part 7
أشرقت شمس يومٍ جديد فبدأ الناس بروتينهم اليومي المعتاد بإستثناء لوكاس الذي نهض يجهز نفسه للذهاب إلى قصر اتشارلز بدلاً من الذهاب للبلدية....
ارتدى بنطال جينز أزرق اللون مع قميص أبيض بدون اكمام وفوقه سترةً زرقاء مفتوحة مع حذاء أبيض اللون...
هو رغم أنه فقير إلا أنه دائماً يختار ملابسه بشكلٍ أنيق....
بقي ينتظر وصول جد مارك كي يبقى مع ماتيو وبمجرد وصول المعني ودعه وخرج من المنزل واستقل دراجته النارية بعدما ارتدى خوذته ثم انطلق نحو ذلك القصر ...
حين وصل وجد ليليا تنتظره في الخارج وقد استقبلته بلهفة رغم التوتر الواضح عليها...
أردف لوكاس يسألها بينما يسير بجانبها في طريقهما لدخول القصر :
" أرجو المعذرة سيدة ليليا...أرى التوتر يسيطر عليكِ...هل السبب يا ترى هو قلقكِ من ردة فعل ابنكِ ؟ "
تنهدت بيأس ثم أومأت له قبل أن تردف :
" أجل...هو لا يحب الاختلاط بالأخرين ابداً...أرجو أن يمر الأمر على خير..."
وصلا للصالة فأخبرته أن يجلس ثم أردفت تكلم الخادمة :
" اذهبي وأخبري هنري أنني أريده هنا..."
: " حاضر سيدتي.."
قالتها الخادمة قبل أن تغادر فنظرت ليليا لـ لوكاس وأردفت بإبتسامةٍ هادئة :
" كما أخبرتك مسبقاً...هنري لا يحب الاختلاط بالأخرين...وغالباً يكون فظاً معهم...وأنت الأن تعلم أنه يواجه مشاكل نفسية لذا...أرجو ألا تنزعج منه مهما قال...حسناً ؟ "
بادلها لوكاس الإبتسامة بينما يؤمئ لها بتفهم...
في الأعلى طرقت الخادمة باب غرفة هنري الذي كان مستلقياً على سريره يحدق بالسقف بهدوء...
: " سيدي...السيدة تريدك.."
: " أنا قادم..."
قالها بينما ينهض وبمجرد أن اعتدل واقفاً عاد للجلوس على السرير بسرعة بسبب الدوار الذي شعر به وبعد لحظات عاد لحالته الطبيعية فاستقام بهدوء وخرج من غرفته متوجهاً للأسفل....
اقترب منهما وقد استغرب وجود شابٍ غريب هنا لكنه لم يهتم وسأل ليليا حين صار بمحاذاتها :
" نعم ؟ ماذا تريدين ؟ "
: " تعال واجلس أولاً..."
قالتها بينما تشير نحو الأريكة المقابلة لها ففعل ذلك لتردف هي :
" هذا لوكاس...إنه بمثل عمرك يا هنري..."
عقد هنري حاجبيه وأردف مستغرباً :
"ولما تخبريني بهذا ؟ "
اخذت نفساً عميقاً قبل أن تبدأ بإخباره بما أخبرهم به طبيبه والذي هو سبب وجود لوكاس هنا...
أنهت كلامها ونظرت له بتوتر تنتظر ردة فعله وهو كان ينظر لها بصمتٍ مريب قبل أن يقطعه بصوته الهادئ قائلاً :
" لا أريد أصدقاء...وذلك الطبيب...لا أريد رؤيته مجدداً..."
نهض بعدها يعود لغرفته تحت نظرات ليليا المصدومة ! هي بالفعل توقعت رفضه للفكرة لكنها لم تتوقع أن يكون بهذا الهدوء !!
أمسكت بهاتفها تتصل بروبرت وأخبرته بما حدث فأخبرها أنه قادم للمنزل الأن فأغلقت الخط وجلست مع لوكاس الذي لا يفهم شيئاً مما يجري...
