بناء عوالم خيالية
بناء عوالم خيالية
راحت تلتقط أنفاسها بعدما خرّت على ركبتيها إنهاكًا وقد استفحل التّتّعب منها بعدما مرّت به من أحداثٍ في بوّابتها السّابقة. استجمعت رباطة بأسها وعزمت على إكمال ما بدأته متناسيةً في عمد الأنياب الحادّة الّتي بدأت تظهر في فم صديقها الأرنب.
نظرت حولها في سخريّة ولسان حالها يقول: »«أحتاج إلى أنّّ أُحيل نفسي طرزانًا»»، كيف لا وقد أحاطت بها الأشجار من كلّ الجهات، وقرص الشمس تربّع على عرش السّماء مسلّطًا جنود أشعته على وجهها، كما أنّها تستطيع أنّ تسمع بوضوح صوت فيلة قريبةً من المكان.
ازدردت ريقها وجمعت ما فيها من شجاعة ذرّةً ذرّة، وراحت تسير في توجّسٍ وأقصى أحلامها أنّّ لا تفرّط الأسود الخضراء في قيلولتها بعد الظّهر وتنشغل بأكلها، سارت في خطٍٍّّ مستقيم تشتم فيه صعوبة الطريق وكثرة الحشرات تارةً وتتأمل الزّرافات الزّرقاء والجواميس البرتقاليّةّ تأكل الأعشاب الرّماديّةّ تارةً أخرى، لا لوم عليها فهي ليست بحديقة والدها تتأمّل عنكبوتًا فوق ورقة الزّعتر، إنّّها بالأدغال!
لا تدري هل تكفّل خوفها بتحويل ساعات مشيها إلى قرون، أم أنّها سارت حقا كلّ هذه المدّة في عالم انتحر فيه المنّطق شنقًا بعد عشرات المحاولات الفاشلة، لم يوقفها شيء غير بحيرة صفراء سدّت طريقها تملأها جذوع الأشجار المنتشرة هنا وهناك، لو كانت صديقتنا تشاهد بعض الأفلام الوثائقيّّة لما جازفت بالقفز فوقها واحدًا واحدًا!
عبرت منتصف البحيرة بالفعل ولم يبقَ أمامها الكثير لتصل للضّفة الأخرى، وما إنّّ قفزت متقدّمة، حتّى خلع التّمساح قناعه التّنكريّ وفتح فمه على مصرعيه ليستقبل وجبته الجديدة، صرخت وزمجر، توسّلت بعينيها، وسخر هو بنظراته، ولم تمرّ ثواني حتّى ابتلعها كاملة وقد شعر بالشّبع، ذهب إلى الضّفة ومشى على ساقي الإنسان خاصّّته، ليجلس في ركنٍٍ قصيٍّ يراقب ابن عمّ خالته يبتلع الأرنب هو الآخر.
رفعت رأسها محاولة أنّ تتجاهل ما داهمها من دوار، دارت حولها نفسها عدّة مرات لتجد الأرنب فاقدًا لوعيه على مقربة منها، هرولت إليّه توقظه فهو أملها لتفهم ما حصل قبل أنّّ يكون صديقها، خصوصًا بعد فقدان الذّاركة الجزئيّّ الّذي أصابها، أخبرها بصوتٍ خشن بإيجاز أنّ تمساحًا ابتلعها، وقريبًا له من بعيد ابتلعه هو الآخر«ي: «اللخزيّ!» »قالتها وهي تعضّّ شفتها السفلىى بعدما استفحل منها الشّعور بالإهانة، ذوقها غريب حقًّا؛ فأيّّ إنإسان يرغب في أنّ ّيصبح وجبة دسمة للتّماسيح، ياله من شرف!
وقبل أنّّ تقول شيئًًا آخر انتبهت إلى العالم حولها، من يراها يجزم أنّهّا في زيارة لثقبٍ أسود لا بطن تمساح، لا شيء لوصفه ها هنا فقط الظّلام واللّاشيء، الغريب في الموضوع أنّها ترى الأرنب بوضوح لكنّ ّلا شيء آخر حرفيًّاًّ، أصابتها قشعريرة أنّّ تنتظر هنا للأبد هي إنسانة ملولة بطبعها في أكثر الأشياء تشويقًا، فما بالها بالجلوس في هكذا فراغ؟
سمعت صوتًًا يخاطبها من اللّامكان: « «يبدو أنّ ضيوفًًا جددًا قد أتوني ها هنا، آمل أنّّ الخلاص بأيديكم لقد اكتفيت من ابتلاع الأغبياء!»»
