الجزء الثاني
مخلِّصي قط : الجزء الثاني
الكل منشغلون بالعمل الآن في المطعم، بثينة تغسل الأواني وترتبها وباقي الموظفين يطبخون ويساعدون في التحضير وأخذ الطلبات للزبائن والترحيب بهم، وحين حانت فترة الغداء تناوبوا حتى يتناولوا طعامهم وخرجت بثينة عبر الباب الخلفي ومعها شطيرة لحم والتي هي عبارة عن غدائها المعتاد.
بينما تأكل لاحظت بالقرب منها كتلة سوداء من الشعر تقترب، تأملت فيها جيدا حتى لاحظت أنه نفس القط الأسود الذي نام في منزلها بالأمس فقطبت حاجبيها وخاطبته بانزعاج:
-«أنت مجددا؟! كيف عرفت بوجودي هنا؟!»
نظرت حولها فرأت أن حاوية القمامة التي وجدته فيها قريبة على كل حال لذا لا عجب أنه يتجول في الجوار، لذا أردفت مجددا:
-«حسنا حسنا، غادر الآن وتظاهر أنك لا تعرفني»
حدق بها بهدوء ثم صار يموء بلطف مرات متكررة ويرمش بعينيه فأردفت أيضا:
-«جائع؟! تريد شطيرتي؟ لاااا أبدا انسَ الموضوع، أنا أيضا جائعة للغاية والطعام لا ينبت على الأشجار، انقلع فورا»
دفعته برجلها بهدوء مبعدة إياه فصار يقترب مجددا وهذه المرة حاول فرك وجهه بساقيها، نظرت له للحظات ثم أبعدته مجددا وقالت:
-«يوووووه ابتعد! تتودد من أجل الطعام؟! استرجل يا أنت! أو يا أنتِ، لا أعلم حتى ما جنسك ولكن ما أعلمه أنه يمكنك الصيد وإطعام نفسك لذا دع طعامي لي»
انزعجت منه فدخلت المطعم لتأكل براحتها وبينما تبتلع شطيرتها في داخل قاعة الاستراحة رأته يقفز عبر النافذة وينظر لها بلطف ويموء محاولا استعطافها فصرخت عليه بحدة:
-«معذرة! أريد الأكل هنا!»
استدارت للناحية الأخرى وتركته يموء وبينما تأكل رآها أحد النادلين الذي جاء للتو فابتسم وأخذ من طعامه وفتح النافذة ثم أعطاه للقط وكان سعيدا جدا به، ثم ذهب للجلوس على الكرسي ليأكل وبثينة تراقبه بطرف عينيها حتى قال:
-«كان لدي الكثير من القطط سابقا لذا لا يمكنني مقاومة طلباتهم»
تظاهرت أنها لم تسمع شيئا وواصلت تناول طعامها، ثم أردف:
-«أحب هذه الحيوانات، أليست لطيفة يا بثينة؟»
ردت ببرود بعد فترة:
-«لا»
-«أليس قطك؟»
-«لا»
-«غريب! ظننته لك، يبدو أنه يحبك»
-«هل يبدو أنني أحبه؟»
-«لا أدري، حكمت عليك بعد أن رأيته يحاول طلب الأكل منك، يبدو أنه معتاد على الأكل من يديك لذا عاد لطلب الطعام منكِ بالذات، أعرف الكثير عن سلوك القطط وسلوكه يقول أنه يحبك ويعتبرك مصدر طعام وسعادة له»
-«إنه يكذب»
-«إذًا لا بد أنكما التقيتما سابقا ومازال يتذكر موقفا طيبا فعلتِه له»
توقفت عن الأكل ونظرت له بفضول وقالت:
-«هل تُعتبر تدفئته موقفا؟»
-«طبعا، لو كان الجو باردا، أوووه يال طيبتك رغم مظهرك القاسي»
-«امممم، لا لم أفعل»
