part 6

~ اليوم التالي ~

قصر اتشارلز

بما أن روبرت زعيم مافيا فقد كان قبو قصره مميز...كان ذو مساحةٍ واسعة احتوت على عدة زنزانات عازلة للصوت.....

كان صوت الصراخ المتألم يعم إحدى تلك الزنزانات والذي كان مصدره ذلك السائق الذي أراد توصيل هنري في وقتٍ سابق !

حيث كان تحت التعذيب بواسطة الصاعق الكهربائي !

: " سـ..سيدي...أرجوك صدقني...السيد الصغير هو من أراد...أراد الذهاب للمشي وحده..."

بتعب وتقطع نطق السائق جملته تلك بينما ينظر بعيناه المتعبتان لروبرت الذي يقابله بنظرات باردة...

تقدم روبرت نحو الأخر موجهاً له لكمةً قوية على وجهه ثم جذبه من ياقته بغضب صارخاً به :

" كان عليك أن تتبعه دون أن يراك ! أنت تعلم أن أعدائي كثيرون وقد يؤذونني به ! "

أفلته بينما يردف بهدوء مُشبع بالغضب :

" ستدفع الثمن غالياً إن أصاب هنري أي مكروه.."

انهى كلامه والتفت مغادراً المكان تاركاً الأخر محتجزاً في تلك الزنزانة الباردة...

في الأعلى كان الطبيب النفسي قد خرج من غرفة هنري...

كان هذا الطبيب يتابع حالة هنري منذ طفولته ولكن رغم متابعته له كل هذه السنوات ورغم خبرته الواسعة لم يستطع قط جعل هنري ينفتح له !

تقدم روبرت مع زوجته نحو الطبيب رغم إدراك كلاهما بأنهما سيسمعان نفس الإجابة التي اعتاداها منه منذ سنوات...هنري حقاً عنيد !!

تنهد الطبيب قبل أن يردف :

" كالعادة...لم يفتح قلبه لي...ولكن هذه المرة لدي اقتراح لكما..."

نظر له الإثنان بإهتمام ليسترسل قائلاً :

" هو يرفض تكوين الصداقات...لقد فكرت بأن نفرض عليه ذلك..."

علا الاستغراب ملامح وجهيهما فأردف روبرت متسائلاً :

" ماذا تقصد ؟ "

: " ما أقصده هو أن تجدا شخص بمثل عمره...يجب على ذلك الشخص كسب ثقة هنري...سيكون ذلك صعباً لكنه بفعل هذا سيجعل هنري يفتح قلبه له وبالتالي ستبدأ نفسيته بالتحسن..."

وضح الطبيب مقصده ففهم روبرت وليليا الفكرة فتحدث الطبيب مجدداً قائلاً :

" اقترح ألا يكون هذا الشخص من الأثرياء..برأيي يجب أن يكون من بيئةٍ مختلفة هذا سيساعد أكثر.."

غادر الطبيب بعد ذلك فخرج روبرت من القصر بينما يفكر بإيجاد صديق لهنري وبما أن الطبيب ذكر البيئة المختلفة فهذا يعني أنه يجب أن يكون من الفقراء وإيجاد واحد منهم ليس صعباً فأما يُعطيه بعض المال أو يقوم بتهديده ليوافق...

في مكانٍ أخر...

كان لوكاس كالعادة في عمله يقوم مع زملائه بتنظيف الشوارع وبالصدفة وقع حادث بالقرب منهم حيثُ اصطدمت دراجةً نارية بسيارةٍ حمراء اللون فهرع هو ومن معه لتفقد السائقين ولحسن الحظ لم يتأذى أي منهما كان راكب الدراجة شابٌ في مُقتبل العمر أما سائقة السيارة كانت سيدة والتي لم تكن سوى ليليا زوجة روبرت...

اعتذر الشاب من ليليا وهي فعلت المثل وقد تكفلت بتصليح دراجته فشكرها وغادر بينما هي نظرت نحو لوكاس حيث قد لفت نظرها وجهه البشوش رغم التعب الظاهر عليه فابتسمت له وأردفت تتسائل :

" أتعمل في بلدية المدينة ؟ "

أومأ لها فابتسمت مجدداً بينما تردف :

" ما هو اسمك ؟ كم عمرك ؟ "

استغرب منها ذلك لكنه أجابها :

" اسمي لوكاس..في الثامنة عشر.."

بنفس ابتسامتها اردفت :

" فهمت..إلى اللقاء.."

أنهت كلامها تعود لسيارتها وتنطلق مُغادرةً المكان بينما عاد لوكاس لعمله...

