2.2. شينيا
3.
أخذت هاناكو حبلًا قطعته بسيفها الصغير إلى أربع، ثمّ ربطت معصميّ وكاحليّ جسد هيدياكي الخامل حيث توجد روح شينيا المحاصرة في الغنجوتسو خاصتها. بجانبه، جلس القط يلعق أطرافه بلا مبالاة.
— إن كنتَ لا تنوي مساعدتي، فسأستدعي تاما-تشان، وأعطيها كل الأسماك مكافأةً!
توقّف قط النينجا عن اللّعق وحدّق في الكونويتشي بأعين واسعة مستديرة:
— أوه! تلك السمينة، نيان؟ قطٌ رشيقٌ مثلي وحده قادرٌ على إنجاز هذه المهمّة!
انحنت هاناكو وربّتت على رأسه ووجهها تعلوه ابتسامة سِنّورية.
— أعلمُ أنّني أستطيع الاعتماد عليك يا هايرو-تشان، أنتَ الأفضل!
فرك القط جسده على ساقها مُخرخِرًا، ثمّ ركض بحثًا عن جسد شينيا. حواس قطط النينجا — ولا سيما الشم — قويّة وقادرة على تحديد العديد من الروائح المميّزة، مثل رائحة البشر.
عادت هاناكو إلى المقصورة وتفحّصت حجرتي النوم. بفضل الشارينغان، ميّزت تشاكرا نوبارا وكايتو، النائمين في سريريهما، لكن ما من أثر لـ شينيا.
خلال القسم الأول من الليل، تولّى كايتو المراقبة. ربّما لم يوقظها هيدياكي لأنّ شينيا قد سبق واستولى على جسده. إن أخذ شينيا مكان كايتو فعلًا، فهذا يعني أنّه كان... في قمرة القيادة؟
ركضت إلى مؤخِّرة المركَب الشراعي وتفقّدت المكان: عجلة القيادة، خريطة وبوصلة على لوحة التحكّم؛ لكن لا وجود للشاب.
مقدّمة السفينة إذن؟ بالتفكير في الأمر، هناك رأت هيدياكي. وقفت الكونويتشي مقابلة الحاجز وبصرها في الأفق. حاولت أن تتذكّر تفاصيل مهمّة التجسّس التي أنجزتها في منطقة عشيرة ياماناكا. عندما اكتشف الرجل المدعو يامامارو هويّتها، اندلع قتالٌ بينهما. ألقت هاناكو كرة نارية تجاهه وركضت نحو مخرج النطاق وهو نفقٌ داخل الجبل.
نظرت خلفها لاهثة. طاردها يامامارو وهو عاري الصدر مع بقعٍ قرمزية على جلده. فجأة، اصطدمت بشخص ضخم البنية، وإذا بصدى صوت خصمها يتردّد في النفق: «أمسكها يا أنيكي!».
تسارعت خطواتها، لكنَّ الرجل الآخر أمسك بذراعها وسحبها نحوه، وإذا بظهرها يصطدم بصدره. فتحت فمها متعطشة للهواء، لكن عضلات عدوها المحيطة بعنقها ما فتأت تخنقها، مُصيبةً إياها بالدوار.
أمسكت بمعصم الياماناكا وأدارت جسدها لتُحرِّر نفسها، في حين حاولت يدها الاستحواذ على سيفها المربوط حول فخذها.
على بعد أمتار منهما، صاح يامامارو: «سحقًا! لا تدعها تتحرّك، سأستخدم تقنية شينتنشين نو جوتسو!». شكَّل هذا الأخير خَتْم الطائر بيديه قبل أن ينهار جسده. لم تفهم هاناكو ما حدث، لكن الرجل الضخم خلّى سبيلها. قالت في نفسها: «إنها فرصتي!»، لكنَّ يداها رفضت الانصياع لإرادتها، ولا حتى ساقيها استجابت لأوامرها...