انفجر ضاحكا على جوابها ثم اقترب منها ومد يده مصافحا إياها لكنها لم تردها له، ثم قال:
-«أدعى ربيع، ربما لم تتح لنا الفرصة لنتعرف على بعضنا، المهم، لدي خبرة في تربية القطط وسأساعدك لو احتجتِ أي نصيحة»
-«قلت لك لا تهمني القطط ولا أريد تربية أي شيء»
-«ههههه كما تريدين، لكن عرضي مازال ساريا»
نظرت له بحدة وقالت:
-«هل تحاول مغازلتي؟»
-«ههههه لا، سأقولها بصراحة، لستِ نوعي»
-«وما نوعك يا عنترة زمانك؟»
-«فتاة تحب القطط هههههه، لكن يسرني أن نصبح أصدقاء»
لم ترد على طلب صداقته حتى وواصلت تناول طعامها حتى أردف هو:
-«أووه أجل العمل ينتظر، أراك»
ذهب ليوصل طلبات الزبائن ونظرت بثينة للنافذة فوجدت القط قد أكل وغفى على حافتها، اقتربت قليلا وتأملته وكان شكله لطيفا خاصة حين يتثاءب أثناء نومه ويتمدد.
حل المساء وانتهى دوامها فخرجت ونظرت من حولها ولم تجد أي أثر للقط، شغلت موسيقى هادئة في سماعتها وسارت بهدوء لمنزلها الذي لا يبعد كثيرا عن مركز عملها.
وصلت أخيرا فوجدت تحت الباب ظروفا بريدية وعندما فتحتها وجدتها وكالة الكهرباء قد أرسلت لها إنذارات لدفع الفواتير أو سيتم قطع الخدمات عنها، تنهدت بعمق ورمتها في القمامة وقالت:
-«هذه المرة سأدفع الفواتير، والمرة القادمة سأرى ما أفعل بالمال، الادخار لن ينفعني»
فجأة سمعت صوت شيء يضرب الباب وحين فتحته وجدت صخرة مربوطا بها رسالة فارتجف جسدها، حملتها بهدوء وقرأتها فوجدتها تهديدات بالقتل لذا دخلت مسرعة وأغلقت الباب بالمفتاح.
مجددا نظرت للرسالة وتذكرت أنها لم تدفع مبلغ القمار لأصحابه، أجل فقد ورطت نفسها سابقا في ألعاب القمار لتفوز بالمال وتحسن حياتها لكن فشلت فشلا ذريعا بسبب نقص خبرتها، والآن هي عالقة مع الشخص الذي تدين له بالمال.
بعد أن هدأت قليلا قالت بتوتر:
-«أحتاج وقتا طويلا لجمع المال، لكن لا أعتقد أنه سيمهلني هذه المدة»
في يوم الغد خرجت من المنزل وهي تغطي وجهها بالوشاح، لا يمكنها البقاء خارجا طويلا فصاحب مال القمار يراقبها، ربما لا يستطيع مهاجمتها في العلن لكنه سيجد طريقة ليوصل لها رسائل التهديد.
بعد وصولها لمركز عملها وجدت الموظفين يستعدون لبدء العمل وأحدهم ينظف الطاولات ويمسحها جيدا وعندما رآها قرر الكلام معها قائلا:
-«صباح الخير»
ردت عليه ببرود فهي تعلم أن الرجال مزعجون ومن الأحسن عدم مجاراتهم وإلا سيفتح لهم هذا الباب للتمادي أكثر، ثم أردف بعد ردها:
-«المدير سيتأخر في المجيء اليوم لذا سأكون نائبا له»
لم يكترث أي أحد لكلامه وواصلوا تجهيزاتهم لبدء العمل، ثم قال هيثم:
-«مهدي! هل حقا تظن أنه يمكنك التحكم فينا بدلا من عمك؟»
تعجبت بثينة قائلة:
-«عمه؟!»
