part 4

كان ماتيو قد توقف عن البكاء منذ ساعة تقريباً وها هو يجلس مقابل التلفاز يشاهد برنامجاً كرتونياً بهدوء بينما لوكاس كان يطبخ الغذاء لأجل الصغير..

بعد تناولهم للغذاء قام لوكاس بغسل الأطباق وتنظيف المطبخ وبعد إنتهائه غسل يديه وجففهما ثم خرج نحو ماتيو وكاد يتحدث معه لكن قاطعه صوت الطرق بطريقة مزعجة على الباب فتوجه نحوه يفتحه ليتفاجأ بأن الطارق هو والد ماتيو !

تهللت أسارير الصغير ظناً منه أن والده جاء لأخذه لكن خاب ظنه حين تحدث والده قائلاً :

" أتيت لأعطيك أغراض ذلك الطفل...هذه ثيابه وأشيائه...لا نريد ما يذكرنا به.."

أدمعت عينا ماتيو وركض للداخل بينما نظر لوكاس لوالد ماتيو وأردف بإنزعاج :

" لم يكن عليك المجيء إلى هنا...ولم يكن هناك داعٍ لتحضر أشيائه.."

رد عليه الأب :

" هذه الأشياء اشترتها له أمه لذا هو يحبها جداً..لذا أحضرتها...خذها هيا.."

أعطاه الحقيبتين وغادر تحت إستغراب لوكاس من تصرفه...

تنهد وأدخل الحقيبتين وأغلق الباب ثم توجه لماتيو الذي كان يجلس أرضاً في المطبخ ضاماً ركبيته لصدره دافناً رأسه بينهما فاقترب لوكاس منه بينما يناديه :

" ماتيو..."

رفع المعني رأسه بينما جثى الأكبر أمامه ناطقاً :

" ما رأيك أن نعقد إتفاقاً صغيراً ؟ "

أمال الأصغر برأسه بإستغراب فتابع لوكاس كلامه :

" دعنا نتفق على ألا نبكي مهما كان كلام الأخرون قاسياً..حسناً ؟ "

لم تتغير نظرات الصغير المستغربة فأردف لوكاس :

" إذاً بكينا فسنبدو ضعفاء أمامهم وسيسخرون منا..هل ترضى ذلك ؟ "

هز الطفل رأسه بقوة نافياً بملامح عابسة فابتسم لوكاس للطافته وأردف :

" إذاً يجب ألا نبكي..صحيح ؟ "

مسح ماتيو دموعه وأومأ بقوة فقهقه لوكاس بخفة ثم أمسك بيديّ ماتيو الصغيرتان وجعله ينهض بينما يردف :

" الأن سأخذك لأعرفك على شخصٍ لطيف..."

: " من يكون هذا الشخص ؟؟ "

سأل ماتيو برراء ليرد عليه لوكاس :

" إنها جدة لطيفة تعيش في المنزل المقابل لنا وهي لطيفةً جداً..أنا واثق أنك ستحبها كثيراً..لكن قبل ذلك دعنا نرتب أغراضك في الغرفة..."

أومأ ماتيو وسار مع لوكاس نحو الغرفة لترتيب الأغراض الخاصة به...

في مقهى دي باريس...

حيث توزعت الطاولات الدائرية ذات اللون البني أمام المقهى وتوزعت حول كل طاولة أربعة كراسي بنفس لونها..وعلى كل طاولة وُضعت مزهرية صغيرة الحجم توسطتها باقةً من أزهار الفاونيا البيضاء...

على إحدى الطاولات جلس رجل يبدو في الخامسة والأربعين من عمره مُرتدياً بدلته الرسمية السوداء مع حذاءٍ بنفس اللون...نظارته الشمسية السوداء حجبت زُرقة عيناه بينما سرح خصلات شعره الفحمية للخلف...

واضعاً قدماً فوق الأخرى ممسكاً بفنجان قهوته يرتشف منه ببطىء وبين الحين والأخر ينظر لساعة يده الفضية بملل...

قاطع نظراته اقتراب الشخص الذي ينتظره منه فأعتدل واقفاً يُصافحه قبل أن يعاود الجلوس تزامناً مع جلوس الأخر مقابلاً له بعدما طلب فنجان قهوة هو الأخر...

لنعد للوكاس وماتيو...