في الطابق العلوي كان هنري قد دخل إلى غرفته وأغلق الباب خلفه بأيدي مرتجفة ثم ركض نحو الدرج الذي بجانب سريره وأخرج منه علبة الدواء تلك وتناول منها عدة حبوب دُفعةً واحدة !
ثم جلس أرضاً يحاول تنظيم أنفاسه وبعد دقائق عاد تنفسه طبيعياً وتوقفت يداه عن الإرتجاف لكنه لم يتحرك من مكانه فقد كان شارداً في الفراغ منذ أن داهمت عقله إحدى ذكريات ماضيه السوداء...
في هذه الأثناء في منزل لوكاس كان الجد يقوم بإعداد الفطور من أجل ماتيو الذي استيقظ للتو فقط وها هو يقف عند باب المطبخ بشعره الأشقر المبعثر بينما يفرك إحدى عيناه بيده وكما بدى لطيفاً رغم شكله المبعثر !
ابتسم الجد لمنظره اللطيف ثم أردف قائلاً :
" مات...اذهب واغسل وجهك ويداك..."
: " حاضر جدي "
قالها ماتيو بنعاس ثم تحرك من مكانه متجهاً نحو باب المنزل فشهق الجد وركض يستوقفه قائلاً :
" إلى أين أنت ذاهب ؟ "
وبنعاس رد عليه الأصغر :
: " إلى الحمام...ألم تخبرني أن علي غسل وجهي ؟ "
أردف الجد بينما يشير بيده نحو الحمام :
: " الحمام هناك ماتيو ! في الإتجاه الأخر ! "
نظر ماتيو بعيناه الناعستان لحيث يشير الجد ثم قال :
" أوه صحيح...إنه هناك.."
أنهى كلامه يتجه للحمام فضرب الجد جبينه بيأس قبل أن يعود للمطبخ لإكمال ما كان يفعله...
لنعد لقصر اتشارلز....
كان روبرت قد وصل قبل قليل وطلب من الخادمة مناداة هنري ففعلت وها هو ينزل عن الدرج بخطوات بطيئة وحين وصل أخبره والده أن يجلس ففعل ذلك...
بشيءٍ من الحدة تحدث روبرت قائلاً :
" اسمعني جيداً هنري...هذه المرة سيحدث ما اقوله أنا وحسب...لوكاس سيكون صديقاً لك من الأن فصاعداً....مفهوم ؟ "
اعتدل روبرت واقفاً ثم نظر نحو ليليا ثم نحو الإثنان قائلاً :
" تعالي معي...وأنتما فلتتعرفا على بعضكما.."
غادر روبرت ومعه ليليا تاركان اولئك الإثنان وحدهما....
لاحظ لوكاس ارتجاف يد هنري فسأله بهدوء :
" هل أنت بخير ؟ "
أومأ هنري فأردف لوكاس :
" لكن يدك..."
قاطعه هنري قائلاً بصوتٍ جاهد لجعله ثابتاً لكن إرتجافته كانت واضحة لـ لوكاس :
" أرجوك لا تكن صديقي...أنا...لا أريد أصدقاء..."
: " لما ؟ "
سأل لوكاس ليجيبه هنري بدون وعي :
" لا أريد أن يتأذى أحد بسببي...ليس مجدداً..."
بصدمة نطق لوكاس :
" ماذا ؟! ما الذي تقصده ؟! "
انتبه هنري لما قاله ليردف بسرعة :
" لـ...لا شيء...فقط لا تكن صديقاً لي...أرجوك.."
: " لكن والدك لن يتراجع عن هذا...حتى لو رفضت أنا فسيجد شخصاً أخر وإن رفض سيحضر غيره..."
أنهى لوكاس جملته فتنهد هنري بإنزعاج فالكلام الذي قاله لوكاس صحيح...والده لن يغير رأيه ابداً...لكن هو خائف أيضاً...ماذا لو كرر الماضي نفسه ؟ ماذا لو واجه نفس ذلك الموقف مرةً أخرى ؟
خرج من أفكاره على صوت لوكاس الذي أردف :
" ما خطبك ؟ لما ترتجف يداك بهذا الشكل ؟ "
: " لا شيء...هذا بسبب التوتر وحسب..."