ازدردت ريقها لتلقي الجملة الّتي توارثها البشر أبًا عن جدّ في هكذا مواقف: « «أين أنا؟»»
همهم الصّوت قبل أنّّ يجيبها في نفاذ صبر: «أ «نتِ في اللّاشيء لقد عدّت بالزّمن قبل أنّ ّيولد العالم الّذي كنت فيه قبلًا».».
لم تفرّط ملامحها في إظهار الغباء المطلق على وجهها لتقول في تساؤل: « «أولست في بطن تمساح؟»»
««لا! لقد كانت بوّابة زمنيّة عادت بك للوراء قبل أنّ يتواجد هذا العالم أساسًا!» » قالها وقد بدا عليه الأسى، لتقول وقد وضعت يدها على ذقنها: « «وما هو الحلّ الآن؟»»
««عليك بناء العالم من جديد!»» قالها ببساطة من يطلب صنع قالب حلوى محروق، لتبتسم بسخريّةّ «: «كيف؟»»
««سأعطيك الطّريقة وعليك بالتّنفيذ، خطأ واحد وستصبحين جزءًا من هذا الفراغ!»»
««أعدني إلى عالمي حالًا، لا وقت لديّ لهذا الهراء!»» قالتها وقد بدا عليها الغضب، وهي تضرب بإحدى قدميها الأرض، وتعقد ذراعيها في شراسة!
همهم مجدّدًا قبل أنّّ يجيبها: « «غريب! هل أبدو كمن يعيدون رهائنهم دون مقابل؟»»
استدرات للأرنب تطلبه المشورة ليقول بصوتٍ غدا أكثر خشونة: « «لا مناص من تنفيذ ما يقول، على الأغلب هذا هو تحدّي البوابة وعليك اجتيازه».».
تنهّدت في شفقة على ما آلت إليه أحوالها، لتقول مخاطبة ذات الصّوت: « «هات ما لديك!»»
ومن دون مقدّمات خرجت من الأرض السّوداء أربعة صخور عملاقة أحاطتها من الجوانب الأربعة، ليقول الصّوت شارحًا لها ما يجب أن تفعله: « «على الجدار المقابل لكِ الآن ستظهر بضعة أسئلة عليك إجابتها، كلّّ إجابة خاطئة ستجعل الجدران تقترب منك أكثر، إلى أنّّ تحطّم أضلاعك تحطيمًا، في المقابل الإجابة الصحيحة ستعيدها كيفما هي الآن، كلما اجتزت مرحلة ما أعدت بناء جزء من العالم المفقود، إلى أنّّ تنتهي من جميعها فتعيديه إلى الوجود!»»
««يا حبيبي!» » كان ذلك ردّها وقد راح عقلها يريها صورًا جميلة عن شكلها المهروس!
أخذت نفسًا عميقًا ترتّب فيه أفكارها، لتقول بصوتٍ قويّ مرتجف: « «لنبدأ!»»
لم تسمع ردًّا، لكنّ الجدار على يمينها دار مئة وثمانين درجة، لتجد عليه مكتوبًا، المرحلة الأوّّلى وهي تحديد نوع العالم ثمّ راحت حروف تنقش على الجدار أمامها ليتجّلى عندها السّؤال الأوّّل «: «ما نوع العالم؟»»
همهت مفكرة تبحث عن إجابة لتقول: « «هو عالم بزرافاتٍ زرقاء وأسود خضراء، أيّّ أنّه غير موجود في عالمنا الواقعيّّ بتاتًا، بمعنى آخر هو عالمٌ خياليّ».ّ».
وما إنّ نبست آخر كلمتين حتّى سمعت الصّوت يقول: « «بدايةٌ موّفقة إلى المرحلة التّاليّة».»
وبالتّزامن مع جملته الأخيرة، دار الجدار على يمينها مجدّدًا لتتغير الكتابة عليه إلى: « المرحلة الثّانيّة: رسم الخرائط».
وأمامها راحت الحروف تتراقص من جديد لتقرأ ما كوّنته بصوتٍ مرتفع: « «صفّ العالم كيف يجب أنّ ّيكون»».
