13.1. نوايا آكيرا
نوفمبر – ستٌ وعشرون عامًا قبل تأسيس قرية كونوها المخفية
أرض النار – نطاق عشيرة أوتشيها
1.
مثل كل صباح عند الإفطار، فُرشت المائدة بالعديد من الأطباق، كل منها أشهى من الآخر، لكن هاناكو لم تملك نفسًا لتناول أي منها. سألها آكيرا الجالس أمامها:
— لِمَ لا أرى كاتانا؟
— إنه يشكو من الصداع، لقد رفض مغادرة فراشه.
— بل هو خائف من مواجهتي بعد فعلته تلك.
حرّكت هاناكو شفتيها، لكنها امتنعت عن الدفاع عن أخيها. مهما قالت، لن تستطيع إقناع والدها، فبالنسبة له، كاتانا لا يمرض أبدًا: هو يتظاهر فحسب، كأي ممثل بارع، لكن بالطبع، مسرحيته لا تنطلي على الزعيم الذي يدّعي علم الغيب وأخفى!
— لماذا لا تأكلين؟ هل تعتقدين أنه تم تسميمنا؟
عضّت الكونويتشي على شفتها لتمنع نفسها من الضحك. أخذت قطعة من العجة الملفوفة بعيدانها وحشتها في فمها.
— لن يجرؤ أحد على تسميمك يا أوتو-ساما.
— فكري مليًا في الأمر. كثيرون من يحلمون بأخذ مكاني، لكنهم محض حفنة من العاجزين!
ابتلعت هاناكو لقمة أخرى وأخذت وقتها في مضغها حتى لا تتورط في هذيان والدها.
— كيف حال ابن أخي؟
— إنه بخير.
لا جدوى من التساؤل كيف عرف بلقائها مع هيدياكي، فعيون وآذان آكيرا موجودة في كل مكان. أملت فقط ألّا يكون قد رآها أحد وهي تقبّله.
— عمّا تحدثتما؟
ابتلعت هاناكو لعابها. لقد أخفت عنه سابقًا مانغكيو شارينغان ابن عمها، وإن أفصحت عن ذلك الآن، فستفقد مصداقيتها في عين الزعيم. ولكن إن كذبت، فعليها أن تكون مقنعة، وأفضل الأكاذيب هي تلك الممزوجة بالحقائق. أجابت دون أن يرف لها جفن:
— تحدّثنا عن مهمة كاتانا. قال أنه سيستخدم المعلومات التي أعطاهم إياها كاتانا ضدهم، لكن أجهل كيف ذلك. قال أنه سيشرح كل شيء في الاجتماع.
— همم...
حلّلت المرأة الشابة تعابير والدها خلف كوب الشاي، لم تبشّرها تلك الـ «همم» بالخير.
— أهذا كل شيء؟
خفق قلبها بشدة، وليس آكيرا أعمى حتى لا يلاحظ ذعرها.
— أتخفين شيئًا عن والدك يا هاناكو؟
— في الحقيقة... هيدياكي يريد الزواج مني، لكنني رفضت عرضه. اعتقدت أنه ليس من الضروري أن أزعجك بذلك.
عبس آكيرا لحظة ثمّ انفجر ضاحكًا.
— ولمَ رفضت، هه؟ أتفضلين ذاك المجنون؟
— كلّا... أنا لا أرى آرايا هكذا، إنه بمثابة أخٍ لي. أمّا عن هيدياكي، فأنا...
ضرب آكيرا على الطاولة وصرخ في وجهها:
— ليس أخاك!
شهقت هاناكو وكادت تسكب مشروبها الساخن. قال الزعيم وقد استعاد هدوءه:
— لقد غيّرتِ رأيك.
— ماذا؟
— سوف تتزوجين هيدياكي.
— أوتو-ساما! أرجوك، سأنفّذ أي مهمة تطلبها مني، فقط...
قاطعها رافعًا نبرة صوته:
— لم أنهِ كلامي بعد!
أخذت نفسًا عميقًا، مستعدة لسماع الأسوأ. يا لها من حمقاء، ليتها لم تخبره! لم يعاقبها الزعيم على فشلها بعد، هذا لا يعني أنه لن يفعل ذلك.
— حسب رأيك، لماذا يريد الزواج منك؟ فكري جيّدًا!
احمرت وجنتاها عندما تذكّرت اعتراف هيدياكي وقبلتهما الأولى. قالت بصوت بالكاد يسمع:
— قال أنّه يحبني.
أطلق آكيرا ضحكة ساخرة وأخذ وجه ابنته بين يديه.
