مشرطُ الخيال
كثيرٌ من النّاس لا يعرفون ما هو الخيال العلميّ، إذ يبدو هذا السّؤال غير واضحِ الملامح بالنّسبة لهم وقد تختلط لديهم الإجابات، والإجابة على هذا السّؤال تبدأ بتعريفِ معنى الخيال المُرتبط بالعلم، والمدى الّذي يمكن أن يصل إليه الخيال العلميّ، وهو أحد أنواع الفنون الأدبيّة المعتمدة على خيال الكاتب ونصٍّ أدبيٍّ يخلق فيه الكاتب خيالًا أو كونًا ذا طبيعةٍ جديدةٍ غير معروفة، وذلك بالاستعانة بالتّقنيات والأدوات الأدبيّةِ المبنيّةِ على الفرضيّات، واستخدامه لنظريّاتٍ علميّةٍ، بيولوجيّة، فيزيائيّةٍ أو فلسفيّة، وبإمكان الكاتب تخيّل نتائج هذه النّظريّات والظّواهر محاولًا اكتشاف ما ستؤول إليه طبيعة الحياة.
ومن أحد أنواعه، الخيال الطبيّ، فما هو؟
الخيال الطبيّ: هو نوعٌ من أنواع الخيال العلميِّ إلّا أنّ له صلةٌ بالطّبّ والتّلاعب الجينيّ كذلك اختلاقُ أمراضٍ غير موجودة.
لنرَ الآن الأخطاء الشّائعة بمثل هذا النّوع من الفئات.
فهنالك العديد من الأخطاء في قصص وروايات الخيال الطبيِّ، فتارةً نرى أحداثًا غير منطقيّةٍ وغير واقعيّةٍ أو غير مثبتةٍ علميًّا، فيتمّ كتابتها دون دليلٍ قاطعٍ يثبت صحّتها، مثل رواية (الموقف) للمؤلّف الأميركيّ ستيفن كينغ الّتي تدور أحداثها بعد نهاية العالم وانهيار المجتمع نتيجة تفشّي سلالة من الإنفلونزا المعدّلة لتتحوّل إلى جائحة تقضي على 99% من سكّان العالم، وكذلك فيلم (عدوى) للعام 2011 الّذي يعرض تفشّي جائحة فيروسيّةٍ قاتلة مصدرها طائر الخفّاش.
فكما نعلم الإنفلونزا مرضٌ عاديٌّ لا يسبّب الموت إلّا في حالاتٍ نادرة، ولم يتوصّل العلم لإثباتِ أنّه مُميتٌ إلى يومنا هذا مهما اختلفت السّلالة واشتدّت أعراضه إلّا في حالاتٍ معيّنة.
ألم يخطر ببالكم يومًا، أنّه هل من الممكن اختلاق بعض الأمراض غير الموجودة في الواقع وإدخالها في قصص الخيال الطبيّ؟
يمكن ذلك طبعًا، ولكن بشروطٍ منطقيّةٍ بأسبابها وجعلها مقبولةً في عين القارئ؛ كي لا يلاحظ أيَّ اختلالٍ في النصّ أو أيّ هفوةٍ في التّسلسل المنطقيّ الواقعيّ الّذي بناه الكاتب، وقام بقَولبته كما يريد، ومثالًا على ذلك قصص الأوبئة الّتي باتت تخيفنا جزئيًّا، وتحوّل مخاوفنا إلى تهديداتٍ ملموسة، وتتيح فرصة اكتشاف الأبعاد غير الطبيّة للمخاوف المرتبطة بالأمراض المُعدية.
كذلك قِيل أنّه تمَّ التّنبؤ عن فيروس كورونا من قِبل رواية «عيون الظّلام» الّتي تروي قصّة الأم كريستينا إيفانز، فكانت تعتقد أنّ ابنها توفّي في رحلة تخييمٍ قبل أن تقودها عمليّة البحث إلى اكتشافِ حقيقة وفاته.
ووجدتْ إيفانز في النّهاية أنّ ابنها ما يزال على قيد الحياة، إلّا أنّه محتجزٌ داخل منشأة عسكريّة بعد إصابته بفيروسٍ غامضٍ أطلق عليه (ووهان400) تمَّ تطويره بمختبرٍ في مدينة ووهان.
ويقول كونتز في روايته أنّ الفيروس الّذي جرى تطويره عسكريًّا يعدُّ (سلاحًا بيولوجيًّا مثاليًّا)؛ لأنّه يصيب البشر فقط ولا يستطيع العيش خارج جسم الإنسان لمدّةٍ تزيد عن دقيقة.
لننتقل إلى سؤالٍ مشوّقٍ آخر؛ هل يوجد قصصٌ عن التّلاعب الجينيِّ أو اختلاق البشر؟
هناك رواية فرانكشتاين، روايةٌ كتبتها الكاتبة الإنجليزيّة ماري شيلي تروي قصّةَ فيكتور فرانكنشتاين، وهو عالمٌ شابّ يخلق مخلوقًا غريبًا عاقلًا في تجربةٍ علميّةٍ غير تقليديّةٍ.
تدور أحداث رواية فرانكشتاين حول طالبٍ ذكيٍّ يدعى فيكتور فرانكنشتاين، يكتشف في جامعة ركنيسبورك الألمانيّة طريقةً يستطيع بمقتضاها بعث الحياة في المادّة.
فيبدأ فرانكنشتاين بخلقِ مخلوقٍ هائل الحجم ولكنّه يرتكب خطأً فيكتشف أنّ مخلوقه في غاية القبح، وقبل أن تدبَّ الحياة فيه ببرهةٍ يهرب من مختبر الجامعة ثمَّ يعود بعد ذلك مع صديقه هنري الّذي جاء لزيارته في المختبر، ولكنّهما لا يجدان المسخ الهائل.
كما رأينا، كان خيال الكاتبة واسعًا، واعتمد الخيال الطبيُّ فيه أُسُسًا منطقيّةً بالنّسبة للقارئ؛ ممّا جعل العمل مميّزًا محبّبًا للنّفس.
نختم فصلنا عن الخيال الطبيِّ هنا، نرجو أنّه كان مفيدًا وشاملًا لكم، ولا تنسوا طرح أسئلتكم في التّعليقات.💫
دُمتم بودٍ، العضو ليان ترجو لكم يومًا رائعًا.
المصادر:
رواية فرانكشيستاين.
رواية العدوى.
رواية عيون الظّلام.
مجلّة الخيال العلميّ.
كتاب الخيال العلميُّ في الأدب.
Bạn đang đọc truyện trên: AzTruyen.Top