فركت الأوتشيها ذراعيها، دائمًا ما تصيبها هذه الذكريات بالقشعريرة. شينتنشين نو جوتسو... تكمن نقطة ضعف هذه التقنية في وجوب ثَباتِ الهدف. فإذا تحرَّكت الضحية لحظةَ إطلاقِ المُستخدمِ تِقنيَّتَه، فإنَّ روحه ستغادر جسده دون أن تصل إلى غايتها، وسيبقى جسد المستخدمِ خاملًا، ممّا يجعله عرضة للخطر. على الأرجح، هيدياكي لم يرَ شينيا. ربما كان واقفًا في هذا المكان وظهره مستديرٌ له، وكان شينيا يبعُدُ قليلًا عنه، وإلَّا شعر بوجوده.
خرَّبت هاناكو شعرها بانزعاج. «لا طائل من هذا... لا بدَّ أنَّ شينيا قد أخفى جسده في مكان ما بعد أن استولى على جسد هيدياكي. ولكن أين؟ تبًّا، لقد بحثتُ في كل مكان!».
ما أن استدارت، وقع نظرها على الشراع، «أيعقل؟». ركضت إلى الصاري وحدّقت إلى الأعلى. على ذراع رافعة الأشرعة، تدلّى جسد الغلام الأشقر أمام هايرو، وذراعيه وساقيه — بالكاد مخفيين بالأقمشة — معلَّقين كالـ رامن.
— هاناكو-تشان، وجدته!
— يا لغريب الأطوار هذا! نسفة ريح واحدة تكفي لسحق جمجمته.
ركَّزت الكونويتشي التّشاكرا في قدميها وتسلّقت الصاري، ثمّ واصلت سيرها على العمود الأفقي بخطوات حذرة. مرّرت ساعِدَيها تحت إبِطَيّ الياماناكا وسحبته معها عند نزولها.
— إنه أثقل مما يبدو عليه!
تذمَّر هايرو قائلًا:
— كان عليكِ أن ترميه من الأعلى! إنه لا يستحق أقل من ذلك، نيان!
— لا أعرف كلّ أسرار هذه التقنية. قد يكون جسديهما متّصلان. أخشى أن يتأذّى هيدياكي.
أسندَته على الصاري وربطت كاحليه ومعصميه. اكتسحت ملامح الحزن وجهها فور أن عادت كلماته إلى ذهنها. «هذه المرة لن أستسلم لضعفي!». انحنت على جسد ابن عمها لتحرّره من الغنجوتسو، لكنّها قفزت للخلف فزِعةً عندما فتح عينيه قبل أن تفعل ذلك. سألته متردِّدة:
— أيُّهمَا... أنت؟
أجابها وهو يعدِّل من قعدته:
— هذا أنا... هيدياكي. اكتشفتُ طريقةً للتحرّر من تقنيته بفضل الغنجوتسو الخاص بكِ، لكنني انتظرت أن تعثري على جسده أولًا. أحسنتِ صنعًا يا هاناكو.
— هكذا إذن... أنا حقًا آسفة.
جثت خلفه وشرعت في فكّ عقدة معصميه. لاحظت بطرف عينها أنَّ شينيا ما زال فاقدًا للوعي فتوقفت فجأة. عكف هيدياكي حاجبيه ورمقها بنظرة استفسار.
— أخبرني بشيءٍ لا يعرفه سوانا. فقط... ليطمئنَّ قلبي أنه أنت!
ضحك القائد بخِفّة.
— همم... دعيني أفكِّر.
ضيّقت جفنيها ونظرت إليه بارتياب.
— إذن؟
— أتذكرين... معركتي الأولى؟ كلّا، ليس هذا... كُفِّي عن التحديق فيّ بهذه الطريقة، أنتِ تشتّتين انتباهي!
— أذكرها...
