25: رضوخ.
كانت تجلس بحضن تارا لا تعلم ماذا سوف تفعل بعد كل ما حدث، هي قد اجتازت حزنها على وفاة والدها وأرادت العودة للعمل لكن المدير رفض بحجة أنها تحتاج لهذه الإجازة، بقي فقط أسبوع وستعود للعمل بشكل طبيعي، وكم تتمنى لو أنّ هذا الأسبوع يمر بسرعة لأنها لم تعد تتحمل المكوث في المنزل، خصيصًا أنها مع الأسبوع القادم سيكون مر شهر على مكوثها هنا.
طيلة الأيام الماضية لم تخرج من المنزل أبدًا، فقط تجلس لوحدها بالساعات أحيانًا تفكر وأحيانًا لا، فقط شاردة باللاشيء. تارا لم تفارقها سوى للعمل ولأشياء بسيطة، عدا عن ذلك هي بقيت معها دائمًا، والشلّة نفس الشيء، وهي شاكرة لهم كثيرًا على هذا.
وضعت يدها على بطن تارا المنتفخة وابتسمت لمنظرها. «في أي شهر؟» سألتُها لتضع يدها فوق يدي وتبتسم أيضًا: «في الشهر الرابع». هي لا زالت تستطيع التصديق أنه سيكون لديهم طفل جميل بينهم الثمانية لأن خبر حمل تارا صدمها رغم أنه أمر محتوم، فكرة أن فرد جديد سينضم لعائلتهم أمرٌ رائعٌ بحق بنظرها.
لطالما بدورها أرادت بناء عائلة لها، تحبُّ الأطفال لهذا تريدُ الكثير منهم، لكن تارا دائمًا تقول لها أنها ستحظى بطفل واحد ثم تقرر أن المسؤولية حملٌ صعب لهذا ستكتفي بواحد فقط، في بعض الأحيان كانت ترى تارا محقّة بسبب عملها، لكن لم يهمها هذا لأنها تظن طفل واحد جميل أيضًا.
«يا رفاق، بما أن الجو العام للمنزل هنا ليس جميل جدًا، ما رأيكم بالخروج مثلًا لمطعم أو مدينة الألعاب؟» سأل آليك لينظر الجميع لبعضهم ويوافقوا، جميعهم كانوا هي كي يبقوا بجانبها في حزنها.
نظر الجميع لها لتشرد بالأرض، تريد الخروج من المنزل لكن لا تريد لهذا المرح الكثير، فقط المشي في الشارع سيكون جيد، لكن بنفس الوقت لا تريد إفساد المتعة عليهم.
«في الواقع ستكون فكرة جيدة، قد استفيد منها» قالت ليهلل الجميع بفرح. «ما رأيكم مدينة الملاهي ثم المطعم أوّلًا؟ سوف يكون كل دفع الحديقة عليّ لا تقلقوا» قال إيجاكس ليصفقوا بفرح، نظر له بوجه غير مفسّر ثم رفع صوته: «وأنا المطعم عليّ» قال إليون ليتفاجأ الجميع. «هذه الليلة تصبح أفضل فأفضل، يعجبني هذا» قال جاكسون ليضرب كفه بكف نيرو. استقاموا وبدأوا بتجهيز أنفسهم للخروج.
---
أخذوا سياراتان، إيدجار معه تارا، آليك ونيرو، أما بقيتهم في سيارة إليون، جاكسون بجانبه وهي وإيجاكس بالخلف. بالطبع جو جاكسون المرح كالعادة وضع الموسيقى بأعلى صوت وبدأ بالغناء هو ونيرو، أما هي ابتسمت لهم لكن أعادت نظرها خارج النافذة، تشعر بالذنب أنها لا تشاركهم لكن هي فقط... لا تستطيع.
شعرت بشيء يضغط على يدها، نظرت للأسفل لترى يد كبيرة تمسك أصابعها بقوّة، رفعت رأسها وكان إيجاكس يبتسم لها بخفة، وضع الهاتف أمامها لتقرأ ما كُتب بهدوء: «لا بأس بالشعور بالحزن، كلنا معكِ مهما كان». ابتسمت له وشدت على أصابعه أيضًا ثم أعادت وجهها للنافذة وهو أزاح يده.
لكن ما لم يعلماه أن كل ما دار بينهما مُراقب، يشعر بشعور غريب لم يعهده من قبل أبدًا، يفكّر بطريقة جديدة ولم يعجبه هذا التفكير. لكن رؤيته ليداهما يمسكان بعضهما أزعجه رغم أنه ليس من المفترض أن يزعجه، لهذا تجاهل ما رآه وأكمل على الطريق.