-«أجل عمه، هذا الفتى مهدي يكون ابن أخ المدير، أيتها الجميلة»
غمز لها فقطبت حاجبيها وقالت:
-«افعلها مرة ثانية وسأستخرج عينيك بالشوكة»
-«ههههه عنيفة كالعادة، على كل حال أراكم»
توجه الجميع لعملهم بملل وتجاهلوا مهدي المسكين الذي كان يريد أن يكون نائب المدير غصبا عنهم فصرخ بغضب قائلا:
-«ستندمون حين أخبر عمي بكل شيء»
باشروا العمل جميعا بتكاسل وذلك لأن المدير غير موجود، فتارة يلهون وتارة يتركون الزبون ينتظر ويذهبون لللعب بهواتفهم، ورغم محاولات مهدي لضبطهم لكن لم يستطع فلم يكونو يسمعون كلامه حتى، الوحيدة التي تعمل بجهد هي بثينة، وكالعادة رافق جهدها هذا عدم اكتراث بأي شيء مما يدور حولها.
حانت استراحة الغداء ففتح ربيع باب المخرج الخلفي فوجد القط الأسود جالسا أمامه وينتظر شيئا ما فهتف قائلا:
-«أوووه القط اللطيف الأسود! أهلا أهلا هل تبحث عن صاحبتك؟ ها هي هنا تفضل»
سمعته بثينة وهي تحمل طعامها فردت ببرود:
-«لست صاحبته»
-«هذا ما سنعرفه الآن»
بينما الباب مفتوح دخل القط واقترب من بثينة وصار يفرك جسده برجليها ومن شدة لطفه قال ربيع:
-«أوووه لا بد أنه يحبك كثيرا ويعتبرك صاحبته»
-«لست كذلك»
-«أقنعيه بهذا»
نظرت للقط الذي لا يتوقف عن التودد لها فاستفزها لذا وضعت طعامها جانبا وانحنت نحوه ورفعت إصبعها في وجهه مهددة بحدة:
-«أيها الكائن المقرف توقف عن إزعاجي، غادر هيا، أريد تناول غدائي لأعود لعملي»
لم يفهم شيئا مما قالته لكن بدل ذلك فرك وجهه بإصبعها الذي ترفعه فتقززت وهربت وصرخت بحدة:
-«أيها المقزز! كنت سأتناول طعامي، علي تعقيم يدي الآن»
وضع ربيع يده على خده وهو ينظر لهما بلطف:
-«كيف تتقززين من هذا المخلوق؟! كنت أنا وقططي نأكل من طبق واحد»
-«توقف وإلا سأتقيأ»
-«ههههه الممتع أكثر إزعاجك»
-«هفففف مزعج»
أسرعت للحمام وغسلت يديها جيدا وكررت غسلها بالصابون مرارا وتكرارا، وبينما تفعل فجأة توقفت وتذكرت تلك اللمسة الحنونة التي أعطاها القط، كان فروه ناعما ووجهه دافئا جدا بطريقة لطيفة، رغم أنها تشعر بالتقزز لكنها أعجبت بالشعور نوعا ما.
تجول القط في داخل المطبخ وأعطاه ربيع بعض بقايا الطعام وبقي يراقبه لفترة، هذا حتى أتى مهدي ورآه هناك فصرخ مفزوعا:
-«قط! أخرجوا هذا المقرف من هنا وإلا سيسقط شعره في طعام الزبائن»
رد ربيع بدون اكتراث:
-«اهدأ يا صاح، حتى ولو، شعره أنظف من وجهك»
-«هذا ليس شيئا تقرره أنت، الزبائن يتقززون ولو وجدوا شعرة واحدة سينال مطعما سمعة سيئة»
-«ههههه وكأن سمعته براقة، يا صاح طعام طباخينا سيء جدا»
رد عليه هيثم وهو يطهو بجانبه:
-«تعال واطبخ مكاني، ليس من السهل المحافظة على نفس الجودة وأنت تطهو الطعام نفسه كل يوم وطوال اليوم»
قال ربيع ساخرا:
-«نعم نعم ضع اللوم على الروتين ههههه»
بقيت بثينة تستمع لشجاراتهم وهي قاطبة حاجبيها والقط يتجول في المكان، لم يتوقفوا أبدا بل اشتد نقاشهم وتركوا الزبائن ينتظرون وتحول المكان لفوضى.