في هذه الأثناء كان روبرت في أحد الأحياء الفقيرة ومن حوله رجاله بينما أمامه قد تجمع جميع شُبان الحي الذين بمثل عمر ابنه وطبعاً هذا تحت تهديد السلاح !

تحدث أحد رجال روبرت قائلاً :

" السيد يبحث عن صديق مناسب لابنه وسيختار من بينكم..."

قاطعه أحد الشُبان بإنزعاج :

" وهل الصداقة بالإجبار والتهديد ؟! "

: " اخرس ! "

قالها أحد الرجال بينما يتقدم نحوه ويوجه له لكمةً قوية على معدته جعلته يجثو متألماً وهذا أثار غضب شاب أخر فصرخ غاضباً :

" ما الذي تفعله ؟! أتظن أن أحداً منا سيرغب بمصادقة ابن مجرم ؟! "

هذا أغضب روبرت فسحب مسدسه واطلق رصاصة بإتجاه الشاب فاستقرت في قدمه فصرخ بألم بينما يسقط أرضاً وعيناه تحدقان بروبرت بحقد !

قاطع ذلك رنين هاتف روبرت وكانت ليليا هي المتصلة ففتح الخط ليأتيه صوتها القائل :

" عزيزي...أين أنت ؟ "

أجابها بهدوء :

" ابحث عن شخص ليكون صديقاً لهنري..."

: " لهذا السبب اتصلت بك اساساً..."

أنهت ليليا جملتها ليردف روبرت بسرعة :

" ماذا تقصدين ؟ هل وجدتِ شخصٌ ما ؟ "

: " أجل "

: " من يكون ؟ أين هو الأن ؟ "

: " أنا في طريقي للمنزل...لنلتقي هناك ونتحدث... "

: " حسناً..أنا قادم.."

أغلق الخط ونظر لرجاله قائلاً :

" سنغادر.."

واتجه لسيارته يستقلها بعدما فتح له أحد الرجال الباب وانطلق نحو منزله بينما هرع الشباب لرفيقهم الذي تلقى رصاصة روبرت يتفقدونه بقلق...

في هذا الوقت كان ماتيو مع الجد يزوران قبر مارك حيث قام ماتيو بوضع باقةً من الزهور على القبر بينما يردف :

" مرحباً مارك...قطفت هذه الزهور لأجلك أرجو أن تُعجبك..."

بعثر الجد شعر ماتيو بينما يقول موجهاً كلامه لمارك وكأنه يسمعه :

" أتعلم يا مارك ؟ هذا الصغير مشاغب كما كُنت أنت في طفولتك...كما أنه يحب نفس نوع الحلوى التي كُنت تُحبها..."

ابتسم الصغير بحماس حين قال الجد جملته الأخيرة فقد تذكر أنه احضر قطعة من تلك الحلوى معه من أجل مارك فتقدم من القبر مجدداً ووضعها فوقه بينما يقول مُبتسماً :

" هذه لأجلك أيضاً ! هل أنت سعيد الأن ؟ "

ابتسم الجد مُجيباً :

" لابد أنه سعيد جداً وممتناً لك يا ماتيو..."

: " حقاً ؟! "

قالها ماتيو فأومأ الجد مُبتسماً ثم جلسا يجانب القبر بينما الجد يخبر ماتيو عن طفولة مارك والأصغر يستمع للجد بحماس سعيد رغم أنه لا يعرف مارك شخصياً لكنه بات يعرفه من خلال كلام الجد عنه وقد أحبه كما لو أنه يعرفه منذ وقتٍ طويل...

في قصر اتشارلز...

كان هنري في غرفته ينظر لكل شيء في الغرفة...هو بالأمس حولها لفوضى عارمة وحطم كل شيء فيها ولكنها اليوم مُرتبة وكل شيء تم إصلاحه...

وقف أمام المرآة التي تم إصلاحها أيضاً يحدق بوجهه الشاحب وعيناه الذابلتان ثم حول نظراته ليداه المليئتان بالخدوش اثر تحطيمه للأشياء بالأمس فابتسم بسخرية من نفسه قائلاً :

" كل شيء تم إصلاحه...كل شيء عاد كما كان إلا أنا..."