ما تتذكَّره بالضبط هو غضب والدها تجاه تاجيما. لطالما برع شقيقها الأكبر في الكنجوتسو والتايجوتسو، وباعتباره خليفةً للزّعيم، فقد تدرَّب ودرس بلا كللٍ لتحسين قدراته في شتّى المجالات. لطالما أبدى الجميع عنه انطباعًا حسنًا، إلى غاية الوقت الراهن. ومع ذلك، فإنّ هيدياكي قد انفرد بشيءٍ لم يكتسبه تاجيما بعد في ذلك السِّن المبكِّر. فقد وُلد ابن عمِّهما ليكون استراتيجيًا، وقد ظهرت عبقرية هيدياكي منذ مشاركته الأولى في الحرب، لكن أكيرا لم يَرُقه ذلك.
— حسنًا... التقيتُ بكِ ذاك الصّباح عند مدخل معبد ناكانو. أعتقد أنك كنت تنتظرين والدتك. كنت ترتدين كيمونو أبيض مطرّز بأزهار الكرز...
— أذكر ذاك الكيمونو... صحيح، كانت والدتي تصلّي كل يوم من أجل أوتو-ساما وآني-ساما.
فكَّت هاناكو حبل زميلها، لكنه واصل قصته:
— تمنّيتِ لي التوفيق وقلتِ...
تورَّد خدّا هاناكو وخفضت رأسها بخجل.
— أنه عليَّ أن أعود سالمًا، لأنك تنوين الزواج بي!
ضحك كِلاهما في انسجام.
— ذاكرتكَ جيّدة. على الأرجح، لم أعرف ما يعنيه الزواج آنذاك... كنت مفتونة بالـ شيروموكو، وأتخيّل نفسي جميلةً وأنا أرتديه.
فكَّ هيدياكي قيد كاحليه قائلًا:
— يومًا ما... سترتدينه وستبدين أجمل ممّا أنتِ عليه!
ضحكت هاناكو رغم غصَّة في حلقها.
— لا أظنُّ ذلك. انظر إلي، أنا...
ابتسم لها وجلس مقابلها.
— هاناكو، أنا...
قاطعته:
— أنا في حالة مزرية! لا أبدو كـ كونويتشي... ولا أتصرَّف كواحدة منهن. أنا آسفة يا هيدياكي. لم أساعدك في شيء، بل زدتُ الطين بلَّة.
امتلأت عينا هيدياكي المائلة حزنًا.
— هل تثقين بي... كقائد؟
رفعت هاناكو حاجبيها مستغربة.
— ليس هذا ما أعنيه... لو أنّني أخبرتك عن شينيا، لكنتُ مضطرّة لأن أحكي لك تفاصيل تلك المهمة. شعرتُ بالخجل منك، هذا كل ما في الأمر. أنا آسفة، لم أتصوّر أنَّ الأمور قد تؤول إلى هذا.
ربّت بخفّةٍ على ذراعها.
— لا عليكِ، أنا لا ألومك. نحن شينوبي ولكلٍ منّا أسرارٌ لا نودُّ مشاركتها مع الآخرين... ولكن لإنجاز مهامنا على أكمل وجه، نحن مجبرون على ترك مشاعرنا الشخصيّة جانبًا.
قالت بصوت خافت ورأسها منحني:
— أنت على حق... أنا آسفة.
أطلق هيدياكي تنهيدةً ورفع ذقنها بلطف.
— أدّيتِ عملك جيّدًا، لا تقسي على نفسك.
طمأنتها نظراته الرقيقة، لكنّها لم تَكْفِ للتخلّص من قلقها. لم يعُد شينيا موضع ترحيب. في قتالٍ عادي، كانت لتقتله، لكنّ ملامحه التعيسة أثارت تعاطفها. هذا ليس الوقت المناسب للاستسلام، ليس على هيدياكي أن يذكِّرها بذلك... وقفت والتقطت الواغاسا خاصتها قائلة:
— سأتولى أمره... وأشرح الوضع لكايتو-سان.
سارت هاناكو نحو شينيا بخطواتٍ بطيئة. وما أن وصلت إليه، حتى أدار وجهه متجنّبًا نظراتها.
— كلماتٌ أخيرة؟
— انهي الأمر سريعًا، رجاءً.