بعد عدة دقائق وصلوا مدينة الملاهي، اشترى لهم إيجاكس الكثير من التذاكر وتفرّق كلٌ منهم ليلعب بما يحب، نورسين ذهبت للّعبة تصادم السيارات لأنها تحبّها، وإليون ذهب معها لأنهما معتادان على اللعب معًا بها.
ريثما ينتظروا في الطابور أتى إيجاكس ونيرو لهذا أربعتهم دخلوا اللعبة. كانوا يضحكون ويصدمون بعضهم، نورسين صدمت إيجاكس وارتد كلاهما للخلف وضحكا بقوّة، كان موقفًا عاديًا لكنه لا يعلم لمَ أزعجه، فكّر أن نورسين تضحك هكذا معه في اللعبة، وإيجاكس سرق هذه الضحكات منه.
---
بعد ساعة كان الجميع منهك على الطاولة يجلسون بتعب بسبب لعبهم، قرروا شراء المثلجات لهذا تطوعت نورسين كي تبتعد عن الضوضاء قليلًا، وقبل أن يتطوع هو أيضًا وقف إيجاكس ليمشي معها، عبس وأدار وجهه للجهة الأخرى.
«هل كل شيء بخير؟» سألت بينما ينتظران أن تجهز المثلجات، وهو نظر لها بعدم فهم. «أنتَ لطيف لكنكَ لطيف معي اليوم أكثر من العادة، لستُ معتادة على هذا لذا فقط اسأل» بررت لينظر للأرض ثم لعيناها. «لا أعلم لمَ، لكن بداخلي أشعر أنكِ مررتِ بمشاكل عائلية مع والدكِ، وأنا مررتُ بها مع والدتي وكلاهما انتهى بهما ميتان، لهذا يمكنني القول أنني أفهم ما تمرين به؟ تودين الحزن على موته لكن بنفس الوقت تظنين أنه لا يستحق كل هذا» قال لترتبك، هو وصف مشاعرها بدقة، لم تعلم أن ما حصل له مشابه لما حدث معها.
«ربّما أنتَ لست شخصًا كريهًا بعد كل شيء، شكرًا لك» قالت له بابتسامة صغيرة ليردها بواحدة أكبر «على الرحب والسعة يا ديناصور» قال لتعقد حاجباها لما قاله، قهقه وأشار ليداها لتفهم أنه يهين يداها لأنهما صغيرتان مثل يدي الديناصور، ضربت كتفه بينما تبتسم ليضحك هو أكثر.
شعر بشعور غريب، ألم، لم يعلم مصدره بينما كان يشاهدهما يضحكان معًا، أراد الالتفات والمغادرة لكن صوتها نادى باسمه لهذا وضع ابتسامة مزيفة وذهب لها، ساعدهما بحمل المثلجات وعادوا للمجموعة.
---
ذهبوا للمطعم وغادروا وهو ليس معهم بعقله، يعيد تكرار ما حدث اليوم مع سؤال نفسه عن مشاعره التي كانت جديدة عليه، لم يعلم ماذا يفعل أو لماذا هو يفكر هكذا، أراد سؤال أحد لهذا قرر أنه سيسأل إيدجار بوقت لاحق.
لم يكن يود فعل هذا لكن حين رأى كيف إيجاكس ودّعها ودخل منزله عرف أنه يجب أن يعلم ما هي مشاعره، لأنه كل ما فكّر به هو مدى كرهه لإيجاكس رغم أنه لم يفعل شيء له، وإليون لا يكره إيجاكس.
أما مع الثاني فكان يصارع أفكار الشيطان برأسه، نشرَوان الذي يشتمه لأنه ضيّع يومًا كاملًا من البحث عن ضحية أخرى من أجل اللهو واللعب.
شعر أنه سيغضب في أي لحظة لهذا دخل الحمّام وأدار صنبور المياه كي يغطي على صوته، خرج نشرَوان من جسده ووقف أمامه، كلاهما يحدقان ببعضهما بتحدٍ، كلاهما غاضبان ويودان قتل الآخر.
