعض في صمت.

— إذن... زواجكما...

— أجل، إنها مهمة. أنا حائرة، لدى أوتو-ساما حجج وجيهة لتبرير اتهامه وهيدياكي... حسنًا، لا ينفك يؤكدها لي. أنا خائفة من أن تسوء الأمور، من أن أضطر لإيذائه أو أن تندلع حرب أهلية ويحدث انشقاق في عشيرتنا.

ابتلعت ريقها وكبحت دموعها.

— يجب أن أجد طريقة لإيقاف هذا.

— لن تكوني قادرة على ذلك بمفردك. آكيرا عنيد وصعب المراس، لا يمكنك إجراء محادثة عادية معه، لكن... هيدياكي ني-تشان عاقل. أخبريه عن مخاوفكِ، أنا واثق من أنه سيفهمك.

— لا أستطيع، هذا سيجرح مشاعره.

— بسبب موضوع الزواج هذا؟

أومأت هاناكو برأسها.

لا تقلقي بشأن ذلك، إن كنتِ صادقة معه فسيدرك مدى حبك له. مشاعرك صادقة وهذا هو الأهم.

طُرِق على الباب فسمحت الكونويتشي للطارق بالدخول. أخبرتها الخادمة أنّ هيدياكي ينتظرها في الحديقة. البريق في عينيها رسم ابتسامة مشرقة على وجه كاتانا. ربت على كتفها وقام من مكانه.

— حظًا موفقًا!

— إلى أين أنت ذاهب؟ ألا تريد مقابلته؟

عضّ الجاسوس لسانه.

— لقد قدم من أجلك... سأذهب إلى كوخي لأرسم لوحة أو اثنتين، أحتاج إلى الاختلاء بنفسي. اقضيا وقتًا ممتعًا!

تورّدت وجنتاها وصاحت فيه خجلة:

— كاتانا!

Bạn đang đọc truyện trên: AzTruyen.Top