15. HINATA

كونوها، مايو 2018.

1.

رائحة المطهر تحرق أنفي. صافرة جهاز مراقبة القلب تضرب على طبلة أذني. رؤية أبي خاملًا على ذلك السرير الأبيض، موصولًا بتلك الآلات، يمزق قلبي.

هياشي هيوغا، اُنظر إلى نفسك! قلتَ أنك لا تخشى الموت، فلماذا تواصل التمسّك بالحياة؟

—أبي...

عصرت يده الرخامية في محاولة عبثية لتدفئته، لكن تلك الزرقة المسودة في عروقه تأبى أن تزول.

—لقد تزوجت ساسكي كما طلبت، فلماذا لا تعود؟ لماذا لا تسمعني؟ أبي... أنا هنا!

الدموع تشوش رؤيتي، لكني أعلم أن وجهه الهزيل لا يزال هامدًا.

—ساسكي لن يعود إلى المنزل بعد الآن، إنه لا يريدني، هل تسمعني؟ ابنتك ليست سعيدة. إنها تعاني... هل أنت راضٍ الآن؟

رفعت نبرة صوتي المرتجف:

—هانابي غاضبة مني، سأفقدها هي الأخرى... نيجي وتينتين مشغولان بتجهيز غرفة طفلهما. وأنا، يا أبي، لماذا لا أملك طفلًا؟ لماذا أنا؟ أنا وحيدة…

2.

طَليتُ كريم الأساس وخافي العيوب على وجهي، حارصة على إخفاء أي علامات إرهاق قد تخون قناع المرأة القوية الذي أرتديه. رفعت رموشي وربّت برفق ورديًا خافتًا على وجنتي. هممت بوضع أحمر الشفاه المفضل لدي: ذي اللون العنابي الذي أهداني إياه زوجي الحبيب في عيد ميلادي الحادي والثلاثين ديسمبر الماضي.

أسدلت شعري وأعدت خصلاته إلى الخلف كلمسة أخيرة. حدّقت في انعكاسي على المرآة: مثالي! هذا الفستان الأبيض يبرز مفاتني، سيحبه.

—فلنذهب لإرضاء زوجك العزيز يا هيناتا!

انفجرتُ ضاحكة.

—كفاك ضحكًا أيتها العاهرة!

بمجرد أن ركبتُ السيارة وربطت حزام الأمان، اتصلت بساسكي، لكني لم أتلقَّ ردًا منه. توجهت إلى حيث لا أدري فانتهى بي المطاف في المستشفى. في مكتب الاستقبال، قيل لي أنه غادر المبنى منذ أقل من ساعة. افترضت الممرضة أنه قد انضم إلى زملائه لتناول عشاء عمل.

—هل لديك فكرة أين؟

—لست واثقة، لكن من غير المحتمل أن يكونوا قد غيروا المكان، سأعطيك عنوان مطعمهم المعتاد.

—شكرًا جزيلًا.

الإحراج يغمرني. كيف أجهل مثل هذه الأشياء الأساسية عن شريك حياتي؟ صحيح أنه رجل قليل الكلام، فهو لا يخبرني أبدًا أين يذهب أو مع من، لكنني لا أسأله أيضًا. حتى أنني تفاجأت عندما علمت أنه معتاد على الخروج مع زملائه، ساسكي الذي أعرفه ليس اجتماعيًا.

توجهت إلى المطعم المقصود، وأنا أفكر في طريقة لمحادثته. مؤكد أنني قلت أشياء جارحة، لكنه آذاني أيضًا. هل أتصرف وكأن شيئًا لم يحدث وأفتح صفحة جديدة؟ أم أتطرق للموضوع، وأخبره بحقيقة ما حدث مع ناروتو وشعوري بالذنب حيال حملي المنتبذ؟ لا أعرف... سنرى.

من الواجهة الزجاجية للمطعم، يمكنني رؤية الزبائن. إنه هناك مع ثلاثة أشخاص، من بينهم صهباء ترتدي نظارات: حبيبته السابقة من الجامعة، كارين. يبدو أنه مستغرق في حديث عميق معها.

عدت إلى سيارتي، فلا فائدة من وجودي هنا. لا يبدو عليه الحزن، فوجهه مشرق بشوس. أكره الاعتراف بذلك، لكنني أشعر بالغيرة. كيف له أن يضحك معها بينما زوجته تموت في صمت؟ ثم، كيف يجرؤ على لومي عمّا حدث مع ناروتو في حين يخرج لتناول العشاء مع حبيبته السابقة؟

منافق...

الآن، وأمام هذه الصورة، اكتشفت أن لساسكي عالم آخر لا وجود لي فيه. حياته اليومية لا تتمحور حولي. فهمت الآن الرسالة التي تركها لي منذ أربعة أيام. لن يواجه أي مشكلة في العيش بدوني. لا، سيعيش بشكل أفضل بدوني. على الأقل، لن يضطر إلى التعامل مع قلقي غير المبرر. لن يضطر للشعور بأنه غير مرغوب فيه.

