part 12
في طريقه للمشفى كان لوكاس يفكر بأن عليه إيجاد عمل إضافي كون عمله في المطعم لن يكون كافياً لتأمين تكاليف علاج الجد ومستلزمات ماتيو لأجل المدرسة...
قرر أن يبحث عن عمل آخر خلال النهار وأساساً هنري سيغيب لمدة شهرين لذا هو متفرغ...
انتبه أن هاتفه ليس معه فتنهد بيأس ثم غير وجهته للمنزل كي يحضره..
في طريقه لمح ذلك الفتى داني يقف في نفس المكان الذي اعتادا اللقاء به ومعه اخوته فأوقف دراجته بالقرب منهم ثم ترجل عنها واتجه نحوهم....
(( لأصحاب ذاكرة السمك راجعوا البارت الثاني لتعرفوا من داني... أما بخصوص عدم ظهوره في البارتات السابقة فأنا لم أرى أي داعي لذكره فيها هذا هو السبب...))
ابتسم داني حين رأى لوكاس مقبلاً نحوه والآخر بادله الابتسامة...
جثى لوكاس كي يصل لطول داني وبعثر شعره ثم أردف:
" كيف حالك يا داني؟ "
: " أنا بخير...كما أنني سعيد جداً "
قالها داني مبتسماً فسأله لوكاس بفضول:
" هذا رائع ولكن لما يا ترى؟ "
أردف داني:
" لأن أخوالي قد تصالحوا مع أمي وسنذهب للعيش معهم في بلجيكا "
ابتسم لوكاس فيما تابع داني كلامه قائلاً بحزن:
" لكن أنا واخوتي سنشتاق لك كثيراً أخي لوكاس... "
احتضنه لوكاس ثم فصل العناق وأردف بإبتسامة:
" وأنا أيضاً سأفتقدك يا داني لكننا لن ننسى بعضنا وسنبقى على تواصل...أليس كذلك؟ "
أومأ داني مبتسماً ثم ودع هو واخوته لوكاس وغادروا بينما لوكاس ركب دراجته وأكمل طريقه نحوه منزله....
في مكان آخر...
وصلت كاميلا برفقة هنري إلى منزلها المكون من طابقين مع حديقة كبيرة حوله...
دلف هنري للمنزل فاستقبله الخدم بابتسامة مصطنعة ثم توجه لغرفته التي لم تتغير منذ تركها قبل ثماني سنوات....
دخل للغرفة وأغلق الباب خلفه ثم نظر لأرجاء الغرفة محاولاً عدم الانهيار من فرط الذكريات السوداء التي غزت عقله والتي كانت هذه الغرفة وجدرانها شاهدةً عليها...
كانت الغرفة ذات طابع سوداوي أي أن كل ما فيها كان باللون الأسود بداية من السقف للجدران ووصولاً للأثاث...
كان كل شي باللون الأسود الكئيب منذ أن كان هنري طفلاً وطبعاً غرفة كهذه لم تكن مناسبة لطفل لكن والدته لم تكن مهتمة يوماً بشأنه ولم تفكر بحالته النفسية قط....
تقدم نحو السرير بجسدٍ مرتجف وأنفاس مضطربة وقد تصبب العرق من جبينه...أراد أن يلجأ للنوم عله يهرب من واقع أنه عاد لهذا المكان مرة أخرى...
جلس على السرير واخرج من جيبه علبة الحبوب تلك وأخذ منها البعض وتناولهم ثم أمسك بقارورة الماء الموجودة على الطاولة وشربها دفعةً واحدة ثم رماها بعيداً واستلقى محاولاً النوم بعدما هدأ قليلاً وبالفعل استطاع النوم بعد مدة...
مضت عدة ساعات وبدأت الشمس تلوح مودعة الأرض وبدأ القمر استعداده للظهور ليزين سماء الليل ويتحدى ظلمته...
في هذه الأثناء كان لوكاس يقوم بإعداد العشاء بعدما عاد هو وماتيو من المشفى...
انتهى بعد مدة فجلسا يتناولان الطعام وأثناء ذلك تحدث لوكاس قائلاً:
" اسمعني مات...أنا سأذهب بعد العشاء للعمل وأنت عليك البقاء وحدك...أيمكنك ذلك؟ "
أومأ ماتيو بينما يقول بتلعثم بسبب أن فمه مملوء بالطعام:
" أج...ل يمكن...ذلك..."
قهقه لوكاس عليه ثم أردف:
" ابتلع الطعام أولاً ثم تحدث..."
ابتلع ماتيو ما بفمه ثم أردف مبتسماً:
" أجل يمكنني...أنا لا أخاف البقاء لوحدي..."
ثم تلاشت ابتسمت وقال بعبوس:
" أساساً كانت زوجة أبي المزعجة تتركني وحدي ليلاً وتغادر المنزل حين يتأخر أبي في عمله..."