صمتت لبرهة تفكّر وعقلها يلحّ عليها أنّّ تعلم الجدار درسًًا في تصريف الأفعال مع الضمائر المؤنثة، قبل أنّّ تقول: ««عالم كبيرٌ واسع أشبه بالغابات، وبيئته متوحّشة مليئة بالصّراعات والعقبات، لا يمتّ للتّحضّر بصلة»..
و كرويّ أو مسطّح؟ -الخيار يعود لك بحريّة تامّة».».
««كرويّ»».
وبشكلٍ سريع ظهر عدّادٌ تانزليّ يحوي من الوقت دقيقتين، في حين احتوى الجدار الخلفيّ ّعلى آلاف الأقلام والألوان، وقبل أنّّ تفهم ما يحدث صاح بها الأرنب قائلًا: «ً «توقّفي عن التّصنم واجمعي قدر ما تستطيعين من الأقلام».».
هرولت إثر كلماته تجمع كلّّ ما تقع عليه عيناها من الألوان، وبعد انتهاء الوقت، تجلّت من العدم طاولة تحوي بعض الأوراق وكرسيًا بجنبها. تقدّمت نحوها في توجّس قبل أنّّ يقرأ الأرنب ما كتب على الجدار هذه المرّة: « «انثر نقاطًا سوداء على الصفحة، ثمّ صلّ بينها كيفما اتّفق».ر».
راحت تنفّذ المطلوب منها ورويدًا رويدًا، بدأ عقلها يصوّر لها الأشكال أمامها على أنّها قارّات وبحار، ابتسمت في تسلية يبدو أنّ ّالأمور تسير كما ينبغي.
وما إنّ ّفرغت من عملها حتّى سألت الأرنب:«:«ما ا التالي؟»»
««سمّ كلّ جزء من عالمك، سواء كان مياها أو قارّة أو حتّى جزرًا، لا تنس تسمية العالم بحدّ ذاته».»
أطرقت رأسها تفكّر وهي تقول: ««العالم أشبه بالسّفاري لذا العالم السّنفخاري، أجل! سيكون اسمه العالم السّنخفاري؟ هذه الغابة في المنتصف سيكون اسمها الغابة الفسفوريّةّ»».
وهكذا راحت تخترع الأسماء في تأنّ أحيانًا وبشكل متسرّع أحيانًا أخرى، وما إنّّ فرغت من عملها ذاك حتى صاحت في الجدار: « «ماذا بعد؟ أصابعي تهشّمت من كثرة المسمّيات!»»
قرأت في سرّها هذه المرّة ما طالبها به وكان كالتّالي: « «قسّم القارّات إلى دول، والدّول إلى ولايات ومدن، تفصّل في الطرقات والمسمّيات وقوانين كلّّ منطقة»».
صفّرت بفمها تعزّي ما ينتظرها من عمل، لكنّها سرعان ما بدأت فيه، وضعت مخطّطا للغابة الفسفوريّّة بحيث في منتصفها البحيرة الّتي مرّت بها وقد سمّتها قاع النّقيض ولا تدري لماذا، كذاك الطّريق الّتي سارت فيه بداية أطلقت عليه ممرّ الضّياع، وهكذا راحت تهتمّ بكلّّ تفصيلة وتختار اسمها بعناية.
أخذ الأمر وقتًا لكنّ النّتيجة تستحقّ، ها هي ذيّ أمامها خارطة مفصّلة للعالم بكلّ ما يحويه، تنهّدت في رضى ثم قامت من المقعد تحرّك قدميها بعدما تجمّد الدّم فيهما، لكنّها سرعان ما راحت تعلق الخارطة الّتي رسمتها في مكانها المخصّص والّذي ظهر على الجدار الأيسر أثناء انهماكها في العمل.
وما إنّ ّفرغت من وضعها حتّى دار الجدار على يمينها مجددّا وقد قرأت عليه: «المرحلة الثّّالثة: تحديد الأجناس المختلفة».
وعلى الجدار الآخر راحت تقرأ: « «هل العالم يحتوي أجناسًا تقليديّّة أم جديدة؟»»
حنت رأسها لليمين بغير فهم وهي تقول في ذاتها أنّ زرافةً زرقاء وفيلًا برأس فأر أجناس تقليديّّة على الأغلب فهي من حيوانات معروفة، لذا قالت بثقة: « «أجناس تقليديّّة».»