فجأة دخل المدير من الباب الخلفي وعندما رأى ذلك الوضع المزري صرخ صرخة واحدة:
-«لماذا تقفون عندكم ولا تعملون؟ ومن أدخل هذا القط إلى هنا؟ تريدون تدمير سمعة المطعم؟ أخرجوووووووه»
أشار ثلاثتهم نحو بثينة التي كانت بريئة من كل ما يجري ولكنها لم تدافع عن نفسها ولم تنبس بكلمة.
حمل المدير القط من رقبته ورماه خارجا ككيس النفايات وواصل الحميع عملهم خوفا من أن يتم طردهم.
بدأت تمطر في الخارج والقط المسكين يقف في المطر حتى بدأ بالتبلل، وبينما تمر بثينة على النافذة رأته ووقفت تشاهده، لم تكن تعابير وجهها واضحة حتى، لن تفهم منها أهي نظرات شفقة أم تشمت.
رآها ربيع تنظر عبر النافذة فألقى نظرة، وحين رأى القط أسرع وأحضر صندوقا بلاستيكيا من المطعم يُستخدم لتخزين الخضروات ووضعه للقط على شكل مأوى ووضع له داخله سترته ليجلس عليها ثم عاد للمطعم مبللا قليلا.
شاهدت بثينة كل ذلك ولم تنبس بكلمة بل اكتفت بالعودة لعملها متجاهلة كل شيء.
في المساء انتهى دوامها هي وربيع معا وبينما يخرجان جاء مهدي ليودع صديقه قائلا:
-«الجو بارد في الخارج، أين سترتك؟»
-«ههه لا يهم فلدي دراجة، سأصل أسرع منكم جميعا»
-«حسنا رافقتك السلامة»
صعد دراجته وغادر بينما تراقبه ثم نظرت لمهدي فقال لها:
-«رافقتك السلامة أيضا بثينة»
ردت ببرود:
-«شكرا»
عادت لمنزلها تفكر بكل ما حصل اليوم وبالفعل أحست بشيء غريب في داخلها، هناك اختلاف طفيف طرأ عليها ولكنها لا تدري ما هو، تستطيع أن تجزم أنها لم تعد نفسها التي كانت قبل أن تأتي لهذا المطعم.
في الغد ذهبت لتعمل وبينما تدخل من الباب الخلفي شاهدت ربيع يقوم بصنع شيء ما بمجموعة أخشاب ومسامير ومطرقة، تجاهلته وسارت عدة خطوات ولكن عيونها ظلت تتجه سرا نحوه بفضول لتعرف ماذا يفعل.
في النهاية استدار ورآها فتحدث معها بنفسه قائلا:
-«صباح الخير بثينة، تعالي لتري»
رغم فضولها تظاهرت بالبرود واقتربت منه فوجدته يصنع بيتا خشبيا صغيرا وقالت:
-«يبدو أنك تحب النجارة»
-«هههه ليس أي نجارة، بل فقط صنع مسكن للقطط»
-«قطط؟! لماذا؟»
-«بالأمس كان قطك...»
قاطعته قاطبة حاجبيها:
-«ليس قطي»
-«هههه حسنا حسنا، ذلك القط الأسود تبلل من المطر، القطط لا تحب الماء أبدا، لذا كان علي فعل شيء لحمايته، استخدمت صندوق الخضر لكن لو رآه المدير سيطردني هههه، لذا أحضرت معي هذه الأخشاب اليوم لاصنع منها مأوى، ما رأيك؟»
-«ما الفائدة؟!»