أما في الصالة فقد كان روبرت ينظر بشيء من الصدمة ليليا التي أنهت كلامها للتو ليقول هو بصدمة :

" عامل نظافة ؟! "

أومأت له بإبتسامة ثم اردفت :

" أجل وأين المشكلة في ذلك ؟ "

ليردف هو بينما ينهض من مكانه نحو النافذة معطياً ظهره لها :

" من بين جميع الناس لم تعثري سوى على عامل نظافة ليكون صديقاً لابني ؟ "

تنهدت ليليا ثم نهضت وأردفت بينما تتقدم نحوه وتقف بمحاذاته :

" عزيزي..أنا استوسمت في ذلك الشاب الطيبة والاخلاق وهذا ما يهم...ثم أن ما نبحث عنه هو شخص ليكون صديقاً لهنري وحسب...لما قد نهتم بماهية عمله او خلفية عائلته ؟ هذه الأمور ليست مهمة على الإطلاق..."

صمتت للحظة ثم وضعت يدها على كتفه بينما تكمل كلامها :

" أنا واثقة أنه سيكون صديقاً جيداً لهنري...لذا دعنا لا ننتظر ولنحضره فوراً..."

تنهد روبرت ثم نظر لها قائلاً :

" هل سنجده في البلدية ؟ "

اومأت له فأخرج هاتفه من جيبه واتصل بأحد رجاله وبمجرد أن فتح الأخر الخط أردف روبرت :

" اذهب للبلدية حالاً واحضر لي المدعو..؟ "

نظر لزوجته متسائلاً بعدما فتح مكبر الصوت فابتسمت وقالت :

" أخبرني أن اسمه لوكاس..لم أعرف اسم عائلته...هو بمثل عمر هنري وله شعر أسود وعينان خضراوتان..."

أردف روبرت بنبرة أمر :

" اذهب واحضره حالاً.."

قاطعته ليليا بقولها :

" بأسلوب لطيف..أحضره بأسلوب لطيف...حسناً ؟ "

تنهد روبرت بقلة حيلة ثم قال للرجل :

" حسناً...أحضره بأسلوب لطيف لكن بسرعة "

اغلق الخط بينما يردف :

" أرجو أن ينفع هذا الحل.."

: " أرجو ذلك.."

قالتها ليليا بينما تعود للجلوس على الأريكة وفعل روبرت المثل في انتظار قدوم لوكاس...

وصل ذلك الرجل إلى البلدية ودخل يسأل عن رئيسها ثم توجه إليه وطرق الباب وحين سمع الاذن دلف للمكتب فنظر له رئيس البلدية وأردف :

" كيف اساعدك ؟ "

: " ابحث عن شاب في الثامنة عشر يدعى لوكاس بشعرٍ أسود وعيون خضراء..."

عقد رئيس البلدية جبينه بإستغراب وسأله :

" ولما تبحث عنه ؟ "

أجابه الرجل :

" السيد روبرت اتشارلز هو من يريده...ولا أعرف السبب.."

بمجرد أن سمع رئيس البلدية باسم روبرت نهض مصدوماً وأردف :

" السيد اتشارلز ؟ يريد لوكاس ؟ "

أومأ الرجل رادفاً :

" نعم...أين هو الأن ؟ "

: " لم يعودوا من جولتهم بعد..."

قالها رئيس البلدية جملته وفي داخله يتسائل بقلق عما قد يريده روبرت من لوكاس...

قاطع أفكار رئيس البلدية صوت الرجل حين أردف :

" متى سيعودون ؟ "

: " تبقى حوالي ساعتين ونصف..."

قالها رئيس البلدية فأردف الرجل :

" لا يمكنني الانتظار كل هذا الوقت...اتصل به واجعله يأتي.."

تنهد رئيس البلدية ثم أمسك بهاتفه واتصل بـ لوكاس وبعد لحظات فُتح الخط :

" لوكاس...اذهب إلى منزلك وغير ثيابك ثم تعال إلى البلدية...هناك شخص يريدك.."

أغلق المكالمة ونظر للرجل قائلاً :

" تفضل اجلس لنشرب القهوة ريثما يصل لوكاس... "

بعد نصف ساعة تقريباً طُرق باب المكتب فأردف المدير :

" تفضل..."

فُتح الباب ودلف لوكاس للمكان مُلقياً التحية فنظر رئيس للبلدية للرجل قائلاً :

" هذا هو لوكاس..."

نظر لوكاس للرجل الذي نهض وأردف :

" أرجو أن تأتي معي...سيدي روبرت اتشارلز ينتظرك..."

: " سيدك ؟ لماذا ؟ "

سأل لوكاس بإستغراب ليجيبه الرجل :

" لا أعرف...لنذهب كي تسمع إجابة سؤالك..."

اومأ لوكاس وغادر مع الرجل تحت نظرات رئيس البلدية القلقة...