وما إنّ نبست آخر حروفها حتى رأت الجدران تقترب منها، فانتصب شعرها هلعاً وراحت تصرخ: « «يا روح أمي! لا أريد سأتحوّل إلى بطاطة مهروسة».»
كانت ستستمر في الانتحاب وتظل تولول للأبد لولا صوت الأرنب الّذي أخرجها من هستيريّتها: « «الأجناس التقليديّّة مثل المستذئبين، الأشباح وحتّى التّنانين ومصّاصي الدماء والزّومبي، أمّا الأجناس الجديدة فهي مختلفة قد لا تجدها في أيّ قصّّة أخرى، ربما سيمزج البعض الحيوانات ببعضها ولكنّّ من الصعب أنّّ تجدي شخصًا آخر دمج الفيل مع الفأر،، هل تفهمين ما أعنيه؟»»
««ولم تستطع قول ذلك من البداية يا عبقريّ زمانك!»»
««أنتِِ لم تسألي!»»
عضّت شفتها السّفلى في قهر قبل أنّ ّتجيب: «أ «أجناس جديدة!»»
عادت الجدران إلى وضعها الأوّّل، تحت صوت الحروف تنقش لتبرز السّؤال التّالي: « «حدّد معايير الأجناس استنادًا على العالم وأحداثه».».
أطرقت مفكّرة تحديد معايير الأجناس يعتمد على شكلها ووصفها وما إلى ذلك، تناولت ورقة وأحد الأقلام وراحت تكتب: «وطاويط إنسانيّة، فيلة برأس فأر، زرافات زرقاء، أسود خضراء، تماسيح بقدمي إنسان...»
وما إنّ ّأتمّت إحصاء كلّّ الأجناس الّتي أملاها عليها عقلها حتّى أشارت للجدار أنّها انتهت.
««حدّد مناطق نفوذ كلّّ جنس»».
من هذا المنطلق راحت تكتب، الزرافات والفيلة الفأريّة تعيش جنبًا إلى جنب مع التّماسيح الإنسانيّةّ في جزء الغابة الفسفوريّّة، تهيمن النمور السّمكيّّة على الجزء الآخر، في حين تسيطر الأسود الخضراء على منطقة الرّعد، وهكذا ظلّت ثلاث ساعات أخرى منهمكة في العمل قبل أنّّ يهزّها الأرنب في ملل قائلً «ًا: «ألا تلاحظين أنّّ الجدران باتت أقرب من ذيّ قبل؟»»
تجمدت الدّماء في عروقها وراحت تتفقّد صحّة ما يقول وللأسف كان صحيحًًا بشكل مخيف، في حين راح الآخر يواصل كلامه: « «يبدو أنّّها جدران ملولة لا تريد انتظارك أكثر من ذلك!»»
استجمعت شتات نفسها متجاهلة إيّّاه وحاولت جمع ما تبقى لديها من فتات التّركيز، وفي غضون عشرين دقيقة كانت أتمّت بالفعل مهمّتها، وقبل أنّّ تقول شيئا رأت الجدار ينقش جملة جديدة مضمونها: «حدّد الأنظمة الاقتصاديّّة والاجتماعيّّة وحتّى السّياسيّة لكلّّ جنس، وكيف يعيشون».
بدا عليها الأسى فهذا عمل أخر مثير للملل، راحت تكتب على الورق جنس الزّرافات من طبقة راقيّّة يتميّز بالرقّة يحترمه بقية الأجناس، أحواله الاقتصاديّّة ممتازة بسبب توافر غذائه ويعدّ قادته من المستشارين المخضرمين، يعيشون في قطعان كبيرة، وكلّّ قطيع ينقسم إلى سبع مجموعات، في كلّّ مجموعة ما لا يقل عن أرّبعة أفراد ولا يزيد عن الخمسّة عشر، بينهم سلم واحترام متبادل يجعل جوّهم آمنًا إلى حدٍّ بعيد، وهكذا دواليك مع كلّّ الأجناس هذا متوحّش والآخر مسالم إلى أنّّ فرغت من الجميع.
أشارت للجدار أنّّها أنهت عملها لكنّ شيئًا لم يحدث، مما أصابها بالذّعر والتّوتّر خصوصًا أنّ الجدران باتت قريبة بالفعل، التفتت للأرنب علّه ينجدها ممّا هي فيه، ليجيبها ببرود لم تعهده م «نه: «لم تذكري العلاقة بين الأجناس ببعضها!»»