انتهى الإثنان من ترتيب أغراض ماتيو فنظر لوكاس لماتيو قائلاً :

" ما رأيك أن تأخذ حماماً دافئاً وتبدل ملابسك قبل أن نخرج ؟ "

أومأ ماتيو موافقاً فأختار له لوكاس بنطال جينز أزرق وكنزةً صوفية سوداء مع جاكيت أبيض وحذاء أبيض قام ماتيو بإرتدائهم بعد خروجه من الحمام ثم قام لوكاس بتسريح خصلات الأصغر الشقراء وبعد إنتهائه قال مُبتسماً :

" واو أصبحت وسيماً جداً..مات "

عقد الصغير جبينه مستغرباً بينما ينطق :

" مات ؟! "

: " أجل هذا إختصار اسمك..سأناديك به ما رأيك ؟ "

قالها لوكاس فابتسم الصغير بينما يؤمئ برأسه فبادله لوكاس الإبتسامة مُبعثراً شعره بلطف ثم أمسك بيده وخرجا معاً من المنزل نحو المنزل المقابل لهم..

طرق لوكاس الباب فأتاه صوتها من الداخل قائلاً :

" أنا قادمة..."

فُتح الباب وأطلت من خلفه تلك المرأة المسنة التي ابتسمت حال رؤيتها للوكاس وأفسحت له المجال قائلةً :

" اهلا اهلا..تفضل بالدخول.."

دخلا معها وجلسوا في الصالة فأنتبه ماتيو لتحديق العجوز المُطول به وقبل أن يسألها عن سبب تحديقها به سبقته بقولها :

" أيها الصغير..ألست نفس الطفل الذي قابلتُه بالأمس ؟ "

نظر لها ماتيو ببلاهة ثم تذكر لقاءه بها بالأمس فصاح متفاجئاً بينما يشير لها بإصبعه السبابة :

" انتِ هي الجدة من الأمس !! "

كان لوكاس يُبادل نظراته المستغربة بينهما قبل أن يسأل :

"ما الذي يجري هنا ؟ "

مقهى دي باريس...

اخذ رشفةً من فنجان القهوة الخاص به قبل أن يصعه على الطاولة ويردف :

" اتفقنا إذاً.."

نهض هو ليفعل الأخر المثل ليردف بينما يمد يده للمصافحة :

" يسرني العمل معك سيد ستيڤ.."

صافحه الأخر بينما يقول بإمتنان :

" بل أنا من يسرني...لا بل إنه لشرفٌ لي العمل معك يا سيد اتشارلز .."

: " أُفضل أن تُناديني باسمي وليس باسم العائلة.."

قهقه الأخر ببلاهة رادفاً :

" كما تشاء...سيد روبرت.."

غادر بعدها روبرت فامتعضت ملامح الأخر بينما يحادث نفسه قائلاً :

" ياله من مغرور ! من يظن نفسه ؟! فقط لإنه يملك عدة شركات يظن أنه شخصية مهمة ؟ "

أنهى كلامه يغادر هو الأخر مستقلاً سيارته البيضاء...

في منزل الجدة..

كانت الجدة قد أخبرت لوكاس عن لقائها بماتيو بالأمس ثم ابتسمت وأردفت :

" لقد ذكرني بك حين إلتقينا أول مرة..."

ابتسم لوكاس نحو ماتيو الذي يجلس بجانبه ثم بعثر شعره قائلاً :

" أحسنت مات..هذا ما يجب أن تكون عليه..."

بادله ماتيو الإبتسامة فعبست الجدة قائلة :

" لكن ليس لتلك الدرجة.."

ابتسمت فجأة بينما تنهض وأردفت :

" اوه تذكرت لقد أعددت كعكة شوكولا لذيذةً جداً...يجب أن تتذوقاها.."

أنهت كلامها تُغادر نحو المطبخ وبعد دقائق عادت تحمل بيدها صينية وضعت فيها طبقين وفي كل واحد قطعةً كبيرة من الكعكة..وكوبين ملئتهما بمشروب الشوكولا الساخنة...قدمت ما بيدها لهما ثم جلست تشاهدهما بينما يأكلان بابتسامةٍ بشوشة...

في قصر عائلة اتشارلز....

ترجل روبرت من سيارته السوداء وأعطى المفتاح للسائق ثم دلف للقصر فأستقبلته زوجته بابتسامتها التي اعتادها منها ثم عبست بينما تردف :

" اخيراً أتيت...أنا أتضور جوعاً.."

قهقه هو عليها ثم قال :

" لم يكن عليكِ انتظاري إذاً.."

عبست أكثر وأردفت :

" انت تعلم أني لا أحب الأكل وحدي.."

عقد حاجبيه وسألها :

" ألا يأكل هنري معكِ ؟ "

تنهدت بحزن بينما تردف :

" انت تعلم أن هنري لا يحبني ابداً ولا يُطيق رؤيتي فكيف تتوقع أن يجلس معي لتناول الطعام ؟ ثم ان التعامل معه صعباً جداً كما تعرف.. "

تنهد الأب بيأس من ابنه العنيد ثم طلب من إحدى الخادمات أن تُناديه وبعد لحظات نزل عن الدرج بتململ وتوجه إلى حيث يجلس والده قائلاً :

" طلبتني ؟ "

نظر له والده بإنزعاج لكنه تحدث بهدوء فهو لا يريد أن تعود الأمور لسابق عهدها :

" اجلس بني..أريد التحدث معك قليلاً..."