كلماته صدمت لوكاس قليلاً لكنه غير الموضوع قائلاً:
" مدرستك ستبدأ بعد اسبوع...صحيح؟ "
ابتسم ماتيو وأومأ بحماس فابتسم لوكاس وأردف:
" يجب أن تكون من المتفوقين...لا بل يجب أن تكون أفضل طالب في المدرسة...اتفقنا؟ "
أومأ ماتيو مبتسماً بينما يردف:
" سأكون الأفضل بلا شك "
ابتسم له لوكاس ثم تبادلا أحاديث عشوائية طفولية إلى أن انتهيا من الأكل فقام لوكاس بغسل الأطباق بينما ماتيو قام بتنظيف الطاولة...
بعد مدة غير لوكاس ملابسه ثم توجه نحو ماتيو الذي يجلس أمام التلفاز وأردف بعدما بعثر شعر الصغير:
" سأذهب الأن...اعتني بنفسك جيداً ولا تسهر كثيراً... حسناً؟ "
أومأ ماتيو فودعه لوكاس ثم خرج من المنزل وركب دراجته متجهاً للمطعم...
عند هنري...
كان يتحرك في نومه بإنزعاج...عاقداً حاجبيه والعرق يتصبب من جبينه بينما يتمتم بخوف:
" اتركه...أرجوك...لا تفعل...."
صرخ بذعر ثم نهض مفزوعاً يتنفس بعنف وبعد عدة دقائق بدأ يهدأ وحينها التقط سمعه بعض الاصوات من الأسفل فنظر للساعة ووجدها تشير للتاسعة مساءً فتنهد ثم خرج من الغرفة بهدوء لرؤية ما يحدث وكالعادة وقف أعلى السلم يستمع لما يدور.......
كانت هناك رجل يتحدث مع والدته وبعد التدقيق في وجهه أدرك هنري أنه أحد أخواله الذين لا يطيقهم ولا هم يطيقونه...
أردف كاسبر موبخاً كاميلا:
" الأن بسبب تصرفكِ الغبي أنتِ وزوجكِ خسرنا تلك الصفقة...أكان من الضروري أن تقوما بنبش فضائح صاحب تلك الشركة؟ "
تنهدت كاميلا وأردفت:
" كان المقصد مما فعلناه هو تهديده بنشر فضائحه وإجباره على عقد تلك الصفقة معنا...لم نتوقع أن يأتي ذلك بنتائج عكسية..."
سمع الاثنان ضحكة ساخرة فألتفت كلاهما لمصدر الصوت والذي لم يكن سوى هنري الذي لم يستطع كبح ضحكته الشامتة بهم...
عقد كاسبر جبينه وأردف محادثاً كاميلا بإنزعاج:
" ماذا يفعل هذا هنا؟ "
أجابته كاميلا:
" أنا أحضرته..."
كان نظرات هنري الساخرة تستفز خاله الذي صرخ به بغضب:
" اغرب عن وجهي ! "
أجابه هنري بسخرية:
" سأهب...أساساً أنا لا أطيق رؤيتك "
أنهى كلامه عائداً لغرفته بينما التفت الأخر لأخته مردفاً:
" لما قمتِ بإحضاره؟ "
ابتسمت بخبث وأردفت:
" ليس حُباً به بالطبع...هناك غاية لي وراء إحضاره ولن أخبرك بها الأن..."
تنهد أخوها وأردف:
" حسناً...لكن لا تدعيني آراه..."
" عليك تحمل رؤيته يا أخي...فأبي طلب مني أخذه معي لزيارة العائلة..."
امتعض وجه كاسبر لكنه أردف بإستغراب:
" لكن أبي لا يطيق سماع اسمه حتى فلما يطلب منكِ أخذه لزيارته؟ "
هزت كتفيها بعدم اهتمام وأردفت:
" لا أعلم ولا أهتم...سأفعل ذلك وحسب.."
أومأ أخوها موافقاً إياها ثم أردف:
" حسناً إذاً...سأذهب للشركة كي أحل مشكلة تلك الصفقة..."
ودعته كاميلا ثم صعدت لغرفة هنري وفتحت الباب بقوة بينما تصرخ:
" أيها العاق المزعج ! كيف تجرأ على السخرية من خالك والتحدث معه بتلك الطريقة؟! "
كان هنري مستلقياً على السرير يحدق بالسقف ولم يكلف نفسه عناء النظر إليها حتى بل أجاب ببرود:
" أنا أكرهه..."
" ومن يهتم بما تكره ! إياك ثم إياك أن تكرر ذلك وخصوصاً أمام جدك وبقية أخوالك..."
هنا اعتدل هنري بسرعة وسألها بشيءٍ من الذعر بينما يتحاشى النظر إليها:
" هـ...هل سيأتيان؟ "
ابتسمت هي بسخرية وأردفت:
" بل نحن سنذهب غداً لزيارتهم وستأتي رغماً عنك... "
لاحظت أنه يحاول إخفاء ذعره لكن جسده المرتجف يفضحه ومن الواضح أنه لم ينسى ولم يتخطى الماضي....
ابتسمت بنصر فهذا سيجعل الأمور في صالحها حتماً..