صمت للحظة ثم نظر نحو لوكاس وسأله :
" ألم يعترض والداك على هذا ؟ "
: " لا..."
أردف هنري بدون إهتمام :
" يالهما من أبوين ! "
ليردف لوكاس بهدوء :
" إنهما متوفيان...منذ وقتٍ طويل..."
صُدم هنري بسماع ذلك وندم على قوله السابق فأردف بسرعة مُعتذراً :
" أنا أسف...لم أقصد.."
: " لا عليك..."
: " لديك أخوة ؟ "
سأل هنري ليجيبه لوكاس بإبتسامةٍ حزينة :
" للأسف لا...ليس لدي...لا أب...لا أم..لا إخوة...أنا وحيد..."
استبدل لوكاس إبتسامته الحزينة بأخرى لطيفة حين لاحظ أن كلامه أحزن هنري وأردف يسأله :
" ماذا عنك ؟ ألديك إخوة ؟ "
هز هنري رأسه بالنفي بينما يقول :
" لا...ليس لدي..ومن الجيد أنه لا يوجد..."
عقد لوكاس جبينه بإستغراب وأردف :
" لما ؟! ألا تحب أن يكون لديك إخوة بدلاً من أن تكون وحيداً ؟ "
: " بالطبع أُحب...لكن ذلك لو كانت عائلتي مثالية...لكن مع عائلةٍ كهذه لا أتمنى وجود أخٍ أو أختٍ لي..."
بنفس نبرته المستغربة تحدث لوكاس :
" وما بها عائلتك لتقول هذا ؟ "
تنهد هنري وأجاب :
" دعك من ذلك...ليس مهماً..."
أدرك هنري أنه تحدث لأول مرة مع أحد لفترةٍ طويلة هكذا....لأول مرة هو يشعر بالإرتياح تجاه أحد منذ وقتٍ طويل...لكن مع هذا هو لن يجعله يتقرب منه كي لا يتأذى لذا هو أردف :
" المهم الأن هو أن لا تكون صديقاً لي...لأنك ستتأذى حتماً وأنا لا أريد لأحد أن يتأذى بسببي..."
أنهى كلامه ونهض مغادراً المكان تاركاً لوكاس يفكر بما يقصده بأنه سيتأذى ؟
قطع حبل أفكاره قدوم روبرت وزوجته بينما تسأله الأخيرة عما حدث ؟ فأخبرها بما دار بينه وبين هنري لتتنهد بحزن قبل أن تردف :
" ربما ذلك بسبب أن هنري كان لديه صديق في طفولته...وذلك الشخص مات وهنري لام نفسه على ذلك لذا هو يخشى أن يصادق شخصاً أخر كي لا يلقى نفس المصير...ونحن لم نفكر في هذه النقطة..."
صمتت ليردف روبرت :
" لقد نسينا ذلك بالفعل...ماذا سنفعل الأن ؟ "
: " برأيي يجب أن يذهب لوكاس للتحدث معه..."
قالتها ليليا فوافقها روبرت وطلب من الخادمة أن تُرشد لوكاس لغرفة هنري...
طرق لوكاس الباب ثم فتح الباب ودخل لينظر له هنري بصدمة بينما يردف :
" ألم تغادر بعد ؟ "
: " لا...لنتحدث قليلاً...."
قال لوكاس جملته بينما يغلق باب الغرفة ثم تقدم من كرسي المكتب يسحبه ويجلس عليه بينما يردف :
" أخبرتني والدتك عما قَصدته بقولك أني ساتأذى لو صادقتك...."
لم يقل هنري أي شيء فأكمل لوكاس كلامه قائلاً :
" لما تلوم نفسك على موت صديقك ؟ "
تنهد هنري ونظر نحو لوكاس قائلاً :
" إنهما لا يعرفان حقيقة ما جرى...هما لا يعلمان لما ألوم نفسي على موته...أنا...أنا كنت السبب بموته...لو أنه لم يكن صديقي لكان حياً الأن..."