ب
اشرت بالفعل في تحديد ذلك، هذا في عداوة مع ذاك وهؤلاء حياد، من تبقّى في سلمٍ نسبيّّ وآخرون يتمّتعون بعلاقة وطيدة بينهم وما إنّّ فرغت حتّى دار الجدار معلنًا عن «المرحلة الرّابعة: مرحلة المدن والقرى!»
وعلى الجدار الآخر نقشت جملة زلزلت كيانها: « «من السّابق استنتج ما يجب فعله!»»
ظلّت تحملق في غير فهم عليها أنّ تعرف ما يجب أنّّ تفعل دون أنّّ يمليه عليه أحدهم! استدارت للأرنب كيّ يّنقذها لكنّه هزّ كتفيه بمعنى أنّه لا يعرف، حاولت الخروج بأيّ نتيجة لكنّّ بلا جدوى، دارت حول نفسها في قلق ثمّ نادت مخاطبة الصّوت المجهول: « «ألا توجد طريقة للمساعدة أو حتّى التّلميح؟»»
ساد صمت مخيف في البداية، قبل أنّّ تسمعه يقول: « «لنقل أنّ المدن أو القرى عالم مصغر بالتاّلي؟»»
««يحتاج خطوات مصغرة!»»
وراحت تعدّد على أصابعها، رسم خريطة كلّّ مدينة على حدا، وضع التّفاصيل من طرقات ومنازل إضافة للمسمّيات، من ثمّ تحديد أجناسها وطريقة عيشها ومدى تحضّرها، وبما أنّها مدينة فإمّا أنّّ يكون لها عمدة أو حاكم يجب تحديده.
التفت للأرنب تسأله بعينيها إنّّ كانت نست شيئًا فقال: «ًا فردّ: «نعم! ماذا عن أوضاع المدينة؟»»
فهمت أنّ عليها تحديد الوضع الاقتصاديّّ والاجتماعيّ فّ، تنهّدت في إنهاك الاهتمام بالتّفاصيل ليس سهلًا البتّة، تحاملت على نفسها وأخبرت الجدار أنّها أنهت بالفعل عملها، قبل أنّّ تتبيّن خروج إطار قرب الخريطة يحثّها على تعليق خرائط المدن المصغّرة، وقد فعلت ليتحصل الحركة الرّتيبة دار الجدار ليعلن عن «المرحلة الخّامسّة: تاريخ العالم».
وببساطة مطلقة نقشت على جداره: ««أنشئ خارطة العالم القديم»».
التقطت خارطتها الأوّّلى من على الجدار، أعادت رسم ما فيها مع بعض التّغييرات في التّضاريس العامّّة وكذا في التّسميات، ليس بنفس التّفصيل لكنّّ أهم الخطوط على الأقل.
وقبل أنّّ تنبس شيئًا قرأت على الجدار: ««حدد تاريخ كلّّ جنس والأحداث الفيصليّّة»».
باشرت العمل هي الأخرى دون مقدّمات، ظهر هذا الجنس في العام كذا وانقرض الآخر في العام الّذي يليه، انفجار بركان كوزامارو تسبّب في هجرة الحيوانات التاليّة، اغتيال قائد الزّرفات عن طريق الأسود أدّى إلى حربٍ لاحقة بينهم.
وما إنّّ فرغت حتّى وضعت الأوراق في مكانها المخصّص والّذي ظهر من العدم كالعادة، وبين لحظة وأخرى وجدت نفسها تسقط في دوّامة عملاقة يحاوطها الظّلام، لتقع على ظهرها والأرنب من فوقها، وقد وجدت نفسها في الضفّة الأخرى من البحيرة، وتمساح القدمين البشريتين يساعدها على النّهوض قائلًا «ًا: «شكرًا لكِ لتعاونك!»»
وما لبث أنّّ تحوّل إلى جنّية صغيرة تغادر المكان، لتدرك أليس أنّه كان حقّا اختبار البوّابة، وقبل أنّّ تسأل أين تذهب، وجدت في جيبها ورقة بخطٍّ منمّق: «: «واصل السّير أمامًًا وستجد البوّابة التاليّة».»
Bạn đang đọc truyện trên: AzTruyen.Top