عضَّت شفتها ورفعت الكاتانا فوق رأسها بكلتا يديها، حيث لمع نصله تحت ضياء القمر. وبحركة خاطفة، دفعت سلاحها إلى الأسفل، لكنّ حركته المنحنية توقّفت قبل أن تلمس شفرته الحادة رقبة الغلام الأشقر. التفتت هاناكو إلى يمينها، حيث وقف هيدياكي ممسكًا بمعصمها. رمقته بنظرة شكٍ واستفسار، فجاءها الجواب دون كلمات: عكست عيناه المانغكيو شارينغان.
— هيدياكي، أنت...
— أجل.
نظر الياماناكا إليهما بندم وحيرة. حدّق هيدياكي في عينيه الزرقاوين لوهلة، غطَّ الشاب في النوم بعدها مباشرة.
تأوه هيدياكي ألمًا وضرب وجهه بكفه اليمنى. تملَّكه صداع عنيف ودوار، فأسند يده اليسرى على الصاري ليستعيد توازنه. صاحت هاناكو بنبرة قلقة تَهُزُّ كتفيه:
— هيدياكي! ما بك؟
— لا شيء... لابد أنه بسبب التقنية.
— أتشعر بتحسن؟
خفض يديه وأومأ برأسه، لكن ملامح زميلته بدت غير واضحة له.
— أوه! كلاّ... عينك تنزف!
رُسِمت ابتسامةٌ بلهاء على شفاه هيدياكي.
— لِمَ فعلتَ ذلك؟ اُنظر إلى الحالة التي أوصلتَ نفسك إليها!
— أنا بخير يا هاناكو. لا داعي من قتله، هذا سيجلب لنا المزيد من المتاعب.
— تقصد مع كايتو-سان؟
— أجل. حتى لو أخبرته أنّه حاول قتلكِ، وأنّه من عشيرةٍ معاديةٍ لنا، فإنّ غيابه سيسبب مشكلة لنا. يبدو أنّه يعتمد عليه كثيرًا، ولا أريد أن يؤثِّر ذلك على مسار مهمّتنا.
تمتمت الشابة بارتياح:
— حسنًا، فهمت...
أخرج هيدياكي كوناي من حقيبة أسلحته وقطع قيود شينيا — وهو لا يزال نائمًا — ثم حمله بين ذراعيه إلى المقصورة.
4.
اتّكأت هاناكو على حاجز السفينة وهي تتأمل السّحب الخفيفة، وبعد لحظات قليلة، رأت هيدياكي يخرج من المقصورة قبل أن ينضم إليها، وعيناه على الأمواج المرتطمة بالقارب.
— يستحسن أن تستريح، فمن الواضح أنّ تقنيتك قد أرهقتك.
— سأنام تحت النجوم الساطعة.
— أنت تمزح، صحيح؟ البرد قارص!
أراها حقيبة ظهره قائلًا:
— بل أنا جاد! أحضرت فراشي معي. ألسنا معتادين على النوم في ظروف أسوأ؟
— بلى... لماذا يحب الشينوبي تعقيد حياتهم؟
— حسنًا... «إله واحد، بحثًا عن خلق الاستقرار، قسّم كل شيء إلى زوجين، يين ويانغ. هاتان القوّتان المتعارضتان، بعملهما معًا، تعطيان كل الأشياء في الخلق.» أظنّ أنّ الأمر متعلّق بهذا.
— أخبرتني أوكا-ساما أنّ أسلافنا كتبوا هذا على صخر المعبد ليكون دليلًا لنا في هذا العالم، لكن الآيات القليلة التي أستطيع قراءتها باستخدام الشارينغان تبدو مبهمة لي.
— بعد أن أيقظت المانغكيو شارينغان، تمكّنتُ من قراءة مقاطع لم أستطع فكّ شفرتها من قبل، ولكن ما زال من الصعب عليّ تفسيرها. لذا، كثيرًا ما ألجأ إلى مذكّرات والدي. هذه الآية تجعلني أفكّر في الحياة والشينوبي عمومًا. كنتُ أظنّ أنّنا نعقّد حياتنا بلا جدوى، فقط لأنّنا نينجا، أي أنّنا نتحمّل... لكن أوتو-ساما يفسّر الأمر بشكلٍ مختلف. هو يرى أنّ السعادة تأخذ معناها من التعاسة، واليُسر من المشقّة، والحياةُ نفسها من المَوت... لقد ساعدتني رؤيته في التغلّب على أوقاتٍ عصيبة من حياتي.