أوقف ذلك الرجل سيارته أمام بوابة القصر فترجل لوكاس منها ليستقبله رئيس الخدم قائلاً :

" سيدي ينتظرك في الداخل...تفضل معي..."

سار لوكاس مع رئيس الخدم لداخل البصر حتى وصلا للصالة حيث يجلس روبرت وليليا التي ابتسمت له بهدوء...

: " اجلس.."

قالها روبرت فامتثل لوكاس وجلس مقابلاً له ليبدأ روبرت في الكلام قائلاً :

" سأختصر كلامي...أنت ستترك عملك في البلدية وستعمل هنا وستتقاضى أجراً مقابل عملك..."

بإستغراب سأل لوكاس :

" عمل ؟ أي عمل ؟ "

أومأ روبرت بينما يكمل كلامه :

" أريدك أن تكون صديقاً لابني.."

علت الصدمة ملامح وجه لوكاس بينما يردف :

" مـ...ماذا ؟ لم أفهم..."

تنهد روبرت ونظر لزوجته قائلاً :

" اشرحي له الوضع..."

نظرت ليليا نحو لوكاس وأخبرته عن انطواء هنري وما قاله الطبيب النفسي صباح اليوم...

أنهت كلامها فأردف روبرت :

" لذا أنت ستكون هذا الشخص وستحصل على أجرك مقابل هذا..."

نظر لوكاس لروبرت وأردف :

" عذراً سيدي...أنا سأفعل ذلك...سأكون صديقاً لابنك وسأحاول مساعدته قدر الإمكان...لكني لا أريد مقابلاً لهذا..."

نظر روبرت وليليا لبعضهما بإستغراب ثم أعادا نظرهما له لتقول ليليا :

" ما الذي تقصده ؟ "

" قصدي واضح سيدتي...أنا سأفعل ما طلبه السيد اتشارلز لكن بدون مقابل..."

: " لكنك ستأتي إلى هنا منذ الصباح الباكر وستغادر قبل غروب الشمس بقليل...يعني لن يكون لديك وقت للعمل في وظيفة أخرى..."

قالتها ليليا ليبتسم لوكاس قائلاً :

" استطيع العمل في وظيفة مسائية..."

: " متأكد ؟ "

سأله روبرت فأومأ مُبتسماً ليقول روبرت :

" حسناً إذاً...تعال غداً صباحاً لتتعرف على هنري..."

: " حسناً..عن إذنكما...سأغادر الأن..."

ودعهما وغادر تحت صدمة روبرت منه وقد لاحظت ليليا ذلك فسألته :

" ما الأمر عزيزي ؟ هل أنت مصدوم ؟ "

: " بصراحة نعم...لم اتوقع هذا..."

ضحكت هي بخفة وقالت بفخر :

" ارأيت كم أنا ذكية ؟ "

ضحك هو الأخر قائلاً :

" أجل..أجل...ما رأيكِ الأن أيتها الأنسة الذكية أن تذهبي للمطبخ وتُعدي لي القهوة ؟ مهما كانت القهوة التي تُعدها الخادمات لذيذة تبقى قهوتكِ مميزة..."

ابتسمت له بينما تردف :

" بالطبع...قهوتي هي الأفضل.."

أنهت جملتها وتوجهت للمطبخ كي تُعد القهوة بينما هو أخرج هاتفه يتصل بنفس الرجل الذي أمره بإحضار لوكاس سابقاً وحين فُتح الخط أردف :

" أريد أن أعرف كل شيء عن الشاب لوكاس...حياته..عمله..اسرته...كل شيء مفهوم ؟ "

أغلق الخط وجلس ينتظر ليليا بينما يفكر بأشياء عشوائية....

حين وصل لوكاس لمنزله أخبر الجد بما حصل ليردف الجد مُستاءاً :

" ستكون مع ذلك الشخص في النهار ويتعمل في الليل ؟ ستُهلك صحتك بهذا الشكل يا بُني ! "

: " لا تقلق بشأني جدي...سأكون بخير..."

تنهد الجد بيأس من لوكاس وتصرفاته المتهورة بينما نهض المعني متجهاً نحو ماتيو ليلعب معه قليلاً تحت نظرات الجد القلق عليه....

...................................

يتبع....

رأيكم بالأحداث حتى الأن ؟

اللقاء المنتظر بين هنري ولوكاس سيكون في البارت القادم..كيف تتوقعون أن يكون ؟

إلى اللقاء..

Bạn đang đọc truyện trên: AzTruyen.Top