— بُنيّتي المسكينة، هل يعقل أنك صدّقته؟
أخفضت هاناكو رأسها متجنبة عيني والدها اللامعة. في الخمسين من عمره، ما زال يحتفظ بتلك النَّظْرَة الحنونة، مع أنّه والعطف اثنين لا ثالث لهما.
— بدا صادقًا، لا أرى سببًا يجعله يكذب.
— ربما لأنه يعتقد بأنك غبيّة...
نظرت هاناكو في عيني آكيرا ثانية وضحكت بخفة، لكن لا يبدو أنّ آكيرا يمزح، فقد اختفت ابتسامته وحلّ محلها وجه بارد.
— تحركاته في الآونة الأخيرة مشبوهة. إنه يلتقي سرًا مع أعضاء المجلس.
عكفت هاناكو حاجبيها. وجدت سلوك ابن عمها غريبًا أيضًا، ولكن معرفتها بوالدها، أخبرتها أنّه يرمي الباطل ليصل إلى الحقيقة. وبدل إخباره عن رأيها، تظاهرت بالجهل على أمل معرفة المزيد.
— ربما للأمر علاقة باستراتيجياته، لا أعرف... لا أرى ما علاقة ذلك بي.
أطلق آكيرا تنهيدة غاضبة.
— أخشى أنه على حق، إما أنّك غبية، وأشك في ذلك لأنك ابنتي... أو أنك تستغبينني. وفي تلك الحالة، صدقيني، إن اكتشفت أنك خنتني، فسأخنقك بيدي هاتين!
شحب وجه هاناكو، أخذت يد والدها وقالت متوسلةً:
— لن أخونك أبدًا يا أوتو-ساما. سأفعل أي شيء تطلبه مني من أجل عشيرتنا.
— فهمت... أنت ساذجة بعض الشيء، لكن هذا لا يهم، لأن والدك سيفتح عينيك. حتى الأسود تولد أشبالًا، أليس كذلك؟
ارتسمت ابتسامة صغيرة على وجه المرأة الشابة.
— هل حدّثتك من قبل عن أخي الأكبر؟
هزّت هاناكو رأسها بالنفي.
— لطالما فضّله والدنا. طفل مدلّل بحق. لقد عرفت منذ وقت طويل أنّ طريقة التنشئة تلك خاطئة، ولهذا ربيتكم على الاعتماد على أنفسكم! أنا مصمم على عدم ارتكاب نفس الأخطاء التي اقترفها والدي، لأنني أعرف جيدًا العواقب.
— العواقب؟
— الجُبْن والتساهل والشفقة ووهم الحب... التي تؤدي حتمًا إلى الخيانة. لقد خاننا عمّك من أجل عاهرة من عشيرة أوزوماكي. بسببه، فقدنا كيوبي. لقد تخلى عن عشيرته ووالديه وإخوته وأخواته وزوجته وأطفاله... لقد سلّمنا لأعدائنا من أجل امرأة!
تذكّرت هاناكو خيانتها فسالت قطرات من العرق البارد على عمودها الفقري. هل نانامي أهم من عشيرتها وعائلتها؟ هراء. قالت بنبرة مرتجفة:
— لم أكن أعرف.
— بالطبع لا، لا أحد يعرف. لم أستطع المخاطرة بتلويث سمعة عائلتنا. لا يهمني إن ظنّ الناس أنني متغطرسٌ قتل أخاه بدافع الغيرة، أعرف أنني فعلت ما هو صواب كشينوبي.
— إذن قتلته حقًا؟
أومأ آكيرا برأسه وتحولت عيناه الداكنتان إلى القرمزي وظهر فيهما شكل أسود: المانغكيو شارينغان.
— لكنني اقترفت خطأً، كنت متساهلًا جدًا... لقد اعتنيت بهيدياكي ونوبارا كما لو كانا ولديّ، أو أكثر. بالرغم من إدراكي للحقيقة، إلّا أنني أصبحت ضحية الذنب الذي أراد الآخرون غرسه في نفسي. فبعد كل ما فعلته من أجلها، لا تزال سايوري ناكرة للجميل كما كانت دائمًا. لقد ربّتهما على كراهيتي واعتباري عدوًا قتل والدهما.
أطلق ضحكة ساخرة.
— لم يفاجئني أن لجأ أخي إلى امرأة أخرى، فتلك ليست بشرًا، إنها أفعى! من الواضح أنه كان بائسًا للغاية لدرجة أن تغريه أوزوماكي. هذا لا يبرر خيانته لنا طبعًا...