أثار سماع حديث هيدياكي عن والده فضول هاناكو. سكونٌ مميّز امتزج بصوته، وجعلها ترغب في معرفة المزيد عن عَمِّها. انتظرت أن يكمل كلامه، لكنّ الصمت خيَّم على المكان، تخلّله أحيانًا ارتطام الأمواج. لم يُحدِّثها الزعيم عن أخيه الأكبر قطّ، وذكرياتها عنه قليلة. كان هيدياكي يبلغ من العمر سبع سنوات فقط عندما توفي. أخبرها تاجيما أنّ صراعًا كان قائمًا بين الأخوين، ولهذا لا يطيق والدهما أن يتفوّق أبناء أخيه على أبنائه. ما أن تذكّرت هذا، امتنعت الكونويتشي عن الاستفسار.
— سألتَني إن كنتُ أثق بكَ كقائد. إجابتي هي: أجل. أعتقدُ أنّك شخصٌ جديرٌ بالثّقة. أريدك أن تعرف هذا.
رمقها بابتسامة رقيقة ردّتها له، فأسعده أن تمكّن من رؤيتها بوضوح.
— شكرًا لك يا هاناكو، هذا يعني لي الكثير. آمل أن أكون جديرًا بثقتك.
— ما الذي تهذي به؟ بالطبع ستفعل، أنت عبقري عشيرتنا!
— أنت تبالغين...
— بتاتًا! الجميع يقول ذلك.
تلاشت ابتسامة هيدياكي، ونظر إلى البدر المُتَربِّع في السماء.
— القمر... جميل، أليس كذلك؟
ردّت بمرح وهي تربِّت على كتفه:
— بلى! الأجدر بك أن تنام في الدفء إن كنت تريد أن تكون في المستوى المطلوب غدًا! هيا، هيا، إلى الفراش!
تمتم متذمّرًا:
— أنا ذاهب... أردت الثرثرة معك فحسب.
— سيكون لدينا متّسعٌ من الوقت للحديث غدًا!
5.
عند طلوع الشمس، حلّقت طيور النورس مُزقزقةً فوق السفينة. لمحت هاناكو جزيرة في الأفق. إنها أرض الدوّامات. غمرها الحماس شوقًا لرؤية شقيقها الأصغر بعد غيابٍ دام أسابيع. وبينما هي تتأمّل السماء الوردية، خرج شينيا من المقصورة يتثاءب ومدّ ذراعيه.
— أوهايو!
تردّدت الأوتشيها في رد التحيّة. لا يبدو أنه يتذكّر أيًّا من أحداث الليلة الماضية، ولا حتى نظر إليها بازدراء. نجحت تقنية هيدياكي فعلًا.
***
جلس الجميع حول طاولة مُربّعةٍ لتناول الإفطار: ماكي محشو بالسلمون مع صلصة الصويا، وأونيغيري بالخضار والروبيان وسمكٍ مشوي. في حين التهمت نوبارا سمكتها العاشرة، بالكاد أكل هيدياكي اثنين من الأونيغيري. انتقلت نظراته من شينيا إلى كايتو، ثم استقرت عند هاناكو، التي ابتلعت قطعة ماكي بقضمة واحدة. رمقته الشابة بفضول. لقد ساعدت في تحضير الوجبة بنفسها، لِمَا لا يأكل إلّا قليلًا؟
— هيدياكي، أأنت بخير؟
— أرجو المعذرة. أنا مصابٌ بالدوار...
ردّ عليه كايتو:
— إنه دوار البحر، هذا أمر طبيعي أيها الشاب! كان شينيا-كون يعاني منه أيضًا عندما بدأ العمل هنا، أليس كذلك؟
همهم شينيا مفكّرًا:
— حقًا؟ أظن ذلك...
