#منظور_سوراج

لقد سبق و زرت القصر الملكي بشأن اتفاقي مع سمو الملك، لكن الأمر المختلف أنني جئت اليوم مع الفتاة التي أحبها، و التي لم تفتح عينيها و لا أدري إن كانت على قيد الحياة حتى

لحقنا بالوزير معتز لندخل إلى تلك القاعة الكبيرة، حيث تقف العائلة الملكية، إتسعت عينا السيدة نهال حين رأت رمزا في الجدار، ليتضح أنها تملك قلادة بنفس الرمز، ليعم الصمت و يكسره الملك

-" جمعتكم هنا اليوم لتوضيح بعض الحقائق و القرارات التي اتخذتها مؤخرا "

نظر إلى زوجته بأسف و بدت متوترة جدا، ليردف

-" كنت مجرد مراهق آنذاك، بفضل فطنتي و قوتي الجسدية تم قبولي في الجيش، كنت جنديا بسيطا بطموحات كبيرة، و لطالما حلمت بأن أصبح حاكما، كان الحكم في سبيرانزا آنذاك رئاسيا، مظت السنوات و كبرت، صرت مشهورا بحكمتي و قوتي، حيث يهابني الجميع، لأترشح في الانتخابات، و أفوز، من شدة حماسي للمستقبل و سذاجتي، قررت قطع كل ما يربطني بالماضي، كانت زوجتي قد توفيت ما أن ولدت ابنتي الصغيرة "

توقف الملك عن السرد ليمسح دموعا فرت من مقلتيه، فيردف

-" وصلت للعرش و تغير الحكم إلى الملكي، غيرت إسم الدولة لأسميها سبيرانزا بمعنى الأمل، تزوجت بأميرة، لكن ظل ذنبي يلازمني، كيف عساي أتخلى عن ابنتي من لحمي و دمي ؟! كلفت حراسا لها، و كانوا يأتون لي بأدق تفاصيلها، و في كل مرة يحصل حدث مهم في حياتها و لا أكون موجودا إلى جانبها يزداد شعوري بالذنب "

أطلق تنهيدة طويلة تنم عن مشاعر أخفاها بداخله لسنين طويلة إلى أن أرهقته، ثم أكمل كلامه

-" رزقت بحفيدتي الأولى، بعمر ابنتي جوري، لكنها كانت مختلفة، فتاة قوية، حكيمة، و بطريقة ما كنت أرى نفسي بها، كانت تشبهني كثيرا "

لم يستطع التحكم بدموعه أكثر من ذلك، ليقول

-" آسف ابنتي نهال ... إغفري خطيئة والدك "

أطلقت الأميرة نهال شهقة قوية، و وجه الجميع أنظاره إليها، ليشتد إمساك رامي بيدها، لكن الصدمة كانت أقوى من أن تتحملها، لتقول

-" أعتذر من جلالتك لكن ما دمت ذكرى من ماضيك و قررت نسيانه، فلا داعي لاسترجاعها مجددا لأن في قانون الملكية ما رميته لا يعود لك أبدا "

إستدارت الأميرة نهال لتغادر، ليهتف الملك

-" أشهر قليلة تفصلني عن الموت ... أنا مصاب بداء السرطان ... أخشى أن يقهرك الندم بعد موتي ... إمنحيني فرصة واحدة "

إلتفتت لتنظر إليه، تلك النظرة التي تحمل الكثير من مشاعر العتاب و الألم، ذاك العتاب الصامت الذي يدمي القلب من فرط الشعور بالذنب .