«سنبحث عن ضحية جديدة، لم يتبقى الكثير حتى الموعد القادم» قال بحدّة ليلتفت الآخر ويبدأ بغسيل أسنانه متجاهلًا إيّاه. شعر بالغضب من أفعاله، شعر بالغيرة كيف أنه أمضى اليوم معهم وتجاهله بالكامل رغم أنه يمكنه التحدث معه في عقله، لكن في كل مرة يخاطبه يقول له «لاحقًا» أو «ليس الآن» وهذا أغضبه، خصوصًا أنه كان معها في معظم الأوقات وتحدّث معها، أما هو لا فقد تظاهر بعدم وجوده.
«تعلم أنني أكره عندما تتجاهلني إيجاكس لهذا لا تفعل هذا» قال بهدوء ليستنكر الآخر: «وهل أنتَ حبيبتي كي أهتم إذا كنتَ تكره عندما أتجاهلك؟» قال بسخرية لينظر له بحنق.
«لقد أصبحتَ ولدًا قليل الأدب يا صغير، ربّما بحاجة لبعض التربية مجددًا، ما رأيك؟» همس بينما يتقدم نحوه، الآخر شعر بالخوف بعض الشيء لكنه تظاهر بالقوة، لكنه يعلم أن نشرَوان يستطيع الشعور بخوفه لهذا لا فائدة من المحاولة.
«ربّما يمكننا... لا أعلم حقًا، اختيار ضحيتنا الأخرى؟ من تكون يا تُرا؟» سأل بتفكير لينقبض قلب الآخر. «إياك!» قال بتحذير لأن كلاهما يفكران بنفس الشخص. «لمَ لا؟ هي تدخن، خسرت عائلتها، حزينة وواضحٌ أنها تريد الموت. خسارة أنها ليست من عائلة ساميول كانت لتكون قاتلة بارعة وجميلة، لكن هذا لا يمنع أنها يمكن أن مقتولة بارعة وجميلة أيضًا» قال وغمز ليستشيط الآخر غضبًا.
«سبق وقلتُ هذا، لا، أنا أرفض» قال إيجاكس ليرفع الآخر كتفاه: «وهل أنتَ حبيبتي كي أهتم إذا كنتَ ترفض اقتراحي؟» أعاد سؤاله وابتسم بجانبية. «جهّز نفسك كي نتعرّف عليها بشكل أكبر» قال والتفت كي يخرج.
«لا، وأقسم لو وضعتَ يدك عليها أو مسستها بسوء سوف أقتلكَ بطرق لا تعرف أنها موجودة حتى» صدح صوته الغاضب ليقف نشرَوان بمكانه مشدوه، خرج إيجاكس وترك المتفاجئ لوحده، لا يصدق أنه صرخ بوجهه هكذا بعدم قتل نورسين، والأسوأ أنه استجاب له ولا يعلم لمَ، الأسوأ يحدث وهذا غير جيد.
وفي الجهة الأخرى كان قلقًا من فكرة أن نشرَوان ربّما شكّ حينما قال عن قتل الطرق فربّما هكذا فضح أمر الكتاب، لكن حتى الكتاب لا يوجد به طريقة لإنهاء اللعنة أو قتله.
لكن قلقه الأكبر كان عليها، يود الابتعاد عنها كي لا تتأذى لكنه لا يريد، قطع عهدًا على نفسه ألّا يعجب بأحد لكن هو أعجب بها دون أن يعلم كيف ومتى حتى، كل ما يعلمه أن هذا الشعور قد وصل للمنتصف من الإعجاب، أي أنه يحب رؤيتها، سماع صوتها، رؤية ضحكتها. ويخاف أن يتطور الأمر حتى يصل إلى... الحب، الشيء الذي لم يسبق أن جربه.
بعد عدة دقائق من التفكير دخل نشرَوان جسده ولم يقل شيئًا بعقله سوى عدة كلمات قليلة أسقطت قلب إيجاكس، لم يكن مصدقًا لهذا، لا يعلم كيف يشعر، بالفرح أم بالخوف؟
«كما تريد لن نقتلها هذا الشهر لذا يجب أن نجد ضحية أخرى. لكن لا أعدك أنها لن تكون ضحية شهر يونيو من السنة القادمة».
«ستكون هذه ليلة طويلة من التفكير».
---
كهيف؟
مشاعر إيجاكس نحو نورسين، ومشاعر الشخص الجديد نحوها...؟ 👀🤭
ودي أزور مدينة ملاهي زمااننن ما رحت. 😔
سوالفي بس أنهي الفصل: ↙↙↙
المهم تشاوز، أحبكم. 🖤
Bạn đang đọc truyện trên: AzTruyen.Top