امتثل المعني وجلس بعيداً عنهما ! تحدث روبرت قائلاً :

" اخبرني..لما لا تجلس مع خالتك ولا تتناول الطعام برفقتها ؟ "

رفع هنري نظره لوالده وابتسم بسخرية قبل أن يُجيب بإنزعاج :

" تسألني وكأنك لا تعرف ! "

نهض واستأنف كلامه قائلاً :

" عن إذنكما.."

غادر بعدها فنظرا لبعضهما بيأس ولكنهما لا يلومانه على تصرفاته تلك معهما...بنظرهما هما يستحقان أكثر من ذلك حتى...

أما المعني فقد كان في غرفته يجلس على السرير يضرب الأرض بقدمه بحركةٍ سريعة قبل أن يفتح الدرج الذي بجانب السرير ويُخرج علبة دواء ما ويأخذ منه حبة ويبتلعها بسرعة ثم أخذ نفساً عميقاً وزفره بهدوء وبعدها استلقى مُحدقاً في السقف بشرود...

عند لوكاس وماتيو..

كانا قد غادرا منزل الجدة منذ فترة وها هما يتجولان في الحي كي يعتاد عليه الصغير...

توقف لوكاس عن السير وأمسك جهة قلبه حين شعر بالألم فجأة فنظر له ماتيو بقلق وسأله :

" ما بك أخي ؟؟ هل تتألم ؟! "

ابتسم لوكاس نحو ماتيو وهز رأسه بالنفي قائلاً :

" لا..أنا بخير..لا تقلق.."

أمسك لوكاس بيد ماتيو وتابعا السير ليردف الأكبر :

" مات..هل تخاف البقاء وحدك في المنزل ؟ "

نظر له ماتيو بإستغراب قبل أن يسأل :

" ولما سأبقى وحدي ؟! "

أجابه الأكبر موضحاً كلامه السابق :

" أنا لدي عمل مسائي غير عملي الذي في النهار..أي أنني أعمل في وظيفتين لذا سيتعين عليك البقاء بمفردك في المنزل..لكن إن كنت تخاف البقاء وحدك فأتحدث مع الجدة لتُبقيك عندها أثناء وجودي في العمل.."

ببراءة سأل ماتيو :

" لما تعمل في وظيفتين ؟؟ "

جثى لوكاس أمام ماتيو وأمسك بكتفيه يُجيب سؤاله وقد كان غروب الشمس قد بدأ :

" اسمعني مات..أنت قد لا تفهم معنى كلامي الأن ولكن أريد منك عدم نسيانه...يجب أن تتذكره مستقبلاً...من المهم أن تكسب لُقمة عيشك من عرق جبينك..لا يجب أن تمد يدك للأخرين..حتى لو اضطررت للعمل في وظيفتين أو ثلاثة...المهم أن لا تطلب حاجتك من الأخرين...وأيضاً...إياك ثم إياك أن تخجل بعملك أياً كان...مهما كانت الوظيفة التي تعمل بها يجب أن تكون فخوراً لمجرد أنك تعمل بجهدك...عليك تذكر ذلك دائماً..حسناً ؟ "

أومأ ماتيو رغم أنه لم يفهم أغلب الكلام فابتسم له لوكاس مُبعثراً خصلات الأصغر الشقراء ثم نهض يمسك بيد ماتيو مجدداً ويدلفا للمنزل وكالعادة أعد لوكاس العشاء لكن هذه المرة كان سعيداً لكونه لن يتناوله وحده بل أصبح لديه من يشاركه فيه...

بعد انتهائهما غير لوكاس ملابسه وارتدى حذائه ثم نادى ماتيو وأردف :

" إذاً هل ستبقى وحدك أم أخذك لمنزل الجدة ؟ "

: " سأبقى وحدي.."

: " كما تريد..لا تسهر كثيراً...حسناً ؟ "

أومأ ماتيو ليغادر لوكاس للمتجر كي يبدأ بتوصيل الطلبات بينما شغل ماتيو التلفاز وجلس يشاهد أحد البرامج الكرتونية...

.......................................

يتبع...

البارت قصير أعلم ذلك لكنه الهدوء ما قبل العاصفة فالقادم احلا كما تعلمون 🌚

روبرت زعيم المافيا ظهر أتعلمون ما معنى ذلك ؟ 🌚

ما سبب تعامل هنري مع والده وزوجة أبيه بتلك الطريقة ؟

ماتيو ولوكاس ؟

إلى اللقاء..

Bạn đang đọc truyện trên: AzTruyen.Top