خرجت من الغرفة مغلقةً الباب خلفها ثم توجهت لغرفتها كي تتصل بزوجها لإخباره بأن يتفرغ مساء الغد كي يذهب معها لزيارة عائلتها...
عند لوكاس....
كان قد ركب دراجته لتوصيل طلب جديد حين استوقفه ستيفان مردفاً:
" أسف ولكن فضولي يقتلني...أريد أن اسألك عن أمر ما..."
أردف لوكاس:
" تفضل اسأل...ما الأمر؟ "
أردف ستيفان بفضول:
" سمعت بأنك كنت تعمل مع البلدية سابقاً...لما تركت عملك هناك؟ "
أجابه لوكاس ببساطة:
" لأنني أردت تركه...هذا هو السبب..."
تفاجأ ستيفان من الاجابة وقبل أن يقول أي شيء آخر كان لوكاس قد انطلق لتوصيل الطلبية تاركاً ستيفان يحدق بأثره بإنزعاج...
مضت الساعات التالية بدون أي شيء يذكر وها هو لوكاس يخلع السترة التي تحمل شعار المطعم ويقوم بتعليقها فأقترب نحوه ستيفان وأردف:
" هل تعيش مع والديك؟ "
" لا...أنهما متوفيان "
قالها لوكاس مختصراً على الأخر سؤاله عنهما فهو لم يرتح لهذا الشخص ولا يرغب بمحادثة طويلة معه...
: " أتعيش لوحدك إذاً؟ "
سأل ستيفان ليجيبه لوكاس:
" لا...أنا أعيش مع جدي وأخي الأصغر..."
وقبل أني يقول ستيفان شيئاً أخر أردف لوكاس بسرعة:
" والأن إلى اللقاء فأخي ينتظرني... "
أنهى كلامه وخرج من المطعم ليركب دراجته ويتوجه للمنزل....
أما ستيفان فقد أخرج هاتفه من جيبه واتصل برقم والده وبعد لحظات أجاب الأخر:
: " ما الأمر ستيفان؟ "
تنهد ستيفان بإستياء وأردف:
" أبي ! لوكاس هذا من الصعب التقرب منه...أنه بالكاد يتحدث معي...لما أنا من بين الجميع علي التقرب منه؟ "
ليردف والده:
" بُني...لا يمكن لأحد غيرك القيام بذلك ثم أن هذا لفترة وجيزة فقط...حين نأخذ ما نريده منه لن تكون مضطراً للحديث معه ابداً...لكن الأن عليك فعل ما طلبته منك..."
تنهد ستيفان مجدداً وأردف:
" حسناً حسناً...كما تشاء...إلى اللقاء الأن..."
أغلق الهاتف وأعاده لجيبه ثم غادر المطعم هو الأخر...
عند هنري...
كان شارد الذهن يفكر بما سيحدث غداً حين يقابل أكثر شخصين يمقتهما بعد والدته وزوجها...ارتعش جسده لا أرادياً حين مرت بعقله إحدى ذكريات ماضيه الأسود...
((قبل عشرة سنوات))
كان هنري ذو سن الثامنة جالساً على السرير في غرفته السوداوية...كان يضم ركبتيه لصدره ويرتجف بخوف...
فُتح الباب بعنف ودلف جده للغرفة فانتفض الصغير بسبب هذا الدخول الهمجي وسُرعان ما اتسعت عيناه وانسابت دموعه وهو يحدق برعب بما يحمله جده بيده...
ابتسم الجد بشر واقترب من هنري ورمى ما بيده أمامه على السرير فشهق هنري وازداد ارتجافه وبكاءه بينما الجد يقول بنبرة مخيفة بالنسبة للصغير:
" انظر لهذا...انت سبب ما حدث لذلك المسكين...انظر إلى قلبه الذي أمامك ! أنا انتشلته بيدي هذه وأحضرته كهدية لك..."
أنهى كلامه وبدأ الضحك بصوت مرتفع ثم خرج من الغرفة مغلقاً الباب خلفه تاركاً هنري المرعوب الذي قد أمسك برأسه وبدأ بالصراخ الهيستري ثم فقد وعيه....
((الوقت الحالي))
بدأت أنفاسه تضطرب وارتعاش جسده لم يتوقف فمد يده المرتجفة نحو الدرج الذي بجانب السرير مخرجاً علبة الحبوب المعتادة وتناول منها عدة أقراص ثم أمسك بكوب الماء وشربه ثم استلقى ليحاول النوم من جديد....
..................................
يتبع...
رأيكم؟
قُرع ناقوس المصائب لذا استعدوا جيداً 🌚🌚
ماذا يريد ستيفان ووالده من لوكاس يا ترى؟
ما قصة هنري مع جده وأخواله؟
أظهرت لكم لمحة من ماضي هنري الأسود فما رأيكم بها؟ 🙂
أي توقعات؟
لا تنسوا أن القادم أحلى معي دوماً 🙂
إلى اللقاء
Bạn đang đọc truyện trên: AzTruyen.Top