-«هههه ما هذا السؤال السخيف؟ الفائدة حماية القط»
-«وماذا بعد؟ إنه ليس قطك حتى، ثم سيتدبر أمره»
-«هههه أنتِ تتكلمين معي أكثر من المعتاد! ظننتك صماء في السابق»
انتبهت أنها فعلا تكلمت أكثر من اللازم، المرات الماضية كانت تجيب فقط بكلمة واحدة مثل نعم، لا، حسنا، والآن أصبحت تسأل وتناقش، بعد أن أدركت ذلك صمتت فجأة، ثم قال ربيع:
-«ربما تتساءلين لماذا أحب القطط؟ لا أعلم، لكنها أقرب لقلبي من البشر، منذ مدة كان لدي الكثير منها، لكن الآن لا شيء حرفيا وأشعر بالوحدة الشديدة»
بدا عليه الحزن وشعرت بالفضول لتعرف ما القصة، لكنها صمتت لفترة، وفي النهاية قالت:
-«يمكنك أخذ القط الأسود وتربيته»
-«لا أستطيع، والدتي أصيبت بمرض بسبب قططي لذا تخلصت منها كلها، ولا يمكنني إحضار أي قط للمنزل بعد الآن»
-«مازلت تعيش مع والدتك؟!»
-«طبعا، لا تقولي أنك لا تعيشين معها!»
صمتت بشكل مرعب من كلامه هذا ثم توجهت نحو الباب لتدخل المطعم وتباشر عملها لكنه أوقفها صارخا من الخلف:
-«ماذا عنك؟ خذي القط لتربيته بما أنه ليس لديك والدة تكره القطط أو تمرض منها»
ردت عليه بحدة دون النظر في وجهه:
-«اهتم بشؤونك»
حان موعد الغداء وخرجت بثينة عبر الباب الخلفي وجلست على الرصيف تأكل طعامها وحدها براحة، لطالما كانت تكره الاختلاط بزملائها وتحب العزلة والاستماع للموسيقى الهادئة.
بينما تأكل نظرت جانبا فرأت القط الأسود داخل المنزل الخشبي ويبدو أنه أحبه للغاية ونام داخله.
تجاهلته لبعض الوقت وحين شم رائحة طعام فتح عينيه واقترب منها فقالت بحدة:
-«لا تقترب وإلا سأضربك»
بطبيعة الحال لم يفهم كلامها ولكنه بقي قريبا منها ويموء ببطء دليلا على أنه جائع، حينها أردفت قائلة:
-«دائما نفس السيناريو، تريد مشاركتي شطيرتي، اذهب واصطد الفئران أيها المزعج»
أخرجت له لسانها كسخرية وأخذت تأكل شطيرتها، وبينما تفعل بقي يتودد لها بنظراته ويرمش حتى أزعجها ذلك فقالت بتململ:
-«حسنا لقد فزت، خذها فقط حتى تتركني وشأني، لا تظن أنني مهتمة لك أو شي كهذا فأنت كائن مزعج»
رمت له قطعة من شطيرتها ببرود فصار يشمها بهدوء ثم تناول منها بنهم وسعادة وهي تراقبه وتقول:
«كائن مزعج للغاية»
نهضت لتدخل المطعم فرأت ربيع ينظر لها عند الباب بابتسامة ثم قال:
-«الكلام مع القطط شيء جميل، والأجمل مشاركتها طعامك»
شعرت بالإحراج فأحنت رأسها ودخلت مسرعة دون أن تنظر إليه وتمنت لو أنها مسحت ذاكرته لكي ينسى ما رآه للتو، حتى أنها أبقت نفسها بعيدة عنه طوال اليوم فقط لكي لا يذكر الأمر أمام البقية ويحرجها وتخسر هالتها القاسية والجادة.
Bạn đang đọc truyện trên: AzTruyen.Top