إنسابت دموع هنري رغم محاولته لمنعها فتنهد لوكاس وأردف :
" قبل شهرين...أنا تسببت بموت زميلي..."
رفع هنري نظره نحو لوكاس الذي تابع كلامه :
" ضحى بنفسه لإنقاذي...حين كادت سيارةً مسرعة أن تصدمني...بصراحة لازلت ألوم نفسي حتى الأن...لو أنه لم ينقذني لكان حياً...لو أننا لم نتواجد في ذلك المكان معاً لما حدث ذلك له...هذا ما استمر بقوله لنفسي..."
توقف للحظة عن الكلام ليمسح دموعه ثم استأنف كلامه قائلاً :
" ثم أفكر واقول لنفسي بماذا يفيدني اللوم والندم؟ هو لن يعود للحياة مجدداً...وأنا علي المُضي قُدماً كوني لازلت على قيد الحياة..."
نظر نحو هنري وأكمل كلامه :
" في ذلك الوقت حين أخبروني بموته...قررت أن أعتني بجده...عائلته الوحيدة لعل هذا يواسي قلب ذلك الرجل المسكين الذي فقد حفيده بسببي...وقد نجحت بالفعل...الجد ورغم أن قلبه احترق على حفيده لكنه سعيد معي...إنه يعاملني كفردٍ من عائلته...ويقلق علي كما لو كنتُ حفيده...وأنا أحببته بشدة وأعتبره جدي الحقيقي...المغزى مما أخبرتك به هو أن تتوقف عن لوم نفسك أو على الأقل فـ لتمضي قُدماً...أساساً الحياة لا تتوقف على أحد...انظر الي مثلاً...لقد فقدتُ والداي حين كُنت بسن السادسة فقط ولكنني لازلت أعيش وأتنفس حتى بدونهما...فهمت ما أقصده ؟ "
أومأ هنري وأردف بينما يحاول إيقاف دموعه :
" فهمت...لكنك لا تعرف ما حدث...الأمر مختلف عما حدث معك...صديقي لم يقم بإنقاذي بل مات بسببي..."
نظر له لوكاس وأردف :
" أخبرني إذاً...كيف مات بسببك ؟ "
أشاح هنري ببصره عن لوكاس والتزم الصمت فتنهد لوكاس ثم مسح دموعه ونهض بينما يردف :
" أنا سأغادر الأن...سأعود غداً... "
نظر له هنري بتفاجئ وأردف :
" ولما ستعود ؟! أخبرتك أنه لا يجب أن نكون أصدقاء!!...أنا لا أريد أصدقاء !! "
: " حين أأتي غداً ستخبرني عن موت صديقك وحينها سأقرر إن كنت سأصادقك أو لا...حسناً ؟ "
قالها لوكاس ليؤمئ هنري موافقاً فابتسم لوكاس ولوح له بيده بينما يردف :
" إلى اللقاء إذاً..."
خرج بعدها من الغرفة ثم من القصر بعد أن ودع روبرت وليليا....
بينما هنري استلقى على سريره يفكر بما قاله له لوكاس ولا ينكر أنه ارتاح له حقاً...يفكر بكونه سيكون محظوظاً لو كان لوكاس صديقه لكنه سيتسبب بالأذى له وهذا ما لا يريده ابداً....
.......................................
يتبع.....
اضطررت لإنهاء البارت هنا كي لا أحرق شيئاً من أحداث البارت القادم...
كيف كان اللقاء بين هنري ولوكاس ؟
الجميع توقع أن يكون كارثياً لكني صدمتكم 😎🤣
هنري لم يعرف بعد بمهنة لوكاس 🙂
توقعاتكم للبارت القادم ؟
ولا تنسوا أن القادم احلا دوماً معي 🌚
إلى اللقاء.....
Bạn đang đọc truyện trên: AzTruyen.Top