ضحك كايتو، وهو يربِّتُ على ظهر البحار اليافع.
— ما من داعٍ للخجل!
مسح هيدياكي فمه واعتذر قبل أن يعود إلى غرفة الشينوبي. أنهت هاناكو طبقها وهمّت بالانضمام إليه، في حين ساعدت نوبارا شينيا في تنظيف الطاولة وغسل الأطباق. ابتسم كايتو وهو يشاهد الأشقر يخبرها عن مغامراته.
تلعثم الشاب وهو يحكّ رأسه:
— همم... ما كان اسمه ثانية؟
أجاب كايتو:
— تاكيزو.
— بلى، بلى... كان هناك ذاك الرجل، تاكيزو. لا أحد يضاهيه في استخدام السيف! أجزم أنه قد هزم رئيسهم!
تفاخرت نوبارا مرفرفة برموشها:
— ها؟ أخبرتك أني لا أقهر في الكنجوتسو! لا فرصة له أمامي!
***
رتّب هيدياكي أغراضه في حقيبة سفره: شوريكن، علب أدوية وترياق، حبل كاغيناوا، مستحضرات تجميل، وشعرٌ أحمر مستعار...
— أما زلت تعاني من الآثار الجانبية لاستخدام المانغكيو شارينغان؟
— أنا بخير... ولكن لتقنيتي عيوب.
جلست هاناكو جانبه على السرير.
— حقًا؟ أعتقد أنّها ناجحة... يبدو وكأنه شخصٌ مختلف تمامًا.
— نعم ولا. الذكريات ليست أجزاءً منفردة، بل هي مترابطة فيما بينها. لذا، يمكن لذكرى أن توقظ أخرى. خلال محاولتي التلاعب بذكريات معيّنة، اضطررت إلى تغيير ذكريات أخرى مرتبطة بها... أدّى هذا إلى فقدان جزئي للذاكرة. قد يسبِّب له هذا ارتباكًا نتيجة عدم التذكّر...
— لكنّه لن يتذكّرني بعد الآن، أليس كذلك؟ أو ما حدث الليلة الماضية؟
— كلّا. لقد قمتُ بتعديل تلك الذكريات وقطع الروابط التي تسمح باستعادتها. لذا، قد يلجأ دماغه إلى خلق ذكريات كاذبة لملء الفراغ...
— لكنه يبدو أسعد على هذا الحال. هناك ذكرياتٌ أودُّ لو أستطيع تغييرها... أو أعيش وكأنها لم تحدث. أعتقد أنه محظوظ.
— هنالك ذكرياتٌ أليمة، ولكن بفضلها نضجنا، واكتسبنا القدرة على مواجهة ما هو أسوأ. أتذكرين ما قُلتُه أمس؟ على كلٍ... ليست تقنيةً مثالية وهي تتطلّب منّي الكثير من التركيز. هامش الخطأ ضيّق جدًا.
ربّتت هاناكو على كتفه وابتسمت له:
— أنا واثقة من أنّك سوف تتقنها، أنت ذكي!
أعاد لها ابتسامتها بنظرة ودودة. كان الشتاء على الأبواب، لكن بسبب الحرارة التي اكتسحت خدّيه، خُيِّل له أنه كاد يحترق بتقنية كرة النّار العظيمة. هاناكو تثق فيه، تؤمن بقدراته، تقلق عليه، وتراه ذكيًا. هذه الأفكار جعلت قلبه يتسارع. جلست على مقربةٍ منه، لكنّه أرادها أقرب. استقرّت أعينه السوداء على شفتيها الممتلئتين. قرّب وجهه وفتح فمه، لكن قبل أن ينبس بكلمة، جعله تيار من الهواء البارد يتراجع. وقفت نوبارا عند إطار الباب — وفي قريرة نفسه — شكر الله أنها أتت قبل أن يقدم على حماقة.
— ما الذي تفعلانه؟ لقد وصلنا!
المعجم
Bạn đang đọc truyện trên: AzTruyen.Top