مسحت دموعي وأحمر شفاهي السخيف. كنت محقة في عدم وضع الماسكارا!

3.

إن عدتُ إلى المنزل الآن ونمتُ على السرير الذي تشاركته مع ساسكي طوال العامين الماضيين، واستيقظت على مواء قطته مُطالِبةً بالفطور، ووقعت عيني على صورنا معًا، لن تطأ قدمي هنا مرة أخرى: أمام باب ناروتو. إن فتح هذا الباب الآن، سأقول وداعًا لحياتي القديمة. إن تمكن ضميري من إقناع قلبي بالرحيل: وداعًا ناروتو.

صاح متعجّبًا وعيناه الزرقاوان مفتوحتان على مصراعيهما:

—هيناتا؟

—أيمكنني الدخول؟

أفسح لي المجال. قلبي ينبض بسرعة. لا أعلم إن كان وجودي هو السبب أم أنّ أجواء هذا المكان مختلفة عن آخر مرة قدمتُ فيها إلى هنا. يبدو أكثر هدوءً.

—هل أنتَ بمفردك؟

قال مُتجنِّبًا نظراتي:

—خلدت ابنتي في النوم للتو.

وضعت يدي على خده وأدرت وجهه بحيث يواجهني. اتسعت حدقتا عينيه لتحل محل زرقة قزحيتيه، العينان اللتان وقعت في حبهما أول مرة التقيته فيها. لففت ذراعيّ حول عنقه ودفنت رأسي فيه.

—لقد أضعنا ما يكفي من الوقت يا حبيبي.

تمتم في حيرة:

—هيناتا... ماذا تفعلين؟

—كنتَ محقًّا، نحن خُلقنا لبعضنا البعض. كنتُ مخطئة عندما ظننتُ بأنني أستطيعُ الاستغناء عنك!

—هيناتا... أنتِ متزوجة هل نسيت ذلك؟

بأبسط إيماءة ممكنة، خلعت خاتم زواجي ووضعته على خزانة الأحذية أمامنا.

—ليس لوقت طويل!

جذبته نحو غرفة المعيشة، وغمست نظراتي في عينيه. قلبي يؤلمني بشدة.

—لا تقل شيئا، فقط قل نعم!

—هـينا...

—قبّلني!

رغم دهشته من جرأة كلماتي، إلا أنه هجم على شفتيّ كما لو أنّ حياته تعتمد على ذلك. أشعر بأنني منومة مغناطيسيًا، ما الذي أفعله بحق السماوات؟ يبدو الأمر كما لو أنّ الوقت قد توقف في المرة الأخيرة التي قبلنا فيها بعضنا البعض وانطلق الآن من جديد. أمسكت بذراعه لأبعده، لكنه أوقفني.

—اشتقت إليكِ!

بدأ ضميري يصحو. معدتي تتلوى تحت وطأة الشعور بالذنب، وكأنّ أحشائي تتمزّق. رقبتي متشنجة. لا يمكنني فعل هذا... ليس قبل أن أنفصل عن ساسكي. أمسكت وجهه بين يدي:

—ناروتو، انتظر!

 أعاده صوت باب اهتز إلى الواقع فابتعد عني في هلع. حدّق في وجهي بتهجم كما لو أنه ارتكب جريمة. ركض إلى غرفة جيرايا وتبعته بخطوات مترددة.

أغلق النافذة التي كان يتسرّب منها نسيم بارد. ابنته نائمة ملتفة على السرير وهي ترتجف، فغطّاها وقبّل جبينها، ثم التفت إليّ وأمسك بيدي يقودني إلى المخرج. حلّ شخص جادٌ محل ذلك الأحمق الذي كاد يخنقني منذ أقل من دقيقتين. أخذ خاتمي وأعاده في إصبعي.

—ارجعي... عندما لا تعودين مضطرة لارتداء هذا الخاتم.

قبّلت خدّه بخفة.

—طابت ليلتك!

4.

ابتسمت ببلاهة في سريري وأنا أداعب القطة السيامية التي تخرخر على صدري.

—هل تعتقدين أنّ والدك سيسمح لي بأخذك؟

أطلقت مواءً ساخطًا.

—نعم، أنا لئيمة أحيانًا، لكنك تعرفين أنني أحبك أيضًا.

فركت أذنيها على صدري.

—يا لك من قطة مدللة.

أضاءت شاشة هاتفي. مكالمة واردة من نيجي. أجبت بانزعاج:

—آلو!

—هيناتا... عمي هياشي قد مات.

—حسنًا... شكرًا.

سحقًا، ما كل هذا؟ خمس مكالمات فائتة: واحدة من ساسكي الليلة الماضية، متأخر للغاية! واثنتان من هانابي قبل ساعة، وواحدة من تينتين، وأخرى من نيجي. هؤلاء الناس غير معقولين، يتصلون بي فقط عندما أضع هاتفي على الصامت!

Bạn đang đọc truyện trên: AzTruyen.Top