— لا... لم أكن أعلم شيئًا عن هذا. أشكرك على اطلاعي بهذه الأشياء يا أوتو-ساما.
— هيدياكي يعتقد أنّ منصب الزعيم من حقه. لقد فكرت مليًا في الأمر ولا يوجد تفسير آخر. أنا على يقين من أنّه يخطّط لأمرٍ ما... إنه يريد قتلي وجعل أعضاء المجلس في صفه.
شعرت هاناكو بقلبها ينقبض والهواء من حولها يتناقص.
— لينتقم لوالده؟
أومأ الزعيم برأسه مبتسمًا. قالت هاناكو مذعورة:
— لكن ذلك سيعرضنا لحربٍ أهلية! إن ظن كل شخص أن له الحق في أن يصبح زعيمًا، فستحل هناك فوضى عارمة! سيدعي المستشارون أنه أصغر من أن يتحمّل المسؤولية ويحاولون تولي المنصب بأنفسهم. وماذا عن آني-ساما؟ إنه خليفتك الشرعي، لا يمكنني أن أتخيّل أنّ هيدياكي قادر على اقتراف شيء من شأنه أن يضر بالعشيرة، خاصة وأنّه يعد تاجيما آني-ساما صديقه المقرب.
قلب آكيرا عينيه وهزّ رأسه.
— بعد كل ما أخبرتك به، ما زلت ساذجة يا هاناكو! هيدياكي لا يحبك وهو لا يعد تاجيما صديقًا له، إنه يستغلك. يريد أن يتزوّجك حتى تعملي لصالحه، افتحي عينيك وتخلصي من هذه الشفقة والتعاطف اللذان يجعلانك غبية!
امتلأت عينا الكونويتشي بالدموع. هذا لا يعقل. كيف تشك في صدق نوايا هيدياكي؟ ومع ذلك، فهو يخفي أسرارًا تؤكّد كلام والدها. ألم يقل أنّه لو كان مكانها لاحتفظ باللفافة لنفسه؟ وأنه لا يريد أن يعرف أحد أنه يمتلك المانغكيو شارينغان؟ نفس القوة التي ادعى استخدامها لحماية كاتانا، لكنه بدلًا من ذلك خدعه.
أخذ الغضب ينخر أحشائها. هل هو يستغبيها؟ أيتلاعب بمشاعرها؟ إن لم يكن الأمر كذلك، فلِمَ لم يشرح لها لماذا يخفي قوته وخططه عن الزعيم؟ إن كان يحبها حقًا، فلماذا تقرّب من ماكي؟ ثمّ إنه... لمَ عساه يحب امرأة مثلها؟ إنه أدهى من ذلك، ذكي بما فيه الكفاية للتلاعب بها...
— امسحي دموعكِ، هذا النوع من الأسلحة لا ينفع معي، احتفظي بها لزوجك المستقبلي. تعلمي من تجاربي، لا حاجة لي بفتاة ضعيفة ومتذمرة. إن نجحوا في قتلي، أودّ أن أموت وأنا على يقين أنني تركت ورائي خليفة تواصل عملي في رفع عشيرتنا فوق الجميع! وأنا لا أقول هذا لأحد سواك، لا كاتانا ولا تاجيما، لأنك الوحيدة القادرة على إبقائهما على الطريق المستقيم.
مسحت هاناكو خدودها. منذ وفاة والدتها، دائمًا ما تولّت رعاية إخوتها، لكنها لم تع أنّ عين الزعيم كانت تراقبها. هذا التفصيل أثلج صدرها.
— أشكرك على ثقتك بي يا أوتو-ساما.
— هذا تكليف وليس ثناءً! أنا أعهد إليك بمهمة التجسس على هيدياكي وسايوري، وإبقائي على علم بمخطّطاتهما. إنها الطريقة الوحيدة التي يمكننا إنقاذ عشيرتنا بها.
— أمرك.
— انتبهي لسايوري بشكل خاص، فهي العقل المدبّر. أما عن هيدياكي، فأنت تعرفين عملك. أغريه واكسبي ثقته، وضعي في حسبانك أنه في اللحظة التي تسمحين فيها لمشاعرك بالسيطرة عليك، فقد فشلت.
تذكرت الكونويتشي بمرارة مهمتها الأولى في أرض الدوامات. ما الذي كسبته من جرّاء التسليم لمشاعرها؟ الفشل.
— لن أخيب ظنك في.
— أنت تقولين هذا دائمًا! أريد نتائج يا هاناكو، لا محض كلمات.
Bạn đang đọc truyện trên: AzTruyen.Top